أسس القصة بصفة العموم ونموذجا للقصة القصيرة (هابيل) لمن يريد التعلم

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • فتحى حسان محمد
    أديب وكاتب
    • 25-01-2009
    • 527

    أسس القصة بصفة العموم ونموذجا للقصة القصيرة (هابيل) لمن يريد التعلم

    [align=center]أسس القصة بصفة العموم[/align]
    القصة كقضية كبرى تنظر ، تمر بسبع مراحل ، وتستغرق وقتا طويلا ، حتى تحل 0
    تتكون من سبع مراحل ، أو وحدات ، أو محطات :
    [align=center]البداية – الابتلاء – الزلة – العقدة – الانفراجة – التعرف – النهاية[/align]والوحدة تتكون من ثلاثة أجزاء : بداية – عقدة – حل .

    [align=justify]الأسس عبارة عن سبع محطات رئيسية تمثل سبعة مواضع حبكة كبرى ، ونعنى مكان أزمة كبرى 0 وعبارة عن واحد وعشرين موضع حبكة صغرى ، ونعنى مكان عقبة صغرى ، يساهمون فى دفع الفعل للأمام ، وتطوره تطورا طبيعيا منطقيا ، من بدايته ينطلق القائم به نحو مسعاه وخاتمته ، ثم الابتلاء الذى يغير من خط سير الفعل إلى غير اتجاهه الصحيح ، ثم الزلة التى يحاول فيها القائم بالفعل على تعديل الخط نحو طريقه الصحيح ، فتكون العقدة التى يواجه فيها الفاعل أزمة كبرى نحو طريقه الصحيح الذى يلتمسه ويجاهد فيها جل المجاهدة ، حتى تحدث الانفراجة والتى منها يستطيع القائم بالفعل من العودة إلى طريقه الصحيح ويحصل على حاجته 0 ويواصل طريقه الصحيح حتى النهاية التى يحقق فيها هدفه بترابط حتمى متين 0 محطات مرابضة على الطريق الواصل بين البداية والنهاية ، وهما كمدينتين تفصل بينهما مسافة طويلة , تقع على هذا الطريق سبع محطات لمدن صغيرة أو قرى كبيرة ، وتلك المسافة الفاصلة بينهما وهى غير ممهدة بل بها عقبات كبيرة وحفر عميقة وموانع جمة يجب على البطل تخطيها مهما حدث ، وهذه المسافة هى طول القصة المعقول الذى يستطيع العقل إدراكه ومعرفته ، وتستطيع العين رؤيته واستذكاره عند قطعه أو مشاهدته 0 وهذا الطول المعيب هو جملة ما يجب على البطل قطعه والسير فيه ، مستعينا بأي أدوات للسير ، سواء كانت سيارة ، أو دابة ، أو سيرا على الأقدام ، حسب ما يناسب من أدوات يمتلكها البطل من قوة ذاتية أو مالية أو معنوية أو نفسية أو علمية أو خبرة ذاتية وحياتية ، وتكون إحداها من جملة خواصه المميزة المعروفة عنه وعليه أن ينتقل من محطة إلى أخرى ، والمحطة لابد أن يتوقف فيها فإما أن يجد فيها ما يتزود به ويعينه على مواصلة طريقه ، وإما تكون عائقا له وحائط صد يجبره إما على مواصلة طريقه المستقيم ، وإما أن تجبره على تحويل مساره المستقيم إما يمينا وإما يسارا0[/align]
    [align=justify]المحطة الأولى البداية
    وهى النقطة أو المدينة التى يبدأ منها عمله الفعلى ويكون متحكما فى أدواته جيدا ، وقد أعد عدته على أحسن ما يكون لما يريد الحصول عليه وما يهدف إليه ، والمحطة مفتوحة نحو طريقه الذى سيسلكه ، وتسمح له بالانطلاق حسب سرعته ومقدرته فى السير وتكون عامل دفع وتشجيع له ، ومن المؤكد أنه لا يكون السير بسهولة بل بصعوبة بعض الشيء لأن به موانع حيث ينافسه ويصارعه آخرون يريدون أن يسيروا معه على نفس الخط بل يريدون أن يوقفوه هو وينطلقوا هم ، فيبدأ صراعه معهم حيث يريد أن يتفرد بالطريق ، ويساعده فى ذلك قوته وأدواته وحسن خلقه وقوة بلائه وتمسكه بهدفه النبيل الذى يمنحه وقود الإصرار على نهب الطريق حتى يصل إلى المحطات الأخرى ويصل إلى مبتغاه من تحقيق هدفه النبيل، ما إن يعبر من مانع إلا ويقابله مانع آخر عليه أن يجتازه ، حتى يصل إلى محطة تالية0
    المحطة الثانية الابتلاء ، وهى محطة صعبة جدا ليس بها أى شعاع من نور إلا ما يكفى أن يرى موضع قدميه ، ويحاول أن يمر منها ولكنه لا يستطيع على الإطلاق إلا أن يخرج منها إلى اتجاه عكس الذى يريده ، أى يتجه إما يسارا وإما يمينا ، وعليه أن يفاضل بينهما ، وبما أنه خير فاضل نبيل فمن المؤكد سيختار الاتجاه الأيمن فيسلكه مجبرا مضطرا آملا أن يقطع فيه مسافة تمكنه من العودة إلى طريقه المستقيم ، هذا غير أنه سيجد فيه موانع كثيرة وعقبات جمة ترهقه وتؤلمه وتفقده الكثير من عوامل قوته وتسحب من رصيد زاده ومئونته إلى أكبر حد ، ولكنه يتمسك بشيء من قوته حتى يستطيع أن يواصل طريقه الموحش بعناء كبير ، حتى يستطيع التغلب على الموانع مانعا وراء مانع ، حتى يبلغ به الجهد مبلغا ، وبالكاد يصل إلى محطة غيرها0
    المحطة الثالثة الزلة ، والتى سيجدها على نفس الطريق الأيمن الذى يسير فيه مضطرا وتكون هذه المحطة أكثر شدة وأكثر ظلاما من سابقيها وهو الذى بلغ به الجهد مبلغا كبيرا ، ونفد الكثير من زاده حتى إنه لم يصبح معه شيء ، مما لا يمكنه من الرؤية السليمة الكاملة ، ويشعر بشيء من الغيام عليها ، ومن الإجهاد الذى لا يجعله يمعن التفكير جيدا ، وهو الذى يصر على مواصلة طريقه نحو حاجته التى يتمسك بها رغم ما هو فيه ، حتى يرى ثمة بارقة أمل من تمحيص التفكير المجهد ، فيسير وراء هذا البصيص ظنا منه أنه سيخرجه من هذه المحطة المنغلقة ، فيخرج منه إلى وجهة يظن فيها الخير، وطريق يظن فيه أنه سيوصله إلى الأمان وإلى الطريق الذى رسمه ويراه عن بعد ، ولكنه بعد مسافة يقطعها يكتشف أنه وصل إلى طريق مسدود بجبل عال ، وليس أمامه من مخرج سوى أن يصعد هذا الجبل ، فيستعين بالله ويتذلل له أن يعينه على صعود الجبل لينفذ إلى طريقه ، ويحاول أن يسير وهو محمل بالتعب والإرهاق والمعاناة ، حتى يبلغ منه الجهد مبلغا ، فيحاسب نفسه ويكتشف أنه أعد حساباته خطأ ، وأنه ارتكب خطأ لم يكن يقصده أبدا، فيتقرب إلى الله بالدعاء والتضرع والتذلل ، آملا فى أن يقبل الله توبته لأن الله تواب رحيم ، وبالكاد يصل إلى الذروة000
