أقدم لكم هنا نص المداخلة التي قدمها الأستاذ هــري عبد الرحيم، في الأمسية الشعرية التي خصصت للشاعرة الكبيرة الدكتورة خلدية آل خليفة،بمدينة فاس بالمغرب،وهي المداخلة التي أصلا هيأها الدكتور جودات محمد،فتصرفتُ فيها ببعض الإضافات وقدمتها عوضا عنه في الأمسية التي كانت حافلة بقدوم الأميرة الشاعرة.
(الأستاذ هري عبد الرحيم في حديث مع الأميرة خلدية في نهاية الأمسية)
بسم الله الرحمان الرحيم
جئتُ فاسَ أمّ الجمال والدلال لأحمل لكم تحية عطرة من الدار البيضاء ،وأسجل حضور منتدى العشرة من خلال مداخلة تقديمية هي عربون إعجاب بهذا النشاط الدائم والمتواصل في مدينة العلم والأدب والجمال :فيا فاس حيى الله أرضك.
تحية شكر للشاعرة والناشطة الثقافية :فاطمة بوهراكة لدعوتها الكريمة.
تحية شكر لكل القائمين على هذا هذا العرس الأدبي الشعبي وأعني بالذكر :"جمعية الألفة للتنمية والتضامن النسوي".
(تظهر الشاعرة ليلى ناسيمي الثالثة يمين الشاعرة خلدية ووراءها الشاعر هــري عبد الرحيم،وهما يمثلان منتدى العشرة).
وأحيي أصالة عني ونيابة عن كل أعضاء:"منتدى العشرة" أحيي لؤلؤة الشعر البحريني، وماسته النادرة :الشاعرة
د.خلدية آل خليفة.
كما أبارك لها شهادة الدكتوراه ،التي كانت ثمرة مثابرتها وجهدها على درب المعرفة والعلم.
واستهلالا لمداخلة د.جودات محمد التي جاءت هنا بتصرف ،أحب أن أسوق بعض أبيات شجية من ديوان الشاعرة المحتفى بها:
أنساك؟ريحة عطرك أو صوتً، أموت
وأسمعه؟
فوق الثلاثين الحياة أقصر من الحلم
برضاك.
أقصر من إنك تنتشي بالقلب كأنك
تخذعه.
فوق الثلاثين المحبة تكتفي غرفة هواك.
ما للطمع في موقدي شحم رقيق
تنزعه.
خذني معك في كل شي روَّ ح ولا تنسى
معاك:
أني ولو طال المسا إنت الجهات
الأربعة.
يمكن فهم السياق اللغوي لإنتاجية النصوص في الأدب الشعبي ضمن الفهم المجتمعي للغة في جماعيتها التي تبرر وصف محمد الحبيب الفرقاني مثلا حينما يصف نوعا من الآداب والفنون الشعبية بأنها تتميز "بالفطرية الذاتية والطبيعة الأصلية" وهي "تحكي الإنسان كما هو من ذاته. وتنقله كما هو في أحاسيسه وعواطفه الداخلية. وفي علائقه مع الآخرين" [1].
إنها سلطة الجماعة التي يفسرها سياق البعد اللغوي مع رولان بارث حينما يتحدث عن إنتاجية اللغة الإبداعية، وحسب هذا التعبير الوصفي الذي يقدمه محمد الحبيب الفرقاني هو "ما جعل هذه الآداب والفنون متلصقة أشد وأعمق التصاق بحياة " [2] المتلقي الذي تنتج من أجله. وعلى رغم السلبية الإبداعية التي يحددها البعد التأويلي لهذه العملية من وجهة نظر إنتاجية الأدب، فإن مقابلا إيجابيا يطفو على سطح هذه القضية وهو صدق التعبيرية الجماعية التي يحملها هذا الإنتاج الجماعي والجمعي وصدق محموله الدلالي، بحيث يجعل هذه الآداب" مشحونة الدلالة قوية المعنى عميقة المضمون. تعبيرها عن أوجهها ومضاربها المختلفة المادية والروحية والعاطفية تعبيرا أمينا" [3].
وهذا بحق دخول في مناطق إنتاجية مختلفة عن الفردية الإبداعية التي ينتجها المفهوم الحداثي للإبداعية باعتبارها تأسيسا لعوالم مختلفة وفضاءات إبداعية غير متناسخة، بحيث تتأسس هذه الإبداعية الجماعية – بما يخوله لها السياق المجتمعي العام – في إطار "الأداء والتبليغ" [4] و"الأمانة" بعيدا عن مفاهيم "الخرق" و"الانزياح" [5].
