هذه المسرحية هي من أفكار الراحل (نبيل عطية ) اعداد واخراج مسرحي
:يحيى الحباشنة
الفصل الأول
تمثل خشبة المسرح غرفة كبيرة علق على جدرانها رسوم غريبة ومخيفة، ويوجد على اليسار طاولة غير عادية.
طاولة طويلة وضيقة وقد غطيت بجلال من القماش تلامس الأرض ،وضع على الطاولة تمثال غريب يعبر عن شعار لمؤسسة غريبة أو جمعية غريبة ، وخلف الطاولة يوجد كرسي ذو ظهر غريب الشكل ، على يمين المسرح يوجد فسحة صغيرة مرتفعة قليلا تصلح لأن تجري فوقها رقصة تعبيرية .
يوجد ثلاثة أو أربعة مقاعد موزعة بطريقة متلائمة... الجو العام في الغرفة كما يوجد طاولة صغيرة بجوار أحد المقاعد .
يضاء المسرح كاملا ، بحيث تظهر الرسوم الغريبة والمخيفة والطاولة والكرسي غريب الشكل والذي يكون على شكل جمجمة .
يدخل رجل من باب في أقصى اليسار ويبدو أن بصحبته رجل آخر لم يدخل بعد .
الرجل:(بلهجة خالية من أي انفعال أو شعور ) .... تفضل ...تفضل .
( يدخل الشخص الذي في الخارج وينظر في أرجاء الغرفة ويبدو عليه رباطة الجأش ومتانة الأعصاب )
الرجل: (وهو يشير إلى المقعد بجوار الطاولة الصغيرة ) ...تفضل اجلس ... تفضل
(يجلس الشخص القادم (فارس مسعود ) وهو ما يزال يتلفت في أرجاء الغرفة، في حين يتجه الرجل نحو رف قريب وينتزع ورقة ويأخذ قلما ويعود ويجلس بقرب الشخص القادم ويضع الورقة على الطاولة الصغيرة )
الرجل: سوف أسألك وأسجل عنك بعض المعلومات، لكي تعرض على الرئيس قبل الامتحان...اسمك لو سمحت ..؟
فارس : اسمي فارس ...فارس مسعود
الرجل: حسنا..بالمناسبة... نحن لا نسأل طالب الانتساب كيف وصل إلينا .... عملك ..؟
فارس: مخرج.... مخرج تلفزيوني .
الرجل : وأين درست ..؟
فارس :في مصر سنة 1977
الرجل :عمرك ..؟
فارس :32 سنة
الرجل : أعتقد أن هذا يكفي .....آه عفوا ....لكن لماذا ترغب في الانضمام إلينا ..؟ هل هناك غاية ما ..؟
فارس : لا أبدا ... ولكنني سمعت أن جمعيتكم في منتهى الغرابة ...وإنني أعشق كل ما هو غريب .
الرجل : ولكنك ربما لا تعرف أن رجالا جبابرة ورجالا عباقرة لم يتمكنوا من اجتياز الامتحان لدينا .
فارس :سوف نجرب (يضحك ) سنجرب .
الرجل : سوف يحضر الرئيس بعد عشر دقائق أو أكثر قليلا ...أتمنى لك النجاح والتوفيق .(يخرج الرجل )
>> تسمع قهقهة مكظومة وخافتة جدا ، ولكنها ذات جرس شيطاني ساخر وتهكمي ..ثم فترة صمت قصيرة ثم قهقهة أخرى ..ثم فترة صمت ثم قهقهة ..ثم قهقهة متواصلة شيطانية ومرعبة .... أثناء ذلك يكون فارس مسعود يستمع ويبتسم ولا تخيفه مثل هذه القهقهة ..ثم يدخل رجل معتدل القامة عريض الكتفين في الأربعين من العمر له شكل غريب يشبه رجال الفضاء حسب رؤية الخيال العلمي ، ويجلس خلف مكتبه دون أن يلتفت إلى فارس مسعود ، أو يعيره أي اهتمام ..ويخيم الصمت للحظات ... ثم يفتح احد الأدراج ويخرج سيجارا غليظا يضعه في فمه ..ثم يخرج ولاعة لكنه لا يشعل السيجار على الفور ..بل يلعب بالولاعة قليلا بأنامل يده اليمنى وهو يحدق بفارس مسعود ، ثم ينقل بصره بأسفل الباب ثم يعود ببصره إلى فارس مسعود وهكذا ويشعل السيجار ..ويسحب نفسا ثم يقول لفارس .<<
الرئيس : أظنك عرفت من أنا ..؟
فارس : نعم أظن ذلك ... أنت الرئيس بدون شك .
الرئيس:بدون شك.؟ لماذا بدون شك ..؟ ...هل أنت واثق أنني الرئيس ..؟ هل أنت متأكد ..؟.
فارس :لا ... لست واثقا ولست متأكدا ..أريد أن أقول على الأغلب أنت الرئيس.
هذا ما يؤكده تسلسل الوقائع الغريبة التي مررت فيها منذ مجيئي إلى هنا .
الرئيس :حسنا ..إنني الرئيس ..أنا الرئيس.
( يسحب نفسا من سيجاره ثم فترة صمت ثم يدخل الرجل الأول الذي دخل في بداية المسرحية وبيده قناع من قماش اسود ويتوجه الى فارس مسعود ويهم بادخال القناع في رأسه )).
الرجل : هل تسمح ..؟
فارس : آ ..لا مانع إذا كانت هذه العادة عندكم .
(يدخل الرجل القناع في رأس فارس مسعود ويخرج )
الرئيس: تعودنا أن نخضع شخصين في آن واحد للامتحان .
فارس : كما تريد .
( يطرق الرئيس على الطاولة قبل أن ينتهي فارس من الكلام ويدخل شخص مقنع من الخارج )
الرئيس : ( للقادم الجديد المقنع ) .... تفضل اجلس ... ( ويشير إلى مقعد بجوار فارس مسعود ) " فترة صمت ثم يوجه حديثه للقادم الجديد " .... أنت .. ما اسمك ..؟
القادم : اسمي ..فارس مسعود
( يلتفت فارس مسعود بدهشة إلى القادم الجديد ..ثم يضحك بصوت مرتفع )
الرئيس : لماذا تضحك ..؟
فارس : لأنني ..ههههه.. هههه ..لأنني ..أنا ..أنا ايضا فارس مسعود ...هههههههههه .
الرئيس :وهل هذا يضحك ..؟
فارس : إنني آسف آسف .
الرئيس: ( الرئيس للقادم الجديد) ... عمرك ..؟
القادم : 32 سنه
(يضحك فارس مسعود بصوت عال ثم يستدرك ويتوقف عن الضحك )
فارس : آسف ..آسف ..لكني أنا ايضا عمري 32 سنة .
الرئيس : ( يتجاهل فارس مسعود ويواصل سؤاله للقادم الجديد ) ...عملك ..؟
القادم : مخرج
الرئيس : أين درست ..؟
القادم : في مصر سنة 1977
( فارس يضحك يصوت عال )
الرئيس : أنت ما الذي يضحكك ..؟
فارس : اشهد لكم بالبراعة الفائقة ..إنكم تعرفون تاريخ حياتي ..لكني استغرب حقا ..إن صوته يشبه صوتي .. كما أن طوله وعرض كتفيه مطابق لطولي وعرض كتفي .
