[frame="1 98"] اللوحة السوداء
قصة قصيرة بقلم فؤاد الجيلاني
ثمة إحساس أوحى له اختيار هذا المكان ، هاوية لا قرار لها قاءت به هنا ، إحساس بالأمان من نوائب الدهر وتقلبات الحال قاده نحو ه ، سطرت خطى قدميه وسيرت جسده المنهك يعد طول سير نحو المجهول ، عيناه الزائغتان أرست أشرعتها الممزقة على لوحة سوداء ترتدي ثوب ابيض كتب عليها ( الشرطة في خدمة الشعب) عبر بجسده المتصدع بوابة المكان الذي تتوالد بداخله عشرات الأمكنة وتمتلئ بأطياف مخلوقات يفترض أن نسميها بشرا ، لملم شتاته المرتجف بردا وضياعا ، انتقى غرفة ، ولج إليها وتهالك على اقرب كرسي قابله .
رمقه الضابط المسئول بنظرات فاحصة ، تأمل شعره المجعد وقميصه الرث المتسخ ، عيناه الحائرتان .......... قطع تأمله صوت الجسد الملقى أمامه بترنيمته الجنائزية
- أنا قاتل ...؟؟؟؟؟؟؟
الحدث - الاعتراف بحد ذاته أمر طبيعي بالنسبة للضابط ، ولكن ما ميزه هو صاحب الجسد الذي حضر للاعتراف بأمر خطير كهذا وليس في هيئته ما يوحي بقدرته على ارتكاب جريمة خطيرة كهذه التي قدم إليه ليعترف بارتكابها ، لم يقاطعه بل أومأ له بحركة تدل على أنه يستمع إليه .
- ذات ليلة كانت السماء قد خلعت ثوبها المرصع بالنجوم وارتدت ثوبا قاتما وانتشت بالبكاء مطرا غزيرا ، قارنها صرخات الأنين في البيت المجاور لنا ، أعقبها زغاريد تبشر بميلاد ( ليلى) وكنت حينها ما أزال في المهد صبيا ، نسكن في حي فقير أسر متحابة ، قد تكون حياتنا هشة و هامشيين ، لا نجد لنا مكان شاغر في وظائف الحكومة وكأننا لسنا من بنيها ، ليس لنا قريب أو سند ولا تنظر إلينا إلا أيام الانتخابات حينها فقط تملأ بطوننا بفتات ما رماه مترفيها ، فنلهث كحيوانات جائعة ترمي إلينا اللقيمات بحذر وتحديد لا يزيد عن مقدار حدد مسبقا.
نضطر للبحث عن مهن حقيرة تسحقنا وتدمر أحلامنا الوردية وبهذا نبقى أسرى بوتقة الجوع والحاجة والفقر ، ارتبطت بليلى ، كبرنا معا حتى قهرتنا عاصفة الشتات ، أصاب والدي العجز والدي الذي كان بالكاد يؤمن لنا ما يسد عوزنا إنا وأمي وأختين ، اضطررت لترك الدراسة والعمل بدلا عنه واتسمت حياتي بشقاء ما هونه إلا حبي لليلى وأملي بأنني سوف أتوج هذا الحب بزواجي منها وأملى بأنه سوف يجمعنا ذات يوم مكان واحد .
فجاءه تغير وجهه وأكفهر وهو يكمل :-
لكن والدها الحقير كان عقبة هذا الحلم ، كان بخيلا جشعا كلما مددت معه جسرا للتواصل هدمه بمطالب لا تنتهي ، دمر حياتنا العامرة بالحب وأصدر حكما بإعدامي يوم أن قبل بأول رجل تقدم إليه طالبا يد أبنته .. لماذا !!!!!؟؟؟؟؟
لأنه يمتلك مقومات لا املكها ، ذهبت إليه رجونه ، توسلت إليه راجيا أن يرحمني ويترأف بنا ، لكنه أصر وكان جبارا عتبا . أصر على رفضه وعناده وأيضا طردني وهددني بالقتل أن عدت إليه أرجوه في هذا الأمر .تلبسني الشتات وصار يسكنني ، انخلع إحساسي بالواقع وتلاشيت في غبار الأزقة والشوارع اياما وليال ، وحين راودني شوق المكان عدت إلى هناك وترصدته ومع أول ضوء انبثق يبشر بميلاد يوم جديد كانت سكيني تعلن أفول نجم مخلوق حقير وواريت بيدي هاتين جثمانه تحت الثرى.
- أين واريت الجثة ؟
- هناك .. في البعيد .
- خذني إليه .
أنتقل مع الضابط إلى حيث زعم أنه موقع الجريمة ، كان المكان بعيد ونائي وهناك أشار للضابط إلى مكان ما ، وعلى الفور أمر الضابط بالحفر لاستخراج الجثة ولكن لم يعثر على شيء لمحه الضابط بنضرة استغراب متسائلة ، فأعتذر وأشار إلى مكان أخر ، وأخر ، ولكن لم يعثر على شيء حتى نفذ صبر الضابط وواجهه بصفعة قوية جعلت جسده المتراخي يترنح ويسقط في فراغ لا متناهي فاقدا حسه بالزمان والمكان.
مضت أيام استخدم فيها الضابط كل وسائل الإعترف ولكنها لم تجدي نفعا فقد كان دائما ما يدلي باعترافات خاطئة وكل تحرياته لمعرفة هويته كانت قد فشلت .
لغز محير أقط مضجع الضابط ،أرقه أياما طوال ......................
