قراءة في : " يا جبال أوبي معه "
للشاعر عيسى الشيخ حسن
محمود الأزهري / مصر
***
------------------
(يا جبال أوبي معه) هو الديوان الشعري الثاني للشاعر السوري : عيسى الشيخ حسن ، وهذا الديوان حصل به الشاعر على المركز الثالث في جائزة الشارقة للإبداع العربي الدورة الخامسة 2001 في مجال الشعر ، وأما ديوانه الأول فعنوانه (أناشيد مبللة بالحزن) وهو ديوان فاز به الشاعر بجائزة عبد الوهاب البياتي الشعرية عام 1998 م . وعيسى الشيخ حسن شاعر شاب من مواليد القامشلي بسوريا عام 1965م ويعمل حالياً بجريدة الراية القطرية إضافة إلى عمله الأساسي كمدرس ، و (يا جبال أوبي معه) هو جزء من آية كريمة تتحدث عن نبي الله داود وجمال صوته وعذوبة إنشاده للمزامير فالله عز وجل يأمر الجبال أن ترجع وتعيد الأذكار والدعوات والأناشيد التي يتلوها نبي الله داود ، إذن فالالتحام بالنص الديني وعشق التراث أمر ظاهر من العنوان بل وتوظيف التراث ومحاولة التناص معه واستنطاق النصوص الدينية بشكل إيجابي أمر واضح ولافت للانتباه أيضاً ..، والديوان يضم بين دفتيه ثماني وعشرين قصيدة وهي جميعاً تنتمي إلى شعر التفعيلة وتأتي موسيقاها في يسر وسهوله دون تكلف أو تعنت ودون أن تحس بأن هناك مطبات أو تعاريج في السطور الشعرية المتتالية وينجح الشاعر في رسم وإبداع صورة شعرية طازجة متألقة تسطع عليها روح الشعر المجنونة والتي لا يمكن أن يمسك بها إلا الشعراء المجانين ، وهو أيضاً - محب لتراث أمته وغارق فيه إلى حد الإبداع فهناك غرق يؤدي إلى السقوط والجمود والموت ، والشاعر عيسى الشيخ حسن يتحلى بحزن عميق ومرارة قاسية تبدو واضحة في قصائده حتى إنها تعبر عن نفسها أحيانا بالمقلوب وفي شكل هزلي ساخر يقول عيسى : "ثلاثة يعيشون في قطر/ الجمل/ والنخلة/ وعيسى الشيخ حسن" وهذا الشاعر محب للجماعة بوده أن يلتحم بهم وأن يحضروا من تاريخهم أو غربتهم أو منفاهم إلى تاريخه أو غربته أو حضوره فهناك قصائد لها هذه العناوين (إليهم - يدا محمد العمر - إلى أمى - إلى صقر قريش - إلى طارق بن زياد - إلى شهيد - إلى محمد الغدو - إليه - إليها - إلى محمد الظاهر - إلى يعقوب السبيعي) وهو يهدي ديوانه إلى المحبوبة الحاضرة في غيابه .
