[frame="2 98"][frame="1 98"][align=center]الفصل الثاني من تأليف مجنون
مسرحية من فصلين
فكرة وقصة : نبيل عطية
إعداد مسرحي وإخراج : يحيى الحباشنة
[frame="1 98"]إهداء الى الكاتب الساخر محمد سليم مع المودة .. القسم أنا ممنوع وموقوف من دخوله ، كنت أتمنى الرد على مقالاتك في قسم الأدب الساخر.. لكني لا استطيع الدخول الى ذاك القسم [/frame]
الفصل الأول
تفتح الستارة فيظهر على أقصى يسار المسرح قصر من القصور الفرنسية في القرون الوسطى ، وبجانبه حديقة صغيرة .
كما يوجد بضعة كراسي موزعة بشكل عشوائي هنا وهناك.
[ يدخل شاب في حوالي الرابعة والعشرين من العمر ويجلس على احد الكراسي ، وينظر إلى ساعة يده ، ثم ينهض ويتمشى ذهابا وإيابا ولا يزال بين اللحظة واللحظة ينظر إلى الساعة ، ويحمل أوراق ونصوص " إنه مساعد المخرج (أنور ) ].
أنور : الساعة صارت عشرة وعشرة ، وما حدا منهم شرًف
[ تدخل في هذه اللحظة فتاة في مقتبل العمر أنها نوال إحدى الممثلات ]
أنور : أهلا نوال .. ايش يا عم !! عم بتصيري أكابر .
نوال : (ضاحكة ) أنت في حياتك كلها مش ممكن تكون أكابر مثلنا ..مادام تبقى مساعد مخرج أستاذ أنور .
أنور :مش عارف ليش بتتأخرو عن البروفة ..!؟ ليش ..!!
[ يدخل شاب في الثلاثين من العمر إنه المخرج فاروق ]
أنور : آهلين أستاذ فاروق
نوال : آهلين أستاذ .
فاروق : وين الشباب !! الساعة عشرة وربع... رحاب ما وصلت لهلا ؟
أنور : لهلا ما اجت أستاذ .
فاروق : وزوجها المحترم ..؟
أنور : ليش زوجها رح ييجي معها ..؟ رح يشترك معنا في المسرحية ..؟
فاروق : أيوه يا سيدي .. الست مصرة زوجها يشتغل معنا .
أنور : لكن هو مريض .. مريض كثير
فاروق : الست مصرة يشتغل معنا .
أنور : أستاذ بيحكوا إنه مريض عقلي أستاذ ..معه انفصام في الشخصية .
فاروق : نعم يعني مجنون بالعربي ..
أنور : بتعرف أستاذ إني سمعت.. انو الانفصام أنواع ودرجات
فاروق : كله جنون ..كله جنون ..
أنور مادام مجنون يا أستاذ ليش وافقت يشتغل معنا ..؟ إحنا ناقصين هموم ..؟
فاروق : طول أمس وهي تترجاني وتتوسل اللي .. وأقنعتني إنه انقطاعه عن التمثيل ممكن يزيد الحالة المرضية عنده .. ووافقت مجبر .
أنور : وإذا سوى هيك ولا هيك .. أو ينقل إلنا المرض ..؟
فاروق : بنسحب من العمل فورا ، الفن فوق المشاعر الشخصية .
نوال : يا حرام ..المسكين كان من أشهر نجوم المسرح .. يا ترى شو السبب اللي خلاه مجنون ؟؟
أنور : ما في حدا بعرف ولا حتى زوجته بتعرف .. بجوز حسدوهم الناس على نجاحاتهم
فاروق : (بغضب ) الساعة عشرة ونص ..!! يا أبو شاكر ..يا أبو شاكر .
_( يخرج من جانب الخشبة رجل يهرول مسرعا )
أبو شاكر : أمر أستاذ فاروق
فاروق : يرضى عليك يا أخي أسعفنا بفنجان قهوة
( تدخل رحاب تتهادى في مشيتها وهي جميلة جدا وفاتنة في الخامسة والعرين من العمر )
رحاب : ( تحاول الابتسام ) مرحبا يا جماعه
الجميع : آهلين ست رحاب
فاروق : شو ..؟ السيد محمود ما بدو يشتغل ..؟
رحاب : لا.. لا.. لا هو جاي.. جاي .. آعد بشرب أنينة بارد عند الدكان وهلا بيجي .
نوال : و ... و .... شلونو كيف صحته هللا ..؟ انشاالله خف ؟.
رحاب : ( بامتعاض ) منيح كويس
أنور : ست رحاب .. السيد محمود رايح يشترك معنا في المسرحية .؟
رحاب : ( تنظر الى المخرج فاروق قبل أن تجيب ) .. أيوة
أستاذ فاروق ممكن دئيئة ..؟
( يذهب معها فاروق وينزويان قليلا في أحد الأركان )
رحاب : أستاذ فاروق .. أرجوك ... اعتبرها تجربة بس تجربة وبعدين نشوف شو بصير ..بليز فاروق
فاروق : يا ستي حاضر.. حاضر .. أنا حاضر بصير خير .
( في هذه الأثناء يدخل رجل في الأربعين له ملامح قاسية بعض الشيء ويقطب جبينه عابسا وهو ينظر الى رحاب وهي تقف الى جانب المخرج فاروق فيما يدخل أبو شاكر يحمل "فناجيل "القهوة ويهم بتقديم فنجان لمحمود الذي يأخذ منه بسرعة )
رحاب : محمود ... شو نسيت شو آل الطبيب ..؟ ما حكى ما تشرب الأهوسة ..؟
محمود : ( وهو يحدق بوجه رحاب بقسوة ملفتة ) نعم نعم هيك حكى الطبيب .. ( وهو يرتشف من الفنجان ثم يواصل بلهجة غريبة )
محمود : أيوة فعلا فعلا ..هيك آل الطبيب .. هيك حكى الطبيب .
فاروق : طيب طيب يا جماعة ما علينا .. كلكم قرأتم النص وتعرفوا إنه النص مأخوذ عن رواية هاوية الجنون للكاتب الفرنسي يحيى الحباشنة ، الديكور مثل ما انتوا شايفين ، هون قصر الماركيز وبجنبه هون حديقة القصر وهناك النافذة اللي تطل على حديقة القصر ، وهون كوخ الحارس حارس القصر .. كل واحد أكيد قرأ دورة صحيح أستاذ محمود ...؟ إنت الحارس مش هيك ..؟
( ينتفض محمود معترضا )
محمود : لا يا أستاذ فاروق .. أنا مش رح العب دور الحارس .
فاروق : كيف يا سيد محمود ..!! إحنا هيك وزعنا الأدوار
محمود : لا يا حبيبي
فاروق : بس احكي ليش لا أستاذ محمود ..؟
محمود : ليش ما آخذ دور الصياد .. ليش ما العب دور الصياد .؟
فاروق : يا سيد محمود ابنة الماركيز بدها تقع بحب الصياد وفي هاي الحالة لازم يكون الصياد وسيم جدا .
محمود : أنا مش وسيم أستاذ فاروق
فاروق : ( يلتفت الى الجميع ثم الى مساعد المخرج أنور )
إحنا ناسيين علاء ..وين علاء معقول لسه ما وصل ..؟
محمود : وليش الصياد لازم يكون وسيم جدا يا سيد فاروق ؟
فاروق : يا عزيزي ابنة الماركيز بدها تقع في الحب من النظرة الأولى ... ابنة الماركيز مش معقول تقع بحبه من النظرة الأولى إلا إذا كان حلو ، وسيم .
( يدخل علاء وهو شاب وسيم جدا في الخامسة والعشرين )
فاروق : آهلين علاء ..شو الحكاية متأخر كثير اليوم ؟
علاء : متأسف جدا أستاذ ، متأسف يا إخوان .
محمود : ( بحدة ) سيد فاروق .أنا بشع ..؟
فاروق : لا مش بشع لكن مش وسيم كثير .
محمود : ( وهو يحدق في الجميع بطريقة غريبة )
شو هيه الطريقة حتى يعرف الواحد منا درجة وسامته .. أو شو هيه النسبة المئوية لوسامتي يا أستاذ ..؟
فاروق ما فيش حد في العالم بيعرف النسبة المئوية لوسامته .. يعني لو كانت النسبة المئوية لوسامتي 34% مثلا لازم أتخيلها 72%
محمود : وهلا شو قررت أستاذ .؟
فاروق : قررت علاء يأخذ دور الصياد وأنت دور الحارس مثل ما وزعنا الأدوار .. لأنه ابنة الماركيز لازم تقع بحب شاب حلو كثير .. وبعدين بصراحة أكثر الجمهور بحب البطل يكون وسيم وحليوة .
محمود : ليش يا أستاذ ..؟ ليش الجمهور بحب البطل يكون حلو ..؟ مين تقصد الرجال ولا النسوان ..؟
فاروق : الرجال والنساء
محمود : الرجال يفضلوا البطل يكون وسيم ؟
فاروق : نعم ..نعم
محمود : كيف عرفت صحة هاي المقولة ..؟
فاروق : هيك لا حظنا من خلال إقبال الجمهور على أي رواية أو مسلسل
محمود : يا أستاذ هل كل متفرج من المتفرجين وسيم ..؟
فاروق : طبعا لا
محمود : ايش اللي بخلي الجمهور يتفاعل وينسجم مع المسرحية ..؟
فاروق : لأنه الجمهور بتخيل نفسه مكان البطل
محمود : وإذا كان المتفرج غير وسيم كيف بده يتخيل نفسه مكان البطل ..؟
فاروق : كل واحد منا يعتقد إنه وسيم ... المهم الموضوع طويل ومعقد.. كل واحد يوخذ مكانه شباب.
محمود : لكن لازم يكون فيه لحظة معينة ... نقنع فيها ابنة الماركيز ويقتنع فيها الجمهور إنه الوسامة مو كل شي .. .. في أشياء كثير أهم من الوسامة ... أنا أشهر ممثل في الشرق الأوسط ، والجمهور يا أستاذ بفضل الممثل البارع على الممثل الوسيم ضعيف التمثيل .
فاروق : أنت ممثل قدير ومشهور فعلا على مستوى الشرق الأوسط .. لكن الدور بناسب علاء ومش مناسب إلك .. أرجوك يا أستاذ محمود أرجوك .. يا ست رحاب احكي كلمه فهميه مشان الله .
رحاب : محمود حبيبي .. إنت نسيت إنه كل أدوارك ..كانت دور المجرم أو السفاح .. دائما كانت أدوارك دور الشرير .. الصياد يا حبيبي هون ... لازم يكون وسيم .. وثانيا طيب وبسيط وساذج .. ما قرأت النص ..؟
محمود : الفتاة حبت الأحدب الدميم في رواية أحدب نوتردام .
رحاب : نعم صحيح لكن ما حبته من النظرة الأولى .
محمود : ( يفكر قليلا ثم يلتفت إليهم ) .. طيب.. طيب ما عندي مانع نبدأ في البروفة .. لكن على شرط .. ابنة الماركيز بتحب الصياد في بداية المسرحية .. وبعدين أنا بدي أعدل على النص .. بدي أقترح بعض التعديلات .
