ذِئاب
قصة مهداة إلى أخي وصديقي ربيع عقب الباب
عندما كُنّا صِغاراً ، كانت أمي تَحْكي لنا حكاياتٍ كثيرةً ، كنا نَتَحَلَّقُ حَوْلَها ليلاً ، تقصُّ علينا أخبارَالزيرِ سالم ، وحكايةَ ( نُصِّ نْصيص ) وحكاياتٍ أخرى عديدةً عن الغيلانِ التي تعترضُ سبيلَ الناس ، وكُنّا نَأوي إلى فراشنا بَعْدَ هذا وصورةُ الغولِ لا تُفارِقُ مخيلاتِنا الغَضَّة ، نَستيْقِظُ في الليل ، يسيطرُ علينا فزعٌ شديد ، تَسقينا أمي الماءَ مِنْ ( طاسة الرَّعْبَة ) وتُعيدُنا إلى النومِ بصعوبةٍ وسطَ البكاءِ والخوف ، وقد يلتصقُ بها أحدُنا مِنْ هَوْلِ ماسَمِعْناهُ عَنِ الغيلان ، وتَروحُ أيامٌ لِتَجيءَ بَعْدَها أيام ،يَصْغُرُ فينا الخوفُ ، وتَكْبُرُ روحُ المواجَهَة ، ولَعَلَّ حكايةَ الزيرِ سالِم هي الأكثرُ إثارةً في نفوسِنا ، كنا نتمنى أن نصبحَ مثلَه ، وأنْ نَحْذُوَ حَذْوَهُ كما هُوَ في الحكاية ، حيثُ كان يَرِدُ ماءَ قومِهِ يوماً ، ومَعَهُ قَطيعٌ كبيرٌمِنَ الحمير ، كُلُّ حِمارٍ على ظَهْرِهِ قِرْبَتانِ كبيرتان ، وقَطَعَتِ السِّباعُ الجائعةُ طريقَه ، هاجَمَتِ الحميرَ والتهمَتْها وهي في طريقِ العودةِ إلى المضاربِ تَحْمِلُ الماءَ ، غَضِبَ الزيرُ ، فهاجَمَ السباعَ ، وأخْضَعَها ، ثم شَدَّ عليها السُّروج ، وحَمَلَتْ قِرَبَ الماءِ رغْماً عنها ، وساقَها الزيرُ إلى مضاربِ قومِه ، وظَلَّتْ كلماتُهُ عالقةً في قاعِ الذاكرة : مَنْ يأكُلُ حَميرَ العَرَب ، لابُدَّ أنْ يَئِنَّ تَحْتَ القِرَب ، وترتَسِمُ صورةُ الزيرِ أمامَنا جَلِيَّةً صافيةً كعيْنِ الدّيك ، تقودُنا إلى مقاتلةِ ذِئابٍ جائعة ، لكنَّها لاتَرْقى إلى ضراوةِ وشجاعةِ السِّباع ، جاءتْ تسرقُ الأرضَ ومافوْقَها ، وتحرقُ الأخضرَ واليابِسَ تَحْتَ أقدامِنا ، وتَحْرِمُنا مِنْ أنْ نَرِدَ الماءَ ، ولتقْدَحَ فينا عَيْنا الزيرِ كُلَّ يومٍ غَضَباً ،كَيْ لا تَظَلَّ القِرَبُ فارغةً ، فالقبيلةُ يكادُ يقتلُها الظمأ ، وعينُ الماءِ لا يَرِدُها الآنَ إلاّ الذئاب ، ومَعَ الذئابِ ذئابٌ أُخَر .
قصة مهداة إلى أخي وصديقي ربيع عقب الباب
عندما كُنّا صِغاراً ، كانت أمي تَحْكي لنا حكاياتٍ كثيرةً ، كنا نَتَحَلَّقُ حَوْلَها ليلاً ، تقصُّ علينا أخبارَالزيرِ سالم ، وحكايةَ ( نُصِّ نْصيص ) وحكاياتٍ أخرى عديدةً عن الغيلانِ التي تعترضُ سبيلَ الناس ، وكُنّا نَأوي إلى فراشنا بَعْدَ هذا وصورةُ الغولِ لا تُفارِقُ مخيلاتِنا الغَضَّة ، نَستيْقِظُ في الليل ، يسيطرُ علينا فزعٌ شديد ، تَسقينا أمي الماءَ مِنْ ( طاسة الرَّعْبَة ) وتُعيدُنا إلى النومِ بصعوبةٍ وسطَ البكاءِ والخوف ، وقد يلتصقُ بها أحدُنا مِنْ هَوْلِ ماسَمِعْناهُ عَنِ الغيلان ، وتَروحُ أيامٌ لِتَجيءَ بَعْدَها أيام ،يَصْغُرُ فينا الخوفُ ، وتَكْبُرُ روحُ المواجَهَة ، ولَعَلَّ حكايةَ الزيرِ سالِم هي الأكثرُ إثارةً في نفوسِنا ، كنا نتمنى أن نصبحَ مثلَه ، وأنْ نَحْذُوَ حَذْوَهُ كما هُوَ في الحكاية ، حيثُ كان يَرِدُ ماءَ قومِهِ يوماً ، ومَعَهُ قَطيعٌ كبيرٌمِنَ الحمير ، كُلُّ حِمارٍ على ظَهْرِهِ قِرْبَتانِ كبيرتان ، وقَطَعَتِ السِّباعُ الجائعةُ طريقَه ، هاجَمَتِ الحميرَ والتهمَتْها وهي في طريقِ العودةِ إلى المضاربِ تَحْمِلُ الماءَ ، غَضِبَ الزيرُ ، فهاجَمَ السباعَ ، وأخْضَعَها ، ثم شَدَّ عليها السُّروج ، وحَمَلَتْ قِرَبَ الماءِ رغْماً عنها ، وساقَها الزيرُ إلى مضاربِ قومِه ، وظَلَّتْ كلماتُهُ عالقةً في قاعِ الذاكرة : مَنْ يأكُلُ حَميرَ العَرَب ، لابُدَّ أنْ يَئِنَّ تَحْتَ القِرَب ، وترتَسِمُ صورةُ الزيرِ أمامَنا جَلِيَّةً صافيةً كعيْنِ الدّيك ، تقودُنا إلى مقاتلةِ ذِئابٍ جائعة ، لكنَّها لاتَرْقى إلى ضراوةِ وشجاعةِ السِّباع ، جاءتْ تسرقُ الأرضَ ومافوْقَها ، وتحرقُ الأخضرَ واليابِسَ تَحْتَ أقدامِنا ، وتَحْرِمُنا مِنْ أنْ نَرِدَ الماءَ ، ولتقْدَحَ فينا عَيْنا الزيرِ كُلَّ يومٍ غَضَباً ،كَيْ لا تَظَلَّ القِرَبُ فارغةً ، فالقبيلةُ يكادُ يقتلُها الظمأ ، وعينُ الماءِ لا يَرِدُها الآنَ إلاّ الذئاب ، ومَعَ الذئابِ ذئابٌ أُخَر .
تعليق