سلسلة الصحابة (صحابة رسول الله عليه الصلاة والسلام) والتأسى بهم فى حب الله

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • ماجى نور الدين
    مستشار أدبي
    • 05-11-2008
    • 6691

    #46





    حذيفة بن اليمان

    رضي الله عنه

    كان الناس يسألون رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن "

    " الخير ، وكنت أسأله عن الشر مخافة أن يدركني

    حذيفة بن اليمان ...

    نسبه

    حذيفة بن اليَمان بن جابر العبسي وكنيته أبا عبد الله وكان صاحب سر رسول الله -صلى
    الله عليه وسلم- ، جاء حذيفة هو وأخـوه ووالدهمـا الى رسـول الله واعتنقوا الإسلام
    ولقد نما -رضي الله عنه- في ظل هذا الديـن ، وكانت له موهبـة في قراءة الوجوه و
    السرائر ، فعاش مفتوح البصر والبصيرة على مآتي الفتن ومسالك الشرور ليتقيها ، فقد
    جاء الى الرسول يسأله :"( يا رسول الله ان لي لسانا ذربا على أهلي وأخشى أن يدخلني
    النار ) فقال له النبي :"( فأين أنت من الاستغفار ؟؟ اني لأستغفر الله في اليوم
    مائة مرة )هذا هو حذيفة -رضي الله عنه-

    يوم أحد
    لقد كان في ايمانه -رضي الله عنه- وولائه قويا ، فها هو يرى والده يقتل خطأ يوم أحد بأيدي مسلمة ، فقد رأى السيوف تنوشه فصاح بضاربيه :"( أبي ، أبي ، انه أبي !!) ولكن أمر الله قد نفذ ، وحين علم المسلمون تولاهم الحزن والوجوم ، لكنه نظر اليهم اشفاقا وقال :"( يغفر الله لكم ، وهو أرحم الراحمين ) ثم انطلق بسيفه يؤدي واجبه في المعركة الدائرة وبعد انتهاء المعركة علم الرسول -صلى الله عليه وسلم- بذلك ، فأمر بالدية عن والد حذيفة ( حسيل بن جابر ) ولكن تصدق بها حذيفة على المسلمين ، فزداد الرسول له حبا وتقديرا

    غزوة الخندق
    عندما دب الفشل في صفوف المشركين وحلفائهم واختلف أمرهم وفرق الله جماعتهم ، دعا الرسول -صلى الله عليه وسلم- حذيفة بن اليمان ، وكان الطقس باردا والقوم يعانون من الخوف والجوع ، وقال له :"( يا حذيفة ، اذهب فادخل في القوم فانظر ماذا يصنعون ، ولا تحدثن شيئا حتى تأتينا !) فذهب ودخل في القوم ، والريح وجنود الله تفعل بهم ما تفعل لاتقر لهم قدرا ولا نارا ولا بناء ، فقام أبوسفيان فقال :"( يا معشر قريش ، لينظر امرؤ من جليسه ؟) قال حذيفة :"( فأخذت بيد الرجل الذي كان الى جنبي فقلت : من أنت ؟ قال : فلان بن فلان ) فأمن نفسه في المعسكر ، ثم قال أبو سفيان :"( يا معشر قريش ، انكم والله ما أصبحتم بدار مقام ، لقد هلك الكراع والخف ، وأخلفتنا بنوقريظة ، وبلغنا عنهم الذي نكره ، ولقينا من شدة الريح ما ترون ، ما تطمئن لنا قدر ، ولا تقوم لنا نار، ولا يستمسك لنا بناء، فارتحلوا فاني مرتحل) ثم نهض فوق جمله، وبدأ المسير، يقول حذيفة:"( لولا عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الي الا تحدث شيئا حتى تأتيني ، لقتلته بسهم )وعاد حذيفة الى الرسول الكريم حاملا له البشرى

    خوفه من الشر
    كان حذيفة -رضي الله عنه- يرى أن الخير واضح في الحياة ، ولكن الشر هو المخفي ، لذا فهو يقول :"(
    كان الناس يسألون رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن الخير ، وكنت أسأله عن الشر مخافة أن يدركني

    قلت :"( يا رسول الله ، انا كنا في جاهلية وشر ، فجاءنا الله بهذا الخير ، فهل بعد هذا الخير من شر ؟) قال :"( نعم )
    قلت :"( فهل من بعد هذا الشر من خير ؟)قال :"( نعم ، وفيه دخن )
    قلت :"( وما دخنه ؟)قال :"( قوم يستنون بغير سنتي ، ويهتدون بغير هديي ، تعرف منهم وتنكر )
    قلت :"( وهل بعد ذلك الخير من شر ؟)قال :"( نعم ، دعاة على أبواب جهنم ، من أجابهم اليها قذفوه فيها )
    قلت :"( يا رسول الله ، فما تأمرني ان أدركني ذلك ؟)قال :"( تلزم جماعة المسلمين وامامهم ) قلت :"( فان لم يكن لهم جماعة ولا امام ؟) قال :"( تعتزل تلك الفرق كلها ، ولو أن تعض على أصل شجرة حتى يدركك الموت وأنت على ذلك )

    المنافقون
    كان حذيفة -رضي الله عنه- يعلم أسماء المنافقين ، أعلمه بهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ، وسأله عمر :"( أفي عمّالي أحدٌ من المنافقين ؟)قال :"( نعم ، واحد )قال :"( مَن هو ؟)قال :"( لا أذكره )قال حذيفة :"( فعزله كأنّما دُلَّ عليه )
    وكان عمر إذا مات ميّت يسأل عن حذيفة ، فإن حضر الصلاة عليه صلى عليه عمر ، وإن لم يحضر حذيفة الصلاة عليه لم يحضر عمر

    آخر ما سمع من الرسول

    عن حذيفة قال :"( أتيتُ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في مرضه الذي توفاه الله فيه ، فقلت :"( يا رسول الله ، كيف أصبحت بأبي أنت وأمي ؟!) فردَّ عليّ بما شاء الله ثم قال :"( يا حذيفة أدْنُ منّي )فدنوتُ من تلقاء وجههِ ، قال :"( يا حُذيفة إنّه من ختم الله به بصومِ يومٍ ، أرادَ به الله تعالى أدْخَلَهُ الله الجنة ، ومن أطعم جائعاً أراد به الله ، أدخله الله الجنة ، ومن كسا عارياً أراد به الله ، أدخله الله الجنة )قلتُ :"( يا رسول الله ، أسرّ هذا الحديث أم أعلنه )قال :"( بلْ أعلنْهُ ) فهذا آخر شيءٍ سمعته من رسول الله -صلى الله عليه وسلم-)

    أهل المدائن
    خرج أهل المدائن لاستقبال الوالي الذي اختاره عمر -رضي الله عنه- لهم ، فأبصروا أمامهم رجلا يركب حماره على ظهره اكاف قديم ، وأمسك بيديه رغيفا وملحا ، وهويأكل ويمضغ ، وكاد يطير صوابهم عندما علموا أنه الوالي -حذيفة بن اليمان- المنتظر ، ففي بلاد فارس لم يعهدوا الولاة كذلك ، وحين رآهم حذيفة يحدقون به قال لهم :"( اياكم ومواقف الفتن ) قالوا :"( وما مواقف الفتن يا أبا عبدالله ؟) قال :"( أبواب الأمراء ، يدخل أحدكم على الأمير أو الوالي ، فيصدقه بالكذب ، ويمتدحه بما ليس فيه ) فكانت هذه البداية أصدق تعبير عن شخصية الحاكم الجديد ، ومنهجه في الولاية

