جلست في ساحة بيتي أتأمل شجرة الليمون و هي تتناغم مع النسيمات التي كانت تهز أغصانها برفق و تساءلت لحظتها لو منعت هذه الشجرة أو تلك من التحرك لسنوات كيف سيكون حالها و كيف ستتخذ طريقها نحو النمو و الزيادة و أي شكل ستكون عليه أكيد سينحرف فيها كل شيء و ستتشوه إن كتب لها العيش..و تداعت في خواطري كيف جعل الله سبحانه و تعالى الحركة و التحرك و الدفع و التدافع قانون و سنة من سنن النماء و التطور و الإرتقاء و الحياة و بينما انا غارق في تفاصيل هذه الرؤى إرتفعت خلفها ستائر على مشهد دار الندوة و أباجهل مستلقي على النمارق الحريرية و هو يتمرغ بمرح ضاغطا بجسده الظخم على الوسائد الناعمة رافعا قدحا ذهبي يتمايل فيه النبيذ العسلي المعتق بيده المكبلة بخواتم و حلي الشام و اليمن ..ساعتها كنت كأني أسمع نقرا على الدفوف يتقدم به نحوه بعض الغلمان و إذا بالجواري يقتحمن المجلس سعيا ليكتمل المشهد بإلتواءات أجسادهن المنحوتة بالرجيم لتلبية طلبات و رغبات أصحاب المعالي سادة قريش و فجأة قطعت المشهد الشهرزادي قهقهات أبي لهب و سعلاته المندفعة بفعل بقايا الخمر في بلعومه الكبير و أخذ يقترب زاحفا حتى صارت شفتيه المبللتين بريقه الكريه على مشارف أذني أبي جهل ..و همس له بأنفاسه اللاهثة الملوثة..و بصوت متقطع قال ...لو منعت عني الآلهة هذا النعيم لكفرت بها ..و يلتفت إليه أبو جهل بوجهه المحمر من شدة السكر بالخمر و الزعامة و المال و النساء قائلا بلسانه الملتصق في فكه ... تعلم كيف تستخدم الآلهة و سيدوم لك هذا النعيم ..نحن من بعطي الحياة لهبل و العزى و مناة و غيرهم ..أفلا يعطوننا ما نشتهي ..و بينما هو يسرد في فلسفته الجاهلية توقف مهرجان لغة الأجساد و عواءاتها على صرخات عبد يساق إلى الموت و دون مقدمات قدم السيف للمشاهدين إحدى رقصات الباليه السريعة على منصة قفى الضحية و هوى الرأس و تدحرج داخل ماعون كبير أشبه ما يكون بسلة المهملات التي نشاهدها في الطريق و ألحق الجسد بالرأس حتى ينزف داخل الإناء و لا يلوث الأرض التي يطأ عليها أبي جهل..كانت تهمة المعدوم بلا محكمة أنه أراد أن يتحرك خارج قوانين قريش..ففصلت ذاكرته المركزية التي تملي عليه ما يستوجب سحب تيار الكهرباء عليها ..سادة قريش هنا بسلوكاتهم الغبية هذه يدفعون المعارضة إلى التحرك التحتي و السري و لنتصور كيف سيكون إنتقام معرضة مكبوتة و مظلومة و بدون قيم او مبادىء تضبط تحركها إلا غريزة الثأر ..لحد الساعة لم يظهر الدين الجديد و لكن أكيد سيظهر و لو بعد حين ..لكن سيكفر به سادة قريش مسبقا أتدرون لماذا ..ألم يقل أبي لهب...لو منعت عني الآلهة هذا النعيم لكفرت فكيف سيسلم لمن جاء يهز إستقراره السياسي المنحرف و يضبط صلاحياته الإقتصادية في إستغلال اموال و حريات الشعوب... سيكفرون السادة رغم أنهم يصدقون الصادق الأمين ..تستيقن به قلوبهم و لكن تجحد به السنتهم ..إنه سكر حب الزعامة و السيادة المطلقة.. سيادة دع ما لقيصر لقيصر و هكذا تبقى المشاهد تعيد نفسها و لكن بشخصيات و ديكورات جديدة و إخراج جديد ..و ينتهي بي المشهد بلعزم على أن أرعى ليمونتي و أهتم بها و أجتهد في حمايتها من جميع العوائق طبيعية كانت أو بشرية.....أتمنى أن ألقاكم مرة ثانية..
الليمونة و أبي جهل
تقليص
X
-
جميل هذا ، بل رائع ، له رائحة الفكر ، و نكهة الليمون ، الطازج
الذى تتسرب إلى الخلايا ، و تنعشها ، بل و تكون وقاية لها من السموم التى قد نصادفها ، عيانا بيانا !!
لك طريقة فى بناء الفكرة رائعة ، و سلسة و انسيابية فى الوصول إلى عقل و ذائقة الملتقى ، و لغتك جميلة و شيقة ، تبنى مستجيبة للفكرة ، و المخيلة !!
برغم الأخطاء الكثيرة ، حتى فى العنوان ، إلا أنى هنا كنت فى غاية الفرح و الامتنان بهذا القلم !!
شكرا لك أخى الكريم
تحيتى و تقديرىsigpic
تعليق
-
-
المشاركة الأصلية بواسطة عيسى مشاهدة المشاركةالكاتب الفاضل
مراد زيد
نشوة الزهرِ بِ سُلاف المطر
أنتَ ., وهسيس الحرف ال لذيذ ..!
.
دُمتَ ب الخير سيدي
وإجلال ينحني .,تاه مساء
كلماتي
يا عيسى في لوحة صبح تعليقك
سعيدة و هي تستظل
في ظل عرش قربك المشرق
تعليق
-
ما الذي يحدث
تقليص
الأعضاء المتواجدون الآن 89783. الأعضاء 3 والزوار 89780.
أكبر تواجد بالمنتدى كان 489,513, 25-04-2025 الساعة 07:10.
تعليق