بين العقلانية والربانية

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • محمد جابري
    أديب وكاتب
    • 30-10-2008
    • 1915

    بين العقلانية والربانية

    بين العقلانية والربانية

    يخوض المرء في غلس الفكر ويلوذ بآراء تتزاوج بين تلك الواضحة المعالم، البينة التعاليم النافذة المرامي، وبين هذه المختلفة أغراضها والمتشعبة سبلها، والتائهة مقاصدها.

    وما الدراسات المستقبلية والتخطيطات الاقتصادية، سواء منها ذات الأجل البعيد، أو المدى القريب ، إلا خرص الخارصين، وتنجيم المنجمين بطرق يسمونها علم الإحصاء،((Statistiques ))وتكذبها الوقائع والأحداث مما يضطر معها دوما للتقويم ومراجعة الفارق بين التقديرات والوقائع، لتقليص فارق تخميناته، وستر باب جهله. مما اضطر بعض الخبراء للقول بأن علم الإحصائيات : هو فن الكذب بالدقة*. وأما العلوم الإنسانية بصفة عامة – ما عدى مناهج البحث- فحدث عن خرافاتها ولا حرج...

    وو" كان الغرب إلى بداية القرن العشرين واثقا بعقلانيته, منتشيا بتجربته وقوته, حيث سمع العقل التنوير( ديكارت, اسبينوزا, كانط, هيكل) الذي تولدت عنه الفلسفة الوضعية, التي كانت تبشر بعصر العلم بعد أن طوت البشرية مرحلتي اللاهوت والفلسفة, سمح هذا العقل بزرع وهم كبير في أوربا وهو أنها قد خلفت وراءها مرة واحدة وإلى الأبد كل همجية وجهل وروحية القرون الوسطى, وإذا بأوربا تتحول فجأة إلى مسرح لأبشع الديكتاتوريات, وتصبح أوربا المتباهية بنفسها فاشية ونازية واستعمارية مرعبة وتندلع حربان عالميتان. وهنا راح فلاسفتها يتساءلون كيف أمكن للعقل أن ينتج اللاعقل وكيف أمكن للتنوير أن يرتد إلى جاهلية ؟ "1

    ولئن تحرر العقل الغربي من خرافات الكنيسة ومن ظلمها وظلامها, فلقد أدرك الغربيون تناقض نتائج ما حصده العقل المجرد سواء من إيجابيات أو من سلبيات. كما اختلفت منطلقاته الفكرية وتعددت دوافعها بين شريفة وسافلة، فضلا عن عنصرية ملتهبة تارة، وباردة أحيان أخر.

    وغريب أمر هذا العقل, أينطلق في تفكيره من أنانيته ؟ أم بفكر اجتماعي ؟ ثم أيكون فكره ارتجاليا أم شاملا لكل جوانب المشكل ؟ أيترك شأنه لكل من هب ودب ؟ أم لابد من طبقة أرستقراطية التفكير ؟ أيفكر بالفكر التليد أم بالفكر القومي والوطني ؟ وما عسى أن يقدم أو يؤخره عند التعارض أو التناقض للفكير الإداري والسياسي والحزبي والقضائي والوطني والقومي؟ و...؟

    ثم أنحتكم إلى عقلي أنا وهو – حسب رأيي – ناضج ؟ أيرضى غيري بعقلي حكما؟ أنرتضي إمام الشيعة وهو معصوم – بحسب نظرهم ؟ – أم برأي البابا وهو معصوم على الأقل في أمور الدين ؟ ترى أترضى بآرائهم اليهود ؟ أو البوذيون أو السنيون من المسلمين ؟ أم السلفيون؟، أم الصوفيون؟ ثم أيرضى عن كل هؤلاء العلمانيون؟ والقوميون؟....

    إنها جولات للعقل في حقول المعرفة, لكن أيها أجدى وأنفع وأيها أضل وأضر ؟ هل مرد ذلك إلى العقل المجرد ؟ أيكشف العقل مساتير الغيب واختراق حجب ما وراء المادة والصعود إلى الملأ الأعلى ؟

    ليس الإشكال في اتخاذ العقلانية مذهبا لكون العقل يرشد للحق، ومن سعى باحثا عن الحق كان محقا، ولو مات دونه، مات على الإسلام؛ إنما الأمر على ما يستبطن في باطن الناس من كيد ومكر وخبث لئلا يتبعوا الحق، ولا يستسلموا له ولو رأوا ما رأى فرعون وسحرته؛ اشتط فرعون غضبا من سجود السحرة لله، بينما استسلم السحرة لرب العالمين وآتوه ساجدين، وصدوا شطحات فرعون صدودا، ووقفوا في وجهه استخفافا وعنادا.

    ومن كوة النور المبين نلمس سبب اختلاف الناس وتفرقهم بعد أن كانوا أمة : {كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ وَأَنْزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ إِلَّا الَّذِينَ أُوتُوهُ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ بَغْياً بَيْنَهُمْ فَهَدَى اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا لِمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِهِ وَاللَّهُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} (البقرة:213).

    وباختلاف القلوب والنيات تختلف المواقف وتتباين بين من ارتاح للفكرة واهتز لها وجاء بأبكار الأفكار على شاكلة الكعاب الأتراب، وبين من لم يلو رأسا، يصده الحرمان، وتلفه المؤاساة، وتأخذ بيده الشفقة، وهكذا يتمذهب الناس ويتخندقون ويتحزبون ويمضون كل على شاكلته، وقد تشعبت بهم السبل.{ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً رَّجُلاً فِيهِ شُرَكَاء مُتَشَاكِسُونَ وَرَجُلاً سَلَماً لِّرَجُلٍ هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلاً الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ} [الزمر : 29].