    معركة نهاوند
    في معركة نهاوند حيث احتشد الفرس في مائة ألف مقاتل وخمسين ألفا ، اختار أمير المؤمنين عمر لقيادة الجيوش المسلمة ( النعمان بن مقرن ) ثم كتب الى حذيفة أن يسير اليه على رأس جيش من الكوفة ، وأرسل عمر للمقاتلين كتابه يقول :"( اذا اجتمع المسلمون ، فليكن كل أمير على جيشه ، وليكن أمير الجيوش جميعا ( النعمان بن مقرن ) ، فاذا استشهد النعمان فليأخذ الراية حذيفة ، فاذا استشهد فجرير بن عبدالله ) وهكذا استمر يختار قواد المعركة حتى سمى منهم سبعة
    والتقى الجيشان ونشب قتال قوي ، وسقط القائد النعمان شهيدا ، وقبل أن تسقط الراية كان القائد الجديد حذيفة يرفعها عاليا وأوصى بألا يذاع نبأ استشهاد النعمان حتى تنجلي المعركة ، ودعا ( نعيم بن مقرن ) فجعله مكان أخيه ( النعمان ) تكريما له ، ثم هجم على الفرس صائحا :"( الله أكبر : صدق وعده ، الله أكبر : نصر جنده ) ثم نادى المسلمين قائلا :"( يا أتباع محمد ، هاهي ذي جنان الله تتهيأ لاستقبالكم ، فلا تطيلوا عليها الانتظار )وانتهى القتال بهزيمة ساحقة للفرس
    وكان فتح همدان والريّ والدينور على يده ، وشهد فتح الجزيرة ونزل نصيبين ، وتزوّج فيها

    اختياره للكوفة

    أنزل مناخ المدائن بالعرب المسلمين أذى بليغا ، فكتب عمر لسعد بن أبي وقاص كي يغادرها فورا بعد أن يجد مكانا ملائما للمسلمين ، فوكل أمر اختيار المكان لحذيفة بن اليمان ومعه سلمان بن زياد ، فلما بلغا أرض الكوفة وكانت حصباء جرداء مرملة ، قال حذيفة لصاحبه :"( هنا المنزل ان شاء الله ) وهكذا خططت الكوفة وتحولت الى مدينة عامرة ، وشفي سقيم المسلمين وقوي ضعيفهم

    فضله

    قال الرسول -صلى الله عليه وسلم- :"( ما من نبي قبلي إلا قد أعطيَ سبعة نُجباء رفقاء ، وأعطيتُ أنا أربعة عشر : سبعة من قريش : عليّ والحسن والحسين وحمزة وجعفر ، وأبو بكر وعمر ، وسبعة من المهاجرين : عبد الله ابن مسعود ، وسلمان وأبو ذر وحذيفة وعمار والمقداد وبلال )رضوان الله عليهم

    قيل لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- :"( استخلفتَ )فقال :"( إنّي إنْ استخْلِفُ عليكم فعصيتم خليفتي عُذّبتُم ، ولكم ما حدّثكم به حُذيفة فصدِّقوه ، وما أقرأكم عبد الله بن مسعود فاقْرَؤُوه )

    قال عمر بن الخطاب لأصحابه :"( تمنّوا ) فتمنّوا ملءَ البيتِ الذي كانوا فيه مالاً وجواهر يُنفقونها في سبيل الله ، فقال عمر :"( لكني أتمنى رجالاً مثل أبي عبيدة ومعاذ بن جبل وحذيفة بن اليمان ، فأستعملهم في طاعة الله عزّ وجلّ )ثم بعث بمال إلى أبي عبيدة وقال :"( انظر ما يصنع )فقسَمَهُ ، ثم بعث بمالٍ إلى حذيفة وقال :"( انظر ما يصنع )فقَسَمه ، فقال عمر :"( قد قُلتُ لكم )

    من أقواله

    لحذيفة بن اليمان أقوالاً بليغة كثيرة ، فقد كان واسع الذكاء والخبرة ، وكان يقول للمسلمين :"( ليس خياركم الذين يتركون الدنيا للآخرة ، ولا الذين يتركون الآخرة للدنيا ، ولكن الذين يأخذون من هذه ومن هذه )

    يقول حذيفة :"( أنا أعلم النّاس بكل فتنة هي كائنة فيما بيني وبين الساعة ، وما بي أن يكون رسول الله -صلى الله عليه وسلم- اسرَّ إليَّ شيئاً لم يحدِّث به غيري ، وكان ذكر الفتنَ في مجلس أنا فيه ، فذكر ثلاثاً لا يذَرْنّ شيئاً ، فما بقي من أهل ذلك المجلس غيري )

    كان -رضي الله عنه- يقول :"( ان الله تعالى بعث محمدا -صلى الله عليه وسلم-فدعا الناس من الضلالة الى الهدى ، ومن الكفر الى الايمان ، فاستجاب له من استجاب ، فحيى بالحق من كان ميتا ، ومات بالباطل من كان حيا ، ثم ذهبت النبوة وجاءت الخلافة على منهاجها ، ثم يكون ملكا عضوضا ، فمن الناس من ينكر بقلبه ويده ولسانه ، أولئك استجابوا للحق ، ومنهم من ينكر بقلبه ولسانه ، كافا يده ، فهذا ترك شعبة من الحق ، ومنهم من ينكر بقلبه ، كافا يده ولسانه ، فهذا ترك شعبتين من الحق ، ومنهم من لاينكر بقلبه ولا بيده ولا بلسانه ، فذلك ميت الأحياء )

    ويتحدث عن القلوب والهدى والضلالة فيقول :"( القلوب أربعة : قلب أغلف ، فذلك قلب كافر وقلب مصفح ، فذلك قلب المنافق وقلب أجرد ، فيه سراج يزهر ، فذلك قلب المؤمن وقلب فيه نفاق و ايمان ، فمثل الايمان كمثل شجرة يمدها ماء طيب ومثل المنافق كمثل القرحة يمدها قيح ودم ، فأيهما غلب غلب )

    مقتل عثمان

    كان حذيفة -رضي الله عنه- يقول :"( اللهم إنّي أبرأ إليك من دم عثمان ، والله ما شهدتُ ولا قتلتُ ولا مالأتُ على قتله )

    وفاته

    لمّا نزل بحذيفة الموت جزع جزعاً شديداً وبكى بكاءً كثيراً ، فقيل :"( ما يبكيك ؟) فقال :"( ما أبكي أسفاً على الدنيا ، بل الموت أحب إليّ ، ولكنّي لا أدري على ما أقدم على رضىً أم على سخطٍ )
    ودخل عليه بعض أصحابه ، فسألهم :"( أجئتم معكم بأكفان ؟)قالوا :"( نعم ) قال :"( أرونيها )فوجدها جديدة فارهة ، فابتسم وقال لهم :"( ما هذا لي بكفن ، انما يكفيني لفافتان بيضاوان ليس معهما قميص ، فاني لن أترك في القبر الا قليلا ، حتى أبدل خيرا منهما ، أو شرا منهما ) ثم تمتم بكلمات :"( مرحبا بالموت ، حبيب جاء على شوق ، لا أفلح من ندم ) وأسلم الروح الطاهرة لبارئها في أحد أيام العام الهجري السادس والثلاثين بالمدائن ، وبعد مَقْتلِ عثمان بأربعين ليلة

    رحم الله الصحابى الجليل

    وإلى لقاء متجدد والسيرة العبقة

    أحييكم وأترككم في رعاية الله وأمنه





    تعليق

    • ماجى نور الدين
      مستشار أدبي
      • 05-11-2008
      • 6691

      #47



      الحسن بن علي بن أبي طالب

      سيد شباب الجنة
      اللهـم إني أحـبُّ حسنـاً فأحبَّـه "
      " وأحِـبَّ مَـنْ يُحبُّـه

      حديث شريف

      الحسن بن علي بن أبي طالب ، أبو محمد ، ولدته فاطمة في المدينة
      سنة ( 3هـ ) ، وهو أكبـر أبنائها ، كان عاقلاً حليماً محباً للخير
      وكان أشبه أهل النبي بجده النبي -صلى الله عليه وسلم-

      كرم النسب
      قال معاوية وعنده عمرو بن العاص وجماعة من الأشراف :"( من أكرم الناس أباً وأماً وجدّاً وجدّة وخالاً وخالةً وعمّاً وعمّةً ) فقام النعمان بن عجلان الزُّرَقيّ فأخذ بيد الحسن فقال :"( هذا ! أبوه عليّ ، وأمّه فاطمة ، وجدّه الرسول -صلى الله عليه وسلم- ، وجدته خديجة ، وعمّه جعفر ، وعمّته أم هانىء بنت أبي طالب ، وخاله القاسم ، وخالته زينب ) فقال عمرو بن العاص :"( أحبُّ بني هاشم دعاك إلى ما عملت ؟) قال ابن العجلان :"( يا بن العاص أمَا علمتَ أنه من التمس رضا مخلوق بسخط الخالق حرمه الله أمنيّته ، وختم له بالشقاء في آخر عمره ، بنو هاشم أنضر قريش عوداً وأقعدها سَلَفاً ، وأفضل أحلاماً )

