أعد لى يدي
كان دائب الحركة والانفعال، يروح و يجىء، ودموع حارة تتهاطل على وجهه، وعتامة تضيّق أمامه مساحة الرؤية، يبتعد، يقترب من المسجى أمامه، بين يدي أمه، ثم بصرخة مكتومة: "لِمَ فعلتَ .. لِمَ .. ؟!".
يطحن يديه فى حائط العنبر، وبقسوة، بينما جسده يهتز بقوة!
لوحت زوجه الطيبة، وهى مفعمة بالوجع ، بوجه ممتقع، ودموع لا تتوقف أبدا: "هس .. هس .. إنه يصحو".
دنا على رفيف روحه، حلق حول الرأس الحبيب، ورائحة المخدر تهف على أنفه، يحط بوجهه على جبهته، يقبله، يحاذر من دموعه، يبتعد قليلا بقلب يرتجف بقوة، يتوه عقله فى تلك اللحظة العجيبة، حين قرر تحت ضغط غيظه، وبشكل لم يسبق له مثيل، أن يقيد يديه عند الرسخين، يقيدهما بشدة، ثم يلقى به فى غرفة المخزن، الملحقة بالمنزل، وهو يصرخ، ويترجاه، ويعده ألا يفعل ما يكره، لكنه صم أذنيه عن سماعه، بل صم قلبه، وأغلق الغرفة، وانصرف دون وخزة ضمير .. حط بجانب السرير، أجهش، تكتم صوته، والمشهد يفترش المكان والوقت : "لا بد من بتر اليدين".
كأنه طعنه بخنجر مسموم : "ما تقول يا دكتور .. هل قلت شيئا؟!".
بحزن ، وهو يحدق فى اليدين بين أصابعه: "الرباط أخي كان صعبا، أدى إلى حجز الدم، وكانت غرغرينا .. قل لى مَن فعل هذا به ..؟ هذه جريمة .. وواجبي إبلاغ السلطات!".
حين أبصرته ينهار تدخلت الزوجة، يتهاوى على الأرض: "كان قد تخلف بالخارج سيدي، ولا ندرى أين كان، وحين أتى كان على هذه الشاكلة".
انسحق تماما، نار تتمدد فى صدره وقلبه، تتسرب إلى كامل جسده . فزع واقفا، المشهد يعاود الظهور، حين عاد من عمله، ووجد ولده يرسم بنشوة، على حوائط المنزل، ويتفنن فى جرح ما تكلف الكثير من المال، وقد سبق التنبيه عليه، ها هو لا يرتدع، ولا يخشى غضبه .. تناثرت ملامح المشهد ، تكسرت هنا وهناك .. فى طول الردهة، وصوت يصرخ: "لم أبو محمد .. لم فعلت .. ما عهدتك قاس إلى حد تركه وحيدا فى غرفة المخزن؟".
جحظت عيناه: "لا بد من تأديبه .. لا بد .. لن يحترمنا فى كبره .. لا بد".
وشهد نفسه يسرع هناك، ويلتقط حبلا مجدولا، ويرتد بسرعة، وهو يقتل الهواء غضبا، يقبض على رسغى الولد، ويجدّل الحبل حولهما ، وهو يجذب ، ويشتد .. يشتد .. الولد يبكى بقسوة، ويراقبه بنظرات خائفة فزعة ..
حطت يد الطبيب على كتفه: "صحا ولدُك .. كن حذراً". أخرجته من المشهد..
اندفع كريح عابرا إلى الداخل، كان بالفعل بين يدي الأم، وحين لقط خيال أبيه، صرخ بفزع كظيم، ودفن وجهه فى حجر أمه: "أين يدى يا أبى ..؟؟ أين هي ..؟؟ أعد لى يدي!"؛ فتساقطت جدران الغرفة تحت وقع اللطمة!!
كان دائب الحركة والانفعال، يروح و يجىء، ودموع حارة تتهاطل على وجهه، وعتامة تضيّق أمامه مساحة الرؤية، يبتعد، يقترب من المسجى أمامه، بين يدي أمه، ثم بصرخة مكتومة: "لِمَ فعلتَ .. لِمَ .. ؟!".
يطحن يديه فى حائط العنبر، وبقسوة، بينما جسده يهتز بقوة!
لوحت زوجه الطيبة، وهى مفعمة بالوجع ، بوجه ممتقع، ودموع لا تتوقف أبدا: "هس .. هس .. إنه يصحو".
دنا على رفيف روحه، حلق حول الرأس الحبيب، ورائحة المخدر تهف على أنفه، يحط بوجهه على جبهته، يقبله، يحاذر من دموعه، يبتعد قليلا بقلب يرتجف بقوة، يتوه عقله فى تلك اللحظة العجيبة، حين قرر تحت ضغط غيظه، وبشكل لم يسبق له مثيل، أن يقيد يديه عند الرسخين، يقيدهما بشدة، ثم يلقى به فى غرفة المخزن، الملحقة بالمنزل، وهو يصرخ، ويترجاه، ويعده ألا يفعل ما يكره، لكنه صم أذنيه عن سماعه، بل صم قلبه، وأغلق الغرفة، وانصرف دون وخزة ضمير .. حط بجانب السرير، أجهش، تكتم صوته، والمشهد يفترش المكان والوقت : "لا بد من بتر اليدين".
كأنه طعنه بخنجر مسموم : "ما تقول يا دكتور .. هل قلت شيئا؟!".
بحزن ، وهو يحدق فى اليدين بين أصابعه: "الرباط أخي كان صعبا، أدى إلى حجز الدم، وكانت غرغرينا .. قل لى مَن فعل هذا به ..؟ هذه جريمة .. وواجبي إبلاغ السلطات!".
حين أبصرته ينهار تدخلت الزوجة، يتهاوى على الأرض: "كان قد تخلف بالخارج سيدي، ولا ندرى أين كان، وحين أتى كان على هذه الشاكلة".
انسحق تماما، نار تتمدد فى صدره وقلبه، تتسرب إلى كامل جسده . فزع واقفا، المشهد يعاود الظهور، حين عاد من عمله، ووجد ولده يرسم بنشوة، على حوائط المنزل، ويتفنن فى جرح ما تكلف الكثير من المال، وقد سبق التنبيه عليه، ها هو لا يرتدع، ولا يخشى غضبه .. تناثرت ملامح المشهد ، تكسرت هنا وهناك .. فى طول الردهة، وصوت يصرخ: "لم أبو محمد .. لم فعلت .. ما عهدتك قاس إلى حد تركه وحيدا فى غرفة المخزن؟".
جحظت عيناه: "لا بد من تأديبه .. لا بد .. لن يحترمنا فى كبره .. لا بد".
وشهد نفسه يسرع هناك، ويلتقط حبلا مجدولا، ويرتد بسرعة، وهو يقتل الهواء غضبا، يقبض على رسغى الولد، ويجدّل الحبل حولهما ، وهو يجذب ، ويشتد .. يشتد .. الولد يبكى بقسوة، ويراقبه بنظرات خائفة فزعة ..
حطت يد الطبيب على كتفه: "صحا ولدُك .. كن حذراً". أخرجته من المشهد..
اندفع كريح عابرا إلى الداخل، كان بالفعل بين يدي الأم، وحين لقط خيال أبيه، صرخ بفزع كظيم، ودفن وجهه فى حجر أمه: "أين يدى يا أبى ..؟؟ أين هي ..؟؟ أعد لى يدي!"؛ فتساقطت جدران الغرفة تحت وقع اللطمة!!
تعليق