السينما الصامته

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • يسري راغب
    أديب وكاتب
    • 22-07-2008
    • 6247

    السينما الصامته

    فلاش باك
    مع السينما الصامتة
    حين نشاهد امرأة يقتادها رجل ليقيدها على خط السكة الحديدية بشكل تمثيلي , تعيش معه صدقا اكثر بكثير , من أي اداء انفعالي نسمع منه صوت المرأة وهي تستغيث وهي تبكي وتتوسل .. ويذكرنا هذا بفيلم "باب الحديد " ليوسف شاهين , الذي استمد لقطة وضع المرأة على خط السكة الحديدية من سيناريو احد الافلام الهوليوودية الصامتة , وكان ان يفوز بجائزة عالمية عن هذه اللقطة .. وروعة اخراج الفيلم الصامت , تتمثل في القدرة على خلق مواقف متتابعة ومثيرة , تشد انتباه المشاهد , وتجعله متشوقا الى اللقطة التالية , بما تحملة من اثارة , في حل معضلة مؤقتة يواجهها بطل الفيلم الصامت , فنشاهد في احد الافلام الصامتة اعتماد المخرج على " كلب " لانقاذ فتاة مقيدة على خط السكة الحديدية , ويشدنا المخرج الى المحاولات التى يبذلها الكلب حتى ينقذ الفتاة .
    - ان الفيلم الصامت , مثل قصة قصيرة محكمة في بنائها الفني , يستطيع ان يضع امامك عالما متكاملا دون الحاجة الى المد والتطويل بالكلام الكثير , بل ان الفيلم الناجح اساسا الآن , هو الذي يعتمد على اللقطة المعبرة والقليل من الحوار .
    وفى مهرجان برلين السينمائي عام 1986م عادوا للافلام الصامتة العظيمة , ضمن ايامه العالمية حيث قدمت دراسة مرئية عن صناعة السينما من خلال افضل الافلام التى صنعت تاريخ السينما العالمية ومجدها , واغلبها صامتة لكنها تنطق بالتعبير السينمائي افضل بكثير من افلام ناطقة ملونة .
    ومن بين هذه الافلام الصامتة , عرض المهرجان فيلم عيادة الدكتور كاليجاري لروبرت واين الذي انتج 1919 , يتحدث عن قصة معقدة داخل مستشفى للأمراض العقلية – وصاحبت الفيلم اثناء عرضه موسيقى تعزفها فرقة الاوركسترا السيمفونية الالمانية ضمن مجموعة اخرى مختلفة من الافلام القديمة اهمها الفليم الموسيقي – كوين كيلي – اخراج اريك فون ستروهيم وبطولة جلوديا سواتسون , والفيلم يعيد الى الاذان امجاد موسيقي الجاز القديمة التى تعتبر البطل الحقيقى للفيلم .
    وايضا قدم المهرجان – من سينما الماضي فيلم " الرجل الخفي " اخراج الفريد هيتشكوك مخرج الروائع البوليسية العالمية الشهير .
    وهكذا وقف مهرجان برلين السينمائي في دورته الخامسة والثلاثين , موقف المتأمل والفاحص للسينما الصامته , ولم يكتف بذكرها في عبارات مؤثرة هنا وهناك , بل انه يفرضها على الحضور الذين أسعدهم بالتأكيد تلك العودة مع الافلام القديمة الصامتة , او الافلام القديمة باللون الأبيض والاسود , التى قال عنها اورسون ويلز مخرج الافلام العظيمة " المواطن كين , والرجل الثالث و"ماكيت " قال عنها :
    انها سينما يلونها الخيال افضل من الألوان الطبيعية .
    ان هذه العودة التاريخية لافلام الماضي , تأصيل لحركة السينما العالمية , وتأكيد على اهمية الفيلم الصامت , الذي بني عليه امجاد السينما العالمية والتى يمكن لكل مهتم بالسينما ان يستفيد منها اضعاف المرات , اذا ما اتيحت له فرصة مشاهدتها ونوادى السينما , قادرة على اتاحة هذه الفرصة , لفهم اعمق وأشمل للتعبير السينمائي الراقي , الذي يمكن متابعته من خلال الفيلم الصامت بخيال أوسع .
    وعودة الى هذه الامجاد السينمائية القديمة قد يتيح لكل المهتمين بدور السينما في حياتنا الثقافية والاجتماعية , فهما أعمق للعملية السينمائية من الناحية التقنية .
    وقد حاول البعض انتاج الفيلم الصامت , بعد ان نطقت السينما ..
    ففى تاريخ السينما العالمية عرض فيلم صامت سنة 1952 اسمه
    " اللص " لم ينتشر , وفي عام 1974 اخرج ميل بروكس فيلما صامتا اخر , ولكن النتائج لم تكن مشجعة فقد انتهى العهد الذي يمكن للناس فيه ان يذهبوا لمشاهدة فيلم سينمائي صامت , بعد كل هذه التقنيات الحديثة في صناعة الفيلم السينمائي منذ 1902 . بداية عهد العالم بصناعة السينما وحتى الآن .