      حب الرسول له
      قال الرسول -صلى الله عليه وسلم- والحسن على عاتقه :"( اللهـم إني أحـبُّ حسنـاً فأحبَّـه ، وأحِـبَّ مَـنْ يُحبُّـه ) وكان الرسول -صلى الله عليه وسلم- يصلي ، فإذا سجد وثب الحسنُ على ظهره وعلى عنقه ، فيرفع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- رفعاً رفيقاً لئلا يصرع ، قالوا :"( يا رسول الله ، رأيناك صنعت بالحسن شيئاً ما رأيناك صنعته بأحد ) قال:"( إنه ريحانتي من الدنيا ، وإن ابني هذا سيّد ، وعسى الله أن يصلح به بين فئتيـن عظيمتيـن )

      الهيبة والسؤدد

      كان الحسن -رضي الله عنه- أشبه أهل النبي بالنبي -صلى الله عليه وسلم- ، فقد صلّى أبو بكر الصديق صلاة العصر ثم خرج يمشي ومعه عليّ بن أبي طالب ، فرأى الحسن يلعبُ مع الصبيان ، فحمله على عاتقه و قال :"( بأبي شبيه بالنبيّ ، ليس شبيهاً بعليّ ) وعلي يضحك

      كما قالت زينب بنت أبي رافع : رأيت فاطمة بنت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أتت بابنيها إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في شكواه الذي توفي فيه فقالت :"( يا رسول الله ! هذان ابناك فورّثْهُما ) فقال :"( أما حسنٌ فإن له هيبتي وسؤددي ، وأما حسين فإن له جرأتي وجودي )

      أزواجه
      كان الحسن -رضي الله عنه- قد أحصن بسبعين امرأة ، وكان الحسن قلّما تفارقه أربع حرائر ، فكان صاحب ضرائر ، فكانت عنده ابنة منظور بن سيار الفزاري وعنده امرأة من بني أسد من آل جهم ، فطلقهما ، وبعث إلى كلِّ واحدة منهما بعشرة آلاف وزقاقٍ من عسل متعة ، وقال لرسوله يسار بن أبي سعيد بن يسار وهو مولاه :"( احفظ ما تقولان لك ) فقالت الفزارية :"( بارك الله فيه وجزاه خيراً )وقالت الأسدية :"( متاع قليل من حبيب مفارقٍ ) فرجع فأخبره ، فراجع الأسدية وترك الفزارية

      وعن جعفر بن محمد عن أبيه قال : قال عليُّ :"( يا أهل الكوفة ، لا تزوّجوا الحسن بن عليّ ، فإنه مطلاق ) فقال رجل من همدان :"( والله لنزوِّجَنَّهُ ، فما رضي أمسك ، وما كره طلّق )

      فضله
      قال معاوية لرجل من أهل المدينة :"( أخبرني عن الحسن بن علي ) قال :"( يا أمير المؤمنين ، إذا صلى الغداة جلس في مصلاّه حتى تطلع الشمس ، ثم يساند ظهره ، فلا يبقى في مسجد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- رجل له شرف إلاّ أتاه ، فيتحدثون حتى إذا ارتفع النهار صلى ركعتين ، ثم ينهض فيأتي أمهات المؤمنين فيُسلّم عليهن ، فربما أتحفنه ، ثم ينصرف إلى منزله ، ثم يروح فيصنع مثل ذلك )فقال :"( ما نحن معه في شيء )

      كان الحسن -رضي الله عنه- ماراً في بعض حيطان المدينة ، فرأى أسود بيده رغيف ، يأكل لقمة ويطعم الكلب لقمة ، إلى أن شاطره الرغيف ، فقال له الحسـن :"( ما حَمَلك على أن شاطرتـه ؟ فلم يعاينه فيه بشـيء ) قال :"( استحت عيناي من عينيه أن أعاينـه ) أي استحياءً من الحسـن ، فقال له :"( غلام من أنت ؟) قال :"( غلام أبان بن عثمان ) فقال :"( والحائط ؟) أي البستان ، فقال :"( لأبان بن عثمان ) فقال له الحسن :"( أقسمتُ عليك لا برحتَ حتى أعود إليك ) فمرّ فاشترى الغلام والحائط ، وجاء الى الغلام فقال :"( يا غلام ! قد اشتريتك ؟) فقام قائماً فقال :"( السمع والطاعة لله ولرسوله ولك يا مولاي ) قال :"( وقد اشتريت الحائط ، وأنت حرٌ لوجه الله ، والحائط هبة مني إليك ) فقال الغلام :"( يا مولاي قد وهبت الحائط للذي وهبتني له )

      حكمته
      قيل للحسن بن علي :"( إن أبا ذرّ يقول : الفقرُ أحبُّ إلي من الغنى ، والسقم أحبُّ إليّ من الصحة ) فقال :"( رحِمَ الله أبا ذر ، أما أنا فأقول :"( من اتكل على حسن اختيار الله له لم يتمنّ أنه في غير الحالة التي اختار الله تعالى له ، وهذا حدُّ الوقوف على الرضا بما تصرّف به القضاء )

      قال معاوية للحسن بن عليّ :"( ما المروءة يا أبا محمد ؟)قال :"( فقه الرجل في دينه ، وإصلاح معيشته ، وحُسْنُ مخالَقَتِهِ )

      دعا الحسنُ بن عليّ بنيه وبني أخيه فقال :"( يا بنيّ وبني أخي ، إنكم صغارُ قومٍ يوشك أن تكونوا كبارَ آخرين ، فتعلّموا العلم ، فمن لم يستطع منكم أن يرويه أو يحفظه ، فليكتبهُ وليضعه في بيته )

      عام الجماعة
      بايع أهل العراق الحسن -رضي الله عنه- بالخلافة بعد مقتل أبيه سنة ( 40هـ ) ، وأشاروا عليه بالمسير الى الشام لمحاربة معاوية بن أبي سفيان ، فزحف بمن معه ، وتقارب الجيشان في موضع يقال له ( مسكن ) بناحية الأنبار ، ولم يستشعر الحسن الثقة بمن معه ، وهاله أن يقْتتل المسلمون وتسيل دماؤهم ، فكتب إلى معاوية يشترط شروطاً للصلح ، ورضي معاوية ، فخلع الحسن نفسه من الخلافة وسلم الأمر لمعاوية في بيت المقدس سنة ( 41هـ ) وسمي هذا العام ( عام الجماعة ) لاجتماع كلمة المسلمين فيه ، وانصرف الحسن -رضي الله عنه- الى المدينة حيث أقام

      الحسن ومعاوية
      قال معاوية يوماً في مجلسه :"( إذا لم يكن الهاشمـيُّ سخيّاً لم يشبه حسبه ، وإذا لم يكن الزبيـري شجاعاً لم يشبه حسبه ، وإذا لم يكن المخزومـي تائهاً لم يشبه حسبه ، وإذا لم يكن الأمـوي حليماً لم يشبه حسبه ) فبلغ ذلك الحسن بن علي فقال :"( والله ما أراد الحق ، ولكنّه أراد أن يُغري بني هاشـم بالسخاء فيفنوا أموالهم ويحتاجون إليه ، ويُغري آل الزبيـر بالشجاعة فيفنوا بالقتل ، ويُغري بني مخـزوم بالتيه فيبغضهم الناس ، ويُغري بني أميـة بالحلم فيحبّهم الناس !!)

