السلام عليكم
نتمنى لكل من شارك الفوز والنجاح وقد ادرجت النصوص حسب وصولها :
عالم تلميذ في الصف الخامس
_________________
خرج الطبيب من غرفة (خضر) بعد أن اطمأن عليه ووصف له دواء يساعده على الشفاء بعد الله ، وطمأن والديه الذين طلبا من ابنهما أن يلزم فراشه وأفهماه أنهما سيأخذان له إذن غياب من المدرسة كما أمر الطبيب.
ولكن (خضر) ذو العشرة أعوام لم يكن كغيره من الأطفال الذين يفرحون لغيابهم بل كان متضايقاً حزيناً , فهو يحب مدرسته ومعلميه وزملاءه ، كان يعشق حصة الرسم كما يعشق رائحة الالوان ، يجيد الرسم كما يقول أستاذ الفنون عنه الذي يخبره دائما : حاول أن تطلق العنان لخيالك يا خضر حين ترسم)، فيلجأ إلى رسم أشياء عجيبة ولكنها متقنة ،كان يرسم أشجاراً وبيوتاً أشكالها غريبة وكأنها من فضاءٍ آخر.
هناك مسابقة للرسم ستقام الأسبوع القادم في المدرسة, خاف أن تفوته الفرصة للمشاركة فيها، لم يكن يتمنى الفوز بقدر ما كان يحب المشاركة والجلوس مع أصدقائه والتنقل في عالمها وعالم خياله الواسع.
راح يسأل نفسه وهو على سريره..(كم سيطول وقت الجرثومة المسببة لمرضي لتخرج من جسمي؟ هل الأدوية تقتل الجراثيم؟ماذا يحصل للجراثيم ؟هل تموت أم تهرب عندما تتذوق الدواء؟ ما شكلها؟)
تخيل الجراثيم بأنها ذات رأس دائري وأسنان كبيرة وجسم صغير وعدة أرجل طويلة خضراء اللون ،هل هذا صحيح؟ كيف دخلت الجرثومة إلى جسمه ؟أين تذهب؟).
تذكــّر أمه مرة تقول له :- يا خضر، اقفل فمك حين تعطس حتى لا تنتقل الجراثيم إلى أصدقائك).
اذا كانت الجراثيم تعيش في أجسام البعض وعندما يعطسون تنتقل العدوى الى آخرين ، فهل هذا يعني أن الدواء لا يقتل الجراثيم !! أم أنه يخيفهم فقط فيهربون وينتقلون إلى جسم إنسان آخر ؟؟ وعندما يأخذ هذا الإنسان الدواء فإنها تهرب إلى جسم شخص ثالث ، وهكذا...!!!
أخذ يفكر,إذا ما اضطرت الجراثيم للهروب من الدواء فهذا دليل أن لها عقلا تفكر به، ولكن بعض الأحيان تموت الجراثيم لأنها لم تستطع الهروب من الدواء.
كان خضريعلم أن هناك عدة أنواع من الجراثيم المختلفة ، كلها معقدة ، طلب من والدته أن تشتري له كتابا عن الجراثيم حتى يجد حلولاً وإجابات لأسئلته التي لا تنتهي .
وجد أن تلك الحشرات تسمى جراثيم أو ميكروبات ، بعضها يعيش في المياه القذرة وبعضها في الهواء ، وتفاجأ حين قرأ أن بعضا منها مفيدة وجيدة للإنسان ،عرف أن الجراثيم صغيرة جدا بحيث لا تستطيع العين المجردة رؤيتها.
وبعد أيام تحسّن خضر وأصبح قادرا للذهاب إلى المدرسة ، كان مدرس العلوم قد طلب من تلاميذه أن يرسموا شيئا يخص العلوم في مسابقة الفنون .
راح خضر يرسم صوراً لعدة جراثيم مختلفة حسب ما جمح إليه خياله ، اختار الأفضل منها وقـدّمها للمسابقة .
أذاع المدير إسم الفائز ، كان زميلاً له من فصل آخر .
قال خضر لنفسه : لا يهم ، لم أكن متوقعاً الفوز لكنني أحب أن أشارك).
لحظات أعلن المدير بأن هناك جائزة خاصة لتلميذٍ قدم عملاً فريداً من نوعه في مادة العلوم ،كان خضر من الصف الخامس يأخذ طريقه إلى حيث الجائزة .
صفق له الجميع ، ابتهج خضر وأخذ جائزته التي كانت مفاجأة سعيدة له ، فقد كانت مجهراً .
أخذ خضر المجهر وعاد إلى الصفوف وهو يهمس لنفسه ( الحمدلله ،ربما سأكون يوماً ما خبيراً في علم الجراثيم , من يدري!!).