)إلى فاطمة ……. الغيوم التي لم تمر على قبرك لم تشيعها دموعي) ولعل هذا الإهداء كاف للتعبير عن طاقة الحزن التي تسكن الشاعر الذي يحاول أن يقدم "شهادة تعريف" به وهي أول قصيدة في الديوان يقول عيسى "ولد إلا سبع سنابل/ يرتكب قصيدته ويغني للأخضر حين تهم به الصحراء/ ينهض في الحنطة/ ويشيل الهم إذا أغمضت الرؤيا/ والتبس الدرب/ وغيض الماء/ تشهق في الخطوات مراثيه/ تلونه بالفجر الغائم وذنوب الشعراء" ويصور الشاعر طفولته في سوريا وكأنه يصور طفولتي في مصر : "سمع لي متن الألفية في الصبح /وكافأني بالتوت الأحمر حين حفظت وأوصاني خيراً بالحزن/ كان الشيخ يعزينا إن هلك الحرث/ وغاب الوبل/ وأفلس أنصاف الشعراء" ولا ينسى الشاعر أمر قلبه فيقول في قصيدة (نشوة) : "لا …… ليس على قلبي حرج .. إن مد أصابع دهشته وتهجى اسمك/ ليس عليه جناح إن هش غريراً/ لأغان تتدفق في الروح المكلومة كي يلمح نجمك/ آه حين تمرين/ وآه حين تغيبين عن البال فأستدعي رسمك/ يا رؤياي وملهمتي كم مر على كرمك عشاق/ فلاحون قساة/ ونواطير … ولم يفنوا كرمك" . في قصائد عيسى الشيخ حسن تكثر ظاهرة القصيدة/ القصة ولذلك يصعب على القارئ اجتزاء مقطع من قصيدة وهي ظاهرة لم يتفرد بها الشاعر بل هي منتشرة في الشعر الحديث بدلاً من الحداثي ، وفي قصائد عيسى يمثل الوطن كعادته مهزوماً غير مكترث بهزيمته ، وأخيراً فإن قصائد عيسى الشيخ حسن : "محاولة أخرى في محاورة نشيد الإنسان الخالد بالحزن بلغة بسيطة لا تسرف في أوهام الاكتشاف بل تنطوي على دلالات واضحة تكشف بها عن إرهاصات الروح بإيقاعات يقارب بها صوت الشاعر أصوات وأشياء العالم ، تحتفي هذه المجموعة بأشيائها المهدورة وعالمها الداخلي بصدق بعيداًً عن الضجة العابرة للحشد ، مستفيدة بنجاح ، من آصرة واضحة مع تراث القصيدة العربية" هذا بعض ما جاء في تقرير لجنة التحكيم التي منحته الجائزة … والجائزة الكبرى هي احتفال قراء العربية ومحبي الشعر بميلاد شاعر عربي واعد ننتظر منه المزيد من النجاحات في المستقبل .
محمود الأزهرى
مصر
للشاعر عيسى الشيخ حسن
محمود الأزهري / مصر
***
------------------
(يا جبال أوبي معه) هو الديوان الشعري الثاني للشاعر السوري : عيسى الشيخ حسن ، وهذا الديوان حصل به الشاعر على المركز الثالث في جائزة الشارقة للإبداع العربي الدورة الخامسة 2001 في مجال الشعر ، وأما ديوانه الأول فعنوانه (أناشيد مبللة بالحزن) وهو ديوان فاز به الشاعر بجائزة عبد الوهاب البياتي الشعرية عام 1998 م . وعيسى الشيخ حسن شاعر شاب من مواليد القامشلي بسوريا عام 1965م ويعمل حالياً بجريدة الراية القطرية إضافة إلى عمله الأساسي كمدرس ، و (يا جبال أوبي معه) هو جزء من آية كريمة تتحدث عن نبي الله داود وجمال صوته وعذوبة إنشاده للمزامير فالله عز وجل يأمر الجبال أن ترجع وتعيد الأذكار والدعوات والأناشيد التي يتلوها نبي الله داود ، إذن فالالتحام بالنص الديني وعشق التراث أمر ظاهر من العنوان بل وتوظيف التراث ومحاولة التناص معه واستنطاق النصوص الدينية بشكل إيجابي أمر واضح ولافت للانتباه أيضاً ..، والديوان يضم بين دفتيه ثماني وعشرين قصيدة وهي جميعاً تنتمي إلى شعر التفعيلة وتأتي موسيقاها في يسر وسهوله دون تكلف أو تعنت ودون أن تحس بأن هناك مطبات أو تعاريج في السطور الشعرية المتتالية وينجح الشاعر في رسم وإبداع صورة شعرية طازجة متألقة تسطع عليها روح الشعر المجنونة والتي لا يمكن أن يمسك بها إلا الشعراء المجانين ، وهو أيضاً - محب لتراث أمته وغارق فيه إلى حد الإبداع فهناك غرق يؤدي إلى السقوط والجمود والموت ، والشاعر عيسى الشيخ حسن يتحلى بحزن عميق ومرارة قاسية تبدو واضحة في قصائده حتى إنها تعبر عن نفسها أحيانا بالمقلوب وفي شكل هزلي ساخر يقول عيسى : "ثلاثة يعيشون في قطر/ الجمل/ والنخلة/ وعيسى الشيخ حسن" وهذا الشاعر محب للجماعة بوده أن يلتحم بهم وأن يحضروا من تاريخهم أو غربتهم أو منفاهم إلى تاريخه أو غربته أو حضوره فهناك قصائد لها هذه العناوين (إليهم - يدا محمد العمر - إلى أمى - إلى صقر قريش - إلى طارق بن زياد - إلى شهيد - إلى محمد الغدو - إليه - إليها - إلى محمد الظاهر - إلى يعقوب السبيعي) وهو يهدي ديوانه إلى المحبوبة الحاضرة في غيابه .