      مرضه
      قال عبد الله بن الحسين : إن الحسن كان سُقِيَ ، ثم أفلتَ ، ثم سُقِيَ فأفلتَ ، ثم كانت الآخرة توفي فيها ، فلمّا حضرته الوفاة ، قال الطبيب وهو يختلف إليه :"( هذا رجلٌ قد قطع السُّمُّ أمعاءه ) فقال الحسين :"( يا أبا محمد خبّرني من سقاك ؟) قال :"( ولِمَ يا أخي ؟ ) قال :"( اقتله ، والله قبل أن أدفنـك ، أولا أقدرُ عليه ؟ أو يكون بأرضٍ أتكلّف الشخـوص إليه ؟) فقـال :"( يا أخـي ، إنما هذه الدنيا ليالٍ فانية ، دَعْهُ حتى ألتقـي أنا وهو عنـد الله ) فأبى أن يُسمّيَهُ ، قال :"( فقد سمعتُ بعضَ من يقول : كان معاوية قد تلطّف لبعض خدمه أن يسقيَهُ سُمّاً )

      بكاؤه
      لمّا أن حَضَرَ الحسن بن علي الموتُ بكى بكاءً شديداً ، فقال له الحسين :"( ما يبكيك يا أخي ؟ وإنّما تَقْدُمُ على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ، وعلى عليّ وفاطمة وخديجة ، وهم وُلِدوك ، وقد أجرى الله لك على لسان النبي -صلى الله عليه سلم- :"( أنك سيّدُ شباب أهل الجنة ) وقاسمت الله مالَكَ ثلاث مرات ، ومشيتَ الى بيت الله على قدميك خمس عشرة مرّةً حاجّاً) وإنما أراد أن يُطيّب نفسه ، فوالله ما زاده إلا بكاءً وانتحاباً ، وقال :"( يا أخي إني أقدِمُ على أمرٍ عظيم مهول ، لم أقدم على مثله قط )

      وفاته
      توفي الحسن -رضي الله عنه- في سنة ( 50هـ ) ، وقد دُفِنَ في البقيع ، وبكاه الناس سبعة أيام : نساءً وصبياناً ورجالاً ، رضي الله عنه وأرضاه وقد وقف على قبره أخوه محمد بن عليّ وقال :"( يرحمك الله أبا محمد ، فإن عزّت حياتك لقد هَدَتْ وفاتك ، ولنعم الروحُ روحٌ تضمنه بدنك ، ولنعم البدن بدن تضمنه كفنك ، وكيف لا يكون هكذا وأنت سليل الهدى ، وحليف أهل التقى ، وخامس أصحاب الكساء ، غذتك أكف الحق ، وربيت في حجر الإسلام ورضعت ثدي الإيمان ، وطبت حيّاً وميتاً ، وإن كانت أنفسنا غير طيبة بفراقك فلا نشك في الخيرة لك ، رحمك الله )

      رحم الله سيد شباب الجنة
      وموعدنا يتجدد وصحابى جليل ....
      أترككم في رعاية الله وأمنه

      أحييكم




      تعليق

      • ماجى نور الدين
        مستشار أدبي
        • 05-11-2008
        • 6691

        #48



        الحسين بن عليّ بن أبي طالب

        سيد شباب الجنة

        حُسين مني وأنا مِنْ حُسين ، أحَبَّ الله تعالى مَنْ "
        " أحبَّ حُسيناً ، حُسينٌ سِبْطٌ من الأسباط

        حديث شريف

        الإبن الثاني لفاطمة الزهراء ، ولد بالمدينة ونشأ في بيت النبوة
        وكنيته أبو عبد الله

        حُبَّ الرسول له
        قال الرسول -صلى الله عليه وسلم- :"( حُسين مني وأنا مِنْ حُسين ، أحَبَّ الله تعالى مَن أحبَّ حُسيناً ، حُسينٌ سِبْطٌ من الأسباط ) كما قال الرسول الكريم :"( اللهم إني أحبه فأحبّه ) وعن أبي أيوب الأنصاري قال : دخلت على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- والحسن والحسين يلعبان بين يديه وفي حِجْره ، فقلت :"( يا رسول الله أتحبُّهُما ) قال :"( وكيف لا أحبُّهُما وهما ريحانتاي من الدنيا أشمُّهُما ؟!) وقال الرسول -صلى الله عليه وسلم- :"( من أراد أن ينظر إلى سيّد شباب أهل الجنة ، فلينظر الى الحسين بن عليّ )

        كما قالت زينب بنت أبي رافع : رأيت فاطمة بنت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أتت بابنيها إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في شكواه الذي توفي فيه فقالت :"( يا رسول الله ! هذان ابناك فورّثْهُما ) فقال :"( أما حسنٌ فإن له هيبتي وسؤددي ، وأما حسين فإن له جرأتي وجودي )

        فضله

        مرَّ الحسيـن -رضي اللـه عنه- يوماً بمساكين يأكلون في الصّفّة ، فقالوا :"( الغـداء ) فنزل وقال :"( إن اللـه لا يحب المتكبريـن ) فتغدى ثم قال لهم :"( قد أجبتكم فأجيبوني )قالوا :"( نعم ) فمضى بهم الى منزله فقال لرّباب :"( أخرجي ما كنت تدخرين )

        الحسن والحسين

        جرى بين الحسـن بن علي وأخيه الحسيـن كلام حتى تهاجرا ، فلمّا أتى على الحسـن ثلاثة أيام ، تأثم من هجر أخيه ، فأقبل إلى الحسيـن وهو جالس ، فأكبّ على رأسه فقبله ، فلمّا جلس الحسـن قال له الحسيـن :"( إن الذي منعني من ابتدائك والقيام إليك أنك أحقُّ بالفضل مني ، فكرهت أن أنازِعَكَ ما أنت أحقّ به )

        البيعة
        توفي معاوية نصف رجب سنة ستين ، وبايع الناس يزيد ، فكتب يزيد للوليد مع عبد الله بن عمرو بن أويس العامري ، وهو على المدينة :"( أن ادعُ الناس ، فبايعهـم وابدأ بوجوه قريـش ، وليكن أول من تبدأ به الحسيـن بن عليّ ، فإن أمير المؤمنين رحمه اللـه عهد إليّ في أمره للرفق به واستصلاحه ) فبعث الوليد من ساعته نصف الليل الى الحسين بن علي ، وعبد الله بن الزبير ، فأخبرهما بوفاة معاوية ، ودعاهما الى البيعة ليزيد ، فقالا :"( نصبح وننظر ما يصنع الناس )

        ووثب الحسين فخرج وخرج معه ابن الزبير ، وهو يقول :"( هو يزيد الذي نعرف ، والله ما حدث له حزم ولا مروءة ) وقد كان الوليد أغلظ للحسين فشتمـه الحسين وأخذ بعمامته فنزعها من رأسـه ، فقال الوليد :"( إن هجنَا بأبي عبـد الله إلا أسداً ) فقال له مروان أو بعض جلسائه :"( اقتله ) قال :"( إن ذلك لدم مضنون في بني عبد مناف )
        من المدينة الى مكة
        وخرج الحسين وابن الزبير من ليلتهما الى مكة ، وأصبح الناس فغدوا على البيعة ليزيد ، وطُلِبَ الحسين وابن الزبير فلم يوجدا ، فقدِما مكة ، فنزل الحسين دار العباس بن عبد المطلب ، ولزم الزبير الحِجْرَ ، ولبس المغافريَّ وجعل يُحرِّض الناس على بني أمية ، وكان يغدو ويروح الى الحسين ، ويشير عليه أن يقدم العراق ويقول :"( هم شيعتك وشيعة أبيك )

        الخروج الى العراق

        بلغ ابـن عمـر -رضي اللـه عنه- أن الحسيـن بن علـيّ قد توجّه الى العـراق ، فلحقه على مسيـرة ثلاث ليال ، فقـال لـه :"( أيـن تريد ؟) فقال :"( العراق ) وإذا معه طوامير كتب ، فقال :"( هذه كتبهم وبيعتهم ) فقال :"( لا تأتِهم ) فأبى ، قال ابن عمر :"( إنّي محدّثك حديثاً : إن جبريل أتى النبي -صلى الله عليه وسلم- فخيّره بين الدنيا والآخرة ، فاختار الآخرة ولم يردِ الدنيا ، وإنكم بضعة من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ، والله لا يليها أحد منكم أبداً ، وما صرفها الله عنكم إلاّ للذي هو خير ) فأبى أن يرجع ، فاعتنقه ابن عمر وبكى وقال :"( استودِعُكَ الله من قتيل )

        وقال ابن عباس -رضي الله عنه- للحسين :"( أين تريد يا بن فاطمة ؟) قال :"( العراق و شيعتي ) فقال :"( إنّي لكارهٌ لوجهك هذا ، تخرج الى قوم قتلوا أباك ، وطعنوا أخاك حتى تركهم سَخْطةً ومَلّة لهم ، أذكرك الله أن لا تغرّر بنفسك )