إن طبيعة عمل بهذه الصفات كان من الطبيعي أن يشكل في حد ذاته "ذاكرة جماعية" و"نصا علويا" يتداوله الناس ويرقى إلى مستوى المثل السائر، وهذه حقيقة تؤكدها الجموع الملتفة حول هذا الإبداع، خصوصا في الشرق العربي الذي احتفظ بالطقوس العربية التي تبئر الشعر وتجعله ذاكرة جماعية لها دلالات إبداعية وأنثروبولوجية لايتسع المجال لذكرها، وهو أمر ينطبق أيضا على عدة مناطق بالمغرب أيضا بحيث يستشهد الناس في مجمل أقوالهم بقيم الشعر الشعبي كنص علوي. ولا غرابة في ذلك مادام هذا الأدب تعبيرا عن أوجه الحياة "ومضاربها المختلفة المادية والروحية والعاطفية تعبيرا أمينا"[6]، ومادام يرفع "قدرتها على الأداء والتبليغ إلى مستوى الأمانة والأصالة" [7]. الشيء الذي "يضفي عليها طابعها الشعبي ومسحتها الفطرية الجميلة، وقوتها المؤثرة والساحرة" [8]. لذلك يلتف المجتمع عموما حول الأدب الشعبي الذي يحمل كل هذه الصفات لأنها مصدر استمرار وتعبير ووحدة، ولأنه انعكاس صادق وحقيقي لحمولة البنية التحتية، وتنميق وتجميل لها في شكل إبداعات تحمل صفة الجماعية، الشيء الذي يجعلها أعمالا متشابهة "من خلال تبادل عوامل التأثر والتأثير، مما يعطي للفنون الشعبية أبعاد الاتفاق والانسجام بما يوحدها أو يوحد بعض مظاهرها على مدى رقعة الوطن العربي" [9] … كما أنها إنتاجات تتوحد في "أصالتها، أي أصالة إبداعها، باعتبار الأصالة عنصرا جماعيا أو عنصرا موحدا أو وحدويا في الفنون الشعبية وما إليها من ألوان التراث، لا يمكن ربطه بالفردية، علما بأن المبدع الأصيل لا يعتبر كذلك إلا إذا كان يعبر عما تحسه الجماعة لتلتحم به وتتجاوب معه، تحفزا من مقومات معينة ومحددة، ولا تكون هذه المقومات إلا كامنة في وجدان الجماعة وفي تمثلها وذهنها وفكرها؛ …"[10].
إن هذا الوصف الذي يقدم من داخل الأدب الشعبي ومن دارسيه، هو الذي يفسر شهرة شعراء يبدعون هذا اللون من الشعر في فضاء التلقي العربي أمثال ضيفنها الغالية الشاعرة خلدية آل خليفة:
فنصوص الشاعرة هي أولا وقبل كل شيء تعبيرية ملموسة تدخل وتتوحد مع إنتاجية المتلقي، ولا تأتي من عل، وهي بساطة إبداعية تعبر عن العمق في آن واحد [11]،
إن إبداع الشاعرة نتاج فضاء ومشاهد وتعبيرات جماعية تشترك في مقيل يحسه المتلقي ويعبر به متلق/منتج، يشترك وينخرط في ذاكرة جماعية يحسها المتلقي بكل عمق ملموس، وهي تتقمص دور الشاعر الشعبي الملتحم بجمهوره، والذي لا يعرف الطلاق الذي يعرفه الشاعر الرسمي مع الجمهور، لأن الشاعر الرسمي يبني طقوسا كتابية فردانية تجعل كل قراءة مشروطة بشروط إمكان معرفية وإبداعية لا تخول لأي كان أن يدخلها،
تقول الشاعرة في قصيدة أسألك
أجمل الشعر حبر يكتسيه الدلال
ليتني أنتشي بك واكتبك من دلالي
واسألك باللي جمعنا من سنين طوال
وش بقى للسنين المقبلات وخيالي
إنها دلالات دالة لا يستطيع غير هذا الشعر أن يدخلها و يسبر أغوارهاـ/الشيء الذي يجعل الشعرية الشعبية في توحد مع الجمهور لأنها إبداعية داخل المجتمع وتعبيرية خالصة عنه، وتوحد يجعل البكاء والفرح صفات مشتركة بين المتلقي ومنتج النص.تقول الشاعرة في:
خافق أعمى:
كثيرة الأحذية ترمي وفي المرمى
أجساد وأضداد(نار وزاد) ومعاني
زود عليهم جسد موشوم من سلمى
حمى ومثوى ودارً تنخر أسناني.
