طبّالةُ العرَب
كنا في مهرجان شعري فقامت شاعرة تخطب خطباً صحفية موزونة ألهبت الأمسية بالتصفيق حتى حسبت نفسها شاعرة بل الشاعرة التي لا تضاهى والمسكينة لا تدري بأنها في مقياس الشعر الحقيقي بوق مهترئ أكل الدهر عليه و . . . وعندما تداولنا حالتها هذه وما أفسد الذائقة العربية بشعراء وشاعرات شبيهين بها قلت لهم أنا أعرف أن أكتب متقمِّصاً طبلها فقالوا لي لماذا طبل ؟ قلت لقد كان الأعشى يُسمّى (صنَّاجة العرب) وهذه وأمثالها (طبّالة العرب) فقالوا أنقذنا بربك ، فتقمصتها ورحت أهذي وأبـ وأقول وعمر السامعين يطول :
. . . . . . . . . . . . .
أنا فهَّاقَةُ المعجم
فجيعةُ كلِّ ندَّابٍ
سليلةُ كلِّ من شتَّم
وأرفض كلَّ حجَّاجٍ على لغتي
فما ذنبي إذا ما كان لا يفهم
لساني منجدُ العطشى
يلحوسُ كلَّ ما أعجم
خذوني نحوكم نحواً
فإنِّي الفاعلُ الأغشم
أنا عربيةٌ من عرق قحطانٍ
دمي أنقى من البلغم
أنا جرسٌ إذا أمسكتُ مذياعاً
بصوتي كلّما همهم
سأجعلُكم تظنّون الغنا مأتم
أنا الشعراء وحدي في مسارحكم
أنا طبلٌ أرجُّ مسامعَ الأبكم
أنا طاحونةٌ أدوي أجعجعُ دونما حنطة
أنا لُقطة
أنا خبطة
وبعدي من تجرَّأ أن يقول الشعر
أُقسمُ أنَّه يندم
لأنِّي قد سلبتُهمو
بشعرٍ مثل طاغيةٍ
إذا ما هاجَ لا يرحم
عروبيٍّ فصيحٍ جرَّ قافيةً
كفحلٍ من أصيلِ الحُمرِ
يرفسُ كلما يُلجم
أنا حرَّرْتُ ثالثَ قبلةٍ لمّا
خطبتُ بشعريَ الأجهم
أنا ألقيتُ إسرائيل جوَّا اليم
وأمريكا وقوتَها
تحالفَها وما ينضم
أنا ألَّبتُ كلَّ العُرْبِ
من شرقٍ إلى غربِ
وساروا في هدى ردحي
إذا أطلقتُ صاروخاً خليليّاً
ذكيّاً حلوهُ علقم
أنا الغربالُ يا أعشى
أنا المنخارُ إن شمشم
أنا نخَّاسةُ الأذواقِ في سوق الخطاباتِ
أنا جعجاعةُ الأشعارِ في جمهورنا الأبكم
أنا الشعر الذي إنْ قيلَ في حفلِ الجهالاتِ
يصفِّقُ لي مهابيلٌ معاتيهُ الحماقاتِ
أنا وقبيلةُ النبَّاحِ في ليلِ الملمَّاتِ
نخرِّبُ ذوقَ من قرأوا
تراتيلاً وآياتِ
وإنجيلاً بصمت الناسكِ المغرم
ونسخرُ من شكسبيرٍ
عميقٍ هادئٍ ملهم
ومحيي الدينِ في مكِّيِّهِ المبهم
ومن كلِّ الملاحمِ في الحضاراتِ
ومن غوته
ومن شوقي
