عندما يتحول النقد إلى الانتقاد

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • شيروان ديريك
    عضو الملتقى
    • 18-06-2009
    • 20

    عندما يتحول النقد إلى الانتقاد

    عندما يتحول النقد إلى الانتقاد
    شيروان ديريك


    أحب أن أوضح منذ البداية اني لست ناقداً ولا أدعي ذلك أبداً لأن النقد وكما قرأت عنه في الكثير من الكتب والمنشورات النقدية هو أصعب أنواع الأدب لذلك نجد قلة من الكتاب يلجأون إلى عالم النقد.
    أحببت أن أبدأ بهذه المقدمة لأتوقف من خلالها على مقالة للكاتب صبري
    رسول بعنوان (من الانفتاح إلى المغامرة- التناص الشعري بين خلات أحمد ونارين عمر) وكان صبري رسول قد نشرها في بعض المواقع منذ عدة أشهر.
    يبدأ الكاتب مقالته بالقول:
    )ربماجمعتني صدفة محضة بمجموعة الشاعرة الكردية خلات أحمد (مذكرات زهرة الأكاليبتوس) قبلسنتين، فقرأتها، وانبهرتُ أمام نصوصها الممتدّة من فتنة السّرد إلى شعرية النّص،وبها قرأتُ طفولتي ومرحلة الصّبا من خلال سيرة نهرٍ موشّحٍ بالحزن مثلي، وقبل شهرٍمن تاريخ كتابة هذه الدّراسة أهدتْني الشاعرة نارين عمر مجموعتها(حيثُ الصّمتُيحتضر) وعند قراءتي لها استحضرتني قصائد خلات أحمد التي نسيتُ تفاصيلها، كوني لاأهتمُّ بالشعر كناقد، وعند رجوعي إلى المجموعة كان التّتاصُ بادياً للقارئ العادي،هذا ما دفعني إلى هذه المقاربة التّناصية.).
    وفي موضع آخر يقول:
    (القصيدة الأولى، سيرة نهرٍ،منشورة في مجموعة خلات أحمد الثانية (مذكرات زهرة الأوكاليبتوس) ط 1 - 2006 دارأزمنة للنشر والتوزيع الأردن – عمان
    والقصيدة الثانية، في سكرة نبض ديرك، منشورة في مجموعةنارين عمر (حيث الصمت يحتضر)ط1- 2008 دار الزمان للطباعة والنشر، سوريا- دمشق.).
    إذاً صبري رسول يرى أنه عندما قرأ نص خلات ثم نص نارين وجد التناص بادياً للقارئ العادي, وبما انه قارئ غير عادي فقد رأى من واجبه أن يظهر لنا هذه المقاربة التناصية, وبحركة وجدها هو بالذكية ذكر تاريخ صدور المجموعتين الأولى في عام 2006 والثانية في عام 2008ولتبدأ من هنا مسألة مغالطته لنفسه ومغالطته للقارئ, وإيهامه القارئ ان نارين هي التي سرقت أفكار خلات ومضمون نصوصها.
    لن أتحدث عن التناص ولا عن معانيه لأن الأخ صبري كتب الكثير حوله ولكن اسمحوا لي أن أبدي بعض الملاحظات حول هاتين الفقرتين وحول مضمون المقالة بشكل عام وبعدها سأترك الحكم للاخوة القراء ليبدو آراءهم واستنتاجاتهم فيها.

    أولاً: من قال ان العام الذي يصدر فيه الكاتب نتاجه هو نفسه العام الذي كتب فيه جميع مواد هذا النتاج المطبوع مهما كان نوع هذا النتاج أدبياً, ثقافياً, علمياً...؟ وأي شاعر أو كاتب يستطيع أن يدعي انه ألف نصوص كتابه في عام واحد ثم نشره في نفس العام؟

    ثانياً: تؤكدُ نارين عمر على انّها لم تتمكن حتى الآن من قراءة مجموعة خلات احمد المذكورة قراءة متأنية ومتفحصة لأنها لا تمتلك المجموعة أصلاً وانها رأتها صدفة عند إحدى صديقاتها وتصفحتها تصفحاً سريعاً, وتؤكد انها في ذلك التاريخ كانت نشرت قصيدتها هذه.