        وقال أبو سعيد الخدري :"( غلبني الحسين بن عليّ على الخروج ، وقد قُلت له : اتّق الله في نفسك ، والزم بيتك ، فلا تخرج على إمامك )

        وكتبـت له عمـرة بنت عبـد الرحمن تعظـم عليه ما يريد أن يصنع ، وتأمره بالطاعـة ولزوم الجماعة ، وتخبره إنه إنما يُساق إلى مصـرعه وتقول :"( أشهد لحدّثتني عائشة أنها سمعت رسـول اللـه -صلى اللـه عليه وسلم- يقول :"( يُقتل حسينٌ بأرض بابل ) فلمّا قرأ كتابها قال :"( فلابدّ لي إذاً من مصرعي )ومضى


        مقتله

        وبلغ يزيد خروج الحسين -رضي الله عنه- ، فكتب الى عبيد الله بن زياد عامله على العراق يأمره بمحاربته وحمله إليه ، إن ظفر به ، فوجّه عُبيد الله الجيش مع عمر بن سعيد بن أبي وقاص ، وعدل الحسين الى ( كربلاء )، فلقيه عمر بن سعيد هناك ، فاقتتلوا ، فقُتِلَ الحسين رضوان الله عليه ورحمته وبركاته في يوم عاشوراء ، العاشر من محرم سنة إحدى وستين


        السماء تبكي


        قال ابن سيرين :"( لم تبكِ السماء على أحد بعد يحيى بن زكريا إلا على الحسين بن عليّ ) وعن خلف بن خليفة عن أبيه قال :"( لمّا قُتِلَ الحسين اسودت السماء ، وظهرت الكواكب نهاراً ، حتى رأيت الجوزاء عند العصر وسقط التراب الأحمر ) وقالت أم خلاّد :"( كنّا زماناً بعد مقتل الحسين ، وإن الشمس تطلع محمَّرة على الحيطان والجُدر بالغداة والعشيّ ) وكانوا لا يرفعون حجراً إلاّ يوجد تحته دمٌ !!


        الرؤى

        استيقظ ابن عباس من نومه ، فاسترجع وقال :"( قُتِلَ الحسين والله ) فقال له أصحابه :"( كلا يا ابن عباس ، كلا ) قال :"( رأيت رسول اللـه -صلى اللـه عليه وسلم- ومعه زجاجة من دم فقال :"( ألا تعلم ما صنعت أمتي من بعـدي ؟ قتلوا ابني الحسيـن ، وهذا دمه ودم أصحابه ، أرفعها الى اللـه عزّ وجلّ ) فكتب ذلك اليوم الذي قال فيه ، وتلك الساعة ، فما لبثوا إلاّ أربعة وعشرين يوماً حتى جاءهم الخبر بالمدينة أنه قُتِل ذلك اليوم وتلك الساعة !!


        الدفن

        وقد نقل رأسه ونساؤه وأطفاله إلى ( يزيد ) بدمشق ، واختُلفَ في الموضع الذي دُفِنَ فيه الرأس ، فقيل في دمشق ، وقيل في كربلاء مع الجثة ، وقيل في مكان آخر

        رحم الله سيد شباب الجنة

        الحسين بن علي بن أبي طالب

        وإلى صحابي جليل

        إن شاء الله






        تعليق

        • ماجى نور الدين
          مستشار أدبي
          • 05-11-2008
          • 6691

          #49




          *·~-.¸¸,.-~*خالد بن الوليد*·~-.¸¸,.-~*

          سيف الله المسلول

          " عجزت النساء أن يلدن مثل خالد "

          عمر بن الخطاب

          خالد بن الوليد بن المغيرة المخزومي القرشي ، أبو سليمان ، أحد أشراف قريش في الجاهلية
          وكان إليه القبّة وأعنّة الخيل ، أمّا القبة فكانوا يضربونها يجمعون فيها ما يجهزون به الجيش
          وأما الأعنة فإنه كان يكون المقدّم على خيول قريش في الحرب كان اسلامه في شهر صفر
          سنة ثمان من الهجرة ، حيث قال الرسول -صلى الله عليه وسلم- :"( الحمد لله الذي هداك ، قد
          كنت أرى لك عقلا لا يسلمك الا الى الخير )

          قصة إسلامه

          الرسالة

          و تعود قصة اسلام خالد الى ما بعد معاهدة الحديبية حيث أسلم أخوه الوليد بن الوليد ، ودخل الرسول -صلى الله عليه وسلم- مكة في عمرة القضاء فسأل الوليد عن أخيه خالد ، فقال :"( أين خالد ؟) فقال الوليد :"( يأتي به الله ) فقال النبي :-صلى الله عليه وسلم- :"( ما مثله يجهل الاسلام ، ولو كان يجعل نكايته مع المسلمين على المشركين كان خيرا له ، ولقدمناه على غيره ) فخرج الوليد يبحث عن أخيه فلم يجده ، فترك له رسالة قال فيها :"( بسم الله الرحمن الرحيم أما بعد ...فأني لم أرى أعجب من ذهاب رأيك عن الاسلام وعقلك عقلك ، ومثل الاسلام يجهله أحد ؟! وقد سألني عنك رسول الله، فقال أين خالد -- وذكر قول النبي -صلى الله عليه وسلم- فيه -- ثم قال له : فاستدرك يا أخي ما فاتك فيه ، فقد فاتتك مواطن صالحة ) وقد كان خالد -رضي اللـه عنه- يفكر في الاسلام ، فلما قرأ رسالة أخيـه سر بها سرورا كبيرا ، وأعجبه مقالة النبـي -صلى اللـه عليه وسلم-فيه ، فتشجع و أسلـم

          الحلم

          ورأى خالد في منامه كأنه في بلادٍ ضيّقة جديبة ، فخرج إلى بلد أخضر واسع ، فقال في نفسه :"( إن هذه لرؤيا ) فلمّا قدم المدينة ذكرها لأبي بكر الصديق فقال له :"( هو مخرجُكَ الذي هداك الله للإسلام ، والضيقُ الذي كنتَ فيه من الشرك )

          الرحلة
          يقول خالد عن رحلته من مكة الى المدينة :"( وددت لو أجد من أصاحب ، فلقيت عثمان بن طلحة فذكرت له الذي أريد فأسرع الإجابة ، وخرجنا جميعا فأدلجنا سحرا ، فلما كنا بالسهل إذا عمرو بن العاص ، فقال :"( مرحبا بالقوم )قلنا :"( وبك ) قال :"( أين مسيركم ؟) فأخبرناه ، وأخبرنا أيضا أنه يريد النبي ليسلم ، فاصطحبنا حتى قدمنا المدينة أول يوم من صفر سنة ثمان )

          قدوم المدينة

          فلما رآهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال لأصحابه :"( رمتكم مكة بأفلاذ كبدها ) يقول خالد :"( ولما اطلعت على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- سلمت عليه بالنبوة فرد على السلام بوجه طلق ، فأسلمت وشهدت شهادة الحق ، وحينها قال الرسول -صلى الله عليه وسلم- :"(الحمد لله الذي هداك قد كنت أرى لك عقلا لا يسلمك الا الى الخير) وبايعت الرسـول وقلت :"( استغفر لي كل ما أوضعـت فيه من صد عن سبيل اللـه ) فقال :"( إن الإسلام يجـب ما كان قبله ) فقلت :"( يا رسول الله على ذلك )فقال :"( اللهم اغفر لخالد بن الوليد كل ما أوضع فيه من صد عن سبيلك ) وتقدم عمرو بن العاص وعثمان بن طلحة ، فأسلما وبايعا رسول الله

          والدته
          كان خالد بن الوليد ميمونَ النقيبـة ، وأمّه عصماء ، وهي لبابة بنت الحارث أخـت أم الفضـل بنت الحارث ، أم بني العباس بن عبد المطلب ، وخالته ميمونة بنت الحارث زوج رسول الله -صلى الله عليه وسلم-

