أبويــّــــات أشواق . .!

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • عبدالله جمعة
    أديب وكاتب
    • 19-10-2008
    • 95

    أبويــّــــات أشواق . .!

    أحبتي الأجلاء
    [align=justify]
    هذه رسائل بين أفراد أسرة جسدتها خواطري على شاشتي البلورية هذه ، أأمل أن تجد منتزهاًَ في حدائق أضعلكم . .
    ...........................
    إبني العزيز
    هذه رسالتي الأولى التي ابعثها إليك منذ أن فارقتنا وقد جعلت البيت دونك يئن وحشةً وكأنني أكاد أسمع صوت الجدار الذي كنت تجالسني بجواره وأنت تتناول معنا الإفطار مع أمك الحبيبة التي جفت عينها دمعاً منذ فراقك الذي مرّ علينا وكأنه سبعاً سنين عجاف وما هي إلا أيام سبع ، ما زالت والدتك تضع كأسك فارغاً الذي تتناول فيه شاي الصباح ، وأختك الصغرى تسألني متى يعود أبي الثاني ، أصبحت أفخر بك حينما تنطق لي بتلك العبارة أعلمتني أنني قد أقمت سواعد إبني بعون الله فأصبح رجلاً عملاقاً في نظر أمه وأخواته الأربع . .
    أتذكر حينما أخذتني أقدار الله إلى السرير الأبيض قبل عامين ظننت أنني مريض ولكن حينما رأيتك كيف تؤدي رسالتك أمام عيني حمدت الله على أن وفقني في تربيتك ولا أنسى فضل أمك العظيم بعد فضل الله ، هي التي كانت تضخ لي كل مياه الحب من بين شرايينها الرقاق التي لا تنضب من عطفها وحنانها ومودتها ، فها هي الآن بجواري تكفكف دمعها مجرد ما علمت أنني أكتب لك هذه الرسالة التي تقبِّل أحرفها كل أنملة من وجهك الصبوح فكم أصبو لقبلاتك الصباحية ليدي . .
    أنت تعلم بأنني ما قبلت لك أن تنأ عنا إلا أنني أعلم بأنك أهلٌ أن تمتطئ دابتك بصهلة فارس يبتر الرياح بسيفه . . فها أنت تبعد عنا لتنال قسطك من التعليم لعلمٍ غير متوفر بهذا الوطن الحبيب وحبي لك لم يمنعني بأن تحظى بهذا العلم لأنني أعلم إن منعتك فإنني أنتقص حبي لهذا الوطن فهو بحاجة إلى أمثالك . . فكن رجلاً لا تلسعه الجمرات بقدمه والقلم على كفه . .

    أستودعك الله حتى الرسالة القادمة وتقبل تحيات والدتك الحبيبة وكل أخوتك. .
    [/align]
    التعديل الأخير تم بواسطة عبدالله جمعة; الساعة 21-06-2009, 07:06. سبب آخر: خطأ مطبعي
    لا تعلو بصوتك والأسْدُ من حولك تهمسُ
  • بنت الشهباء
    أديب وكاتب
    • 16-05-2007
    • 6341

    #2
    أستاذنا الفاضل
    عبد الله جمعة
    بداية يسعدني ويشرّفني أن أكون أول المارين على هذه الرسالة الوعظية التي ازدانت بجمال الحب وسمو العبر والمواعظ ...
    فكانت رسالة من أب ودود حنون عرف كيف يعلّم ابنه الصمود والعزيمة ، والثقة وعزة النفس ليكون رجلا يفخر ويتباهى به على أرض الوطن ......
    وأعود إلى الأم الرؤوم التي مازالت ترقب ابنها ولا يمكن لها أن تنسى حركاته وإيماءاته ، وقد أوحت لي صورتها وكأنها لوحة قد جمعت الفصول الأربعة بما فيها من آلام الغربة وقسوتها ، والانتظار بعودة ابنها الغالي لتضمه لحضنها وترويها من حنانها ودفئها ...
    فمشاعر الأمومة هي كما هي حتى ولو أصبح ابنها رجلا لكن يبقى قلبها معلّقا به......
    فكانت رسالة تربوية حملت معها أسمى الوصايا وأجملها وهي توصي الابن بألا يبتعد عن الوطن وتأخذه مغريات الغربة بعد أن يكمل مهمته التعليمية ... فكانت الحكمة والوصية الرائعة من الأب لابنه :
    كن رجلاً لا تلسعه الجمرات بقدمه والقلم على كفه . .

