تداعى على الكرسي الحجري في الحديقة العامة يقابله في الساحة المركزية العلم يرفرف على شرفة دار البلدية مزهوا. امتدت يده الى جيب سترته تبحث عن علبة التبغ. اصطدمت بالخواء و علبة الكبريت، نسي أنه دخن آخر سيجارة منذ قهوة الصباح مع صديق من العهد القديم.
أخرج عود ثقاب و راح يلهو به بين أسنانه:يعني أنت على الحديدة، ليس في الجيب ما يكفي لشراء علبة تبغ رخيصة. التدخين ليس مشكلة يمكن الاستغناء عنه. أتظن؟ و الحركة؟ كيف تنتقل من مكان الى آخر لبحث عن وظيفة في هذا البلد الشاسع؟ كيف تقتات؟ هل تظل عالة على أهلك؟ لا.لا. انها مسألة وقت وأجد لي وظيفة. هل تظن اني سأظل بلا عمل الى الأبد؟ لكن جريك الى المؤسسات و الجواب الوحيد الذي يصدم رأسك لا يبشر أبدا بأنك ستحصل عليها. ثم الى متى و أنت تنتظر؟ و التزامك مع سلمى؟ انتظرت تخرجك من الجامعة، انتظرت انهاءك للخدمة الوطنية، هل ستنتظر أكثر؟
و امتدت يده الى جيبه مرة أخرى. لا، لا تنس، ليس هناك تبغ. مسح جبينه المتصبب عرقا رغم اعتدال الجو، و عاد يمضغ من جديد عود الكبريت.
الشارع الفاصل بين الحديقة و الساحة المركزية مزدخم بالغادين والرائحين، وجوه لا عهد له بها في هذه المدينة، جيل جديد، جيل قلق، حركة عارمة، لهاث، دخان الكل يبدو عليه الانشغال، حركة، دوران، غثيان، طوفان.
و عاد الهاتف العميق يهمس في أذنيه، يخزه:
ـ تحرك، ما معنى بقائك هنا؟ في الحركة بركة، الناس تجري، تسعى، تبحث.
ـ و لكن الى أين؟ و بماذا؟و هذه المؤسسات الضخمة المغلقة على نفسها المعنونة بحروف متقطعة صارت تزرع الوحشة في قلبي"ش،و،ن،ت" "س،و،ش" حيث وليت وجهي قابلتني هذه الحروف في غموض اللغز و تعنتر البوابين و عنجهية المديرين. من بامكانه الحل و الربط؟ الكل يفعل كل شيء، و الكل لا يفعل أي شيء! من يسمعني؟
ـ لا تقل من يسمعني، يجب أن تُسمع أنت الأخرين، أن تكون "أوديب" الذي فك اللغز.
آه كأنك لاتدري، إذن سنفقأ عيوننا جميعا في النهاية.
مرة أخرى امتدت يده الى جيبه.
ـ عم تبحث؟ عن التبغ أم النقود؟
انتقلت يده الى الجيب الآخر، ربما هناك ورقة نقدية مطوية سهوا بين تلافيف جيبه فيشتري علبة تبغ تقيم للرأس توازنه فيمكنه التفكير بوضوح.
اصطدمت يده ببطاقتين صلبتين. فتش بينهما، خواء آخر، بطاقة التعريف الوطنية، الاسم، اللقب، الصورة الجميلة أيام كان لا يحمل هما ملامح تكاد تطفر منها البسمة أسكتها الغم الآن. غاب ذهنه مع البطاقة، مامعنى هذه الورقة؟ مواطن؟ هوية؟ هل أنا حقا من هذا الوطن؟ إذن ما معنى غربتي؟ بطالتي؟ غثياني؟ هل تكفي بطاقة صغيرة لأن تقوم دليلا على أننا نملك وطنا؟
سحب البطاقة الثانية، حدقت فيه صورته العسكرية، وثيقة إنهاء الخدمة الوطنية، عامان من العمر مفتحة عيناه في الحفر و أكاس الرمل و الحر و القر، و تظل المؤسسات تتجهم! و هل الوطن سوى مؤسسات جهمة مختزلة العناوين؟
ـ لا،لا يا رجل، ماذا تلقنت في المدرسة، في المجسد، في الثكنة؟ الوطن أكبر، الوطن هو كل شيء.