************************
الأصابع السحرية
_____________
نظرت بسنت حولها ، و أحست بمزيد من الألم .
كانت كل زميلاتها في الفصل يظهرن جميلات .
هذه شعرها طويل
و هذه شعرها ذهبي
و هذه خدودها حمراء
و هذه عيناها جميلتان
و هذه تبدو رشيقة
و هذه وجهها بشوش
قالت بسنت لنفسها : " كل البنات جميلات إلا أنا . شعري مُجعدّ ، و وجهي شاحب ، و أسناني كبيرة ، و أنفي ضخم ، و قامتي قصيرة . ليست عندي ولا ميزة واحدة " .
لم تعد بسنت تلعب مع صاحباتها . أصبحت تتجنبهن ، و تخيلت أنها تزيد قبحا كل يوم .
في البيت ، لم تعد بسنت مرحة ، و لم تعد تحب الكلام .
كل يوم تنتهي من واجباتها ، و تدخل سريعا غرفتها ، و تنفرد بآلة الكمان 0 تعزف عليها وقتاً طويلاً .
عندما أعدت المدرسة حفلها السنوي ، لم ترغب بسنت في المشاركة .
بعد أن ألحت عليها مدرسة الموسيقي كثيراً ، وافقت علي تقديم فقرة عزف علي الكمان.
علي المسرح ، وقفت بسنت تعزف بآلتها .
كانت كأنها تكلم الكمان .. تشكو إليها و تناقشها و تلاعبها .
جلس الجميع في صمت يستمعون إلي الألحان العذبة .. يتابعون أصابع بسنت الماهرة.
كانت أصابعها كأن فيها سحر يجعل آلة الكمان تنطق و تغني و تضحك .
لم تكن بسنت تشعر بأحد . فقط هي و آلة الكمان تجريان في الحقول ، تسبحان في البحر ، تنطلقان في الفضاء .
ما إن توقفت بسنت عن العزف حتى انطلق التصفيق مدوياً ، و وقف الجميع يحيون العازفة الماهرة بسنت ، صاحبة الأصابع السحرية .
حيت بسنت الجمهور بخجل و سرور . نظرت إلي أصابعها ، و عرفت أن الله أعطاها هي أيضا شيئاً جميلاً .
******************
الديــــك المغرور
____________
ذات صباح جميل ومشرق ، صعد الديك على صخرة مرتفعة وصاح بأعلى صوته مرحبا
بالنهار :
- عيععووو ... عيععووو
ولما كان الصمت يملأ الغابة تصور الديك بان جميع الحيوانات تصغي إليه باهتمام كبير مما جعله يزداد إعجابا بجمال صوته ، وفجأة التفت إلى بقعة الماء الصافية القريبة من المكان ، فرأى شكله فيها كأجمل ما يكون .
تعجب الديك من كثرة ألوانه ، ومنذ ذلك الوقت نسي الديك كل شئ في حياته ، وراح يوما بعد يوم يزداد إعجابا بصوته وبألوانه الجميلة الزاهية , واخذ يقضي كل وقته وهو يغتسل في البركة الصافية كي يزداد ريشة لمعانا ويجرب صوته الجميل فوق الصخرة في الليل والنهار ، وكثيرا ما كان يرفض أن يغادر مكانه إلى مكان آخر حيث يتوفر الغذاء ويفضل الوقوف أمام البركة ليتأمل ألوانه الزاهية لهذا فقد تناسى الديك المغرور أعز أصدقائه وانعزل عن العالم.
ويوما بعد يوم اخذ الجوع يُضعف جسمه , وريشه الجميل بدا يتساقط , ومع هذا فانه بقي مصرا على غروره , رافضا أن يعود لحياته القديمة المليئة بالعمل وبالأصدقاء الطيبين , ومع هذا فقد كان للديك المغرور أصدقاء مخلصون يفكرون به ويبحثون أمره فيما بينهم .
ذات يوم اجتمع الديك الرومي والبطة البنية والإوزة البيضاء ، وتأسفوا كثيرا على الحالة التي وصل إليها صديقهم الديك المغرور، فقسم أصرّ على تركه في غروره , وقسم ألحّ على نجدته بأسرع وقت ممكن , فمن الخطأ ترك الآخرين في أخطائهم دون متابعة وإرشاد ، وبعد مشاورات طويلة قرر الجميع أن يذهبوا إليه وهم يحملون هدايا متواضعة للدلالة على حبهم وتقديرهم له .
حمل الديك الرومي حبوبا طازجة من الأرز والحنطة والعدس ، وحملت الإوزة مقادير من الماء الصافي, أما البطة فقد جلبت إليه مجموعة من الأدوية التي تقوي ريشه وتُشفي حنجرته ... وبعد فترة وصل الجميع إلى مكانه البعيد ، فوجدوه يشكو الجوع والألم ، بعد ان سقط ريشه الجميل وضعف صوته ، وعندما رآهم فرح كثيرا وابتهج وشكرهم على هديتهم ، فحياته الجديدة مع أصدقائه الأوفياء الطيبين أجمل من كل شئ حتى من صوته الجميل وريشه الملون.
