[frame="1 98"][align=center]
رابط الفصل الأول من المسرحية
الفصل الثاني والأخير من ( زائر الدير )
يضاء المسرح ونشاهد الزائر الشاب ينتظر ويفرك يديه بعصبية
يدخل رئيس الرهبان يحمل جثة على كتفيه،. ويلقيها على الأرض فيما صوت العاصفة تزمجر في الخارج .
رئيس الرهبان : أليس هذا صديقك ..؟ حدق فيه جيدا .. أليس هذا هو صديقك ؟؟
[ يقترب الزائر من الجثة ويتفحصها بعناية ]
الزائر : لقد تغيرت ملامحه يا سيدي .. بل أن ملامحه أصبحت مبهمة .. وغامضة، لقد تضاءل حجمه .. كان أطول قليلا .. وأعرض قليلا ... لكنه هو بالتأكيد .. استطيع التعرف عليه من بين آلاف الأشخاص .. إنه هو
رئيس الرهبان : لقد خنقته بيدي هاتين .. ها هو بين يديك جثة هامدة
[ يقهقه رئيس الرهبان بصوت عالٍ ]
الزائر : ( يتقدم من الجثة ويمعن النظر فيها ) .. لكنه ليس جثة هامدة .. إن صدره يعلو ويهبط يا سيدي .. إنه يتنفس .
رئيس الرهبان : ( يمسك بيد الجثة ويتفحص نبضها ) لا يوجد أثر للنبض .. إنه جثة .. إنه ميت .. لقد قتلته بيدي هاتين .. إنه ميت
الزائر : ( يتفحص نبض الجثة ويرفع رأسه نحو رئيس الرهبان )
لكن نبضه طبيعي وعادي .
رئيس الرهبان : قلت لك لقد قتلته .. أنظر إلى آثار أظافري في عنقه ..
الزائر : لا أثر لأظافرك في عنقه .. انظر إليه إنه يبتسم .. إنه يبتسم .
رئيس الرهبان : (بغضب ) إما أن تعترف بأنه ميت .. أو تغادر هذا الدير حالا .
الزائر : كما تريد يا سيدي .. سوف أغادر
رئيس الرهبان : ولكن سوف تحمل صديقك هذا وتقذف به في النهر
الزائر : لا أضنه يريد مغادرة الدير في هذه اللحظة
رئيس الرهبان : إذن لقد تحررت من صداقته
الزائر : كلا يا سيدي
رئيس الرهبان : كيف ..؟ ما دمت ستخرج .. وما دام سيبقى .. ستغادر وحدك إذن .. وربما استطعت أن تجتاز .. الخطوة الأخيرة نحو الإيمان .
الزائر : كلا يا سيدي .. لأنه لا زال ينتظر في خارج الدير
رئيس الرهبان : إذن من هذا .؟
الزائر هو يا سيدي
رئيس الرهبان : إنني لا أفهمك
الزائر : إنني آسف يا سيدي ..( ويهم بالمغادرة ) إنني مغادر يا سيدي
رئيس الرهبان : ( بحدة )توقف .. توقف .. أسمع .. أسمع ..
( يهدأ رئيس الرهبان )أسمع يا بني .. إنني متأكد .. أنني متأكد .. أنه جثة هامدة .. وسوف أقوم بنفسي بحفر قبره هنا .. في حديقة الدير .
الزائر: سوف يغادر القبر يا سيدي
رئيس: الرهبان سوف أحرقه إذن .. سوف احرق الجثة
[ يتقدم رئيس الرهبان ويحمل الجثة ويخرج فيما يتابعه الزائر من لنافذة ... موسيقى ذات إيقاع غريب وصوت الرياح والرعود ]
[ صوت رئيس الرهبان من الخارج .. ]
صوت رئيس الرهبان : أنظر .. أليس هذا حطبا ؟
الزائر : إنه حطب يا سيدي
ص. رئيس الرهبان : وهذه أليست صفيحة بنزين ..؟
الزائر : إنني متأكد يا سيدي .. أنه بنزين .
ص.رئيس الرهبان : وأين صديقك الآن ..؟
الزائر : فوق الحطب يا سيدي
ص.رئيس الرهبان : ماذا أفعل الآن ..؟
الزائر : تشعل النار في الحطب .
