الجزء الأخير من تطور النثر في مصر
بعد انتهاء الحرب العالمية الأولي احتدمت الثورة الوطنية ضد الانجليز
ونشأت الأحزاب السياسية وتصارعت وأسس كل حزب لنفسه صحيفة
ينشر فيها آراءه ويختصم مع غيره من الأحزاب ..وظهرت مجلات أدبية
كالهلال والمقتطف والسياسة الأسبوعية والبلاغ ونقلت إلى القراء مباحث واسعة في الأدب والفكر فكانت ذلك سببا في اتساع نطاق الأدب
ولمعت أسماء مثل العقاد والمازنى وهيكل وطه حسين ..,بدأت المعارك
الثقافية والأدبية ..فقد نقد العقاد شوقى نقدًا عنيفا ..أما المازنى فنقد شكرى .. ثم نقد المنفلوطي واسلوبه لما لاحظ عليه ضعف الثقافة وأن اسلوبه لفظي خالص لا يحوى معنى ولا فكرة ذات بال ..وبالغ فقال إن
اسلوبه ناعم وإنه فارغ لا يحوى سوى الدموع والعبرات مما يستهوى
المراهقين .. وقد أخذ المازنى يثبت رأيه في التجديد ..فتارة يترجم نمازج
أوربية في هذا الصدد مع مصطفي صادق الرافعى الذى كان لايعجب بالعقاد ولا بشعره ونثره .. وكان محافظا محافظة شديدة حتى أنه نشب بينه وبين طه حسين معركة حادة .. فالرافعي يذود عن حصنه القديم وطه حسين يرميه بسهام الذوق الحديث ..ويكتب سلامه موسى في الهلال مقالا عن مصطفي صادق الرافعى ويجعله ممثلا للقديم ويهاجمه هجوما عنيفا
وقد بنى هجومه على أنه يحسن الصنعة ولا يحسن الفن وهاجم القديم
جملة ..فالأدب العربي السابق كله لايصلح لحياتنا وكذلك اسلوبه الموشى بالسجع وغير السجع ..ودعا بقوة إلى الإنغماس في التيار الأوربي بكل مافيه من علم وأدب ونظم سياسية .. كما دعا إلى نبذ الاطار القديم وأن نتخفف في لغتنا ولا بأس من أن نجعلها أقرب إلى عاميتنا التى نعبر بها في حياتنا اليومية لكن الأدباء المجددين من أمثال طه حسين وهيكل والعقاد والمازنى كانوا يرون أن يظلوا مع الأدب الفصيح الرصين حتى
يكون لأدبهم موقع حسن في الأسماع والقلوب ..أما طه حسين فقد كتب عدة مقالات عن ابى نواس وشعراء العصر العباسي وسمى عصرهم عصر المجون والذندقة ..وثار كثيرون وحدثت خصومة بينه وبين الكُتاب
وأعلن طه حسين أن الأحكام التاريخية فى الأدب أحكام إضافية فإذا قال لنا
القدماء قولا في شاعر أو خليفة فإنه ينبغى أن نأخذه على أنه رأى ومن حقنا أن نغيره لأنه ليس رأيا مقدسا ولأنه ينبغى أن لا نلغي عقولنا ..ثم أخرج طه حسين كتابه "في الشعر الجاهلي " وفيه بحث الشعر الجاهلي
على أساس مذهب غربي هو مذهب "ديكارت" الذى يقوم على الشك
فالأصل أن نشك في الأشياء ثم نقبلها بعد بحث وامتحان واستضاء بما كتبه الأوربيون عن الياذة هوميروس وشكًهم في حقيقة من نظًم هذه القصيدة وقد رأى بعضهم أنه نظمها شعراء مختلفون ..وأثار هذا البحث
ضجة واسعة وكتب الرافعي وغير الرافعي كتبا في الرد عليه زكثر الجدال
ولكن طه حسين ثبت في المعركة وكان ثبوته إيذانا بنجاح مقاييس الأدب
الجديدة .. والحق أن هؤلاء المجددين من أدبائنا أحدثوا في لغتنا مرونة واسعة وقد أخذت جماعتهم تتكاثر فانضم إليهم من الشباب توفيق الحكيم
ومحمود تيمور وغيرهم ..
وهكذا بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية أصبحنا نمتلك أدبا جديدا مصريا خالصا .. نبت في وطن مصري على أيدى طائفة من المصريين وبلغ ما أنتج هؤلاء الأدباء أن أخذت قصصهم تترجم إلى اللغات الأجنبية ..بل لقد
أخذت المسرحيات تترجم وتمثل على مسارح الغرب على نحو ما نعرف
من بعض مسرحيات توفيق الحكيم .. فلم نعد نأخذ من الغرب فقط ولم يعد
أدبنا منعزلا يعيش وحده بل أصبح يسمو إلى مرتبة الآداب العالمية الحية الكبرى ..ولعل فوز الأديب المصري نجيب محفوظ كان ثمرة هذا الجهد
المتواصل والذى بدأ من عهد محمد على حتى يومنا هذا .