    أمينة أحمد خشفة

    تعليق

    • عبدالله جمعة
      أديب وكاتب
      • 19-10-2008
      • 95

      #3
      المشاركة الأصلية بواسطة بنت الشهباء مشاهدة المشاركة
      أستاذنا الفاضل
      عبد الله جمعة
      بداية يسعدني ويشرّفني أن أكون أول المارين على هذه الرسالة الوعظية التي ازدانت بجمال الحب وسمو العبر والمواعظ ...
      فكانت رسالة من أب ودود حنون عرف كيف يعلّم ابنه الصمود والعزيمة ، والثقة وعزة النفس ليكون رجلا يفخر ويتباهى به على أرض الوطن ......
      وأعود إلى الأم الرؤوم التي مازالت ترقب ابنها ولا يمكن لها أن تنسى حركاته وإيماءاته ، وقد أوحت لي صورتها وكأنها لوحة قد جمعت الفصول الأربعة بما فيها من آلام الغربة وقسوتها ، والانتظار بعودة ابنها الغالي لتضمه لحضنها وترويها من حنانها ودفئها ...
      فمشاعر الأمومة هي كما هي حتى ولو أصبح ابنها رجلا لكن يبقى قلبها معلّقا به......
      فكانت رسالة تربوية حملت معها أسمى الوصايا وأجملها وهي توصي الابن بألا يبتعد عن الوطن وتأخذه مغريات الغربة بعد أن يكمل مهمته التعليمية ... فكانت الحكمة والوصية الرائعة من الأب لابنه :
      كن رجلاً لا تلسعه الجمرات بقدمه والقلم على كفه . .


      [align=justify]وكأنك يا ابنة الشهباء قد أبحرتي بنبل إحساسك في مداد يُراعي ، فأصبحتُ وكأني أرى سفينة نٌجاةٍ من أمواج القسوة والغلظة أمامي .

      نعم ، أستاذتي الفُضلى كم من والدٍ في وقتنا هذا قد أصابته لوعة الفراق لأبنائه وبناته وكم هؤلاء البنون والبنات الذين لا يفقهون أنهم مُقل آبائهم فكم من أم تعاني حرقة الفرقة والتحنان لأبنائها وبناتها وأكثر ما يهيّجني بل يبكيني دون تحفظ أن أرى أماً وقد إقتلعت رياح الفرقة عينها من مرقدها وكم يعتصرني الألم حينما أعلم بأنّ أباً قد لدغته عقارب الدنا من أجل أبنائه ولم يروا منه غير الإبتسام والدندنة بحبهم ، وحال الأبناء في شغلٍ شاغل وكأنّ أهوائهم قد سرقتهم من والديهم فأصبحوا لا يعبأون بهما والحجة أنهم في فرقة لأجل طلب علمٍ أو رزقٍ أو ...أو . .

      فالهدف من رسائلي هذه أن أبعث روح حسن التواصل بين من طالتهم أعاصير الفراق والوحشة والأشواق الذين كانوا يوماً ما عقداً يحسبه الرآي أنه يوماً لن ينفرط. .

      لك مني كل التقدير
      [/align]
      لا تعلو بصوتك والأسْدُ من حولك تهمسُ

      تعليق

      • عبدالله جمعة
        أديب وكاتب
        • 19-10-2008
        • 95

        #4
        [align=justify][align=justify]أبتي الحبيب

        ها هي رسالتك بين يدي وكل حرفٍ منها يعانق رمش عيني الرمشة تلو الأخري فإذا بأجفاني تعانقه عناق ولد لأبيه لم يذق شهد عناقه من أعوام ، نعم كأنها أعوامٌ لأنني أحسب لحظات فراقي أيام وأيام ، فما فرغت من حرف حتى أعيد قراءته تارة أخرى .

        كنت قبل هنيهات من إستلامي لها في غمرة من أحاديث الذكرى مع نفسي ، أتذكر كيف تغدو صباحاً وأنت مبتسماً تمازحني بألا أسترق من عطرك لأوفر من عطري وكيف أنك تحُضني أن أقبل جبين ويدي والدتي قبل خروجي إلى المدرسة وكيف كنت تعاندني وتخفي عني مفاتيح السيارة رغم أنك كنت تعلم أجيد قيادتها ، ووصيتي لك بأخواتي اللاتي لا يرقن لهن الذهاب إلى المدرسة إلا وهن برفقتي ، كنت أتعجب لماذا كنت تلزمني بتلك الدروس برهفٍ وإن أمرتني أمراً لالتزمت لك إلتزام الشعاع للشمس ولكن علمت أنك ما كنت تفعل ذلك حتى ترسّخ دروسه في نفسي رسوخ الجبال ، حينها علمت أنّ رحيق الزهر لا يمتصه نسرٌ ، فجعلتني كالفراش لا أبحث إلا عن مواطن الجمال ، علمت منك بعد فضل الله كيف أجعل لهجير الشمس ظلاً برمش عيني ، علمتني كيف أطأ بقدمي على الرمضاء ووجهي مبتسم ، علمتني كيف أتصدى لجروح القلب فأطلي من دمائها أنشودة الصبر لأضمد بها ألمي . . . أبتي لن ينضب مدادي طالما أردت سرد أفضالك . .