ص. رئيس الرهبان : ماذا يجري لصديقك ..؟
الزائر : أظن أنه بدأ يحترق .. بدأ يحترق يا سيدي .. إنه يحترق
[ لحظة صمت نسمع صوت النار وهي تلتهم الحطب ..ونشاهد الزائر يجفل من قرب النافذة ويبتعد خائفا ... تعتيم جزئي ثم إضاءة .. دلالة على مرور فترة زمنية .. ]
ص.رئيس الرهبان : أنظر .. أنظر .. أليس هذا رمادا ؟
الزائر : إنه تراب .. تناولته أنت من تحت قدميك
ص.رئيس الرهبان : وأين صديقك
الزائر : ( وهو يشير إلى الخارج عبر النافذة )
ها هو يا سيدي ..
ص. رئيس الرهبان : هل تراه
الزائر : نعم .. ها هو .. إنه كما هو .. إنه لم يحترق
ص. رئيس الرهبان : ( يصيح ) .. إذن غادر هذا الدير حالا
الزائر : إنني ذاهب يا سيدي ( يحاول الخروج )
ص. رئيس الرهبان : انتظر .. انتظر ..
الزائر : إنني منتظر يا سيدي
[ إيقاع موسيقي قوي .. وصوت الرياح .. يدخل رئيسالرهبان ]
رئيس الرهبان : إنني واثق يا سيدي .. أنه قد احترق .. إنني واثق .. هل تسمع .. احترق إنني واثق .
الزائر : من الأفضل .. أن تكون واثقا .. إنه أبعث على الطمأنينة والراحة يا سيدي .
رئيس الرهبان : أفهم من ذلك أنك لست واثقا
الزائر : إنك تحرجني يا سيدي
[ فترة صمت .. موسيقى تصويرية ]
رئيس الرهبان : ألا زلت ترغب في اجتياز الخطوة الأخيرة .. نحو الإيمان ..؟
الزائر : كل الرغبة يا سيدي
رئيس الرهبان : وهل ترغب في المكوث عندنا حقا ؟
الزائر: كل الرغبة.. إنني جئت من اجل هذا .
رئيس الرهبان : حسنا سأريك غرفتك .. سوف تنعزل فيها ..كما قلت لك.. ثلاثين يوما .. وبعد ذلك ..سوف تعيش كما نعيش . وتصلي كما نصلي .. وسوف يمر سنة أو سنتين .. وربما أكثر لست ادري .. وسوف ترى انك اجتزت الخطوة الأخيرة نحو الإيمان .
الزائر : ولكن هل من الممكن أن تحدثني .. كيف اجتزت أنت تلك الخطوة الأخيرة يا سيدي ؟
رئيس الرهبان : لم يكن بالنسبة لي خطوة أولى أو أخيرة .. في لحظة ما .. بينما كنت أسير في احد شوارع المدينة .. ربما كان عمري .. اثنان وعشرون عاما .. في لحظة ما .. توقفت في منتصف الشارع وسألت نفسي :
ولكن ماذا أفعل بحياتي
وهل ستمضي حياتي على هذا النحو ... وهكذا وجدت نفسي متوجها إلى الدير .
الزائر : هلا حدثتني عن اللحظة المكثفة يا سيدي .. اللحظة القصوى .. لحظة قمة الإيمان .. الإحساس بقمة الإيمان .؟
رئيس الرهبان : ما لم تجربها .. فان من المستحيل أن أستطيع وصفها لك .. من المستحيل أن أعبر عن تلك اللحظة .. ولكن فلنقل أنها نشوة عارمة تغمرك غمرا كاملا .. لنقل أنها متعة غير أرضية .. وغبطة لا يعرفها بنو البشر ..
لنقل أنها التوهج الداخلي .. الذي يملأ كيانك كله ويهزك .
الزائر : ألا تحس في تلك اللحظة .. بوحدة الوجود .. ألا تحس بأن كل شيء رائع وجميل ومقبول .. ألا تحس بجمال الشر في تلك اللحظة ..