الرئيس : ( يلتفت إلى القادم الجديد ولا يبالي بفارس مسعود ) ...قل لنا أنت ... لماذا تريد الانتماء إلينا ؟
القادم : لم أعد أحتمل الانتماء إلى أهلي وعشيرتي ... وها أنا الجأ إليكم ...كما أن جمعيتكم غريبة ..وأنا أعشق كل شيء غريب وهذا ما دفعني للمجيء.
( يضحك فارس مسعود بصوت عال )
الرئيس : أنت تضحك ثانية ..!!
فارس : لأنني .. أنا ايضا جئت للسبب نفسه
الرئيس : (للقادم ) هل تشكو من مرضا عضويا ..؟
القادم : نعم
الرئيس : تشوها في الوجه أو الجسم ..؟
القادم : إذا كنت تعتبر إصبعا إضافيا في قدمي اليسرى تشوها ... فان لدي تشوه.
( فارس مسعود يلتفت بدهشة إلى القادم ويبدو عليه الاهتمام )
فارس : هل قلت إصبعا إضافيا في قدمك اليسرى ..؟
القادم : آ ..آ نعم
فارس : هل استطيع أن أراها ..؟
الرئيس : سوف تراها فيما بعد .
فارس : هههههه ..هل سأراها حقا ..؟ ( يضحك ) .
( الرئيس يسحب نفسا من سيجاره ..فترة صمت ..ثم يوجه حديثه للقادم )
الرئيس : أصغ إلي أنت ...سوف أسألك بعض الأسئلة ... وسوف تجيبني بمنتهى الصدق ..هل أنت مستعد..؟
القادم : إنني مصغ
الرئيس : لديك سيارة ... أليس كذلك ..؟
القادم : نعم يا سيدي
الرئيس : لو أنك دهست طفلا بسيارتك في احد الأحياء القديمة .. ماذا تفعل ..؟ هل تهرب ..؟ أم تنزل من السيارة لكي تنقذ الطفل ... أم ماذا تفعل ..؟ أجب بصدف مطلق .
القادم : ( بعد فترة صمت ) ...صدقني لا أعرف ماذا أفعل ... لم يحصل معي من قبل أن دهست طفلا .
الرئيس : انك لا تعرف ماذا تفعل إذن ..؟
القادم : لا يا سيدي ... لا أعرف ماذا افعل .
الرئيس : ( إلى فارس مسعود ) .... وأنت ... ماذا تفعل ..؟
فارس : في الحقيقة .. أنا ايضا لا أعرف ..كما قال تماما ... كما أنني لم أدهس طفلا من قبل
الرئيس : ( للقادم ) ... هل تتخيل في بعض الأحيان أن مثل هذه الحادثة ..قد وقعت معك فعلا ..؟
القادم : نعم يا سيدي أتخيل ... لكني لم أتخيل مطلقا ما الذي فعلته مع الطفل .
الرئيس : (للقادم ) ... هل تحب قيادة السيارة ..؟
القادم : من أكثر الأشياء التي أكرهها وامقتها قيادة السيارات .
الرئيس : ( لفارس مسعود ) ... وأنت ..؟
فارس : ( وهو تحت تأثير الصدمة مما يسمعه ) ..... كما قال تماما ..قما قال تماما ... هههههه هههههه ..... ههه ههه هههههههه (يضحك بصوت عال )
الرئيس : هل والدك على قيد الحياة ..؟
القادم : لا يا سيدي
الرئيس متى مات ..؟
القادم : سنة 1969
الرئيس : هل تأثرت وحزنت كثيرا لوفاته ..؟
القادم : آ... لا ... إنني لم أبك ...وإن كنت حاولت البكاء .
الرئيس : هل تأثرت وحزنت لوفاته ..؟ أجب بكل صدق .
القادم : في الحقيقة كان يجب أن أتأثر
الرئيس : إذا لم تكن متأثرا حقيقة وفعلا ..؟
القادم : الآن فقط أستطيع .. هنا ... في هذه اللحظة فقط ..أستطيع أن أقول أنني لم أتأثر تأثرا شديدا .. يل في الحقيقة لم أتأثر مطلقا .
الرئيس : ( لفارس مسعود ) .... وأنت هل والدك على قيد الحياة ..؟
فارس : ( بلهجة تنم عن تزايد الغضب والقلق والشك ) ... لا داعي لأن أقول شيئا ... لا داعي .. كل ما قاله هذا المحترم ..مطابق تماما .. مطابق كل التطابق ... لكنني يجب أن أرى قدمه اليسرى ...( يلتفت إلى القادم ) ..لو سمحت ..أريد أن أرى الإصبع السادسة ..يجب أن أرى الإصبع السادة .
الرئيس : أيها السيد ..قلت لك سوف تراها فيما بعد ..( يوجه سؤاله للقادم ) .. قل لي إذن ما الذي جعلك تعتقد أنك لم تتأثر لوفاة والدك ..؟
القادم : الأحلام يا سيدي .. الأحلام المتلاحقة التي كنت أراها لفترة طويلة بعد وفاة والدي .. ثم ... أنني لم أفعل ما يفعله الناس عادة ..عندما يفقدون شخصا عزيزا .
الرئيس : أي نوع من الأحلام كنت ترى في منامك ..؟ هلا حدثتنا قليلا ..؟
القادم : بعد وفاته مباشرة ... ولفترة طويلة كنت أرى نفسي في الحلم هاربا ..وكان هو يجري خلفي .. أحيانا كنت أطير طيرانا ..كانت القفزة الواحدة تتجاوز العشرين مترا ..وكنت أحس أنه دائما خلفي مباشرة ..وهكذا .
( فارس بانفعال وغضب يهب واقفا ويصرخ )
فارس : إنني لم أخبر أحدا .. لم أخبر أحدا ( يهجم على القادم ويمسك قدمه اليسرى يحاول أن يفك حذائه ) ... كيف عرفت كيف عرفت ... كيف عرفتم كل هذه التفاصيل ..؟ لم أخبر أحدا .. دعني أرى قدمك اليسرى ... دعني أرى الإصبع الإضافية .
( يتقدم الرئيس من فارس ويبعده عن القادم بقوة )
الرئيس : اهدأ قليلا .. وأرجو أن تجلس .. سوف ترى قدمه اليسرى فيما بعد .. الا إذا كنت تود الانسحاب والمغادرة .
فارس : ( بتحد ) كلا .. لن أنسحب ولن أغادر ..إنني باق .
( يعود الرئيس إلى مكتبه ويواصل سؤال القادم )
الرئيس : ولآن أخبرني .. هل والدتك على قيد الحياة ..؟
القادم : نعم
الرئيس : هل هي طاعنة في السن ..؟
القادم : كلا يا سيدي إنها تبدو في الثلاثين من عمرها .
الرئيس : هل تزوجت ..؟
القادم : أبدا
الرئيس : ألم يتقدم لها أحد ..؟
القادم : بل تقدم كثيرون
الرئيس : هل رفضتهم ..؟
القادم : نعم يا سيدي .. رفضتهم جميعا
الرئيس : ( يسحب نفسا جديدا ) .. قلت قبل قليل أنك لا تشو من أي مرض عضوي ما عدا تشوه في قدمك اليسرى ... ولكن هل تعاني من مرض نفسي مثلا ..؟
القادم : في الحقيقة عانيت من مرض نفسي خطير قبل أربعة سنوات .
الرئيس : والآن ..؟
القادم : أعتقد أني قد تخلصت منه ... لكن ليس تماما .
