دانيه بقسماطى
صوت شعرى هادر
يجىء من لبنان بلد السحر والكلمة والثقافة
صدر لها مؤخر ( عبر .. من هنا )
نقدم لها تهنئة جميلة بصدور كتابها
ونتمنى لها كل توفيق.
وهنااااااااااااااا
ننشر لها
( لا شىء الا الصندوق)
راجيا تفاعل الجميع مع هذا النص .........
لا شيء ... إلا صندوق
..............
شعر:
دانية بقسماطي
..................
كما زائر غريب , عُدت
اخترت يوما مشمسا لزيارة
كنوز نائية
على عتبة خشبة عتيقة رُصعت بأصداف مرمرية
يدٌ حيادية همّت بطرق الباب ...
و مفتاح الأمس مُعلّق على جدار شمال الروح
لعنت ُ،
ذاكرة غفلت عني
على باب زمن مهجور
انحنيت أستجدي الدخول
انفتح صندوق الذكرى
رهبةٌ مُرّة ، لكني عبرت
هبطتُ إلى سراديب العتمة ، بحثتُ عني
نظرتُ حولي علني أعثر على شيء مني
على بقايا فرح في مفكرة قديمة
على نجمة فضية عُلِقت على ضفائر عسلية
على قمر نبيذي ، بنفسج مُعتّق في جناحي أغنية
عساى أعثر في جيب المعطف الوردي ، على زهرة الأقحوان
عسى كمنجةٌ تدنو ، تشُم رائحة دمي
تئن ، تبكي ، تؤنس وحشة المكان
تعثرت ,
اصطدمت بدوي هائل الفراغ
انتفضت اُذني
ارتعش قرطي
سقط بثقله في عتمة الصمت ، و يداي في صراع ,
لا تهدآن
بحثتُ عن حضن يُلملم أشتاتي
أحرق أضلعي لهب الشظايا
صرخت : لما عُدت ؟
ساُغادر
أترك خطاي تقودني إلى مقعد خالٍ في حديقة منفى
عدا ظلي نحوي ، صافحني :
هل أنتِ أنتِ ؟
قلت : ربما
ربما تبدلتُ و أصبحتُ سواي
لعلّ معالمي أمحت
فسكنتني روحٌ اُخرى
لعلي واحدةٌ غيري ، لم تعبر من هُنا
حدّق بي صارخاً : هل نسيتني ؟
قلت : لا أتذكر ... كأنني نسيت
قال : دعيني اُناجي روحك ,حتى أسترد روحي
قلت : تريث ... ينقصني دليل
كي أهتدي الى روح تفلتت مني
دعنا نطأ أرض البداية
كي اُدرك أنك أنا
و توغلتُ في أعماق الزمن القديم
يصحبني ظلي ،
شىءٌ أشار الىّ :
ساعةُ الجيب الأثرية ، تغفو على صدى الذكريات
عقرباها تلاشيا بكسل من انقطاع الهواء
غبار طفا على وجه الزجاج
هي ، ما زالت هي ذهبية , داكنة مائلة إلى الكستناء
هدر ظلي : يا وقت
من أنا في حضرة الآن ؟
من أنا في حضرة الأمس من عمري ؟
و ما الغدُ القريب و البعيد ؟
تكتكت : لكل شيء وقت
للمعرفة ساعة
و للجهل ساعة
للتذكر ساعة
و للنسيان ساعة
للخصب ساعة
و للجفاف ساعة
للبوح ساعة
و للصمت ساعة
للسلام ساعة
و للحرب ساعة
للتذاكي ساعة
و للتغابي ألف ساعة
ل " النعم " ساعة و ل " اللا " ساعة
لكل وقت ساعة
و للوقت متسّع من النرجسية
يفيض أو يضيق
و للساعة وقت من المزاجية
تنقص أو تزيد
فإهدأ
و إخضع لتعاليم أيوب في الصبر المديد
المناخ ليس ملائماً الحين
لإندلاع شهوة المعرفة
و ممارسة التنقيب في أغوار التاريخ
عن هوية الزمن الغافل
أنا من قلت لنفسي : يا بنت ...
كُفي عن الاحتكاك بفتنة و محنة الصور
حتى تنأي عن أمسك ، و يُولد الغدُ الجديد
و أسرعتُ في المشي ,
عندئذ ، تذكرتُ ما نسيت :
مسبحةٌ تتلألأ في العُمق , تشُع كنجم فريد
صاح ظلي : أين جدي ؟
قالت : رحل منذ سنين
قبل أن يكتب صخب صمته
أورثك هوايته و حرفته و عاطفته المكينة
أوصاني
قراءة سورة الرحمن
و أنت تمضي
وحدك
و تكون أنت أنت ، كما تحب نفسك و تُريد
أحقاً أنا وحدي ... قال
تنهدت تجاعيد : لا لست وحدك
من خلف الصندوق ، رقيب
يُدقق في ضبابك و وضوحك
يرقب إنتصارك و إنكسارك
يشهد على رقصة الخيل ، في وهج الليل
يرصد في الحبر صهيل الريح
و يُحملق في بلل شعرك القصير
دون إذن منك
فلا تتخيل أنك مهملٌ ، لا في خيالك الشريد
و لا في حاضرك السعيد
... في نهاية هذا الليل الطويل
على باب بلاد الحنين
أرخيتُ بدني ، مُنهكة
لا ألتفت إلى الوراء
حتى لا أجد شيئاً يحمل بصمتي ، و يلهث خلفي
لا أتلفت
حتى لا تنبض في قلب الصمت صيحة ، تستوقفني
نظرتُ إلى الأمام
رأيتُ شالاً مطرزاً بفاكهة
شهية نقية
خيوطه غنية بالعاطفة ، و عافية الشمس
و شاعرٌ غامض يستلقي على ساعدي ،
يقرأ شعراً واضحاً :
لا اُريد صندوقاً اُدفن فيه
أشتهي عنق غزالة
أعزف على أوتار لآلئه
اُمطره برذاذ الضوء
و اخنقه لو أحببت ...
حملقتُ في رؤياي , و يدُ الفجر تُلوح
تُوقظ رائحة البن في الخلايا
تذكرتك ... قلت
أنا أنا
و أنت أنا
أنا من عبرتُ , من هُنا
أنا من سوف أكسر بلور الحنين ، هَهُنا
و أصعد على درج الفجر
عارية الروح
حافية اليدين ، الى أعلى النشيد
نشيد من يُشّيع تاريخه إلى البعيد
و الضوء ، هذا الضوء
يُوقد الملح في الوريد
و يحملني
إلى حيث أرقد في حضن الشمس ،
و أحترق من بعيد
..........
تعليق