فاروق : ( بامتعاض وتأفف ) طيب .. طيب .. يا جماعة خلينا نبلِش في البروفة .. اللي مش حافظ منيح بقدر يقرأ من النص أو.. بلقنه مساعد المخرج .
[ تبدأ البروفة ويحتل كل منهم موقعه ، ويقترب الصياد من النافذة التي وقفت عليها ابنة الماركيز .. والصياد ينظر إليها ويسير تحت النافذة وينظر إليها وهي تبتسم له وتغمز ثم تختفي قليلا .. وقبل أن يكمل سيره تعود الى النافذة من جديد وتنظر إليه نظرات تتفجر إغواء .. ويتقدم الصياد ويقف تحت النافذة وينشد الأبيات التالية ]
الصياد : غرامك حملني يا حبيبة ما لا أطيق
رأيت الطريق ممهدة فسلكت الطريق
رأيت بريق حصاها يفوق بريق العقيق
مشيت فأدمى الحصى قدمي وغاب البريق
[ في هذه الأثناء يلتفت الحارس ، والذي من المفروض أن يأكل من الطعام الذي جلبته خادمة القصر ، في مكان بعيد لإلهائه عن المنظر حتى تعمل ابنة الماركيز ما تشاء دون علمه ، لكن المخرج فاروق يطلب وقف التمثيل ]
فاروق : يا سيد محمود أرجوك .. لا تتطلع لهون .. لا تراقبهم المفروض إنك مش شايف الصياد .
محمود : طيب.. طيب ..استمروا يا جماعة
( فاروق يشير لهم بالمتابعة .. ويعود الصياد وابنة الماركيز ثم تعتيم دلالة على مرور فترة زمنية للمشهد ويظهر الصياد في غاية الوله والوجد وهو يقف تحت النافذة وابنة الماركيز تبتسم له وتقوم بإغوائه )
الصياد : غرامك علمني يا حبيبة كيف أسير
غرامك علمني أن أمارس نذر النذور
وعلمني كيف تخبو البروق وكيف تغور البحور
وعلمني أن أصل الخليقة كانت قديما بغير شرور
***
ولما عشقت اكتشفت بأن هناك سماء وفيها مطر
وأن هناك من يترصد خطو البشر
عصي السمات رهيب غريب يسمى قدر
محمود : ( يتوقف عن الصمت وينفعل ويصيح )
هاذ مو تمثيل مش تمثيل .. سيد فاروق مش هيك التمثيل .. إحنا ما بنلعب هون أحنا نشتغلهون ... وهادا مو تمثيل أبدا .
فاروق : يا سيد محمود أنا اللي يقرر إذا كان هذا تمثيل ولا لا.. أنا اللي يقرر أنا مخرج العمل يا أستاذ .. أرجوك ارجع مكانك .. كمل يا علاء بليز هدوء للجميع .
( يتقدم الصياد تحت النافذة ويكمل )
الصياد : حبيبة هلا سمعت اعترافي ..؟
أحبك جدا وحبي خرافي
وليس ولوعي فيك بخاف
ليس ولوعك فيً بخاف
فكيف يجوز ابتعاد
وكيف يجوز لتجافي .
( محمود يبقى في مكانه ولا يتحرك ولا يشارك في التمثيل ويبدو غاضب جدا )
رحاب : ( وهي تخرج من القصر ) .. ليش ما بدك تشترك في البروفه حبيبي ..؟
محمود : لأنه عندي اقتراح مهم
رحاب : شو اقتراحك ..؟
محمود : بدي ابنة الماركيز تتوقف عن الصياد بصرعة وتحب الحارس
رحاب : يا سلام !!! وليش يا عبقري ..؟
محمود لأنه في الحياة الواقعية الحقيقية مش كل واحد بتجوز اللي بده إياها أو اللي بحبها .. ولا كل وحده بتاخد اللي بدها بدها وعلى مزاجها .
رحاب : الناس يهربوا من الحياة الواقعية اللي بتحكي عنها ومن فوضاها وضجيجها .. ويهربوا لعنا لهون على المسرح .. بدهم يشوفوا النظام في المسرح .
محمود : معنا كلامك إنه إحنا بدنا نخدع الجمهور
رحاب : الجمهور حاب نخدعه .. هو بدفع فلوس مشان نخدعه ..ليش بدك تحرمه من متعة أنو ينخدع .؟ليش تحرمه من متعة أنو يخدع نفسه .
محمود : هيك ما بعود عند الجمهور القدرة على تحمل صدمات الحياة .. ومفاجآت القدر .. إحنا لازم نقوي عندهم القدرة على التحمل
رحاب : يا حبيبي إحنا بهمنا ينبسط الجمهور ويضحك ويفرفش .
محمود : أنت بهمك التذكرة وشباك التذاكر
رحاب : أنا فنانه
محمود : إنتوا تجار
رحاب : أنا برهق نفسي وبتعب على شان أتقن دوري .. إنت بتعرف إني بروح البيت مرهقة ومتعبه .. وبتعرف إنه الدكتور طلب مني ما أرهق نفسي زيادة عن اللزوم .
محمود : كله مشان الفلوس .. مشان الفلوس
رحاب : بعدين تعال لهون أنا مثلت المأساة مش بس الكوميديا
محمود : نعم صحيح المأساة المنظمة المرتبة .. مش ممكن تكون مثل المآسي الفوضوية الحقيقية في الحياة الواقعية
رحاب : شو هيه المأساة المنظمة ؟
محمود : المأساة اللي بموت فيها البطل أو البطلة في نهاية المسرحية .
رحاب : ومتى بدك البطل أو البطلة يموت ..؟
محمود : في البداية ..في الوسط .. أثناء العرض المسرحي
رحاب ونسكر الستار ..ونحكي للناس روحوا ..المسرحية خلصت .
محمود : لا طبعا نكمل العرض لكن بشكل مختلف .
رحاب : إذا بتراجع الكاتب مو إحنا .
محمود : إنتوا تشجعوا كاتب النص
رحاب : بدك نرفض كل النصوص ..؟
محمود : لا يا ستي بنستنا نص مناسب
رحاب : النص المناسب بركض لعندنا ... مش ضروري ندوِر عليه .. إنت يمكن بتدور وتبحث على نقطة أو لحظة معينة في العمل تقنع فيها الجمهور ... هاي اللحظة مو موجودة في النص .
محمود : اللحظة اللي لازم نفهم الناس وابنة الماركيز فيها إنه الوسامة والجمال مش كل أشي .. هلا مش موجودة في النص اللي بين أيدينا ..لكن اللحظة هاي ما بتيجي على طبق من ذهب .
رحاب : وشو بدك هللا ..؟ فهمنا
محمود : بدي توقفي عن حب الصياد فورا وتحبيني أنا .. بقصد توقفي عن الصياد وتحبي الحارس .
فاروق : يا سيد محمود .. أنا اللي يقرر مو إنت لو سمحت
محمود: وأنا يا سيدي مصر .
فاروق : وأنا بعتذر .. وبنسحب من العمل كله .. أنا مش ممكن أعمل بهيك ظروف ( يحاول الخروج تمسك به رحاب عند الباب ويتحدثان بصوت خافت ورحاب بغنج ودلال )
رحاب : فاروق.. فاروق بالله توئف استنا شوي .. مشاني.. مشاني أنا ترجاك
فاروق : ست رحاب أنتي بتسببي لي في إحراج ..
رحاب : إنت عارف إنه مريض
فاروق : وأنا ما بدي أعرض أسمي الفني للهبوط في عيون الناس .
رحاب : إحنا بناسهم في علاجه فاروق أرجوك ساعدني .. أنا من غيرك شو ممكن أعمل .؟
فاروق : يا رحاب محمود من الصعب علاجه
رحاب أرجوك لا تخليني أأطع الأمل .. بليز فاروء على شان خاطري
محمود : آعدين تحكوا عني ..مش هيك تحكوا..؟ إني أنا مجنون ..؟
رحاب : عم بناقش فكرة المسرحية ونتناقش في اقتراحك .
محمود لا حبيبتي تحكوا إني مجنون .
رحاب : ليش إنت مجنون يا محمود؟
محمود : إنتوا والأطباء المجانين
فاروق : أرجوك يا سيد محمود ..أهدى شوي
محمود : أنا هيك هادئ
فاروق : فهمني بالتفصيل الممل شو اللي كنت بدك توصله إلي شو اللي بدك إياه ..؟
محمود بدي ابنة الماركيز تترك الصياد وتهجره .. وتحب الحارس
فاروق : هيك بدون سبب ..
محمود : أيوه بدون سبب
فاروق : طيب يا سيدي خلينا نفترض مثلا ... إنه في سبب ... مثلا يعني ابنة الماركيز لما بتشوف طيور مقتولة .. بأيد الصياد ..وأيديه ملطخة بالدم .. يمكن في هاي الحالة تنفر من الصياد .. وكمان لازم نبحث عن سبب ثاني منشان تتعلق في الحارس
محمود : أنا بعترض .. غير موافق .
فاروق : ايش يا أستاذ .. ليش مش موافق .
محمود : ابنة الماركيز تهجر الصياد فورا ..أنا هيك بشوف
فاروق : وتحب محمود مش هيك بدك ..؟
محمود : أنا بعترض وبشدَة .. مش ممكن .
فاروق : شو يعني تعترض ..وشو مش ممكن ؟
محمود : يعني لازم ابنة الماركيز توقف عن حب الصياد .. بأي طريقة
فاروق : وتحب محمود .... قصدي تحب الحارس
محمود : بفكر بعدين مين تحب .. لكن لازم توقف عن حب الصياد .
فاروق : لكن هيك توقف من غير سبب ..؟
محمود أيوه من غير سبب توقف عن حب الصياد
فاروق : لكن الجمهور رح يتساءل .. ليش هجرت الصياد !!
محمود : أنا بدي الجمهور يتساءل .. أنا بدي الجمهور يتساءل
فاروق : والجواب يا سيد محمود .؟
محمود : بدي الجمهور يتساءل من غير ما يلقى جواب
فاروق : مش معقول يا سيد محمود .. مش معقول .. يعني ممكن اقتراحك هذا موجود في الحياة الواقعية .؟
محمود : طبعا موجود في الحياة الواقعية
فاروق : هل في الحياة الواقعية .. بنت الباشا أو بنت من بنات الأكابر والشخصيات الكبيرة .. تهجر اللي بتحبه من غير سبب ..؟
محمود : ايوه ممكن
فاروق : كيف .. أفدني أفادك الله
محمود : إنجنت
فاروق مين اللي نجن ..؟
محمود ابنة الماركيز ..
فاروق : ( بحماس وبسرعة ) رائع عظيم .. ممتاز .. انجنت .. والله فكره .. أكيد رح نحل الإشكال ونوصل لنتيجة لكن أستاذ محمود لازم يكون في سبب لجنونها
محمود : مش ضروري .. انجت وخلص .. هيك من دون سبب
فاروق : بتعرف جدا إنجن من دون سبب .؟
محمود : نعم فيه .. فيه كثير ناس انجنوا من غير سبب صديقي عادل .
فاروق : عادل مين
محمود : صديقي من أيام الثانوية ..
