قصة حبّ عراقية// كوثر خليل

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • كوثر خليل
    أديبة وكاتبة
    • 25-05-2009
    • 555

    قصة حبّ عراقية// كوثر خليل

    - قــصّــة حــب عــراقــيــة




    "........ هذا السّيف الذي أمسك يحرقني فلتصفحي إن ماطلتُ و راوغت فذلك أسلوب الوعي الشقيّ... أنا طلّقت القلم، طلّقت الجزء المشلول المريض الذي ما عرف غير لون الدم ... اعذريني فأنا احبك" عليّ


    كتب هذه الأسطر ورحل.. كانت تعرف أن الرّبيع لن يأتي تلك السنة و لا الخريف.. حتى الشتاء و الصيف لن يكونا بالصورة التي تعوّدها البشر.. شعر بالعجز.. و هي تعرف تماما أن العجز أقبح المشاعر خاصة إذا أصاب من تعوّد أن يكون قويا دائما.. مهاجما أبدا...


    الحرب و الحبّ... سيفان مسلّطان على رأسيهما منذ ولدا.. لم يكونا يفقهان شيئا عندما بدأت رحى الحرب تدور مع إيران.. كان له من العمر عشر سنين و كان يكبرها بثلاث و لكنهما شبّا على مشاهدة الدمار و الخراب...
    كانت إيرانية الأصل و قد غذّى صراع الجانبين علاقتهما بشيء من التحدّي المزمن.. كانا يغضبان لأتفه الأسباب ويتواصل الخصام أسابيع طويلة و لكنهما كانا يعودان في كل مرّة أشدّ رغبة وأغرب عشقا.
    كانت تقول:" هل صحيح أن حبّنا أكبر من سنّنا؟"
    فيقول:" ربما.. لقد أنضجتنا الحرب قبل الأوان وربّما كان هاجس الفراق الذي يلازمنا أكبر موقد لنار الحبّ .. الخوف من الفراق، الغربة في الوطن.. الغربة عمّن نحبّ.."
    كانت قد فرّت هي و عائلتها من إيران.. ولجؤوا إلى العراق حيث استقروا واختلطوا بالأهالي و لكن الحرب الناشئة أثّرت على علاقتهم بالسكان غير هذه العلاقة التي كانت في شفافة النجوم و ألوان الطيف..
    درس كلاهما بنفس المدرسة و نفس المعهد، و كان عليّ ولوعا بالنظريات القائمة يحمل الكتب الممنوعة ليلا إلى البيت و يعكف على قراءتها و الاستزادة من لهيب الثورة التي يخترقها... كان يطمع لتغيير وجه العالم و قد زاده الشباب حماسا غير عادي فكان ذلك أكثر ما تحب فيه..
    - "عليّ، كم تحبني؟"
    قال بإصرار: "كم احبك!... و لكني لا أرى معك إلا الحاضر.. أفقي مليء بأطياف لأشخاص مجهولين.. و بطموحات قد أقدر على تحقيقها و قد لا أقدر.. إني اشعر أحيانا أنك تكبلينني بكل ما فيك من الصفاء و العذوبة .. عيناي معلّقتان إلى أعلى.. هناك.. حيث السيادة و السلطة.."
    - "بتّ لا أفهمك.. أنت تتغير بسرعة عجيبة.."


    و انتهت الحرب العراقية الإيرانية بينما كان عليّ يستعد لمواصلة تعليمه.. كان نابغة.. وقد تطلب اختصاصه الالتحاق بجامعات نيويورك أمّا شيراز فبقيت في العراق تعيد السنة...
    بدت نيويورك لعليّ كمدينة ألعاب كبيرة كل آلاتها و بناءاتها من الورق.. بهرج زائف و حضارة مادية صارخة.. امرأة قوية.. بلا دفء.. وذكر بغداد.. فعبق المدرّج برائحة الحجارة و آلاء السماء..
    مضى نصف شهر على إقامته بنيويورك.. تعرف على كاثرين ... أمريكية جدا.. رغم أصلها العربي.. تدرس معه بالجامعة.. عاشقة للدماء الحارة.. تحيي بها ما مات تحت سماء نيويورك الرمادية..
    كانت تملك شقة هناك فاتفقا على العيش معا... لم يكن عليّ ليتنازل عن أحلامه التي شبّ عليها و ترك لأجلها موطنه.. كان يدرس علم الآثار و الطرق الحديثة لإعادة تشكيلها وفق المقاييس القديمة التي بنيت بها..
    هل أحبته كاثرين...؟ لقد تعودت عليه وسعت إلى تعويده الخضوع في الفراش .. كانت تركبه فإن رفض تنفرط في نوبة رهيبة من الصراخ و البكاء لا تسكت عنها إلا إذا استكان ورضي.. كان يحتاج إلى الإقامة والأوراق الرسمية.. تبّا لها.. وذكر شيراز... في السنة الأخيرة من علاقتهما كان يحاول أن يمارس معها الحب فكان الخجل يعلو محياها حتى الأذنين.. وكانت ترسل أنّاتها من تحته حتى يشعر أنّه فارس البرّ و البحر و أنّه قادر على حكم العالم بقبضة واحدة.. ولكن كاثرين... تبّا لنيويورك......