الرئيس : هل راجعت أطباء نفسانيين .؟
القادم : نعم يا سيدي كثيرين .
الرئيس : وهل وقفت على الأسباب التي جعلتك فريسة للمرض كما تدعي ..؟
القادم لم أكن أعرف في البداية ..لكني عرفت الآن .
الرئيس : ماذا عرفت ..؟
القادم : لم أعرف بالطبع جميع الأسباب ..لكنني عرفت سببا جوهريا
الرئيس : ( يلتفت إلى فارس مسعود الذي بدا منفعلا وقلقا إلى حد كبير ) ... هي أنت هل كنت تعان.......
فارس : ( مقاطعا الرئيس ) ... متطابق ..متطابق .. كل شي متطابق ... أكملوا هذه المهزلة ..إني بانتظار النهاية .
الرئيس : ( إلى القادم ) .. وما هو السبب الجوهري الذي أوقعك في المرض النفسي الخطير كما تدعي ..؟
القادم : لقد تعرفت منذ سنتين على راقصة "ستربتيز " انجليزية في إحدى الملاهي في إحدى المدن الكبيرة .
الرئيس : مدينة عربية ..؟
القادم : نعم مدينة عربية
الرئيس حدثنا عنها إذن
القادم : إن قصتي معها طويلة جدا .. ولا أظن أن المجال يتسع لسردها .
الرئيس : لكنك قلت أنها بعض أسباب مرضك النفسي ..من خلال علاقتك بتلك الراقصة .
القادم : نعم يا سيدي
الرئيس : حدثنا إذن باختصار
القادم : لقد طلبت منها ذات ليلة ... أن تقنع رئيس الفرقة بالسماح لها بأن تقوم برقصة من تصميمي أنا
الرئيس : من تصميمك أنت ..؟
القادم : نعم
الرئيس : وهل أدت الرقصة ..؟
القادم نعم
الرئيس : وعرفت إذن سببا جوهريا في مرضك النفسي الخطير ..؟
القادم : عرفت بعد تلك الرقصة بوقت طويل
الرئيس : سببا جوهريا ..؟
القادم : نعم
الرئيس : وما هو هذا السبب الجوهري .؟
القادم : أمي ..
الرئيس : أمك ..؟
القادم : ولماذا أمك ..؟
لأنها رفضت جميع الرجال من أجلي .. لأنها عاشت بدون رجل من أجلي .. لأنها خنقت وكبلت غرائزها من أجلي ..لأنها فضلت أن تلعق وجهي وأذني كما تفعل القطط بولدها المولود حديثا ... ولأنني لم أتحرر من قبضتيها المتشبثتين .. لأنها قررت أن أبقى طفلا الى الأبد .. كانت تخاف علي من مخالطة البشر .. كانت تراهم جميعا وحوش .... وحوش لأنها تعتبرهم جميعا ذئاب .. كانت تشك بنواياهم وتشك في أقوالهم وأفعالهم .. لأنها بقيت امرأة شريفة طاهرة .
( فارس مسعود يبكي بحرارة ويصرخ بأعلى صوته ..كيف عرفت هذا ..؟ لم أخبر أحدا لم أخبر أحد .... كيف عرفتم كل هذه التفاصيل كيف ...؟.
( وينهار على الخشبة )
ستار .. نهاية الفصل الأول
الفصل الثاني
من مسرحية الطرق يشتد على الباب
تفتح الستارة نشاهد الرئيس يقهقه بأعلى صوته وفارس والقادم يجلسان
الرئيس : هههه ههههه هههههه ... لعلك نسيت أن ... تحدثنا عن الراقصة الانجليزية ، والرقصة التي صممتها أنت .
القادم : لم أنسى الرقصة التي صممتها أنا ... ولن أنسى الراقصة يا سيدي
الرئيس : ههههههه هههههه هاااااه هههه ههههه
يجري تعتيم كامل ... ثم تضاء بقعة ضوء على الفسحة المرتفعة على اليمين وتجري فوقها رقصة تعبيرية تتم بين رجل وامرأة ... المرأة في البداية تهدهد طفلها النائم في السرير الموجود على يسار الفسحة .. يدخل شاب من النافذة وتراه المرأة وتهرع إليه ..ثم يرقصان تلك الرقصة التي تعبر عن الحب والولع الشديد واللهفة بينهما ... يرقصان قليلا وينسجمان ..
يبكي الصغير في السرير .. تدع المرأة الشاب بلطف من صدره وتهرع لتسكت الطفل .. ثم تعود إلى الشاب من جديد ويرقصان من جديد .. وتتعالى الموسيقى ويحتدم الرقص ويندمجان بانسجام تام مع الموسيقى .. في هذه اللحظة يبكي الطفل من جديد .. لكنها لا تهرع إليه وتبقى منسجمة ..يزداد صراخ الطفل .. ينفجر الطفل بكاء ولا تهرع إليه ..يسقط الطفل على الأرض ولا تهرع إليه ... ويصمت الطفل مرة واحدة ... تتواصل الموسيقى وتصل ذروتها وتنهار المرأة من المتعة على الأرض .. يتسلل الشاب نحو النافذة ويخرج .. بعد لحظات تستعيد المرأة توازنها وترتب شعرها وتصلح من شأن ثيابها ..ثم تتوجه نحو السرير .. تنظر إلى الطفل تمسكه تصرخ بصوت عال وتلقي برأسها عليه .
تعتيم كامل
ثم بعد لحظات يضاء المسرح ونشاهد الرئيس وفارس والقادم ولا أثر للمرأة أو الطفل ويعود المشهد كما كان قبل الرقصة .
( ينهض فارس مسعود وهو في غاية الغضب والقلق ويصيح بهما )
فارس : سحرة .. إنكم سحرة ..سحرة .. لستم سوى سحرة
الرئيس : هل تهدأ ثانية وتجلس أم تريد الانسحاب ..؟
فارس : حسنا سوف أهدأ ..ولكن هل تسمح لي بأن أوجه سؤالا أو سؤالين ..؟
الرئيس : لا بأس في ذلك ..اسأل .
فارس : ( إلى القادم ) ..هي أنت .. حدثني ..هل أنت مصغ ..؟
القادم : إني مصغ
فارس : ( وهو لا يزال منفعلا ) .. الأنف المقوس ..الذي يشبه القوس ..هل هو جميل ..؟ أم بشع ..؟
القادم : هههههه ههههه .. في الحقيقة كنت أتحدث مع صديق في هذا الموضوع منذ بضعة أيام .
فارس : أنت كنت تتحدث منذ أيام بمثل هذا الموضوع مع صديق ..؟ مثلي تماما .. ولكن قل لي ما اسم هذا الصديق ..؟
القادم : اسمه أحمد
فارس : وتعرف اسمه أيضا ..؟ يا لكم من مكره ..مكره ..سحرة .. وماذا قال أحمد لك أحمد عندما سألته ..أقصد كيف علل ذلك ؟ .. هل قال الأنف المقوس بشع ..؟
القادم : نعم قال انه بشع
فارس : حسنا .. ولكن كيف علل ذلك ؟
القادم : قال انه بشع لأننا تعودنا على الأنوف المستقيمة .. ولأننا نراه شاذا .
فارس : ولكن ما رأيك أنت .؟ هل الأنف المقوس بشع ..؟
القادم : نعم بشع .