    وسبيل الحق واحد لا يتعدد وسبل الباطل طرائق قددا...

    فلو أخذت الحداثة أياد متوضئة ذات قلوب سليمة ما أهمها إلا الانصياع لمضمون النص والاسترشاد بهديه بعد البحث والتنقيب والتأكد من الدلالات : { فَبَشِّرْ عِبَادِ (17)الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُولَئِكَ هُمْ أُولُو الْأَلْبَابِ} (الزمر:18).

    أما من كانت طويته فاسدة وبربد تأليه عقله وجعله الحكم الفصل في الحكم على النص فزيغه يهديه سبيل الضلال. لكونه اعتدى على الحق الذي يمثله القرآن دون أن يلم بجوانبه المختلفة، وهو ظلم ؛ إذ الظلم وضع الشيء في غير محله أو في غير إبانه، أو قوله قول زور باطل.

    ما عرف التاريخ من مناهج تغييرية أتت أكلها إلا منهاج الدين ومنهاج الإيديولوجية وإن كان منهاج الإيديولوجية أقل ارتباط بالفكرة، وأسرع تحرر منها إن وجد المتنفس، - انقرضت الشيوعية في الاتحاد السوفييتي لما وجد الناس منها متنفس فتخلصوا من ضغطها وعسعستها على الصدور، ويبحث الغرب اليوم متنفسا وسُلَّما يقيه دروب شره الليبرالية -؛ على عكس رابطة الدين فهي أقوى وأشد وثوقا وأربط جأشا وأثبت عودا وأقوى صلابة ما دام العبد لا يسعى إلا لمرضاة مولاه والله لا يرضى عن كل خلل أو انحراف أو ظلم أو استبداد أو جهل أو فقر.

    وتبقى الرابطة الدينية مجرد مسوح وتعاويذ إن لم يترب المتدين تربية إيمانية تجعله مرتبطا بربه ارتباطا وثيقا ليضحى شمسا تنير الأرجاء، فيطبع ولا ينطبع، ويؤثر ولا يتأثر، وإن لم يستق توجيهاته من مصدرها الرباني ، وإن لم يتقمصها تربية عنيدة، لا غرو أن ينقلب رأسا على عقب ويسقط في أحضان المتربصين به الساعين إلى احتوائه؛ ليذهب مشروعه مع أدراج الرياح، عند أدنى كبوة أخلاقية، أو عندما تحدق مخاطر تشمل الجميع، أو عند منعرج الطريق حيث تعمى الأبصار وتتزاوج المفاهيم وتختلف الآراء وتتناقض التحليلات ويهمن اللونين الأبيض والأسود على الحوار.

    وأنقل هذا الخبر ليستيقن المستيقنون، ويقمع الشاكون المشككون**:

    مادة " الميثالونيدز " – تساعد المرء خفض الكلستروا والتمثيل الغدائي وتقوية القلب وضبط التنفس فضلا عن محاربة أعراض الشيخوخة، ويفرزها المخ البشري تدريجيا بداية من السن 15 حتى سنة 35 من عمر المرء، ثم يقل إفرازها حتى 60 من العمر.

    انهمك فريق بحث ياباني عن هذه المادة السحرية، فلم يعثر عليها إلا في نوعين من النباتات : التين والزيتون، لم يعثر عليها في التين وحده، ولا في الزيتون وحده، بل في دمج كل من التين والزيتون، وبقي سؤال ما هي الكمية التي ينبغي إدراجها من كلا الصنفين ليعطي أفضل إنتاج لهذه المادة؟

    قالم الدكتور طه إبراهيم بإرسال كل ما توصل إليه بحثه في القرآن الكريم من كون الزيتون ذكر ست مرات بصريح العبارة ومرة ضمنيا وأن الزيتون لم يذكر إلا مرة واحدة في القرآن وبعث بهذه الإشارات للفريق الباحث.

    وبعد الأخذ بمقياس سبعة زيتون زائد واحد التين توصلوا إلى الغرض المطلوب. وتأكدوا من وجود هذه المعطيات القرآنية ورجع رئيس الفريق مسلما بعد أن سلموا براءة الاختراع لد. طه إبراهيم.

    فهل بعد عرض للأمور النظرية والتطبيقية نستخلص أن من يمضي بعقل مسدد بالوحي أولى بالاقتداء أم من يمشي مكبا على وجهه يطمئن لكل ما لمع به فكره دون اعتبارات أخر؟.

    وطبعا ننظر إلى المعادلة التالية: العقل + الوحي > العقل وحده

    ومن غير المعقول المراهنة على تسويتها أو نقضها. فهل بان الأمر واتضح؟؟؟
    ---------------------------------
    *. Dissertation Economique Les ABC du Bac, Fenand Natthan 1970
    1- مجلة الوعي المعاصر عدد 6-7 السنة الثانية 1422 مقال لقاسم شعيب تحت عنوان العقل الإسلامي هموم التحرير والتنوير ص173
    ** خبر من الدكتور ظافر العمري في رسالة خاصة.
    http://www.mhammed-jabri.net/
  • mmogy
    كاتب
    • 16-05-2007
    • 11282

    #2
    [ALIGN=CENTER][TABLE1="width:70%;"][CELL="filter:;"][ALIGN=justify]

    أستاذنا الجليل / محمد جابري

    - أعتقد أنه لابد بداية أن نحرر الفرق بين العقل والهوى .. لأن كثيرا من البشر يخلطون بينهما .