          غزوة مؤتة

          كانت غزوة مؤتة أول غزوة شارك فيها خالد ، وقد قتل قادتها الثلاثة : زيد بن حارثة ، ثم جعفر بن أبي طالب ، ثم عبدالله بن رواحة -رضي الله عنهم- ، فسارع الى الراية ( ثابت بن أقرم ) فحملها عاليا وتوجه مسرعا الى خالد قائلا له :"( خذ اللواء يا أبا سليمان ) فلم يجد خالد أن من حقه أخذها فاعتذر قائلا :"( لا ، لا آخذ اللواء أنت أحق به ، لك سن وقد شهدت بدرا )فأجابه ثابت :"( خذه فأنت أدرى بالقتال مني ، ووالله ما أخذته إلا لك ) ثم نادى بالمسلمين :"( أترضون إمرة خالد ؟) قالوا :"( نعم ) فأخذ الراية خالد وأنقذ جيش المسلمين ، يقول خالد :"( قد انقطع في يدي يومَ مؤتة تسعة أسياف ، فما بقي في يدي إلا صفيحة لي يمانية )
          وقال النبي -صلى الله عليه وسلم- عندما أخبر الصحابة بتلك الغزوة :"( أخذ الراية زيد فأصيب ، ثم أخذ الراية جعفر فأصيب ، ثم أخذ الراية ابن رواحة فأصيب ،وعيناه -صلى الله عليه وسلم- تذرفان، حتى أخذ الراية سيف من سيوف الله ، حتى فتح الله عليهم )فسمي خالد من ذلك اليوم سيف الله

          هدم العُزّى

          بعث الرسول -صلى الله عليه وسلم- إلى العُزّى يهدِمُها ، فخرج خالد في ثلاثين فارساً من أصحابه حتى انتهى إليها فهدمها ، ثم رجع إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال :"( هُدِمَتْ ؟) قال :"( نعم يا رسول الله ) فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- :"( هل رأيت شيئاً ؟)فقال :"( لا ) فقال :"( فإنك لم تهدِمْها ، فأرجِعْ إليها فاهدمها ) فرجع خالد وهو متغيّظ ، فلما انتهى إليها جرّد سيفه ، فخرجت إليه إمرأة سوداء عُريانة ، ناشرة الرأس ، فجعل السادِنُ يصيح بها ، قال خالد :"( وأخذني اقشِعْرارٌ في ظهري )فجعل يصيح :"(

          أعُزَّيَّ شـدِّي شدّةً لا تكذّبـي ......أعُزّيَّ فالْقي للقناع وشَمِّـري
          أعُزَّي إن لم تقتلي اليومَ خالداً.......فبوئي بذنبٍ عاجلٍ فتنصّري

          وأقبل خالد بالسيف إليها وهو يقول :"(
          يا عُزَّ كُفرانَكِ لا سُبحانَكِ.........إنّي وجدتُ اللهَ قد أهانَكِ

          فضربها بالسيف فجزلها باثنتين ، ثم رجع الى رسـول الله -صلى الله عليه وسلم- فأخبره فقال :"( نعم ! تلك العُزّى قد أيِسَتْ أن تُعبدَ ببلادكم أبداً ) ثم قال خالد :"( أيْ رسول الله ، الحمدُ لله الذي أكرمنا بك ، وأنقذنا من الهَلَكة ، ولقد كنت أرى أبي يأتي إلى العُزّى نحيرُهُ ، مئة من الإبل والغنم ، فيذبحها للعُزّى ، ويقيم عندها ثلاثاً ثم ينصرف إلينا مسروراً ، فنظرتُ إلى ما مات عليه أبي ، وذلك الرأي الذي كان يُعاش في فضله ، كيف خُدع حتى صار يذبح لحجر لا يسمع ولا يبصر ولا يضر ولا ينفع ؟!) فقال رسول الله :"( إنّ هذا الأمرَ إلى الله ، فمَنْ يسَّرَهُ للهّدى تيسر ، ومَنْ يُسِّرَ للضلالة كان فيها )

          حروب الردة
          وشارك في فتح مكة وفي حروب الردة ، فقد مضى فأوقع بأهل الردة من بني تميم وغيرهم بالبُطاح ، وقتل مالك بن نويرة ، ثم أوقع بأهل بُزاخَة - وهي المعركة التي كانت بين خالد وطليحة بن خويلد- ، وحرقهم بالنار ، وذلك أنه بلغه عنهم مقالة سيئة ، شتموا النبي -صلى الله عليه وسلم- ، وثبتوا على ردّتهم ، ثم مضى الى اليمامة ووضع حداً لمسيلمة الكذاب وأعوانه من بني حنيفة

          بلاد الفرس
          وفي فتح بلاد الفرس استهل خالد عمله بارسال كتب إلى جميع ولاة كسرى ونوابه على ألوية العراق ومدائنه :"( بسم الله الرحمن الرحيم ، من خالد بن الوليد الى مرازبة فارس ، سلام على من اتبع الهدى ، أما بعد فالحمدلله الذي فض خدمكم ، وسلب ملككم ، ووهّن كيدكم ، من صلى صلاتنا ، واستقبل قبلتنا ، وأكل ذبيحتنا فذلكم المسلم ، له ما لنا وعليه ما علينا ، إذا جاءكم كتابي فابعثوا إلي بالرّهُن واعتقدوا مني الذمة ، وإلا فوالذي لا إله غيره لأبعثن إليكم قوما يحبون الموت كما تحبون الحياة !!) وعندما جاءته أخبار الفرس بأنهم يعدون جيوشهم لمواجهته لم ينتظر ، وإنما سارع ليقابلهم في كل مكان محققا للإسلام النصر تلو الآخر ولم ينس أن يوصي جنوده قبل الزحف :"( لاتتعرضوا للفلاحين بسوء ، دعوهم في شغلهم آمنين ، إلا أن يخرج بعضهم لقتالكم ، فآنئذ قاتلوا المقاتلين )

          معركة اليرموك وبطولاتها

          إمرة الجيش
          أولى أبوبكر الصديق إمرة جيش المسلمين لخالد بن الوليد ليواجهوا جيش الروم الذي بلغ مائتي ألف مقاتل وأربعين ألفا ، فوقف خالد بجيش المسلمين خاطباً :"( إن هذا يوم من أيام الله ، لا ينبغي فيه الفخر ولا البغي ، أخلصوا جهادكم وأريدوا الله بعملكم ، وتعالوا نتعاور الإمارة ، فيكون أحدنا اليوم أميراً والآخر غداً ، والآخر بعد غد ، حتى يتأمر كلكم )

          تأمين الجيش

          وقبل أن يخوض خالد القتال ، كان يشغل باله احتمال أن يهرب بعض أفراد جيشه بالذات من هم حديثي عهد بالإسلام ، من أجل هذا ولأول مرة دعا نساء المسلمين وسلمهن السيوف ، وأمرهن بالوقوف خلف صفوف المسلمين وقال لهن :"( من يولي هاربا ، فاقتلنه )

          خالد و ماهان الروماني

          وقبيل بدء القتال طلب قائد الروم أن يبرز إليه خالد ، وبرز إليه خالد ، في الفراغ الفاصل بين الجيشين ، وقال (ماهان) قائد الروم :"( قد علمنا أنه لم يخرجكم من بلادكم إلا الجهد والجوع فإن شئتم أعطيت كل واحد منكم عشرة دنانير وكسوة وطعاما ، وترجعون إلى بلادكم ، وفي العام القادم أبعث إليكم بمثلها !) وأدرك خالد ما في كلمات الرومي من سوء الأدب ورد قائلا :"( إنه لم يخرجنا من بلادنا الجوع كما ذكرت ، ولكننا قوم نشرب الدماء ، وقد علمنا أنه لا دم أشهى ولا أطيب من دم الروم ، فجئنا لذلك !) وعاد بجواده الى صفوف الجيش ورفع اللواء عاليا مؤذنا بالقتال :"( الله أكبر ، هبي رياح الجنة )

          من البطولات

          ودار قتال قوي ، وبدا للروم من المسلمين مالم يكونوا يحتسبون ، ورسم المسلمون صورا تبهر الألباب من فدائيتهم وثباتهم فهاهو خالد غلى رأس مائة من جنده ينقضون على أربعين ألف من الروم ، يصيح بهم :"( والذي نفسي بيده ما بقي من الروم من الصبر والجلد إلا ما رأيتم ، وإني لأرجو أن يمنحكم الله أكتافهم ) وبالفعل انتصر المائة على الأربعين ألف