    المحطة الرابعة العقدة فيرى طريقه المستقيم عن بعد طويل ، ولكنه ما إن يبلغ قمته يريد أن ينزل إلى الجهة الأخرى حتى يجد على قمة الجبل رجالا أقوياء أشداء يقودهم رجل مغوار ، يجب عليه منازلتهم والانتصار عليهم حتى يستطيع أن يمر، وتكون عقدة بحق لأنه لا يستطيع منازلتهم بمفرده ، ولكنه ليس معه ناصر إلا الله فيستعين به وينازلهم ، ويحدوه الأمل فى أن ينتصر عليهم وينازلهم ، معتمدا على أن الله لن يخذله أبدا لأنه نعم المولى ونعم النصير ، وهذا الإيمان وهذه الثقة فى الله تكون زاده ، ومادة قوته التى تسرى فى عروقه لتقويه ، وتمده بوسائل القوة ، ويبحث فى داخله عن مصادر قوته حتى يستغلها ويفعلها ويحاول أن ينتصر بها ، وفعلا يستعملها بكل جدية ويدفع وينازل ويصارع ويضرب ويحاول فتح الطريق الذى يراه على بعد خطوات منه , ولكنه لا يستطيع الوصول إليه ، فيتضرع إلى الله أكثر ويتذلل أكثر فليس أمامه غير ذلك ، وهو الذى بدأت جميع قواه تخر تماما ، فقد أحكموا عليه الحصار، ويتمكنون منه ويكادون يجهزون عليه حتى يقترب من التسليم لهم وينتظر فرج الله ، فهو يقاوم بما تبقى له من جهد ، وينتزع أمتارا وخطوات نحو المنحدر الذى يرى فى آخره طريقه الذى يريده ، ذلك الطريق الذى رسمه لنفسه ويثق أنه هو الذى سيوصله لما يريد معتمدا فيه على مخافة الله الرحمن بعباده الرحيم بمن لجأ إليه وتضرع ، التائب لمن تقدم إليه بالتوبة عن ذنب لم يكن يقصده ولم يكن لديه أدنى نية على ارتكابه ، ويصل إلى الانفراجة000
    المحطة الخامسة الانفراجة : كل شىء والذى وعد عبده المتمسك به من بعد العسر يسرا ، وتخرج حية ضخمة تقذف بسمومها وأسنانها بساق كبير الرجال المجابهين له فيجرى أعوانه ويهربون خوفا من الحية العظيمة التى تمسك بساق كبيرهم الذى يصرخ فى البطل المجهد الذين تركوه ، ويتوسل إليه أن ينقذه من براثن الحية التى بثته سمومها وانصرفت إلى حال سبيلها ، فيقوم وينفض عن نفسه آلام المعاناة والإعياء الكبير ، ويستغل علمه بمعرفة المداواة ويقوم ليداويه دون أن يطلب منه أى مطالب أو أى مساعدة أو أى عهد ، ويقطع ملابسه ويمسح بها على ساقه الكبيرة لينظفها من آثار السم ، ثم يضع فمه مكان اللسع ويشفط السم ليخرجه من الجسم ، حتى يخرجه كله ، ويشعر الكبير ببعض الراحة من الآلام ، فيتطلع إلى البطل ويقول له : مر بسلام إلى حيث تريد ، ويرد عليه لن أمر حتى أطمئن عليك وأصطحبك معى إلى أقرب مكان تطمئن فيه على سلامتك وتكمل العلاج ، فينبهر به ويقوم يستند عليه ويقول له لن أنسى لك جميل صنعك ، وسأقدم لك جل أعمالي فيما تطلب ، ويستطيع البطل الوصول إلى 000
    المحطة السادسة التعرف ، والتى يجدها شبه مضاءة وهو يصطحب الرجل الكبير الذى ما إن يقترب من ملكه إلا وأولاده يجرون ينهالون ضربا ظنا منهم أن البطل هو الذى فعل بوالدهم ما فعل ، فيلومهم ويحاول صدهم ويقول لهم إن هذا الرجل البطل هو الذى أنقذني من الموت بعد أن هاجمتني الحية وتخلى عنى رجالى ، أحسنوا إليه وقدموا له كل ما يطلبه ، وأعينوه على حاجته ، فيستجيبون لوالدهم ويرحبون بالبطل ، وهنا يستغل البطل ما فيه من وضع يسمح له بطلب المساعدة ، فيطلبها من موقف قوى فيساعدونه فى الحصول على حاجته ، ويقدمون له جل المساعدة ، ويصبح فى حالة يستطيع بها مواصلة طريقه ويحقق هدفه ويصل إلى غايته000
    المحطة السابعة النهاية التى يحقق فيها هدفه ويكون قد بلغ حاجته ، وانتصر وتفوق على مصارعيه ، وأثبت جدارته واستحقاقه أن يكون بطلا ، ويحق له فى نهاية المطاف أن يلخص تجربته التى عايشها ويدلى بحقيقة عامة تكون خلاصة فلسفته مما تفوق فيه ووصل له بالتعب والجهد والعرق والإقناع ، فقد كنا مشاهدين له حتى إننا نصدقه ، ونشهد له بذلك ونؤيد حكمته ونأخذها عبرة ودرسا نتعلمه ، وتكون النهاية سعيدة مفرحة له ولنا 0
    القصة عبارة عن خيط رفيع به سبع عقد ، وكل عقدة تسبقها بداية ويليها حل ، بدون أن يقطع هذا الخيط الرفيع الذى هو الحبكة الرابطة بين المشاهد ، ليتواصل الفعل على خط واحد غير منقطع ، وإلا انفرطت مشاهده ، وتباعدت أفعاله ولم يعد بينها رابط يربط بينها ، وهذا من دواعي فشلها وعدم مصداقيتها ، وخروجها من حرفية الصنع وطور القص الفنى المشاهد الذى يخضع للإقناع والمصداقية والتشابه والمماثلة - ليس بالقياس التام - مع الواقع 0
    [align=center]شرح للبدايـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــة[/align]
    البداية هى الحدث الأول الذى لا يسبقه شيء بالضرورة ، ويتكون من حوداث متتالية تربط بينها حبكة عظيمة يلحم بعضها ببعض على أساس من الحتمية والاحتمال لتكون عظيمة ومقنعة ، يبنى عليها أحداثا من أفعال أخرى تتحقق بالضرورة لتصل إلى وحدة أخرى؛ وتشي بمضمون القضية التى ستطرح بدون أن تكون القضية سابقة التجهيز عن البداية الحقيقية ، فليس باستطاعتنا أن نعرف ما لم نره أو نسمع عنه أو نقرءه ، فلا تبدأ بقضية دون أن تكشف أسبابها من البداية الطبيعية المنطقية المقنعة , عندما يبوح البطل ويكشف عما يريد الحصول عليه مستعرضا كل ما يتعلق به ، ثم يبدأ فى طرح المشكلة التى تواجهه ، ومن ثم ندرك نحن حتى دون أن يتكلم أنها لا تكفى ولا تفى بمتطلبه الذى يريد الحصول عليه0
    بحدث مثير جذاب مشوق ممتع ، مستحيل ، أو ممكن ، أو خيالي ، أو واقعي ، مفرح كان أم محزنا ، ، يفصح فيه ويوضح من الشخصية الرئيسية البطل ، ما اسمه ؟ ما كنيته ؟ أذكر أم أنثى ؟ شاب أم رجل ؟ أعزب أم متزوج ؟ وإن كان أعزبا فلماذا ؟ وإن كان متزوجا هل يحب زوجته أم لا ؟ وإن كان لا يحبها فلماذا ؟ هل يعمل أم لا يعمل ؟ وإن كان يعمل فما العمل الذى يعمله وإن كان لا يعمل فلماذا لا يعمل ؟ أيوجد مانع طبيعى كالإعاقة الطبيعية ؟ أم أن هنالك موانع اقتصادية أو سياسية أو غيرها ؟ أهو يعيش بمفرده أم فى وسط عائلته , أمه , أبيه , أخوته ؟ وهل هو الابن الوحيد أم أن له أخوة ؟ وما ترتيبه بينهم ؟ أهو عطوف أم قاس ؟ أهو محبوب أم مكروه؟ أهو مقدام شجاع أم جبان متخاذل؟ أهو كريم أم بخيل؟ متعلم أم جاهل؟ أهو متفائل أم متشائم ؟ وما مصدر تشاؤمه ؟ وما مصدر تفاؤله أهو محبوب من والديه أم لا ؟ أهو متعاون معهما أم لا ويحب نفسه ؟ هل يعتمدون عليه أم يفقدون الأمل فيه؟ ولماذا إذا كانا لا يعتمدان عليه ؟ أهو أناني أم يحب الآخرين 0
