حكاية الأشباح ..

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • فؤاد يحيى الجبوري
    أديب
    • 22-04-2009
    • 89

    حكاية الأشباح ..

    لم يستطع النوم ينظر بعين غاضبة ممتعضة ناحية السقف وهو منزعج من شقيقته التي كانت تنام في الجزء الأسفل من السرير وهي تقرأ بصوت شبه مرتفع عن أشباح يغزون المدينة ويفتعلون الضوضاء في المنازل بسيرهم على أسطحها .. كان ما يسمعه كفيلاً بأن يشعره بالخوف فمد رأسه عليها وقال :
    - متى تنامين.. أم تنتظرين تلك الأشباح؟
    لم تجبه وواصلت القراءة..
    - لا تهتمي.. عندما يأتون أيقظيني فإنها تخاف من الأولاد.. يقولون أن همها الوحيد هو الفتيات أمثالكِ..
    ابتسمت له ووضعت الكتاب عند رأسها وهي تحدثه بنبره غلب عليها طابع التحدي:
    - سنرى يا سبع الليل من منا سيخاف.. ثم هي قصة وليست حقيقة.
    عاد إلى فراشة ومد يده ناحيتها وهو يضحك..
    - لأجل هذا لا أخاف.
    - جبان...
    - وأنتِ شجاعة.. يا أميرة الخوف.. نامي قبل أن أحجز لكِ موعداً معهم....
    ساد الصمت وكأنها غفت وتركته أو تغافت لتخرج ما في قلبه من خوف في تلك الليلة الهادئة التي كان يلفها السكون الشديد.. وحدها الريح الباردة كانت تجوب المدينة محدثة من خلال الأبواب والشبابيك أصوات أخافته فوضع الغطاء على رأسه عساه ينام وتنتهي هذهِ الليلة بسلام.
    مضت ساعات وهو يتقلب في فراشة، فقد كدرت حكاية الأشباح عليه كل محاولاته للنوم لكن سرعان ما دب التعب في جسده الصغير فأخذته إغفائه لينتبه على وقع أصوات متقطعة في أعلى الغرفة.. هدأ من نفسه قليلاً بعدما أنتابه الخوف وحاول أن يوقظ شقيقته غير أن خوفه من سخريتها أو أنها قد تصاب بخوف وذعر جعله يتراجع عن هذا الأمر في حين أخذ هذا الصوت يصبح أكثر من مجرد حركة ما.. كان هناك من يسير على السطح. وأمام خشيته من أن تصاب شقيقته بالذعر تشجع واتجه صوب النافذة وفتحها بحذر ليرى من هذا الذي يزعجه.. عندها تذكر حكاية الأشباح الذين يسيرون على السطح ، ابتعد قليلاً ثم وقف وهو يفكر في أنها مجرد حكاية لا أصل لها.. فعاد صوب النافذة وأخذ ينظر بقلب مرتجف .. كانت محاولاته يصدها الظلام إذ يجب عليه أن يرتقي السطح وهذا يعني خروجه من الغرفة وصعوده السلالم ثم قد يكون الباب مغلق، فقرر أن يتسلق صوب شرفة السطح من خلال نافذته ليرى.
    ارتقى النافذة تلسعه نسمات الهواء الباردة وأمسك الشرفة بيده ورفع نفسه عالياً ونظر في ذلك الظلام الذي كان يتخلله أضواء بسيطة من هنا وهناك.. شعر بجسده يرتعش.. خوفاً أم من تلك النسمات الباردة أم الاثنين معاً؟ أخفى كل ذلك بشجاعة بدت مصطنعة وهو يدقق النظر في السطح مطمئناً أن لا وجود للأشباح وأنه سينال من شقيقته في الصباح حتى لاحت له وسط هذا الضوء الخافت قطة تتنقل على السطح وكأنها تبحث عن شيء ما.. ابتسم لرؤيتها وزال الخوف عنه وحاول أن يعود إلى الغرفة وإلى فراشه الدافئ وهو يهيأ في رأسه عشرات الجمل ليلقيها على شقيقته عندما تستيقظ فزلت قدمه الصغيرة وبقي معلقاً بالشرفة يصرخ:
    - أنقذوني سأقع.. أبي أمي سأقع...
    رفع من صوته أكثر يستنجد عسى أن يسمعه أحد وهو متدلياً من الشرفة .. وسط كل هذا كان يسمع ضحكات عالية من أمه وأبيه وشقيقته التي كانت أكثرهم ضحكاً .. أستغرب لماذا يضحكون عليه؟ ولماذا لا يقدمون له العون ويسرعون لنجدته؟ وانه لو وقع فستتهشم عظامه ؟ أصبح الضغط على يديه كبير وأخذت ترتجف ثم أفلتت وسقط على الأرض محدثاً ضجة كبيره لم يعبأ لها ولسقوطه بقدر ما أغاظته ضحكات الأهل.. فتح عينيه كان ممدداً على الأرض تحت سريره وبجنبه وقفت أخته غارقة في الضحك وعند الباب اتكأ والده على الجدار ضاحكاً بينما تقدمت منه والدته مبتسمة وهي تقول:
    - بني كنت معلقاً بسريرك وأنت تصرخ.. ماذا رأيت في نومك؟؟
    صمت ولم يجبها.. فلم تكدر عليه حكاية الأشباح محاولاته للنوم فقط إنما كانت حاضرة في أحلامه .. نظر ناحية أخته متوعداً ومبتئساً في نفس الوقت مما سيصيبه منها من استهزاء وسخريه ونهض عائداً إلى فراشه وهو يضحك معهم بحنق على ما أصابه.
    ــــــــــــــــــ
    الحمد لله رب العالمين
  • عائده محمد نادر
    عضو الملتقى
    • 18-10-2008
    • 12843