    - فالعقل إما غريزي وإما مكتسب

    فالغريزي هو مايولد مع الإنسان في مرحلته الأولى التي تشبه ذاكرة الروم المثبتة من المصنع ابتداء في جهاز الكمبيوتر .. وهو مايمكن أن نطلق الفطرة .. وهذا نراه في الطفل الرضيع كما نراه في الحيوان والطيور والحشرات .. وهو من رحمة الله عزوجل بمخلوقاته .. فالطفل من علمه كيف يمص ثدي أمه ليرضع منها .. ومن علمه البكاء حين يجوع أو يتعرض لأوجاع .. والحيوان الوليد من علمه أن ينظر لأعلى كي يرضع من أمه .. ومن علم الدجاجة أن ترقد على بيضها حتى يفقس .. ومن علم الكتكوت أن ينظر لأسفل حتى يلتقط الحب .. إلى آخر مظاهر هذا العقل الغريزي الذي ينشأ مع بدايات الأنسان بل والحيوان أيضا .. ثم يتطور هذا العقل لدى الطفل المولود شيئا فشيئا حتى يصل الإنسان إلى مرحلة البلوغ .. فيتحول إلى مايعرف العقل بالملكة .. وهو العقل المعني كما يقول صاحب كتاب أدب الدنيا والدين :

    بالْعِلْمُ بِالْمُدْرَكَاتِ الضَّرُورِيَّةِ ... وَذَلِكَ نَوْعَانِ :

    أَحَدُهُمَا : مَا وَقَعَ عَنْ دَرَكِ الْحَوَاسِّ.
    وَالثَّانِي : مَا كَانَ مُبْتَدِئًا فِي النُّفُوسِ .

    - فَأَمَّا مَا كَانَ وَاقِعًا عَنْ دَرَكِ الْحَوَاسِّ ...

    فَمِثْلُ الْمَرْئِيَّاتِ الْمُدْرَكَةِ بِالنَّظَرِ ، وَالاصْوَاتِ الْمُدْرَكَةِ بِالسَّمْعِ ، وَالطُّعُومِ الْمُدْرَكَةِ بِالذَّوْقِ ، وَالرَّوَائِحِ الْمُدْرَكَةِ بِالشَّمِّ ، وَالاجْسَامِ الْمُدْرَكَةِ بِاللَّمْسِ ، فَإِذَا كَانَ الانْسَانُ مِمَّنْ لَوْ أَدْرَكَ بِحَوَاسِّهِ هَذِهِ الاشْيَاءَ ثَبَتَ لَهُ هَذَا النَّوْعُ مِنْ الْعِلْمِ؛ لِأَنَّ خُرُوجَهُ فِي حَالِ تَغْمِيضِ عَيْنَيْهِ مِنْ أَنْ يُدْرِكَ بِهِمَا وَيَعْلَمَ لاَ يُخْرِجُهُ مِنْ أَنْ يَكُونَ كَامِلَ الْعَقْلِ مِنْ حَيْثُ عُلِمَ مِنْ حَالِهِ أَنَّهُ لَوْ أَدْرَكَ لَعَلِمَ .

    - وَأَمَّا مَا كَانَ مُبْتَدِئًا فِي النُّفُوسِ

    فَكَالْعِلْمِ بِأَنَّ الشَّيْءَ لاَ يَخْلُو مِنْ وُجُودٍ أَوْ عَدَمٍ ، وَأَنَّ الْمَوْجُودَ لاَ يَخْلُو مِنْ حُدُوثٍ أَوْ قِدَم ٍ، وَأَنَّ مِنْ الْمُحَالِ اجْتِمَاعَ الضِّدَّيْنِ ، وَأَنَّ الْوَاحِدَ أَقَلُّ مِنْ الاثْنَيْنِ . وَهَذَا النَّوْعُ مِنْ الْعِلْمِ لاَ يَجُوزُ أَنْ يَنْتَفِيَ عَنْ الْعَاقِلِ مَعَ سَلاَمَةِ حَالِهِ ، وَكَمَالِ عَقْلِهِ


    - فَإِذَا صَارَ عَالِمًا بِالْمُدْرَكَاتِ الضَّرُورِيَّةِ مِنْ هَذَيْنِ النَّوْعَيْنِ فَهُوَ كَامِلُ الْعَقْلِ وَسُمِّيَ بِذَلِكَ تَشْبِيهًا بِعَقْلِ النَّاقَةِ ؛ لِأَنَّ الْعَقْلَ يَمْنَعُ الانْسَانَ مِنْ الاقْدَامِ عَلَى شَهَوَاتِهِ إذَا قَبُحَتْ ، كَمَا يَمْنَعُ الْعَقْلُ النَّاقَةَ مِنْ الشُّرُودِ إذَا نَفَرَتْ.