ذات صباح تبرز معظم الصحف صورة ذلك الرجل وحوله لوحة سوداء كتب عليها
(( صاحب هذه الصورة مختل عقليا وقد ظل عن منزله منذ عدة أيام ، فعلى من يجده.............)[/frame]
قصة قصيرة بقلم فؤاد الجيلاني
ثمة إحساس أوحى له اختيار هذا المكان ، هاوية لا قرار لها قاءت به هنا ، إحساس بالأمان من نوائب الدهر وتقلبات الحال قاده نحو ه ، سطرت خطى قدميه وسيرت جسده المنهك يعد طول سير نحو المجهول ، عيناه الزائغتان أرست أشرعتها الممزقة على لوحة سوداء ترتدي ثوب ابيض كتب عليها ( الشرطة في خدمة الشعب) عبر بجسده المتصدع بوابة المكان الذي تتوالد بداخله عشرات الأمكنة وتمتلئ بأطياف مخلوقات يفترض أن نسميها بشرا ، لملم شتاته المرتجف بردا وضياعا ، انتقى غرفة ، ولج إليها وتهالك على اقرب كرسي قابله .
رمقه الضابط المسئول بنظرات فاحصة ، تأمل شعره المجعد وقميصه الرث المتسخ ، عيناه الحائرتان .......... قطع تأمله صوت الجسد الملقى أمامه بترنيمته الجنائزية
- أنا قاتل ...؟؟؟؟؟؟؟
الحدث - الاعتراف بحد ذاته أمر طبيعي بالنسبة للضابط ، ولكن ما ميزه هو صاحب الجسد الذي حضر للاعتراف بأمر خطير كهذا وليس في هيئته ما يوحي بقدرته على ارتكاب جريمة خطيرة كهذه التي قدم إليه ليعترف بارتكابها ، لم يقاطعه بل أومأ له بحركة تدل على أنه يستمع إليه .
- ذات ليلة كانت السماء قد خلعت ثوبها المرصع بالنجوم وارتدت ثوبا قاتما وانتشت بالبكاء مطرا غزيرا ، قارنها صرخات الأنين في البيت المجاور لنا ، أعقبها زغاريد تبشر بميلاد ( ليلى) وكنت حينها ما أزال في المهد صبيا ، نسكن في حي فقير أسر متحابة ، قد تكون حياتنا هشة و هامشيين ، لا نجد لنا مكان شاغر في وظائف الحكومة وكأننا لسنا من بنيها ، ليس لنا قريب أو سند ولا تنظر إلينا إلا أيام الانتخابات حينها فقط تملأ بطوننا بفتات ما رماه مترفيها ، فنلهث كحيوانات جائعة ترمي إلينا اللقيمات بحذر وتحديد لا يزيد عن مقدار حدد مسبقا.
نضطر للبحث عن مهن حقيرة تسحقنا وتدمر أحلامنا الوردية وبهذا نبقى أسرى بوتقة الجوع والحاجة والفقر ، ارتبطت بليلى ، كبرنا معا حتى قهرتنا عاصفة الشتات ، أصاب والدي العجز والدي الذي كان بالكاد يؤمن لنا ما يسد عوزنا إنا وأمي وأختين ، اضطررت لترك الدراسة والعمل بدلا عنه واتسمت حياتي بشقاء ما هونه إلا حبي لليلى وأملي بأنني سوف أتوج هذا الحب بزواجي منها وأملى بأنه سوف يجمعنا ذات يوم مكان واحد .
فجاءه تغير وجهه وأكفهر وهو يكمل :-
لكن والدها الحقير كان عقبة هذا الحلم ، كان بخيلا جشعا كلما مددت معه جسرا للتواصل هدمه بمطالب لا تنتهي ، دمر حياتنا العامرة بالحب وأصدر حكما بإعدامي يوم أن قبل بأول رجل تقدم إليه طالبا يد أبنته .. لماذا !!!!!؟؟؟؟؟
لأنه يمتلك مقومات لا املكها ، ذهبت إليه رجونه ، توسلت إليه راجيا أن يرحمني ويترأف بنا ، لكنه أصر وكان جبارا عتبا . أصر على رفضه وعناده وأيضا طردني وهددني بالقتل أن عدت إليه أرجوه في هذا الأمر .تلبسني الشتات وصار يسكنني ، انخلع إحساسي بالواقع وتلاشيت في غبار الأزقة والشوارع اياما وليال ، وحين راودني شوق المكان عدت إلى هناك وترصدته ومع أول ضوء انبثق يبشر بميلاد يوم جديد كانت سكيني تعلن أفول نجم مخلوق حقير وواريت بيدي هاتين جثمانه تحت الثرى.
- أين واريت الجثة ؟
- هناك .. في البعيد .
- خذني إليه .
أنتقل مع الضابط إلى حيث زعم أنه موقع الجريمة ، كان المكان بعيد ونائي وهناك أشار للضابط إلى مكان ما ، وعلى الفور أمر الضابط بالحفر لاستخراج الجثة ولكن لم يعثر على شيء لمحه الضابط بنضرة استغراب متسائلة ، فأعتذر وأشار إلى مكان أخر ، وأخر ، ولكن لم يعثر على شيء حتى نفذ صبر الضابط وواجهه بصفعة قوية جعلت جسده المتراخي يترنح ويسقط في فراغ لا متناهي فاقدا حسه بالزمان والمكان.
مضت أيام استخدم فيها الضابط كل وسائل الإعترف ولكنها لم تجدي نفعا فقد كان دائما ما يدلي باعترافات خاطئة وكل تحرياته لمعرفة هويته كانت قد فشلت .
لغز محير أقط مضجع الضابط ،أرقه أياما طوال ......................
ذات صباح تبرز معظم الصحف صورة ذلك الرجل وحوله لوحة سوداء كتب عليها
(( صاحب هذه الصورة مختل عقليا وقد ظل عن منزله منذ عدة أيام ، فعلى من يجده.............)[/frame]
تعليق