    #2
    المشاركة الأصلية بواسطة فؤاد يحيى الجبوري مشاهدة المشاركة
    لم يستطع النوم ينظر بعين غاضبة ممتعضة ناحية السقف وهو منزعج من شقيقته التي كانت تنام في الجزء الأسفل من السرير وهي تقرأ بصوت شبه مرتفع عن أشباح يغزون المدينة ويفتعلون الضوضاء في المنازل بسيرهم على أسطحها .. كان ما يسمعه كفيلاً بأن يشعره بالخوف فمد رأسه عليها وقال :
    - متى تنامين.. أم تنتظرين تلك الأشباح؟
    لم تجبه وواصلت القراءة..
    - لا تهتمي.. عندما يأتون أيقظيني فإنها تخاف من الأولاد.. يقولون أن همها الوحيد هو الفتيات أمثالكِ..
    ابتسمت له ووضعت الكتاب عند رأسها وهي تحدثه بنبره غلب عليها طابع التحدي:
    - سنرى يا سبع الليل من منا سيخاف.. ثم هي قصة وليست حقيقة.
    عاد إلى فراشة ومد يده ناحيتها وهو يضحك..
    - لأجل هذا لا أخاف.
    - جبان...
    - وأنتِ شجاعة.. يا أميرة الخوف.. نامي قبل أن أحجز لكِ موعداً معهم....
    ساد الصمت وكأنها غفت وتركته أو تغافت لتخرج ما في قلبه من خوف في تلك الليلة الهادئة التي كان يلفها السكون الشديد.. وحدها الريح الباردة كانت تجوب المدينة محدثة من خلال الأبواب والشبابيك أصوات أخافته فوضع الغطاء على رأسه عساه ينام وتنتهي هذهِ الليلة بسلام.
    مضت ساعات وهو يتقلب في فراشة، فقد كدرت حكاية الأشباح عليه كل محاولاته للنوم لكن سرعان ما دب التعب في جسده الصغير فأخذته إغفائه لينتبه على وقع أصوات متقطعة في أعلى الغرفة.. هدأ من نفسه قليلاً بعدما أنتابه الخوف وحاول أن يوقظ شقيقته غير أن خوفه من سخريتها أو أنها قد تصاب بخوف وذعر جعله يتراجع عن هذا الأمر في حين أخذ هذا الصوت يصبح أكثر من مجرد حركة ما.. كان هناك من يسير على السطح. وأمام خشيته من أن تصاب شقيقته بالذعر تشجع واتجه صوب النافذة وفتحها بحذر ليرى من هذا الذي يزعجه.. عندها تذكر حكاية الأشباح الذين يسيرون على السطح ، ابتعد قليلاً ثم وقف وهو يفكر في أنها مجرد حكاية لا أصل لها.. فعاد صوب النافذة وأخذ ينظر بقلب مرتجف .. كانت محاولاته يصدها الظلام إذ يجب عليه أن يرتقي السطح وهذا يعني خروجه من الغرفة وصعوده السلالم ثم قد يكون الباب مغلق، فقرر أن يتسلق صوب شرفة السطح من خلال نافذته ليرى.