******************
الكِتَاب العَجِيب
____________
صورة 1
في مَخزنِ بَيتِنَا … تُوجَدُ خِزانَةُُ قَدِيمةُُ… تَعلُوهَا الأتربةُ … لا أحَدَ يُحِبُّها ولا يَقترِبُ مِنها أحَدُُ … حَكَتْ لي جَدَّتي عَنهَا… قَالَتْ : كَانَ جَدَّك يُحِبُّهَا ويَحتَفِظُ فيِها بكُتِبٍ ثَمينَةٍ ...
صورة 2
ذَهَبَتُ إلى المخزَنِ… فَتَحتُ الخِزانَةَ بِحَذّرٍ … نَظَـــــــرتُ … لايُوجد داخِلها شَيء... غير بَعض الكُتُبِ القَدِيمةِ… فَأَخَذتُ كِتابَاً ونَفَضتُ الأترِبَةَ عَنه ...
صورة 3
… بَعْدُ لَحظَاتٍ … رَأيتُ نوْرَاً يَخرُجُ من الكِتابِ … قلتُ : مَا هَذَا ؟ …فَأجابَ صَوتُُ بَعيدُُ يُشبِه صَوتَ جَدِّي … يقول :
هَذَا عَالـــمُ الكِـــتَاب الحَبيبْ
فيه سِــحرُُ وجَمَـــــالُُ عَجِيبْ
كَمَا تُرِيدُه يُرِيِدُكَ صَـــدِيقْ
كُلَّمَا اقتَربتَ يُضـــئ الطريق
وشَعُرتُ بالنُّورِ حَولِي … يأَخُذَنِي إلي عَالمِ الكِتابِ …
صورة 4
… هُنَـــــاك … فِي المَرَاعي الخَضراء البَعيدةِ…الوَاسِعَةِ رَأيتُه واقِفَاً تَحتَ شَجَرةٍ ... فَرَسَاً أبيَضَ جَمِيلاً … يَنتَظِرُني … رَكِبتُه … وانطَلَقَ بي … وسطَ المَراعِي و الحقُولِ ... كَان يَعِرفُ طَرِيقَهُ ... ولا أعْرِفُ إلى أين يَأخُذُنِي …
صورة 5
أبرَقتِ السَّماءُ … وقَصَفَ الَّرعدُ … ونَزَلتِ الأمطَارُ بغزارةٍ … فتَبللتِ مَلابِسي … وابتَلَّ جَسَدَ الفَرَسِ … لَكِنَّه استَمَرَّ في السَّيرِ … يَغوصُ بأرجُلهِ في الطَّرِيقِ …
صورة 6
فِي الليلِ … أثْنَاء السَّير … تَعثَرتِ أرْجُل الفَرَسِ … وسَقَطَ في حُفْرَةٍ كَبيرةٍ… جُرِحَ سَاقَـهُ … فَلَمْ يَتَمَكَّن من النُّهوضِ … كان يَتَألَّم كَثِيراً … وعَينَاه تَدمَعانِ … حَاولتُ إنقَاذه بِكُلِّ قوتِي … و بقِيتُ بجوَارِهِ طُول الليلِ … أُعَالَجُ جُرحَهُ …
صورة 7
… حتَّى أَصْبَحَ الصَّبَاحُ … وشَفِىَ الفَرَس … ثمّ تَمكَّنَ من النِّهوضِ … والخُروِجِ من الحُفرَةِ … واسْتَمَرَّ في السَّيرِ بِصعوبةِ … وأنَا أسِيرُ ورَاءهُ … هُوَ يَعرِفُ طَرِيقهُ … ولا أعرِفُ إلى أين يأخُذُني …
صورة 8
… فِي الليلِ … تَوقَّفَ بالقُربِ من حَظِيرةٍ … ورَاحَ يَصهِلُ صَهيلاً … كان يُنَادِي على فَرَسِهِ … الآن فَهِمتُ ما يُرِيدُ … وذَهبتُ إلى الحَظِيرةِ …
صورة 9
… رَأيتُ فَرَسَاً آخَر … اصطَاده الصيَّادون … وقَيَّدوه إلى سَاقِ شَجَرةٍ … الفَرسُ جَرِيحُ … يَتألَّمُ … يَسمَعُ الصَهيلَ فيُحَاوِلُ فَكَّ قِيده … لَكِنَّه لا يَسْتَطيِعُ… اقتَرَبتُ مِنه… وفَكَكتُ قَيده … فَصَهَل فَرِحَاً … شَاعِراً بِحُريتهِ … وانْطَلقَ بأقْصى سُرعَةٍ … مُبتَعِداً عَنِّي … شَيئاً فَشَيئاً …
صورة 10
… يَذهَبُ النُّور … فأنظُر حَوْلِي … أجِدُ نَفسي في مَخزنِ بَيتِنا… و الكِتَابُ بين يَديَّ … أبتَسِمُ … وأَخرُجُ من المَخزنِ … حَامِلاً الكِتَابَ في صَدرِي …
*******************
وداعا دميتي الصغيرة :
________________
انتحت الطفلة الصغيرة ركنا قصيا تعلن فيه عن غضبها لانشغال كل من والديها عنها .. فوالدها يقضي الساعات الطويلة فى حجرة مكتبه يمارس عمله دون أن يزعجه احد وهاهى والدتها تمارس هوايتها فى صنع الحلويات وتظل حبيسة المطبخ ساعات طويلة ..