          خالد وجرجه الروماني

          وقد انبهر القادة الروم من عبقرية خالد في القتال ، مما حمل (جرجه) أحد قادتهم للحديث مع خالد ، حيث قال له :"( يا خالد اصدقني ، ولا تكذبني فإن الحر لا يكذب ، هل أنزل الله على نبيكم سيفا من السماء فأعطاك إياه ، فلا تسله على أحد إلا هزمته ؟) قال خالد :"( لا) قال الرجل :"( فبم سميت سيف الله ؟) قال خالد :"( إن الله بعث فينا رسوله ، فمنا من صدقه ومنا من كذب ، وكنت فيمن كذب حتى أخذ الله قلوبنا إلى الإسلام ، وهدانا برسوله فبايعناه ، فدعا لي الرسول ، وقال لي :"( أنت سيف من سيوف الله ) فهكذا سميت سيف الله ) قال القائد الروماني :"( وإلام تدعون ؟ ) قال خالد :"( إلى توحيد الله وإلى الإسلام ) قال :"( هل لمن يدخل في الإسلام اليوم مثل مالكم من المثوبة والأجر ؟) قال خالد :"( نعم وأفضل ) قال الرجل :"( كيف وقد سبقتموه ؟) قال خالد :"( لقد عشنا مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ورأينا آياته ومعجزاته وحق لمن رأى ما رأينا ، وسمع ما سمعنا أن يسلم في يسر ، أما أنتم يا من لم تروه ولم تسمعوه ثم آمنتم بالغيب ، فإن أجركم أجزل وأكبر إذا صدقتم الله سرائركم ونواياكم ) صاح القائد الروماني وقد دفع جواده إلى ناحية خالد ووقف بجواره :"( علمني الإسلام يا خالد !) وأسلم وصلى لله ركعتين لم يصل سواهما ، وقاتل جرجه الروماني في صفوف المسلمين مستميتا في طلب الشهادة حتى نالها وظفر بها

          وفاة أبوبكر


          في أثناء قيادة خالد -رضي الله عنه- معركة اليرموك التي هزمت فيها الامبراطورية الرومانية توفي أبوبكر الصديق -رضي الله عنه- ، وتولى الخلافة بعده عمر -رضي الله عنه- ، وقد ولى عمر قيادة جيش اليرموك لأبي عبيدة بن الجراح أمين هذه الأمة وعزل خالد وصل الخطاب الى أبىعبيدة فأخفاه حتى انتهت المعركة ، ثم أخبر خالدا بالأمر فلم يغضب خالد -رضي الله عنه-، بل تنازل في رضى وسرور ، لأنه كان يقاتل لله وحده لايبغي من وراء جهاده أي أمر من أمور الدنيا

          قلنسوته
          سقطت منه قلنسوته يوم اليرموك ، فأضنى نفسه والناس في البحث عنها فلما عوتب في ذلك قال :"( إن فيها بعضا من شعر ناصية رسول الله وإني أتفائل بها وأستنصر ) ففي حجة الوداع ولمّا حلق الرسول -صلى الله عليه وسلم- رأسه أعطى خالداً ناصيته ، فكانت في مقدم قلنسوته ، فكان لا يلقى أحداً إلا هزمه الله تعالى

          فضله

          قال الرسول -صلى الله عليه وسلم- :"( نِعْمَ عبد الله خالد بن الوليد ، سيْفٌ من سيوف الله )
          قال خالد -رضي الله عنه-:"( ما ليلة يهدي إليّ فيها عروسٌ أنا لها محب ، أو أبشّرُ فيها بغلامٍ أحبَّ إلي من ليلة شديدة الجليد في سريّةٍ من المهاجرين أصبِّحُ بها العدو )
          وأمَّ خالد الناس بالحيرة ، فقرأ من سُوَرٍ شتى ، ثم التفت إلى الناس حين انصرف فقال :"( شغلني عن تعلّم القرآن الجهادُ )
          نزل خالد بن الوليد الحيرة على أمير بني المرازبة فقالوا له :"( احذَرِ السُّمَّ لا يسقيكهُ الأعاجم ) فقال :"( إئتوني به ) فأتِيَ به فأخذه بيده ثم اقتحمه وقال :"( بسم الله ) فلم يُضرَّه شيئاً

          وأخبِرَ خالد -رضي اللـه عنه- أنّ في عسكره من يشرب الخمر ، فركب فرسـه ، فإذا رجل على مَنْسَـجِ فرسِـهِ زِقّ فيه خمر ، فقال له خالد :"( ما هذا ؟) قال :"( خل ) قال :"( اللهم اجعله خلاّ ) فلمّا رجع الى أصحابه قال :"( قد جئتكم بخمر لم يشرب العربُ مثلها ) ففتحوها فإذا هي خلّ قال :"( هذه والله دعوة خالد بن الوليد )

          وفاة خالد

          استقر خالد في حمص -من بلاد الشام- فلما جاءه الموت ، وشعر بدنو أجله ، قال :"( لقد شهدت مائة معركة أو زهاءها ، وما في جسدي شبر الا وفيه ضربة بسيف أو رمية بسهم ، أو طعنة برمح ، وهأنذا أموت على فراشي كما يموت البعير ، ألا فلا نامت أعين الجبناء ) وكانت وفاته سنة احدى وعشرين من الهجرة النبوية مات من قال عنه الصحابة :"( الرجل الذي لا ينام ، ولا يترك أحدا ينام )وأوصى بتركته لعمر بن الخطاب والتي كانت مكونة من فرسه وسلاحه وودعته أمه قائلة :"(
          أنت خير من ألف ألف من القوم إذا ما كبت وجوه الرجال
          أشجاع ؟ فأنت أشجع من ليث ...... غضنفر يذود عن أشبال
          أجواد ؟ فأنت أجود من سيل..........غامر يسيل بين الجبال

          رحم الله الصحابى الجليل
          خالد بن الوليد
          وإلى لقاء آخر إن شاء الله

          أحييكم






          تعليق

          • ماجى نور الدين
            مستشار أدبي
            • 05-11-2008
            • 6691

            #50





            خباب بن الأرت

            رضي الله عنه

            " اللهم انصر خبابا "
            حديث شريف

            خبّاب بن الأرت بن جندلة التَّميمي وكنيته أبو يحيى وقيل أبو عبد الله
            صحابي من السابقين إلى الإسلام ، فأسلم سادس ستة ، وهو أول من
            أظهر إسلامه ، وكان قد سُبيَ في الجاهليـة ، فبيع في مكة ثم حالف
            بني زُهرة ، وأسلم وكان من المستضعفين

            اسلامه
            لقد كان خباب سيافا ، يصنع السيوف ويبيعها لقريش ، وفي يوم اسلامه جاء الى عمله ، وكان هناك نفر ينتظرون فسألوه :"( هل أتممت صنع السيوف يا خباب ؟) فقال وهو يناجي نفسه :"( ان أمره لعجب ) فسألوه :"( أي أمر ؟) فيقول :"( هل رأيتموه ؟ وهل سمعتم كلامه ؟) وحينها صرح بما في نفسه :"( أجل رأيته وسمعته ، رأيت الحق يتفجر من جوانبه ، والنور يتلألأ بين ثناياه ) وفهم القرشيون فصاح أحدهم:"( من هذا الذي تتحدث عنه يا عبد أم أنمار ؟) فأجاب :"( ومن سواه يا أخا العرب ، من سواه في قومك يتفجر من جوانبه الحق ، ويخرج النور من بين ثناياه ؟) فهب آخر مذعورا قائلا :"(أراك تعني محمدا ) وهز خباب رأسه قائلا :"( نعم انه هو رسول الله الينا ليخرجنا من الظلمات الى النور ) كلمات أفاق بعدها خباب من غيبوبته وجسمه وعظامه تعاني رضوضا وآلاماودمه ينزف من جسده فكانت هذه هي البداية لعذاب وآلام جديدة قادمة...