    ارتقى النافذة تلسعه نسمات الهواء الباردة وأمسك الشرفة بيده ورفع نفسه عالياً ونظر في ذلك الظلام الذي كان يتخلله أضواء بسيطة من هنا وهناك.. شعر بجسده يرتعش.. خوفاً أم من تلك النسمات الباردة أم الاثنين معاً؟ أخفى كل ذلك بشجاعة بدت مصطنعة وهو يدقق النظر في السطح مطمئناً أن لا وجود للأشباح وأنه سينال من شقيقته في الصباح حتى لاحت له وسط هذا الضوء الخافت قطة تتنقل على السطح وكأنها تبحث عن شيء ما.. ابتسم لرؤيتها وزال الخوف عنه وحاول أن يعود إلى الغرفة وإلى فراشه الدافئ وهو يهيأ في رأسه عشرات الجمل ليلقيها على شقيقته عندما تستيقظ فزلت قدمه الصغيرة وبقي معلقاً بالشرفة يصرخ:
    - أنقذوني سأقع.. أبي أمي سأقع...
    رفع من صوته أكثر يستنجد عسى أن يسمعه أحد وهو متدلياً من الشرفة .. وسط كل هذا كان يسمع ضحكات عالية من أمه وأبيه وشقيقته التي كانت أكثرهم ضحكاً .. أستغرب لماذا يضحكون عليه؟ ولماذا لا يقدمون له العون ويسرعون لنجدته؟ وانه لو وقع فستتهشم عظامه ؟ أصبح الضغط على يديه كبير وأخذت ترتجف ثم أفلتت وسقط على الأرض محدثاً ضجة كبيره لم يعبأ لها ولسقوطه بقدر ما أغاظته ضحكات الأهل.. فتح عينيه كان ممدداً على الأرض تحت سريره وبجنبه وقفت أخته غارقة في الضحك وعند الباب اتكأ والده على الجدار ضاحكاً بينما تقدمت منه والدته مبتسمة وهي تقول:
    - بني كنت معلقاً بسريرك وأنت تصرخ.. ماذا رأيت في نومك؟؟
    صمت ولم يجبها.. فلم تكدر عليه حكاية الأشباح محاولاته للنوم فقط إنما كانت حاضرة في أحلامه .. نظر ناحية أخته متوعداً ومبتئساً في نفس الوقت مما سيصيبه منها من استهزاء وسخريه ونهض عائداً إلى فراشه وهو يضحك معهم بحنق على ما أصابه.
    الزميل القدير
    فؤاد يحيى الجبوري
    هلا وغلا بك بيننا مليون مرة
    ولي الشرف أن تكون مداخلتي أول المرحبين بمشاركتك الأولى
    النص جاء جميلا وشفافا
    الفكرة لذيذة جدا
    والنهاية جاءت مرحة ورائعة
    لكني رصدت لك بعض الكلمات الفائضة التي إن حذفتها لن تخل بالنص بل تكسبه بريقا ..ربما وهذا راجع لك بطبيعة الحال
    لك أن تأخذ بكلامي أو أن ترميه البحر
    وهناك أخطاء
    يهيأ .. يهيء
    لماذا.. لمَ
    ولماذا.. ولمَ
    مع تحياتي وأمنياتي لك بالموفقية
    كل الود لك