        ولكن قل لي يا أبتي كيف هي والدتي هل هي ما زالت تحتسي قهوتها الصباحية تحت ظل نخلتها التي كنت تتأبط منها غيرة كنت حينما يتجهم وجهك أعلم أنك في ضيق وكانت هي تتبسم ضاحكة لرفع رآيتك تلك كنت لا أفهم إحساسك ذاك ولكن حينما دخل بي العمر أعتاب رشده ، علمت أنك تحب أمي حباً عظيماً ، فتجدني أحتسي حياءً مما أسطره لك من شأن والدتي ، ولكن ما تعمدت لذلك إلا أنني أتوسل إليك أن لا تدعها وإلا الإبتسام يغالب محياها الأغر ، فأنت قائدي في معركة الحياة وأنا فارسك فمن تحنانها بعد الله نستمد روح الحماس لجندلة تباريح الصعاب فهي شهيق الأمل وهي زفرة الألم. .

        أشواقي لك ولأمي ولأخواتي وأنا في أحر من الرمضاء للمطر ليوم عودتي بينكم ، فالمرة القادمة أرفق لي ولو كلمتين من سيدة بيتك ، أليست أمي سيدة بيتك بل ملكته . . لا تقل لي لا وإن كنت تريد مداعبتي !. .

        دم في جلالك طيباً ولا تنسياني الدعاء لي في ظهر الغيب وجهاراً!
        [/align][/align]
        لا تعلو بصوتك والأسْدُ من حولك تهمسُ

        تعليق

        • عبدالله جمعة
          أديب وكاتب
          • 19-10-2008
          • 95

          #5
          [align=justify]ولدي الحبيب

          لقد قرأ علي والدك رسالتك الندية فكم كنت فرحةً وأنا أسمع صوت أبيك وهو ينطق بحروفك التي كتبتها ، أتظنني قد إكتفيتُ بسمعها لمرةٍ ! ، بل قرأتها مرات ومرات بل وإستقرأتها كما يستقرأ الربّانُ النجوم . .

          أشهرٌ خمس عدت بها الأيام بفئها ولفحها وأنا بجوار ذكراك ولم تغطني بظلال بنانك ، فحينما قرأت ما قرأت من كلماتك الصادقة ومشاعرك الدافقة نحونا رحمتك من عتبي فإزداد رضائي عليك رضاً . . كنت نعم أسمع شقشقة صوتك عبر الهاتف شبه يومي ولكن كل ما هو منك لا يغنيني من أن أنحت طيفك في كل زاوية من زوايا بيتنا فأسمع فيها صرخات فرحك وبكاءك وأنت زهرٌ يانع في مرضعك وغصن يافعٌ في صباك وها أنا أشكر ربي أن سواك رجلاً جلموداً . . وكان أكثر ما يُلبد دمعي حين ذكراك!! حينما أتذكر صهلتك المراهقة عند دخولك البيت وتقبيل يدي حين عودتك من المدرسة وتسألني عن صحتي وتطمئن على أخواتك الزهروات واحدة تلو الأخرى . . كنت أراك وقد فاق لُبك عمرك . . كنت وما زلت أحمد الله أن رحمني بإبن مثلك فما أنت إلا من أبيك وما أباك إلا من أصلاب الفهود ، فلا تعجب إن خرجتَ من فهدٍ زوجه ريم ، فهذا أبوك كان الذي يدعونني الريم وأنت ما زلت تضاحكني بها حتى كدت أن أنسى إسمي بل لا أخفي عليك أحببته أكثر من إسمي ما دام أنت وأبوك تحبانه . .

