أصيل برائحة المطر ودفق الضوء

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • عبد الحميد شوقي
    عضو الملتقى
    • 11-05-2008
    • 62

    أصيل برائحة المطر ودفق الضوء

    [CENTER]
    أصيل برائحة المطر ودفق الضوء ...


    إلى صديقي إدريس مسناوي
    [/CENTER

    ]
    عبد الحميد شوقي

    [SIZE="4"]
    كأن صوته آت من تجاويف الرغبة وأسوار التاريخ ... في طريقنا
    إلى ضيعته على أطراف المدينة الشاردة كان حليما في صمته ونظراته ..
    انتظر أن ألبي دعوته لفترة طويلة ..في كل مرة كانت تستلبني الأيام ... وفرح
    كثيرا عندما جئت ... في حديقة الورد الجميلة أمام بيته الريفي ...لم يكن يطلب
    غير أن أشاركه شايه وصحن المكسرات من حمص وكاكاو ... طفلا كان في فرحه بالأرض ...
    بالماء والأشجار والورد البلدي الذي زرعه بنفسه واعتنى به وسقاه كأي قصيدة جميلة ...
    سافرنا مسافات من الزجل والشعر والأدب ... في عينيه تلتمع حكمة رواقية رصينة
    وهو يحدثني عن تجربته ومعاناته ومكابداته الجمالية وإشراقاته الصوفية ... تحدثنا
    عن " أل جسد " ... مجموعته الشعرية الصادرة مؤخرا... عن النقلة الجديدة في كتاباته ...
    في كل مرة يأتينا أريج الورود ورائحة أشجار التوت والحامض ... نذهب لنملأ الماء
    من البئر الذي حفره بكل شغف ... نسقي الحديقة الجميلة ... نساعد زوجته الوديعة التي
    كانت تهيئ الشاي وتسترق السمع لأشعارنا ... ولم يتنازل عن إصراره في أن أقرأ
    له من شعري ... هو يعلم أني لا أحب قراءة شعري خارج الأمسيات الرسمية التي
    ننظمها في المدينة أو التي نستدعى لها ... قرأت بكل حب ولذة ... وما أحسست بثقل
    اللحظة مثلما كنت أعتقد ...في نظراته العاشقة يجيئني انتشاء ما ... افتتان ما ...
    كانت توقفه بعض الصور أو المقاطع ... ويعيد ترديدها بصوته الرخيم ... ويجهر
    بنشوته ... يأتيني صوته في هدوء المكان وهو يقول لي كما يقول دائما :
    عبد الحميد ... أنت شاعر ... لكنك تستنزف
    موهبتك لأنك لا تريد أن تنشر مجموعتك الأولى ...! ... وأطمئنه بأنني بصدد تجهيز ديواني
    للطبع قريبا ... وكأي أب حقيقي يحمر شعوره من الفرح ... هو يعتقد أن كل إصدار هو انتصار
    للجمالية على الرداءة ... في كل لحظة أحس أنني أمام نبي هارب من زمن سحيق ومطارد
    من قوم حلت بهم اللعنة ... أمامي يتبدى ذاتا متلاشية في إنكار ذاتها ... يخاف على إبداعه
    من الابتذال ...ويخاف على شخصه من السقوط ...
    عندما يشتد به ألم المعاناة من جحود الآخرين الذين تربوا على يديه ... وسرحوا في بيته
    العامر بمدينة سلا ... يقف كأنه كون أليق ووجود مضيء ... ويجيب على كل الخيبات
    بمزيد من الجمال والعمق الفني ... في حشرجات صوته ... تتشكل أهازيج الأمازيغ
    واشتعالات التواريخ ورقصات الفصول ... وأندهش من هذا " المتوحد " الذي
    يرفض أن يمنح دواوينه مقابل ثمن مادي ... وأن يحول ضيعته إلى مجال فلاحي تجاري ...
    فقط ليظل مستمتعا بعذرية الأشياء كشاعر ... كما يرفض أي تكريم لشخصه ... لأنه
    يعتقد أن كل تكريم هو احتساب نهاية خدمة ... وتأدية دين لطرف ما ... !
    طوال ذلك الأصيل الربيعي ... لم نتوقف عن تبادل الصمت وقطف الورود ... ومثل ملاك
    أسطوري يلتقط التوت من شجيراته ويطعمني ... ويحيطني بلحظة من الحنو المنفلت ...
    يحدثني عن مشاريعه في تحويل بيته الريفي إلى صالون أدبي ينعقد كل شهر ... وعن
    رؤاه لمفهوم القصيدة الزجلية الحديثة التي تمثل ابتلاءه الأبدي ... وعن تاريخ قبيلة زمور
    المنسي في مجلدات المستشرقين وخلف ركام من الأوهام وتراجيديات التواريخ المتعاقبة ...
    في ذلك الأصيل الربيعي كان قصيدة متحركة ... قصيدة مجسدة في صخب صمته وعمق
    كلماته وصدق شعوره ...
    آه يا صديقي ... كم مطرا سألقف من قوافيك لأستطيع التسلل إلى التفاصيل الضوئية في كتاباتك ...
    لأنك لا تكتب بل تضيء ... وكم حقلا سأتمدد في بساتينه الخضراء لأتمكن من اعتناق الإيقاعات
    المتموجة في أزجالك ...!! أيها الحاني على سكينة الكينونة ... !
    تيفلت في :
    22-04-09
    [/SIZE]
  • رحاب فارس بريك
    عضو الملتقى
    • 29-08-2008
    • 5188