فاروق : انجن من غير سبب ؟
محمود : نعم من غير سبب وما حدا من الناس عرف سبب جنونه .. ولا حتى الأطباء عرفوا السبب
فاروق : لكن لازم يكون في سبب
محمود : والأطباء ما عرفوا السبب
فاروق : اسمع يا سيد محمود .. خلص.. خلص .. أرجوك .. مثل ما بدك رح نخلي ابنة الماركيز تترك حب الصياد ..
رحاب : ومين بدها تحب ..؟
محمود : تحبيني أنا قصدي تحبي الحارس مبدئيا .. وبعدين نشوف شو بصير .
رحاب : أنت ما تؤمن بالحب ..؟
محمود : طبعا لا
رحاب : وكيف طلبت أيدي وتزوجتني ..؟
محمود : حسيت إني بحاجه إلك
رحاب : إلي أنا بالذات ..؟
محمود : طبعا إلك أنت بالذات
رحاب : وما كان في غيري فيها نفس المواصفات ؟
محمود : بالتأكيد في كثير مثلك ، لكن أنا ما عرفت منهم حدا إلا أنت
رحاب : يعني كنت بحاجه إلي ..؟
محمود : نعم ..نعم أنا بحاجه إلك .. أنا بحس بالسعادة معك أنا تزوجتك من شاني وإنتي تزوجتيني من شانك .
رحاب : أنت ما بتهمك سعادتي ..؟
محمود : لما بتكوني سعيدة أنا بكون سعيد أكيد بتهمني سعادتك .
رحاب يعني ما تؤمن بالحب ..؟
محمود : إذا سميت الحاجة حب أنا أؤمن بالحب .
فاروق : أنا شايف إنه ما رح تطلعوا بنتيجة .
محمود : أنت يا سيدي فنان كبير ومعروف ورحاب فنانة كبيرة ومعروفة وكلنا فنانين لكن مو فلاسفة ..لو استعملنا أساليب الفلاسفة مش رايحين نوصل لنتيجة ..أنا فنان وعندي الحدس مثلا يعتبر أهم من التحليل الذهني .. أنا بتمتع بحدس قوي جدا ومشان هيك أنا مخرج معروف ومشهور ومتفوق .
محمود : يعني أنت تؤمن بالحب ..؟
فاروق : طبعا
محمود : يعني بتحب الوحدة لأنها جميلة .؟
فاروق : مش ضروري الجمال
محمود : لأنه عندها مواهب عقلية خاصة .؟
فاروق : مش ضروري كمان .
محمود : طريقة خاصة بالتفكير .؟
فاروق : برضه مش ضروري
محمود : لعاد شو ..؟
فاروق : في سبب .. لكن مش ممكن أقدر أعبر عنه سبب غير الجمال ونوع الشخصية والحركات والعقلية
محمود : يعني لسه ما كشفه العلم .. ولا كنت بتجاوبني بسرعة
فاروق : صحيح
محمود : أنت حكيت إنك تؤمن في الحدس
فاروق : ايوه
محمود : تؤمن بالعلم وبالحدس .. مش هيك .؟
فاروق : صحيح
محمود : يعني العلم مو كل شي .. مش ممكن يكون كل شي
.. على كل حال أستاذ محمود ارجع اقرأ المسرحية ، وعدل مثل ما بدك ، واعتبر الفصل الثاني كله من تأليفك .. أنا لازم أروح البيت .. أنا لازم أروح البيت
( ستار )
نهاية الفصل الأول
الفصل الثاني
تفتح الستارة على نفس الديكور، ونشاهد الحارس يجلس في مكانه قرب بوابة القصر، والمخرج والمساعد يجلسان في الجهة القريبة للجمهور.. ويظهر الصياد واقفا تحت نافذة القصر ويذرع المكان ذهابا وإيابا بقلق واضح ونافذة القصر مغلقة، يجري تعتيم دلالة على مرور فترة زمنية على انتظاره وعودته، ثم يخفض ركبتيه قليلا وينشد هذه الأبيات فيما النافذة لا تزال مغلقة
الصياد : يراودني يا حبيبة انك لست كما كنت قبلا
يراودني أن ظلي ثقيل وأن انفعالك أصبح ضحلا
وان خصوبة عينيك تخبو وتوغر قحلا
يراودني أن رأيك في تغير روحا وشكلا
يراودني أنني يا حبيبة أني ما عدت أهلا
*******
( يسير ويذرع المكان ثم يعود من جديد تحت النافذة وينشد )
يراودني يا حبيبة أن أتوسم فيك البقاءَ
يراودني يا حبيبة أن أتوسل أن أتضرع
أن أستحيل إممحاءأ
يراودني يا حبيبة أن أطيل الرجاءَ
تضلي لروحي عطرا .. تضلي لناري ماءا
( يعود ليذرع المكان من جديد ذهاب وإياب ثم يعود )
الصياد : يراودني يا حبيبة
أن العلاقة بيني وبينك تؤذن بالانتهاء
وأن الكلام وكل الكلام تلاشى هباء
وأن حياتي وموتي سواء
وأن العزاء هو الاختفاء
وكل جديد ... إلى .. إهتراء
( تظهر ابنة الماركيز وهي تفتح النافذة وتنظر الى الصياد بجفاء )
ابنة الماركيز : ما الذي جاء بك يا هذا ..؟
الصياد : تقولين ما الذي جاء بي .. !! ما الذي جاء بي .. أنا ... أنا .. ولكنني .. لم ألمحك منذ أيام
ابنة الماركيز : ما الذي تقصده بأنك لم تلمحني منذ أيام ..؟
الصياد : أنسيتي ..!!
ابنة الماركيز : نسيت ماذا ؟
الصياد : أقصد هل نسيتي يا
ابنة الماركيز : ( وهي تقهقه بصوت عالٍ ثم تصمت فجأة ) ألا تغرب عن وجهي يا هذا ؟
الصياد : أنسيتي... يا ... ( تقاطعه قبل أن يكمل )
ابنة الماركيز : أتغرب عني .. أم أطلب الحارس ؟
الصياد : تطلبين الحارس ؟
ابنة الماركيز : نعم ، أطلب الحارس
الصياد : وهل نسيتي ما كان بيننا ؟
ابنة الماركيز : قل ما عندك .. وبسرعة ماذا تريد ..؟
الصياد : ولكنك يا آنستي .. إبتسمتي لي .. وأصغيتِ لأشعاري
ابنة الماركيز : لقد ابتسمت قبلك لكثير من الرجال ولقد أنشدوني شعرا وأصغيت لأشعارهم .. اسمع .. لقد ابتسمت لك نعم شجعتك على مغازلتي نعم .. أتعرف لماذا ..؟
الصياد : لماذا يا آنستي ؟
ابنة الماركيز : فأعلم إذن .. لكي أعرف ماذا عندك ومن أنت وكيف تفكر ... وماذا يحتوي رأسك الصغير من أفكار عن العالم ، والوجود ، والناس .
الصياد : ولكن لقد بدا على وجهك التأثر الشديد والانفعال الكبير.
ابنة الماركيز : عندما أتفرج على مهرج في سيرك ... يظهر على وجهي التأثر والانفعال.. وعندما أنظر إلى سحابة توشك أن تحجب الشمس يظهر على وجهي التأثر والانفعال .
الصياد : ولكن يا آنستي هؤلاء الذين شجعتهم سوف يقولون .. : لقد غازلنا ابنة الماركيز
ابنة الماركيز : لن يسمعهم أحد ..( تقهقه بصوت عالِ)
أيها الحارس أيها الحارس
( يهرول الحارس ويهرب الصياد ويختفي )
الحارس : ( مهرولا ) هل طلبتني سيدتي ..؟
ابنة الماركيز : نعم
الحارس : ماذا تأمر سيدتي .؟
ابنة الماركيز : تطرد عني ذاك الصياد الأحمق
الحارس : ماذا كان يريد الصياد .؟
ابنة الماركيز : أحسبه صيادا مجنونا
الحارس : أين هو الآن .. أين هو الآن ..؟
ابنة الماركيز : هرب وولى ... حسنا فاسمع
الحارس : ماذا تأمر سيدتي ؟
ابنة الماركيز : ( تبتسم ثم بغنج وإغواء ) أريد أولا أن تكف عن مخاطبتي بسيدتي .
الحارس : ماذا تعدني سيدتي ؟
ابنة الماركيز : أحسبك ذكيا كي تفهم
الحارس : لكن .. يا سيدتي لم أفهم !
ابنة الماركيز : حسنا قلي .. هل أبدو جميلة ..؟
الحارس : نعم ... لم ... لا... لا أذكر يا سيدتي أني رأيت جمالا يضاهي جمالك
ابنة الماركيز : منذ متى تعرفني ؟
الحارس : منذ عشرين عاما .. أما أنت فتعرفينني منذ ستة أعوام فقط .. عندما بدأت ميولك للجنس الآخر .
ابنة الماركيز : ولكني أذكرك منذ كنت في الخامسة
الحارس : لم تكوني تعرفيني .. كنت تعرفين الحارس فقط .
ابنة الماركيز : إذن أنا جميلة .؟
الحارس : سبحان خالق السموات والأرض
ابنة الماركيز : ( بصوت مرتفع وجنوني ) أنت إذن واقع في غرامي أيها الحارس
الحارس : ماذا تعنين ؟
ابنة الماركيز : أنت إذن تحبني
الحارس : ماذا ..؟ حسنا.. حسنا ... أحبك .. ؟ أحبك .. إنني أحبك حبيبتي ... لكن يا حبيبتي متى .؟
ابنة الماركيز : ( بسرعة ولهفة ) متى ماذا ؟
الحارس : متى نتقابل يا حبيبتي ..؟
ابنة الماركيز : الآن.. الآن .. وليس غدا .. انتظرني بجانب حديقة القصر .. إني قادمة يا حبيبي .
( يسرع الحارس نحو حديقة القصر فيما تخرج هي من القصر وتهرع إليه يتعانقان ، أثناء ذلك يجفلان عندما سمعا صوت قهقهة عالية من أناس قادمين ، يتظاهر الحارس بأنه يمشي وتتظاهر ابنة الماركيز بأنها تتأمل وردة ، ويظهر الماركيز يرافقه الكونت جان )
الماركيز : كيف حالك يا ديانا .. إنها ابنتي ديانا
ديانا : ( وهي تقهقه ) إنني بخير يا والدي .
الماركيز : تعرفين طبعا الكونت جان .. إنه من مشاهير الرجال في فرنسا .
ديانا : ( وهي تقهقه ) هذا الكونت هذا الكونت .. ( وتواصل القهقهة فيما الماركيز بصوت عالِ )
الماركيز : ما الذي وحق السماء أضحكك ..؟ ( تقطب وتعبس فجأة )
الماركيز : أرجو أن تعلمي يا أبنتي أن الكونت تقدم بطلب يدك للزواج .. لقد حدثني في الموضوع وقلت سوف نسألها إن كانت توافق .. أجيبي يا أبنتي هل توافقين ..؟
ديانا : ( بسرعة ودون تردد ) أوافق يا والدي أوافق ولكن بشرط صغير تافه .
( تقهقه بصوت عالِ وكذلك الماركيز الذي هجم على الكونت يصافحه ويهنئه )
الكونت : وما هو هذا الشرط الصغير أيتها الملاك .؟
ديانا : أن أبقى على علاقتي السرية الغرامية مع الحارس أن التقي به سرا ، ولن يعلم بذلك أحد سوى زوجي وأنت يا والدي .
