اجتاحــك يا قمـر سواد القــدر، وبعـت الضيــاء وجــاهك المعتبــر، نذرت نفســك لسقــط المتاع، فركبتــك الأهــوال وسحــر الخداع، طوقتــك أســراب الظــلام ، لتلتهــم الضيــاء بكــل انتظــام،لفظــت أنفاســك وأنــت طريــح السمــاء،لفظــت سم الهيــام وكـل وعــود الإنتقــام، فمــات فيــك الإشعــاع وذاك الشعــاع واللحــن الوديـع فــي كــل البقــاع، وفــي الليــل البهيــم خــارت قــواك وداس ديـــجور الظــلام نبــراس خطــاك ،فغــادرت النجوم سقــف السمــاء وقــد غزاهــا الجحــود وحــب البقــاء تركــتك تئن وأنــت الوحيـــد بعــد حضور ممــل وطــول نــداء.وفــي غياهــب الدجــى سكبــت الدموع فطــار اللقاء وحــل الخراب ونقـع الجفــاء، فثــار قلــب الشمــس الرهيــف وقامت لردع ذاك النزيـف، قامــت لتكشــف ذاك النقــاب عــن الوجــه الصبوح، عن ذاك الصباح، قامــت لتحاصر فلــول الظـلام بعدمــا اعتســف الفـلاة وبســط الخيــام، قامــت لتفتــح أزهـار الجفون كــي تقطــف برق بريــق العيون،


قامــت وقــد أضناهــا حــب الظهـور، وكيـف الوصـال وكيـف العبور ولقمرهــا المحبوب خططــت بعـض السطور، تناجيه تعاتبــه عــن عــدم الحضور، وبكل اعتزاز وبكل حبـور أجابها ذلك المغـوار ذاك الصبور، لضيـائـي ثمن أغلى من كـل المهـورومن ضيائك وبريـق كل النجوم ولقد اجتاح الظلام كل الثغـور فعلا وجهي، خجل الجلنار فزال الخطر وتلاشى الحصار، إن كــل القوى وأعتى الحصون إن ريـاح السموم وكـل الخصوم تنهـار قبل العراك وقبل الهجـوم،وإن ضيـاء القمـر كما يدعــي سيف لا ينثني، يشق الظـلام بسحـر الكلام يمخـر ســواد ليــل لا ينتهي ولسحر الجمـال وقع في النفـوس ولتلك الشمــس ضيـاء وضاء لا ككــل الشموس ،كشفـت النقاب بعـد طــول غياب، بعدمـا نفـد الصبـر وعز الخطـاب، وعادت الشمـس بعد لعلعـة الرصـاص،بعـد زعازع فـراق وكل التباس، وبعد ما جفـت عروق الكلام صـار الدمع ذاك السفيـر لذاك القلب الكسيـر.
وبعد كسوف وخسوف وطول شقاق، أرى الشمس والقمر في أحر عناق.

مقتطف من كتاب خريف المشاعر لصاحبه عبد الغني علوشي