    #2
    أستاذ عبد الحميد شوقي

    إن ما ذكرته هنا , هو ما أسميه (زمن الثمر )يقسم الوقت في حياتنا لعدة أقسام
    قسم الراحة والهروب من الواقع والكينونه ,أحسبه بزمن النوم .
    (الزمن الضائع) , ذلك الوقت الذي نقضيه بدون هدف .
    زمن الخسارة هو زمن نقضيه مع أشخاص لا يتركون على أنفسنا أي انطباع معنوي , أو تأثير أيجابي , إنما زمن نخسره ويروح هدرا ,
    فحين يخرجون من الباب , يخرجون من الذاكرة بمجرد خروجهم .
    وهنالك ( زمن الثمار )وهو هذا الوقت الذي نقضيه برفقة أشخاص , يهبونا خلال فترة زمنية قصيرة , ما يعجز عن وهبنا إياه مئات الأشخاص ,خلال عشرات السنين ,ما أندرهم هؤلاء ال (الأصيل إدريس ) وما أغلى صحبتهم التي تترك المياه تنساب إلى جذور عروقنا ,لتنحدر بأفكارهم وأهدافهم إلى أعماق أعماق ذواتنا , فتسقيها وتغنيها .
    لتمتد الفكرة بالزمن المحسوب . نحو صقل شخصيتنا , وحتى لو ذهبت , فهي باقية في ذواتنا , حتى بعد أن تغيب عنا سواء كان غيابا مؤقتا أو غيابا أبديا ( لا قدر الله ), تروي أفنان النفس لتزهر بالثمر ..هذا ما يسمى بزمن الثمر

    ما أجمل نقلك للذكريات ..
    لك مني كل التقدير
    ..................عندما أمسك قلمي ، لا أفكر ماذا سأكتب إنما ، أكتب ما أحس ..

    تعليق

    • عبد الحميد شوقي
      عضو الملتقى
      • 11-05-2008
      • 62

      #3
      رد

      الجميلة رحاب فارس
      لحظات البوح الوجداني نادرة في حياتنا اليومية ... إنها ومضة فريدة ... متوحدة ... شاردة ... من خلالها نلتقط فسحة ما نشعر أن الزمن يتوقف عندها .. وأن المكان يكاد يطوي ابعاده الأربعة تحية لها ... هذا ما حاولت في هذه الخاطرة مع الزجال المغربي الفذ إدريس مسناوي ... هذا الشخص النادر كشفق مذهب بطيبوبة القديسين وجمال المتصوفة ... في لقائي معه كان للوقت رائحة الطبيعة البكر ولون الأشياء الحية ... وما قلته عن تقسيم للوقت بين من ترك الذاكرة سريعا ومن يترسب فيها كالشغف صحيح بدرجة كبيرة ... هكذا تمنحنا الخاطرة انشراحا غير عادي لنقول بواطننا بكل ما يليق بالحياة من بساطة جميلة ...
      تحياتي ...