فارس : لأننا تعودنا على الأنف المستقيم ..؟ أم ماذا ..؟
القادم : كلا .. انه بشع لأنه بشع
فارس : لو افترضنا أن جميع البشر مخلوقون بأنوف مقوسة ..ولكنك لمحت أنفا مستقيما ..هل ستقول عنه بشعا ..؟
القادم : ههههه هههه كلا لا أقول عنه بشعا ..سأراه جميلا ... وسأرفع رأسي نحو السماء وأقول يا رب لماذا لم تخلقنا بأنوف مستقيمة
فارس : حسنا .. ولكن لماذا الأنف المستقيم جميل ..؟
القادم : لم أعثر على جواب
فارس : حاول أن تعثر
القادم : لا أستطيع
فارس : لماذا لا تستطيع .؟
القادم : لأننا نستطيع أن نفكر بآلاء الله فقط .
فارس : ( يصرخ ) كيف عرفت أن هذا رأيي .. يجب أن أرى فدمك اليسرى . يجب أن أرى الإصبع الإضافية .
( يقترب منه ويحاول أن ينتزع الحذاء من قدم القادم ) ..يجب أن أراها
( ينتزع الحذاء يحدق بقدم القادم يشعر بالدهشة والانبهار .ثم ينتزع القناع ويصعق من فرط الدهشة ويتراجع مصدوما من هول ما رأى ويهتف )
...يا الهي .... إن له إصبع إضافية مثلي .. إن وجهه يشبهني ..بل إنه أنا إنه وجهي ..ملامحي .. إنه أنا .. إنكم سحرة .... سحرة ,..... سحرة ...سحراااااااااااه .
تعتيم
يضاء المسرح لنعود إلى الوضع السابق .
الرئيس : حسنا ..أجبني ..هل تهدأ أم تريد الانسحاب ..؟ هل تتحكم بنفسك ..أم تفضل الانسحاب والهروب ..؟
فارس : ( يذرع الغرفة جيئة وذهابا ، بينما الرئيس يدخن من سيجاره )
..حسنا ..حسنا أيها السادة .. إنني أعترف لكم بالبراعة الفذة ..إنكم بدون شك سحرة متمرسون ..أنتم مذهلون ... لكن دعني أقول لك شيئا آخر .. شيئا آخر أحسه في داخلي ..شيء آخر لا ينفع سحركم وشعوذتكم .. شيء يميزني عن عفريتك هذا .
الرئيس : ما هو هذا الشيء .. الذي يميزك عنه ها .. انظر إليه إنه أنت ..أفكارك أحلامك توقعاتك تشوهاتك ..هو أنت .
فارس : هناك ما يميزني .. إنه نفس الشيء الذي يميزني عنك وعنه وعن كل الناس .. إنه أنا .. أنا .. شيء آخر أحسه في أعماقي .. ‘انه أنا ..أنا..هل تفهم ..؟ هذا الشيء الذي يميزني عنه ..إنه أنا .
الرئيس : اجلس وسوف أحدثك عن هذا الشيء .. إنني أعرفه أكثر مما تعرفه أنت ...وأكثر مما يعرفه الآخرون ..هل تعرف لماذا ..؟ ..لأنني فقدته أنا في يوم من الأيام .. بعد عملية جراحية أجريت لي ..صحوت من البنج لأجد نفسي أفقد الإحساس في الأنا أو الهوية .. فقدت إحساسي بنفسي .. كنت لا بد أن أذكر نفسي وأنا في الشارع وأنا في البيت ..بأن اسمي هو فارس مسعود .. المخرج التلفزيوني الكبير .. لقد فقدت الإحساس بمادية الأشياء من حولي ..لم يعد ما يميزني عن الآخرين من الداخل .. توقفت عن التفكير ساعات وأيام وشهور .. أصبح كل الجمادات من حولي أزلية وأصبحت أنا العدم ... كنت إذا جلست مع أحد أصبح هو بعد لحظات ..هل تفهمني ..؟ أصبح هو .. ما الذي انتقل منه إلي ..؟ ...تسمونه التقمص أليس كذلك ..؟
فارس : إن الشي الذي تتحدث عنه أنت ..له علاقة بالكيمياء والمغناطيس .. إنه ليس نفس الشيء الذي أتحدث عنه أنا ...ليس هو ..
الرئيس : بل هو .. وإلا لماذا يفقده المجانين .
فارس : الشيء الذي أعنيه لم تفقده أنت
الرئيس : لو أنني جننت لفقدته
فارس : إنه ليس العقل أيها الرئيس .. إن العقل المحشو بالأفكار المتعارضة والمتناقضة لايمكن أن يكتب له الخلود .
الرئيس : هل تقصد الروح ما يمزك عنه ..؟
فارس : لا أعلم .. ربما أن النفس والقلب والروح هي الخالدة .. الروح التي تخلو من عكر ومخلفات العقل وما يحمله من تناقضات وأفكار .
الرئيس : إذا كان هو الروح .. لا بد أن الأرواح متشابهه ..اقذف بطريقتك في التفكير ، وبالتأمل ، وبجميع العقد النفسية ومسبباتها .. وأقذف بمزاجك اقذف بها جميعا إلى البحر .. ماذا يتبقى لك ..ماذا يبقى ..يبقى ذلك الشيء .. تبقى الروح كما تدعي .
فارس : لا يمكن أن تكون الأرواح متشابهه .. ولا تفهم مني يا سيدي أني أحيل العقل إلى لا شيء .. إنه القارب أيها الرئيس .. لكن القارب لا يسير دون أذرع تجذف وأعين ترشده إلى الضفة الأخرى .. ضفة الإيمان بالله .. للوصول للضفة الأخرى ,,لابد من قارب وأذرع تجذف وأعين ترشدك على الطريق .
فارس : وهل لديك الدليل ..؟
فارس : وما أوتيتم من العلم إلا قليلا
الرئيس : هل أنت مؤمن بالله ..؟
فارس : إنني أطرق الباب يا سيدي
الرئيس : أي باب ..؟
فارس : الباب المفضي إلى الإيمان
الرئيس : ههههههه هههه .. ولم يفتح لك أحد ..هههههه هههه
فارس : لكن الباب ليس مغلقا .
الرئيس : لماذا لا تدخل إذا ..؟
فارس : إنني على وشك الدخول
الرئيس : لماذا لا تدخل
فارس : إني أهم بالدخول
الرئيس : إذا لماذا تقرع الباب ..؟
فارس : ولو شاء ربك لآمن من في الأرض كلهم جميعا .. صدق الله العظيم .. لا بد أن أواصل الطرق ..حتى اللحظات الأخيرة من حياتي .
الرئيس : (يضرب بقبضته على الطاولة بغضب ) .. ولماذا لم ..
فارس : وما أوتيتم من العلم إلا قليلا
الرئيس : ( بغضب ) أخرجوه من هنا أخرجوه .( يتقدم ثلاثة أشخاص أشداء من فارس )
فارس : إنني خارج دون مشاكل ..خارج وحدي
الرئيس : انتظر ... قل لي لماذا تقرع الباب .. ولماذا لم تدخل ..؟
فارس : ولو شاء ربك لآمن من في الأرض كلهم جميعا
الرئيس : ( يبكي ويضرب بقبضته على الطاولة ) ..لماذا يعذبنا .. إنه لم يشأ
فارس : وما أوتيتم من العلم إلا قليلا
الرئيس : (بصوت خافت ومليء بالانفعال ) ..اخرج من هنا .. اخرج من هنا أخرجوه
تعتيم نهاية المسرحية
انتهت

الفصل الأول
تمثل خشبة المسرح غرفة كبيرة علق على جدرانها رسوم غريبة ومخيفة، ويوجد على اليسار طاولة غير عادية.