ومن دانتي الذي لو جاء في عصري
لأودعَ كلَّ نباحٍ بمزبلةٍ
بجغرافيَّةِ اللاشيء
في الصفرِ
وفي بئرِ الفراغاتِ
لأنَّ جميعَ من أقحم
بكوميدياهُ من أعظم
فصفِّقْ يا أخي صفِّق
فبالتصفيقِ يحلو الكفُّ والمعصم
وأين الكفُّ يا أختي
أنا من تشتهي شعراً
إذا ما قلتُه زعقاً
يصفِّقُ لي بنو قومي
بنصف الجملةِ الأولى
وتعلو من حناجرهم
ألا بالروح نفديكِ ألا بالدم
فهذي حالةُ الأعراب
إن عشنا بتفعيلاتِ " طبلتنا "
خوارجَ عمقِ تأصيلٍ
من الإبداعِ في العالم
فلا عجبٌ من الغوغاءِ
إمّا صفَّقوا يوماً ( لِـ بِنْ مُلْجَمْ )
فما نهجُ البلاغةِ في ثقافتنا
وما أعمى المعرَّةِ في خطابتنا
هوامش في شوارعنا
كما الأيتامِ لا يرجونَ تصفيقا
إذن صفِّق أخي العربي
أنا فخفاخةٌ في سوقِ مسمعِكُم
أنا صخبٌ أنا ورمٌ بموسيقا
قشورٌ من تراكمِكُم
أبشِّرُكم بإبليسٍ وقد أسلم
وجاءَ اليومَ يسجدُ لي
فإنَّ لسانَ مزماري
طويلٌ مثلما الأرقم
فصفِّقْ إنَّما التصفيقُ
للمزمارِ كالمرهم
أنا عربيّةُ الأوداج والآذانِ والأشداقِ
حولَ الفَم
أنا عربيّةُ الأكتافِ والأرداف والمحزم
أنا عربيّةُ الأفخاذِ والسيقانِ
منّي الشاحمُ الألحم
أنا فستق
أنا بندق
أنا جوزٌ إذا طقطق
أدقُّ الشعرَ كالساطورِ لا أرحم
أنا عربيّةُ الشهوة
أنا القهوة
أنا بنٌّ أنا رغوة
أنا فحلٌ وشعري كلُّه كَيْخَمْ
وفاهي ثقبُ منفوخٍ
يطرطرُ كلَّما وزَّم
لساني ليسَ مختوناً وإنْ هو شابه الفرقم
أنا عربيةٌ . . .
والأرض بتتكلِّم عربي . . . إلأرض الأرض
تونس
زغوان 21-5-2003
كنا في مهرجان شعري فقامت شاعرة تخطب خطباً صحفية موزونة ألهبت الأمسية بالتصفيق حتى حسبت نفسها شاعرة بل الشاعرة التي لا تضاهى والمسكينة لا تدري بأنها في مقياس الشعر الحقيقي بوق مهترئ أكل الدهر عليه و . . . وعندما تداولنا حالتها هذه وما أفسد الذائقة العربية بشعراء وشاعرات شبيهين بها قلت لهم أنا أعرف أن أكتب متقمِّصاً طبلها فقالوا لي لماذا طبل ؟ قلت لقد كان الأعشى يُسمّى (صنَّاجة العرب) وهذه وأمثالها (طبّالة العرب) فقالوا أنقذنا بربك ، فتقمصتها ورحت أهذي وأبـ وأقول وعمر السامعين يطول :
. . . . . . . . . . . . .
