[frame="10 98"]
كاتب ألنت المستهبل..بقلم محمد سليم

فــــي سكون الليل,
ومساكن القرية تغط في نوم سحيق, إلا من ذبذبات الحالمين ونبضات الإنترنت اللعين, انفلتت صرخات مدوية من عقالها,اخترقت جدران القرية بيت تلو البيت..حتى سابت على أثرها رُكب أهل القرية أجمعين,فــ تركوا منازلهم في ارتياع غير مطمئنين ولا آملين بخبر يقين,هرع البعض لأعلى القرية والآخر هبط أسفل السرير,والصدور تعلو وتهبط خوفا وهلعا في سباق محموم, في شهيق بلا مجيب وأكف بلا دليل, يتساءلون..يضربون رؤوسهم وجباههم في حيرة من أي ركن يأتينا هذا العويل بفحيح؟,والعويل بحفرة يمط ويرخى"حبال الوهم الهستيرية"ولا المجاذيب بــ:مستهدف..مستهدف ياهوووووه..مستهدف ياهووو..,
أضناهم البحث؟..أضناهم البحث..ولم يهتدوا إلى الجُحر الملعون,فتركت القرية أعصابها على حوائط الأزقة والحواري والتخوم,وأقترب أهل القرية من حافة الجنون,فـ تساقطوا بالساحة الواسعة حيارى مجتمعين,أخذ كل منهم يهدئ في رأس أخيه,..وبنهاية الدرب وصل شيخ الخفر وعلى الجمع المحتضر وقف,وجيء بالعمدة على عجل كالقضاء والقدر يحرسه مجموعة من الغجر فسلم له الجمع المحتشد مفتاح المقادير.....
فــــي منتصف الساحة,
بدأ العمدة بخلع عمامته,وتحت قدميه وضعها لتحتل مكانه المُعّتبر,ثم وضع يديه تحت عباءته وصعد ؛هرشا في" لبّته"ثم مسحا على"قرعته",وتركهم,و شرخ في رحلة تفكير وتبصير وعلى كفة يديه المبسوطة أنكفئ ,وأخذ ينقر ويُشخبط بسبابته,وأهل القرية في كرب يعمهون,تقفوا أثر عمدتهم؟..تقفوا أثره..وكما فعل فعلوا,و زادوا بحك رؤوسهم وجلودهم من الكاحل حتى المنبت,..وفجأة عاد العمدة منفوخة هامته, وبالعصا ضرب الحجر فانتصبت الرُكب, واشرأبت الأعناق لتستقبل الأمر الجلل..,و بصرامة منقطعة النظير سألهم بتعجب خطير:على إيه..مستهدف على إيه!!,ردوا بضرب الصدور ولطم الخدود:على إيه! " ضربة على الصدر"..ولا مؤاخذة يا عمدة!"..ضربة ع الصدر"..قصدك إيه فهمنا عليه!"ع الصدر"؟,..انتشى العمدة وانتفخت أوداجه بوصلة الزمر والرقع السالفة,ثم طأطأ رأسه العارية حتى لامست حصى الأرض, وبالهراوة أخذ ينقش أرضه ويهرش رأسه, فنكثوا رؤوسهم خلفه,ثم رفع رأسه عاليا إلى السماء, فرفعوا رؤوسهم خلفه,وقف على قدميه..,وقفوا..,فـ قال فيهم بشخطة:على إيه مستهدف على إيه؟,أجابوا: وإحنا أش عرفنا يا بيه!..أش عرفنا أحنا يا بيه ؟,حينئذ..رفع ألعمده كلتا يديه فدخل الغفر بين جناحيه,سألهم سؤال الداهية الوعر.. قولوا لي يا خفر:مستهدف على أيه أبن ألأيه..فيه أيه!,هوى الغفر غفير تلو غفير في بركة الصمت الحزين,..وأهل القرية في ذهول مهيب, تجمد المشهد ؟,..تجمد..وظل العويل يستنجد طالبا الغوث والحماية؛ مستهدف يا خلق هووووو, مستهــ..,والحضور الكريم يتشدّقون بـ:على إيه..يا حسرة عليه !؟........
فــــي عجالة لافتة,
شدّ العمدة أُذن شيخ الغفر وتلذذ بالحلمة ثوان ثم"كورها" ووضع فيها بضع كلمات" بوشوشة..بوشوشة"وعلى أثرها قسّم"شيخ الغفر"المساكين في مجموعات عمل,شارحا الخُطة بتمثيل مُقتدر؛ مجموعة تسير لهوينه الهوينه"محنية الظهر" تجوب الأزقة والحواري في صمت..تضع اليدين على الأُذنين كمكبرات لاقطة للصوت..هكذا,ومجموعة ساكنة على أسطح المنازل وصوامع الغلال..تختبئ بين عيدان
الحطب وأكوام الأذرة لتلتقط دبيب النملة وفحيح الحية..هكذا,ومجموعة هجّامه تنكت البيوت والدور رأسا على عقب..هكذا, للقبض على العويل متلبسا بلباسه النكير..هكذا,ومجموعة من رجال ذوى سرعة تهرول بين المجموعات لتُبلّغ شيخ الغفر ما يُستجد من خبر..وشيخ الغفر هو الوحيد الذي يدخل في أُذن العمدة بالخبر, و..غادروا الساحة لتنفيذ المهام الموكلة..وظل العمدة وحيدا مع بعض نفر,يمصمصون أصابعهم في غيظ بلا ملل ولا كلل؛العمدة يضرب بالعصا:"مستهدف ع أيه ؟" تردد جوقة من "الملاطيش" ضاربة صدورها بثلاث "رقعات متوالية":على أيه..وعلى أيه..يا حسرة عليه!......