)إلى فاطمة ……. الغيوم التي لم تمر على قبرك لم تشيعها دموعي) ولعل هذا الإهداء كاف للتعبير عن طاقة الحزن التي تسكن الشاعر الذي يحاول أن يقدم "شهادة تعريف" به وهي أول قصيدة في الديوان يقول عيسى "ولد إلا سبع سنابل/ يرتكب قصيدته ويغني للأخضر حين تهم به الصحراء/ ينهض في الحنطة/ ويشيل الهم إذا أغمضت الرؤيا/ والتبس الدرب/ وغيض الماء/ تشهق في الخطوات مراثيه/ تلونه بالفجر الغائم وذنوب الشعراء" ويصور الشاعر طفولته في سوريا وكأنه يصور طفولتي في مصر : "سمع لي متن الألفية في الصبح /وكافأني بالتوت الأحمر حين حفظت وأوصاني خيراً بالحزن/ كان الشيخ يعزينا إن هلك الحرث/ وغاب الوبل/ وأفلس أنصاف الشعراء" ولا ينسى الشاعر أمر قلبه فيقول في قصيدة (نشوة) : "لا …… ليس على قلبي حرج .. إن مد أصابع دهشته وتهجى اسمك/ ليس عليه جناح إن هش غريراً/ لأغان تتدفق في الروح المكلومة كي يلمح نجمك/ آه حين تمرين/ وآه حين تغيبين عن البال فأستدعي رسمك/ يا رؤياي وملهمتي كم مر على كرمك عشاق/ فلاحون قساة/ ونواطير … ولم يفنوا كرمك" . في قصائد عيسى الشيخ حسن تكثر ظاهرة القصيدة/ القصة ولذلك يصعب على القارئ اجتزاء مقطع من قصيدة وهي ظاهرة لم يتفرد بها الشاعر بل هي منتشرة في الشعر الحديث بدلاً من الحداثي ، وفي قصائد عيسى يمثل الوطن كعادته مهزوماً غير مكترث بهزيمته ، وأخيراً فإن قصائد عيسى الشيخ حسن : "محاولة أخرى في محاورة نشيد الإنسان الخالد بالحزن بلغة بسيطة لا تسرف في أوهام الاكتشاف بل تنطوي على دلالات واضحة تكشف بها عن إرهاصات الروح بإيقاعات يقارب بها صوت الشاعر أصوات وأشياء العالم ، تحتفي هذه المجموعة بأشيائها المهدورة وعالمها الداخلي بصدق بعيداًً عن الضجة العابرة للحشد ، مستفيدة بنجاح ، من آصرة واضحة مع تراث القصيدة العربية" هذا بعض ما جاء في تقرير لجنة التحكيم التي منحته الجائزة … والجائزة الكبرى هي احتفال قراء العربية ومحبي الشعر بميلاد شاعر عربي واعد ننتظر منه المزيد من النجاحات في المستقبل .
محمود الأزهرى
مصر

تعليق