أنا فهَّاقَةُ المعجم
فجيعةُ كلِّ ندَّابٍ
سليلةُ كلِّ من شتَّم
وأرفض كلَّ حجَّاجٍ على لغتي
فما ذنبي إذا ما كان لا يفهم
لساني منجدُ العطشى
يلحوسُ كلَّ ما أعجم
خذوني نحوكم نحواً
فإنِّي الفاعلُ الأغشم
أنا عربيةٌ من عرق قحطانٍ
دمي أنقى من البلغم
أنا جرسٌ إذا أمسكتُ مذياعاً
بصوتي كلّما همهم
سأجعلُكم تظنّون الغنا مأتم
أنا الشعراء وحدي في مسارحكم
أنا طبلٌ أرجُّ مسامعَ الأبكم
أنا طاحونةٌ أدوي أجعجعُ دونما حنطة
أنا لُقطة
أنا خبطة
وبعدي من تجرَّأ أن يقول الشعر
أُقسمُ أنَّه يندم
لأنِّي قد سلبتُهمو
بشعرٍ مثل طاغيةٍ
إذا ما هاجَ لا يرحم
عروبيٍّ فصيحٍ جرَّ قافيةً
كفحلٍ من أصيلِ الحُمرِ
يرفسُ كلما يُلجم
أنا حرَّرْتُ ثالثَ قبلةٍ لمّا
خطبتُ بشعريَ الأجهم
أنا ألقيتُ إسرائيل جوَّا اليم
وأمريكا وقوتَها
تحالفَها وما ينضم
أنا ألَّبتُ كلَّ العُرْبِ
من شرقٍ إلى غربِ
وساروا في هدى ردحي
إذا أطلقتُ صاروخاً خليليّاً
ذكيّاً حلوهُ علقم
أنا الغربالُ يا أعشى
أنا المنخارُ إن شمشم
أنا نخَّاسةُ الأذواقِ في سوق الخطاباتِ
أنا جعجاعةُ الأشعارِ في جمهورنا الأبكم
أنا الشعر الذي إنْ قيلَ في حفلِ الجهالاتِ
يصفِّقُ لي مهابيلٌ معاتيهُ الحماقاتِ
أنا وقبيلةُ النبَّاحِ في ليلِ الملمَّاتِ
نخرِّبُ ذوقَ من قرأوا
تراتيلاً وآياتِ
وإنجيلاً بصمت الناسكِ المغرم
ونسخرُ من شكسبيرٍ
عميقٍ هادئٍ ملهم
ومحيي الدينِ في مكِّيِّهِ المبهم
ومن كلِّ الملاحمِ في الحضاراتِ
ومن غوته
ومن شوقي
ومن دانتي الذي لو جاء في عصري
لأودعَ كلَّ نباحٍ بمزبلةٍ
بجغرافيَّةِ اللاشيء
في الصفرِ
وفي بئرِ الفراغاتِ
لأنَّ جميعَ من أقحم
بكوميدياهُ من أعظم
فصفِّقْ يا أخي صفِّق
فبالتصفيقِ يحلو الكفُّ والمعصم
وأين الكفُّ يا أختي
أنا من تشتهي شعراً
إذا ما قلتُه زعقاً
يصفِّقُ لي بنو قومي
بنصف الجملةِ الأولى
وتعلو من حناجرهم
ألا بالروح نفديكِ ألا بالدم
فهذي حالةُ الأعراب
إن عشنا بتفعيلاتِ " طبلتنا "
خوارجَ عمقِ تأصيلٍ
من الإبداعِ في العالم
فلا عجبٌ من الغوغاءِ
إمّا صفَّقوا يوماً ( لِـ بِنْ مُلْجَمْ )
فما نهجُ البلاغةِ في ثقافتنا
وما أعمى المعرَّةِ في خطابتنا
هوامش في شوارعنا
كما الأيتامِ لا يرجونَ تصفيقا
إذن صفِّق أخي العربي
أنا فخفاخةٌ في سوقِ مسمعِكُم
أنا صخبٌ أنا ورمٌ بموسيقا
قشورٌ من تراكمِكُم
أبشِّرُكم بإبليسٍ وقد أسلم
وجاءَ اليومَ يسجدُ لي
فإنَّ لسانَ مزماري
طويلٌ مثلما الأرقم
فصفِّقْ إنَّما التصفيقُ
للمزمارِ كالمرهم
أنا عربيّةُ الأوداج والآذانِ والأشداقِ
حولَ الفَم
أنا عربيّةُ الأكتافِ والأرداف والمحزم
أنا عربيّةُ الأفخاذِ والسيقانِ
منّي الشاحمُ الألحم
أنا فستق
أنا بندق
أنا جوزٌ إذا طقطق
أدقُّ الشعرَ كالساطورِ لا أرحم
أنا عربيّةُ الشهوة
أنا القهوة
أنا بنٌّ أنا رغوة
أنا فحلٌ وشعري كلُّه كَيْخَمْ
وفاهي ثقبُ منفوخٍ
يطرطرُ كلَّما وزَّم
لساني ليسَ مختوناً وإنْ هو شابه الفرقم
أنا عربيةٌ . . .
والأرض بتتكلِّم عربي . . . إلأرض الأرض
تونس
زغوان 21-5-2003
تعليق