الماركيز : ( وهو ينظر الى الكونت الذي تغيرت ملامحه ) إنها تمزح أيها الكونت ( يقهقه ) إنها تمزح .. إنك تمزحين تمزحين ( يقهقه )
ديانا : لست أمزح يا والدي .. لست أمزح أيها الكونت
الكونت : أنت والله فتاة مرحة يا ديانا .
الماركيز : ( بجدية ) ماذا تقصدين ؟
ديانا : أقصد أنني أنا والحارس على علاقة حب
الماركيز : وماذا أيضا ؟
ديانا : ( بلهجة ممطوطة ) .. ممممم حسنا .. حسنا .. ما دامت الأعراف والتقاليد والاتيكيت يا والدي العزيز ، تحول بيني وبين الزواج من حبيبي الحارس ، فإنني أقبل الزواج من الكونت .. لكن بشرط هو أن أبقى على علاقتي السرية مع الحارس .
الماركيز : تبقين على علاقة سرية مع الحارس .؟
الكونت : تبقين على علاقة سرية مع الحارس ؟
ديانا : نعم .. ولكن ماذا أصابكما .. لقد شرحت الأمر .. قلبي يا والدي .. هل يصح أن تتزوج إبنة ماركيز من حارس .؟
الماركيز : أعوذ بالله .. لا..لا.. طبعا لا .
ديانا : وهل يصح أن تتزوج الفتاة ممن لا تحب ولا ترغب ؟
الماركيز : كلا ..كلا ...
ديانا : إنني أحبه يا والدي .. أحبه .. وبما أنه من غير اللائق وغير المعقول ومن المنافي للمنطق السليم أن أتزوج من الحارس ، فمن المنطق أيضا أن أتزوج من الكونت .. أتزوجه وأبقى على علاقة سرية مع الحارس ، ولا يعلم بذلك الا زوجي وأنت يا والدي .
الماركيز : ولكن آآآآآآ آآآآ ولكن .. حسنا دعوني أفكر .. قلتِ أنك تحبين الحارس ..؟
ديانا : أحبه... أحبه ... أحبه
الماركيز :
( يفكر ويضع يده على جبينه ويخفض رأسه ثم يرفع راسه فجأة )
حقا.. حقا ... يا لك من فتاة نابغة ومنطقية .. حقا.. حقا .. هل سمعت يا كونت جان ..؟ إن العادات والتقاليد والأعراف تحول دون زواجها من حارس .. نعم.. نعم لا يجوز .. لكنها تحبه.. تحبه ... إذا ما العمل ؟ العمل ؟ .. لا بد أن نجد حلا ..
( يضحك بجنون ) يا لك من فتاة نابغة .. ماذا تفعل يا كونت .. المنطق السليم يقول أن تقبل بك زوجا .. وتبقى على علاقة سرية مع الحارس ( يقهقه بأعلى صوته ) يا لك من فتاة .. لكن قولي لي يا ابنتي .. ولماذا يجب أن تكون العلاقة سرية .. ولا يعرف بها غير والدك والكونت ..؟ لماذا لا تقابلين الحارس علنا .. نعم علنا وأمام جميع الناس .. ما الذي يمنع .؟
ديانا : يا والدي الحبيب .. ليس جميع الناس يتمتعون برجاحة عقلك ورجاحة عقل الكونت ، بعض الناس محدودي التفكير ، وضيقي الأفق سوف يستهجنون هذا العمل ، سوف يقولون أن علي أن أكبت مشاعري وأكبت نفسي وحبي ، وأتزوج الكونت إذا كنت فتاة شريفة .. لا يهمهم ما سوف يطرأ من تشوه على نفسي وأعماقي وما سنغرس في داخلي من عقد نفسية .. ولا يفهمون أن كل فرد من أفراد البشرية يجب أن يبقى نقي النفس والفؤاد والروح .. بعضهم لا يفقه يا والدي .. يقترح أن أقذف بالعادات والتقاليد والأعراف جانبا .. وأرفض الكونت وأصر على الزواج من الحارس .. وليحصل ما يحصل .. ليس يهمهم نظرات التحقير التي ستوجه إلَي من المعارف والأغراب والتي ستؤثر على نقاوة روحي وفؤادي ونفسي .. وتشوه نفسيتي هكذا يقول الآخرون .
الماركيز : وما هو رأي الكونت ؟
الكونت : ماذا ؟؟ ماذا تقول !! .ما الذي اسمعه .! ما هذا .. كيف ؟ إنني لا أوافق لا أوافق .. كيف أوافق على فتاة تحب رجلا آخر ومن ؟؟؟ ... إنه الحارس .. وتعترف بذلك بصراحة نادرة أنها تحب رجلا آخر ..!! كيف أوافق كيف ..؟
الماركيز : هل تحبها أيها الكونت ..؟
الكونت : آ..نعم .. نعم .. أحبها .. أحبها .. ولن يكون لحياتي معنى بدونها .. ولكن .. ولكن
الماركيز ولكن ماذا ؟ هي تحب الحارس ألم تسمع بأذنك.
الكونت : ما العمل ؟؟
الماركيز : تتزوجا
الكونت : وتبقى على علاقة مع الحارس .؟
الماركيز : وهل تريدها أن تقابل الحارس دون علمك وإعلامك ؟
الكونت : كنت أقتلها
الماركيز : في هذه الحالة لا داعي لأن تتزوجا
الكونت : لكنني أحبها .. أحبها ( يبكي وينتحب ) أحبها.
الماركيز : ما العمل إذن ؟
الكونت : ( وهو يفكر بعمق ويضع يده على جبينه ) العمل هو ... العمل ... آآآآ .... دعوني أفكر ..
( ثم يقهقه قهقهة تدريجية تتصاعد حتى تصبح قهقهة عالية جنونية ) حقا .. إنكما على صواب .. إنكما على صواب .. يا لي من غبي أحمق .. إنكما على صواب .
( خلال ذلك يكون الحارس واقفا على مسافة بعيدة يلتفت الماركيز نحوه وينظر إليه بمودة وحب )
الماركيز : أيها الحارس .. أيها الحارس .. اقترب .. اقترب
( يقترب الحارس )
الحارس : ماذا يأمر سيدي الماركيز .؟
الماركيز : أخبرني قلي أيها الحارس .. هل حقا إنك تحب ابنتي ديانا ..؟
الحارس : سيدي .. إنني لا أستطيع أن أفارقها لحظة واحدة
الماركيز : هل سمعت أيها الكونت ..؟ قال لا يستطيع أن يفارقها لحظة واحدة .
الكونت : ولكن أنا أيضا لا أستطيع أن أفارقها لحظة واحدة
الماركيز : ما العمل
ديانا : سوف يترك العمل كحارس عندك يا والدي ويعمل حارسا في منزل الكونت منزلنا منزل الزوجية
الماركيز : ولكن ربما شاع الأمر بين الناس ربما عرف الناس أنك أنك تقابلين الحارس .. وفي هذه الحالة .. أنا أقترح .. أقترح . أن تتزوجي الاثنان معا .
( يمر الكاهن في هذه الثناء )
الماركيز : هاهو الكاهن ... ها هو الكاهن .. أيها الكاهن أيها الكاهن .
الكاهن : ماذا يا ماركيز .. ما الأمر
الماركيز : لو أنكم تكرمتم يا سيدي الكاهن
الكاهن : ما الأمر
الماركيز : أرجو يا سيدي أن تصغي جيدا
الكاهن : إنني مصغ
الماركيز : إن ابنتي ديانا تحب الحارس
الكاهن تحب الحارس .. نعم .. هذا جائز .. وماذا أيضا
الماركيز : ولكنها طبعا لا تستطيع الزواج من الحارس بسبب التقاليد والأعراف .
الكاهن : وماذا أيضا
الماركيز : سوف تتزوج من الكونت ، وتبقى على علاقة سرية غرامية مع الحارس
الكاهن : معاذ الله.. معاذ الله .. نستغفر الله .. ما هذا الذي تقوله يا ماركيز .!! هل جننت .. وأنت أيها الكونت هل توافق
الكونت : ( يقهقه ) إنني موافق يا سيدي
الكاهن : هل توافقين أنت يا ديانا ..؟
ديانا : موافقة يا سيدي
الكاهن : وأنت أيها الحارس .. هل توافق
الحارس : موافق يا سيدي
الكاهن : ماذا أسمع .. لا أصدق ما اسمع .. ما الذي يجري
ماذا جرى للناس جميعكم مجانين .. مجانين .. لقد جننتم جميعا .. جننتم جميعا .
الماركيز : سيدي إذا لم تكن موافقا على علاقتهما السرية .. فاعقد زواجها على الاثنين معا ، وفي هذه الحالة لا يستطيع أحد من الناس أن يعلق أو يتفوه بكلمة واحدة . وهذا لا يقلل من شأني ومن شأن ابنتي .. فقد تزوجت كونتا وحارسا .. وليس حارسا فقط .. وإذا وافقت يا سيدي فسوف يكون زواجها مشروعا ولا يستطيع أحد الإساءة لي أو لابنتي .
الكاهن : لا أصدق ما أسمع .. لا أصدق ..
الماركيز : سيدي الكاهن
الكاهن : وماذا بعد
الماركيز : ابنتي تحب الحارس
الكاهن : فلتتزوج الحارس
الماركيز : كيف.. كيف .. ماذا سيقول الناس .. ابنة الماركيز تزوجت حارسا
الكاهن : فلتتزوج الكونت .. وتنسى الحارس
ديانا : رباه ... أنسى حبيبي ..؟ كيف أستطيع أن أنساه ... حبيبي .. حبيبي لن أنساه ( تعانق الحارس ) .
الكاهن : يجب أن تنسي الحارس
ديانا : تطلب مني المستحيل يا سيدي
الكاهن : تزوجيه إذن
الماركيز : أنا لا اسمح .. أن تتزوج ابنتي من حارس .. هل يرضيك أيها الكاهن أن تتزوج ابنتي من حارس
الكاهن : التمس للحارس من أجل أن يمنح لقبا
الماركيز : سوف يقول الناس لقد كان حارسا
الكاهن : يا بنيتي لا يستطيع كل إنسان أن يحصل على ما يريد
ديانا : إذن سأتزوج الكونت وأبقى أقابل الحارس سرا
الكاهن : نعم .. لالا ... آ .. كلا .. ماذا تقولين ..؟
ديانا : نعم .. ولن يعلم بذلك أحد .. فقط أنت ووالدي والكونت والحارس
الكاهن : دعوني أفكر ... ( يفكر الكاهن ويضع يده على جبينه ويفكر ثم يبدأ بالقهقهة ويقول )
آآآ .... صحيح ... يا لك من فتاه .. يا لك من فتاة
.
( يصفق المخرج فاروق ومساعده ويقهقه الجميع بتواصل فيما المخرج يحاول إيقاف البروفة .)