    ماذا يريد أن يحصل عليه ؟ ماذا يريد أن يحققه؟ ما المشكلة التى تواجهه؟ ما إمكانياته النفسية والاقتصادية والمادية والعائلية التى ستساعده فى الحصول على حاجته وتحقيق هدفه ، أم سيكونون سبب شقائه وفشله ومصارعته؟
    ما المكان الذى تجرى فيه الأحداث ؟ أهو قرية أم مدينة ؟ فى البيداء أم فى الحضر؟ أهو مكان داخلي ، بيت ، قصر ، خيمة ، حجرة ، صالة ، مصنع ، أو نحو ذلك ؟ أم مكان خارجي فى الشوارع ، الحدائق ، الجبال ، المزارع ، الوديان التلال؟
    يشتمل الحدث الأول كل أو معظم أفراد أسرة البطل ومدى علاقتهم به ؟ ومدى الروابط بينهم ، ومدى مكانته بينهم ؟ وهل يتفقون معه فيما يريد أم يختلفون معه؟ وإن كانوا يتفقون فلماذا ؟ وإن كانوا يختلفون فلماذا ؟ أيبدأ الصراع من داخل الأسرة ويكون بعضها طرفا فيه ؟ أم الجميع متوافق معه ولذا هم يقفون معه ويمثلون طرفا أول من أطراف الصراع؟
    بعد أن عرفنا من هو البطل ؟ ومن هم أهله ؟ ومن خلالهم يبدأ البطل فى الإفصاح عن حاجته التى يريد أن يحصل عليها ، ويفصح عن هدفه الذى يريد أن يحققه ، ومنه نعرف ما الموضوع ما القضية التي تود طرحها ؟ ما المشكلة التى تود التعرض لها وكشفها وتعريتها وكشف مسالبها التى يريد أن يصلحها وتمثل حاجته ، ويسبرأغوارها ويناقشها وتكون من ضمن أهدافه ، وذروة حاجته التى لا بد أن تكون جليلة حسنة سامية ، تخدم البطل وتخدم آخرين ، كما توضح وتكشف لماذا يفعل هؤلاء الشخوص هذا الفعل؟ ماذا يفعلون ؟ وكيف يفعلون ؟ وبأي وسيلة ؟ وهو ما يكشف فكر البطل أولا وعقيدة الشخوص الآخرين ؟ وطريقة تفكير البطل والشخوص هى التى تبين وتوضح عقيدتهم الدينية ومعتقدهم السياسي أو الاقتصادي أو الثقافي ، وهو الذى على أساسه يتصرفون ويفعلون ويتكلمون ويختارون ، ومنه نستطيع نحن الحكم عليهم، فاضلهم من رذيلهم ، تقيهم من عاصيهم ، شقيهم من سعيدهم ، من نقتدى ومن لا نقتدى به ؟ من نحبه ويستلب تعاطفنا وشفقتنا ورأفتنا وخوفنا ودعاءنا ومؤازرتنا ؟ ومن يقطع كل ذلك لهم ؟
    فيها يتم التوضيح والكشف عن الطرف الآخر الذى من الممكن أن يقف عقبة فى طريق البطل ويصارعه ويعترض طريقه ، أو ذكر الممانعات والمشكلات والعوائق التى من الممكن أن تقابله نظير تحقيق حاجته ، منها ما هو حتمى ، ومنها ما هو ليس حتميا ولكنه محتمل أن يكون عارضا ومانعا غير متوقع فى لحظة ما ومشهد ما وموقف ما ، مما يسهم فى تعطيل البطل بل يصنع أزمة كبرى له لم يكن يعدها بين حساباته ، مما تصنع عقبة كبرى يجب عليه تخطيها ، وتخطيها ليس بالأمر اليسير ، ومن الممكن أن يكون غير الحتمى ولكنه محتمل هو الذى يقع فجأة وييسر على البطل حاجته أو يخرجه من أزمة هو فيها , مما تسبب له فرحا وتسبب لنا نحن المشاهدين سعادة وفرحا أيضا , لأننا لم نكن نتوقعه ولم نكن نعول عليه كما أن البطل هو الذى حدث فيبهرنا ، وهذا الإبهار هو الذى يدعونا للصلاة على الأنبياء , مما يجعلنا نؤدي نوعا من العبادة التى تطهر النفوس وتذكى القلوب والأرواح , وتكون مطهرة من الأدران ووجع الضمير من أننا نضيع وقتا يلهينا عن ذكر الله 0
    ذروة البداية (القوة ) التى هى عقدة البداية0
    هى أول عقبة تكون فى طريق البطل بعد أن أفصح عن حاجته وهدفه ، مما يكون مدعاة لإظهار الشخوص الآخرين الذين يوافقون أو يخالفون حاجته , وبالتالي ينافسونه فى الحصول عليها ، ومن ثم يبدأ الصراع بينهما ونعرف بوضوح طرفى الصراع ، والصراع من طبيعته أن يكشف نبل الهدف ونبل الشخوص من تواضعها ، ويبين أى الفريقين على الحق والصدق والخير ؟ من الخَيِّر ومن الشرِّير ؟ ومن المؤكد أن يكون البطل هو الذى يمثل طرف الفضيلة ، لأن البطل لابد أن يكون من أصحاب النفس المطمئنة أو اللوامة ، وأن يكون مصارعوه من أصحاب النفس الأمارة بالسوء الأراذل - القصة المأسملهاة أو المأساة الإلهية أو المأساة العظيمة - وأما أن يكشف الشخوص الآخرين الذين تختلف حاجاتهم عن حاجة البطل , وبالتالي هم يصارعونه لأن تحقيق حاجته إيذان بعدم تحقيقهم حاجتهم ، أى يكون حاجة وهدف طرف حجر عثرة لحاجة وهدف الآخر فيتولد الصراع والمشاحنة والبغضاء على أشدها وهو المطلوب ، فلا قصة دون صراع ، والصراع هو وقود القصة وأداة الجذب والشد والإمتاع فيها0
    لابد من أزمة كبيرة تظهر طرفى الصراع ، وتظهر مدى فاعلية البطل ، وما مصادر قوته التى سيعتمد عليها فى الخروج من الأزمات ، وخاصة عند وحدة العقدة الكبرى التى تكون فى منتصف القصة حيث تنغلق جميع الأبواب فى وجهه ، ولا يبقى له من حل محتمل بعد الاستعانة والتضرع لله من ميزة يمتاز ويشتهر بها ، هى التى سيقيض الله من يحتاج إليها فيستعملها البطل ولا يكون أمامه ولا عنده غيرها هى التى تخرجه من هذه العقدة المستحكمة ، وبالتالي تكون محل إقناعنا نحن ، يجب عليك أن تركز عليها وتوضحها فى أول عقبة تقابله ، وليس بالضرورة استعمالها واستغلالها من البداية ، وتكون الميزة مثل ، قوى الحجة ، عنده علم ما يمتاز به ، عنده حرفى أو مهنة ما يمتهنها ويكون مميزا بها ، من أصحاب العضلات القوية والجسم المفتول ، يتحلى بالصبر فهو صبور إلى أكبر حد0
    حل أو نهاية البداية : وفيه يوجد حل للتعقيد السابق ليواصل البطل طريقه و يجتاز أول عقبة تقابله مع المحافظة على الغموض والتشويق والإثارة قدر الإمكان على أن تجعل ما سيحدث محتملا لا حتمي الوقوع ، وأن يكون الحل مفرحا ولا يكون مفرحا إلا باعتماده على السخرية أو المفارقة ، وذلك يتأتى من سبب العقبة التى هو فيها ويقطع مسافة بمجهود خارق يستعمل فيه كل أدواته التى يملكها حتى يستطيع أن يحول سبب العقبة إلى أداة للخروج منها , وينجح فى ذلك مما تكون مدعاة للفرح له والسعادة والضحك لنا من خصمه ومصارعيه ، ثم يواصل طريقه نحو حاجته ، وإن كان ذلك بصعوبة بالغة تجعلنا نجله ونحترمه ونكبره ؛ لأنها تظهر قوته ونبله ومدى إصراره وتمسكه بحاجته وهدفه ، الذى من أجله يعمل ويجتهد ويصارع ويقاوم ويتحمل 0
    [align=center]من أنواع القصة القولية الروائية
    القصة القصيرة[/align]