طاولة طويلة وضيقة وقد غطيت بجلال من القماش تلامس الأرض ،وضع على الطاولة تمثال غريب يعبر عن شعار لمؤسسة غريبة أو جمعية غريبة ، وخلف الطاولة يوجد كرسي ذو ظهر غريب الشكل ، على يمين المسرح يوجد فسحة صغيرة مرتفعة قليلا تصلح لأن تجري فوقها رقصة تعبيرية .
يوجد ثلاثة أو أربعة مقاعد موزعة بطريقة متلائمة... الجو العام في الغرفة كما يوجد طاولة صغيرة بجوار أحد المقاعد .
يضاء المسرح كاملا ، بحيث تظهر الرسوم الغريبة والمخيفة والطاولة والكرسي غريب الشكل والذي يكون على شكل جمجمة .
يدخل رجل من باب في أقصى اليسار ويبدو أن بصحبته رجل آخر لم يدخل بعد .
الرجل:(بلهجة خالية من أي انفعال أو شعور ) .... تفضل ...تفضل .
( يدخل الشخص الذي في الخارج وينظر في أرجاء الغرفة ويبدو عليه رباطة الجأش ومتانة الأعصاب )
الرجل: (وهو يشير إلى المقعد بجوار الطاولة الصغيرة ) ...تفضل اجلس ... تفضل
(يجلس الشخص القادم (فارس مسعود ) وهو ما يزال يتلفت في أرجاء الغرفة، في حين يتجه الرجل نحو رف قريب وينتزع ورقة ويأخذ قلما ويعود ويجلس بقرب الشخص القادم ويضع الورقة على الطاولة الصغيرة )
الرجل: سوف أسألك وأسجل عنك بعض المعلومات، لكي تعرض على الرئيس قبل الامتحان...اسمك لو سمحت ..؟
فارس : اسمي فارس ...فارس مسعود
الرجل: حسنا..بالمناسبة... نحن لا نسأل طالب الانتساب كيف وصل إلينا .... عملك ..؟
فارس: مخرج.... مخرج تلفزيوني .
الرجل : وأين درست ..؟
فارس :في مصر سنة 1977
الرجل :عمرك ..؟
فارس :32 سنة
الرجل : أعتقد أن هذا يكفي .....آه عفوا ....لكن لماذا ترغب في الانضمام إلينا ..؟ هل هناك غاية ما ..؟
فارس : لا أبدا ... ولكنني سمعت أن جمعيتكم في منتهى الغرابة ...وإنني أعشق كل ما هو غريب .
الرجل : ولكنك ربما لا تعرف أن رجالا جبابرة ورجالا عباقرة لم يتمكنوا من اجتياز الامتحان لدينا .
فارس :سوف نجرب (يضحك ) سنجرب .
الرجل : سوف يحضر الرئيس بعد عشر دقائق أو أكثر قليلا ...أتمنى لك النجاح والتوفيق .(يخرج الرجل )
>> تسمع قهقهة مكظومة وخافتة جدا ، ولكنها ذات جرس شيطاني ساخر وتهكمي ..ثم فترة صمت قصيرة ثم قهقهة أخرى ..ثم فترة صمت ثم قهقهة ..ثم قهقهة متواصلة شيطانية ومرعبة .... أثناء ذلك يكون فارس مسعود يستمع ويبتسم ولا تخيفه مثل هذه القهقهة ..ثم يدخل رجل معتدل القامة عريض الكتفين في الأربعين من العمر له شكل غريب يشبه رجال الفضاء حسب رؤية الخيال العلمي ، ويجلس خلف مكتبه دون أن يلتفت إلى فارس مسعود ، أو يعيره أي اهتمام ..ويخيم الصمت للحظات ... ثم يفتح احد الأدراج ويخرج سيجارا غليظا يضعه في فمه ..ثم يخرج ولاعة لكنه لا يشعل السيجار على الفور ..بل يلعب بالولاعة قليلا بأنامل يده اليمنى وهو يحدق بفارس مسعود ، ثم ينقل بصره بأسفل الباب ثم يعود ببصره إلى فارس مسعود وهكذا ويشعل السيجار ..ويسحب نفسا ثم يقول لفارس .<<
الرئيس : أظنك عرفت من أنا ..؟
فارس : نعم أظن ذلك ... أنت الرئيس بدون شك .
الرئيس:بدون شك.؟ لماذا بدون شك ..؟ ...هل أنت واثق أنني الرئيس ..؟ هل أنت متأكد ..؟.
فارس :لا ... لست واثقا ولست متأكدا ..أريد أن أقول على الأغلب أنت الرئيس.
هذا ما يؤكده تسلسل الوقائع الغريبة التي مررت فيها منذ مجيئي إلى هنا .
الرئيس :حسنا ..إنني الرئيس ..أنا الرئيس.
( يسحب نفسا من سيجاره ثم فترة صمت ثم يدخل الرجل الأول الذي دخل في بداية المسرحية وبيده قناع من قماش اسود ويتوجه الى فارس مسعود ويهم بادخال القناع في رأسه )).
الرجل : هل تسمح ..؟
فارس : آ ..لا مانع إذا كانت هذه العادة عندكم .
(يدخل الرجل القناع في رأس فارس مسعود ويخرج )
الرئيس: تعودنا أن نخضع شخصين في آن واحد للامتحان .
فارس : كما تريد .
( يطرق الرئيس على الطاولة قبل أن ينتهي فارس من الكلام ويدخل شخص مقنع من الخارج )
الرئيس : ( للقادم الجديد المقنع ) .... تفضل اجلس ... ( ويشير إلى مقعد بجوار فارس مسعود ) " فترة صمت ثم يوجه حديثه للقادم الجديد " .... أنت .. ما اسمك ..؟
القادم : اسمي ..فارس مسعود
( يلتفت فارس مسعود بدهشة إلى القادم الجديد ..ثم يضحك بصوت مرتفع )
الرئيس : لماذا تضحك ..؟
فارس : لأنني ..ههههه.. هههه ..لأنني ..أنا ..أنا ايضا فارس مسعود ...هههههههههه .
الرئيس :وهل هذا يضحك ..؟
فارس : إنني آسف آسف .
الرئيس: ( الرئيس للقادم الجديد) ... عمرك ..؟
القادم : 32 سنه
(يضحك فارس مسعود بصوت عال ثم يستدرك ويتوقف عن الضحك )
فارس : آسف ..آسف ..لكني أنا ايضا عمري 32 سنة .
الرئيس : ( يتجاهل فارس مسعود ويواصل سؤاله للقادم الجديد ) ...عملك ..؟
القادم : مخرج
الرئيس : أين درست ..؟
القادم : في مصر سنة 1977
( فارس يضحك يصوت عال )
الرئيس : أنت ما الذي يضحكك ..؟
فارس : اشهد لكم بالبراعة الفائقة ..إنكم تعرفون تاريخ حياتي ..لكني استغرب حقا ..إن صوته يشبه صوتي .. كما أن طوله وعرض كتفيه مطابق لطولي وعرض كتفي .