فاروق : ممتاز .. ممتاز ... برافووووو .. خلصت البروفة اليوم يا شباب ... يا شباب خلصت البروفة ( الجميع لا يزالون يقهقهون )
( ستار نهاية المسرحية )
مع تحيات الكاتب
يحيى الحباشنة[/align][/frame][/frame]
مسرحية من فصلين
فكرة وقصة : نبيل عطية
إعداد مسرحي وإخراج : يحيى الحباشنة
[frame="1 98"]إهداء الى الكاتب الساخر محمد سليم مع المودة .. القسم أنا ممنوع وموقوف من دخوله ، كنت أتمنى الرد على مقالاتك في قسم الأدب الساخر.. لكني لا استطيع الدخول الى ذاك القسم [/frame]
الفصل الأول
تفتح الستارة فيظهر على أقصى يسار المسرح قصر من القصور الفرنسية في القرون الوسطى ، وبجانبه حديقة صغيرة .
كما يوجد بضعة كراسي موزعة بشكل عشوائي هنا وهناك.
[ يدخل شاب في حوالي الرابعة والعشرين من العمر ويجلس على احد الكراسي ، وينظر إلى ساعة يده ، ثم ينهض ويتمشى ذهابا وإيابا ولا يزال بين اللحظة واللحظة ينظر إلى الساعة ، ويحمل أوراق ونصوص " إنه مساعد المخرج (أنور ) ].
أنور : الساعة صارت عشرة وعشرة ، وما حدا منهم شرًف
[ تدخل في هذه اللحظة فتاة في مقتبل العمر أنها نوال إحدى الممثلات ]
أنور : أهلا نوال .. ايش يا عم !! عم بتصيري أكابر .
نوال : (ضاحكة ) أنت في حياتك كلها مش ممكن تكون أكابر مثلنا ..مادام تبقى مساعد مخرج أستاذ أنور .
أنور :مش عارف ليش بتتأخرو عن البروفة ..!؟ ليش ..!!
[ يدخل شاب في الثلاثين من العمر إنه المخرج فاروق ]
أنور : آهلين أستاذ فاروق
نوال : آهلين أستاذ .
فاروق : وين الشباب !! الساعة عشرة وربع... رحاب ما وصلت لهلا ؟
أنور : لهلا ما اجت أستاذ .
فاروق : وزوجها المحترم ..؟
أنور : ليش زوجها رح ييجي معها ..؟ رح يشترك معنا في المسرحية ..؟
فاروق : أيوه يا سيدي .. الست مصرة زوجها يشتغل معنا .
أنور : لكن هو مريض .. مريض كثير
فاروق : الست مصرة يشتغل معنا .
أنور : أستاذ بيحكوا إنه مريض عقلي أستاذ ..معه انفصام في الشخصية .
فاروق : نعم يعني مجنون بالعربي ..
أنور : بتعرف أستاذ إني سمعت.. انو الانفصام أنواع ودرجات
فاروق : كله جنون ..كله جنون ..
أنور مادام مجنون يا أستاذ ليش وافقت يشتغل معنا ..؟ إحنا ناقصين هموم ..؟
فاروق : طول أمس وهي تترجاني وتتوسل اللي .. وأقنعتني إنه انقطاعه عن التمثيل ممكن يزيد الحالة المرضية عنده .. ووافقت مجبر .
أنور : وإذا سوى هيك ولا هيك .. أو ينقل إلنا المرض ..؟
فاروق : بنسحب من العمل فورا ، الفن فوق المشاعر الشخصية .
نوال : يا حرام ..المسكين كان من أشهر نجوم المسرح .. يا ترى شو السبب اللي خلاه مجنون ؟؟
أنور : ما في حدا بعرف ولا حتى زوجته بتعرف .. بجوز حسدوهم الناس على نجاحاتهم
فاروق : (بغضب ) الساعة عشرة ونص ..!! يا أبو شاكر ..يا أبو شاكر .
_( يخرج من جانب الخشبة رجل يهرول مسرعا )
أبو شاكر : أمر أستاذ فاروق
فاروق : يرضى عليك يا أخي أسعفنا بفنجان قهوة
( تدخل رحاب تتهادى في مشيتها وهي جميلة جدا وفاتنة في الخامسة والعرين من العمر )
رحاب : ( تحاول الابتسام ) مرحبا يا جماعه
الجميع : آهلين ست رحاب
فاروق : شو ..؟ السيد محمود ما بدو يشتغل ..؟
رحاب : لا.. لا.. لا هو جاي.. جاي .. آعد بشرب أنينة بارد عند الدكان وهلا بيجي .
نوال : و ... و .... شلونو كيف صحته هللا ..؟ انشاالله خف ؟.
رحاب : ( بامتعاض ) منيح كويس
أنور : ست رحاب .. السيد محمود رايح يشترك معنا في المسرحية .؟
رحاب : ( تنظر الى المخرج فاروق قبل أن تجيب ) .. أيوة
أستاذ فاروق ممكن دئيئة ..؟
( يذهب معها فاروق وينزويان قليلا في أحد الأركان )
رحاب : أستاذ فاروق .. أرجوك ... اعتبرها تجربة بس تجربة وبعدين نشوف شو بصير ..بليز فاروق
فاروق : يا ستي حاضر.. حاضر .. أنا حاضر بصير خير .
( في هذه الأثناء يدخل رجل في الأربعين له ملامح قاسية بعض الشيء ويقطب جبينه عابسا وهو ينظر الى رحاب وهي تقف الى جانب المخرج فاروق فيما يدخل أبو شاكر يحمل "فناجيل "القهوة ويهم بتقديم فنجان لمحمود الذي يأخذ منه بسرعة )
رحاب : محمود ... شو نسيت شو آل الطبيب ..؟ ما حكى ما تشرب الأهوسة ..؟
محمود : ( وهو يحدق بوجه رحاب بقسوة ملفتة ) نعم نعم هيك حكى الطبيب .. ( وهو يرتشف من الفنجان ثم يواصل بلهجة غريبة )
محمود : أيوة فعلا فعلا ..هيك آل الطبيب .. هيك حكى الطبيب .
فاروق : طيب طيب يا جماعة ما علينا .. كلكم قرأتم النص وتعرفوا إنه النص مأخوذ عن رواية هاوية الجنون للكاتب الفرنسي يحيى الحباشنة ، الديكور مثل ما انتوا شايفين ، هون قصر الماركيز وبجنبه هون حديقة القصر وهناك النافذة اللي تطل على حديقة القصر ، وهون كوخ الحارس حارس القصر .. كل واحد أكيد قرأ دورة صحيح أستاذ محمود ...؟ إنت الحارس مش هيك ..؟
( ينتفض محمود معترضا )
محمود : لا يا أستاذ فاروق .. أنا مش رح العب دور الحارس .
فاروق : كيف يا سيد محمود ..!! إحنا هيك وزعنا الأدوار
محمود : لا يا حبيبي
فاروق : بس احكي ليش لا أستاذ محمود ..؟
محمود : ليش ما آخذ دور الصياد .. ليش ما العب دور الصياد .؟
فاروق : يا سيد محمود ابنة الماركيز بدها تقع بحب الصياد وفي هاي الحالة لازم يكون الصياد وسيم جدا .
محمود : أنا مش وسيم أستاذ فاروق
فاروق : ( يلتفت الى الجميع ثم الى مساعد المخرج أنور )
إحنا ناسيين علاء ..وين علاء معقول لسه ما وصل ..؟
محمود : وليش الصياد لازم يكون وسيم جدا يا سيد فاروق ؟
فاروق : يا عزيزي ابنة الماركيز بدها تقع في الحب من النظرة الأولى ... ابنة الماركيز مش معقول تقع بحبه من النظرة الأولى إلا إذا كان حلو ، وسيم .
( يدخل علاء وهو شاب وسيم جدا في الخامسة والعشرين )
فاروق : آهلين علاء ..شو الحكاية متأخر كثير اليوم ؟
علاء : متأسف جدا أستاذ ، متأسف يا إخوان .
محمود : ( بحدة ) سيد فاروق .أنا بشع ..؟
فاروق : لا مش بشع لكن مش وسيم كثير .
محمود : ( وهو يحدق في الجميع بطريقة غريبة )
شو هيه الطريقة حتى يعرف الواحد منا درجة وسامته .. أو شو هيه النسبة المئوية لوسامتي يا أستاذ ..؟
فاروق ما فيش حد في العالم بيعرف النسبة المئوية لوسامته .. يعني لو كانت النسبة المئوية لوسامتي 34% مثلا لازم أتخيلها 72%
محمود : وهلا شو قررت أستاذ .؟
فاروق : قررت علاء يأخذ دور الصياد وأنت دور الحارس مثل ما وزعنا الأدوار .. لأنه ابنة الماركيز لازم تقع بحب شاب حلو كثير .. وبعدين بصراحة أكثر الجمهور بحب البطل يكون وسيم وحليوة .
محمود : ليش يا أستاذ ..؟ ليش الجمهور بحب البطل يكون حلو ..؟ مين تقصد الرجال ولا النسوان ..؟
فاروق : الرجال والنساء
محمود : الرجال يفضلوا البطل يكون وسيم ؟
فاروق : نعم ..نعم
محمود : كيف عرفت صحة هاي المقولة ..؟
فاروق : هيك لا حظنا من خلال إقبال الجمهور على أي رواية أو مسلسل
محمود : يا أستاذ هل كل متفرج من المتفرجين وسيم ..؟
فاروق : طبعا لا
محمود : ايش اللي بخلي الجمهور يتفاعل وينسجم مع المسرحية ..؟
فاروق : لأنه الجمهور بتخيل نفسه مكان البطل
محمود : وإذا كان المتفرج غير وسيم كيف بده يتخيل نفسه مكان البطل ..؟
فاروق : كل واحد منا يعتقد إنه وسيم ... المهم الموضوع طويل ومعقد.. كل واحد يوخذ مكانه شباب.
محمود : لكن لازم يكون فيه لحظة معينة ... نقنع فيها ابنة الماركيز ويقتنع فيها الجمهور إنه الوسامة مو كل شي .. .. في أشياء كثير أهم من الوسامة ... أنا أشهر ممثل في الشرق الأوسط ، والجمهور يا أستاذ بفضل الممثل البارع على الممثل الوسيم ضعيف التمثيل .
فاروق : أنت ممثل قدير ومشهور فعلا على مستوى الشرق الأوسط .. لكن الدور بناسب علاء ومش مناسب إلك .. أرجوك يا أستاذ محمود أرجوك .. يا ست رحاب احكي كلمه فهميه مشان الله .
رحاب : محمود حبيبي .. إنت نسيت إنه كل أدوارك ..كانت دور المجرم أو السفاح .. دائما كانت أدوارك دور الشرير .. الصياد يا حبيبي هون ... لازم يكون وسيم .. وثانيا طيب وبسيط وساذج .. ما قرأت النص ..؟
محمود : الفتاة حبت الأحدب الدميم في رواية أحدب نوتردام .
رحاب : نعم صحيح لكن ما حبته من النظرة الأولى .
محمود : ( يفكر قليلا ثم يلتفت إليهم ) .. طيب.. طيب ما عندي مانع نبدأ في البروفة .. لكن على شرط .. ابنة الماركيز بتحب الصياد في بداية المسرحية .. وبعدين أنا بدي أعدل على النص .. بدي أقترح بعض التعديلات .
فاروق : ( بامتعاض وتأفف ) طيب .. طيب .. يا جماعة خلينا نبلِش في البروفة .. اللي مش حافظ منيح بقدر يقرأ من النص أو.. بلقنه مساعد المخرج .