وفــــي منتصف الليل البهيم,
أنجلى الأمر المهين,بــ هاهو يا حضرة العمدة بعد بحث مضني"الباشكاتب ألنتّى"..من عقر داره أخرجناه..ومن تحت السرير التقطناه,بشحمه ولحمه وبمكبرات الصوت المخفية والأسلاك اللولبية مالته,والعويل كالأبله,تارة يذرف الدموع بحرارة وأخرى يولول ببرودة صارخا ؛مستهدف يا خلق هووووه من.. ومن.." ومشنة منّات بالنجليزى طبعا"ومن أصحاب الأقلام والمنتديات العربية ",فارت دماء العمدة وارتفعت حرارته..فــ رفع يديه عاليا وعلى خديه لطم..كثير؟..كثير,..حتــــى أجهش الجمع الغفير بالبكاء المرير,..وعندئذ جفف العمدة السيل المُنهمر بذيل جلبابه المُعتبر وقال ؛ كفوا على الخبر ماخور لحين علاج هذا" ألنتّى المأفون" لحين استجوابه في مخالفته قوانين سهر الليالي وإزعاج سكينة الأهالي,..فــ وقف أحدهم بجرأة ورفع أصبعه وقال :عقابه نظير إجرامه؛تغسلوه بماء الورد وتكفنوه, وثان : حمّموه بماء فاتر وملح حصى ثم شطفوه..وعلى نار هادئة جففوه, وثالث:أقطعوا عنه ألنت وأدبوه,ورابع: لبسوه القميص وعلى العصفورية أشحنوه,وعجت الساحة بالهرج والمرج..فهرع شيخ الغفر إلى أُذن العمدة ووضع مشورته:لا بد من حفلة زار ووليمة للأسياد الكبار" بفتة ثوم ومُنبار",انتفخت عباءة العمدة بالحبور والسرور فـ تناول عُمامته على طول,ورفع يديه عاليا وقال: في التو والحال لا بد من طرد الأرواح الخبيثة والأوهام الشريرة من رأس هذا "ألنتّى" المخبول لتنعم القرية بالسكون ......
قُبيل نهاية الليل الطـــويل,
دخل رجل ضخم عريض المنكبين أشيب الشعر بطول مترين"شيخ الفرافير",وتحت قدمي"ألنتّى"جعد مربّع القدمين ,وبدأ يتمتم بأحجية مبهمة,وما أن أتمها حتى دخلت جوقة الدفوف تدور في دوائر..وتدور إيذانا ببدء حلقة الزار الملفوف,وفاحت روائح البخور ودُقت الطبول والدفوف,ودخل أهل القرية في حلقات حلقات مجنونة وصدحت الساحة بالموشحات الهستيرية وبدأت عملية تخليص روح"ألنتّى " المأزوم المستهبل؛
باش كاتب ..يا باش كاتب..
وإللى عليه عفريت راكب ..
يا حسرة عليه ..يا حسره عليه..
نيله عليه ..ألنيله عليه ..
ألنت راكبه من رجليه ..
قول قول مستهبل وألا أيه..
ومع شقشقات الفجرالنادى,
خرجت عيني ألنتّى من محجرهما تطوف على البشر برحلة وداع أسطورية, ثم راح يهذى في آهات وآهات,وعريض المنكبين يكرر عليه:هدئ من روعك بُنى..خذ نفسا عميقا.. هات هات..أهدئ يا بني. وتارة أخرى؛..أدفع يا بني..أقصى ما عندك.. تجلّد يا بني وأصبر, وأخيرا؛ أخرج عريض المنكبين " بنات الأفكار الشيطانية" ووضعها في زجاجة محكمة الغطاء, وعاد يكرر قوله في "ألنتّى":أدفع يا بني ..أدفع يا بني..,وآخر القول؛ صرخ "ألنتّى "صرخة ماتت على أثرها حلقة الزار عن الدوران وسكنت الجموع الغفيرة وشبت الأعناق والأرجل لترى وتسمع هول ما يحدث,والكل يتمنى نفسه بلحظة الخلاص,.. وتم "ملص"عفريت ألنت من بين رجليه أمام ذهول الجميع ,وانبلج ضوء النهار وضجت الساحة بضحِكات وصرخات.....
‏11‏/04‏/2009
ق ق ســــــــــــاخرة[/frame]