          إذاً دعني قليلاً أسألك عن حالك . . كيف تجدك مع دراستك . . فلا تفوِّتَنَّ أوقاتها فوات الماء بين حبات الرمال ، فالعلم سلاح يحني أعناق المدافع ويطفيء ناراً عجزت عنه ماءٌ ، فكن حذراً ولا تكن هزلاً ، وأتبع رفقتك من صلح فيهم دينه وخلقه ولا تتبع من ألقمه هواه حجر الزيغ والضلال ، وأنأ ببدنك وعقلك عن رفقة الحمقى والسفهاء ففي الحمق تكثر الزلات وفي السفه يُكسر الكبرياء . .
          لا تيأس من زحزحة صخور الحياة فالصخر رمز الصمود فإن زحزحته كان صمودك الأقوى . . ولا تجعل العجلة في أمورك مقوداً فكم من تعجل قد خاب وإن كان مبتغاه عين الصواب ، فلا تهنأ بأمرٍ ما لم تشكر الله قبل أن تأجج الفرحة بجوفك فما الأفراح إلا إبتلاء كما الأحزان ! . .

          لي ولي يا بني الكثير فيما أريد قوله ولكن شغفي للقياك وشجني لبعادك كثيراً ما يكبلني عن خط حروف تسد لك الآفاق شوقاً . . فهذه الأسطر قليل القليل مما وددت أن أسطره . .أو أقول كما قلت إنه لكلمتين مني . . فاعذرني حتى ملتقى أسطر أخرى فوالدك على مقدَمه وكأني أسمع شهيق سيارته عند مطلع المنزل.

          دمت بألف عافية وهدوء بال.

          أمك التي تحبك
          [/align]
          لا تعلو بصوتك والأسْدُ من حولك تهمسُ

          تعليق

          • عبدالله جمعة
            أديب وكاتب
            • 19-10-2008
            • 95

            #6
            المشاركة الأصلية بواسطة عبدالله جمعة مشاهدة المشاركة
            [align=justify]ولدي الحبيب

            لقد قرأ علي والدك رسالتك الندية فكم كنت فرحةً وأنا أسمع صوت أبيك وهو ينطق بحروفك التي كتبتها ، أتظنني قد إكتفيتُ بسمعها لمرةٍ ! ، بل قرأتها مرات ومرات بل وإستقرأتها كما يستقرأ الربّانُ النجوم . .

            أشهرٌ خمس عدت بها الأيام بفئها ولفحها وأنا بجوار ذكراك ولم تغطني بظلال بنانك ، فحينما قرأت ما قرأت من كلماتك الصادقة ومشاعرك الدافقة نحونا رحمتك من عتبي فإزداد رضائي عليك رضاً . . كنت نعم أسمع شقشقة صوتك عبر الهاتف شبه يومي ولكن كل ما هو منك لا يغنيني من أن أنحت طيفك في كل زاوية من زوايا بيتنا فأسمع فيها صرخات فرحك وبكاءك وأنت زهرٌ يانع في مرضعك وغصن يافعٌ في صباك وها أنا أشكر ربي أن سواك رجلاً جلموداً . . وكان أكثر ما يُلبد دمعي حين ذكراك!! حينما أتذكر صهلتك المراهقة عند دخولك البيت وتقبيل يدي حين عودتك من المدرسة وتسألني عن صحتي وتطمئن على أخواتك الزهروات واحدة تلو الأخرى . . كنت أراك وقد فاق لُبك عمرك . . كنت وما زلت أحمد الله أن رحمني بإبن مثلك فما أنت إلا من أبيك وما أباك إلا من أصلاب الفهود ، فلا تعجب إن خرجتَ من فهدٍ زوجه ريم ، فهذا أبوك كان الذي يدعونني الريم وأنت ما زلت تضاحكني بها حتى كدت أن أنسى إسمي بل لا أخفي عليك أحببته أكثر من إسمي ما دام أنت وأبوك تحبانه . .

            إذاً دعني قليلاً أسألك عن حالك . . كيف تجدك مع دراستك . . فلا تفوِّتَنَّ أوقاتها فوات الماء بين حبات الرمال ، فالعلم سلاح يحني أعناق المدافع ويطفيء ناراً عجزت عنه ماءٌ ، فكن حذراً ولا تكن هزلاً ، وأتبع رفقتك من صلح فيهم دينه وخلقه ولا تتبع من ألقمه هواه حجر الزيغ والضلال ، وأنأ ببدنك وعقلك عن رفقة الحمقى والسفهاء ففي الحمق تكثر الزلات وفي السفه يُكسر الكبرياء . .
            لا تيأس من زحزحة صخور الحياة فالصخر رمز الصمود فإن زحزحته كان صمودك الأقوى . . ولا تجعل العجلة في أمورك مقوداً فكم من تعجل قد خاب وإن كان مبتغاه عين الصواب ، فلا تهنأ بأمرٍ ما لم تشكر الله قبل أن تأجج الفرحة بجوفك فما الأفراح إلا إبتلاء كما الأحزان ! . .