    كان يرى في منامه حلما يتردّد كل ليلة و لا يجد له تفسيرا...كان يعرض له في أوّل الليل أو منتصفه فيطرد النوم عن جفونه: صورة قلعة شديدة الحصانة في بغداد تمتلئ بالجنود الأمريكيين... و يكثر ضرب المدافع حتى تتغشى السماء بدخان كثيف أسود... فينهض مذعورا و هو يكاد يختنق...كان يظنّ أن ذلك بسبب علاقته بكاثرين و لكن الحلم تحقّق بعد أسابيع قليلة: حرب الخليج الأولى...
    قطع علاقته بكاثرين و سجن مرات عديدة ثم هاجر من أمريكا و التحق بموسكو حيث أتمّ دراساته العليا هناك..و كان موضوع أطروحة الدكتوراه تقديم صورة رقمية للمعمار البابلي الآشوري الذي يعود إلى 625 ق.م....
    ارتفع البناء أمام عينيه صلب الأركان بينما كانت النار تلتهم مدينة الألعاب الورقية....



















    أن تهدي شخصا وردة في حياته، أفضل ألف مرّة من أن تضع باقة على قبره
  • محمد جابري
    أديب وكاتب
    • 30-10-2008
    • 1915

    #2
    الأستاذة كوثر خليل، حفظك الله؛

    حينما نتنازل عما كلفنا من أجله: تبليغ رسالة رب العالمين، وتستهوينا دنيا الآخرين، ونرتضي التبعية، فلاعيب ولا ضير؛ إذ النفس حين تأسن وتتعفن تستلد العيش مع الديدان، وتستهويها العبودية لغيرها، أما العزة فهي لله يهبها لمن رفع هامه عاليا، ورحم الله الخميني في قوله أزيد من خمسين سنة ونحن نرسل بالبعثات لطلب العلم، ولم نحصل الاكتفاء الذاتي؟ فأبناؤنا لايخرجون، وعلى العلوم أن تدخل.
    أحبكت المقارنة بين الزوجة والعشيرة...
    بوركت من قاصة تثير الدفين فينا، وتنهض القيم العليا...
    http://www.mhammed-jabri.net/

    تعليق

    • كوثر خليل
      أديبة وكاتبة
      • 25-05-2009
      • 555

      #3
      المشاركة الأصلية بواسطة محمد جابري مشاهدة المشاركة
      الأستاذة كوثر خليل، حفظك الله؛

      حينما نتنازل عما كلفنا من أجله: تبليغ رسالة رب العالمين، وتستهوينا دنيا الآخرين، ونرتضي التبعية، فلاعيب ولا ضير؛ إذ النفس حين تأسن وتتعفن تستلد العيش مع الديدان، وتستهويها العبودية لغيرها، أما العزة فهي لله يهبها لمن رفع هامه عاليا، ورحم الله الخميني في قوله أزيد من خمسين سنة ونحن نرسل بالبعثات لطلب العلم، ولم نحصل الاكتفاء الذاتي؟ فأبناؤنا لايخرجون، وعلى العلوم أن تدخل.
      أحبكت المقارنة بين الزوجة والعشيرة...
      بوركت من قاصة تثير الدفين فينا، وتنهض القيم العليا...