    تدور حول شخص أحدث حدثا بديعا مثيرا مشوقا أو مرعبا فجًّا غليظا مقنعا ، فى مكان ما وزمان ما، له حاجة يريد أن يحصل عليها ، وهدف يريد تحقيقه من أجليهما فيحدث حدثا أو يقع بسببه حادثة ، وبما أن الإنسان مقدر عليه الابتلاء فسيمتحن فى حاجته وصلابة هدفه ، وعليه لابد أن ينجح ويواصل طريقه ، وهو حتما لا يعيش بمفرده بل فى وسط آخرين وربما لهم نفس الحاجات أو يختلفون ، فينشأ صراع فيعترضونه ، ويصارعونه ، ويحاول التغلب عليهم فيزل ويعانى بسبب هذه الزلة ويتعطل هدفه ويصعب عليه حاجته فتتعقد السبل تعقيدا تاما ، ويحاول قدر جهده التغلب على هذه العقدة ويبذل أقصى ما فى وسعه فلا يستطيع ، إلا أن يمن عليه الله بانفراجة من عنده ، فتتيسر أمامه الطرق ويجتهد أيما اجتهاد وينتصر على مصارعيه ويحقق حاجته ولكن يقف له المصارعون بالمرصاد ، فيمن عليه الله بيسر من تعرف على آخر من بين مصارعيه أو من غيرهم يكتشف حقيقته ويساعده فى بلوغ هدفه ، وعندها يستطيع أن يقرر رأيا من خلال تجربته ، ويدلى بحقيقة عامة من خلاصة ما أحدثه وانتصر وتفوق به فتكون النهاية0