    - ثم يتطور هذا العقل المسمى ( العقل بالملكة ) بعد اكتمال هذه الإدراكات كلها .. إلى مرحلة يسميها الفلاسفة ( العقل بالفعل ) وهي المرحلة التي تدرك عندها هذه الملكة .. النظريات التي تتعلق بالضروريات العقلية ، وتكون لديها القدرة على استحضارها متى شاءت من غير تجشم كسب جديد .. كاستعداد القادر على الكتابة متى شاء ، وإن لم يكتب بالفعل .

    - ثم تتطور هذه الملكة وتصبح هذه النظريات والعلم بالضروريات .. حاضرة عندها ومشاهدة لها .. إلى مايعرف
    ( بالعقل المستفاد ) .


    - هذا هو العقل الغريزي الذي يمر كما أوضحنا بمراحل أربعة .. يبدأ فيها التكليف عند المرحلة الثانية .. أي عندما تستكمل الملكة التى عندها يدرك الإنسان كل المدركات التى تحيط به .. ويدخل فى مرحلتي التحصيل العلمي والتفكير .


    - وأما العقل المكتسب فهو مضاد الهوى .. وهو مناط الحكم على الإنسان بالهدى أو الضلال .. الرشاد أو الغي .. وهو الذي يرتبط ارتباطا وثيقا بما تفضلت بطرحه هنــا .


    وهنــا أعيد ماسبق وأن كتبته في قسم أدب الدنيا والدين حيث قلت :

    توقفت كثيرا عند قوله تعالى :

    ( وقالوا لو كنا نسمع أو نعقل ماكنا في أصحاب السعير )

    رغم أن فيهم علماء في شتى صنوف العلم .. ومفكرين في شتي صنوف المعرفة .. فيهم علماء ذرة وأطباء ومهندسين وكتاب وعلماء دين وووو ... ومع كل ذلك سيصرخون يوم القيامة ندما .. قائلين

    لو كنا نسمع أو نعقل

    فهل هؤلاء رغم ماحصلوه من صنوف العلم والمعرفة .. ليسوا عقلاء ؟؟؟
    كيف لنا أن نفهم ذلك ؟؟؟؟

    والنساء يصفهن النبي المعصوم صلى الله عليه وسلم بأنهن ناقصات عقل ودين

    رغم أن فيهن عالمات ومفكرات وكاتبات وأديبات .. في شتى صنوف العلم .. والمعرفة

    ومع ذلك يصفهن الصادق المصدوق بأنهن ناقصات عقل ؟؟

    أعتقد أن الإجابة على هذه الإشكالية أصبحت بعد ماقدمناه هنــا واضحة تماما .

    فهؤلاء رجالا ونساء.. قد حصلوا العلوم وصنوف المعرفة بعقولهم الغريزية .. والتي يتفاوت فيها الناس حسب الخلقة وحسب ما هم ميسرون له .. وفاقد هذا العقل مجنون أو غبي أو معتوه .


    لكن كم واحد من هؤلاء الذين استخدموا عقلهم الغريزي في تحصيل العلوم .. قد عقل عقله ومنعه من الهوى ومن الغواية ومن اتخاذ القرار السليم ؟؟
    كم من هؤلاء العلماءوالمفكرين قد نظروا إلى الحياة الدنيا على حقيقتها وسبروا أغوارها وتشكلت لديهم صورة كامله حول البدهيات الكونية من البداية إلى النهاية ؟؟
    كم من هؤلاء علم أن لهذا الكون خالق .. وأن هذا الخالق سبحانه وتعالى رحمن رحيم ملك قدروس قوي متين عالم الغيب والشهادة سميع بصير إلأى آخر اسماءالله وصفاته جل في علاه ؟

    وكم من هؤلاء الذين علموا عن خالقهم كل هذا .. قد عقل عقله ومنعه من الغواية والفتنة والضلال والكفر والظلم بشتى أنواعه والهبوط إلى مدارك الحيوانية والبهيمية والفرعونية والقارونية وكل الصفات الذميمة ؟؟

    كم من النساء اللائي وصلن إلى أعلى الدرجات الوظيفية والعلمية والإجتماعية .. قد عقلن عقلهن ومنعهن من الغواية والقتنة ومخاطبة الغرائز واتباع الهوى وأحاديث الغيبة والنميمة والأيقاع بين الناس وووو إلى آخره .

    هذا هو العقل المكتسب .. الذي يستحق صاحبه لقب مفكر .. فالمفكر غير العالم وغير الكاتب وغير الأديب .. فليس كل عالم مفكر .. وليس كل كاتب مفكر .. وليس كل أديب مفكر .. بل المفكر هو من يستجمع الكون كله بين عينيه كلوحة فنية متكاملة الأركان والمعالم واضحة الألوان .. المفكر هو صاحب العقل المكتسب الذي لانظر تحت قدميه فقط .. ولاينظر إلى جزء من الصورة الكونية ولا يعيش اللحظة الزمنية الآنية .. فيصدر أحكاما خآطئة على كل قضاء الله وقدره في الناس .. هو الذي لايفرح بما أتاه .. ولا يحزن على مافاته .. لآن الصورة الكونية كلها مكتملة أمامه .. فيعلم أن القصة لم تنتهي بعد .. وأن هناك فصولا تتلوها فصول إلى أن يشاء الله عزوجل ويقضي بين العباد يوم القيامة .