فتظل الصغيرة بمفردها بين عرائسها توزع الادوار وتسمي كل واحدة باسمها وكانت لديها دمية صغيرة تحبها جدا اكثر من غيرها من الدمي وتحرك بداخلها مفردات أمومة لم تنضج بعد .. لم تكن لها مواصفات خاصة بل هى مجرد دمية قماشية تقل جمالا عن غيرها من الدمي الفاخرة والغالية الثمن ولكنها كانت تحبها وقد صنعتها لها جدتها ولم تكن الطفلة لتفارق تلك الدمية القماشية طول اليوم وعندما توزع الادوار كانت تعطيها اكبر الادوار .. واذا ماذهبت للنوم صحبتها معها لتنام بجانبها ...
انفردت الصغيرة بدميتها هذا المساء فوضعتها بجانبها فى السرير وأطفأت الاضواء إلا من ضوء باهت يأتى من مصباح بجانب الفراش ... احتضنت دميتها وهى تهدهدها وبدأت فى الحديث معها وهى تبثها حزنها لانشغال الجميع عنها فى المنزل ..وتمنت لو بادلتها الحديث لتسعد بقربها ... وأسدل النوم ظلاله على الصغيرة حين جاءها زائرا وارخت اهدابها فى نعاس رقيق وفتحت عيونها من جديد ... وفزعت حين رأت عيون دميتها تتحرك وتنظر لها وفتحت الصغيرة واغلقت عينها عدة مرات تستطلع الامر وبعد العينين هاهى تحرك شفتيها وتحادثها ..:
نستطيع الآن أن نتحدث معا ونروى الحكايات التى كنت أسمعها منك ..
لم تستطع الطفلة ان تمنع عن نفسها احساس فرحة يغمر ذاتها الصغيرة لان امنيتها قد تحققت وهاهى تنعم بصحبة دميتها الصغيرة وقالت لدميتها : هيا إحكي لي الحكايات التى كنت اقصها عليكِ..!
ونظرت الدمية ذات العيون الزرقاء التى كانت أزرارا صغيرة وامعنت النظر فى عيون الصغيرة وكانها تتذكر الحكايات وتستعيد طرف خيطها لتنطلق .... وهنا سألتها الطفلة : ترى من منا الأكبر ؟
ابتسمت الدمية واجابت سأروى لك ِ حكاية صغيرة وبعدها ستعرفين الاجابة :
ـــ كان هناك أربعة من الاصدقاء . الفيل والقرد والارنب واليمامة كانوا يعيشون فى سعادة وحب ، وفى يوم من الايام إختلف الأربعة أيهم الأكبر وأيهما الأصغر وكانت بجانبهم شجرة كبيرة فى السن ، فقال الفيل :
عندما كنت صغيرا كانت هذه الشجرة أقصر مني .
وقال القرد : عندما كنت صغيرا كانت هذه الشجرة وظلها أقصر مني
وقال الارنب : عندما كنت صغيرا كنت آكل أوراقها وهى فى بدايه تكوينها على سطح الارض .
وقالت اليمامة : كانت هذه الشجرة بذرة فى منقاري وقد ألقيتها على الأرض ونبتت .
فتنبه الاصدقاء ان اليمامة أكبر سنا منهم لذلك عندما يسيرون كان الفيل يحمل القرد والقرد يحمل الارنب ثم تجلس اليمامة على رأس الارنب ومن يومها ادرك الاصدقاء انه لاينبغى السؤال عن الكبير والصغير ..فالكبير فى حاجة إلى الصغير والصغير ينفع الكبير ..
ونظرت الدمية إلى عيون صديقتها تستطلع منها هل فهمت الصغيرة معنى ومغزى الحكاية ..؟
ابتسمت الصغيرة إبتسامة ذات مغزى وألقت عليها تحية المساء واحتضنتها وذهبت فى نوم عميق ..