    [align=center]قصة قابيل[/align]والتى تمثل جنس من اجناس القصة القصيرة وهو المأساة الشخصية السوداء ، ولو تناولناها بأن يكون هابيل هو البطل وتنتهى بقتله ، تكون مأساة شخصية إلهية ، وهنالك جنس ثالث مأساة عظيمة ، شخصية أو قومية ، وسنتناولها بالشرح حين السؤال عنها
    البداية ( وتلو عليهم نبأ ابنى آدم بالحق إذ قربا قربانا [المائدة] حدث مثير ومشوق ومدهش ومفزع ، قابيل يريد أن يتزوج من أخته من بطن واحدة ، وهى لا تجوز له ومحرمة عليه ، حيث الشرع آن ذاك كان يبيح زواج الإخوة من غير بطن واحدة ، وقابيل هو الأكبر من هابيل وأخته أحسن وأجمل ، فأراد قابيل أن يستأثر بها لنفسه عن أخيه هابيل الذى يريد الزواج منها وهى تحل له ، وأمر آدم أن يزوجه إياها فيرفض لأنه مخالف لشرع الله0 وأمام إلحاح وتهديد قابيل يطلب منهما أبوهما أن يقربا قربانا لله ومن يتقبل الله قربانه فيتزوج منها وعلامة قبول القرابين - آن ذاك - أن تنزل نار من السماء فتأكلها0
    الابتلاء ( فتقبل من أحدهما ولم يتقبل من الآخرقال لأقتلنك قال إنما يتقبل الله من المتقين ، لئن بسطت إلى يدك لتقتلنى ما أنا بباسط يدى إليك لأقتلك إنى أخاف الله رب العالمين ، إنى اريد أن تبوأ بإثمى وإثمك فتكون من أصحاب النار زذلك جزاء الظالمين [المائدة :27،28،29 ، وارجو مراجعتها ونقلها من المصحف لعدم صحتها هنا ] يقدم قابيل حزمة من أردأ زرعه ، ويقدم هابيل جذعا سمينة من أحسن غنمه ، فنزلت نار فأكلت قربان هابيل مما يعنى أن الله تقبل قربانه ، بينما النار لا تأكل قربات قابيل ، وهى علامة لعدم تقبل قربانه من الله وهى إشارة إلى سقوطه فى الاختبار ، يغضب قابيل وينوى الشر لأخيه ويتوعده ، ويتهم أباه من أنه دعا لهابيل دونه ولذلك تقبل منه ولم يدع له لذلك لم يتقبل الله قربانه ، فيبلغ الغضب مبلغه بقابيل ويقدم على 000
    الزلة ( فطوعت له نفسه قتل أخيه فقتله ) [المائدة] قابيل يترصد بأخيه ويقول له بحقد وغيظ وغضب : تقبل منك ولم يتقبل منى ، فيقول له هابيل : إنما يتقبل الله من المتقين0 قابيل يريد أن يقتل هابيل ، وهابيل بحسن نية يذكى بداخله نار الغيرة والغيظ ويقول له إفراطا فى المسالمة التى تغيظ وتغضب أخاه لئن مددت يدك لتقتلني ما أنا بباسط يدى لأقتلك ، يفرط هابيل فى السلم والخير والتسامح وهو من غير قصد يشعل نار الحقد والحسد والشر و العدوان فى جوف أخيه ، ويقول له: أنا لا أريد مقاتلتك مع أنى أشد منك وأقوى ولكني لا أريد أن أكسب ذنبا ، فإنى أريد أن تتحمل أنت ذنبي وذنبك ، فيبلغ الغضب مبلغه بقابيل وتدفعه النفس الأمارة بالسوء والشر ويقدم على قتل أخيه ويقتله ، ويصبح فى000
    العقدة ( فأصبح من الخاسرين )ويصبح من الخاسرين ؛ لأنه خسر أخاه الوحيد ، ولا يعرف كيف يتصرف فى جثته ويصبح فى حيرة شديدة وعقدة كبرى ما لها قرار ولا حل ، إذ إن القتل يعد أول حادثة قتل تقع فى الدنيا ، فمن الطبيعي أن يحتار قابيل فى كيفية التصرف فى جسد أخيه ، ويقول يا ويلي ويا هلاكي كيف أتصرف ؟ وهو يندم على عدم معرفته واهتدائه إلى دفن أخيه ولكن الله ذو فضل على العالمين وإكراما للمقتول بظلم - أو بحق - يفرج عن القاتل حتى لا يمتهن جسد المقتول ، الذي كرمه الله حيا وها هو يكرمه ميتا – إنها أول مرة يقتل إنسان على ظهر الأرض- وتحدث000
    الانفراجة ( فبعث الله غرابا يبحث فى الأرض ليريه كيف يوارى سوءة أخيه )[المائدة 31] يفرج الله عنه ليسخر منه ويبين له جهله ، عندما يقع حادث بعيد عنه ولكن له صلة ما به يكون سببا فى انفراج عقدته وما يقابله من صعاب بأن يبعث الله غرابين فتقاتلا فقتل أحدهما الآخر ، فلما قتله عمد إلى الأرض يحفر ، ثم دفنه فيها وواراه الثرى 0
    التعرف ( قال ياويلتى أعجزت أن أكون مثل هذا الغراب فأوارى سوءة أخى ) [المائدة 31] يستلهم قابيل الدرس ويعرف كيف تصرف الغراب مع الغراب الآخر الذي قتله ، ولذا تعجب كيف له و بهذا العقل –عقل المخ - لم يتوصل إلى هذه المعرفة ، ومن التعرف غير المباشر بما فعله الغراب تعلم قابيل ، ويجد الحل وتكون0000
    النهاية ( فأصبح من النادمين ) [المائدة] ويحفر ويدفن جسد أخيه ويواريه التراب الذي سولت له نفسه وشيطانه بقتله ، فى أول مأساة إنسانية سوداء0

