تداعيات انتحار الموت
شِعر : مُختار الكَمالي
شِعر : مُختار الكَمالي
[poem=font=",6,,normal,normal" bkcolor="transparent" bkimage="" border="none,4," type=1 line=0 align=center use=ex num="0,black""]
شَغَلتني بحُبِّهَا (آلاءُ) = أم تَوَهَّمتُ , أم هيَ الأهواءُ ؟
يا لَعُودٍ مِن الأراكِ تَلوَّى = في شِفَاها , هُوَ الشِّفَا و الدَّاءُ
إنْ أراها تَدِبُّ فيَّ حَياةٌ = مِلء روحي , و كَمْ يَدِبُّ حَياءُ
حَجْمَ ما فيَّ من عَتيقِ هواها = حَجْمَ ما شبَّتْ بيننا الأشياءُ
نارَ شَوقٍ و حُرقةٍ و جُنونٍ = و دُمُوعٍ يضيقُ منها الفَضَاءُ
و مواعيدَ ما أُحَيلى حَلاها = و الثَّواني التي تمرُّ شِفاءُ
يا حبيباً يقولُ لي كُلَّ يومٍ = أنتَ نهرٌ و نخلةٌ فرعاءُ
خُلِقَ العشقُ كي يكونَ لِكُلِّ الـ = ـخَلقِ فيهِ منَ العَفافِ رِدَاءُ
يُولَدُ الشِّعرُ و الهَوى عُذَرِيٌّ = لِتُبَاهي بذلك َالعَذارءُ
هذهِ الحالُ حالُ كُلِّ مُحِبٍّ = و حَبيبٍ تَحُفُّهُ الآلاءُ
*=*
غيرَ أنَّ الذينَ ينضَحُ منهم = مَوتُ أطفالهم و لا أنباءُ
هَجَمَ الموتُ و الرَّغيفُ عليهم = يا حياءً , أليسَ فيكَ حَياءُ ؟!
لَفَّ منهم على البُطونُ حِجَار = حَدَّ لُفَّتْ على الحصى الأحشاءُ !
كُلُّ طفلٍ لديهمو و رَضيعٍ = أرضعتهُ من قيحَها الأثداءُ !
فرطَ ما جارت الحياةُ تَمَنُّوا = أنْ يُطالوا بأنَّهم "فُقَراءُ"
كُلُّ أُمٍّ ترى بنيها جِياعاً = تَتَشَظَّى و يُذبَحُ الآباءُ
كيفَ يحيونَ و الأطيفال مرضى = و على بُعدِ ألفِ عُمرٍ دَواءُ
و يحارونَ ما يبيعونَ عُضواً = لِغَنَيٍّ .. و تُعرَضُ الأعضاءُ
هَل كِلاهُم أم العُيونُ أم الأكـ = بادُ , منهم , لكي يكونَ بقاءُ !
و يفتُّونَ للأُطيفالِ أكبا=داً لكي لا .. وَ يُجبَرُ الأبناءُ
أنْ يناموا على الطَّريقِ عُرَاةً = وَ يُهانوا إذا أطلَّ شِتاءُ
كُلَّما لَفَّ الطَّفلُ خوفَ مَنامٍ = قُرِعَ الموتُ واستفاقَ الفناءُ
حَدَّ أنْ ضَجَّ في المماتِ ضَميرٌ = و تَبرَّتْ منِ الهَبا الأهباءُ !
حَدَّ أن خافَ موتُهم إذ رآهُم = و تَنَحَّى عنِ القَضاءِ القَضاءُ !
*=*
راحَ يجري إلى البلادِ اللواتي = حاوطتها رياضُهُا و الماءُ
حيثُ هِرٌّ مُدلَّلٌ و بَليدٌ = يَتَهادى تُظِلُّهُ الأفياءُ
كُلَّما مالَ ذيلهُ يَتَجَشَّا =بَشِمَ الهِرُّ و احتواهُ الجُشَاءُ
كانَ عِبئاً عليهِ أنْ يَتَمَطَّى = و الأواني على المدى إغراءُ
و الشَّمولُ التي تدورُ كثيراً = أتعبتها الأكوابُ و النُّدماءُ
و الغواني كأنَّهنَ أوانٍ = هُنَّ كُوبٌ و ليلةٌ حمراءُ
رَهَواتٌ و قد نَمَت شَهَواتٌ = حيثُ فيهِنَّ "مُومِسٌ عَمياءُ"
أَطرَقَ الموتُ إذ تذكَّرَ حالاً = لجياعٍ فَما احتواهُ احتواءُ
حارَ في أمرهِ إلى أينَ يجري = ما احتوتهُ مَدى المَدى الأنحاءُ
قُتِلَ الموتُ من تَناقُضِ حَالٍ = و تَعرَّى من الشَّقاءِ الشَقاءُ
*=*
و أرى الشِّعرَ غَافِلاً عن كَثيرٍ = مُطمَئنَّاً و ما لهُ أعباءُ
غيرَ شيءٍ منَ الأمورِ مُعَادٍ = و أمورٍ تُعيدُها الأشياءُ
أرهقتهُ "الحَداثةُ" الـ(لَّستُ أدري) = كيفَ جاءتْ و من همُ الأدعياءُ ؟
لو قرأناهُ للبَغايا لَقُلنا =هُنَّ طُهرٌ و ما نقولُ بَغَاءُ
أو عرضناهُ للشَّياطينِ طُرَّاً = لرأينا هُروبهم حينَ جاؤوا
فيهِ من كُلِّ بيتِ فحشٍ لَقيطٌ = و لُغاتٌ عقيمةٌ بَكْمَاءُ
أيُّها الشِّعرُ أنتَ ديوانَ عُربٍ = لم تَطَلْهُ حَماقةٌ بلهاءُ
كُنتَ ديواننا فلا تَكُ دَيْنَاً = فوقَ أعناقِنا و لا حيثُ شاؤوا
أيُّها الشِّعرُ إن تَكُن دونَ غايٍ = أيُّها الشِّعر فالنَّجاءُ النَّجاءُ
*=*
أيُّ لومٍ وَ منكَ فيهِ فَناءُ = لا تَلُمني فإنَّه إغراءُ
أنتَ تعلو و يُدفَنُ البُلَغاءُ =أنتَ تبقى و يذهبُ الشُّعراءُ
فترفَّع عن الوحولِ و كُنُ نجـ = ـماً جميلاً تخافُه الأضواءُ
فَغَداً أمضي للتُّرابِ و تبقى = أنتَ حيَّاً و يَقرأُ القُرَّاءُ
حينَ ذِكري على المنابرِ شِعري = فَتُباهي و يَذْكُرُ الحُكَمَاءُ
منكَ ما قُلتَ عن أميرِ القَوافي = هُوَ نهرٌ و نخلةٌ فرعاءُ
غابَ وَ الموتُ حينَ غيَّبَ نجماً = ما تجنَّى , و لن يكونَ بُكاءُ
فوقَ قبري , و حينها سوف يكفيـ=ـني "اغفرِ اللهُ ذنبهُ" و دُعاءُ
ذاكَ فضلٌ من الإلهِ عظيمٌ = قد كفاني , و إنْ بكتْ حُوَّاءُ
كَفْكِف الدَّمعَ من على وجنتيها = و اروِ عنِّي و قُلْ لها مَا تَشاءُ
فَالمعريُّ قالها قبل ألفٍ = ما جنينا و قد جنى الآباءُ
[/poem]
دمشق
11/06/2009
11/06/2009
تعليق