    فلا الفقر يجب أن ينسينا
    ولا الغنى يجب أن يطغينا

    أو كما قال النبي صلى الله عليه وسلم

    عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ..بادروا بالأعمال سبعًا، هل تنتظرون إلا فقرًا مُنسيًا، أو غنى ‏مُطغيًا، ‏أو مرضًا مُفسدًا، أو ‏هرمًا ‏مُفندًا، ‏أو موتًا مُجهزًا، أو ‏الدجال ‏فشر غائب يُنتظر، أو الساعة فالساعة أدهى وأمر.. رواه الترمذي وقال حديث حسن


    والعقل لم يرد في كتاب الله كاسم مصدر ابدا .. وانما كفعل .. يعقلون .. يعقل .. وما يعقلها .. لأنه ليس كل من له عقل عاقل .. فلذلك تحدث القرآن عن العقل كفعل وليس كآله والله أعلم بمراده .


    هذا العقل المكتسب الذي به نعرف الله ونرى الصورة الكونية كامله .. فنتصرف بحكمة .. ونتخذ قرارنا عن فهم حقيقي واستيعاب .. هذا العقل ينمو ويضمر

    يزيد وينقص

    يزيد ان استعمل
    وينقص إن اهمل



    الآن تعالوا لنتعرف على كيفية تنمية العقل المكتسب الذي به نهاية المعرفة وصحة السياسة واصابة الفكرة .. العقل المكتسب الذي به نعرف الله حق المعرفة ونؤمن به على الوجه الذي يستحقه سبحانه وتعالى .. وندرك به رسالات الهداية والرشاد التي جاء بها الرسل .. العقل المكتسب الذي به ننهى أنفسنا عن الهوى والغواية واتباع الباطل ..العقل المكتسب الذي به نتخذ القرار السليم في شتى مناحي الحياة .. بما يحقق لنا خيري الدنيا والآخرة .


    وأعداء العقل المكتسب التي تحول بينه وبين اكتماله في بني البشر
    هي

    ( موانع الهوى واستيلاء الشهوة )

    وموانع الهوى التي
    تمنع من نمائه وزيادته .. وهي

    استبداد الأنسان برأيه

    واعجابه بمذهبه

    وترك السؤال مخافة لحوق العار

    وعدم الرغبة لمجالسة العلماء ونحو ذلك

    ومما يزيد العقل في الإنسان ويجعله اكثر رشدا في سلوكه ودينه .. واكثر صوابا في اتخاذ قراره


    التجارب .. تجارب العقلاء والتي تثمر عن الحكمة والعفة والعدالة والشجاعة .. ونتيجة ذلك كله .. صحة السياسة واصابة الفكرة .. وجزاؤه الذكر الجميل في دنياه وبعد مماته .


    وكل ذلك إنما يأتي بالتخلق بآداب الشريعة كلها .. فبمقدار التمسك بها يكتمل عقل الإنسان رجلا كان أم امرأة .. وبمقدار الإبتعاد عنها والنفور منها ينقص عقل الأنسان .. رجلا كان أم امرأة .




    والعقل مناط التكليف في الشريعة .. ولكنه لايستقل بإنشاء حكم جديد مبتوت الصلة بالوحي ..

    وهو كما يقول ابن الجوزي من أصعب التكاليف التي كلف الله بها عباده أن يتعبدوا بها .. لأن العقل قد يرى من عجائب تصريف الله عزوجل في خلقه من أمور قد خفيت حكمتها عن أعقل العقلاء فيجد العاقل صعوبة ومشقة كبيرة في التعبد لله بما يخالف عقله وفهمه لطبيعة الأمور وهو ما عبر عنه ابن الرواندي أحد زنادقة الإسلام بقوله :
    سبحان من أنزل الأيام منزلها = وصير الناس مرموقا ومرفوضا
    فعاقل فطن أعيت مذاهبه = وجاهل خرق تلقاه مرزوقا
    كأنه من خليج البحر مغترف = ولم يكن بارتزاق القوت محقوقا
    هذا الذي ترك الألباب حائرة = وصير العاقل النحرير زنديقا


    والعقل هو أحد الأسامي الأربعة التي حيرت العلماء .. وهي العقل والروح والنفس والقلب .. من حيث اشتراكها في معنى واحد هو تلك اللطيفة الربانية التي لايعلم سرها إلا الله عزوجل وهو التي بها يستطيع الحكم على الأشياء بالصحة والفساد مهما أفتى المفتون .. ولذلك قال المصطفى صلى الله عليه وسلم استفت قلبك وإن أفتاك الناس وأفتوك .

    أعتذر للإطالة عليك وتقبل تحياتي [/ALIGN]
    [/CELL][/TABLE1][/ALIGN]
    إنْ أبْطـَأتْ غـَارَةُ الأرْحَامِ وابْـتـَعـَدَتْ، فـَأقـْرَبُ الشيءِ مِنـَّا غـَارَةُ اللهِ
    يا غـَارَةَ اللهِ جـِدّي السـَّيـْرَ مُسْرِعَة في حَلِّ عُـقـْدَتـِنـَا يَا غـَارَةَ اللهِ
    عَدَتِ العَادونَ وَجَارُوا، وَرَجَوْنـَا اللهَ مُجـيراً
    وَكـَفـَى باللهِ وَلـِيـَّا، وَكـَفـَى باللهِ نـَصِيراً.
    وَحَسْبُنَا اللهُ وَنِعْمَ الوكيلُ, وَلا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلاّ بِاللهِ العَلِيِّ العَظِيمِ.