    الاستنتاج:

    1- أول ما يستلفت النظر فى القصة القصيرة أنها تتكون من حدث واحد كامل تام عظيم لتؤدى حاجة واحدة وهدفا واحدا ، لا يعتمد على وحدة الزمان ولا وحدة المكان ، ولكن وحدة الحدث ، وإنما يتجلى الفارق فى طريقة القص التى تعتمد على الاختصار الشديد الموجز المؤدى للمعنى دون إفراط فى الوصف ولا إسهاب فى التصوير ، ولا ترهل ولا رتابة فى السرد ، ولا إسهاب فى الوصف للشخوص ، والأماكن والأقوال0
    2- لم تعتمد مكونات القصة على الوحدة الكاملة للحدث الكامل المكون من بداية وذروة ونهاية0 بل منها ما تكون بداية فقط ، ومنها ما تكون ذروة فقط ، ومنها ما تكون نهاية فقط ، أى اعتمد على ما يسرع بالحدث للوقوع الفعلي العاجل مما يفيد السرعة والاختصار0
    3- حدث التغير من السعادة إلى الشقاء عند منتصف القصة ، وهو الحالة الوحيدة الصحيحة لما يجب تناوله لشخصية صاحب النفس الأمارة بالسوء ، تلك الشخصية التى تستهوى جميع المؤلفين بدعوى أن الصالح ليس بمثال ممتاز للتناول ليكون بطلا للقصة لأنه صالح ومفروض أن يكون كذلك ، وهذا ليس صحيحا على الإطلاق ، فكيف يبتلى إلا زيادة فيما هو فيه من نعم حرام ؟!! وكيف سيزل أى يأتى الغلطة وهو يعيش فى الغلط كله بل الخطيئة كلها ، اللهم إلا أن تزيده الزلة علوا وتجبرا وطغيانا ؛ لأن الله عندما يغضب على عبده يزيده فى السوء ويزينه له ، ويزيده فيه ويطمس على قلبه ويختم عليه فلا يعرف الحق بعد ذلك أبدا ، وعجبا للمؤلفين الذين يلجئون فى حل مرض لنهاية هذه الشخصية أن تحدث له مصيبة كبرى تجعله يستفيق ، ومن ثم يتوب ويحاول أن يصلح ما أفسده ولكن بعد ماذا أيها المؤلفون ، فى نهاية القصة ؟!! ما تلجئون له من فعل يعد صحيحا أن يكون فى الوحدة الثالثة من وحدات القصة أى عند الزلة لمن لا يتذكر؟!!
    4- حدث التعرف غير المباشر مابين قابيل والغراب ، تعرف بالاستنتاج الصحيح0 حدث التحول من حالة الجهل بالشيء إلى العلم به ، كان يجهل دفن الموتى ، إلى معرفة الدفن0
    5- التحول من الكراهية إلى الحب ، كما هو مفترض ، وهنا تأتى صعوبة التحديد ؛ لأن أحد الطرفين حيوان ، فلا نستطيع أن نجزم إن كان قابيل أحبه أم لا ، مع أن المفترض الحتمى أن يحبه ؛ لأن الغراب ساعده أيما مساعدة فى الخروج من ورطته0
    6- تحققت الانفراجة والتعرف ،مع أن الفاعل – قابيل – قاتل عاص مجرم مذنب ظالم حاقد يحق عليه العقاب ، ومع ذلك فرج الله عنه كربه ، وساعده فى الخروج من العقدة التى أغلقت أمامه جميع الأبواب ، ويسر له التعرف على الغراب الذي علمه ، ولكن ليسخر منه ويعرفه جهله ونقصانه0
    7- تحققت أكبر قاعدة مأساة مؤثرة ، ألا وهى أن يهم المحدث بحدثه المفزع ، وهو يعرف من سيقع عليه الحدث ، ويعرف حقيقته ، ومع ذلك يتم الحدث المفزع المؤلم 0 تحقيق الحدث المفزع بين من كتب عليهما المواجهة وإتمامه هو بدرجة ما من الامتياز والحسن فى المأساة فقط وبطلها من أصحاب النفس الأمارة بالسوء0 ولكن التوقف فى اللحظة المناسبة يظل هو الأفضل الممتاز على الإطلاق ويكون فى المأسملهاة وبطلها من أصحاب النفس المطمئنة أو اللوامة؛ لأننا فزعنا وخفنا ولكن بعد ذلك عند التوقف سعدنا وفرحنا وهما أكبر مطهرين ومخلصين لنا من المخاوف والآلام ، والسعادة والفرح علاج نفسى0
    8- الاعتماد على وحدة وكمال وقوة الحبكة والصراع والتغير 0
    9- توفر المكان والزمان والأحداث0
    10- لم يقرر البطل رأيا صالحا ، ولم يقرر حقيقة عامة ، بل قررهما الطرف الآخر من الصراع وهو الخير التقى المؤمن بالله هابيل ، حيث يقول : من يقتل نفسا ظلما وعدوانا بغير حق فإنما إثمه على الله وهو ﭽ ﯙ ﯚ ﯛﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﭼ [المائدة] و الرأي العام : لا بد من الخوف من الله ﭽ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﭼ [المائدة] قالها هابيل الذي قتل ، فى أكبر درس لنا ولك أنت ؛ فليس من حق إنسان سيئ مترد فى الرذيلة أن يدلى برأي أو يقرر حقيقة ، غير رأى واحد ليس غير وهو الخسارة وحقيقة وهى الندم ؛ لأنه مخطئ ، وهذا يفهم فى سياق القصة التى نحن بصددها ، أن قابيل خسر و ندم ولكن التقرير لم يأت منه هو ، ولكن قررهما صاحب القرار الأعظم الحق العلى القدير الله تبارك وتعالى ، ومادام الله قرر علينا شيئا فلابد أن نطبقه ، وتطبيقه يأتى لما سبق قوله من ندم وخسارة على ما تسوقه أنت من مثال لبطل سيئ مكروه ومرفوض لأن يكون بطلا وليس بمثال صحيح 0 وستردون قد جاء فى قصص القرآن ، نعم ولكن بشرط ، لاحظ أن التغير حصل عند منتصف القصة لا آخرها عند النهاية كما يكتب الأدباء الآن سواء فى الرواية أو المسلسل ، وسيقولون إن الشر انتصر ولكن اعلم أن ذلك حدث فى بدء الخليقة لكى يعلم الله الإنسان آن ذاك ، لا الآن ، وقد أتم سيدنا محمد - صلى الله عليه وسلم - رسالته وعرفنا وتعلمنا منها كل شىء ولم يصبح لبشر بعد ذلك أى حجة على الله من أنه بقى شىء منقوص لم يتعلمه بعد ، فرسالة الإسلام من ضمن ما بها أنها رسالة خاتمة تامة علَّم الله بها جميع الخلائق ما يريد تعليمه وإخباره لنا نحن البشر ، وليس لأحد بعد ذلك حجة على الله ، حاشا لله 0