........
استيقظت الصغيرة صباحا وحملت دميتها وهى تنظر لها وتهزها لتستطلع ماذا حدث بالامس وهل كان حلما ام حقيقة ؟
وجدت الدمية كحالها وقد سكنت الزراير الزرقاء عن الحركة وعادت الشفاة القماسية الحمراء عادت تسكن فى هدوء ، وظنت الصغيرة انه كان حلما ... ربما !!
وحان موعد نومها ليلا وقد صحبتها والدتها لتضعها فى الفراش واطفأت الانوار واوصدت الباب خلفها ومازال المصباح الصغير يرسل بنبضات نوره البسيط على ارضية الغرفة وسرير الطفلة ... نظرت فى عيون دميتها وتهلل وجهها فرحا عندما بدأت العيون الزرقاء تتحرك وتنطلق ابتسامة صغيرة من إنفراجة الشفتين الحمراء ..
قالت الصغيرة : ظننته حلما ولكني الآن فى منتهى السعادة يادميتي الحبيبة وأريد أن أسألك ، سمعت اليوم كلمة الطمع وقد وصفت بها والدتي إحدى قريباتنا ولم أفهم معناه فهل تدليني على المعنى ؟
ابتسمت الدمية وقالت : سأروى لك ِ حكاية وبعدها ستفهمين معنى الكلمة ...
ــــــ كان فى احدى مناطق المراعي يقسمون الاراضي الواسعة بطريقة غريبة بينهم ، فكل انسان يركب حصانه وينطلق به مع شروق الشمس وكلما مر بمكان وضع علامة به وكل الاراضي التى يمر بها تصبح ملكا له بشرط أن يصل إلى نقطة البداية قبل غروب الشمس ..
وخرج رجل وهو يعتزم أن يأخذ أكبر مساحة منها له .. وكلما مر بمكان وضع العلامة ويستزيد أكثر منها ويحاول أن يحصل على اكثر واكثر ... تعب الحصان فتركه حتى لايعطله عن هدفه الذى اعتزمه وأكمل السير على قدميه ... وأصبحت الشمس فى كبد السماء واشتد وهجها وانعكست اشعتها على وجه الرجل الذى تصبب عرقا وقد أنهكه التعب ولكن نفسه تأمره أن يواصل المسير حتى قطع مساحة طائلة ولابد أن يعود قبل أن تغرب الشمس وإلا فقد ماكان يحاول إمتلاكه ، وفى طريق العودة وجد الحصان وقد مات من تأثير العطش والتعب ولم ينل هذا المشهد من الرجل وواصل السير عائدا وبعد وقت ليس بالقصير وقد قارب قرص الشمس على الرحيل ولاحت نقطة البداية أمامه وبدأ يترنح من شدة التعب ويسقط على الارض ثم يعاود النهوض بصعوبة ويخطو بخطوات بطيئة فى صعوبة ومعاناة بالغة وبعد خطوات قليلة يسقط من جديد ، ويبذل كل مجهود فى محاولة الوقوف وعينه ترقب قرص الشمس وقال محدثا نفسه :
تابع سيرك يارجل فليس أمامك سوى خطوات ثلاثة بعدها تمتلك هذه الأرض المترامية الاطراف وستصبح غنيا وتحقق كل احلامك .. سر .. سر ..!!
وتابه اول خطوة وقد اصبح قرص الشمس فى عينيه مجرد غيامة لايتبين ملامحها ووضع القدم الاخرى للخطوة الثانية وقد انحنى ظهره ومالت رأسه إلى الأمام وحبات العرق تتساقط وتغلق عينه وتحجب عنه الطريق ووضع قدمه لاخر نقطة وقد ادرك نقطة البداية وفوقها خارت قواه وفارقته أحلامه وسقط ميتا ... ولقد اصبحت الارض الشاسعة ملكا لانسان عائب عن الحياة وقد قتله طمعه .
وانهت الدمية حكايتها ونظرت للصغيرة وقد هزت رأسها بالايجاب على سؤال لم تسأله الدمية ولكنها تعرفه .وابتسمت الصغيرة ابتسامتها الرقيقة العذبة وذهبت فى نوم عميق .
.........
وتكررت الايام والليالى والصغيرة تستمع إلى حكايا دميتها وتفهمها كل ماتريد ... حتى كان يوم انتظرت أن تبدأ دميتها فى سرد حكايتها الجديدة وكلما حاول النوم التسلل إلى عينيها بعدته عنها وهى ترقب الأزرار الزرقاء وقطعة الشفاه الحمراء دون جدوى
ليال كثيرة مرت بعدها وهى تنتظر دون أى امل ، فعادت الصغيرة إلى عالمها من الالعاب والدمي وحكاياتها وتوزع الادوار كعادتها ولكنها لم تنس ابدا دميتها الأثيرة وهى تعطيها دور البطولة .
