فتاة عصريه وشاعر

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • يسري راغب
    أديب وكاتب
    • 22-07-2008
    • 6247

    فتاة عصريه وشاعر

    فتاة عصرية
    --------------
    -1 -

    الطموح علامة من العلامات الإيجابية في شخصية الإنسان , بل إنه المحرك للحياة , والدافع المؤثر للتغيير والتطور الإنساني الدائم ..
    ولا يمكن أن نقول عن كل إنسان في هذه الدنيا طموحا , لأن الطموح لا يولد مع ولادة الإنسان , بل ينمو مع النمو البشري بالتدريج من الطفولة إلى الصبا ثم الشباب ,
    حيث تكون الأحلام في هذه المرحلة من الحياة قوية وعنيفة , وقوة الأحلام وعنفها تتغير من إنسان إلى آخر حسب كفاءته العقلية ..
    والكفاءة العقلية تتفاوت بين الأنماط البشرية فتنحصر بين العقول العادية والعقول الذكية ..
    وما بين هاتين الكفاءتين تعيش الأنماط غير العادية.
    فالإنسان العادي هو من لا يعيش بطموح , ويقضي يومه في كسل وتراخ دائم , ويقبل بالمقسوم ولو كان أقل بكثير من مؤهلاته ..
    أما الإنسان غير العادي فهو الذي يقفز على سنه , ومؤهلاته , ويحقق بالطموح ما لم يحققه أمثاله من الناس ..
    ------------------------
    وحول هذا النمط البشري كانت أحداث قصتنا , عن "نهال" الفتاة التي تبلغ من العمر ثمانية عشر عندما بدأت حياتها العملية كطابعة في إحدي المؤسسات الصحيفة , بالرغم أن ذلك لم يكن في طموحها يوما من الأيام إلا أنها كانت مجبرة على هذا الاختيار تحت ضغط الأحوال , ولم يكن هذا الأمر ليدفعها إلى التقوقع والخذلان , بل وجدت فيه بداية طيبة لحياة عملية جديدة عليها , فاهتمت أن تكون مجدة مجتهدة في عملها , يشيد بها الجميع من أصغر الموظفين إلى أكبرهم ..
    فلفتت االانتباه إليها بجدها واجتهادها وكان أكثر الذين أعجبوا بها من زملائها ورؤسائها , اثنان وهما المدير وزميلها سامر , بالمؤسسة والذي ينظر إليها بحب وإعجاب بالغين , ويداوم على الاهتمام بها والسؤال عنها صباحا ومساء ,
    وكان يقدم لها شحنة عواطفه اتجاهها في قصيدة شعرية عن اسمها ,وقصيدة ثانية عن عينيها وثالثة عن حياتها .. فحرك مشاعرها الأنثوية , وفجر فيها العواطف المكبوتة , لتبدأ في تغيير ملامحها وطريقة ملابسها , بعد أن كانت لا تهتم بالنواحي الجمالية في شخصيتها ,
    ربما عن ثقة بسحر عينيها اللوزيتين ولون بشرتها البرتقاليه ,
    وربما كان ذلك عن قصد منها حتى تلفت النظر لكفاءتها قبل جمالها ,
    وهي بهذا التصرف توحي بأنها فتاة غير عادية , فمن في جمالها يحاولن إثارة الاهتمام بمحاسنهن , أما هي فقد اختارت أن تهمل جمالها وتثير اهتمام الجميع باجتهادها .. وبعد أن تحرك زميلها - سامر - وكتب إليها شعرا من أشعاره العاطفية عنها , فلا بد أن تتأثر وتؤثر على كل زملائها وليس سامر وحده , خاصة أن هذا الإعجاب الصريح المعلن من جانب "سامر" إزائها قد جاء في نفس الوقت الذي رقيت فيه إلى درجة سكرتيرة بدلا من طابعة , حين اكتسبت محبة جميع زملائها في المؤسسة ,
  • يسري راغب
    أديب وكاتب
    • 22-07-2008
    • 6247