            لي ولي يا بني الكثير فيما أريد قوله ولكن شغفي للقياك وشجني لبعادك كثيراً ما يكبلني عن خط حروف تسد لك الآفاق شوقاً . . فهذه الأسطر قليل القليل مما وددت أن أسطره . .أو أقول كما قلت إنه لكلمتين مني . . فاعذرني حتى ملتقى أسطر أخرى فوالدك على مقدَمه وكأني أسمع شهيق سيارته عند مطلع المنزل.

            دمت بألف عافية وهدوء بال.

            أمك التي تحبك
            [/align]
            [align=justify]إلى من حباني الله بها وبجوهر حنانها وإرث إثارها وجعل الجنة تحت قدميها . .

            عِمتي صبحاً وبثقتي فرحاً ، فقد أجزلتينني عطاءً وأوفيتينني هناءً بلآلي حرفك الوضيئ ، فعجبت أن تنتابك هذه المشاعر نحوي وأنا الذي كنت أتمرد عليك من حِيَنٍ وأخرى لتلبي مطلبي الطفولي وكنتِ فقط بنظرة عتبٍ منك ألف وجهي بيدي ، لربما كنت تظنينه عناداً مني ولكن ما كان إلا كبرياء طفلٍ توهجت الشمس في وجهه فخشي منها أن تحرقه في صمتٍ وبصمتٍ فأعود مبتسماً تارة أخرى وكأني أداهنها وما كانت مداهنةٌ ولكنه إنكسارٌ لشعاعك النافذ في أعماق أعماق الحنان فتأخذينني وكأنّ لم يكن تمردي هذا إلا دلالاً والحق أنه كان جبروتاً مني . . فأنت حقٌ . . حقٌ لأمٌ قد عجزت قدرتي على الخوض في محيطها . .
            علمتُ من رسالتك هذه لماذا كان أبي دوماً يردد على مسمعي حينما كان يستذكر معي بعض دروس الحياة في خلوةٍ ؛ إنّ للحس جواهر إن وُضع أنقاها وأصفاها على سفح جبل لأرداه هشيماً ، فها هي حروف مشاعرك جواهر نقية صفية لا تشوبها شائبة فهل يا ترى أقادرٌ أنا على حملها ووضعها على جبال مودتي لك هذه ! أم شامخاتي تلك ما هن إلا تلال من تلالٍ صغارٍ شيدتها أنامل أطفال يلعبون بالرمال. .فلا أدري من أي ناحية أنظر إليها فأجد وكأن حروف الدنا كلها عجمها وعربها لم يكونا غير حرفين من حروف حاءك وباءك. .
            فوالله يا أماه ، قد إشتدّ علي وهج شموس الأشواق لك ولأبي ولأخواتي الحبيبات فكم أتوه وأتوه ليل مساء أن أزرف أنّات الفراق زرفاً في مجمعي وفي معزلي .. فلا يغنيني صفاء السماء ولا خضرة الأرض ولا لون الورود ولا خرير الأنهار ولا زُرقة البحار ولا حفيف الأشجار ولا تغريد الأطيار وقد حجبت آكام الحياة نضرة وجوهكم السمحاء الغراء . .
            فكم وكم قد أعجبني نصحك الرشيد الذي كل ما أقرأ له حرفاً أزداد صُلبةً في ساعدي ورقةً في قلبي . . فكوني معي هكذا دوماً في بعدي وقربي فكم أحتاجك بل كل نبضة من القلب أو الوريد تناديك بل تستصرخك . .

            وأخيراً أتركك ياريم أبي الفهد في رعاية الله وأرتال التحايا الدافقات للشقيقات الحبيبات . .
            [/align]
            لا تعلو بصوتك والأسْدُ من حولك تهمسُ

            تعليق

            • عبدالله جمعة
              أديب وكاتب
              • 19-10-2008
              • 95

              #7
              المشاركة الأصلية بواسطة عبدالله جمعة مشاهدة المشاركة
              [align=justify][align=justify]أبتي الحبيب

              ها هي رسالتك بين يدي وكل حرفٍ منها يعانق رمش عيني الرمشة تلو الأخري فإذا بأجفاني تعانقه عناق ولد لأبيه لم يذق شهد عناقه من أعوام ، نعم كأنها أعوامٌ لأنني أحسب لحظات فراقي أيام وأيام ، فما فرغت من حرف حتى أعيد قراءته تارة أخرى .