      تعليق

      • رشيدة فقري
        عضو الملتقى
        • 04-06-2007
        • 2489

        #4
        اخي الكريم عبد الحميد شوقي
        حين يتمكن السارد من نقل قرائه الى طقوسه الداخلية بكل انفعالاتها فان هذا هو الشهادة له بالتمكن والابداع
        واني اجدك تملك ناصيته اذ جعلتنا نتنشق عطر تلك الورود ونتذوق طعم التوت وتنعشنا رائحة النعناع من براد السيدة الوديعة التي كانت تتابع طقوسكما بكل شغف
        بل انك طرحت اكثر من موضوع في انسيابية نادرة
        حب الارض.. عشق الوطن ..عشق الحرف .. اغفال اللوبي المسيطر على الثقافة في بلادنا لمثل هذا الهرم الشامخ ..تشجيع مضيفك الكريم لك انت كي تخرج اعمالك التي اشهد لها شخصيا بالابداع النادر والحقيقي في زمن تناسل فيه اشباه الشعراء كالفطر.
        اخي عبد الحميد لست ادري ما كتبت ولكنها لحظة صدق نقلتني اليها اجواء خاطرتك الرقيقة
        فاقبله على علاته
        واقبل معه عظيم ودي وتقديري
        اختك رشيدة فقري
        [url=http://www.almolltaqa.com/vb/showthread.php?t=1035][color=#008080]رسالة من امراة عادية الى رجل غير عادي[/color][/url]

        [frame="6 80"][size=5][color=#800080]
        عَلى قَدْرِ أهْلِ العَزْم تأتـي العَزائِـمُ
        وَتأتـي علَى قَـدْرِ الكِرامِ المَكـارمُ
        وَتَعْظُمُ فِي عَينِ الصّغيـرِ صغارُهـا
        وَتَصْغُرُ فِي عَيـن العَظيمِ العَظائِـمُ[/color][/size][/frame]
        [align=center]
        [url=http://gh-m.in-goo.net/login.forum][size=5]جامعة المبدعين المغاربة[/size][/url][/align]
        [URL="http://mountadaal3acharah.4rumer.com/index.htm"]http://mountadaal3acharah.4rumer.com/index.htm[/URL]

        [url=http://www.racha34.piczo.com/?cr=2][COLOR="Purple"][SIZE="4"][SIZE="5"]موقعي[/SIZE][/SIZE][/COLOR][/url]

        تعليق

        • عبد الحميد شوقي
          عضو الملتقى
          • 11-05-2008
          • 62

          #5
          رد

          أختي رشيدة
          صدقيني كم أحسست بحرارة الصدق في كلماتك الجميلة وكم أحسست بما يختلج فيك من شعور نبيل ... شهادتك في حقي منذ أن تعارفنا أضعها تاجا فوق رأسي ... شكرا لك .. وشكرا لأنك منحتني شرف أن أصدق موهبتي في اكتشاف الأصدقاء وموهبتي في الكتابة .. ربما تكونين قد سمعت بهذا الزجال الفذ ادريس مسناوي ... إنه من طينة المبدعين الحقيقيين المنتمين ليوتوبيا لم يعد لها وجود .. كم أتمنى لو اجعل الوجدان الشعري يفتح مواجده لاحتضان هذا الضوء الهارب ...
          كم أسعدتني كلماتك أختي رشيدة ..
          تحياتي ..عبد الحميد ..

          تعليق

          يعمل...
          X