حكايات وعبر:
حكاية السلطان ولعبة الكيس والجرذان
[align=left]جاسم محمد صالح[/align]
[align=justify]بعد أن شعر السلطان بدنو اجله طفق يبحث عن شخص ينوب عنه بعد وفاته ,وبعد إعلان تقدم به كثير من الرجال ليشغلوا ذلك المنصب الطنان ,لكن السلطان أراد ان يكشف عن عبقرية وذكاء المتقدمين في المدينة الأرجوانية ذات الألوان القوس قزحية , حيث تمتلئ بالببغاوات والقردة وكلاب الدوبرمان والديك الرومي ... بان يختبر المتقدمين لكي يتأكد من قدرتهم الفذة على تمشية أمور المدينة التي امتلأت بمشاكل الببغاوات وهي تحاور القردة الماليزية, وبين ذلك الصراع الأبدي بين كلاب الدوبرمان والديك الرومي ...كان كل واحد من المتقدمين يقول:
- انا أفضل ,انا أحسن , انا وحدي أليق بالسلطان
والنتيجة كل النتيجة تحتفظ بها (خديجة) في المكان المعلوم, ذلك الذي تجرع الناس من اجله السموم, نادى السلطان على خديجة قائلا لها:
- ما رأيك يا خديجة؟
فأجابت مسرعة:
- لننتظر النتيجة.
أيقن السلطان ان خديجة لا تريد ان تسبق الأمور, فقرر السلطان المضي في خطته في البحث عن الرجل المناسب لان يكون سلطان آخر الزمان, فتناول كيسا ورقيا وضع فيه عشرة من الجرذان, قال الوالي لمن وقع عليه الاختيار:
- هذا كيس فيه عشرة من الجرذان الحسان بل وأحلى من كل إنسان , كل ما أريده منك هو ان توصله إلى ذلك المكان بالتمام والكمال ... وبعدها سأرشحك لان تكون مسؤول الختان لعبيدي الذين لا (دان) لهم ولا (ودان) , وسيكون لك ما تريد ...وستطأ مجانا آلاف الحسان والعبيد وبدءا من شهر نيسان.
فأجاب قائلا:
- سأنقل لك ما تريد وسأقطع رأس كل جبار عنيد وسأفوز بجائزة السلطان والجواري الحسان والزمرد والياقوت والمرجان.
- لنر قدرتك ... يا إنسان.
وبسرعة حمل الكيس متوجها حيثما يجلس السلطان, وهناك تناول كيسه السلطان وفتحه وكان فارغا من الفئران , قال له السلطان :
- أين الفئران؟ يا انسان ... قلت لك أوصل ما أريد وسأحقق لك المزيد مما تريد وبدون نقصان.
ضحك الجميع من جهل هذا الإنسان وتكرر الأمر مع غيره من نيسان الى حزيران , ولكن لا احد يستطيع ان يحقق للسلطان أمنية الأزمان ولكن جاء ذات يوم رجل لا يختلف في قدرته اثنان وبثقة عالية قال:
- انا انقل الفئران من دون زيادة أو نقصان.
قال له السلطان:
- وإذا فشلت فسيكون راسك لي رهان.
فقال له:
- الساعة الساعة العجل العجل الوحى الوحى , فليشهد علي الثقلان.
وما هي إلا ثوان حتى نقل الفئران في ذلك الكيس الورقي الفتان, ففرح السلطان وقال له:
- ستكون مليك الزمان و سأعطيك التاج والصولجان , ولكن هلا خبرتني كيف تمكنت من تحقيق ما عجز عنه الإنس والجان؟
فأجابه:
- أيها السلطان , الراحة والاطمئنان تفتح شهية الجرذان ويكون أحسن وقت للجرذان كي تأكل الكيس وتمزق الأكفان وتفر منه مختبئة بين الثقوب , أما أنا - فيا مولاي السلطان - فقد كنت أهز الكيس هزا وأملأه رعبا , ومثل مروحة أدوّره بيدي ... ومن يد الى يد ومن دون هوان , حتى داخت الفئران وما عادت لها قدرة على ان تستعمل ما لديها من أسنان.
قال ذلك والجميع ينظرون إليه والى الفئران نظرة عطف وحنان وهي تترنح في مكانها كالرجل السكران وقد أصابها الغثيان.
- حقا لك قدرة لان تكون السلطان وعلى كل هذا الزمان.
الآن وفي مدينة الخوخ والرمان , تعود نفس أفعال السلطان, ولكن ليس مع الحيوان ولكن مع الإنسان فمن سعيه نحو لقمة الطعام ومن ركضه للسكن والعلاج وتأرجحه بين الغلاء وفحش الأسعار والغنى والفقر وبين الخوف والرعب (داخ) الإنسان وصار سهل القيادة في كل الأشهر وليس في شهري نيسان و حزيران … والخض والفر والتحريك مستمران ليل نهار , وهكذا تمكنوا من تطويع هذا الإنسان وصيروه سهل القيادة مثل أخيه ذلك الحيوان , على الرغم من قناعتنا انه بينهما شتان ولكنهما الآن مقتربان …مقتربان … مقتربان .[/align]
تعليق