      أستاذي محمد جابري

      لقد أسعدني مرورك
      أن تهدي شخصا وردة في حياته، أفضل ألف مرّة من أن تضع باقة على قبره

      تعليق

      • ربيع عقب الباب
        مستشار أدبي
        طائر النورس
        • 29-07-2008
        • 25792

        #4
        انتهت القصة إذًا هنا ، باحتراق المدينة الورقية ؟!
        أم أنتظر بقية لها .. ربما ما أوحى إلى بذلك مساحة الأبيض أسفل القصة !!
        و لكن هل اكتفيت أنا إلى هنا .. ووصلت مع على إلى منتهى ما يطمح .. لا أدرى .. كان حلم قديم هناك .. قبل النزوح لنيويورك ، و الحياة فى أحضان كاثرين .. تمتطيه كدابة .. ثم ينقلب الحال ، و يصبح هو من يمتطيها ، و يحرقها توهجا ، ويذيب ثلوجها .. و يكون الكابوس .. مقدمة حرب الخليج الأولى .. و انهيار المدن الزائفة ،الميتة روحيا .. و يكون فى موسكو .. الحل و المعنى فى ذلك الوقت .. الذى سرعان ما انهار .. وانحل تماما ، بعد أن تسرب الهواء الذى عبىء فيه !

        هى مكتوبة منذ وقت طويل ، نعم .. أرى ذلك جيدا
        هناك شىء لا أفهمه .. لا أدريه !
        الكتابة لم تبتعد كثيرا عن ما تعودته منك سيدتى
        لكن الأمر اختلف هنا مع على ، فما كان ليقارب بأحد أبطال روايتك الغربة
        بأية حال !!

        المهم .. معك مهما كان الأمر تكون المتعة
        و اللهاث وراء الجديد

        تحيتى و تقديرى
        sigpic

        تعليق

        • كوثر خليل
          أديبة وكاتبة
          • 25-05-2009
          • 555

          #5
          المشاركة الأصلية بواسطة ربيع عقب الباب مشاهدة المشاركة
          انتهت القصة إذًا هنا ، باحتراق المدينة الورقية ؟!
          أم أنتظر بقية لها .. ربما ما أوحى إلى بذلك مساحة الأبيض أسفل القصة !!
          و لكن هل اكتفيت أنا إلى هنا .. ووصلت مع على إلى منتهى ما يطمح .. لا أدرى .. كان حلم قديم هناك .. قبل النزوح لنيويورك ، و الحياة فى أحضان كاثرين .. تمتطيه كدابة .. ثم ينقلب الحال ، و يصبح هو من يمتطيها ، و يحرقها توهجا ، ويذيب ثلوجها .. و يكون الكابوس .. مقدمة حرب الخليج الأولى .. و انهيار المدن الزائفة ،الميتة روحيا .. و يكون فى موسكو .. الحل و المعنى فى ذلك الوقت .. الذى سرعان ما انهار .. وانحل تماما ، بعد أن تسرب الهواء الذى عبىء فيه !

          هى مكتوبة منذ وقت طويل ، نعم .. أرى ذلك جيدا
          هناك شىء لا أفهمه .. لا أدريه !
          الكتابة لم تبتعد كثيرا عن ما تعودته منك سيدتى
          لكن الأمر اختلف هنا مع على ، فما كان ليقارب بأحد أبطال روايتك الغربة
          بأية حال !!

          المهم .. معك مهما كان الأمر تكون المتعة
          و اللهاث وراء الجديد

          تحيتى و تقديرى
          أستاذ ربيع
          هي مكتوبة منذ زمن وهي قصة قصيرة و لكن "ما أشبَهَ اليوم بالبارحة"
          "الغربة و الانفلونزا" ما تزال فصولها في طور الكتابة
          شكرا على حضورك النقي
          أن تهدي شخصا وردة في حياته، أفضل ألف مرّة من أن تضع باقة على قبره

          تعليق

          • قرويُّ الجبال
            أديب وكاتب
            • 26-12-2008
            • 247

            #6
            بابل بداية التاريخ واستمرارته

            نعم يا كوثر.............. صدقت ِ !!!


            عراق صدام حسين لم ينتهي .... انه جلمود صخر تحطمت عليه امريكا؟! هي ذلك النمر من ورق.
            صدام هو ذاك الاشوري .....
            بل هو آشورناصربعل الذي قاد ملحمة بلاد الرافدين الحديثة
            بل هو جلجامش الثاني
            ولم يمت مازال يقود جحافل التحرير وهو في القبر حتى النصر المبين
            ولكن من بابل وليس من موسكو..؟!