ألا تحس بأم جميع أمراض البشر وجميع كوارث البشر .. ومصائب البشر .. كل ويلات البشر .. وحروب البشر .. وقتل الأبرياء من البشر .. جميعها أشياء لا اعتراض عليها .. ألا تتوصل لإدراك الخير المطلق .. والشر المطلق .. ألا تحس أنه لا مجال أبدا ومطلقا لتدخل العقل في تلك اللحظة .. إلا تحس أنك أصبحت الله .. آسف .. آسف يا سيدي لا أقصد ذلك .. أقصد ..ألا تحس أنك توحدت مع الله في تلك اللحظة ؟
رئيس الرهبان : ( بشك واندهاش ) وهل جربت أنت هذه اللحظة ؟
الزائر : لقد جربتها يا سيدي
رئيس الرهبان : ولكنك قلت أنك لم تجتز بعد الخطوة الأخيرة
الزائر : نعم يا سيدي .. إنني لم أجتزها بعد .. ولقد جئت إليك من أجل أن تساعدني على اجتيازها
رئيس الرهبان : ولكن هذه اللحظة .. لحظة التوحد مع الله .. لا يعرفها إلا القديسون والمتصوفون .!
الزائر : لكن يا سيدي .. هل أنت متأكد أنه ليس إتحادا مزيفا ؟
رئيس الرهبان: إتحاد مزيف ؟.. إذن كيف يكون الاتحاد الحقيقي ؟
الزائر : هذا ما سأعرفه .. بعد اجتيازي للخطوة الأخيرة
رئيس الرهبان :ولماذا لا تجتازها إذن ؟
الزائر : قلت لك يا سيدي إن صديقي يمنعني من اجتيازها
رئيس الرهبان : إذن لن تجتازها أبدا .. ولا تحلم باجتيازها
الزائر : إنك تبعث في نفسي اليأس
رئيس الرهبان: ( بشكل مفاجئ) إنه الشيطان .. إنه الشيطان .. نعم.. نعم .. عرفته الآن .. عرفته الآن .. الشيطان .
الزائر : لا أظن أنه الشيطان
رئيس الرهبان : وهل عندك البرهان ؟
الزائر : نعم
رئيس الرهبان : وما هو
الزائر : لأنني أتنبأ .. بأن صديقي سوف يتوقف عن المقاومة .. سيتوقف عن مقاومتي أخيرا
رئيس الرهبان : تعتقد إنه سوف تنهار قواه
الزائر : كلا يا سيدي .. قوته ستبقى كما كانت .. لكنه سيتوقف عن مقاومتي .. وسوف يحاول أن يمسك بيدي ودفعي وإعانتي على اجتياز الخطوة الأخيرة .
ثم إنه يجب أن يشاركني في الإحساس بتلك اللحظة .. لحظة الاتحاد مع الله .. يجب أن نتحد معا .. يجب أن نشترك معا .. الاتحاد الحقيقي مع الله.. هو اتحادنا نحن الاثنين معا .. إحساسنا سوية بتلك اللحظة .. ذلك هو الاتحاد الحقيقي مع الله .
رئيس الرهبان : وهل أنت واثق أن صديقك سوف يتخلى عن موقفه القديم ؟
الزائر : ليس قديما يا سيدي
رئيس الرهبان : أفصد موقفه الحالي
الزائر : لست جازما
رئيس الرهبان : إذن ماذا ستفعل
الزائر : سوف أغادر الدير
رئيس الرهبان : متى ؟
الزائر : ربما بعد سنة أو لست أدري .. لكني لن أبقى هنا
رئيس الرهبان : وماذا ستفعل عند مغادرتك الدير ؟
الزائر : لا أدري .. لا أستطيع أن انتحر
رئيس الرهبان: ماذا ستفعل إذن ؟
الزائر : سوف أبحث عن امرأة تحبني وأحبها .. ونحاول أن ننجب أطفالا
رئيس الرحبان : وهل هذا هو الحل ؟
الزائر : لا استطيع أن انتحر ياسيدي
رئيس الرهبان : وإذا تبين لك أن ذلك ليس الحل ؟
الزائر : ربما أعود إلى الدير
رئيس الرهبان : إلى هذا الدير ..؟
الزائر : كلا يا سيدي
رئيس الرهبان : أي دير إذن ؟
الزائر : لست أدري
رئيس الرهبان : وإذا لم يكف صديقك عن المقاومة .
الزائر : سأغادر الدير على أي حال .
رئيس الرهبان : وماذا بعد ؟
الزائر : سأتنقل من معبد إلى معبد ومن مدير إلى مسجد
رئيس الرهبان : وماذا بعد ؟
الزائر : لن أبقى على قيد الحياة إلى الأبد يا سيدي ..
لن أبقى على قيد الحياة إلى الأبد .