[ تبدأ البروفة ويحتل كل منهم موقعه ، ويقترب الصياد من النافذة التي وقفت عليها ابنة الماركيز .. والصياد ينظر إليها ويسير تحت النافذة وينظر إليها وهي تبتسم له وتغمز ثم تختفي قليلا .. وقبل أن يكمل سيره تعود الى النافذة من جديد وتنظر إليه نظرات تتفجر إغواء .. ويتقدم الصياد ويقف تحت النافذة وينشد الأبيات التالية ]
الصياد : غرامك حملني يا حبيبة ما لا أطيق
رأيت الطريق ممهدة فسلكت الطريق
رأيت بريق حصاها يفوق بريق العقيق
مشيت فأدمى الحصى قدمي وغاب البريق
[ في هذه الأثناء يلتفت الحارس ، والذي من المفروض أن يأكل من الطعام الذي جلبته خادمة القصر ، في مكان بعيد لإلهائه عن المنظر حتى تعمل ابنة الماركيز ما تشاء دون علمه ، لكن المخرج فاروق يطلب وقف التمثيل ]
فاروق : يا سيد محمود أرجوك .. لا تتطلع لهون .. لا تراقبهم المفروض إنك مش شايف الصياد .
محمود : طيب.. طيب ..استمروا يا جماعة
( فاروق يشير لهم بالمتابعة .. ويعود الصياد وابنة الماركيز ثم تعتيم دلالة على مرور فترة زمنية للمشهد ويظهر الصياد في غاية الوله والوجد وهو يقف تحت النافذة وابنة الماركيز تبتسم له وتقوم بإغوائه )
الصياد : غرامك علمني يا حبيبة كيف أسير
غرامك علمني أن أمارس نذر النذور
وعلمني كيف تخبو البروق وكيف تغور البحور
وعلمني أن أصل الخليقة كانت قديما بغير شرور
***
ولما عشقت اكتشفت بأن هناك سماء وفيها مطر
وأن هناك من يترصد خطو البشر
عصي السمات رهيب غريب يسمى قدر
محمود : ( يتوقف عن الصمت وينفعل ويصيح )
هاذ مو تمثيل مش تمثيل .. سيد فاروق مش هيك التمثيل .. إحنا ما بنلعب هون أحنا نشتغلهون ... وهادا مو تمثيل أبدا .
فاروق : يا سيد محمود أنا اللي يقرر إذا كان هذا تمثيل ولا لا.. أنا اللي يقرر أنا مخرج العمل يا أستاذ .. أرجوك ارجع مكانك .. كمل يا علاء بليز هدوء للجميع .
( يتقدم الصياد تحت النافذة ويكمل )
الصياد : حبيبة هلا سمعت اعترافي ..؟
أحبك جدا وحبي خرافي
وليس ولوعي فيك بخاف
ليس ولوعك فيً بخاف
فكيف يجوز ابتعاد
وكيف يجوز لتجافي .
( محمود يبقى في مكانه ولا يتحرك ولا يشارك في التمثيل ويبدو غاضب جدا )
رحاب : ( وهي تخرج من القصر ) .. ليش ما بدك تشترك في البروفه حبيبي ..؟
محمود : لأنه عندي اقتراح مهم
رحاب : شو اقتراحك ..؟
محمود : بدي ابنة الماركيز تتوقف عن الصياد بصرعة وتحب الحارس
رحاب : يا سلام !!! وليش يا عبقري ..؟
محمود لأنه في الحياة الواقعية الحقيقية مش كل واحد بتجوز اللي بده إياها أو اللي بحبها .. ولا كل وحده بتاخد اللي بدها بدها وعلى مزاجها .
رحاب : الناس يهربوا من الحياة الواقعية اللي بتحكي عنها ومن فوضاها وضجيجها .. ويهربوا لعنا لهون على المسرح .. بدهم يشوفوا النظام في المسرح .
محمود : معنا كلامك إنه إحنا بدنا نخدع الجمهور
رحاب : الجمهور حاب نخدعه .. هو بدفع فلوس مشان نخدعه ..ليش بدك تحرمه من متعة أنو ينخدع .؟ليش تحرمه من متعة أنو يخدع نفسه .
محمود : هيك ما بعود عند الجمهور القدرة على تحمل صدمات الحياة .. ومفاجآت القدر .. إحنا لازم نقوي عندهم القدرة على التحمل
رحاب : يا حبيبي إحنا بهمنا ينبسط الجمهور ويضحك ويفرفش .
محمود : أنت بهمك التذكرة وشباك التذاكر
رحاب : أنا فنانه
محمود : إنتوا تجار
رحاب : أنا برهق نفسي وبتعب على شان أتقن دوري .. إنت بتعرف إني بروح البيت مرهقة ومتعبه .. وبتعرف إنه الدكتور طلب مني ما أرهق نفسي زيادة عن اللزوم .
محمود : كله مشان الفلوس .. مشان الفلوس
رحاب : بعدين تعال لهون أنا مثلت المأساة مش بس الكوميديا
محمود : نعم صحيح المأساة المنظمة المرتبة .. مش ممكن تكون مثل المآسي الفوضوية الحقيقية في الحياة الواقعية
رحاب : شو هيه المأساة المنظمة ؟
محمود : المأساة اللي بموت فيها البطل أو البطلة في نهاية المسرحية .
رحاب : ومتى بدك البطل أو البطلة يموت ..؟
محمود : في البداية ..في الوسط .. أثناء العرض المسرحي
رحاب ونسكر الستار ..ونحكي للناس روحوا ..المسرحية خلصت .
محمود : لا طبعا نكمل العرض لكن بشكل مختلف .
رحاب : إذا بتراجع الكاتب مو إحنا .
محمود : إنتوا تشجعوا كاتب النص
رحاب : بدك نرفض كل النصوص ..؟
محمود : لا يا ستي بنستنا نص مناسب
رحاب : النص المناسب بركض لعندنا ... مش ضروري ندوِر عليه .. إنت يمكن بتدور وتبحث على نقطة أو لحظة معينة في العمل تقنع فيها الجمهور ... هاي اللحظة مو موجودة في النص .
محمود : اللحظة اللي لازم نفهم الناس وابنة الماركيز فيها إنه الوسامة والجمال مش كل أشي .. هلا مش موجودة في النص اللي بين أيدينا ..لكن اللحظة هاي ما بتيجي على طبق من ذهب .
رحاب : وشو بدك هللا ..؟ فهمنا
محمود : بدي توقفي عن حب الصياد فورا وتحبيني أنا .. بقصد توقفي عن الصياد وتحبي الحارس .
فاروق : يا سيد محمود .. أنا اللي يقرر مو إنت لو سمحت
محمود: وأنا يا سيدي مصر .
فاروق : وأنا بعتذر .. وبنسحب من العمل كله .. أنا مش ممكن أعمل بهيك ظروف ( يحاول الخروج تمسك به رحاب عند الباب ويتحدثان بصوت خافت ورحاب بغنج ودلال )
رحاب : فاروق.. فاروق بالله توئف استنا شوي .. مشاني.. مشاني أنا ترجاك
فاروق : ست رحاب أنتي بتسببي لي في إحراج ..
رحاب : إنت عارف إنه مريض
فاروق : وأنا ما بدي أعرض أسمي الفني للهبوط في عيون الناس .
رحاب : إحنا بناسهم في علاجه فاروق أرجوك ساعدني .. أنا من غيرك شو ممكن أعمل .؟
فاروق : يا رحاب محمود من الصعب علاجه
رحاب أرجوك لا تخليني أأطع الأمل .. بليز فاروء على شان خاطري
محمود : آعدين تحكوا عني ..مش هيك تحكوا..؟ إني أنا مجنون ..؟
رحاب : عم بناقش فكرة المسرحية ونتناقش في اقتراحك .
محمود لا حبيبتي تحكوا إني مجنون .
رحاب : ليش إنت مجنون يا محمود؟
محمود : إنتوا والأطباء المجانين
فاروق : أرجوك يا سيد محمود ..أهدى شوي
محمود : أنا هيك هادئ
فاروق : فهمني بالتفصيل الممل شو اللي كنت بدك توصله إلي شو اللي بدك إياه ..؟
محمود بدي ابنة الماركيز تترك الصياد وتهجره .. وتحب الحارس
فاروق : هيك بدون سبب ..
محمود : أيوه بدون سبب
فاروق : طيب يا سيدي خلينا نفترض مثلا ... إنه في سبب ... مثلا يعني ابنة الماركيز لما بتشوف طيور مقتولة .. بأيد الصياد ..وأيديه ملطخة بالدم .. يمكن في هاي الحالة تنفر من الصياد .. وكمان لازم نبحث عن سبب ثاني منشان تتعلق في الحارس
محمود : أنا بعترض .. غير موافق .
فاروق : ايش يا أستاذ .. ليش مش موافق .
محمود : ابنة الماركيز تهجر الصياد فورا ..أنا هيك بشوف
فاروق : وتحب محمود مش هيك بدك ..؟
محمود : أنا بعترض وبشدَة .. مش ممكن .
فاروق : شو يعني تعترض ..وشو مش ممكن ؟
محمود : يعني لازم ابنة الماركيز توقف عن حب الصياد .. بأي طريقة
فاروق : وتحب محمود .... قصدي تحب الحارس
محمود : بفكر بعدين مين تحب .. لكن لازم توقف عن حب الصياد .
فاروق : لكن هيك توقف من غير سبب ..؟
محمود أيوه من غير سبب توقف عن حب الصياد
فاروق : لكن الجمهور رح يتساءل .. ليش هجرت الصياد !!
محمود : أنا بدي الجمهور يتساءل .. أنا بدي الجمهور يتساءل
فاروق : والجواب يا سيد محمود .؟
محمود : بدي الجمهور يتساءل من غير ما يلقى جواب
فاروق : مش معقول يا سيد محمود .. مش معقول .. يعني ممكن اقتراحك هذا موجود في الحياة الواقعية .؟
محمود : طبعا موجود في الحياة الواقعية
فاروق : هل في الحياة الواقعية .. بنت الباشا أو بنت من بنات الأكابر والشخصيات الكبيرة .. تهجر اللي بتحبه من غير سبب ..؟
محمود : ايوه ممكن
فاروق : كيف .. أفدني أفادك الله
محمود : إنجنت
فاروق مين اللي نجن ..؟
محمود ابنة الماركيز ..
فاروق : ( بحماس وبسرعة ) رائع عظيم .. ممتاز .. انجنت .. والله فكره .. أكيد رح نحل الإشكال ونوصل لنتيجة لكن أستاذ محمود لازم يكون في سبب لجنونها
محمود : مش ضروري .. انجت وخلص .. هيك من دون سبب
فاروق : بتعرف جدا إنجن من دون سبب .؟
محمود : نعم فيه .. فيه كثير ناس انجنوا من غير سبب صديقي عادل .
فاروق : عادل مين
محمود : صديقي من أيام الثانوية ..