    #2
    - 2 -
    في وقت قصير اكتسبت محبة جميع زملائها في المؤسسة , وأصبحت فتاة الأحلام للعديد منهم , ولكنها لم تكن تثق في أحد منهم بل إن عواطفها ومشاعرها كلها كانت متجهة نحو "سامر" .. وهو ما كان يحلم به هو الآخر , لولا عائقا أسياسيا حدث بينهما , جعل من الحب عقدة تريد حلا ..
    فكل شيء في سامر ممتاز وعظيم , فهو مؤهل جامعي , ويكتب الشعر وأخلاقه عالية , يحبها باحترام وتقدير كبيرين , وشكله مريح وظله خفيف , إلا أنه موظف بسيط وتلك هي العقدة , كل ما فيه يوحي بأنه إنسان أفضل من غيره , لكنه كسول ومتقاعس وهي لا تحب الكسل ..
    ولذا فإنها بعد أن حصلت على التقدير الذي تريده في عملها قررت أن تتجاهل سامر وحبه المثالي لها , لأنها تعيش هذا الحب في أعماقها , أما الحب العصري الآخر فلم تعشه وسمعت عنه فقط من زميلاتها المجربات ..
    أنها الأجمل وقادرة على إثارة أكثر الرجال وسامه في هذا العالم ,وسوف تثبت لكل الناس أنها أنثي خطيرة ..
    واختارت في بادئ الأمر صديق إحدى زميلاتها التي كانت تصفها بأنها مثل جدتها بسبب تفانيها في عملها
    وكانت أول تجربة لها انتصرت فيها على صديقتها ولكنها كانت تجربة قاسية عليها لأنها المرة الأولى التي تجرب فيها الحب العصري ففشلت فيها باختيارها هي ,
    ثم وجدت في أحد الموظفين الجدد بالمؤسسة كل الصفات التي تريدها في الفتي الدونجواني " وسيم " فتعرفت إليه وتقربت منه , وجعلته ينسى كل الدنيا معها , وأحست هي براحة بالغة بجواره ,وهي تعيش الحب العصري كما تريده بعيدا عن المثالية والخيال ..
    وبينما هي في حبها لوسيم استيقظت من ذلك الوهم على مهندس يتقدم لخطبتها , وظيفة جيدة ومستقبله مؤمن وكل ما فيه يشجع أي إنسانة غيرها على قبوله زوجا لها إلا أنها رفضته ,
    ورفضته لأنها فتاة غير عادية في تصرفاتها واختارت دائما الطريق الأصعب في حياتها ..
    لقد فكرت حينذاك بسامر وبالحبيب المثالي معه وشعرت بأنه أفضل من يكون زوجا لها , لو أنه مارس حياته بجد واجتهاد أكثر مما هو عليه
    ونظرت إلى حبها العصري مع وسيم وشعرت بعدم الثقة والخوف من الزواج به , رغم إعجابها به ..
    وهنا بدأت تفكر بواقعية في حياتها ,
    فإذا استخدمت عقلها كأي إنسانة عادية فيجب أن تختار المهندس لمستقبلها ,
    أما إذا استخدمت عواطفها فسوف تختار وسيم والمستقبل بالعواطف كله مخاطر,
    وحينما تستخدم عقلها وقلبها فإنها تجد في سامر أنسب شخص لها وهي حائرة ومترددة وترددها هذا يرجع إلى طبيعتها الغير عادية في حياتها ..
    وسامر معجب بذكائها ولكن هل الذكاء يعني أن نقفز على مجتمعنا وتقاليدنا .
    وهل يعني الذكاء أن يكون صاحبه حديثا على لسان الجميع
    ---------------
    فقد وجد سامر إنها تسرف كثيرا في علاقاتها مع زملاء العمل , الذين يغدقون عليها عبارات الثناء والإعجاب الصريح والمكشوف ,
    بل إنه يسمع عن علاقاتها بحسان مدير التحرير على ألسنة جميع الصحفيين في المؤسسة , تراه ماذا يفعل معها وحيدان في مكتبه
    ------------
    وفي يوم تصادف وجوده معها في مكتبها حينما دخل عليهما "حسان" فجأة ووقف ينظر إليهما طويلا
    لم يكترث سامر بنظراته بل وقف يراجع مقالا صغيرا كتبته نهال : فإذا بحسان يقول له :
    أعتقد أنك لو جلست إلى مكتبك أفضل من وقوفك هنا ,
    لقد مررت أمام مكتب نهال منذ نصف ساعة وأنت هنا
    وأحمر وجه "سامر" وجد نفسه يقول لرئيس التحرير :
    أنك مخطئ يا سيدي , فلم يزد وقوفي عن خمس دقائق ,
    ورمقه حسان بنظرة صفراء , دون أن يرد عليه بكلمة واحدة . ودخل مكتبه وهو ينظر إلى سامر نظرة ذات معنى ,
    أسرعت بعدها نهال لتقول لسامر أن يخرج من مكتبها وتركته لتلحق برئيسها ..
    ------------------
    وكانت تلك الحادثة كالقشة التي قصمت ظهر البعير بين سامر ونهال , فجلس حانقا وغاضبا على تصرفها وأمسك بالتلفون ليحدثها , فطلبت منه أن يؤجل الحديث لوقت آخر , لكنه رفض بعناد وأصر على أن يقول لها :
    في اليوم الذي أكون فيه خطيبك سوف تغيرين كل طباعك ,
    بل إني أريد منك أن تغيري طباعك الآن ,
    لا أريد منك أن تحادثي أحدا في أكثر من شؤون العمل ,
    ولا أريد أن أراك تنهضين عن مقعدك لأي مكان ,
    يجب أن تحترمي اسمي وتقدري أنك مقبلة على زواج , تصرفاتك قبل هذا الوقت لا تهمني ولن أحاسبك عليها ,
    ولكني منذ اليوم سأحاسبك على كل تصرف يظهر منك ,
    وتلك التصرفات وحدها التي ستثبتين لي بها أنك تحبينني أولا
    --------------
    فلم تكترث لتحذيره
    وأصابه الذهول منها حائرا مع تلك الفتاة التي لعبت بعواطفه أكثر من عامين لتنهي الأمر معه طرطورا ..
    إنها شقية بائسة , ستدمر نفسها .