              كنت قبل هنيهات من إستلامي لها في غمرة من أحاديث الذكرى مع نفسي ، أتذكر كيف تغدو صباحاً وأنت مبتسماً تمازحني بألا أسترق من عطرك لأوفر من عطري وكيف أنك تحُضني أن أقبل جبين ويدي والدتي قبل خروجي إلى المدرسة وكيف كنت تعاندني وتخفي عني مفاتيح السيارة رغم أنك كنت تعلم أجيد قيادتها ، ووصيتي لك بأخواتي اللاتي لا يرقن لهن الذهاب إلى المدرسة إلا وهن برفقتي ، كنت أتعجب لماذا كنت تلزمني بتلك الدروس برهفٍ وإن أمرتني أمراً لالتزمت لك إلتزام الشعاع للشمس ولكن علمت أنك ما كنت تفعل ذلك حتى ترسّخ دروسه في نفسي رسوخ الجبال ، حينها علمت أنّ رحيق الزهر لا يمتصه نسرٌ ، فجعلتني كالفراش لا أبحث إلا عن مواطن الجمال ، علمت منك بعد فضل الله كيف أجعل لهجير الشمس ظلاً برمش عيني ، علمتني كيف أطأ بقدمي على الرمضاء ووجهي مبتسم ، علمتني كيف أتصدى لجروح القلب فأطلي من دمائها أنشودة الصبر لأضمد بها ألمي . . . أبتي لن ينضب مدادي طالما أردت سرد أفضالك . .

              ولكن قل لي يا أبتي كيف هي والدتي هل هي ما زالت تحتسي قهوتها الصباحية تحت ظل نخلتها التي كنت تتأبط منها غيرة كنت حينما يتجهم وجهك أعلم أنك في ضيق وكانت هي تتبسم ضاحكة لرفع رآيتك تلك كنت لا أفهم إحساسك ذاك ولكن حينما دخل بي العمر أعتاب رشده ، علمت أنك تحب أمي حباً عظيماً ، فتجدني أحتسي حياءً مما أسطره لك من شأن والدتي ، ولكن ما تعمدت لذلك إلا أنني أتوسل إليك أن لا تدعها وإلا الإبتسام يغالب محياها الأغر ، فأنت قائدي في معركة الحياة وأنا فارسك فمن تحنانها بعد الله نستمد روح الحماس لجندلة تباريح الصعاب فهي شهيق الأمل وهي زفرة الألم. .

              أشواقي لك ولأمي ولأخواتي وأنا في أحر من الرمضاء للمطر ليوم عودتي بينكم ، فالمرة القادمة أرفق لي ولو كلمتين من سيدة بيتك ، أليست أمي سيدة بيتك بل ملكته . . لا تقل لي لا وإن كنت تريد مداعبتي !. .

              دم في جلالك طيباً ولا تنسياني الدعاء لي في ظهر الغيب وجهاراً
              !
              [/align][/align]
              [align=justify]ولدي الحبيب

              سلامي لك تحمله لك أسراب نسورٍ وهي في سمائها وهي تزفر بصفيرها شوقاً لك ومن فوق سفح كل رابيةٍ وهو في شموها وعلى كل موج بحرٍ وهو في كبريائه . .
              نعم لقد قرأت علي أمك رسالتك لي وقد قرأت لي رسالتك لها فلو أني أنا الذي كنت كتبتهما لما لحروفهما من خفقان الرضا بوالديك ماكان قد إنتصر الجفن على دمعي وكما تعلم لا أحب أن أرى دمع عيني لأمك وإن كانت دموع فرح حيث أن الدمع قد غلب عليه الشوق لولدي الذي أرى ملامحه قد إشرأبت على بنات الدهر وشمخ سنامها.. نعم علمت من أسطرك بأنك رجلاً تعرف كيف تزحزح الصخرة بلا يأس..
              فكم شدني حسك الفارس المدجج بسنا العناتر ، فكل يوم يمر أحس بأنّ الله قد فتنني بحبك فلو لا لطفه لما برحتك تخرج خلف بابنا الأسري ولكن كان هناك دوماً شعاع يخرج من بين ثنايا إبتسامك وأنت في مهدك يبهر أملي بأن تكون لي ولأمك ولأخوتك نشم الحياة الذي لا تحنيه ريح ولا يشققه فأس . . كانت أمك تملأ بكفيها حنانٌ وتبثه على جسدك الغض من كل ناحية فكنت أرى لين الجانب من أطرافك يبرق كالديباج فما أن قلت لك إفعل لفعلت لأنك تعلم أننا نحبك فكنت أنا لك السهم وهي لك القوس . .
              فلا تأخذ في نفسك إن نثرت عليك بعضاً من نصح فلا تعجب ولا تقل بأنك قد صرت رجلاً ، فالنهر وهو نهر لا يسأم من نبعه والزهر لا يمل من ندى الصبح ولا الروح تُكلّ من الأنفاس فالشهيق يصلح ما في النفس والزفير يخرج ما فسد . .
              فلا تكن يا بني كرئالٍ يلاحقه ضبعٌ فيغرس رأسه في كثيب أصابه زار الرمال . . بل كن كقناصٍ يلوح بأذنه حيث نباءة الصيد تنوح . . فأرمي برمحك بثباتٍ ولا ترفع قدميك من ثراهما حتى لا تهوي مكباً على وجهك الفارس . . وكن كالخيل في النجاء إن إحتمى الوطيـس ولا تديرنَّ وجهك إن رأيت صلاء النار يشهق إن بغيت الشواء فضع الشواء بيديك إن لم تجد الملقاط.