    تعليق

    • حسين ليشوري
      طويلب علم، مستشار أدبي.
      • 06-12-2008
      • 8016

      #3
      [align=justify]الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات.
      {أفرأيت من اتخذ إلهه هواه} (آية قرآنية)
      "لن يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعا لما جئت به" (حديث شريف)
      "موافقة صحيح المنقول لصريح المعقول" (عنوان كتاب لشيخ الإسلام أحمد بن تيمية).
      أستاذنا المبجل محمد جابري تحية ود و تقدير.
      إن العقل الصريح الخالي من الأهواء لايمكنه إلا اتباع النص الصحيح، أما العقول المعقولة بالأهواء الضالة المضلة لا يمكنها أن تهتدي إلا عندما تدمغ بالدليل القاطع و البرهان الساطع.
      هذه مداخلة سريعة أحببت إثباتها لأعلمك أنني هنا فقط.
      تحيتي و مودتي.
      لازلت في حاجة ماسة لدعائك لي فلا تنسني ![/align]
      sigpic
      (رسم نور الدين محساس)
      (رسّام بجريدة المساء الجزائرية 1988)

      "القلم المعاند"
      (قلمي هذا أم هو ألمي ؟)
      "رجوت قلمي أن يكتب فأبى، مُصِرًّا، إلاَّ عِنادا
      و بالرَّفض قابل رجائي و في الصَّمت تمــادى"

      تعليق

      • أبو صالح
        أديب وكاتب
        • 22-02-2008
        • 3090

        #4
        المشاركة الأصلية بواسطة حسين ليشوري مشاهدة المشاركة
        [align=justify]الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات.
        {أفرأيت من اتخذ إلهه هواه} (آية قرآنية)
        "لن يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعا لما جئت به" (حديث شريف)
        "موافقة صحيح المنقول لصريح المعقول" (عنوان كتاب شيخ الإسلام أحمد بن تيمية).
        أستاذنا المبجل محمد جابري تحية ود و تقدير.
        إن العقل الصريح الخالي من الأهواء لايمكنه إلا اتباع النص الصحيح، أما العقول المعقولة بالأهواء الضالة المضلة لا يمكنها أن تهتدي إلا عندما تدمغ بالدليل القاطع و البرهان الساطع.
        هذه مداخلة سريعة أحببت إثباتها لأعلمك أنني هنا فقط.
        تحيتي و مودتي.
        لازلت في حاجة ماسة لدعائك لي فلا تنسني ![/align]

        تعليق

        • حسين ليشوري
          طويلب علم، مستشار أدبي.
          • 06-12-2008
          • 8016

          #5
          المشاركة الأصلية بواسطة أبو صالح مشاهدة المشاركة


          شكرا، شكرا، شكرا !

          sigpic
          (رسم نور الدين محساس)
          (رسّام بجريدة المساء الجزائرية 1988)

          "القلم المعاند"
          (قلمي هذا أم هو ألمي ؟)
          "رجوت قلمي أن يكتب فأبى، مُصِرًّا، إلاَّ عِنادا
          و بالرَّفض قابل رجائي و في الصَّمت تمــادى"

          تعليق

          • محمد جابري
            أديب وكاتب
            • 30-10-2008
            • 1915

            #6
            عزيزي موجي:
            أكاد أجزم أن المقالات حين تطرح في هذا الملتقى تكاد تكون موضوعا متكامل الأطراف بتعدد المداخلات، وأريد ان أزيد الأمر بعض الوضوح إما تتميما وإما بيانا لما جاء في مداخلتكم:

            1. ناقصات عقل ودين:
            والنساء يصفهن النبي المعصوم صلى الله عليه وسلم بأنهن ناقصات عقل ودين

            رغم أن فيهن عالمات ومفكرات وكاتبات وأديبات .. في شتى صنوف العلم .. والمعرفة

            ومع ذلك يصفهن الصادق المصدوق بأنهن ناقصات عقل ؟؟

            أعتقد أن الإجابة على هذه الإشكالية أصبحت بعد ماقدمناه هنــا واضحة تماما .

            أنقل هنا عن الحبل الرابط: من مقال الأستاذ رشيد كهوس، تحت عنوان القوامة في ميزان العلم الحديث وهي إجابة علمية عن الإشكال بعيدا عن التحليل المنطقي الذي أمدكم الله به،

