قصتي مع الراوي!
[align=justify]
يُروى بسند صحيح:
بينما كنت جالسا على كرسي خشبي عتيق وإذابي غبت عن نفسي فلم أعرف لي خبرا!..
قال الراوي:
لما كنت جالسا مرت أماميفتاة تتبختر في مشيتها كأنها يمامة الهند المقدسة! وشعرها الحريري الانسيابي يرفرفكأنه عرف فرس حين يعدو كسهم الريح ويتدفق على ذراعيها حتى يستوي مع ناصيتها متلألئارغم سواده العنبري، وعيناها سبحان من صورهما، إن اللسان لعاجز عن وصفهما ومن حاولصار أبكما! ووجه مستدير كأنه بدر تخجل النجوم حين تراه ثم تخبو! ووجنتان إذا ما مرتفي الحدائق تذبل كل الزهور! أنفاسها أطيب من المسك يجف العطر حين يصله الأريج! وفمها مرسوم كأنه صُوّر كما شاءت!.. أما القد فلم أجد في الوصف ما يناسبه وكلماحاولت تبين لي أنه سفاهة فأعدل عنه...
لما مرت أمامي سألتها:
-مااسمك؟- شمس! - اغربي عندنيتي حتى لا يحرقني لهيبك..
- لا! بل قمر.
- ما أبعدك عن أرضي!
- عفوا سيدي، اسمي نرجس.
- الآن تعالي! امنحيني لحظة لأشمعطر قلبك..
- أمزح معك سيدي، أنا اسمي مياه!
- ثكلتك أمك! أما علمت أني ظمآنمنذ قرون!؟ وأن قلبي قد أصابه الجفاف منذسنين!؟..
تلونت بشتى الأسماء وتلونتمعها ريشتي إلى أن رسمت سفرا كلماته كالخمر منقرأه عربد! ومن تخلى عنه محروم منسنا حكمته...
ولما قالت لي اسمي حياة! كأن عقربا لدغني! فتصبب جبيني عرقا،وارتجف جلدي كأنه أصيب بزلزال مباغث.. فقلت في نفسي:«هذا ما كنت أبحث عنه منذزمان!..»... [يقول الراوي أنني في هذه اللحظة بالذات غبت عن نفسي!..].
صرتطريح الفراش شهورا عديدة.. ولما سمعت خبري عادتني فشفيت!.. ومن بعد ذلك، تزوجتهاوأنجبت لي أربعة أطفال يحسبهم الناظر اللؤلؤ والمرجان.. وعشنا حياة سعيدة مليئةبالمسرات والأفراح.. إلى أن ماتت حياة فحزنت عليها حزنا شديدا، لا طعام كان يحلولي، ولا شراب كان يصوغ لي وبكيت عليها حتى فقدت بصري وبح حلقي وصمت الكلام.. فهجرتوأبنائي تلك المدينة فانقطعت أخبارنا...
لست أدري لماذا الراوي زيّف قصتيهكذا!؟ أنا لم أكن جالسا على كرسي..! بل كنت واقفا متكئا على حائط في حينا.. ولمتكن الفتاة بهذا الشكل من الوصف الفتان! كما أنها لم تكن فتاة واحدة.. لقد كنت أسألكل فتاة تمر أمامي نفس السؤال.. والتي وقعت في شباكي هي "حياة".. ولم أغب عن نفسيولم أتزوجها قط، مرت بيننا فقط أيام من التسلية ببعضنا البعض.. وكم كنا نلهو بلغوبالماء!.. حتى افترقنا فتزوجت غيري ولم تنجب معه لأنها كانت عاقر! أما أنا فتزوجتغيرها وأنجبت لي طفلين وكانا وسيمين مثل سائر البشر...
ولا زلنا نعيش حياةتتداول بين الأفراحوالأتراح.
[/align]
بقلم: محمد معمري
تعليق