    تعليق

    • يسري راغب
      أديب وكاتب
      • 22-07-2008
      • 6247

      #3
      - 3 -
      إنها حرة بعد الآن ولن يهتم بها أو يكترث لها ..
      فالمثالية المفرطة التي يعيشها عقله في دوامة من عدم التوازن مع المجتمع الذي يعيشه وخاصة الفتاة الذكية التي أحبها ولا زال يحبها , فلابد أن يكون أفضل منها لكي يكسر أنفها المكابر معه , فكتب قصة عنها وعن حبه الضائع لها ,الذي فرطت به مع غيره .
      في نفس الوقت كان الشحوب يمد خيوطه على وجه - نهال -والإصفرار والهزال يكسو سخنتها , منذ أن تمت القطيعة بينها وبين سامر و لم يحاول العودة إليها حتى التقى بها عرضا فعاتبته قائلة :
      إنني جد غاضبة عليك لأنك لا تكلمني , هكذا مرة واحدة ..
      فقال :
      رفضتني , فلم احتمل ذلك منك ,
      فأجابته بدلال ..
      أنا لم أرفضك , وتذكر أنك أنت الذي أسأت التصرف معي .. ولا أجد مبررا للقطيعة الكاملة بيننا ألسنا زملاء في العمل
      وتردد للحظات قبل أن يقول لها
      لن أكتفي معك بالزمالة , أريد الحب , أريد حبك ..
      وإجابته وعيناها مصوبة إلى الأرض :
      كنت دائما : أحبك , وأنت غير قادر على أن تفهم
      فقاطعها :
      كان لدي الشعور كاملا بأنني أحبك , ولدي حاسة قوية بأنك تبادليني نفس الشعور , ولكني لم أحب يوما من الأيام أن أرى في عينك مظاهر الندم على ارتباطك بي , وأنا لا أزيد عن صحفي صغير
      فردت عليه بقوة وإيمان :
      لم تكن في يوم من الأيام تهمني الوظيفة ولا الراتب , فأنا موظفة واستطيع مساعدتك في شئون البيت , ولكن شكوكك وغيرتك , وتصرفك الأخير معي جعلني أفقد الإيمان بحبك .. ومسح يديه على وجهه , وهو يتألم .. ثم قال :
      سامحيني فأنا لا أثق بنفسي ولكنني أثق بك , وتلك الثقة الكبيرة فيك تجعلني , أراك بعيدة عني ..
      فأجابته : بهدوء :
      ذلك أيضا ما لا أحبه فيك أيضا , أنك خيالي أكثر مما يجب , لم تتعود الواقعية ..
      وبعد تردد قصير وهو ينظر إلى عينيها الساحرتين :
      هل أنا مخطئ وهل تحبينني كل هذا الحب وأنا لا أعرف , هل أنت جوهرة عظيمة كما تخبرينني الآن وهل كنت غبيا طوال الوقت ..
      فقالت بثقة :
      يؤسفني أن أقرر أنك غبي , وقد كنت أعتقد فيك الذكاء والفطنة , وأنت كاتب قصة ..
      وتصيب العرق من جبينه وسألها متلعثما
      ولكن وضحي لي بصراحة .. وسيم وحسان ..!!
      فقالت : لا شئ بجانبك .
      ---------------------
      إنها فتاة طموحة وأحبته لطموحه
      أنها فتاة غير عادية وأحبته بطريقة غير عادية ,
      أحبته من لاشئ أيضا ,
      أنه لا يزال في بداية طريقه للحياة وليكن صريحا مع نفسه ,
      أنه الناقص أنه المستهتر أنه الغبي ,
      أما هي فعندها المثالية والذكاء والكمال ,
      وكيف له أن يعيدها إليه ,
      لا بد من نجدة إلهية تسعفه
      يدعو الله أن يعيدها إليه ,
      لقد رأى ذلك المهندس يأتى إليها ثلاث مرات خلال ذلك الأسبوع , يعود إليها طالبا قربها ,
      أنه مهندس ناجح دخله الشهري لا يقل عن ألف دينار , فإذا فضلته على المهندس تكون بالفعل فتاة غير عادية ..
      فتاة ليست كفتيات جيلها .. تعيد لهذا العصر رومانسية وشفافية الإنسان