[/align][/frame]
رابط الفصل الأول من المسرحية
الفصل الثاني والأخير من ( زائر الدير )
يضاء المسرح ونشاهد الزائر الشاب ينتظر ويفرك يديه بعصبية
يدخل رئيس الرهبان يحمل جثة على كتفيه،. ويلقيها على الأرض فيما صوت العاصفة تزمجر في الخارج .
رئيس الرهبان : أليس هذا صديقك ..؟ حدق فيه جيدا .. أليس هذا هو صديقك ؟؟
[ يقترب الزائر من الجثة ويتفحصها بعناية ]
الزائر : لقد تغيرت ملامحه يا سيدي .. بل أن ملامحه أصبحت مبهمة .. وغامضة، لقد تضاءل حجمه .. كان أطول قليلا .. وأعرض قليلا ... لكنه هو بالتأكيد .. استطيع التعرف عليه من بين آلاف الأشخاص .. إنه هو
رئيس الرهبان : لقد خنقته بيدي هاتين .. ها هو بين يديك جثة هامدة
[ يقهقه رئيس الرهبان بصوت عالٍ ]
الزائر : ( يتقدم من الجثة ويمعن النظر فيها ) .. لكنه ليس جثة هامدة .. إن صدره يعلو ويهبط يا سيدي .. إنه يتنفس .
رئيس الرهبان : ( يمسك بيد الجثة ويتفحص نبضها ) لا يوجد أثر للنبض .. إنه جثة .. إنه ميت .. لقد قتلته بيدي هاتين .. إنه ميت
الزائر : ( يتفحص نبض الجثة ويرفع رأسه نحو رئيس الرهبان )
لكن نبضه طبيعي وعادي .
رئيس الرهبان : قلت لك لقد قتلته .. أنظر إلى آثار أظافري في عنقه ..
الزائر : لا أثر لأظافرك في عنقه .. انظر إليه إنه يبتسم .. إنه يبتسم .
رئيس الرهبان : (بغضب ) إما أن تعترف بأنه ميت .. أو تغادر هذا الدير حالا .
الزائر : كما تريد يا سيدي .. سوف أغادر
رئيس الرهبان : ولكن سوف تحمل صديقك هذا وتقذف به في النهر
الزائر : لا أضنه يريد مغادرة الدير في هذه اللحظة
رئيس الرهبان : إذن لقد تحررت من صداقته
الزائر : كلا يا سيدي
رئيس الرهبان : كيف ..؟ ما دمت ستخرج .. وما دام سيبقى .. ستغادر وحدك إذن .. وربما استطعت أن تجتاز .. الخطوة الأخيرة نحو الإيمان .
الزائر : كلا يا سيدي .. لأنه لا زال ينتظر في خارج الدير
رئيس الرهبان : إذن من هذا .؟
الزائر هو يا سيدي
رئيس الرهبان : إنني لا أفهمك
الزائر : إنني آسف يا سيدي ..( ويهم بالمغادرة ) إنني مغادر يا سيدي
رئيس الرهبان : ( بحدة )توقف .. توقف .. أسمع .. أسمع ..
( يهدأ رئيس الرهبان )أسمع يا بني .. إنني متأكد .. أنني متأكد .. أنه جثة هامدة .. وسوف أقوم بنفسي بحفر قبره هنا .. في حديقة الدير .
الزائر: سوف يغادر القبر يا سيدي
رئيس: الرهبان سوف أحرقه إذن .. سوف احرق الجثة
[ يتقدم رئيس الرهبان ويحمل الجثة ويخرج فيما يتابعه الزائر من لنافذة ... موسيقى ذات إيقاع غريب وصوت الرياح والرعود ]
[ صوت رئيس الرهبان من الخارج .. ]
صوت رئيس الرهبان : أنظر .. أليس هذا حطبا ؟
الزائر : إنه حطب يا سيدي
ص. رئيس الرهبان : وهذه أليست صفيحة بنزين ..؟
الزائر : إنني متأكد يا سيدي .. أنه بنزين .
ص.رئيس الرهبان : وأين صديقك الآن ..؟
الزائر : فوق الحطب يا سيدي
ص.رئيس الرهبان : ماذا أفعل الآن ..؟
الزائر : تشعل النار في الحطب .
