تويت
رأت وجهها في حبات الطباشير التي تتساقط من السبورة و أحيانا يصعب عليها أن تميز هذه الحبيبات و يدخلها الشك و لا تريد أن تصدق بأن ملامح جمالها تسوقه الرياح و يختفي مع الوقت بالكاد أبصرت قطعة الطبشور انحنت لتلتقطه و كأن الزمن هو الذي جعلها تنحني عندما اقتربت يدها لتتناوله تدحرج بعيدا ، حاولت عبثا اللحاق به لم تستطع قعدت على الكرسي تتأمل في شعاع الشمس مخترقا من ثقب قفل الباب حدثت نفسها من المستحيل أن أقبض هذا الشعاع بالرغم من طوله فهو يمتد من أول الغرفة إلى آخرها و يبقى مدة طويلة ينتظر من يمسكه ، نظرت أسفلها هذا الكرسي قديم أعتقد أنه معمول من خشب الصنوبر فرائحته متجددة لكن لا أظن هذه رائحة الخشب .. أنها رائحة الزمن التي تنبعث من جدران الصف و التلاميذ و كأنها عود عنبر مضى عليه ردحا من الوقت أن خشبه أصلي غير معمول بالمكائن الحديثة التي تكبس كل شيء و يتغير شكله بالضغط و لا يعمر و لكن هذا الكرسي قاوم بالرغم أن التلاميذ يعبثوا فيه كل عام و مازال خشبه قويا ، كل سنة دراسية مطلوب مني دفتر تحضير جديد و زي جديد حسب الموضة ، الشيء الذي لم يتغير لون الجدران والسبورة بلونها الأسود التقليدي بالرغم من إلحاحي على المديرة أن تطلى الصف بلون أخضر ، وعودها كثيرة جدا حتى أصابني الملل من كلام لا أسمعه أحيانا ، حتى السبورة أريد أن يتغير لونها من اللون الأسود إلى اللون الأبيض و لكن راجعت نفسي بأن الطبشور الأبيض لن يميزه التلاميذ و هذا غير مهم عندي اللون القاتم يزول ، أخيرا المديرة وافقت بطلي الصف و لكن أخبرتني أنه لا يوجد ألا اللون الأصفر ، دخلوا التلاميذ أول يوم في العام الدراسي لا بد أن أشرح الموضوع المتكرر و الذي أصبح مضجرا كالمدرسة ، و الموضوع هو فضل احترام الوالدين حان موعد رن جرس بداية الحصة الأخيرة ما أسرع مرور الوقت، سمعت صوت المديرة مدويا في الصالة أدخلوا يا تلاميذ ، انتظرت المعلمة خمس دقائق و عشر دقائق انتهت الحصة لم يدخل أحد من التلاميذ صرخت المعلمة أين أنتم دائما أنا التي على انتظار خرجت تبحث عن تلاميذها كلهم ذهبوا إلى بيوتهم ، رأت رجلا ينتظر أبي هذه معلمتنا رجعت بها الذاكرة خمسة و عشرين عاما من أنت حسان التلميذ المشاغب ، نعم و هذا ابني بكت لكن من غير دموع .