فاروق : انجن من غير سبب ؟
محمود : نعم من غير سبب وما حدا من الناس عرف سبب جنونه .. ولا حتى الأطباء عرفوا السبب
فاروق : لكن لازم يكون في سبب
محمود : والأطباء ما عرفوا السبب
فاروق : اسمع يا سيد محمود .. خلص.. خلص .. أرجوك .. مثل ما بدك رح نخلي ابنة الماركيز تترك حب الصياد ..
رحاب : ومين بدها تحب ..؟
محمود : تحبيني أنا قصدي تحبي الحارس مبدئيا .. وبعدين نشوف شو بصير .
رحاب : أنت ما تؤمن بالحب ..؟
محمود : طبعا لا
رحاب : وكيف طلبت أيدي وتزوجتني ..؟
محمود : حسيت إني بحاجه إلك
رحاب : إلي أنا بالذات ..؟
محمود : طبعا إلك أنت بالذات
رحاب : وما كان في غيري فيها نفس المواصفات ؟
محمود : بالتأكيد في كثير مثلك ، لكن أنا ما عرفت منهم حدا إلا أنت
رحاب : يعني كنت بحاجه إلي ..؟
محمود : نعم ..نعم أنا بحاجه إلك .. أنا بحس بالسعادة معك أنا تزوجتك من شاني وإنتي تزوجتيني من شانك .
رحاب : أنت ما بتهمك سعادتي ..؟
محمود : لما بتكوني سعيدة أنا بكون سعيد أكيد بتهمني سعادتك .
رحاب يعني ما تؤمن بالحب ..؟
محمود : إذا سميت الحاجة حب أنا أؤمن بالحب .
فاروق : أنا شايف إنه ما رح تطلعوا بنتيجة .
محمود : أنت يا سيدي فنان كبير ومعروف ورحاب فنانة كبيرة ومعروفة وكلنا فنانين لكن مو فلاسفة ..لو استعملنا أساليب الفلاسفة مش رايحين نوصل لنتيجة ..أنا فنان وعندي الحدس مثلا يعتبر أهم من التحليل الذهني .. أنا بتمتع بحدس قوي جدا ومشان هيك أنا مخرج معروف ومشهور ومتفوق .
محمود : يعني أنت تؤمن بالحب ..؟
فاروق : طبعا
محمود : يعني بتحب الوحدة لأنها جميلة .؟
فاروق : مش ضروري الجمال
محمود : لأنه عندها مواهب عقلية خاصة .؟
فاروق : مش ضروري كمان .
محمود : طريقة خاصة بالتفكير .؟
فاروق : برضه مش ضروري
محمود : لعاد شو ..؟
فاروق : في سبب .. لكن مش ممكن أقدر أعبر عنه سبب غير الجمال ونوع الشخصية والحركات والعقلية
محمود : يعني لسه ما كشفه العلم .. ولا كنت بتجاوبني بسرعة
فاروق : صحيح
محمود : أنت حكيت إنك تؤمن في الحدس
فاروق : ايوه
محمود : تؤمن بالعلم وبالحدس .. مش هيك .؟
فاروق : صحيح
محمود : يعني العلم مو كل شي .. مش ممكن يكون كل شي
.. على كل حال أستاذ محمود ارجع اقرأ المسرحية ، وعدل مثل ما بدك ، واعتبر الفصل الثاني كله من تأليفك .. أنا لازم أروح البيت .. أنا لازم أروح البيت
( ستار )
نهاية الفصل الأول
الفصل الثاني
تفتح الستارة على نفس الديكور، ونشاهد الحارس يجلس في مكانه قرب بوابة القصر، والمخرج والمساعد يجلسان في الجهة القريبة للجمهور.. ويظهر الصياد واقفا تحت نافذة القصر ويذرع المكان ذهابا وإيابا بقلق واضح ونافذة القصر مغلقة، يجري تعتيم دلالة على مرور فترة زمنية على انتظاره وعودته، ثم يخفض ركبتيه قليلا وينشد هذه الأبيات فيما النافذة لا تزال مغلقة
الصياد : يراودني يا حبيبة انك لست كما كنت قبلا
يراودني أن ظلي ثقيل وأن انفعالك أصبح ضحلا
وان خصوبة عينيك تخبو وتوغر قحلا
يراودني أن رأيك في تغير روحا وشكلا
يراودني أنني يا حبيبة أني ما عدت أهلا
*******
( يسير ويذرع المكان ثم يعود من جديد تحت النافذة وينشد )
يراودني يا حبيبة أن أتوسم فيك البقاءَ
يراودني يا حبيبة أن أتوسل أن أتضرع
أن أستحيل إممحاءأ
يراودني يا حبيبة أن أطيل الرجاءَ
تضلي لروحي عطرا .. تضلي لناري ماءا
( يعود ليذرع المكان من جديد ذهاب وإياب ثم يعود )
الصياد : يراودني يا حبيبة
أن العلاقة بيني وبينك تؤذن بالانتهاء
وأن الكلام وكل الكلام تلاشى هباء
وأن حياتي وموتي سواء
وأن العزاء هو الاختفاء
وكل جديد ... إلى .. إهتراء
( تظهر ابنة الماركيز وهي تفتح النافذة وتنظر الى الصياد بجفاء )
ابنة الماركيز : ما الذي جاء بك يا هذا ..؟
الصياد : تقولين ما الذي جاء بي .. !! ما الذي جاء بي .. أنا ... أنا .. ولكنني .. لم ألمحك منذ أيام
ابنة الماركيز : ما الذي تقصده بأنك لم تلمحني منذ أيام ..؟
الصياد : أنسيتي ..!!
ابنة الماركيز : نسيت ماذا ؟
الصياد : أقصد هل نسيتي يا
ابنة الماركيز : ( وهي تقهقه بصوت عالٍ ثم تصمت فجأة ) ألا تغرب عن وجهي يا هذا ؟
الصياد : أنسيتي... يا ... ( تقاطعه قبل أن يكمل )
ابنة الماركيز : أتغرب عني .. أم أطلب الحارس ؟
الصياد : تطلبين الحارس ؟
ابنة الماركيز : نعم ، أطلب الحارس
الصياد : وهل نسيتي ما كان بيننا ؟
ابنة الماركيز : قل ما عندك .. وبسرعة ماذا تريد ..؟
الصياد : ولكنك يا آنستي .. إبتسمتي لي .. وأصغيتِ لأشعاري
ابنة الماركيز : لقد ابتسمت قبلك لكثير من الرجال ولقد أنشدوني شعرا وأصغيت لأشعارهم .. اسمع .. لقد ابتسمت لك نعم شجعتك على مغازلتي نعم .. أتعرف لماذا ..؟
الصياد : لماذا يا آنستي ؟
ابنة الماركيز : فأعلم إذن .. لكي أعرف ماذا عندك ومن أنت وكيف تفكر ... وماذا يحتوي رأسك الصغير من أفكار عن العالم ، والوجود ، والناس .
الصياد : ولكن لقد بدا على وجهك التأثر الشديد والانفعال الكبير.
ابنة الماركيز : عندما أتفرج على مهرج في سيرك ... يظهر على وجهي التأثر والانفعال.. وعندما أنظر إلى سحابة توشك أن تحجب الشمس يظهر على وجهي التأثر والانفعال .
الصياد : ولكن يا آنستي هؤلاء الذين شجعتهم سوف يقولون .. : لقد غازلنا ابنة الماركيز
ابنة الماركيز : لن يسمعهم أحد ..( تقهقه بصوت عالِ)
أيها الحارس أيها الحارس
( يهرول الحارس ويهرب الصياد ويختفي )
الحارس : ( مهرولا ) هل طلبتني سيدتي ..؟
ابنة الماركيز : نعم
الحارس : ماذا تأمر سيدتي .؟
ابنة الماركيز : تطرد عني ذاك الصياد الأحمق
الحارس : ماذا كان يريد الصياد .؟
ابنة الماركيز : أحسبه صيادا مجنونا
الحارس : أين هو الآن .. أين هو الآن ..؟
ابنة الماركيز : هرب وولى ... حسنا فاسمع
الحارس : ماذا تأمر سيدتي ؟
ابنة الماركيز : ( تبتسم ثم بغنج وإغواء ) أريد أولا أن تكف عن مخاطبتي بسيدتي .
الحارس : ماذا تعدني سيدتي ؟
ابنة الماركيز : أحسبك ذكيا كي تفهم
الحارس : لكن .. يا سيدتي لم أفهم !
ابنة الماركيز : حسنا قلي .. هل أبدو جميلة ..؟
الحارس : نعم ... لم ... لا... لا أذكر يا سيدتي أني رأيت جمالا يضاهي جمالك
ابنة الماركيز : منذ متى تعرفني ؟
الحارس : منذ عشرين عاما .. أما أنت فتعرفينني منذ ستة أعوام فقط .. عندما بدأت ميولك للجنس الآخر .
ابنة الماركيز : ولكني أذكرك منذ كنت في الخامسة
الحارس : لم تكوني تعرفيني .. كنت تعرفين الحارس فقط .
ابنة الماركيز : إذن أنا جميلة .؟
الحارس : سبحان خالق السموات والأرض
ابنة الماركيز : ( بصوت مرتفع وجنوني ) أنت إذن واقع في غرامي أيها الحارس
الحارس : ماذا تعنين ؟
ابنة الماركيز : أنت إذن تحبني
الحارس : ماذا ..؟ حسنا.. حسنا ... أحبك .. ؟ أحبك .. إنني أحبك حبيبتي ... لكن يا حبيبتي متى .؟
ابنة الماركيز : ( بسرعة ولهفة ) متى ماذا ؟
الحارس : متى نتقابل يا حبيبتي ..؟
ابنة الماركيز : الآن.. الآن .. وليس غدا .. انتظرني بجانب حديقة القصر .. إني قادمة يا حبيبي .
( يسرع الحارس نحو حديقة القصر فيما تخرج هي من القصر وتهرع إليه يتعانقان ، أثناء ذلك يجفلان عندما سمعا صوت قهقهة عالية من أناس قادمين ، يتظاهر الحارس بأنه يمشي وتتظاهر ابنة الماركيز بأنها تتأمل وردة ، ويظهر الماركيز يرافقه الكونت جان )
الماركيز : كيف حالك يا ديانا .. إنها ابنتي ديانا
ديانا : ( وهي تقهقه ) إنني بخير يا والدي .
الماركيز : تعرفين طبعا الكونت جان .. إنه من مشاهير الرجال في فرنسا .
ديانا : ( وهي تقهقه ) هذا الكونت هذا الكونت .. ( وتواصل القهقهة فيما الماركيز بصوت عالِ )
الماركيز : ما الذي وحق السماء أضحكك ..؟ ( تقطب وتعبس فجأة )
الماركيز : أرجو أن تعلمي يا أبنتي أن الكونت تقدم بطلب يدك للزواج .. لقد حدثني في الموضوع وقلت سوف نسألها إن كانت توافق .. أجيبي يا أبنتي هل توافقين ..؟
ديانا : ( بسرعة ودون تردد ) أوافق يا والدي أوافق ولكن بشرط صغير تافه .
( تقهقه بصوت عالِ وكذلك الماركيز الذي هجم على الكونت يصافحه ويهنئه )
الكونت : وما هو هذا الشرط الصغير أيتها الملاك .؟
ديانا : أن أبقى على علاقتي السرية الغرامية مع الحارس أن التقي به سرا ، ولن يعلم بذلك أحد سوى زوجي وأنت يا والدي .