            في هذا المقال
            فروق بين دماغ الرجل ودماغ المرأة:
            أول الفروق بين دماغ الرجل والمرأة هو الحجم، ذلك أن دماغ الرجل أكثر حجما ووزنا من دماغ المرأة بما يناهز 10 إلى 15%.
            وكان الاعتقاد سائدا بأن هذا الفارق يرجع إلى علاقة الذات الإنسانية بالنسبة لحجم الدماغ، لكن تأكد أن النساء الأكبر حجما حصلن على معدل ضعيف في علاقة دماغ /ذاتي بالنسبة لمن هن أقل منهن حجما، وللتأكد من هذه النتيجة اعتمد الباحث "Anké" مقارنة الرجال والنساء ذوي الطول الواحد، وتبين من خلال هذه الدراسة أن دماغ الرجل يزن 100غرام أكثر من دماغ المرأة.
            ومؤخرا اكتشف باحثون دنماركيون أن الرجال من نفس النموذج لديهم أربع مليارات من neurone corticoux (خلية عصبية) أكثر من النساء.
            -L'hpothalamus : هي المنطقة من الدماغ، التي تتفق عادة على القول بأنها تحتمل اختلافات جنسية، لأنه بالتأكيد مكان مهم يتدخل في اختلاف المواقف الجنسية للرجل والمرأة، إنها حزمة نواة عند قاعدة الدماغ، معروفة منذ أمد طويل بوظيفتها الهامة التي تقوم بها بحيوية عامة: التغذية، النوم، الإنتاج، إلى غير ذلك.
            والذي أثار حفيظة العالم لهذه المنطقة هو تقرير شيمون ليفي في 1991 الذي أثار أن بعض المناطق من (INAH) تختلف أيضا بين الرجال ذوي الشذوذ الجنسي والعاديين. و (L'INAH) هو أصغر بكثير عند المرأة منه عند الرجل، وأيضا أصغر بكثير عند الشواذ جنسيا منه عند العاديين.
            إنه من المنطقي أن نستخلص أن فارق حجم الدماغ له ارتباط بطريقة أو بأخرى بنوعية الجنس للأفراد"([4]).
            ألم تقل هذه الدراسة بلسان حالها أن "هذه الفوارق في تكوين الرجال والنساء لابد أن ينشأ عنها اختلاف في الوظيفة لكل من الرجال والنساء، استجابة للفطرة... ودعاة المساواة المطلقة لا يجدون جوابا أمام هذه الفوارق الواضحة."([5])

            فهل جاء هذا المقال شاهد من أهلها يقول بلسان حاله مع أبي بكر الصديق رضي الله عنه: " إن كان قالها فقد صدق ".

            -----------
            [COLOR="DarkR([4])Magazine Bio- Sciences, N :°7, Mai/ juin 2001, page : 53 et suivantes
            ([5]
            )المرأة وحقوقها السياسية في الإسلام، عبد المجيد الزنداني ص: 26.ed"]
            ---------------


            2. العقل أو الذكاء الحسي: في قولكم
            " فَمِثْلُ الْمَرْئِيَّاتِ الْمُدْرَكَةِ بِالنَّظَرِ ، وَالاصْوَاتِ الْمُدْرَكَةِ بِالسَّمْعِ ، وَالطُّعُومِ الْمُدْرَكَةِ بِالذَّوْقِ ، وَالرَّوَائِحِ الْمُدْرَكَةِ بِالشَّمِّ ، وَالاجْسَامِ الْمُدْرَكَةِ بِاللَّمْسِ ، فَإِذَا كَانَ الانْسَانُ مِمَّنْ لَوْ أَدْرَكَ بِحَوَاسِّهِ هَذِهِ الاشْيَاءَ ثَبَتَ لَهُ هَذَا النَّوْعُ مِنْ الْعِلْمِ؛ لِأَنَّ خُرُوجَهُ فِي حَالِ تَغْمِيضِ عَيْنَيْهِ مِنْ أَنْ يُدْرِكَ بِهِمَا وَيَعْلَمَ لاَ يُخْرِجُهُ مِنْ أَنْ يَكُونَ كَامِلَ الْعَقْلِ مِنْ حَيْثُ عُلِمَ مِنْ حَالِهِ أَنَّهُ لَوْ أَدْرَكَ لَعَلِم ".

            رجعت بي هذه القولة إلى منتصف السبعينات حين كنت أدرس على أحد المعاهد الفرنسية الباريسية C.E.P. ما يتعلق بكمال الشخصية الإنسانية وكيفية استغلال معطياتها الخِلقية.
            فكانت الدراسة تشمل الذكاء السماعي، والذكاء اللمسي، والذكاء الفكري، فضلا عن ذكاء الحواس الخمس وسبل تنمية كل منها.

            ولما رجعت إلى القرآن وجدته شاملا لكل سبل الفكر وطرق استدلاله، بل حتى أصناف تطوير الفكر وتعميق النظر العقلي.

            فكانت المصيبة عظيمة بإهانة ما عندنا وتعظيم ما عندهم.


            3. ورود اسم العقل في القرآن:
            والعقل لم يرد في كتاب الله كاسم مصدر ابدا .. وانما كفعل .. يعقلون .. يعقل .. وما يعقلها .. لأنه ليس كل من له عقل عاقل .. فلذلك تحدث القرآن عن العقل كفعل وليس كآله والله أعلم بمراده .
            صحيح لم يرد في القرآن ذكر لاسم العقل بهذا اللفظ الصريح وإنما ذكر بمرادفات الكلمة:

            مرادفات العقل في القرآن

            والله الذي جعل لكل شيء قدرا، فقد قدر العقل تقديرا، وجاءت سورة كاملة تحمل اسم الحجر وهو العقل الذي يحجر صاحبه، وجاءت مرادفات للعقل تبين فضله منها :

            البصيرة
            {فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَار}(الحشر: من الآية2)
            قوله تعالى: (فاعتبروا يا أولى الابصار) أي أتعظوا يا أصحاب العقول والالباب.
            وقيل: يا من عاين ذلك ببصره، فهو جمع للبصر.ومن جملة الاعتبار هنا أنهم اعتصموا بالحصون من الله فأنزلهم الله منها.ومن وجوهه: أنه سلط عليهم من كان ينصرهم.ومن وجوهه أيضا: أنهم هدموا أموالهم بأيديهم.ومن لم يعتبر بغيره اعتبر في نفسه.
            و بصره الأمر تبصيرا و تبصرة فهمه إياه وقال الأخفش في قوله بصرت بما لم يبصروا به أي علمت ما لم يعلموا به من البصيرة وقال اللحياني بصرت أي أبصرت قال ولغة أخرى بصرت به أبصرته وقال ابن بزرج أبصر إلي أي انظر إلي وقيل أبصر إلي أي التفت إلي و البصيرة الشاهد عن اللحياني وحكي اجعلني بصيرة عليهم بمنزلة الشهيد."