وذهبت الصغيرة إلى النوم ونظرت إلى دميتها بابتسامتها العذبة واغمضت عينيها وهى تلقى عليها تحية المساء وتهمس فى براءة وحنان : وداعا ... وداعا يادميتي الصغيرة .
.......
نتمنى لكل من شارك الفوز والنجاح وقد ادرجت النصوص حسب وصولها :
عالم تلميذ في الصف الخامس
_________________
خرج الطبيب من غرفة (خضر) بعد أن اطمأن عليه ووصف له دواء يساعده على الشفاء بعد الله ، وطمأن والديه الذين طلبا من ابنهما أن يلزم فراشه وأفهماه أنهما سيأخذان له إذن غياب من المدرسة كما أمر الطبيب.
ولكن (خضر) ذو العشرة أعوام لم يكن كغيره من الأطفال الذين يفرحون لغيابهم بل كان متضايقاً حزيناً , فهو يحب مدرسته ومعلميه وزملاءه ، كان يعشق حصة الرسم كما يعشق رائحة الالوان ، يجيد الرسم كما يقول أستاذ الفنون عنه الذي يخبره دائما : حاول أن تطلق العنان لخيالك يا خضر حين ترسم)، فيلجأ إلى رسم أشياء عجيبة ولكنها متقنة ،كان يرسم أشجاراً وبيوتاً أشكالها غريبة وكأنها من فضاءٍ آخر.
هناك مسابقة للرسم ستقام الأسبوع القادم في المدرسة, خاف أن تفوته الفرصة للمشاركة فيها، لم يكن يتمنى الفوز بقدر ما كان يحب المشاركة والجلوس مع أصدقائه والتنقل في عالمها وعالم خياله الواسع.
راح يسأل نفسه وهو على سريره..(كم سيطول وقت الجرثومة المسببة لمرضي لتخرج من جسمي؟ هل الأدوية تقتل الجراثيم؟ماذا يحصل للجراثيم ؟هل تموت أم تهرب عندما تتذوق الدواء؟ ما شكلها؟)
تخيل الجراثيم بأنها ذات رأس دائري وأسنان كبيرة وجسم صغير وعدة أرجل طويلة خضراء اللون ،هل هذا صحيح؟ كيف دخلت الجرثومة إلى جسمه ؟أين تذهب؟).
تذكــّر أمه مرة تقول له :- يا خضر، اقفل فمك حين تعطس حتى لا تنتقل الجراثيم إلى أصدقائك).
اذا كانت الجراثيم تعيش في أجسام البعض وعندما يعطسون تنتقل العدوى الى آخرين ، فهل هذا يعني أن الدواء لا يقتل الجراثيم !! أم أنه يخيفهم فقط فيهربون وينتقلون إلى جسم إنسان آخر ؟؟ وعندما يأخذ هذا الإنسان الدواء فإنها تهرب إلى جسم شخص ثالث ، وهكذا...!!!
أخذ يفكر,إذا ما اضطرت الجراثيم للهروب من الدواء فهذا دليل أن لها عقلا تفكر به، ولكن بعض الأحيان تموت الجراثيم لأنها لم تستطع الهروب من الدواء.
كان خضريعلم أن هناك عدة أنواع من الجراثيم المختلفة ، كلها معقدة ، طلب من والدته أن تشتري له كتابا عن الجراثيم حتى يجد حلولاً وإجابات لأسئلته التي لا تنتهي .
وجد أن تلك الحشرات تسمى جراثيم أو ميكروبات ، بعضها يعيش في المياه القذرة وبعضها في الهواء ، وتفاجأ حين قرأ أن بعضا منها مفيدة وجيدة للإنسان ،عرف أن الجراثيم صغيرة جدا بحيث لا تستطيع العين المجردة رؤيتها.
وبعد أيام تحسّن خضر وأصبح قادرا للذهاب إلى المدرسة ، كان مدرس العلوم قد طلب من تلاميذه أن يرسموا شيئا يخص العلوم في مسابقة الفنون .
راح خضر يرسم صوراً لعدة جراثيم مختلفة حسب ما جمح إليه خياله ، اختار الأفضل منها وقـدّمها للمسابقة .
أذاع المدير إسم الفائز ، كان زميلاً له من فصل آخر .
قال خضر لنفسه : لا يهم ، لم أكن متوقعاً الفوز لكنني أحب أن أشارك).
لحظات أعلن المدير بأن هناك جائزة خاصة لتلميذٍ قدم عملاً فريداً من نوعه في مادة العلوم ،كان خضر من الصف الخامس يأخذ طريقه إلى حيث الجائزة .