ـ إذن الوطن هو لاشيء، هذه الكليات المطلقات المعميات هي التي ضيعتني.
التفت عساه يكون بمحاذاة مدخن فيسعفه بسيجارة. هناك كهل متين يمد يدا متصلبة إلى المارة. و لم يتورع عن أن يسأله:
ـ هل معك تبغ؟
ـ قل لي هل معك ما تطعم به أطفالك؟
الأطفال؟ ياللمحنة لو كان لي أولاد!
تداعى أكثر في الكرسي، إعصار يلف رأسه، يكبه بين يديه كالإناء.
ـ انت شاب في مقتبل العمر فكيف تبتئس؟
صوت تمطى كالمواء جاءه هذه المرة من الكهل المتسول.
"صاحب المحنة لا يهنأ" كلمة قالها أعمى بالقطار ذات مرة أراد أن يقذف بها في سمع الكهل، لكنه عاد فنفخ فقام، و قام معه في داخله الهاتف العميق يهتف:
ـ إلى أين؟ البيت صار لايحتملك أو هكذا تتوهم، أنت أيضا صرت لاتحتمله، لا يهم، لكنك لاتعرف إلى أين تمضي، كم عمرك؟
لماذا هذا السؤال الفج و أنت تعرف أن عمري ثلاثون سنة؟
ـ كاه،كاه،كاه...
ـ يجب أن تغلق فمك فورا إني لا أطيقك.
ـ لا،لا، أريد فقط أن أقول بأنك غر لا تعرف شيئا، من المدرسة إلى الجامعة إلى الثكنة إلى البطالة. هدمت نصف عمرك و أنت في الدرجة الصفر. هيا جر قدميك إلى آخر الزقاق هناك ستجد من تصغي إليك.
ألقى نظرة خاطفة إلى العلم على شرفة دار البلدية ، إنه كما عهده منذ الطفولة في ساحة المدرسة، دائما يرفرف غير مكترث بأحد، بمن عري، بمن جاع، بمن ضاع.
و أسلم نفسه لقدميه، في عطفة الزقاق الطويل وقف عند الباب مترددا. أطلت عليه من ثقب المفتاح و صاحت:
ـأدخل يا صغيري، مابك واقفا كالخروف؟
ارتمى على الأريكة العتيقة، تناول سيجارة من فوق المائدة ثم زفر في تداع.
ـ الله، متعب إلى هذا الحد! سأحضر لك القهوة.
قامت، مازالت تحتفظ بجمالها المتوحش، بجسدها الممتلئ الذي يومئ في إغراء : من كان على ظمأ فليشرب، من كان على مسغبة فليأكل.
جذب أنفاسا أخرى أكثر عمقا، خامرته نشوة حزينة، كأن الحياة تُختزل فتتجمع في رأس سيجارة حارقة.
أقبلت، فنجان قهوة يفور أيقظ في نفسه رغبة دفينة في لحظة صفاء و تصالح مع الذات.
ـ قل لي، ماالذي جاء بك إلي؟
لم ينبس بكلمة، التصقت به، لفت ذراعها حول عنقه و همست في أذنه: أنا الوحيدة التي تفتح لك بابها وقلبها.
و لأمر ما لاحت له سلمى تركض حافية القدمين كغزال بين أسود مفترسة، امتدت يده إلى سيجارة أخرى، نفخ سحابة كبيرة بحجم تلك السحابة التي تمطر دائما في قلبه.