ص. رئيس الرهبان : ماذا يجري لصديقك ..؟
الزائر : أظن أنه بدأ يحترق .. بدأ يحترق يا سيدي .. إنه يحترق
[ لحظة صمت نسمع صوت النار وهي تلتهم الحطب ..ونشاهد الزائر يجفل من قرب النافذة ويبتعد خائفا ... تعتيم جزئي ثم إضاءة .. دلالة على مرور فترة زمنية .. ]
ص.رئيس الرهبان : أنظر .. أنظر .. أليس هذا رمادا ؟
الزائر : إنه تراب .. تناولته أنت من تحت قدميك
ص.رئيس الرهبان : وأين صديقك
الزائر : ( وهو يشير إلى الخارج عبر النافذة )
ها هو يا سيدي ..
ص. رئيس الرهبان : هل تراه
الزائر : نعم .. ها هو .. إنه كما هو .. إنه لم يحترق
ص. رئيس الرهبان : ( يصيح ) .. إذن غادر هذا الدير حالا
الزائر : إنني ذاهب يا سيدي ( يحاول الخروج )
ص. رئيس الرهبان : انتظر .. انتظر ..
الزائر : إنني منتظر يا سيدي
[ إيقاع موسيقي قوي .. وصوت الرياح .. يدخل رئيسالرهبان ]
رئيس الرهبان : إنني واثق يا سيدي .. أنه قد احترق .. إنني واثق .. هل تسمع .. احترق إنني واثق .
الزائر : من الأفضل .. أن تكون واثقا .. إنه أبعث على الطمأنينة والراحة يا سيدي .
رئيس الرهبان : أفهم من ذلك أنك لست واثقا
الزائر : إنك تحرجني يا سيدي
[ فترة صمت .. موسيقى تصويرية ]
رئيس الرهبان : ألا زلت ترغب في اجتياز الخطوة الأخيرة .. نحو الإيمان ..؟
الزائر : كل الرغبة يا سيدي
رئيس الرهبان : وهل ترغب في المكوث عندنا حقا ؟
الزائر: كل الرغبة.. إنني جئت من اجل هذا .
رئيس الرهبان : حسنا سأريك غرفتك .. سوف تنعزل فيها ..كما قلت لك.. ثلاثين يوما .. وبعد ذلك ..سوف تعيش كما نعيش . وتصلي كما نصلي .. وسوف يمر سنة أو سنتين .. وربما أكثر لست ادري .. وسوف ترى انك اجتزت الخطوة الأخيرة نحو الإيمان .
الزائر : ولكن هل من الممكن أن تحدثني .. كيف اجتزت أنت تلك الخطوة الأخيرة يا سيدي ؟
رئيس الرهبان : لم يكن بالنسبة لي خطوة أولى أو أخيرة .. في لحظة ما .. بينما كنت أسير في احد شوارع المدينة .. ربما كان عمري .. اثنان وعشرون عاما .. في لحظة ما .. توقفت في منتصف الشارع وسألت نفسي :
ولكن ماذا أفعل بحياتي
وهل ستمضي حياتي على هذا النحو ... وهكذا وجدت نفسي متوجها إلى الدير .
الزائر : هلا حدثتني عن اللحظة المكثفة يا سيدي .. اللحظة القصوى .. لحظة قمة الإيمان .. الإحساس بقمة الإيمان .؟
رئيس الرهبان : ما لم تجربها .. فان من المستحيل أن أستطيع وصفها لك .. من المستحيل أن أعبر عن تلك اللحظة .. ولكن فلنقل أنها نشوة عارمة تغمرك غمرا كاملا .. لنقل أنها متعة غير أرضية .. وغبطة لا يعرفها بنو البشر ..
لنقل أنها التوهج الداخلي .. الذي يملأ كيانك كله ويهزك .
الزائر : ألا تحس في تلك اللحظة .. بوحدة الوجود .. ألا تحس بأن كل شيء رائع وجميل ومقبول .. ألا تحس بجمال الشر في تلك اللحظة ..