صفق له الجميع ، ابتهج خضر وأخذ جائزته التي كانت مفاجأة سعيدة له ، فقد كانت مجهراً .
أخذ خضر المجهر وعاد إلى الصفوف وهو يهمس لنفسه ( الحمدلله ،ربما سأكون يوماً ما خبيراً في علم الجراثيم , من يدري!!).
************************
الأصابع السحرية
_____________
نظرت بسنت حولها ، و أحست بمزيد من الألم .
كانت كل زميلاتها في الفصل يظهرن جميلات .
هذه شعرها طويل
و هذه شعرها ذهبي
و هذه خدودها حمراء
و هذه عيناها جميلتان
و هذه تبدو رشيقة
و هذه وجهها بشوش
قالت بسنت لنفسها : " كل البنات جميلات إلا أنا . شعري مُجعدّ ، و وجهي شاحب ، و أسناني كبيرة ، و أنفي ضخم ، و قامتي قصيرة . ليست عندي ولا ميزة واحدة " .
لم تعد بسنت تلعب مع صاحباتها . أصبحت تتجنبهن ، و تخيلت أنها تزيد قبحا كل يوم .
في البيت ، لم تعد بسنت مرحة ، و لم تعد تحب الكلام .
كل يوم تنتهي من واجباتها ، و تدخل سريعا غرفتها ، و تنفرد بآلة الكمان 0 تعزف عليها وقتاً طويلاً .
عندما أعدت المدرسة حفلها السنوي ، لم ترغب بسنت في المشاركة .
بعد أن ألحت عليها مدرسة الموسيقي كثيراً ، وافقت علي تقديم فقرة عزف علي الكمان.
علي المسرح ، وقفت بسنت تعزف بآلتها .
كانت كأنها تكلم الكمان .. تشكو إليها و تناقشها و تلاعبها .
جلس الجميع في صمت يستمعون إلي الألحان العذبة .. يتابعون أصابع بسنت الماهرة.
كانت أصابعها كأن فيها سحر يجعل آلة الكمان تنطق و تغني و تضحك .
لم تكن بسنت تشعر بأحد . فقط هي و آلة الكمان تجريان في الحقول ، تسبحان في البحر ، تنطلقان في الفضاء .
ما إن توقفت بسنت عن العزف حتى انطلق التصفيق مدوياً ، و وقف الجميع يحيون العازفة الماهرة بسنت ، صاحبة الأصابع السحرية .
حيت بسنت الجمهور بخجل و سرور . نظرت إلي أصابعها ، و عرفت أن الله أعطاها هي أيضا شيئاً جميلاً .
******************
الديــــك المغرور
____________
ذات صباح جميل ومشرق ، صعد الديك على صخرة مرتفعة وصاح بأعلى صوته مرحبا
بالنهار :
- عيععووو ... عيععووو
ولما كان الصمت يملأ الغابة تصور الديك بان جميع الحيوانات تصغي إليه باهتمام كبير مما جعله يزداد إعجابا بجمال صوته ، وفجأة التفت إلى بقعة الماء الصافية القريبة من المكان ، فرأى شكله فيها كأجمل ما يكون .
تعجب الديك من كثرة ألوانه ، ومنذ ذلك الوقت نسي الديك كل شئ في حياته ، وراح يوما بعد يوم يزداد إعجابا بصوته وبألوانه الجميلة الزاهية , واخذ يقضي كل وقته وهو يغتسل في البركة الصافية كي يزداد ريشة لمعانا ويجرب صوته الجميل فوق الصخرة في الليل والنهار ، وكثيرا ما كان يرفض أن يغادر مكانه إلى مكان آخر حيث يتوفر الغذاء ويفضل الوقوف أمام البركة ليتأمل ألوانه الزاهية لهذا فقد تناسى الديك المغرور أعز أصدقائه وانعزل عن العالم.
ويوما بعد يوم اخذ الجوع يُضعف جسمه , وريشه الجميل بدا يتساقط , ومع هذا فانه بقي مصرا على غروره , رافضا أن يعود لحياته القديمة المليئة بالعمل وبالأصدقاء الطيبين , ومع هذا فقد كان للديك المغرور أصدقاء مخلصون يفكرون به ويبحثون أمره فيما بينهم .
ذات يوم اجتمع الديك الرومي والبطة البنية والإوزة البيضاء ، وتأسفوا كثيرا على الحالة التي وصل إليها صديقهم الديك المغرور، فقسم أصرّ على تركه في غروره , وقسم ألحّ على نجدته بأسرع وقت ممكن , فمن الخطأ ترك الآخرين في أخطائهم دون متابعة وإرشاد ، وبعد مشاورات طويلة قرر الجميع أن يذهبوا إليه وهم يحملون هدايا متواضعة للدلالة على حبهم وتقديرهم له .