ـ أشفق على رئتيك، اللعنة على الوظيفة التي تدمرنا.
نظر في عينيها، فيهما حزن عميق رغم البسمة التي تكسو الوجه.
ـ تزوجني، سنؤسس حياة جديدة، في رصيدي حساب لابأس به، و أنت مثقف لاتقيم اعتبارا لأقوال الناس.
غاب ذهنه، فتصورها في ربيع عمرها و قد امتدت إليها اليد السوداء لتبصم على جسدها البصمة التي لا تُمحى. و انتبه على صوتها المتكسر:
ـ هه، ماذا قلت؟ سيقولون عنك تزوج امرأة ساقطة؟ الكل يمارس هذا يا صغيري إن ليس علنا مثلي فبطريقة أخرى، و أنا سأتوب، سأخلص لك، و استغفر ربي و ليرحمنا الله جميعا.
و رآها تبكي، أمطرت السحابة في قلبه غزيرا فاضطرب نهر الدموع في أعماقه،تذكر بكاء سلمى المنتظرة في صمت ذات مساء، بكاء أمه حين أخذوه إلى العسكرية، بكاءه ليلة الوجد الأولى على الأسوار الشائكة و الأضواء الكاشفة. كبح زمام نفسه و سحق عقب السيجارة في المنفضة متوترا.
ـ أهجتك يا صغيري، يجب أن نبكي بين الساعة و الأخرى، الدموع تطفئ بعض حرائقنا.
تناول سترته، و مد يده إلى ماتبقى من سجائر على المائدة فدسها في جيبه.
ـ يجب أن أخرج.
ـ لكنك لم تكمل قهوتك.
رافقته إلى الباب، دست في جيبه بضع أوراق نقدية. أحس شيئا ما تمزق في داخله. خرج و صوتها في أذنه:
ـ فكر جيدا أنا في انتظارك.
الزقاق ضيق و طويل، قدماه تتقاذفان، كلماتها تحفر رأسه، عناوين المؤسسات المختزلة تتجهم في وجهه "ك،ر،ت،ح" ، الناس في تذمر هائل، "ش،و،ن،ت" إنه يطحن السن على السن "س،س،س".
أخرج عود ثقاب و راح يلهو به بين أسنانه:يعني أنت على الحديدة، ليس في الجيب ما يكفي لشراء علبة تبغ رخيصة. التدخين ليس مشكلة يمكن الاستغناء عنه. أتظن؟ و الحركة؟ كيف تنتقل من مكان الى آخر لبحث عن وظيفة في هذا البلد الشاسع؟ كيف تقتات؟ هل تظل عالة على أهلك؟ لا.لا. انها مسألة وقت وأجد لي وظيفة. هل تظن اني سأظل بلا عمل الى الأبد؟ لكن جريك الى المؤسسات و الجواب الوحيد الذي يصدم رأسك لا يبشر أبدا بأنك ستحصل عليها. ثم الى متى و أنت تنتظر؟ و التزامك مع سلمى؟ انتظرت تخرجك من الجامعة، انتظرت انهاءك للخدمة الوطنية، هل ستنتظر أكثر؟
و امتدت يده الى جيبه مرة أخرى. لا، لا تنس، ليس هناك تبغ. مسح جبينه المتصبب عرقا رغم اعتدال الجو، و عاد يمضغ من جديد عود الكبريت.
الشارع الفاصل بين الحديقة و الساحة المركزية مزدخم بالغادين والرائحين، وجوه لا عهد له بها في هذه المدينة، جيل جديد، جيل قلق، حركة عارمة، لهاث، دخان الكل يبدو عليه الانشغال، حركة، دوران، غثيان، طوفان.
و عاد الهاتف العميق يهمس في أذنيه، يخزه:
ـ تحرك، ما معنى بقائك هنا؟ في الحركة بركة، الناس تجري، تسعى، تبحث.