              دمت لي عزيزاً مكرماً. .

              أبوك المحب
              [/align]
              لا تعلو بصوتك والأسْدُ من حولك تهمسُ

              تعليق

              • عبدالله جمعة
                أديب وكاتب
                • 19-10-2008
                • 95

                #8
                المشاركة الأصلية بواسطة عبدالله جمعة مشاهدة المشاركة
                [align=justify]ولدي الحبيب

                سلامي لك تحمله لك أسراب نسورٍ وهي في سمائها وهي تزفر بصفيرها شوقاً لك ومن فوق سفح كل رابيةٍ وهو في شموها وعلى كل موج بحرٍ وهو في كبريائه . .
                نعم لقد قرأت علي أمك رسالتك لي وقد قرأت لي رسالتك لها فلو أني أنا الذي كنت كتبتهما لما لحروفهما من خفقان الرضا بوالديك ماكان قد إنتصر الجفن على دمعي وكما تعلم لا أحب أن أرى دمع عيني لأمك وإن كانت دموع فرح حيث أن الدمع قد غلب عليه الشوق لولدي الذي أرى ملامحه قد إشرأبت على بنات الدهر وشمخ سنامها.. نعم علمت من أسطرك بأنك رجلاً تعرف كيف تزحزح الصخرة بلا يأس..
                فكم شدني حسك الفارس المدجج بسنا العناتر ، فكل يوم يمر أحس بأنّ الله قد فتنني بحبك فلو لا لطفه لما برحتك تخرج خلف بابنا الأسري ولكن كان هناك دوماً شعاع يخرج من بين ثنايا إبتسامك وأنت في مهدك يبهر أملي بأن تكون لي ولأمك ولأخوتك نشم الحياة الذي لا تحنيه ريح ولا يشققه فأس . . كانت أمك تملأ بكفيها حنانٌ وتبثه على جسدك الغض من كل ناحية فكنت أرى لين الجانب من أطرافك يبرق كالديباج فما أن قلت لك إفعل لفعلت لأنك تعلم أننا نحبك فكنت أنا لك السهم وهي لك القوس . .
                فلا تأخذ في نفسك إن نثرت عليك بعضاً من نصح فلا تعجب ولا تقل بأنك قد صرت رجلاً ، فالنهر وهو نهر لا يسأم من نبعه والزهر لا يمل من ندى الصبح ولا الروح تُكلّ من الأنفاس فالشهيق يصلح ما في النفس والزفير يخرج ما فسد . .
                فلا تكن يا بني كرئالٍ يلاحقه ضبعٌ فيغرس رأسه في كثيب أصابه زار الرمال . . بل كن كقناصٍ يلوح بأذنه حيث نباءة الصيد تنوح . . فأرمي برمحك بثباتٍ ولا ترفع قدميك من ثراهما حتى لا تهوي مكباً على وجهك الفارس . . وكن كالخيل في النجاء إن إحتمى الوطيـس ولا تديرنَّ وجهك إن رأيت صلاء النار يشهق إن بغيت الشواء فضع الشواء بيديك إن لم تجد الملقاط.

                دمت لي عزيزاً مكرماً. .