وإلا السنين (الوهم) آذانها صما
هذا الهوى فارغ وكاسه وهم ثاني
الكفر يا خايني محبوبك الأسمى
كبيرك اللي بعينيه صرت تلقاني.
وينْ أختفي ؟والطريق أسفلت بي
يحمى.
في بطن الأيام؟في التغريب؟
فْ/أكفاني؟
وأنت الصغير (الأمير) (الزيف)
والعتمة.
في كل شمسً جديدة تحرق
ألواني.
وينْ أنتهي؟دلني مثوايْ والظلمة
دنيايْ يا دنيتك مرًّ على لساني
ما مرْ منها سوى ها الخافق الأعمى
اللي رضاك وعطاني موعد أحزاني.
إن هذه الإبداعات الشعبية (وضمنها نصوص الشاعرة الكبيرة) تملك سلطة خارقة – بصدقها وتعبيريتها – في التأثير على المتلقي الذي وصفناه على لسان أحد المهتمين بالمدمن على "السماع"،
لأن الشاعر يحس نبضه
تقول الشاعرة
همي الأول مداك وهمي الآخر سكني
إن هذه النصوص تملك سلطة خارقة على المتلقي لأنها كتابة الجماعة، وتعبيريتها لا ينفرد الشاعر وحده بصياغتها ؛ كما توضح النماذج النصية و استراتيجياتها التناصية التي تحكمها سلطة الذاكرة الجماعية.
شكرا للشاعرة التي استحقت كل التقدير والإحترام من ربوع هذا الوطن المجيد،وبين قمم هذا الأطلس العتيد،تحية، لها من الدلالات الرمزية ماهو معتق وأصيل.
تحية لها من "منتدى العشرة"،وأبسط دلالات هذه التحية هو الرحيل من مدينة الدار البيضاء الصامدة،إلى مدينة فاس العالمة.
والسلام عليكم. -الأستاذ هــري عبد الرحيم
(الأستاذ هري عبد الرحيم في حديث مع الأميرة خلدية في نهاية الأمسية)
بسم الله الرحمان الرحيم
جئتُ فاسَ أمّ الجمال والدلال لأحمل لكم تحية عطرة من الدار البيضاء ،وأسجل حضور منتدى العشرة من خلال مداخلة تقديمية هي عربون إعجاب بهذا النشاط الدائم والمتواصل في مدينة العلم والأدب والجمال :فيا فاس حيى الله أرضك.
تحية شكر للشاعرة والناشطة الثقافية :فاطمة بوهراكة لدعوتها الكريمة.
تحية شكر لكل القائمين على هذا هذا العرس الأدبي الشعبي وأعني بالذكر :"جمعية الألفة للتنمية والتضامن النسوي".
(تظهر الشاعرة ليلى ناسيمي الثالثة يمين الشاعرة خلدية ووراءها الشاعر هــري عبد الرحيم،وهما يمثلان منتدى العشرة).
وأحيي أصالة عني ونيابة عن كل أعضاء:"منتدى العشرة" أحيي لؤلؤة الشعر البحريني، وماسته النادرة :الشاعرة
د.خلدية آل خليفة.
كما أبارك لها شهادة الدكتوراه ،التي كانت ثمرة مثابرتها وجهدها على درب المعرفة والعلم.
واستهلالا لمداخلة د.جودات محمد التي جاءت هنا بتصرف ،أحب أن أسوق بعض أبيات شجية من ديوان الشاعرة المحتفى بها:
أنساك؟ريحة عطرك أو صوتً، أموت
وأسمعه؟
فوق الثلاثين الحياة أقصر من الحلم
برضاك.
أقصر من إنك تنتشي بالقلب كأنك
تخذعه.
فوق الثلاثين المحبة تكتفي غرفة هواك.
ما للطمع في موقدي شحم رقيق
تنزعه.