الماركيز : ( وهو ينظر الى الكونت الذي تغيرت ملامحه ) إنها تمزح أيها الكونت ( يقهقه ) إنها تمزح .. إنك تمزحين تمزحين ( يقهقه )
ديانا : لست أمزح يا والدي .. لست أمزح أيها الكونت
الكونت : أنت والله فتاة مرحة يا ديانا .
الماركيز : ( بجدية ) ماذا تقصدين ؟
ديانا : أقصد أنني أنا والحارس على علاقة حب
الماركيز : وماذا أيضا ؟
ديانا : ( بلهجة ممطوطة ) .. ممممم حسنا .. حسنا .. ما دامت الأعراف والتقاليد والاتيكيت يا والدي العزيز ، تحول بيني وبين الزواج من حبيبي الحارس ، فإنني أقبل الزواج من الكونت .. لكن بشرط هو أن أبقى على علاقتي السرية مع الحارس .
الماركيز : تبقين على علاقة سرية مع الحارس .؟
الكونت : تبقين على علاقة سرية مع الحارس ؟
ديانا : نعم .. ولكن ماذا أصابكما .. لقد شرحت الأمر .. قلبي يا والدي .. هل يصح أن تتزوج إبنة ماركيز من حارس .؟
الماركيز : أعوذ بالله .. لا..لا.. طبعا لا .
ديانا : وهل يصح أن تتزوج الفتاة ممن لا تحب ولا ترغب ؟
الماركيز : كلا ..كلا ...
ديانا : إنني أحبه يا والدي .. أحبه .. وبما أنه من غير اللائق وغير المعقول ومن المنافي للمنطق السليم أن أتزوج من الحارس ، فمن المنطق أيضا أن أتزوج من الكونت .. أتزوجه وأبقى على علاقة سرية مع الحارس ، ولا يعلم بذلك الا زوجي وأنت يا والدي .
الماركيز : ولكن آآآآآآ آآآآ ولكن .. حسنا دعوني أفكر .. قلتِ أنك تحبين الحارس ..؟
ديانا : أحبه... أحبه ... أحبه
الماركيز :
( يفكر ويضع يده على جبينه ويخفض رأسه ثم يرفع راسه فجأة )
حقا.. حقا ... يا لك من فتاة نابغة ومنطقية .. حقا.. حقا .. هل سمعت يا كونت جان ..؟ إن العادات والتقاليد والأعراف تحول دون زواجها من حارس .. نعم.. نعم لا يجوز .. لكنها تحبه.. تحبه ... إذا ما العمل ؟ العمل ؟ .. لا بد أن نجد حلا ..
( يضحك بجنون ) يا لك من فتاة نابغة .. ماذا تفعل يا كونت .. المنطق السليم يقول أن تقبل بك زوجا .. وتبقى على علاقة سرية مع الحارس ( يقهقه بأعلى صوته ) يا لك من فتاة .. لكن قولي لي يا ابنتي .. ولماذا يجب أن تكون العلاقة سرية .. ولا يعرف بها غير والدك والكونت ..؟ لماذا لا تقابلين الحارس علنا .. نعم علنا وأمام جميع الناس .. ما الذي يمنع .؟
ديانا : يا والدي الحبيب .. ليس جميع الناس يتمتعون برجاحة عقلك ورجاحة عقل الكونت ، بعض الناس محدودي التفكير ، وضيقي الأفق سوف يستهجنون هذا العمل ، سوف يقولون أن علي أن أكبت مشاعري وأكبت نفسي وحبي ، وأتزوج الكونت إذا كنت فتاة شريفة .. لا يهمهم ما سوف يطرأ من تشوه على نفسي وأعماقي وما سنغرس في داخلي من عقد نفسية .. ولا يفهمون أن كل فرد من أفراد البشرية يجب أن يبقى نقي النفس والفؤاد والروح .. بعضهم لا يفقه يا والدي .. يقترح أن أقذف بالعادات والتقاليد والأعراف جانبا .. وأرفض الكونت وأصر على الزواج من الحارس .. وليحصل ما يحصل .. ليس يهمهم نظرات التحقير التي ستوجه إلَي من المعارف والأغراب والتي ستؤثر على نقاوة روحي وفؤادي ونفسي .. وتشوه نفسيتي هكذا يقول الآخرون .
الماركيز : وما هو رأي الكونت ؟
الكونت : ماذا ؟؟ ماذا تقول !! .ما الذي اسمعه .! ما هذا .. كيف ؟ إنني لا أوافق لا أوافق .. كيف أوافق على فتاة تحب رجلا آخر ومن ؟؟؟ ... إنه الحارس .. وتعترف بذلك بصراحة نادرة أنها تحب رجلا آخر ..!! كيف أوافق كيف ..؟
الماركيز : هل تحبها أيها الكونت ..؟
الكونت : آ..نعم .. نعم .. أحبها .. أحبها .. ولن يكون لحياتي معنى بدونها .. ولكن .. ولكن
الماركيز ولكن ماذا ؟ هي تحب الحارس ألم تسمع بأذنك.
الكونت : ما العمل ؟؟
الماركيز : تتزوجا
الكونت : وتبقى على علاقة مع الحارس .؟
الماركيز : وهل تريدها أن تقابل الحارس دون علمك وإعلامك ؟
الكونت : كنت أقتلها
الماركيز : في هذه الحالة لا داعي لأن تتزوجا
الكونت : لكنني أحبها .. أحبها ( يبكي وينتحب ) أحبها.
الماركيز : ما العمل إذن ؟
الكونت : ( وهو يفكر بعمق ويضع يده على جبينه ) العمل هو ... العمل ... آآآآ .... دعوني أفكر ..
( ثم يقهقه قهقهة تدريجية تتصاعد حتى تصبح قهقهة عالية جنونية ) حقا .. إنكما على صواب .. إنكما على صواب .. يا لي من غبي أحمق .. إنكما على صواب .
( خلال ذلك يكون الحارس واقفا على مسافة بعيدة يلتفت الماركيز نحوه وينظر إليه بمودة وحب )
الماركيز : أيها الحارس .. أيها الحارس .. اقترب .. اقترب
( يقترب الحارس )
الحارس : ماذا يأمر سيدي الماركيز .؟
الماركيز : أخبرني قلي أيها الحارس .. هل حقا إنك تحب ابنتي ديانا ..؟
الحارس : سيدي .. إنني لا أستطيع أن أفارقها لحظة واحدة
الماركيز : هل سمعت أيها الكونت ..؟ قال لا يستطيع أن يفارقها لحظة واحدة .
الكونت : ولكن أنا أيضا لا أستطيع أن أفارقها لحظة واحدة
الماركيز : ما العمل
ديانا : سوف يترك العمل كحارس عندك يا والدي ويعمل حارسا في منزل الكونت منزلنا منزل الزوجية
الماركيز : ولكن ربما شاع الأمر بين الناس ربما عرف الناس أنك أنك تقابلين الحارس .. وفي هذه الحالة .. أنا أقترح .. أقترح . أن تتزوجي الاثنان معا .
( يمر الكاهن في هذه الثناء )
الماركيز : هاهو الكاهن ... ها هو الكاهن .. أيها الكاهن أيها الكاهن .
الكاهن : ماذا يا ماركيز .. ما الأمر
الماركيز : لو أنكم تكرمتم يا سيدي الكاهن
الكاهن : ما الأمر
الماركيز : أرجو يا سيدي أن تصغي جيدا
الكاهن : إنني مصغ
الماركيز : إن ابنتي ديانا تحب الحارس
الكاهن تحب الحارس .. نعم .. هذا جائز .. وماذا أيضا
الماركيز : ولكنها طبعا لا تستطيع الزواج من الحارس بسبب التقاليد والأعراف .
الكاهن : وماذا أيضا
الماركيز : سوف تتزوج من الكونت ، وتبقى على علاقة سرية غرامية مع الحارس
الكاهن : معاذ الله.. معاذ الله .. نستغفر الله .. ما هذا الذي تقوله يا ماركيز .!! هل جننت .. وأنت أيها الكونت هل توافق
الكونت : ( يقهقه ) إنني موافق يا سيدي
الكاهن : هل توافقين أنت يا ديانا ..؟
ديانا : موافقة يا سيدي
الكاهن : وأنت أيها الحارس .. هل توافق
الحارس : موافق يا سيدي
الكاهن : ماذا أسمع .. لا أصدق ما اسمع .. ما الذي يجري
ماذا جرى للناس جميعكم مجانين .. مجانين .. لقد جننتم جميعا .. جننتم جميعا .
الماركيز : سيدي إذا لم تكن موافقا على علاقتهما السرية .. فاعقد زواجها على الاثنين معا ، وفي هذه الحالة لا يستطيع أحد من الناس أن يعلق أو يتفوه بكلمة واحدة . وهذا لا يقلل من شأني ومن شأن ابنتي .. فقد تزوجت كونتا وحارسا .. وليس حارسا فقط .. وإذا وافقت يا سيدي فسوف يكون زواجها مشروعا ولا يستطيع أحد الإساءة لي أو لابنتي .
الكاهن : لا أصدق ما أسمع .. لا أصدق ..
الماركيز : سيدي الكاهن
الكاهن : وماذا بعد
الماركيز : ابنتي تحب الحارس
الكاهن : فلتتزوج الحارس
الماركيز : كيف.. كيف .. ماذا سيقول الناس .. ابنة الماركيز تزوجت حارسا
الكاهن : فلتتزوج الكونت .. وتنسى الحارس
ديانا : رباه ... أنسى حبيبي ..؟ كيف أستطيع أن أنساه ... حبيبي .. حبيبي لن أنساه ( تعانق الحارس ) .
الكاهن : يجب أن تنسي الحارس
ديانا : تطلب مني المستحيل يا سيدي
الكاهن : تزوجيه إذن
الماركيز : أنا لا اسمح .. أن تتزوج ابنتي من حارس .. هل يرضيك أيها الكاهن أن تتزوج ابنتي من حارس
الكاهن : التمس للحارس من أجل أن يمنح لقبا
الماركيز : سوف يقول الناس لقد كان حارسا
الكاهن : يا بنيتي لا يستطيع كل إنسان أن يحصل على ما يريد
ديانا : إذن سأتزوج الكونت وأبقى أقابل الحارس سرا
الكاهن : نعم .. لالا ... آ .. كلا .. ماذا تقولين ..؟
ديانا : نعم .. ولن يعلم بذلك أحد .. فقط أنت ووالدي والكونت والحارس
الكاهن : دعوني أفكر ... ( يفكر الكاهن ويضع يده على جبينه ويفكر ثم يبدأ بالقهقهة ويقول )
آآآ .... صحيح ... يا لك من فتاه .. يا لك من فتاة
.
( يصفق المخرج فاروق ومساعده ويقهقه الجميع بتواصل فيما المخرج يحاول إيقاف البروفة .)
فاروق : ممتاز .. ممتاز ... برافووووو .. خلصت البروفة اليوم يا شباب ... يا شباب خلصت البروفة ( الجميع لا يزالون يقهقهون )
( ستار نهاية المسرحية )
مع تحيات الكاتب
يحيى الحباشنة[/align][/frame][/frame]
تعليق