قال الحكواتي
جاء حيّنا هذا الصّباح يرتدي لباسه المميز و يحمل مزماره الذي يعلن به عن قدومه و ينادي به كل من لم يسعفه الحظ لعمل ينقطع إليه ، و سرعان ما تشكلت حلقة مستديرة من كل شغوف و كل مال من الحياة و من كل طفل كان آنذاك بالحي و حتى المتسولين و المجانين اجتمعوا يومها حول الحكواتي ... إنه الشّخص الوحيد الذي يجتمع حوله الناس .. كل الناس على اختلاف أعمارهم و ثقافاتهم و قدراتهم العقلية ... يبيعهم الأوهام و الأحلام ، و بعض الكلمات التي يجد فيها كل من حضر مهربا أو منفذا أو متنفسا.
قال الحكواتي :" كانت ليلة ظلماء في ذلك الشارع المظلم الذي كسر الأولاد مصابيح إنارته و في تلك الغرفة المتطرفة المظلمة في آخر الشارع، تجلس ليلى على حافة سريرها و أمامها الحصان الخشبي ، الذي ثبتت عليه لوحة وضعت عليها ورقة بيضاء ، حاملة بيمناها فرشاة و بيسراها لوحة مزج الألوان التي أفرغت عليها جملة من الألوان الزيتية المختلفة ، ترسل يدها إلى الورقة البيضاء تخط شيء و لا تريد أن تراه ، فتأبى الذكريات إلا حضور صورة تلك الشجرة ، شجرة الرمان التي يا ما آوتهما تحت أفنانها تعبق عليهما من عطر الجلنار و تغطيهما بوشاح الستر كلما تعانقا ،أو قبل يدها ، او تحسس نهديها كانت تفرغ عليهما بردا و سلاما كلما جنحت بهما الغريزة ، فتدفعه : تمهل ليس الآن . و تسيل دموع ليلى. يا سامعين يا حضار . و توقع الفرشات و الذكريات على تلك الورقة البيضاء ، و تبكي ليلى الكلمات و الهمسات والأحلام و البيت الصغير الجميل و الأولاد و... و.. دونما وعي منها تمزج الألوان و ترسم الحكايات ..لكن ... يا سامعين يا حضار من يقول لي كيف كانت تمزج الألوان و هي في تلك الغرفة الظلماء و ذلك الشارع المظلم و تلك الليلة المظلمة ماذا كانت تخط على الورقة ؟ ماذا كانت ترسم ؟ أكانت ترسم وعودا تبددت؟ أكانت ترسم فتاة جميلة فاتنة تجري وسط الضباب الذي يعتنق الصباح ؟ أكانت توقع على الورقة القبلات ؟ ماذا كانت ترسم ليلى ؟ ... ترسل يدها المرتجفة تعبث في عذرية الورقة البيضاء تظهر ملامح تلك الليلة اللعينة ، يوم فقدت الورقة البيضاء نصاعتها و نقاوتها برضاها و طيب خاطر منها حبا فيمن يرسم على جسدها الطاهر حبه المزيف و يفرغ فيه من ألوان شهواته .. تبكي ليلى و ترسم ... هي لا تعرف ما ترسم ... لكنها ترسم .. ترسم دموعها و ... عرسه ... الليلة عرسه ...
و يأتي الصباح ككل يوم ، أنه يأتي دائما ... لا ليس دائما .. هذا الصباح أتى بائع التحف ، كأنه يعلم أن ليلى رسمت له تحفة لم يرى أحد لها مثيل . نعم إنها فعلت .. دخلت الأم الغرفة ....و بعدة مدة خرجت و سلمت البائع اللوحة و قالت : لم يأتي الصباح يا سيدي لم يأتي كما عودنا كل يوم ......... ماتت ليلى ماتت بعدما قطعت شجرة الرمان و تعالت الزغاريد في الطرف الآخر من الحي أين الأنوار مضاءة و الغرف وردية زاهية . انسحب البائع يتأبط كنزه الثمين و علم الحي بموت ليلى فانطفأت الشمس وقت الظهيرة و تخلت الطيور عن أصواتها ، فتسيل دموع عمي عبد القادر وسط الحلقة ...
أما البائع فعاد إلى متجره و علق لوحة ليلى على الواجهة و رفض كل العروض التي قدمت له لشرائها و أضحى دكان التحف متحفا و مزارا و دجاجة الذهب لصاحبه
سكت الحكواتي و جمع أغراضه و الدريهمات التي منّ بها عليه الحضور و انصرف دون ان ينفخ في مزماره...
