كان يكره الرياضيات حتى أنه هرب من المدرسة و لم يعود إليها بسبب الحساب، لغة الأرقام مخيفة له، لكن بعد خروجه من المدرسة أراد أن يحقق ذاته و يثبته صحة توجهه بأن ليس شرطا أن الثروة تتكون فقط بالتعليم.....بدأ بمشروع صغير ....و الصراع النفسي يخالج ذاته......بين النجاح و الفشل ....يرى ذلك المشوار طويل ....لكنه حتما سيكون كما يريد.. ....سمعت جدي ......يقول لأبي .......يا ولدي المرء يكون حيث يجعل نفسه......حفرت في اللاشعور ......ذات يوم وهو يساوم على صفقة بسيطة.....يريد أن يتاجر بها......يشاهد بأم عينيه ذلك الشخص المتخم بالمال وهو يحسبهم على طريقة جدتي عندما كانت تعطينا الصعيدية.....أراهم ذهبا يلمع أمام ناظري.....ألم يحن الوقت أن يكون هذا المال في يدي و تحت تصرفي.....يده تبحث في عالم الجنون و في لغة العصر....ذلك الدينار الذي يغطي العيوب و يجلب الشخوص و يرفع أسهمك في عالم المجتمع.....بدأ الكسل ينخر جسمي عن الصلاة......المال يزيد و النفس تعلو ...أمام نفسي و الآخرين.....لم يعد النوم سلطانا علي.......و لا ارغب بحب الزوجة.......تعالت الصيحات و الصرخات في وجهي لماذا الكدح و التعب من الفجر....و أنا أجول و أصول في الأسواق و المحلات التجارية.......هل هناك وسيلة لمضاعفة الدينار و الراحة الأبدية.......كل الناس .....يتحدثون عن الأخضر و الأحمر ......بل اختفى اللون الأحمر .....لا يراه أحد ....حتى فساتين النساء تحولت إلى خضراء .....فهي المغرية .... يدعو إلى التفاؤل و الأمل......كل شيء أخضر سعفات النخيل و أوراق الأشجار.....كأن شيء يدفعني نحو بيع كل ممتلكاتي من عقارات و محلات.....و مضاعفتهم من خلال الشاشة الكبيرة التي ألهبت عقول الناس و أنستهم الهموم .....و أقعدتهم عن الواجبات الاجتماعية.....أكيد أنا مجنون لأني لم أدخل.....السوق إلى حد الآن ......قدامي تدفعني.....نحو المجهول الوردي بل الأخضر ......و كانت البداية مضاعفة المال و حب الحساب و الأرقام.......و مثل النشوة.....التي تذهب سريعا بلا أثر.... في يوم مشئوم أعتلى الوجوم على الوجوه.....و تعرقلت الأقدام و سقطت الشماغات من على الرؤوس فلا عقال يثبتها و لا ذهن يرقبها .....فالعقول سقطت .....في كفان حمراء.....و ماتوا بلا تلقين و دفنوا بلا تغسيل عندما هوى المؤشر بجنون.