            الاضطهاد و الصبر

            وفي استبسال عظيم حمل خباب تبعاته كرائد ، فقد صبر ولم يلن بأيدي الكفار على الرغم من أنهم كانوا يذيقونه أشد ألوان العذاب ، فقد حولوا الحديد الذي بمنزله الى سلاسل وقيود يحمونها بالنار ويلفون جسده بها ، ولكنه صبر واحتسب ، فها هو يحدث :"( شكونا الى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهو متوسد ببرد له في ظل الكعبة ، فقلنا : يا رسول الله ألا تستنصر لنا ؟؟ فجلس -صلى الله عليه وسلم- وقد احمر وجهه وقال :"( قد كان من قبلكم يؤخذ منهم الرجل فيحفر له في الأرض ، ثم يجاء بالمنشار فيجعل فوق رأسه ، ما يصرفه ذلك عن دينه ! وليتمن الله هذا الأمر حتى يسير الراكب من صنعاء الى حضرموت لا يخشى إلا الله عز وجل ، والذئب على غنمه ، ولكنكم تعجلون )وبعد أن سمع خباب ورفاقه هذه الكلمات ، ازدادوا إيمانا وإصرارا على الصبر والتضحية

            أم أنمار

            واستنجد الكفار بأم أنمار ، السيدة التي كان خباب -رضي الله عنه- عبدا لها قبل أن تعتقه ، فأقبلت تأخذ الحديد المحمى وتضعه فوق رأسه ونافوخه ، وخباب يتلوى من الألم ، ولكنه يكظم أنفاسه حتى لايرضي غرور جلاديه ، ومر به الرسول -صلى الله عليه وسلم- والحديد المحمى فوق رأسه ، فطار قلبه رحمة وأسى ، ولكن ماذا يملك أن يفعل له غير أن يثبته ويدعو له :"( اللهم انصر خبابا ) وبعد أيام قليلة نزل بأم أنمار قصاص عاجل ، اذ أنها أصيبت بسعار عصيب وغريب جعلها -كما يقولون- تعوي مثل الكلاب ، وكان علاجها أن يكوى رأسها بالنار !!

            خدمة الدين
            لم يكتف -رضي الله عنه- في الأيام الأولى بالعبادة والصلاة ، بل كان يقصد بيوت المسلمين الذين يكتمون إسلامهم خوفا من المشركين ، فيقرأ معهم القرآن ويعلمهم إياه ، فقد نبغ الخباب بدراسة القرآن أية أية ، حتى اعتبره الكثيرون ومنهم عبدالله بن مسعود مرجعا للقرآن حفظا ودراسة ، وهو الذي كان يعلم القرآن لفاطمة بنت الخطاب وزوجها سعيد بن زيد عندما فاجأهم عمر بن الخطاب متقلدا سيفه الذي خرج به ليصفي حسابه مع الإسلام ورسوله لكنه لم يكد يتلو القرآن المسطور في الصحيفة حتى صاح صيحته المباركة :"( دلوني على محمد )

            وسمع خباب كلمات عمر ، فخرج من مخبئه وصاح :"( يا عمر والله إني لأرجو أن يكون الله قد خصك بدعوة نبيه -صلى الله عليه وسلم- ، فإني سمعته بالأمس يقول :"( اللهم أيد الإسلام بأحب الرجلين إليك ، أبي الحكم بن هشام ، وعمر بن الخطاب ) فسأله عمر من فوره :"( وأين أجد الرسول الآن يا خباب ؟)وأجاب خباب :"( عند الصفا في دار الأرقم بن أبي الأرقم )فمضى عمر الى مصيره العظيم

            الدَّيْن

            كان خباب رجلاً قَيْناً ، وكان له على العاص بن وائل دَيْنٌ ، فأتاه يتقاضاه ، فقال العاص :"( لن أقضيَكَ حتى تكفر بمحمد )فقال خباب :"( لن أكفر به حتى تموتَ ثم تُبْعَثَ ) قال العاص :"( إني لمبعوث من بعد الموت ؟! فسوف أقضيكَ إذا رجعتُ إلى مالٍ وولدٍ ؟!)فنزلت الآية الكريمة:"(

            فنزل فيه قوله تعالى :"( أفَرَأيْتَ الذَي كَفَرَ بِآياتنا وقال لأوتَيَنَّ مَالاً وَوَلَداً ، أَطَّلَعَ الغَيْبَ أمِ اتَّخَذَ عند الرحمنِ عَهْداً ، كلاّ سَنَكتُبُ ما يقول ونَمُدُّ له من العذاب مَدّا ، َنَرِثُهُ ما يقولُ ويَأتينا فرداً ")
            سورة مريم (آية 77 إلى آية 80 )

            جهاده

            شهد خباب بن الأرت جميع الغزوات مع الرسول -صلى الله عليه وسلم-وعاش عمره حفيظاً على إيمانه000يقول خباب :"( لقد رأيتني مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ما أملك ديناراً ولا درهماً ، وإنّ في ناحية بيتي في تابوتي لأربعين ألف وافٍ ، ولقد خشيت الله أن تكون قد عُجّلتْ لنا طيّباتنا في حياتنا الدنيا )

            عهد الخلافة

            عندما فاض بيت مال المسلمين بالمال أيام عمر وعثمان -رضي الله عنهما- ، كان لخباب راتب كبير بوصفه من المهاجرين السابقين إلى الإسلام ، فبنى داراً بالكوفة ، وكان يضع ماله في مكان من البيت يعلمه أصحابه ورواده ، وكل من احتاج يذهب ويأخذ منه

            وفاته

            قال له بعض عواده وهو في مرض الموت :"( ابشر يا أبا عبدالله ، فإنك ملاق إخوانك غدا ) فأجابهم وهو يبكي :"( أما إنه ليس بي جزع ، ولكنكم ذكرتموني أقواماً ، وإخواناً مضوا بأجورهم كلها لم ينالوا من الدنيا شيئا ، وإنا بقينا بعدهم حتى نلنا من الدنيا ما لم نجد له موضعاً إلا التراب ) وأشار الى داره المتواضعة التي بناها ، ثم أشار الى المكان الذي فيه أمواله وقال :"( والله ما شددت عليها من خيط ، ولا منعتها عن سائل ) ثم التفت الى كفنه الذي كان قد أعد له ، وكان يراه ترفا وإسرافا وقال ودموعه تسيل :"( انظروا هذا كفني ، لكن حمزة عم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لم يوجد له كفن يوم استشهد إلا بردة ملحاء ، إذا جعلت على رأسه قلصت عن قدميه ، وإذا جعلت على قدميه قلصت عن رأسه )

            ومات -رضي اللـه عنه-في السنة السابعة والثلاثين للهجرة مات واحد ممن كان الرسـول -صلى اللـه عليه وسلم- يكرمهم ويفرش لهم رداءه ويقول :"( أهلاً بمن أوصاني بهم ربي ) وهو أول من دُفِنَ بظهر الكوفة من الصحابة

            قال زيد بن وهب :"( سِرْنا مع علي حين رجع من صفّين ، حتى إذا كان عند باب الكوفة إذْ نحن بقبور سبعة عن أيماننا ، فقال :"( ما هذه القبور ؟) فقالوا :"( يا أمير المؤمنين إنّ خباب بن الأرت توفي بعد مخرجك إلى صفين ، فأوصى أن يدفن في ظاهر الكوفة ، وكان الناس إنّما يدفنون موتاهم في أفنيتهم ، وعلى أبواب دورهم ، فلمّا رأوا خباباً أوصى أن يدفن بالظهر ، دفن الناس ) فقال علي بن أبي طالب :"( رحم الله خباباً أسلم راغباً وهاجر طائعاً ، وعاش مجاهداً ، وابتلي في جسمه ، ولن يضيعَ الله أجرَ مَنْ أحسنَ عملاً ) ثم دنا من قبورهم فقال :"( السلام عليكم يا أهل الدّيار من المؤمنين والمسلمين ، أنتم لنا سلفٌ فارطٌ ، ونحن لكم تبعٌ عما قليل لاحِقٌ ، اللهم اغفر لنا ولهم وتجاوز بعفوك عنا وعنهم ، طوبى لمن ذكرَ المعاد وعمل للحساب وقنعَ بالكفاف ، وأرضى الله عزَّ وجلَّ )

            رحم الله الصحابي الجليل
            وأدخله فسيح جناته ....
            وإلى لقاء جديد
            إن شاء الله





            تعليق

            يعمل...
            X