جاء حيّنا هذا الصّباح يرتدي لباسه المميز و يحمل مزماره الذي يعلن به عن قدومه و ينادي به كل من لم يسعفه الحظ لعمل ينقطع إليه ، و سرعان ما تشكلت حلقة مستديرة من كل شغوف و كل مال من الحياة و من كل طفل كان آنذاك بالحي و حتى المتسولين و المجانين اجتمعوا يومها حول الحكواتي ... إنه الشّخص الوحيد الذي يجتمع حوله الناس .. كل الناس على اختلاف أعمارهم و ثقافاتهم و قدراتهم العقلية ... يبيعهم الأوهام و الأحلام ، و بعض الكلمات التي يجد فيها كل من حضر مهربا أو منفذا أو متنفسا.
قال الحكواتي :" كانت ليلة ظلماء في ذلك الشارع المظلم الذي كسر الأولاد مصابيح إنارته و في تلك الغرفة المتطرفة المظلمة في آخر الشارع، تجلس ليلى على حافة سريرها و أمامها الحصان الخشبي ، الذي ثبتت عليه لوحة وضعت عليها ورقة بيضاء ، حاملة بيمناها فرشاة و بيسراها لوحة مزج الألوان التي أفرغت عليها جملة من الألوان الزيتية المختلفة ، ترسل يدها إلى الورقة البيضاء تخط شيء و لا تريد أن تراه ، فتأبى الذكريات إلا حضور صورة تلك الشجرة ، شجرة الرمان التي يا ما آوتهما تحت أفنانها تعبق عليهما من عطر الجلنار و تغطيهما بوشاح الستر كلما تعانقا ،أو قبل يدها ، او تحسس نهديها كانت تفرغ عليهما بردا و سلاما كلما جنحت بهما الغريزة ، فتدفعه : تمهل ليس الآن . و تسيل دموع ليلى. يا سامعين يا حضار . و توقع الفرشات و الذكريات على تلك الورقة البيضاء ، و تبكي ليلى الكلمات و الهمسات والأحلام و البيت الصغير الجميل و الأولاد و... و.. دونما وعي منها تمزج الألوان و ترسم الحكايات ..لكن ... يا سامعين يا حضار من يقول لي كيف كانت تمزج الألوان و هي في تلك الغرفة الظلماء و ذلك الشارع المظلم و تلك الليلة المظلمة ماذا كانت تخط على الورقة ؟ ماذا كانت ترسم ؟ أكانت ترسم وعودا تبددت؟ أكانت ترسم فتاة جميلة فاتنة تجري وسط الضباب الذي يعتنق الصباح ؟ أكانت توقع على الورقة القبلات ؟ ماذا كانت ترسم ليلى ؟ ... ترسل يدها المرتجفة تعبث في عذرية الورقة البيضاء تظهر ملامح تلك الليلة اللعينة ، يوم فقدت الورقة البيضاء نصاعتها و نقاوتها برضاها و طيب خاطر منها حبا فيمن يرسم على جسدها الطاهر حبه المزيف و يفرغ فيه من ألوان شهواته .. تبكي ليلى و ترسم ... هي لا تعرف ما ترسم ... لكنها ترسم .. ترسم دموعها و ... عرسه ... الليلة عرسه ...
و يأتي الصباح ككل يوم ، أنه يأتي دائما ... لا ليس دائما .. هذا الصباح أتى بائع التحف ، كأنه يعلم أن ليلى رسمت له تحفة لم يرى أحد لها مثيل . نعم إنها فعلت .. دخلت الأم الغرفة ....و بعدة مدة خرجت و سلمت البائع اللوحة و قالت : لم يأتي الصباح يا سيدي لم يأتي كما عودنا كل يوم ......... ماتت ليلى ماتت بعدما قطعت شجرة الرمان و تعالت الزغاريد في الطرف الآخر من الحي أين الأنوار مضاءة و الغرف وردية زاهية . انسحب البائع يتأبط كنزه الثمين و علم الحي بموت ليلى فانطفأت الشمس وقت الظهيرة و تخلت الطيور عن أصواتها ، فتسيل دموع عمي عبد القادر وسط الحلقة ...
أما البائع فعاد إلى متجره و علق لوحة ليلى على الواجهة و رفض كل العروض التي قدمت له لشرائها و أضحى دكان التحف متحفا و مزارا و دجاجة الذهب لصاحبه
سكت الحكواتي و جمع أغراضه و الدريهمات التي منّ بها عليه الحضور و انصرف دون ان ينفخ في مزماره...
تعليق