الرئيس : ( يلتفت إلى القادم الجديد ولا يبالي بفارس مسعود ) ...قل لنا أنت ... لماذا تريد الانتماء إلينا ؟
القادم : لم أعد أحتمل الانتماء إلى أهلي وعشيرتي ... وها أنا الجأ إليكم ...كما أن جمعيتكم غريبة ..وأنا أعشق كل شيء غريب وهذا ما دفعني للمجيء.
( يضحك فارس مسعود بصوت عال )
الرئيس : أنت تضحك ثانية ..!!
فارس : لأنني .. أنا ايضا جئت للسبب نفسه
الرئيس : (للقادم ) هل تشكو من مرضا عضويا ..؟
القادم : نعم
الرئيس : تشوها في الوجه أو الجسم ..؟
القادم : إذا كنت تعتبر إصبعا إضافيا في قدمي اليسرى تشوها ... فان لدي تشوه.
( فارس مسعود يلتفت بدهشة إلى القادم ويبدو عليه الاهتمام )
فارس : هل قلت إصبعا إضافيا في قدمك اليسرى ..؟
القادم : آ ..آ نعم
فارس : هل استطيع أن أراها ..؟
الرئيس : سوف تراها فيما بعد .
فارس : هههههه ..هل سأراها حقا ..؟ ( يضحك ) .
( الرئيس يسحب نفسا من سيجاره ..فترة صمت ..ثم يوجه حديثه للقادم )
الرئيس : أصغ إلي أنت ...سوف أسألك بعض الأسئلة ... وسوف تجيبني بمنتهى الصدق ..هل أنت مستعد..؟
القادم : إنني مصغ
الرئيس : لديك سيارة ... أليس كذلك ..؟
القادم : نعم يا سيدي
الرئيس : لو أنك دهست طفلا بسيارتك في احد الأحياء القديمة .. ماذا تفعل ..؟ هل تهرب ..؟ أم تنزل من السيارة لكي تنقذ الطفل ... أم ماذا تفعل ..؟ أجب بصدف مطلق .
القادم : ( بعد فترة صمت ) ...صدقني لا أعرف ماذا أفعل ... لم يحصل معي من قبل أن دهست طفلا .
الرئيس : انك لا تعرف ماذا تفعل إذن ..؟
القادم : لا يا سيدي ... لا أعرف ماذا افعل .
الرئيس : ( إلى فارس مسعود ) .... وأنت ... ماذا تفعل ..؟
فارس : في الحقيقة .. أنا ايضا لا أعرف ..كما قال تماما ... كما أنني لم أدهس طفلا من قبل
الرئيس : ( للقادم ) ... هل تتخيل في بعض الأحيان أن مثل هذه الحادثة ..قد وقعت معك فعلا ..؟
القادم : نعم يا سيدي أتخيل ... لكني لم أتخيل مطلقا ما الذي فعلته مع الطفل .
الرئيس : (للقادم ) ... هل تحب قيادة السيارة ..؟
القادم : من أكثر الأشياء التي أكرهها وامقتها قيادة السيارات .
الرئيس : ( لفارس مسعود ) ... وأنت ..؟
فارس : ( وهو تحت تأثير الصدمة مما يسمعه ) ..... كما قال تماما ..قما قال تماما ... هههههه هههههه ..... ههه ههه هههههههه (يضحك بصوت عال )
الرئيس : هل والدك على قيد الحياة ..؟
القادم : لا يا سيدي
الرئيس متى مات ..؟
القادم : سنة 1969
الرئيس : هل تأثرت وحزنت كثيرا لوفاته ..؟
القادم : آ... لا ... إنني لم أبك ...وإن كنت حاولت البكاء .
الرئيس : هل تأثرت وحزنت لوفاته ..؟ أجب بكل صدق .
القادم : في الحقيقة كان يجب أن أتأثر
الرئيس : إذا لم تكن متأثرا حقيقة وفعلا ..؟
القادم : الآن فقط أستطيع .. هنا ... في هذه اللحظة فقط ..أستطيع أن أقول أنني لم أتأثر تأثرا شديدا .. يل في الحقيقة لم أتأثر مطلقا .
الرئيس : ( لفارس مسعود ) .... وأنت هل والدك على قيد الحياة ..؟
فارس : ( بلهجة تنم عن تزايد الغضب والقلق والشك ) ... لا داعي لأن أقول شيئا ... لا داعي .. كل ما قاله هذا المحترم ..مطابق تماما .. مطابق كل التطابق ... لكنني يجب أن أرى قدمه اليسرى ...( يلتفت إلى القادم ) ..لو سمحت ..أريد أن أرى الإصبع السادسة ..يجب أن أرى الإصبع السادة .
الرئيس : أيها السيد ..قلت لك سوف تراها فيما بعد ..( يوجه سؤاله للقادم ) .. قل لي إذن ما الذي جعلك تعتقد أنك لم تتأثر لوفاة والدك ..؟
القادم : الأحلام يا سيدي .. الأحلام المتلاحقة التي كنت أراها لفترة طويلة بعد وفاة والدي .. ثم ... أنني لم أفعل ما يفعله الناس عادة ..عندما يفقدون شخصا عزيزا .
الرئيس : أي نوع من الأحلام كنت ترى في منامك ..؟ هلا حدثتنا قليلا ..؟
القادم : بعد وفاته مباشرة ... ولفترة طويلة كنت أرى نفسي في الحلم هاربا ..وكان هو يجري خلفي .. أحيانا كنت أطير طيرانا ..كانت القفزة الواحدة تتجاوز العشرين مترا ..وكنت أحس أنه دائما خلفي مباشرة ..وهكذا .
( فارس بانفعال وغضب يهب واقفا ويصرخ )
فارس : إنني لم أخبر أحدا .. لم أخبر أحدا ( يهجم على القادم ويمسك قدمه اليسرى يحاول أن يفك حذائه ) ... كيف عرفت كيف عرفت ... كيف عرفتم كل هذه التفاصيل ..؟ لم أخبر أحدا .. دعني أرى قدمك اليسرى ... دعني أرى الإصبع الإضافية .
( يتقدم الرئيس من فارس ويبعده عن القادم بقوة )
الرئيس : اهدأ قليلا .. وأرجو أن تجلس .. سوف ترى قدمه اليسرى فيما بعد .. الا إذا كنت تود الانسحاب والمغادرة .
فارس : ( بتحد ) كلا .. لن أنسحب ولن أغادر ..إنني باق .
( يعود الرئيس إلى مكتبه ويواصل سؤال القادم )
الرئيس : ولآن أخبرني .. هل والدتك على قيد الحياة ..؟
القادم : نعم
الرئيس : هل هي طاعنة في السن ..؟
القادم : كلا يا سيدي إنها تبدو في الثلاثين من عمرها .
الرئيس : هل تزوجت ..؟
القادم : أبدا
الرئيس : ألم يتقدم لها أحد ..؟
القادم : بل تقدم كثيرون
الرئيس : هل رفضتهم ..؟
القادم : نعم يا سيدي .. رفضتهم جميعا
الرئيس : ( يسحب نفسا جديدا ) .. قلت قبل قليل أنك لا تشو من أي مرض عضوي ما عدا تشوه في قدمك اليسرى ... ولكن هل تعاني من مرض نفسي مثلا ..؟
القادم : في الحقيقة عانيت من مرض نفسي خطير قبل أربعة سنوات .
الرئيس : والآن ..؟
القادم : أعتقد أني قد تخلصت منه ... لكن ليس تماما .
الرئيس : هل راجعت أطباء نفسانيين .؟
القادم : نعم يا سيدي كثيرين .