    نسيت أن أقول لك
    إن نوع الخط متعب للعين ..وشكرا
    الشمس شمسي والعراق عراقي ..ماغير الدخلاء من أخلاقي .. الشمس شمسي والعراق عراق

    تعليق

    • فؤاد يحيى الجبوري
      أديب
      • 22-04-2009
      • 89

      #3
      المشاركة الأصلية بواسطة عائده محمد نادر مشاهدة المشاركة
      الزميل القدير
      فؤاد يحيى الجبوري
      هلا وغلا بك بيننا مليون مرة
      ولي الشرف أن تكون مداخلتي أول المرحبين بمشاركتك الأولى
      النص جاء جميلا وشفافا
      الفكرة لذيذة جدا
      والنهاية جاءت مرحة ورائعة
      لكني رصدت لك بعض الكلمات الفائضة التي إن حذفتها لن تخل بالنص بل تكسبه بريقا ..ربما وهذا راجع لك بطبيعة الحال
      لك أن تأخذ بكلامي أو أن ترميه البحر
      وهناك أخطاء
      يهيأ .. يهيء
      لماذا.. لمَ
      ولماذا.. ولمَ
      مع تحياتي وأمنياتي لك بالموفقية
      كل الود لك

      نسيت أن أقول لك
      إن نوع الخط متعب للعين ..وشكرا
      أهلاً بالأخت عائده
      يسعدني ويشرفني أن تكوني هنا
      في أول مشاركة لي
      وكم أراحني أن أجد من يأخذ بيدي
      ويعقب على ما أكتب
      ويجد لي عيوبي
      ولا يرمى الخير في البحر أختي عائده
      وما كنت هنا إلا لأجل هذا
      وسأعدل على أخطائي

      جزاكِ الله كل خير وتقبلي شكري
      ــــــــــــــــــ
      الحمد لله رب العالمين

      تعليق

      • ربيع عقب الباب
        مستشار أدبي
        طائر النورس
        • 29-07-2008
        • 25792

        #4
        أسلوبك رائع أخى العزيز ، تحكى بعفوية محببة ، رهيفة ، وناعمة
        تسرق العين و الروح لتمارس معك لعبة الكتابة على الذاكرة .. !
        تابعت الفتى ، و كنت معه ، أقاسمه حلمه ، و حين وصلت حد الايغال ، أحسست أنك سوف تفعلها ، و تطلق الضحكة التى أتصورها دائما ..تمنيت بالفعل لو أنه خرج ، و مارس هذه المغامرة ، و البحث عن الأشباح ، و أن تستفيض ، و تفتح لنفسك أفق جديد للقص / السرد ..؟ ليكن فى عمل آخر ابن عليه .. أقول لك سرا ، أنت تستطيع أن تكتب للأطفال قصصا جميلة ، هيا عزيزى !!
        يكون الباب مغلق : يكون الباب مغلقا
        وهو يهيأ فى رأسه : وهو يهىء فى رأسه
        وهو متدليا من الشرفة ، هذه جملة اسمية ومتدليا خبر هو متدلٍ
        شكرا لك أخى العزيز
        sigpic

        تعليق

        • مها راجح
          حرف عميق من فم الصمت
          • 22-10-2008
          • 10970

          #5
          الاستاذ القدير فؤاد يحي الجبوري
          قصة رائعة
          موكب ابجدياتك تغري للقراءة
          شكرا وتحية لهذا الضياء
          رحمك الله يا أمي الغالية

          تعليق

          • فؤاد يحيى الجبوري
            أديب
            • 22-04-2009
            • 89

            #6
            [align=center]
            المشاركة الأصلية بواسطة ربيع عقب الباب مشاهدة المشاركة
            أسلوبك رائع أخى العزيز ، تحكى بعفوية محببة ، رهيفة ، وناعمة
            تسرق العين و الروح لتمارس معك لعبة الكتابة على الذاكرة .. !
            تابعت الفتى ، و كنت معه ، أقاسمه حلمه ، و حين وصلت حد الايغال ، أحسست أنك سوف تفعلها ، و تطلق الضحكة التى أتصورها دائما ..تمنيت بالفعل لو أنه خرج ، و مارس هذه المغامرة ، و البحث عن الأشباح ، و أن تستفيض ، و تفتح لنفسك أفق جديد للقص / السرد ..؟ ليكن فى عمل آخر ابن عليه .. أقول لك سرا ، أنت تستطيع أن تكتب للأطفال قصصا جميلة ، هيا عزيزى !!
            يكون الباب مغلق : يكون الباب مغلقا
            وهو يهيأ فى رأسه : وهو يهىء فى رأسه
            وهو متدليا من الشرفة ، هذه جملة اسمية ومتدليا خبر هو متدلٍ
            شكرا لك أخى العزيز
            الأستاذ القدير ربيع
            كل الشكر لك لما تفضلت به
            واتمنى ان لا تبخلوا عليّ بالنقد والتفصيل بما يخدمني
            ويسهل لي طريقي
            وما كنت هنا بين تلك الأقلام المميزة الرائعة إلا لهذا الغرض

            وسأكون سعيداً بالأخذ بما أشرت به
            مع أحترامي الكبير[/align]
            ــــــــــــــــــ
            الحمد لله رب العالمين

            تعليق

            • فؤاد يحيى الجبوري
              أديب
              • 22-04-2009
              • 89

              #7
              [align=center]
              المشاركة الأصلية بواسطة مها راجح مشاهدة المشاركة
              الاستاذ القدير فؤاد يحي الجبوري
              قصة رائعة
              موكب ابجدياتك تغري للقراءة
              شكرا وتحية لهذا الضياء
              الاستاذة مها راجح
              شكراً لمرورك الطيب

              وكلماتكِ الجميلة .. تقبلي تحياتي[/align]
              ــــــــــــــــــ
              الحمد لله رب العالمين

              تعليق

              يعمل...
              X