    ثالثاً: أكد عدد من الاخوة الذين قرؤوا مقالة صبري رسول ان نارين عمر قرأت لهم قصيدة عن مدينتها ديريك ولكن باللغة الكردية وذكرت فيها كل هذه الاماكن التي ذكرتها في قصيدتها (سكرة نبض ديرك) التي ذكرها صبري, وكان ذلك خلال أمسية أدبية أقيمت لها في عام 2003 لتقرأ عليهم بعض قصائدها بالكردية, وفعلاً مَنْ يقرأ ديوانها المنشور باللغة الكردية سيجد انها ذكرت فيها كل هذه الاماكن والمعالم والاشخاص الذين ذكرتهم في هذه القصيدة, ولاأعرف إذا كانت نارين عمر قد كتبت هذه القصيدة بالكردية ثم ترجمتها إلى العربية أو بالعكس لأنها في الغالب تقوم بترجمة أعمالها الأدبية من الكردية إلى العربية, أو من العربية إلى الكردية.

    رابعاً: هذه القصيدة ليست الوحيدة التي تحدثت فيها نارين عن مدينتها ديريك, فهناك عدة قصائد لها تذكر مدينتها, وعلى سبيل المثال لا الحصر تقول في قصيدة بعنوان (ديركا حمكو وقدري) ,وديركا حمكو هي نفسها مدينة ديريك:
    أصداء أنيني تلاشت
    تناثرت كل راياتها ونسائم هبت حبلى
    بسنابل صدق وحب تعانقت...تآلفت
    العذراء* أهدتني من نسائم صبرها
    الأسد علي* علمني التسامح
    مذ طفت حول مقامه سبع مرات
    صبيحة عيد شتوي
    ثم تتابع في موضع آخر:
    وليتلذذ في أنيني القدرُ
    اختلس من رياض الخلد غرسة
    هجنها بعشق ديريك
    ....
    لتظل هي والروح تخفقان بنبض وحيد
    إذا ما همد همدنا
    *- العذراء إشارة إلى كنيسة السيدة العذراء في ديريك.
    *-الأسد علي إشارة إلى مقام الإمام علي بن أبي طالب المقيم في قرية تابعة لديريك, وقد نشرت هذه القصيدة قبل صدور مجموعة خلات.
    أما في قصيدة (حكاية مفرداتك) فتقول:
    قلتَ لي يوماً ونحن جالسان
    فوق التلة التوأم لجزيرة مم وزين*
    ماء دجلة*: فيض من دموعكِ
    على لحظة ودّ هاربة
    سقلان*: خصلة من بركات بسمتك لولادة
    شمس عيد ديور
    الجسر*: وليد شرايين عرشكِ
    في مملكة التوبة.
    جزيرة مم وزين إشارة إلى جزيرة بوطان (جزيرة ابن عمر)* دجلة: إشارة إلى نهر دجلة. سقلان: نبع ماء في قرية عين ديور التابعة لديريك, وفي ختام هذه القصيدة تقول:
    على مشارف ديريك كنت تدندنُ
    نَفَسَ لحن وجدتها...وجدتها
    أنتِ نصف الحبّ الآخر لديريك.
    وإضافة إلى ذكرها لديريك في الكثير من أشعارها فانها تذكرها في بعض قصصها ومقالاتها أيضاً, وكل ذلك لانها امرأة تعشق ديريك حتى النخاع كما تقول هي.