    11- إن قابيل الذي تمكن منه شيطانه وانتصر للحسد والحقد والغيرة وقتل أخاه شعر بالندم لهذه الفعلة النكراء 0 وإنى أختلف مع كل المفسرين الذين قالوا إن قابيل لم يندم على قتل أخيه ، لا وألف لا ، بل ندم أشد الندم ، والدليل الأول: يأتى من تقرير الله تعالى إذ حكم عليه أنه من الخاسرين ، ثم حكم عليه أنه من النادمين ، وهنا يتجلى إعجاز القرآن من التشابه والمثانى ، حيث هنا مثانى فى الصفات نوعها تقابل مفرد بين ﭽﰃﯨ ﯩ ﯪ ﭼ الخسارة ﭽ ﰃ ﰄ ﰅ ﰆ ﭼ الندم ، وأداة ربط المثانى ( فَأَصْبَحَ) فكما تنصرف الخسارة على قابيل ، ينصرف عليه الندم أيضا ، ومن العقل عقل المخ الذي يوافقه عقل القلب عندي - إذا جاز لنا القول - إن الخسارة لأى واحد منا لابد أن يتبعها ندم ، والندم أقل درجات الحساب 0 الدليل الثاني من المفسرين أنفسهم الذين قالوا وأقروا أن قابيل حمل أخاه فوق ظهره سنين طويلة لم يتفقوا على عددها ، حيث ذكر ابن كثير وقال : ذكر بعضهم أنه لما قتله حمله على ظهره سنة وقال آخرون حمله مائة سنة ، ولم يزل كذلك حتى بعث الله غرابين والسؤال الحتمى – متولد من قولهم - لماذا حمل جيفته فوق ظهره طوال هذه السنين؟ ولماذا كان يبحث عن كيفية المواراة أصلا؟ ولماذا بعث الله له الغراب ليتعلم منه ؟ ولماذا اهتدى مما أرسله الله له من تعلم ؟ كل ما سبق يؤكد أن قابيل ندم على قتل أخيه وحاول أن يستر جسده حتى منَّ عليه الله وستره فى التراب ، إن لم يندم قابيل على قتل أخيه فلماذا عانى وتعب وشقي وحمله فوق ظهره – كما أقر هؤلاء المفسرون أنفسهم ؟ ولم يتركه فى الصحارى تأكل جيفته الطير أو وحوش البرية ؟!!! ثالثا : إن القتل هنا كان قدرا على قابيل لا اختيار فيه ؛ لأن الله أراد أن يعلم هذا المخلوق الجديد وهو الإنسان الذي لتوه يعيش فى دنيا لأول مرة يعتمد فيها على نفسه ؛ حيث كان آدم وحواء يعيشان فى الجنة مرغدين منعمين – ولذا أراد أن يعلمنا كيفية التصرف عند الموت ؛ لأن أحدا قبل هابيل لم يمت ، فأوجب الله على نفسه أن يعلمه و نتعلم نحن منه ؛ ولذلك كان مقدرا على هابيل القتل ، ومقدرا على قابيل أن يكون القاتل ؛ تصديقا لقوله تعالى ﭽ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭼ [البقرة] وكان قدرا لله حتى قبل أن ينزل آدم إلى الأرض - قدر على بعض ذريته الفساد والقتل ، ولم يذكر الموت بعد ؛ لأن الموت مقدر على كل الخلائق عدا الخالق ولذلك أعطى سببا للموت أوله القتل لم يكن الإنسان آن ذاك يعلمه قابيل - ولذا لم يذكره إلا بعد أن صار معروفا 0 بالقلب والمخ والمنطق والغريزة والفطرة السليمة، كيف لا يندم قابيل على قتل أخيه ، وقد خسر والخسارة لأى إنسان كفيلة بأن تجعله يندم 0مهما كان الخلاف ومهما كان الحقد ومهما كان الحسد حتما نادم نادم لا محالة ، وأنا لا أعرف كيف انصرف تفسير المفسرين على الندم من أنه لم يتوصل بمعرفته وعقله ولم يهتد إلى الدفن كما عرف الغراب الذي لا عقل له ومسخر من الله لا مخير ، ولم ينصرف إلى الندم على القتل ، لو توصل قابيل إلى الدفن بعقله لم يكن أصبح الدفن عقيدة ، لأن ما سلف نتاج العقل فقط – عقل المخ – ولم يكن لعقل القلب تصديق عليه وحكم ؛ لأنه إذ ذاك لم يكن فى القلب عقيدة ثابتة أعلمها له الله أو علمها من أبيه آدم ، ولكي يجعلها الله عقيدة ساق له الغرابين – وهذا من فعل الله – لكى يلقى فى قلب قابيل عقيدة وهى دفن الموتى، أيندم قابيل على خطأ صغير ، ولا يندم على خطيئة كبرى !! هل هذا معقول ، سيقولون إن الندم أولى بوادر التوبة وأقول نعم ولا أخالفهم ، ولكن هل كل نادم وكل تائب متقبل توبته ؟؟!! ومعصوم من غضب الله وعقابه ؟؟!! فمن الممكن أن ينزل الله عقابه على التائب وهو بذلك يكون نوعا من قبول التوبة عليه 0 عندما عبد بنو إسرائيل العجل كانت توبة الله عليهم نوعا من العقاب أن يقتلوا أنفسهم كان ذلك شرط التوبة ، وبذلك يتضح أنه لا الندم ولا التوبة شرط ليقبلها الله ، ولا هى شرط بمفازة من عذابه ، والله أعلم 0
    هذه القصة تسمى المأساة السوداء ، وهى أحدى انواع المأساة ، ولا يكون بطلها إلا من أصحاب النفس الأمارة بالسوء ، وسنتناولها بالشرح والتفصيل – فى الكتاب الثانى أسس وقواعد الدراما – الباب الثانى [ المأساة ][/align]
    أسس القصة
    البداية - الابتلاء - الزلة - العقدة - الانفراجة - التعرف - النهاية
  • فتحى حسان محمد
    أديب وكاتب
    • 25-01-2009
    • 527

