ذلك الآتي من الغيم
عبد الحميد شوقي
ذلك الآتي من الغيم
رآني
أبسط الصمت على طول الطريق
حصوةً ذابلة
أو حكمة شاردة
ورأى
فوق يدي طيف امرأه
تعبر الشارع نحو الواجهات البارده ...
لم أكن أحمل
غير الممكنات الصدئه
غير بقايا شهقة
من كهوف العتمات
وتواريخ الرؤى المنطفئه ...
ذلك الآتي من الغيم
على زهرة دفلى
لم يحدثني كما اعتاد مرارا
عن حشود القادمين
من صراخ الموت
في حنجرة البدو وأقوال الدعاة ...
كان يرمي قوله
بين صفين من الورد المصنع
كان يلقي ظله
بين موتى يرفضون
أن يموتوا في سراديب الأساطير
وأحياءَ لم ُيعِدُّوا أنفسهم
لزغاريد الحياة...
* * * *
حدث أن رأيتُني
عالقا في خيوط ذاكرة
أسميتها زماني
وصادفت امرأة دافئة
وضعتني في روائحها
وعرفت أنها مكاني ...
في شتاء ما عبرت نحو رصيفي
لا أحمل غير ما كتبت للفراغ
وذكرى غامضة لطفل كنتُه
يمشي بين صفوف الصبار
ويمنح اسمه لهدوء الحقول ...
حدث أن لم يكن
في الطريق ما يدل على ارتفاع الحلم
وما يملأ الشغاف
بحفيف الأماني على عيون العابرين
ووضوح الأشياء في خواطر الأهالي ..
هو الخراب
صوت الهزيمة في سهول الغرب
ورماد العدم في شوارع العاصمة ...
كنت سأوقظ الحياة من نومها
كي تذهب للحقول النائمة
وكنت سأبعث النار
كي تصنع عصرا تاريخيا جديدا
لسلالة المتخفين من خمرة الزمان
كنت سأقول : يكفي من تواري السماء
يكفي من اختفاء النجم عن طريق الهباء
كنت سأصمت كالطيور
في رحلة الشتاء الأبدية
لكني كنت أغزل عزلتي
في شفق القصيدة كي لا أموت كالآخرين ...!
كنت آتي من الغيم
أكلم صمتي
كأي عابر على قرية
في تخوم العدم ...
خريف 2008
تعليق