الرئيس : وهل وقفت على الأسباب التي جعلتك فريسة للمرض كما تدعي ..؟
القادم لم أكن أعرف في البداية ..لكني عرفت الآن .
الرئيس : ماذا عرفت ..؟
القادم : لم أعرف بالطبع جميع الأسباب ..لكنني عرفت سببا جوهريا
الرئيس : ( يلتفت إلى فارس مسعود الذي بدا منفعلا وقلقا إلى حد كبير ) ... هي أنت هل كنت تعان.......
فارس : ( مقاطعا الرئيس ) ... متطابق ..متطابق .. كل شي متطابق ... أكملوا هذه المهزلة ..إني بانتظار النهاية .
الرئيس : ( إلى القادم ) .. وما هو السبب الجوهري الذي أوقعك في المرض النفسي الخطير كما تدعي ..؟
القادم : لقد تعرفت منذ سنتين على راقصة "ستربتيز " انجليزية في إحدى الملاهي في إحدى المدن الكبيرة .
الرئيس : مدينة عربية ..؟
القادم : نعم مدينة عربية
الرئيس حدثنا عنها إذن
القادم : إن قصتي معها طويلة جدا .. ولا أظن أن المجال يتسع لسردها .
الرئيس : لكنك قلت أنها بعض أسباب مرضك النفسي ..من خلال علاقتك بتلك الراقصة .
القادم : نعم يا سيدي
الرئيس : حدثنا إذن باختصار
القادم : لقد طلبت منها ذات ليلة ... أن تقنع رئيس الفرقة بالسماح لها بأن تقوم برقصة من تصميمي أنا
الرئيس : من تصميمك أنت ..؟
القادم : نعم
الرئيس : وهل أدت الرقصة ..؟
القادم نعم
الرئيس : وعرفت إذن سببا جوهريا في مرضك النفسي الخطير ..؟
القادم : عرفت بعد تلك الرقصة بوقت طويل
الرئيس : سببا جوهريا ..؟
القادم : نعم
الرئيس : وما هو هذا السبب الجوهري .؟
القادم : أمي ..
الرئيس : أمك ..؟
القادم : ولماذا أمك ..؟
لأنها رفضت جميع الرجال من أجلي .. لأنها عاشت بدون رجل من أجلي .. لأنها خنقت وكبلت غرائزها من أجلي ..لأنها فضلت أن تلعق وجهي وأذني كما تفعل القطط بولدها المولود حديثا ... ولأنني لم أتحرر من قبضتيها المتشبثتين .. لأنها قررت أن أبقى طفلا الى الأبد .. كانت تخاف علي من مخالطة البشر .. كانت تراهم جميعا وحوش .... وحوش لأنها تعتبرهم جميعا ذئاب .. كانت تشك بنواياهم وتشك في أقوالهم وأفعالهم .. لأنها بقيت امرأة شريفة طاهرة .
( فارس مسعود يبكي بحرارة ويصرخ بأعلى صوته ..كيف عرفت هذا ..؟ لم أخبر أحدا لم أخبر أحد .... كيف عرفتم كل هذه التفاصيل كيف ...؟.
( وينهار على الخشبة )
ستار .. نهاية الفصل الأول
الفصل الثاني
من مسرحية الطرق يشتد على الباب
تفتح الستارة نشاهد الرئيس يقهقه بأعلى صوته وفارس والقادم يجلسان
الرئيس : هههه ههههه هههههه ... لعلك نسيت أن ... تحدثنا عن الراقصة الانجليزية ، والرقصة التي صممتها أنت .
القادم : لم أنسى الرقصة التي صممتها أنا ... ولن أنسى الراقصة يا سيدي
الرئيس : ههههههه هههههه هاااااه هههه ههههه
يجري تعتيم كامل ... ثم تضاء بقعة ضوء على الفسحة المرتفعة على اليمين وتجري فوقها رقصة تعبيرية تتم بين رجل وامرأة ... المرأة في البداية تهدهد طفلها النائم في السرير الموجود على يسار الفسحة .. يدخل شاب من النافذة وتراه المرأة وتهرع إليه ..ثم يرقصان تلك الرقصة التي تعبر عن الحب والولع الشديد واللهفة بينهما ... يرقصان قليلا وينسجمان ..
يبكي الصغير في السرير .. تدع المرأة الشاب بلطف من صدره وتهرع لتسكت الطفل .. ثم تعود إلى الشاب من جديد ويرقصان من جديد .. وتتعالى الموسيقى ويحتدم الرقص ويندمجان بانسجام تام مع الموسيقى .. في هذه اللحظة يبكي الطفل من جديد .. لكنها لا تهرع إليه وتبقى منسجمة ..يزداد صراخ الطفل .. ينفجر الطفل بكاء ولا تهرع إليه ..يسقط الطفل على الأرض ولا تهرع إليه ... ويصمت الطفل مرة واحدة ... تتواصل الموسيقى وتصل ذروتها وتنهار المرأة من المتعة على الأرض .. يتسلل الشاب نحو النافذة ويخرج .. بعد لحظات تستعيد المرأة توازنها وترتب شعرها وتصلح من شأن ثيابها ..ثم تتوجه نحو السرير .. تنظر إلى الطفل تمسكه تصرخ بصوت عال وتلقي برأسها عليه .
تعتيم كامل
ثم بعد لحظات يضاء المسرح ونشاهد الرئيس وفارس والقادم ولا أثر للمرأة أو الطفل ويعود المشهد كما كان قبل الرقصة .
( ينهض فارس مسعود وهو في غاية الغضب والقلق ويصيح بهما )
فارس : سحرة .. إنكم سحرة ..سحرة .. لستم سوى سحرة
الرئيس : هل تهدأ ثانية وتجلس أم تريد الانسحاب ..؟
فارس : حسنا سوف أهدأ ..ولكن هل تسمح لي بأن أوجه سؤالا أو سؤالين ..؟
الرئيس : لا بأس في ذلك ..اسأل .
فارس : ( إلى القادم ) ..هي أنت .. حدثني ..هل أنت مصغ ..؟
القادم : إني مصغ
فارس : ( وهو لا يزال منفعلا ) .. الأنف المقوس ..الذي يشبه القوس ..هل هو جميل ..؟ أم بشع ..؟
القادم : هههههه ههههه .. في الحقيقة كنت أتحدث مع صديق في هذا الموضوع منذ بضعة أيام .
فارس : أنت كنت تتحدث منذ أيام بمثل هذا الموضوع مع صديق ..؟ مثلي تماما .. ولكن قل لي ما اسم هذا الصديق ..؟
القادم : اسمه أحمد
فارس : وتعرف اسمه أيضا ..؟ يا لكم من مكره ..مكره ..سحرة .. وماذا قال أحمد لك أحمد عندما سألته ..أقصد كيف علل ذلك ؟ .. هل قال الأنف المقوس بشع ..؟
القادم : نعم قال انه بشع
فارس : حسنا .. ولكن كيف علل ذلك ؟
القادم : قال انه بشع لأننا تعودنا على الأنوف المستقيمة .. ولأننا نراه شاذا .
فارس : ولكن ما رأيك أنت .؟ هل الأنف المقوس بشع ..؟
القادم : نعم بشع .