ـ و لكن الى أين؟ و بماذا؟و هذه المؤسسات الضخمة المغلقة على نفسها المعنونة بحروف متقطعة صارت تزرع الوحشة في قلبي"ش،و،ن،ت" "س،و،ش" حيث وليت وجهي قابلتني هذه الحروف في غموض اللغز و تعنتر البوابين و عنجهية المديرين. من بامكانه الحل و الربط؟ الكل يفعل كل شيء، و الكل لا يفعل أي شيء! من يسمعني؟
ـ لا تقل من يسمعني، يجب أن تُسمع أنت الأخرين، أن تكون "أوديب" الذي فك اللغز.
آه كأنك لاتدري، إذن سنفقأ عيوننا جميعا في النهاية.
مرة أخرى امتدت يده الى جيبه.
ـ عم تبحث؟ عن التبغ أم النقود؟
انتقلت يده الى الجيب الآخر، ربما هناك ورقة نقدية مطوية سهوا بين تلافيف جيبه فيشتري علبة تبغ تقيم للرأس توازنه فيمكنه التفكير بوضوح.
اصطدمت يده ببطاقتين صلبتين. فتش بينهما، خواء آخر، بطاقة التعريف الوطنية، الاسم، اللقب، الصورة الجميلة أيام كان لا يحمل هما ملامح تكاد تطفر منها البسمة أسكتها الغم الآن. غاب ذهنه مع البطاقة، مامعنى هذه الورقة؟ مواطن؟ هوية؟ هل أنا حقا من هذا الوطن؟ إذن ما معنى غربتي؟ بطالتي؟ غثياني؟ هل تكفي بطاقة صغيرة لأن تقوم دليلا على أننا نملك وطنا؟
سحب البطاقة الثانية، حدقت فيه صورته العسكرية، وثيقة إنهاء الخدمة الوطنية، عامان من العمر مفتحة عيناه في الحفر و أكاس الرمل و الحر و القر، و تظل المؤسسات تتجهم! و هل الوطن سوى مؤسسات جهمة مختزلة العناوين؟
ـ لا،لا يا رجل، ماذا تلقنت في المدرسة، في المجسد، في الثكنة؟ الوطن أكبر، الوطن هو كل شيء.
ـ إذن الوطن هو لاشيء، هذه الكليات المطلقات المعميات هي التي ضيعتني.
التفت عساه يكون بمحاذاة مدخن فيسعفه بسيجارة. هناك كهل متين يمد يدا متصلبة إلى المارة. و لم يتورع عن أن يسأله:
ـ هل معك تبغ؟
ـ قل لي هل معك ما تطعم به أطفالك؟
الأطفال؟ ياللمحنة لو كان لي أولاد!
تداعى أكثر في الكرسي، إعصار يلف رأسه، يكبه بين يديه كالإناء.
ـ انت شاب في مقتبل العمر فكيف تبتئس؟
صوت تمطى كالمواء جاءه هذه المرة من الكهل المتسول.
"صاحب المحنة لا يهنأ" كلمة قالها أعمى بالقطار ذات مرة أراد أن يقذف بها في سمع الكهل، لكنه عاد فنفخ فقام، و قام معه في داخله الهاتف العميق يهتف:
ـ إلى أين؟ البيت صار لايحتملك أو هكذا تتوهم، أنت أيضا صرت لاتحتمله، لا يهم، لكنك لاتعرف إلى أين تمضي، كم عمرك؟
لماذا هذا السؤال الفج و أنت تعرف أن عمري ثلاثون سنة؟
ـ كاه،كاه،كاه...
ـ يجب أن تغلق فمك فورا إني لا أطيقك.
ـ لا،لا، أريد فقط أن أقول بأنك غر لا تعرف شيئا، من المدرسة إلى الجامعة إلى الثكنة إلى البطالة. هدمت نصف عمرك و أنت في الدرجة الصفر. هيا جر قدميك إلى آخر الزقاق هناك ستجد من تصغي إليك.