بعد انتهاء الحرب العالمية الأولي احتدمت الثورة الوطنية ضد الانجليز
ونشأت الأحزاب السياسية وتصارعت وأسس كل حزب لنفسه صحيفة
ينشر فيها آراءه ويختصم مع غيره من الأحزاب ..وظهرت مجلات أدبية
كالهلال والمقتطف والسياسة الأسبوعية والبلاغ ونقلت إلى القراء مباحث واسعة في الأدب والفكر فكانت ذلك سببا في اتساع نطاق الأدب
ولمعت أسماء مثل العقاد والمازنى وهيكل وطه حسين ..,بدأت المعارك
الثقافية والأدبية ..فقد نقد العقاد شوقى نقدًا عنيفا ..أما المازنى فنقد شكرى .. ثم نقد المنفلوطي واسلوبه لما لاحظ عليه ضعف الثقافة وأن اسلوبه لفظي خالص لا يحوى معنى ولا فكرة ذات بال ..وبالغ فقال إن
اسلوبه ناعم وإنه فارغ لا يحوى سوى الدموع والعبرات مما يستهوى
المراهقين .. وقد أخذ المازنى يثبت رأيه في التجديد ..فتارة يترجم نمازج
أوربية في هذا الصدد مع مصطفي صادق الرافعى الذى كان لايعجب بالعقاد ولا بشعره ونثره .. وكان محافظا محافظة شديدة حتى أنه نشب بينه وبين طه حسين معركة حادة .. فالرافعي يذود عن حصنه القديم وطه حسين يرميه بسهام الذوق الحديث ..ويكتب سلامه موسى في الهلال مقالا عن مصطفي صادق الرافعى ويجعله ممثلا للقديم ويهاجمه هجوما عنيفا
وقد بنى هجومه على أنه يحسن الصنعة ولا يحسن الفن وهاجم القديم
جملة ..فالأدب العربي السابق كله لايصلح لحياتنا وكذلك اسلوبه الموشى بالسجع وغير السجع ..ودعا بقوة إلى الإنغماس في التيار الأوربي بكل مافيه من علم وأدب ونظم سياسية .. كما دعا إلى نبذ الاطار القديم وأن نتخفف في لغتنا ولا بأس من أن نجعلها أقرب إلى عاميتنا التى نعبر بها في حياتنا اليومية لكن الأدباء المجددين من أمثال طه حسين وهيكل والعقاد والمازنى كانوا يرون أن يظلوا مع الأدب الفصيح الرصين حتى
يكون لأدبهم موقع حسن في الأسماع والقلوب ..أما طه حسين فقد كتب عدة مقالات عن ابى نواس وشعراء العصر العباسي وسمى عصرهم عصر المجون والذندقة ..وثار كثيرون وحدثت خصومة بينه وبين الكُتاب
وأعلن طه حسين أن الأحكام التاريخية فى الأدب أحكام إضافية فإذا قال لنا
القدماء قولا في شاعر أو خليفة فإنه ينبغى أن نأخذه على أنه رأى ومن حقنا أن نغيره لأنه ليس رأيا مقدسا ولأنه ينبغى أن لا نلغي عقولنا ..ثم أخرج طه حسين كتابه "في الشعر الجاهلي " وفيه بحث الشعر الجاهلي
على أساس مذهب غربي هو مذهب "ديكارت" الذى يقوم على الشك
فالأصل أن نشك في الأشياء ثم نقبلها بعد بحث وامتحان واستضاء بما كتبه الأوربيون عن الياذة هوميروس وشكًهم في حقيقة من نظًم هذه القصيدة وقد رأى بعضهم أنه نظمها شعراء مختلفون ..وأثار هذا البحث
ضجة واسعة وكتب الرافعي وغير الرافعي كتبا في الرد عليه زكثر الجدال
ولكن طه حسين ثبت في المعركة وكان ثبوته إيذانا بنجاح مقاييس الأدب
الجديدة .. والحق أن هؤلاء المجددين من أدبائنا أحدثوا في لغتنا مرونة واسعة وقد أخذت جماعتهم تتكاثر فانضم إليهم من الشباب توفيق الحكيم
ومحمود تيمور وغيرهم ..
وهكذا بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية أصبحنا نمتلك أدبا جديدا مصريا خالصا .. نبت في وطن مصري على أيدى طائفة من المصريين وبلغ ما أنتج هؤلاء الأدباء أن أخذت قصصهم تترجم إلى اللغات الأجنبية ..بل لقد
أخذت المسرحيات تترجم وتمثل على مسارح الغرب على نحو ما نعرف
من بعض مسرحيات توفيق الحكيم .. فلم نعد نأخذ من الغرب فقط ولم يعد
أدبنا منعزلا يعيش وحده بل أصبح يسمو إلى مرتبة الآداب العالمية الحية الكبرى ..ولعل فوز الأديب المصري نجيب محفوظ كان ثمرة هذا الجهد
المتواصل والذى بدأ من عهد محمد على حتى يومنا هذا .
تعليق