            شكرا لابداعك وعطاؤك والتزامك الفكري

            اخوك ِ القروي

            تعليق

            • كوثر خليل
              أديبة وكاتبة
              • 25-05-2009
              • 555

              #7
              تحية خاصة لك يا قروي الجبال

              الحقيقة التاريخية لها موعد.
              أن تهدي شخصا وردة في حياته، أفضل ألف مرّة من أن تضع باقة على قبره

              تعليق

              • محمد السنوسى الغزالى
                عضو الملتقى
                • 24-03-2008
                • 434

                #8
                نعم.. العجز أقبح المشاعر ..العجز اعلى حالات الهزيمة..لكني ارى في امتطاء كاثرين آفاق اخرى وعوالم ربما لم تكن غير ممتطية المعنى من وراء النص؟؟ تلك هي حرفية الكتابة..لقد ركبت كاثرين المختلطة الدماء ..العربية والمُصطنعه..لكن جنونها للركوب وصراخها من اجل تلبية مزاجها لم يجدي نفعا..إن العبرة هنا التي اراها ووصلت الى ذاكرتي ..ان [امريكا]لم تكن غير غير شبقة ارادت ان تجرب مزاجها وتذهب في لحظتها دون عقاب..لكن ثمن الامتطاء كان باهظاً..ولذلك كانت في الواقع قد تحولت إلى مطية ومركوب ليس الا..شكرا لقلبك الجميل كوثر.
                [B][CENTER][SIZE="4"][COLOR="Red"]تــــــــــــــــــدويناتــــــــــــــــــــي[/COLOR][/SIZE][/CENTER][/B]
                [URL="http://mohagazali.blogspot.com/"]http://mohagazali.blogspot.com/[/URL]

                [URL="http://shafh.maktoobblog.com/"]http://shafh.maktoobblog.com/[/URL]
                [BIMG]http://i222.photobucket.com/albums/dd312/lintalin/palestine-1.gif[/BIMG]

                تعليق

                • كوثر خليل
                  أديبة وكاتبة
                  • 25-05-2009
                  • 555

                  #9
                  المشاركة الأصلية بواسطة محمد السنوسى الغزالى مشاهدة المشاركة
                  نعم.. العجز أقبح المشاعر ..العجز اعلى حالات الهزيمة..لكني ارى في امتطاء كاثرين آفاق اخرى وعوالم ربما لم تكن غير ممتطية المعنى من وراء النص؟؟ تلك هي حرفية الكتابة..لقد ركبت كاثرين المختلطة الدماء ..العربية والمُصطنعه..لكن جنونها للركوب وصراخها من اجل تلبية مزاجها لم يجدي نفعا..إن العبرة هنا التي اراها ووصلت الى ذاكرتي ..ان [امريكا]لم تكن غير غير شبقة ارادت ان تجرب مزاجها وتذهب في لحظتها دون عقاب..لكن ثمن الامتطاء كان باهظاً..ولذلك كانت في الواقع قد تحولت إلى مطية ومركوب ليس الا..شكرا لقلبك الجميل كوثر.

                  كاترين الأمريكية من أصل عربي هي منبع الداء
                  و لكن في النهاية لا يصحّ إلا الصحيح
                  شكرا لهذه النظرة الثاقبة أستاذي الغزالي
                  أن تهدي شخصا وردة في حياته، أفضل ألف مرّة من أن تضع باقة على قبره

                  تعليق

                  • هدير الجميلي
                    صرخة العراق
                    • 22-05-2009
                    • 1276

                    #10
                    الحب والحرب ؟؟ مرتبطان كأن بينهما عهدٌ منذوا الازل...
                    كم تمنيت أن أجد لهما تفسير ؟
                    ولكني وجدتهُ بما أبدعتي به .... !
                    سلمتي وسلم قلمك...
                    بحثت عنك في عيون الناس
                    في أوجه القمر
                    في موج البحر
                    فوجدتك بين خافقي أقرب من كل الذين أبحث فيهم
                    ياموطني الحبيب...


                    هدير الجميلي(هدير نزف النواعير)

                    تعليق

                    • كوثر خليل
                      أديبة وكاتبة
                      • 25-05-2009
                      • 555

                      #11
                      المشاركة الأصلية بواسطة هدير الجميلي مشاهدة المشاركة
                      الحب والحرب ؟؟ مرتبطان كأن بينهما عهدٌ منذوا الازل...
                      كم تمنيت أن أجد لهما تفسير ؟
                      ولكني وجدتهُ بما أبدعتي به .... !
                      سلمتي وسلم قلمك...

                      شكرا لك هدير

                      الحب و الحرب يفصلهما و يجمعهما آخر حرف في اسمك ثم يعيدهما المدّ إلى أوّل حرف فيه فأين يذهبان؟
                      أن تهدي شخصا وردة في حياته، أفضل ألف مرّة من أن تضع باقة على قبره

                      تعليق

                      يعمل...
                      X