    خامساً: الخطأ الذي أوقع صبري رسول نفسه فيه انه أصدر حكمه على قصيدة نارين عمر على الفور, دون أن يتأنى في قراءتها وفي تاريخ كتابة كل شاعرة لقصيدتها والظروف التي دفعت كليهما إلى الكتابة وكانه وكما قال أحد الاخوة القراء أثناء قراءته لمقالة صبري رسول انه كان قد بيّت في نفسه لمجموعة نارين عمر انتقاداً لاذعاً حتى قبل وقوعها بين يديه وقراءته لقصائدها وقد ظهر ذلك بوضوح في قوله الذي أشرنا إليه قبل قليل:
    (وعند قراءتي لها استحضرتني قصائد خلات أحمد التي نسيتُ تفاصيلها، كوني لاأهتمُّ بالشعر كناقد، وعند رجوعي إلى المجموعة كان التّتاصُ بادياً للقارئ العادي،هذا ما دفعني إلى هذه المقاربة التّناصية). وهذا ما دفع صبري رسول إلى أن يتحول من ناقد كما أراد هو لنفسه إلى منتقد كما لاحظتُ شخصياً وكما لاحظه بعض الاخوة القراء والمهتمين.
    وهنا تستوقفني مسألة أخرى هامة, وهي أن الشاعرتين نارين عمر وخلات أحمد روت لنا كل منهما سيرتها الذاتية ولانهما تنتميان إلى المدينة نفسها وعاشتا طفولة متقاربة (نارين من مواليد 1967 وخلات من مواليد 1972) فطبيعي أن نجد بعض التشابه في السيرتين, رغم أن معظم الأماكن والأشخاص التي ذكرتها كل شاعرة تختلف عن الأخرى, لأن كلاً منهما ترجمت الأمور العالقة في ذاكرتها منذ أيام الطفولة والصبا, وإذا كان هذا الأمر هو التناص الذي يعني السرقة (كما أراد صبري رسول أن يقول) فيجب واستناداً إلى ذلك أن نتهم كل الشعراء الذين تحدثوا عن فلسطين بالتناص لأنهم يكررون نفس الأحداث ونفس الأماكن ونفس المواقع, وكذلك نتهم حنا مينا الذي كتب سيرته الذاتية والتي يكثر فيها من ذكر البحر وكتاب آخرين كتبوا في نفس الموضوع بالتناص أو التناصية. ومن خلال طرحي لبعض الأسئلة على بعض الرجال والنساء الذين عاشوا تلك الفترة وقبلها ومن ضمنهم أمي أكدوا أن نارين عمر روت سيرتها الذاتية وقصتها مع ديريك بأمانة وصدق دون زيادة أو نقصان, إذاً نارين تروي قصتها مع مدينتها من خلال رؤية ذاكرتها وفكرها وكذلك فعلت خلات أحمد.

    سادساً: فور نشر صبري رسول لهذه المقالة أرسلت إلى الشاعرة نارين عمر عدة رسائل واستفسرت منها عن هذه القصيدة التي أطربت ديرك كلّها بكل سكانها وأمكنتها وأصريت على أن تحكي لي قصة هذه القصيدة, وأمام إلحاحي أرسلت إلي هذه الرسالة وأكدت لي فيها انها غير قابلة للنشر أبداً, ولكنني أستميحها عذراً وأستميحكم في نشرها بدون إذنها وبدون علمها لأن فيها جواباً شافياً يناقض كل تصورات صبري رسول وآرائه حولها. وسوف أنشر الفقرة المتعلقة بحكاية هذه القصيدة كاملة, تقول نارين عمر:
    (كنتُ أتجوّلُ مع زوجي في عصر يومٍ ربيعيّ مبهج (وبالمناسبة زوجي هو رفيقُ طفولتي وقضى عمره كله منذ طفولته وحتى الآن في ديريك لذلك ذكرياتنا مشتركة),وكان ذلك في عام(1995م) فطلبتُ إليه أن نترافقَ في رحلةٍ حول ديريك, نسترجعُ فيها ذكريات الطّفولةِ والصّبا فوافق على الفور, وبدأنا نتجوّلُ بين حاراتها القديمة أوّلاً, فتوقفنا عند بيوتٍ عديدة تحوّلت الآن إلى ذكرى, ثم بدأنا نكملُ مشوارنا مع كلّ أماكنها ومعالمها الأثرية, ومررنا بالمدرسِ التي درسنا فيها, وقد طالت رحلتنا لساعاتٍ, ولم نشعر إلا والمساءُ يتهيّبُ للرّحيل ليحلّ محلّه الّليل....وعندما عدتُ إلى البيتِ بدأت خيوطُ قصيدةٍ تتواردُ في خاطري ولم أنم في تلك الّليلة إلا بعد أن دوّنتُ كلّ الأماكن والمواقع والأشخاص الذين مرّوا أمام ناظريّ, وناظريّ فكري وإحساسي, ولكنّني بعد أيّام حين حاولتُ العودة إليها لم أعثر عليها بين أوراقي ما أصابني همّ وحزن, وبعد مرور سنواتٍ وتحديداً في عام 2004م, وبينما زوجي يتصفّحُ بعض أوراقه وجدها, وعندما سلّمها إليّ أحسستُ وكأنّني حصلتُ على كنزٍ ثمين, وبدأنا نقرأ من جديد القصيدة وعندما حاولتُ أن أغيّرَ بعض جملها وكلماتها طلبَ إليّ أن أحافظَ عليها كما هي مع إضافةِ بعض جمل أخرى عليها, وكان من ضمنها الجمل المتعلّقة بالمدارس التي درسنا فيها, وذكر الثّكنةِ العسكرية, وعندما أعدتُ كتابتها من جديد أرّختها بعام 2004م, ونشرتها في بعض المواقع والمجلات بهذا التّاريخ, والسّبب أنّني لاحظتُ أنّ هذا العام مباركٌ عليّ لأنّي وجدتُ فيه قصيدتي التي تؤكّدُ في كلّ حين على أنّها تحوّلت إلى ابنةٍ جديدةٍ عزيزةٍ عليّ.....).