      تعليق

      • يسري راغب
        أديب وكاتب
        • 22-07-2008
        • 6247

        #4
        - 4 -
        لقد أخطأ فى حكمه عليها وهو يكتب قصته وصورها على أنها تبحث عن الطموح مستخدمة ذكائها وجمالها في إذلال الرجال , وكتب نهاية القصة عن جنونها وانهيارها , بعد أن تفشل في الوصول إلى الحقيقة في حياتها ..
        ولكنها عندما قرأت القصة لم تغضب عليه بل قالت بكل ثقة :
        لقد قسوت على بطلة قصتك , لا يمكن أن تكون بهذا الشكل وهي ذكية ..
        وكان جوابه :
        أنها قصة واقعية حقيقية , ولكن خيال المؤلف فيها , إنه مجرد خيال ..
        لقد كذب عليها , بالرغم أنه يشيد بذكائها , ويبرز أنها كانت مؤمنة بشاب متواضع وتصرفها باستهتار لا يدل إلا على الغباء ..
        إذا هو الغبي حتي في كتابة القصة , وخياله مريض مثله تماما .. سيذهب لتغيير نهاية القصة ..
        سيذهب لتغييرها في صالح الفتاة غير العادية , ولتكن القصة باسم "فتاة غير عادية " ..
        أنها تتصرف بأسلوب عصري غير عادي وهي تفضله لمجرد طموحه فقط , لمجرد أنها رأت فيه أصالة لم تجدها في غيره ممن هم أحسن منه ماديا .
        وأعتقد غيبا أنها لا يمكن أن تربط نفسها به لترفض غيره ممن هم أحسن منه حالا , وجلس يكتب فصلا إضافيا وجديدا على قصته , يغطي فيه كل عيوب الفتاة العصرية في الفصول السابقة وليجعلها تنتصر في النهاية على المظاهر الدنيوية , كما هي في حقيقتها تماما ..
        وشعر بالراحة وهو ينهي قصة الفتاة العصرية نهاية سعيدة , بعد أن تشفي من حالة الانهيار التي تصورها فيها ,
        وكان السبب في شفائها هو حبيبها الذي لم يفهم أن كل تصرفاتها مع أولئك المزيفين والمنافقين في الحياة لم يكن إلا لإذلالهم ,
        ونجدها في النهاية تعلن انتصارها عليهم وتتزوج الإنسان المثالي النظيف مثلها وتعلن , ثورتها على كل ألوان المادة في تلك الحياة المزيفة , والتي يتصارع الناس فيها على الملأ
        أنه يصورها شفافة كما عرفها ويصورها عظيمة كما عرفها , ولذلك يعطيها السعادة التي تبحث عنها من خلال الحب كما أرادت واشتهت
        وقد احتاج سبعة أيام ليكتب هذا الفصل ,
        ذهب مسرعا ليعطي منه نسخة " لنهال " ليعرف رأيها .. وجلس ينتظر النتيجة وبعد يوم واحد اتصلت به نهال وأخبرته إنها نهاية ممتازة وطبيعية للقصة تهنئة عليها.

