الأدب في صورته الدقيقة هو وجه من أوجه التعامل مع ثنائية التقليد والإبداع..لا أحد يستطيع أن يتمرد على التقليد دفعة واحدة ،،وفي المقابل لا أحد بمقدوره أن يتقوقع داخل التقليد، ويستنشق ما استنشقه الآخرون ،دون أن تكون فيه ولو مقدار ذرة من الرغبة في الإبداع ..وبين هذا وذاك يجتهد الناس في إظهار الصورة الوجيهة للأدب؛ كل حسب مقدراته ،وطاقاته، وتاريخه الأدبي أيضا ..لا نشك في أن التقليد يرضع المبدع، ويهدهده في المهد، ويطربه بصنوف الكتابة،ويستهويه بألوان الصور ، ويغريه بضروب كثيرة من التجارب..ثم إننا لا نشك أيضا في أن الأديب، حتى في لحظات التلمذة والأخذ، يسترق النظر إلى مفازات الإشراق ومواطن الفراغ يشرق فيها.. وسرعان ما يعود إلى السبل المعبدة في الكتابة ..وهناك من يخنع لهذه السبل المعبدة والفضاءات المسكوكة في الكتابة فينبغ فيها، ويمهر في ارتياد صورها الأسلوبية ،وشروطها التداولية،، ويقنع بهذا الأمر دون أن يدرك أن الإبداع يكمن خلف قضبان اللغة المأهولة ..وكأنني أومئ إلى أن اللغة سجن للمبدع ..أقول نعم إنها تشكل سجنا واختناقا للألى تعودوا على كل صغيرة وكبيرة فيها ،مع أن الكتابة هي ،بشكل من الأشكال ،حرية وتمرد.. ولا أقصد بالحرية أن يقول المبدع ما يريد- وله أن يفعل هذا الأمر- ولكن الحرية هي الابتعاد على كل المجترات والمسكوكات في الاستعمال الأسلوبي للغة.. طبعا أريد الأسلوب العام والأسلوب الخاص أيضا ..
أثار النقاد التقليد والإبداع بمسميات متعددة بدءا بعمود القصيدة، والمعارضة ،والسرقات الأدبية،، مرورا بالقاعدة والانتهاك، وانتهاء بمواطن التحديد ومواطن اللاتحديد..وبقيت الإشكالية عالقة والقطيعة حاصلة بين الكتابة ولغة النقد ..
هناك مسلمة أريد أن أسس عليها كلامي في هذا الباب ، ولا أريد أن يكون كلامي ثقيلا على القارئ المحترم.. وهذه المسلمة اجترها الناس في العديد من المجالات العلمية ..وهي أن الشيء يظهر بنقيضه.. الأسود يعرف بالأبيض.. وبضدها تتبين الأشياء ..يجوز لنا أن نقول وفق هذه المسلمة إن الإبداع إنما يعرف بالتقليد ..أي أن المبدع إذا أراد أن يبدع بإشراق يجب أن يعرف التقليد، ولكي يعرف التقليد جيدا يجب ألا يكتفي بما يقال عن هذا التقليد، بل يجب أن يجرب هو نفسه هذا التقليد.. بعبارة أخرى إذا أراد الشخص أن يكون مبدعا متميزا يجب أن يكون مقلدا متميزا ..وإذا أراد أن يكون مبدعا وسطا يجب أن يكون مقلدا وسطا، وإذا أراد أن يكون مبدعا ضعيفا يجب أن يكون مقلدا ضعيفا ..هكذا نقيس التجارب المختلفة في الكتابة ونفسرها ..والذي استقر أمره في التقليد، وصال وجال في هذا الباب، وتحصلت له السلاسة والطلاقة في ركوب الكلام، واستعادة الصور ،سيأتيه حين من الدهر يضيق فيه ذرعا بعالمه الفني، ويشعر بأنه عالم مسكوك، وأن عليه أن يأتي بالجديد، وأن عليه أن ينفلق بصور غير مألوفة لديه، وتراكيب أنف ،وكلمات غير مأهولة حتى يشعر بالحياة تسري في كيانه الإبداعي.. ويشعر بأنه ضروري في الكتابة وليس شخصا طفيليا ..والذي استقر أمره ،في المقابل ،على الإجهاز على الإبداع المبتسر، وطلق التقليد في المهد، وانسلك في عالم الجدة بشكل متهور، سيخبو فتيله حثيثا، وينطفئ نوره، ويشعر كأنما يسعى إلى الهيجاء بغير سلاح ..ويصمت بعد مضي زمن يسير من الفوضى الزائفة ..لأن أمر الإبداع إنما هو حرية وفوضى منظمة انتهى إليها المبدع بعد أن اكتسحه سيل الإبداع فوجد نفسه يزهر جدة بعد أن اختنق بالنظام والرتابة..