خذني معك في كل شي روَّ ح ولا تنسى
معاك:
أني ولو طال المسا إنت الجهات
الأربعة.
يمكن فهم السياق اللغوي لإنتاجية النصوص في الأدب الشعبي ضمن الفهم المجتمعي للغة في جماعيتها التي تبرر وصف محمد الحبيب الفرقاني مثلا حينما يصف نوعا من الآداب والفنون الشعبية بأنها تتميز "بالفطرية الذاتية والطبيعة الأصلية" وهي "تحكي الإنسان كما هو من ذاته. وتنقله كما هو في أحاسيسه وعواطفه الداخلية. وفي علائقه مع الآخرين" [1].
إنها سلطة الجماعة التي يفسرها سياق البعد اللغوي مع رولان بارث حينما يتحدث عن إنتاجية اللغة الإبداعية، وحسب هذا التعبير الوصفي الذي يقدمه محمد الحبيب الفرقاني هو "ما جعل هذه الآداب والفنون متلصقة أشد وأعمق التصاق بحياة " [2] المتلقي الذي تنتج من أجله. وعلى رغم السلبية الإبداعية التي يحددها البعد التأويلي لهذه العملية من وجهة نظر إنتاجية الأدب، فإن مقابلا إيجابيا يطفو على سطح هذه القضية وهو صدق التعبيرية الجماعية التي يحملها هذا الإنتاج الجماعي والجمعي وصدق محموله الدلالي، بحيث يجعل هذه الآداب" مشحونة الدلالة قوية المعنى عميقة المضمون. تعبيرها عن أوجهها ومضاربها المختلفة المادية والروحية والعاطفية تعبيرا أمينا" [3].
وهذا بحق دخول في مناطق إنتاجية مختلفة عن الفردية الإبداعية التي ينتجها المفهوم الحداثي للإبداعية باعتبارها تأسيسا لعوالم مختلفة وفضاءات إبداعية غير متناسخة، بحيث تتأسس هذه الإبداعية الجماعية – بما يخوله لها السياق المجتمعي العام – في إطار "الأداء والتبليغ" [4] و"الأمانة" بعيدا عن مفاهيم "الخرق" و"الانزياح" [5].
إن طبيعة عمل بهذه الصفات كان من الطبيعي أن يشكل في حد ذاته "ذاكرة جماعية" و"نصا علويا" يتداوله الناس ويرقى إلى مستوى المثل السائر، وهذه حقيقة تؤكدها الجموع الملتفة حول هذا الإبداع، خصوصا في الشرق العربي الذي احتفظ بالطقوس العربية التي تبئر الشعر وتجعله ذاكرة جماعية لها دلالات إبداعية وأنثروبولوجية لايتسع المجال لذكرها، وهو أمر ينطبق أيضا على عدة مناطق بالمغرب أيضا بحيث يستشهد الناس في مجمل أقوالهم بقيم الشعر الشعبي كنص علوي. ولا غرابة في ذلك مادام هذا الأدب تعبيرا عن أوجه الحياة "ومضاربها المختلفة المادية والروحية والعاطفية تعبيرا أمينا"[6]، ومادام يرفع "قدرتها على الأداء والتبليغ إلى مستوى الأمانة والأصالة" [7]. الشيء الذي "يضفي عليها طابعها الشعبي ومسحتها الفطرية الجميلة، وقوتها المؤثرة والساحرة" [8]. لذلك يلتف المجتمع عموما حول الأدب الشعبي الذي يحمل كل هذه الصفات لأنها مصدر استمرار وتعبير ووحدة، ولأنه انعكاس صادق وحقيقي لحمولة البنية التحتية، وتنميق وتجميل لها في شكل إبداعات تحمل صفة الجماعية، الشيء الذي يجعلها أعمالا متشابهة "من خلال تبادل عوامل التأثر والتأثير، مما يعطي للفنون الشعبية أبعاد الاتفاق والانسجام بما يوحدها أو يوحد بعض مظاهرها على مدى رقعة الوطن العربي" [9] … كما أنها إنتاجات تتوحد في "أصالتها، أي أصالة إبداعها، باعتبار الأصالة عنصرا جماعيا أو عنصرا موحدا أو وحدويا في الفنون الشعبية وما إليها من ألوان التراث، لا يمكن ربطه بالفردية، علما بأن المبدع الأصيل لا يعتبر كذلك إلا إذا كان يعبر عما تحسه الجماعة لتلتحم به وتتجاوب معه، تحفزا من مقومات معينة ومحددة، ولا تكون هذه المقومات إلا كامنة في وجدان الجماعة وفي تمثلها وذهنها وفكرها؛ …"[10].