    #2
    أسس القصة
    البداية - الابتلاء - الزلة - العقدة - الانفراجة - التعرف - النهاية

    تعليق

    • إيهاب فاروق حسني
      أديب ومفكر
      عضو اتحاد كتاب مصر
      • 23-06-2009
      • 946

      #3
      سعادة الأستاذ فتحي حسان محمد...
      هذا المقال الرائع يحمل تنظيراً جديداً في مجال ( الدراما ) بصفة عامة، حيث أن معظم الأعمال الدرامية الكلاسيكية تستقي أسسها مما جاء من أسس تحليل بكتاب فن الشعر لمؤلفه أرسطو.. هنالك الكثير من المحاولات للخروج على الأسس الأرسطية والتي يسمونها ( تجريب ) إلاّ أن شيئاً من هذا التجريب لم يسفر عن أسس جديدة حتى الآن...
      أما عن الأسس المطروحة من قبلكم في هذا المقال؛ فهي محض استنتاج واستخلاص ولكن من مصدر أكثر ملاءمة وأعظم ألا وهو القص القرآني ، لذا فقد جاءت الأسس في مجملها دقيقة ومنطبقة - رغم ما بها من توافق مع بعض ما جاء به أرسطو - إلا أنها تحمل اختلافات عما جاء بالنظرية الأرسطية ، أهم هذه الاختلافات مبدأ الابتلاء ، الزلة، الانفراجة وأخيراً النهاية السعيدة... أؤيد توجهكم بشدة، وأشدّ على أيديكم أن تتوسعوا فيه بالشرح والبيان والتحليل والاستدلال حتى تتمكنوا من تثبيته كنظرية متطورة في مجال العمل الدرامي بكل مصنفاته...
      إيهاب فاروق حسني

      تعليق

      • فتحى حسان محمد
        أديب وكاتب
        • 25-01-2009
        • 527

        #4
        [align=justify][align=right]الأستاذ الفاضل والأديب الواعى والقاص البديع / إيهاب فاروق حسنى [/align]السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
        كم سرنى مرورك الكريم ، وفهمك العميق ، ومقارنتك غير المجحفة لى أو لأرسطو ، فقد استقاها من عقائد إبان عصره ، وهى كما تعرف آلهة متعددة ، وأنا استقيت من إله واحد أحد - رب العالمين - منزل القرآن العظيم على رسولنا محمد - صلى الله عليه وسلم - لذا جاء الاختلاف والكمال لأسسنا ؛ لأنه من الله ، وهذه الأسس مطبقة فى جميع قصص القرآن ، ولى فيها كتابين ( أسس وقواعد الأدب والرواية من القرآن الكريم ) وكتاب ( أسس وقواعد الدراما من القرآن الكريم ) ونعد لكتاب ( منهج النقد الأدبى والفنى من القرآن الكريم )
        أرجو من سيادتكم التكرم بالمرور على قسم المدرسة الأدبية ستجد ( علم القصة القولية الروائية ) مثبت ، به شرح وافى للأسس بشكل مغاير لما قرأته ، وكذلك فى قسم السينما شرح للأسس بطريقة أخرى 0
        ثم ننتقل إلى المعايير ، ثم إلى الأصول ، ثم إلى القوانين ، ُالقواعد ، والشروط ، والأهداف 0
        ستجد علما تاما ووافيا للقصة القولية الروائية المقروءة ، والقصة الفعلية الدرامية المشاهدة 0
        نلقاك على خير وسعاِة وتوفيق وإفادة نستفيدها من بعضنا البعض ، وفقنا الله لها
        اللهم آمين [/align]
        أسس القصة
        البداية - الابتلاء - الزلة - العقدة - الانفراجة - التعرف - النهاية

        تعليق

        • فتحى حسان محمد
          أديب وكاتب
          • 25-01-2009
          • 527

          #5
          أشكرك أستاذ / إيهاب
          واشكر مرورك الكريم
          أسس القصة
          البداية - الابتلاء - الزلة - العقدة - الانفراجة - التعرف - النهاية

          تعليق

          • فتحى حسان محمد
            أديب وكاتب
            • 25-01-2009
            • 527

            #6
            أين أنت يا ابو صالح
            لماذا لم تتدخل
            فرصة قصة هابيل وقابيل
            واخالف فيها الجميع
            أسس القصة
            البداية - الابتلاء - الزلة - العقدة - الانفراجة - التعرف - النهاية

            تعليق

            يعمل...
            X