دكتور مصطفى الطوبي
أستاذ مؤهل.. جامعة ابن زهر/ أكادير/ المغرب
أثار النقاد التقليد والإبداع بمسميات متعددة بدءا بعمود القصيدة، والمعارضة ،والسرقات الأدبية،، مرورا بالقاعدة والانتهاك، وانتهاء بمواطن التحديد ومواطن اللاتحديد..وبقيت الإشكالية عالقة والقطيعة حاصلة بين الكتابة ولغة النقد ..
هناك مسلمة أريد أن أسس عليها كلامي في هذا الباب ، ولا أريد أن يكون كلامي ثقيلا على القارئ المحترم.. وهذه المسلمة اجترها الناس في العديد من المجالات العلمية ..وهي أن الشيء يظهر بنقيضه.. الأسود يعرف بالأبيض.. وبضدها تتبين الأشياء ..يجوز لنا أن نقول وفق هذه المسلمة إن الإبداع إنما يعرف بالتقليد ..أي أن المبدع إذا أراد أن يبدع بإشراق يجب أن يعرف التقليد، ولكي يعرف التقليد جيدا يجب ألا يكتفي بما يقال عن هذا التقليد، بل يجب أن يجرب هو نفسه هذا التقليد.. بعبارة أخرى إذا أراد الشخص أن يكون مبدعا متميزا يجب أن يكون مقلدا متميزا ..وإذا أراد أن يكون مبدعا وسطا يجب أن يكون مقلدا وسطا، وإذا أراد أن يكون مبدعا ضعيفا يجب أن يكون مقلدا ضعيفا ..هكذا نقيس التجارب المختلفة في الكتابة ونفسرها ..والذي استقر أمره في التقليد، وصال وجال في هذا الباب، وتحصلت له السلاسة والطلاقة في ركوب الكلام، واستعادة الصور ،سيأتيه حين من الدهر يضيق فيه ذرعا بعالمه الفني، ويشعر بأنه عالم مسكوك، وأن عليه أن يأتي بالجديد، وأن عليه أن ينفلق بصور غير مألوفة لديه، وتراكيب أنف ،وكلمات غير مأهولة حتى يشعر بالحياة تسري في كيانه الإبداعي.. ويشعر بأنه ضروري في الكتابة وليس شخصا طفيليا ..والذي استقر أمره ،في المقابل ،على الإجهاز على الإبداع المبتسر، وطلق التقليد في المهد، وانسلك في عالم الجدة بشكل متهور، سيخبو فتيله حثيثا، وينطفئ نوره، ويشعر كأنما يسعى إلى الهيجاء بغير سلاح ..ويصمت بعد مضي زمن يسير من الفوضى الزائفة ..لأن أمر الإبداع إنما هو حرية وفوضى منظمة انتهى إليها المبدع بعد أن اكتسحه سيل الإبداع فوجد نفسه يزهر جدة بعد أن اختنق بالنظام والرتابة..
دكتور مصطفى الطوبي
أستاذ مؤهل.. جامعة ابن زهر/ أكادير/ المغرب
تعليق