        فقال لها :
        هل توافقين على النهاية في الحياة الواقعية ..
        فأجابته محتدة :
        أرجوك أن تتركني الآن أفكر فيما أنا مقدمة عليه .
        كلماتها خلفت لديه أمل بإمكانية عودتها إليه ..وأشاع السعادة في قلبه ..
        كم هو جميل النجاح .
        وحتى يكون للنجاح طعم ومذاق يجب أن يجب أن تكون فيه
        وهي ملهمته ..
        فهل ستغفر له كل تصرفاته الصبيانية السابقة معها
        ولم ينتظر فكتب إليها رسالة غرامية واقعية يحاول إقناعها فيها بحبه وبأنه الآن بدأ يعرف نفسه وأنها ستكون بجواره أسعد مخلوقة , ما دام الحب سيكون عنوانا لحياتهما , واتصل بها يسألها ردها وبعد تردد ومماطلة من جانبها اتصلت به
        وقالت له : أريد منك شهرا أفكر فيه , وأنت تفكر بجدية .
        وكانت الأيام ثقيلة ومملة وكثيبة , وهو يتردد على مكتبها يسألها ويكرر السؤال عن قرارها فأجابته
        إننى أخترك أنت وفضلتك على جميع من تقدم لي ,
        حتى فى زواجها تعلن بإصرار على أنها إنسانة غير عادية , ولولا أنه هو الآخر إنسان غير عادي ما أحبها كل هذا الحب ..

        تعليق

        • يسري راغب
          أديب وكاتب
          • 22-07-2008
          • 6247

          #5
          [align=center]
          - 5 -
          إنهما اثنان في واحد .
          وعليهما مواجهة الواقع بأسلوبهما فالحياة حياتهما والمستقبل مستقبلهما وهما اللذان يقرران .
          وكان سامر يعيش تلك الأيام حالة من الشرود يردد فيها كلمات يغنيها بينه وبين نفسه قائلا :

          شمس النهار تخشى علي من حب أداريه
          وهي الشمس في طلعتها تخطر علينا ونفسه .
          وكسوف الشمس رسالة الحب الذي أحميه
          وإشراقة الشمس , ملك المحبين
          يا حبا أداريه
          اللحن يضيع والوشم ساعة القيظ لا أغطيه
          والعزف جميل والقلب ساعة
          اللقاء يغنيه
          ويا لصبر العاشق الولهان
          لا أحد يواسيه
          ويا عذاب مريضا بالحب أكتوى
          لا أحد يداويه
          ويا قسوة الأقدار تشكل العليل لا تشفيه ..
          ويا مدينة تعطي البذرة للزروع ولا تعطي لتجنيه ..

          وقد وصل بحالته هذه إلى مرحلة يشك فيها بكل شئ , حتى في نفسه إذا كانت مخلصة لنفسه , ما دام غير قادر على أن يترجم حبه إلى حقيقة , وخياله مع الحبيبة إلى واقع يعيشه معها وبها ولها .. وقد صورت له حالته المريضة أن فتاته أضحت عاشقة لغيره , وتحولت عنه إلى سواه أو هذا ما كان يريد أن يوهم به نفسه بالفعل , واختمرت الفكرة في رأسه وبدأ يفسر كل شئ وكل تصرف لحبيبته على أنه تحول عنه لما سواه حتى أكد لنفسه أنها لغيره وفية .
          ولم تقبل منه تلك الإدعاءات وقالت له : إنه يخاف المسؤولية ويتبعد عنها , ويهرب فكيف يقول عن حبه لها بأنه الحب الأعظم , والحب الأكبر , وهو يخشى أن يحمل فيه جزءآ بسيطا من التعب لم يفعل شيئا سوى أن يضعف ويتخاذل, ويتهرب وإذا قبلت منه الضعف والخذلان , فإنها لن تقبل منه أن يشكك فيها أنها لا تريد حتى لو أتى إليها بقصور العالم ما دام في نفسه ذلك الهروب والضعف .
          فكتب لها قائلا :

          لا تقولوا : الحب لذيذ وفيه القطع والهجر .
          لا تقولوا : الحياة حب وتعلموا ماهية العصر .
          قلت للحبيبة : أنا عندك أسير استعذب الأسر .
          كررت على أذانها : أنت نهاري وليلي .. أنت سري
          رفضتني لأنني لم أجرب يوما عبور البحر ..
          أكرهها تمشي مغرورة على البحر ..
          أكرهها تستلم لسيد استباح قتلى ..
          أحبها , تصلي , وتستجدي الدعوات وقت الظهر
          أحبها وفي عينيها أحاديث عن البساتين الخضر
          احتج على الدنيا , وأهجوها بقصائد الشعر
          واحتج على ضعفي وأمزق أوراقي عن الحب العذري [/align]

          تعليق

          يعمل...
          X