فارس : لأننا تعودنا على الأنف المستقيم ..؟ أم ماذا ..؟
القادم : كلا .. انه بشع لأنه بشع
فارس : لو افترضنا أن جميع البشر مخلوقون بأنوف مقوسة ..ولكنك لمحت أنفا مستقيما ..هل ستقول عنه بشعا ..؟
القادم : ههههه هههه كلا لا أقول عنه بشعا ..سأراه جميلا ... وسأرفع رأسي نحو السماء وأقول يا رب لماذا لم تخلقنا بأنوف مستقيمة
فارس : حسنا .. ولكن لماذا الأنف المستقيم جميل ..؟
القادم : لم أعثر على جواب
فارس : حاول أن تعثر
القادم : لا أستطيع
فارس : لماذا لا تستطيع .؟
القادم : لأننا نستطيع أن نفكر بآلاء الله فقط .
فارس : ( يصرخ ) كيف عرفت أن هذا رأيي .. يجب أن أرى فدمك اليسرى . يجب أن أرى الإصبع الإضافية .
( يقترب منه ويحاول أن ينتزع الحذاء من قدم القادم ) ..يجب أن أراها
( ينتزع الحذاء يحدق بقدم القادم يشعر بالدهشة والانبهار .ثم ينتزع القناع ويصعق من فرط الدهشة ويتراجع مصدوما من هول ما رأى ويهتف )
...يا الهي .... إن له إصبع إضافية مثلي .. إن وجهه يشبهني ..بل إنه أنا إنه وجهي ..ملامحي .. إنه أنا .. إنكم سحرة .... سحرة ,..... سحرة ...سحراااااااااااه .
تعتيم
يضاء المسرح لنعود إلى الوضع السابق .
الرئيس : حسنا ..أجبني ..هل تهدأ أم تريد الانسحاب ..؟ هل تتحكم بنفسك ..أم تفضل الانسحاب والهروب ..؟
فارس : ( يذرع الغرفة جيئة وذهابا ، بينما الرئيس يدخن من سيجاره )
..حسنا ..حسنا أيها السادة .. إنني أعترف لكم بالبراعة الفذة ..إنكم بدون شك سحرة متمرسون ..أنتم مذهلون ... لكن دعني أقول لك شيئا آخر .. شيئا آخر أحسه في داخلي ..شيء آخر لا ينفع سحركم وشعوذتكم .. شيء يميزني عن عفريتك هذا .
الرئيس : ما هو هذا الشيء .. الذي يميزك عنه ها .. انظر إليه إنه أنت ..أفكارك أحلامك توقعاتك تشوهاتك ..هو أنت .
فارس : هناك ما يميزني .. إنه نفس الشيء الذي يميزني عنك وعنه وعن كل الناس .. إنه أنا .. أنا .. شيء آخر أحسه في أعماقي .. ‘انه أنا ..أنا..هل تفهم ..؟ هذا الشيء الذي يميزني عنه ..إنه أنا .
الرئيس : اجلس وسوف أحدثك عن هذا الشيء .. إنني أعرفه أكثر مما تعرفه أنت ...وأكثر مما يعرفه الآخرون ..هل تعرف لماذا ..؟ ..لأنني فقدته أنا في يوم من الأيام .. بعد عملية جراحية أجريت لي ..صحوت من البنج لأجد نفسي أفقد الإحساس في الأنا أو الهوية .. فقدت إحساسي بنفسي .. كنت لا بد أن أذكر نفسي وأنا في الشارع وأنا في البيت ..بأن اسمي هو فارس مسعود .. المخرج التلفزيوني الكبير .. لقد فقدت الإحساس بمادية الأشياء من حولي ..لم يعد ما يميزني عن الآخرين من الداخل .. توقفت عن التفكير ساعات وأيام وشهور .. أصبح كل الجمادات من حولي أزلية وأصبحت أنا العدم ... كنت إذا جلست مع أحد أصبح هو بعد لحظات ..هل تفهمني ..؟ أصبح هو .. ما الذي انتقل منه إلي ..؟ ...تسمونه التقمص أليس كذلك ..؟
فارس : إن الشي الذي تتحدث عنه أنت ..له علاقة بالكيمياء والمغناطيس .. إنه ليس نفس الشيء الذي أتحدث عنه أنا ...ليس هو ..
الرئيس : بل هو .. وإلا لماذا يفقده المجانين .
فارس : الشيء الذي أعنيه لم تفقده أنت
الرئيس : لو أنني جننت لفقدته
فارس : إنه ليس العقل أيها الرئيس .. إن العقل المحشو بالأفكار المتعارضة والمتناقضة لايمكن أن يكتب له الخلود .
الرئيس : هل تقصد الروح ما يمزك عنه ..؟
فارس : لا أعلم .. ربما أن النفس والقلب والروح هي الخالدة .. الروح التي تخلو من عكر ومخلفات العقل وما يحمله من تناقضات وأفكار .
الرئيس : إذا كان هو الروح .. لا بد أن الأرواح متشابهه ..اقذف بطريقتك في التفكير ، وبالتأمل ، وبجميع العقد النفسية ومسبباتها .. وأقذف بمزاجك اقذف بها جميعا إلى البحر .. ماذا يتبقى لك ..ماذا يبقى ..يبقى ذلك الشيء .. تبقى الروح كما تدعي .
فارس : لا يمكن أن تكون الأرواح متشابهه .. ولا تفهم مني يا سيدي أني أحيل العقل إلى لا شيء .. إنه القارب أيها الرئيس .. لكن القارب لا يسير دون أذرع تجذف وأعين ترشده إلى الضفة الأخرى .. ضفة الإيمان بالله .. للوصول للضفة الأخرى ,,لابد من قارب وأذرع تجذف وأعين ترشدك على الطريق .
فارس : وهل لديك الدليل ..؟
فارس : وما أوتيتم من العلم إلا قليلا
الرئيس : هل أنت مؤمن بالله ..؟
فارس : إنني أطرق الباب يا سيدي
الرئيس : أي باب ..؟
فارس : الباب المفضي إلى الإيمان
الرئيس : ههههههه هههه .. ولم يفتح لك أحد ..هههههه هههه
فارس : لكن الباب ليس مغلقا .
الرئيس : لماذا لا تدخل إذا ..؟
فارس : إنني على وشك الدخول
الرئيس : لماذا لا تدخل
فارس : إني أهم بالدخول
الرئيس : إذا لماذا تقرع الباب ..؟
فارس : ولو شاء ربك لآمن من في الأرض كلهم جميعا .. صدق الله العظيم .. لا بد أن أواصل الطرق ..حتى اللحظات الأخيرة من حياتي .
الرئيس : (يضرب بقبضته على الطاولة بغضب ) .. ولماذا لم ..
فارس : وما أوتيتم من العلم إلا قليلا
الرئيس : ( بغضب ) أخرجوه من هنا أخرجوه .( يتقدم ثلاثة أشخاص أشداء من فارس )
فارس : إنني خارج دون مشاكل ..خارج وحدي
الرئيس : انتظر ... قل لي لماذا تقرع الباب .. ولماذا لم تدخل ..؟
فارس : ولو شاء ربك لآمن من في الأرض كلهم جميعا
الرئيس : ( يبكي ويضرب بقبضته على الطاولة ) ..لماذا يعذبنا .. إنه لم يشأ
فارس : وما أوتيتم من العلم إلا قليلا
الرئيس : (بصوت خافت ومليء بالانفعال ) ..اخرج من هنا .. اخرج من هنا أخرجوه
تعتيم نهاية المسرحية
انتهت
تعليق