    وطوال هذه الحقبة من التاريخ الحافل اعترضت التقنية السينمائية صعوبات مهمة في كيفية التعامل مع شريط الصوت . وكيف يمكن التوفيق بين الصوت والصورة ؟ سؤال يوجهه كل مخرج متمكن وموهوب لنفسة في كل مشهد يريد تنفيذه , فالمشكلة ليست حذف مقاطع من الحوار بل في كيفية خلق تآلف طبيعي بين الصوت والصورة ينقل للمتفرج التعبير والمضمون دون اسفاف او استسهال .
    وضمن هذه التقنية تقع الاخطاء في الفيلم .
    خاصة اذا ما كان الحوار في المشهد مملا ومكررا بطريقة سخيفة , كما ترى في الفيلم العربي مثلا حين نجد امامنا بطلة الفيلم بجانب التليفون الذي يرن , فترفع سماعتها , وتركز الكاميرا عليها وهي تقول : مين ممدوح ؟ انت تأخرت ليه ..؟ مش حتيجى ..؟ ليه ؟ السيارة اتعطلت ..؟ مالها ..؟ الموتور ..؟ ... الخ .
    وكان كافيا ان نفهم من السرد السابق في الفيلم ان ممدوحا لن يحضر وقد اعتذر بالتليفون بشكل مبسط تعتمد على الصورة , ويقلل من هذا الحوار الذي يمكن متابعته في عشرات الافلام العربية ..!!
    ان السينما الصامتة التى عاشت لربع قرن من الزمان( 1902– 1927)
    وكانت قادرة بالايحاء والتعبير على جذب المشاهد لها , بل انها تعد من التحف الفنية بالنسبة للمشاهدين في هذا الزمان وقد مضى اكثر من اثنين وثمانين عاما على بداية الفيلم الناطق الآن بحيث اصبحت السينما صناعة مؤثرة في حياة كل منا , ثقافيا واجتماعيا وسياسيا .. الخ .
    كما قدر للسينما ان تكون الحياة التى نحلم بها احيانا , والتى نخافها احيانا اخرى , والتى نعيشها احيانا ثالثة ..!!
    والعودة الى القديم مفيد في مجال الفهم الكامل للعملية السينمائية بالذات مع المتابعة الحية والدقيقة لمشاهدة أي فيلم صامت .
    فالسينما الصامتة التى عاشت مطلقة حتى 1927 حين ظهر أول فيلم ناطق في هوليود هي أساس العمل السينمائي الناجح والكثير من عيوبنا في اخراج الفيلم العربي , يعود الى ان اغلب مخرجينا الأوائل انتقلوا الى الفيلم الناطق الملئ بالاحاديث والحوارات , ولم يعتمدوا اللقطة السينمائية المعبرة في افلامها .. ولكنهم لو حاولوا , التعبير عن افكارهم من خلال الفيلم الصامت بداية , ربما تحقق التجويد العالمي في الفيلم العربي ..!!
    لان المخرج هو سيد الموقف في الفيلم الصامت ..!! بل هو كل شئ مع السيناريو الذي يتكلم عوضا عن أي حوار .. ويعتبر المخرج الامريكي " سيسيل دي ميل " عرابا كبيرا في السينما الهوليوودية الصامتة ..
    وشارلى شابلن عرابا آخر في ميدان الفيلم الصامت بأدائة التمثيلي الرائع الذي اضحك ملايين الناس دوم ان ينطق بحرف واحد ..
    وهناك في السينما العربية فيلم " دائرة الشك " من بطولة نور الشريف وليلى فوزي , عشنا دورا صامتا ورائعا وعظيما للممثلة القديرة "ليلى فوزي" لقد عبرت عن موقفها بالحركة والتصرف دون ان تنطق حرفا واحدا طوال مدة الفيلم , فكانت سابقة مشرفة وناجحه لليلى فوزي وللسينما العربية , اعتمادا على افكار السينما الصامتة , وهذا يؤكد مدى النجاح الذي يمكن ان يتحقق باعتماد اللقطة المعبرة , والتخفيف من حدة الحوار السينمائي .
    ولو دققنا في فيلم " خرج ولم يعد " للمخرج محمد خان , نجد أقوى المشاهد تلك التى اعتمدت على اللقطة المعبرة , واستغنت عن الحوار , بكيفية فنية معبرة , حتى في شكل البطلة للفيلم , وفي المباني المتداعية , وفي الأرشيف المهترئ , والماعز على السلالم , وفي البساط الأخضر من أرض القرية , فالسينما الصامتة قالت عن النجاح السينمائي جملة واحدة وهي : تكلم قليلا , وعبر كثيرا ..!!
    وكلما حاول الفيلم ان يعبر قليلا , ويتكلم كثيرا , كلما أخذ المشاهد معه الى بحر من التكرارية والملل , وقديما قالوا :
    اذا كان الكلام من فضة , فالسكوت من ذهب ..
    وهذا لا يعنى العودة الى السينما الصامتة , بقدر ما يعني العودة الى التعبير السينمائي , بالاستغناء قدر الامكان عن التعبير الحواري ..
  • على جاسم
    أديب وكاتب
    • 05-06-2007
    • 3216