ألقى نظرة خاطفة إلى العلم على شرفة دار البلدية ، إنه كما عهده منذ الطفولة في ساحة المدرسة، دائما يرفرف غير مكترث بأحد، بمن عري، بمن جاع، بمن ضاع.
و أسلم نفسه لقدميه، في عطفة الزقاق الطويل وقف عند الباب مترددا. أطلت عليه من ثقب المفتاح و صاحت:
ـأدخل يا صغيري، مابك واقفا كالخروف؟
ارتمى على الأريكة العتيقة، تناول سيجارة من فوق المائدة ثم زفر في تداع.
ـ الله، متعب إلى هذا الحد! سأحضر لك القهوة.
قامت، مازالت تحتفظ بجمالها المتوحش، بجسدها الممتلئ الذي يومئ في إغراء : من كان على ظمأ فليشرب، من كان على مسغبة فليأكل.
جذب أنفاسا أخرى أكثر عمقا، خامرته نشوة حزينة، كأن الحياة تُختزل فتتجمع في رأس سيجارة حارقة.
أقبلت، فنجان قهوة يفور أيقظ في نفسه رغبة دفينة في لحظة صفاء و تصالح مع الذات.
ـ قل لي، ماالذي جاء بك إلي؟
لم ينبس بكلمة، التصقت به، لفت ذراعها حول عنقه و همست في أذنه: أنا الوحيدة التي تفتح لك بابها وقلبها.
و لأمر ما لاحت له سلمى تركض حافية القدمين كغزال بين أسود مفترسة، امتدت يده إلى سيجارة أخرى، نفخ سحابة كبيرة بحجم تلك السحابة التي تمطر دائما في قلبه.
ـ أشفق على رئتيك، اللعنة على الوظيفة التي تدمرنا.
نظر في عينيها، فيهما حزن عميق رغم البسمة التي تكسو الوجه.
ـ تزوجني، سنؤسس حياة جديدة، في رصيدي حساب لابأس به، و أنت مثقف لاتقيم اعتبارا لأقوال الناس.
غاب ذهنه، فتصورها في ربيع عمرها و قد امتدت إليها اليد السوداء لتبصم على جسدها البصمة التي لا تُمحى. و انتبه على صوتها المتكسر:
ـ هه، ماذا قلت؟ سيقولون عنك تزوج امرأة ساقطة؟ الكل يمارس هذا يا صغيري إن ليس علنا مثلي فبطريقة أخرى، و أنا سأتوب، سأخلص لك، و استغفر ربي و ليرحمنا الله جميعا.
و رآها تبكي، أمطرت السحابة في قلبه غزيرا فاضطرب نهر الدموع في أعماقه،تذكر بكاء سلمى المنتظرة في صمت ذات مساء، بكاء أمه حين أخذوه إلى العسكرية، بكاءه ليلة الوجد الأولى على الأسوار الشائكة و الأضواء الكاشفة. كبح زمام نفسه و سحق عقب السيجارة في المنفضة متوترا.
ـ أهجتك يا صغيري، يجب أن نبكي بين الساعة و الأخرى، الدموع تطفئ بعض حرائقنا.
تناول سترته، و مد يده إلى ماتبقى من سجائر على المائدة فدسها في جيبه.
ـ يجب أن أخرج.
ـ لكنك لم تكمل قهوتك.
رافقته إلى الباب، دست في جيبه بضع أوراق نقدية. أحس شيئا ما تمزق في داخله. خرج و صوتها في أذنه:
ـ فكر جيدا أنا في انتظارك.
الزقاق ضيق و طويل، قدماه تتقاذفان، كلماتها تحفر رأسه، عناوين المؤسسات المختزلة تتجهم في وجهه "ك،ر،ت،ح" ، الناس في تذمر هائل، "ش،و،ن،ت" إنه يطحن السن على السن "س،س،س".
تعليق