إن هذا الوصف الذي يقدم من داخل الأدب الشعبي ومن دارسيه، هو الذي يفسر شهرة شعراء يبدعون هذا اللون من الشعر في فضاء التلقي العربي أمثال ضيفنها الغالية الشاعرة خلدية آل خليفة:
فنصوص الشاعرة هي أولا وقبل كل شيء تعبيرية ملموسة تدخل وتتوحد مع إنتاجية المتلقي، ولا تأتي من عل، وهي بساطة إبداعية تعبر عن العمق في آن واحد [11]،
إن إبداع الشاعرة نتاج فضاء ومشاهد وتعبيرات جماعية تشترك في مقيل يحسه المتلقي ويعبر به متلق/منتج، يشترك وينخرط في ذاكرة جماعية يحسها المتلقي بكل عمق ملموس، وهي تتقمص دور الشاعر الشعبي الملتحم بجمهوره، والذي لا يعرف الطلاق الذي يعرفه الشاعر الرسمي مع الجمهور، لأن الشاعر الرسمي يبني طقوسا كتابية فردانية تجعل كل قراءة مشروطة بشروط إمكان معرفية وإبداعية لا تخول لأي كان أن يدخلها،
تقول الشاعرة في قصيدة أسألك
أجمل الشعر حبر يكتسيه الدلال
ليتني أنتشي بك واكتبك من دلالي
واسألك باللي جمعنا من سنين طوال
وش بقى للسنين المقبلات وخيالي
إنها دلالات دالة لا يستطيع غير هذا الشعر أن يدخلها و يسبر أغوارهاـ/الشيء الذي يجعل الشعرية الشعبية في توحد مع الجمهور لأنها إبداعية داخل المجتمع وتعبيرية خالصة عنه، وتوحد يجعل البكاء والفرح صفات مشتركة بين المتلقي ومنتج النص.تقول الشاعرة في:
خافق أعمى:
كثيرة الأحذية ترمي وفي المرمى
أجساد وأضداد(نار وزاد) ومعاني
زود عليهم جسد موشوم من سلمى
حمى ومثوى ودارً تنخر أسناني.
وإلا السنين (الوهم) آذانها صما
هذا الهوى فارغ وكاسه وهم ثاني
الكفر يا خايني محبوبك الأسمى
كبيرك اللي بعينيه صرت تلقاني.
وينْ أختفي ؟والطريق أسفلت بي
يحمى.
في بطن الأيام؟في التغريب؟
فْ/أكفاني؟
وأنت الصغير (الأمير) (الزيف)
والعتمة.
في كل شمسً جديدة تحرق
ألواني.
وينْ أنتهي؟دلني مثوايْ والظلمة
دنيايْ يا دنيتك مرًّ على لساني
ما مرْ منها سوى ها الخافق الأعمى
اللي رضاك وعطاني موعد أحزاني.
إن هذه الإبداعات الشعبية (وضمنها نصوص الشاعرة الكبيرة) تملك سلطة خارقة – بصدقها وتعبيريتها – في التأثير على المتلقي الذي وصفناه على لسان أحد المهتمين بالمدمن على "السماع"،
لأن الشاعر يحس نبضه
تقول الشاعرة
همي الأول مداك وهمي الآخر سكني
إن هذه النصوص تملك سلطة خارقة على المتلقي لأنها كتابة الجماعة، وتعبيريتها لا ينفرد الشاعر وحده بصياغتها ؛ كما توضح النماذج النصية و استراتيجياتها التناصية التي تحكمها سلطة الذاكرة الجماعية.
شكرا للشاعرة التي استحقت كل التقدير والإحترام من ربوع هذا الوطن المجيد،وبين قمم هذا الأطلس العتيد،تحية، لها من الدلالات الرمزية ماهو معتق وأصيل.
تحية لها من "منتدى العشرة"،وأبسط دلالات هذه التحية هو الرحيل من مدينة الدار البيضاء الصامدة،إلى مدينة فاس العالمة.
والسلام عليكم. -الأستاذ هــري عبد الرحيم
تعليق