    #2
    السلام عليكم

    جهد جميل منك أستاذ يسري


    وها أنت سبقتني إلى ذلك

    ولك الفضل والشكر أخي

    تقديري لك
    حقيقة كنت في كل مرة أهم بكتابة مثل هكذا موضوع عن السينما الصامتة
    عِشْ ما بَدَا لكَ سالماً ... في ظِلّ شاهقّةِ القُصور ِ
    يَسعى عَليك بِما اشتهْيتَ ... لَدى الرَّواح ِ أوِ البكور ِ
    فإذا النّفوس تَغرغَرتْ ... في ظلّ حَشرجَةِ الصدورِ
    فهُنالكَ تَعلَم مُوقِناَ .. ما كُنْتَ إلاََّ في غُرُور ِ​

    تعليق

    • يسري راغب
      أديب وكاتب
      • 22-07-2008
      • 6247

      #3
      اخي العزيز
      الناقد والاديب
      علي جاسم
      كل التحيه والتقدير
      وهناك في السينما العربية فيلم " دائرة الشك " من بطولة نور الشريف وليلى فوزي , عشنا دورا صامتا ورائعا وعظيما للممثلة القديرة "ليلى فوزي" لقد عبرت عن موقفها بالحركة والتصرف دون ان تنطق حرفا واحدا طوال مدة الفيلم , فكانت سابقة مشرفة وناجحه لليلى فوزي وللسينما العربية , اعتمادا على افكار السينما الصامتة , وهذا يؤكد مدى النجاح الذي يمكن ان يتحقق باعتماد اللقطة المعبرة , والتخفيف من حدة الحوار السينمائي .
      ولو دققنا في فيلم " خرج ولم يعد " للمخرج محمد خان , نجد أقوى المشاهد تلك التى اعتمدت على اللقطة المعبرة , واستغنت عن الحوار , بكيفية فنية معبرة , حتى في شكل البطلة للفيلم , وفي المباني المتداعية , وفي الأرشيف المهترئ , والماعز على السلالم , وفي البساطة الأخضر من أرض القرية , فالسينما الصامتة قالت عن النجاح السينمائي جملة واحدة وهي : تكلم قليلا , وعبر كثيرا ..!!
      وكلما حاول الفيلم ان يعبر قليلا , ويتكلم كثيرا , كلما أخذ المشاهد معه الى بحر من التكرارية والملل , وقديما قالوا : اذا كان الكلام من فضة , فالسكوت من ذهب ..
      وهذا لا يعنى العودة الى السينما الصامتة , بقدر ما يعني العودة الى التعبير السينمائي , بالاستغناء قدر الامكان عن التعبير الحواري ..
      تقبل كل التحيه والتقدير

      تعليق

      • يحيى الحباشنة
        أديب وكاتب
        • 18-11-2007
        • 1061

        #4
        [frame="15 98"]اخي الأستاذ علي جاسم والأستاذ يسري راغب شراب

        إن الحديث عن السينما الصامتة .. له شجون .. وهو لا شك حديث ممتع ..
        لكني أميل الى الاعتقاد بأن ما يطلق عليه مصطلح السينما الصامتة هو تلك الأعمال السينمائية القديمة .. عندما تكن تقنية استخدام الصوت الى جانب الصورة متوفرا بعد .
        أما الحوار في العمل السينمائي وكثرته وطوله لا يعد أمرا محببا بقطع .. وهذا ما يميز العمل السينمائي عن الدراما التلفزيونية .. لأن المشهد السينمائي يعتمد بالأساس على عنصر الحركة والنقلات السريعة والقطعات المدروسة بعناية ..بالاضافة الى المكان والزمان ..

        وأن هناك لغة خاصة بالكاميرا .. والتي لا تقل أهميتها عن الحوار .. وتأتي بديلا
        وخيارا معقولا عنه .. واكثر جمالية ..

        دمت سالما اخي العزيز علي جاسم [/frame]
        شيئان في الدنيا
        يستحقان الدموع ، والنزاعات الكبيرة :
        وطن حنون
        وامرأة رائعة
        أما بقية المنازاعات الأخرى ،
        فهي من إختصاص الديكة
        (رسول حمزاتوف)
        استراحة عشرة دقائق مع هذا الرابط المهم جدا.. جدا !!!!!
        http://www.almolltaqa.com/vb/showthr...d=1#post264869
        ولنا عودة حتى ذلك الحين استودعكم الله




        http://www.almolltaqa.com/vb/showthr...149#post249149

        تعليق

        يعمل...
        X