ألا تحس بأم جميع أمراض البشر وجميع كوارث البشر .. ومصائب البشر .. كل ويلات البشر .. وحروب البشر .. وقتل الأبرياء من البشر .. جميعها أشياء لا اعتراض عليها .. ألا تتوصل لإدراك الخير المطلق .. والشر المطلق .. ألا تحس أنه لا مجال أبدا ومطلقا لتدخل العقل في تلك اللحظة .. إلا تحس أنك أصبحت الله .. آسف .. آسف يا سيدي لا أقصد ذلك .. أقصد ..ألا تحس أنك توحدت مع الله في تلك اللحظة ؟
رئيس الرهبان : ( بشك واندهاش ) وهل جربت أنت هذه اللحظة ؟
الزائر : لقد جربتها يا سيدي
رئيس الرهبان : ولكنك قلت أنك لم تجتز بعد الخطوة الأخيرة
الزائر : نعم يا سيدي .. إنني لم أجتزها بعد .. ولقد جئت إليك من أجل أن تساعدني على اجتيازها
رئيس الرهبان : ولكن هذه اللحظة .. لحظة التوحد مع الله .. لا يعرفها إلا القديسون والمتصوفون .!
الزائر : لكن يا سيدي .. هل أنت متأكد أنه ليس إتحادا مزيفا ؟
رئيس الرهبان: إتحاد مزيف ؟.. إذن كيف يكون الاتحاد الحقيقي ؟
الزائر : هذا ما سأعرفه .. بعد اجتيازي للخطوة الأخيرة
رئيس الرهبان :ولماذا لا تجتازها إذن ؟
الزائر : قلت لك يا سيدي إن صديقي يمنعني من اجتيازها
رئيس الرهبان : إذن لن تجتازها أبدا .. ولا تحلم باجتيازها
الزائر : إنك تبعث في نفسي اليأس
رئيس الرهبان: ( بشكل مفاجئ) إنه الشيطان .. إنه الشيطان .. نعم.. نعم .. عرفته الآن .. عرفته الآن .. الشيطان .
الزائر : لا أظن أنه الشيطان
رئيس الرهبان : وهل عندك البرهان ؟
الزائر : نعم
رئيس الرهبان : وما هو
الزائر : لأنني أتنبأ .. بأن صديقي سوف يتوقف عن المقاومة .. سيتوقف عن مقاومتي أخيرا
رئيس الرهبان : تعتقد إنه سوف تنهار قواه
الزائر : كلا يا سيدي .. قوته ستبقى كما كانت .. لكنه سيتوقف عن مقاومتي .. وسوف يحاول أن يمسك بيدي ودفعي وإعانتي على اجتياز الخطوة الأخيرة .
ثم إنه يجب أن يشاركني في الإحساس بتلك اللحظة .. لحظة الاتحاد مع الله .. يجب أن نتحد معا .. يجب أن نشترك معا .. الاتحاد الحقيقي مع الله.. هو اتحادنا نحن الاثنين معا .. إحساسنا سوية بتلك اللحظة .. ذلك هو الاتحاد الحقيقي مع الله .
رئيس الرهبان : وهل أنت واثق أن صديقك سوف يتخلى عن موقفه القديم ؟
الزائر : ليس قديما يا سيدي
رئيس الرهبان : أفصد موقفه الحالي
الزائر : لست جازما
رئيس الرهبان : إذن ماذا ستفعل
الزائر : سوف أغادر الدير
رئيس الرهبان : متى ؟
الزائر : ربما بعد سنة أو لست أدري .. لكني لن أبقى هنا
رئيس الرهبان : وماذا ستفعل عند مغادرتك الدير ؟
الزائر : لا أدري .. لا أستطيع أن انتحر
رئيس الرهبان: ماذا ستفعل إذن ؟
الزائر : سوف أبحث عن امرأة تحبني وأحبها .. ونحاول أن ننجب أطفالا
رئيس الرحبان : وهل هذا هو الحل ؟
الزائر : لا استطيع أن انتحر ياسيدي
رئيس الرهبان : وإذا تبين لك أن ذلك ليس الحل ؟
الزائر : ربما أعود إلى الدير
رئيس الرهبان : إلى هذا الدير ..؟
الزائر : كلا يا سيدي
رئيس الرهبان : أي دير إذن ؟
الزائر : لست أدري
رئيس الرهبان : وإذا لم يكف صديقك عن المقاومة .
الزائر : سأغادر الدير على أي حال .
رئيس الرهبان : وماذا بعد ؟
الزائر : سأتنقل من معبد إلى معبد ومن مدير إلى مسجد
رئيس الرهبان : وماذا بعد ؟
الزائر : لن أبقى على قيد الحياة إلى الأبد يا سيدي ..
لن أبقى على قيد الحياة إلى الأبد .
[/align][/frame]
تعليق