    سابعاً: لم أرد في هذه المقالة أن أوجه إساءة إلى صبري ولا إلى أحد ولكنني وجدتُ لزاماً علي أن أوضح بعض الأمور للاخوة القراء نتيجة الأخطاء التي ارتكبها صبري رسول بحق كاتبة وشاعرة وقاصة مبدعة مثل نارين عمر, وفي النهاية يبقى لكل إنسان آراءه وملاحظاته الشخصية والادبية على النص المنشور.
    ثامناً: للمرة الثانية أقدم اعتذاري إلى الأستاذة نارين عمر على نشري لرسالتها بدون إذنها لانها أكدت لي أنها سعدت بمقالة صبري وكررت لي ما تكرره هي دوماً: ما دام النص الأدبي في ذاكرة وفكر الكاتب فهو ملك له, ومتى ما خرجت إلى النشر والطباعة يصبح ملكاً لكل القراء الذين يتناولونها وعلى مختلف مستوياتهم وانتماءاتهم, ويجب أن نتقبل آراءهم سلبية كانت أم إيجابية.
    ويُذكر أن خلات أحمد شاعرة كردية من سورية, من مدينة ديريك (المالكية) وتكتب باللغتين الكردية والعربية وهي تقيم الآن في سويسرا ولها مكانتها عند سكان ديريك الذين يفخرون بشعرها ونشاطها وأصدرت حتى الآن مجموعتان شعريتان بالعربية ومجموعة بالكردية.
    ونارين عمر كاتبة وشاعرة وقاصة من سوريا من مواليد ديريك تكتب أيضاً باللغتين الكردية والعربية, وتنشر نتاجها الأدبي منذ نهاية الثمانينات من القرن العشرين وحتى الآن في العديد من المجلات والصحف الكردية والعربية وتُعتبر أول فتاة من ديريك والقرى التابعة لها تكتب وتنشر فلم يسبقها في النشر فتاة أو امرأة أخرى رغم انها ليست الاولى التي أصدرت نتاجها مطبوعا في كتب ومؤلفات فقد سبقتها شاعرات أخريات ويُعتبر هذا مأخذاً كبيراً عليها من قبل أهل ديريك, كما انها مربية فاضلة ومدرّسة قديرة لمادة اللغة العربية فهي حاصلة على إجازة في الآداب, قسم اللغة العربية من جامعة دمشق, ويشرفني ويسعدني اني كنت أحد طلابها في المرحلة الثانوية وأحببت اللغة العربية من خلالها, وإضافة إلى ذلك فهي امرأة مثقفة وناشطة في مجال حقوق المرأة والطفل ولها عشرات المقالات عنهما وأهم موضوعين يشغلانها الآن هما موضوع جرائم الشرف والعنوسة, ونالت العديد من الجوائز وآخرها كانت الجائزة الثالثة للقصة القصيرة عن قصتها (حكمت المحكمة) في مسابقة دار الأدباء الثقافية التي تشرف عليها الشيخة الدكتورة خلدية آل خليفة ولها مجموعتان شعريتان بالكردية والعربية.










  • عواطف الجوفي
    كاتبة واقعية
    • 21-06-2009
    • 62

    #2
    بل أنت ناقداً فذ

    من وجة نظري القاصرة أرى أن النقد من حق الجميع ولا يجب أن يختص به النقاد وحدهم طالما أن الناقد يملك المادة النقدية ومُتمكن منها

    تقديري
    [align=center]
    مدونتي
    http://awatf.blogspot.com/
    [/align]

    تعليق

    • شيروان ديريك
      عضو الملتقى
      • 18-06-2009
      • 20

      #3
      شهادة منك أعتز بها ولكنني أكرر مرة أخرى
      أنا لست ناقداً ولكنني أحاول أن أكون منصفاً بحق
      الكتاب الكبار أمثال الأستاذة نارين عمر
      سعدت بمرورك

      تعليق

      يعمل...
      X