            2- الحجر :
            {هَلْ فِي ذَلِكَ قَسَمٌ لِذِي حِجْرٍ ؟ } (الفجر:5) فأما معنى قوله:( لِذِي حِجْرٍ ) : فإنه لِذِي حِجًي وذِي عقل؛ يقال للرجل إذا كان مالكا نفسه قاهرًا لها ضابطا: إنه لذو حِجْر، ومنه قولهم: حَجَر الحاكم على فلان.

            3- الحلم :
            جاءت في قوله تعالى :
            {أَمْ تَأْمُرُهُمْ أَحْلامُهُمْ بِهَذَا أَمْ هُمْ قَوْمٌ طَاغُونَ}الطور:32) و مجيئ اللفظ " أحلامهم" في مقابل قوم طاغون دل على أن الحلم هو الفهم والأناة والعلم المبني على أسس, والطغيان ما يناقض ذلك, فالكفار لم يحكموا عقولهم إنما حكموا عواطفهم وأهواءهم

            2- الفؤاد :
            { إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً} (الاسراء:36) " والعقل عقلان : ما نسميه عقلا لغة وتعريفا للملكة المشتركة بين البشر ليس هو مسمى العقل في القرآن.
            العقل في القرآن فعل حاسة باطنة في الإنسان تسمى القلب. العقل تلق لحقائق الوحي بواسطة القلب.
            والفقه في القرآن علم ينشأ في باطن الإنسان في قلبه

            3- القلب :
            {أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا}(الحج: من الآية46)

            4- اللب :
            ولكم في القصاص حياة يأولي الألباب لعلكم تتقون [ البقرة : 179]
            واللب العقل الذي فقه سبب وجوده في هذه الحياة الدنيا بما له وما عليه فيها.

            5- النهي :
            - كلوا وارعوا أنعامكم, إن في ذلك لآيات لأولي النهى [ طه : 54]
            - أفلم يهد لهم كم أهلكنا قبلهم من القرون يمشون في مساكنهم إن في ذلك لآيات لأولي النهى [ طه : 128] ومعناها ذوي العقول الصحيحة.

            وترابط العقل بالوحي ينمي قدراته وينشط سبل يقظته الفكرية ويغدي روحه فنستيقظ من سبات بل من موت؛ وصدق الله العظيم {أَوَ مَن كَانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُوراً يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَن مَّثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِّنْهَا كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْكَافِرِينَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ }[الأنعام : 122].
            الأولئك الأحياء الذين هفت نفوسهم وسعت لرضى ربها وأولائك هم أولو الألباب. وهم الربانيون المعنيون في هذا المقال.

            بارك الله في جهودكم

            -----------------------------------
            - تفسير القرطبي - (ج 18 / ص 5)
            - لسان العرب ج: 4 ص: 66
            - تفسير الطبري - (ج 24 / ص 402)جامع بيان غي تأويل القرآن لمحمد بن جرير الطبري، تحقيق أحمد شاكر مؤسسة الرسالة الطبعة الأولى 1420.
            - مفهوم العقل والقلب في القرآن والسنة لمحمدعلي الجوزوي ص : 167دار العلم للملاييت بيروت ط2/1
            http://www.mhammed-jabri.net/

            تعليق

            • محمد جابري
              أديب وكاتب
              • 30-10-2008
              • 1915

              #7
              عزيزي حسن ليشوري؛

              قولكم الذي صفق له حبيبنا أبو صالح " إن العقل الصريح الخالي من الأهواء لايمكنه إلا اتباع النص الصحيح، أما العقول المعقولة بالأهواء الضالة المضلة لا يمكنها أن تهتدي إلا عندما تدمغ بالدليل القاطع و البرهان الساطع." ويستحق أكثر.

              هو ما قلته لأحد المحاورين في هذا الملتقى فأعرض عنه ولوى: " ليس الأمر على تقمص هذه الفكرة أو تلك، بقدر ما هو ينطوي على صدق طوية المرء، أو عدمه.

              فمهما بلغ الاختلاف واحتد، وتفاقمت أزمته واشتدت، إن كانت هناك نيات سليمة تسموا للخير، وتهدف لرأب الصدع، وتسارع في الخيرات، فكيف لا تجد من رب سبحانه وتعالى من عليم خبير توفيقا وتسديدا؟ {إن يُرِيدَا إِصْلاَحاً يُوَفِّقِ اللّهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلِيماً خَبِيراً} [النساء : 35].
              وقانونه عدل مطلق لا ظلم فيه وهو يحدد {لَّيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَن يَعْمَلْ سُوءاً يُجْزَ بِهِ وَلاَ يَجِدْ لَهُ مِن دُونِ اللّهِ وَلِيّاً وَلاَ نَصِيراً} [النساء : 123]."
              حفظكم الله بحفظه، وألهمنا الصواب والرشاد وسدد خطانا وما ذلك على الله بعزيز.
              http://www.mhammed-jabri.net/

              تعليق

              يعمل...
              X