

بقلم : حسين نصيب المالكي
ناقد وقاص من ليبيا
لقد اطلعت على العديد من كتب الحكايات في بلادنا من بينها كتاب عودة الولد الصغير للكاتب/ سالم الهنداوي ثم أخيرا قرأت للكاتب محمد السنوسي الغزالي بعض من سير التعب الصادر عن مجلس الثقافة العام وهو كتابه الأول
ومحمد السنوسي الغزالي تعرفت عليه في بداية الثمانينيات بطرابلس في ملتقى القصة القصيرة برابطة الأدباء والكتاب وكان بصحبته كل من الشاعر محمد عبدالله المحجوب الذي رحل عنا دون أن يصدر له ديوان شعر واحد مع العلم انه ترك العديد من المخطوطات في الشعر الفصيح ودراسة عن الشاعر حسين الاحلافي وشعره الشعبي
والكاتب الراحل بن عيسى الجروشي صاحب كتاب صور من الحياة
الغزالي بدأ في الكتابة والنشر منذ السبعينيات يكتب القصة القصيرة و المقالة ونشر إنتاجه في الصحف والمجلات الليبية و العربية والمواقع الالكترونية لكن بعض من سير التعب هو أول كتاب يصدر له يحتوي على اثنين وعشرين حكاية
كتب له المقدمة القاص محمد المسلاتي((الكاتب محمد الغزالي بخوضه لتجربة الحكاية يجدد ذاكرتنا لتنفتح على زمن لم لنعيشه لو لم يتقمص حالة الحكي… تبدو الحكايات في مجموعة بعض من سير التعب كأنها السيرة الذاتية للكاتب لتدخل في مناخات ذاكرة مفتوحة على كل ما التقطه الكاتب خلال طفولته ورحلة صباه))ص6
ويقدم الكاتب في مفتتح الكتاب الشكر الى :
اتقدم بالامتنان الى كل من:
مجلس الثقافة العام) ليبيا
صحيفة اخبار بنغازي) ليبيا
مجلة الثقافة العربية) ليبيا
موقع القصة العربية) السعودية
الذين احتضنوا ونشروا ودعموا..ص9
تنقسم حكايات محمد الغزالي في هذا الكتاب إلى قسمين القسم الأول حكايات عن سيرته الذاتية مثلا حكاية في البدء يتطرق فيها إلى ولادته حيث يقول:
(( كان الوقت قبل الغروب في الخمسينيات ..هذا الوطن كان أشبه بخربة قديمة مشهورة لكنه كان وما يزال محبوبا هو وشوارعه الدافئة عندما ألمت بأمي حالة المخاض وكانت الرحلة إلى بنغازي في السيارة الكيول المعبأ صندوقها بالفحم أشبه برحلة السند باد المرج أطلت من الأفق عند العويليه مازالت الرحلة طويلة وقاسية ليس من ملاذ في ذلك اليوم في الخمسينيات في الثامن عشر من شهر مارس ويوم السبت إلا سوريلات المرج في المستشفى القديم ثم
ولد الطفل الشقي )) ثم الحكاية الثانية الدرناوية في المسار هي أيضا عن وفاة أمه بعد إنجابها له بسنوات قليلة
وزواج والده من امرأة من درنة اهتمت به ولم تسمح له بالخروج مع والده الابملابس نظيفة ومنديل في جيبه عنها يحكي المؤلف (( كانت وردة امرأة منظمة ايتيكيت درناوي أصيل تهتم بمظهرها ملابسها تستيقظ مبكرا تنظف المنزل وتجهز الفطور ثم توقظني أولا لأغسل وجهي بالماء والصابون وأنظف أسناني عرفت هذه التعاليم في مدرسة البركة رقم 1 ثم تتفقدني من رأسي إلى قدمي وبعد أن تطمئن على رعيتها الوحيد لأنها لم تنجب تحملني ثم تجلسني على رجلها
لأتناول فطوري )) وكذلك الحكاية الثالثة والتي بعنوان الولادة وهي عن خالته بعد أن طلق والده زوجته وردة الدرناويةوالحكاية الرابعة عن مرحلة الصبا وكيف أحب فتاة جميلة تسمى زهرة ثم الحكاية الأخرى اجدابيا نداء الرمل الحنون وهي عن رفقته لوالده طفلا والسكن في مدينة اجدابيا(( لاجدابيا في أعماقي ذكريات لا تنسى وقيض لي بسبب عمل والدي أن ادرس فيها لبضعة اشهر في أوائل الابتدائية في مدرسة في بيت قديم اسمها مدرسة النهضة ولم
يصدق والدي نفسه انه سيعيش حتى يراني يافعا و متزوجا عدة مرات في حياته وأنا مراهق لكنه كان دائما يذكر اجدابيا كما يذكر الطيب و المسك الحسن ذات مرة قال لي :- اعرف الذكرى التي تؤلمك في رجلك لكن تلك الرمال هي من ارق الرمال التي وطأتها رجلي في حياتي اسمع يا ولدي إذا أردت أن تعيش في الدفء فعليك أن تذهب إلى اجدابيا وأناسها )) وعن المنزل الذي اشتراه لهم والده في البركة وهي بعنوان: بيت مسكون بالبركة
أما القسم الثاني من الحكايات عن تجارب عاشها أو شخصيات كانت له تجارب معه كما في حكاية صديق التعب وحكاية عشقه لتلك الفتاة الجميلة دولا وان كان هذا ليس اسمها الحقيقي والتي أحبها بعد الزواج وكانت هي كل شيء]ْ بالنسبة له(( دولا في أول يوم رأيتها فيه كان يوم لا ينسى شعرت برعديدة وارتعاشة في صدري ظللت عدة أيام اذهب إلى ذلك المكان لكي أراها فقط )) وشخصيات من النساء المشهورات في البركة في ذلك الزمن الغابر مثل سرايا و سبب وغيرها
وشخصيات عرفها الكاتب مثل قمباري وصاحب المورس الحمراء وحكاية عرفة الحلواني وابو العذاري ويوسف وغيرهم
((وقد نجح الكاتب محمد السنوسي الغزالي في جذبنا إلى فضاءات حكاياته وشخوصها وأزمنتها والدخول بنا غلى تفاصيل لحظات منسية من زمن ماض مكنا نكتشفه لو لم يحك لنا الكاتب بعض من سير التعب ))
كماانني أؤيد القاص المبدع محمد المسلاتي في استبعاد الحكاية الواردة في الكتاب بعنوان فكرة فهي قصيرة جدا
وهذه الحكايات التي اطلعنا عليها هي ممتعة وجديرة بالقراءة وابتعد فيها عن البطولة والمثالية كما في بعض سير وحكايات الكتاب الآخرين واحتوت حكايات بعض من سير التعب المصداقية والشفافية وان كنا لم نقرأ حكاية عن بدايات الكاتب مع الكتابة والتأليف تبقى هذه التجربة الناجحة والمميزة للكاتب محمد السنوسي الغزالي مع الحكي.
تعليق