                أبوك المحب
                [/align]
                [align=justify]تحياتي الباسقات أبي

                لكم طفح الشوق بي ، فتارةً أرى جمرته يصعب على البحر إطفائها أو رمال الدنيا تخمدها أو أنها كنجم ليس له في الوجود إتساعٌ ، فقد آثارتني رسالتك المفعمة بحبك وحنانك وقد أثْقلَتْ شوقي لك قدراً عظيماً بقدر جبال الدنيا وثراها ، فكلما أقرأ فيها حرفاً أغدو على سفح العزة والكبرياء أن حباني الله بأبٍ لا يعرف لأبنائه ولكل من يحب أو لا يحب إلاّ العطاء والسخاء بغير كيف ولِما !!؟
                نعم لقد تعلمت منك الكثير وليس تعليماً بالقول والسمع بل بالعزم والحزم ، ما كنت أراك تقف أمام من ضربته السنون بأكفها إلاّ وأجدك فراشاً له وثيراً وظُلة لكل مجروح كسير ، هذه الحياة أعيشها من وراء ستار لأعينكم ، ما خطوت فيها خطوةً إلاّ وأرى حبالك المتينة بيدي أتسلق بها كل جبل يقف في سبيلي ، وشعلة تربيتك التي لا تنطفيء البتة مهما طال مشواري أو طلع عليّ النهار وفي النهار كثيراً ما نرى من الظلمات.
                نعم إقرأ واقرأ لأمي ما زخْرَفْتُه على وريّقتي لتراه مرات ومرات فلعلّ الحروف تخرج أجنحةً لها فتأتيني تارة أخرى تُقبِّلني بحبها الدفين وشوقها الحنين المحيط إحاطة السماء للنجو م، إنها الأم التي أخذتني في جوفها تختال بي في كل حدائق وبساتين الحنان والحب العارم دون كلل أو ملل أو رهق ، فمُنى العين أن أجثو على ركبتي أمامها حينما يرزقني الرحمن اللقاء بكم ، فكم لظمان يتلهف لرشفة ماء وأنا ما أريد وإن كنت أسير وأسير في البوادي والأمصار في الهجير إلاّ نظرةً تغرورق فيها عيناها حناناً فأرتوي منها أيام وأيام . .
                لكم قد أعجبتني حِكَم حديثك الذي زيّلت به رسالتك الكريمة ، ستجدني كما تريد يا أبي فوق كل قمة شمّاء أرفع اعلام نصرتك التي تتمناها في إبنك وفي كل لحظة ، فكم وجدت يا أبتي في غربتي حرقةً تسلخ غشاء قلبي ، رأيت بشراً غير البشر الذين إعتدّ فيهم العز والكبرياء والأنفة وحسن الخلق ، هناك من البشر ومن بني الجلدة ذاتها يؤسفني قول ذلك ، قد تمرغت قلوبهم على حمأة الحياة فلا يعرفون الشر من الخير ، فقد عكف فيهم الكذب والنفاق دهوراً فلا يمرق ليتبرأ من جلدته النتنة ولكم من أجل أن يغيّرها ليكون بوجه آخر ، ولكن هناك المُثُل والمباديء التي رسختها أنت وأمي في وكنات خلقي أراها الغذاء الذي يقوِّي عظمي ويرسخ قدماي ولو على تلال الثلوج الصماء.

                فدم بألف خير ونم غرير العين وتوكل على من خلق فيك هذا الحب والحنان لأبنائه وسلامي من بحار حبي يموج ويموج حتى يعود إلىَّ تارة أخرى لأنثر قطراته على أضلعي فتزداد أنفاسي قوة لأركض وأركض لأتسلق الفضاء حتى أعدو من فوق سحابه لألتف على خاصرة ودادكم جميعاً فلا يفكني عنكم إلاّ من فتق السموات والأرض.

                دمتم بكل جمال
                .[/align]
                التعديل الأخير تم بواسطة عبدالله جمعة; الساعة 21-01-2014, 16:59.
                لا تعلو بصوتك والأسْدُ من حولك تهمسُ

                تعليق

                • عبير هلال
                  أميرة الرومانسية
                  • 23-06-2007
                  • 6758

                  #9
                  مدهش استاذي

                  ننتظر المزيد من هذا الهطول العائلي
                  sigpic

                  تعليق

                  • عبدالله جمعة
                    أديب وكاتب
                    • 19-10-2008
                    • 95

                    #10
                    المشاركة الأصلية بواسطة عبير هلال مشاهدة المشاركة
                    مدهش استاذي

                    ننتظر المزيد من هذا الهطول العائلي
                    عبير الهلال

                    لكم أدهشني فواح حرفك من يراع حسك الندي

                    تقديري
                    لا تعلو بصوتك والأسْدُ من حولك تهمسُ

                    تعليق

                    يعمل...
                    X