حمل الديك الرومي حبوبا طازجة من الأرز والحنطة والعدس ، وحملت الإوزة مقادير من الماء الصافي, أما البطة فقد جلبت إليه مجموعة من الأدوية التي تقوي ريشه وتُشفي حنجرته ... وبعد فترة وصل الجميع إلى مكانه البعيد ، فوجدوه يشكو الجوع والألم ، بعد ان سقط ريشه الجميل وضعف صوته ، وعندما رآهم فرح كثيرا وابتهج وشكرهم على هديتهم ، فحياته الجديدة مع أصدقائه الأوفياء الطيبين أجمل من كل شئ حتى من صوته الجميل وريشه الملون.
******************
الكِتَاب العَجِيب
____________
صورة 1
في مَخزنِ بَيتِنَا … تُوجَدُ خِزانَةُُ قَدِيمةُُ… تَعلُوهَا الأتربةُ … لا أحَدَ يُحِبُّها ولا يَقترِبُ مِنها أحَدُُ … حَكَتْ لي جَدَّتي عَنهَا… قَالَتْ : كَانَ جَدَّك يُحِبُّهَا ويَحتَفِظُ فيِها بكُتِبٍ ثَمينَةٍ ...
صورة 2
ذَهَبَتُ إلى المخزَنِ… فَتَحتُ الخِزانَةَ بِحَذّرٍ … نَظَـــــــرتُ … لايُوجد داخِلها شَيء... غير بَعض الكُتُبِ القَدِيمةِ… فَأَخَذتُ كِتابَاً ونَفَضتُ الأترِبَةَ عَنه ...
صورة 3
… بَعْدُ لَحظَاتٍ … رَأيتُ نوْرَاً يَخرُجُ من الكِتابِ … قلتُ : مَا هَذَا ؟ …فَأجابَ صَوتُُ بَعيدُُ يُشبِه صَوتَ جَدِّي … يقول :
هَذَا عَالـــمُ الكِـــتَاب الحَبيبْ
فيه سِــحرُُ وجَمَـــــالُُ عَجِيبْ
كَمَا تُرِيدُه يُرِيِدُكَ صَـــدِيقْ
كُلَّمَا اقتَربتَ يُضـــئ الطريق
وشَعُرتُ بالنُّورِ حَولِي … يأَخُذَنِي إلي عَالمِ الكِتابِ …
صورة 4
… هُنَـــــاك … فِي المَرَاعي الخَضراء البَعيدةِ…الوَاسِعَةِ رَأيتُه واقِفَاً تَحتَ شَجَرةٍ ... فَرَسَاً أبيَضَ جَمِيلاً … يَنتَظِرُني … رَكِبتُه … وانطَلَقَ بي … وسطَ المَراعِي و الحقُولِ ... كَان يَعِرفُ طَرِيقَهُ ... ولا أعْرِفُ إلى أين يَأخُذُنِي …
صورة 5
أبرَقتِ السَّماءُ … وقَصَفَ الَّرعدُ … ونَزَلتِ الأمطَارُ بغزارةٍ … فتَبللتِ مَلابِسي … وابتَلَّ جَسَدَ الفَرَسِ … لَكِنَّه استَمَرَّ في السَّيرِ … يَغوصُ بأرجُلهِ في الطَّرِيقِ …
صورة 6
فِي الليلِ … أثْنَاء السَّير … تَعثَرتِ أرْجُل الفَرَسِ … وسَقَطَ في حُفْرَةٍ كَبيرةٍ… جُرِحَ سَاقَـهُ … فَلَمْ يَتَمَكَّن من النُّهوضِ … كان يَتَألَّم كَثِيراً … وعَينَاه تَدمَعانِ … حَاولتُ إنقَاذه بِكُلِّ قوتِي … و بقِيتُ بجوَارِهِ طُول الليلِ … أُعَالَجُ جُرحَهُ …
صورة 7
… حتَّى أَصْبَحَ الصَّبَاحُ … وشَفِىَ الفَرَس … ثمّ تَمكَّنَ من النِّهوضِ … والخُروِجِ من الحُفرَةِ … واسْتَمَرَّ في السَّيرِ بِصعوبةِ … وأنَا أسِيرُ ورَاءهُ … هُوَ يَعرِفُ طَرِيقهُ … ولا أعرِفُ إلى أين يأخُذُني …
صورة 8
… فِي الليلِ … تَوقَّفَ بالقُربِ من حَظِيرةٍ … ورَاحَ يَصهِلُ صَهيلاً … كان يُنَادِي على فَرَسِهِ … الآن فَهِمتُ ما يُرِيدُ … وذَهبتُ إلى الحَظِيرةِ …
صورة 9
… رَأيتُ فَرَسَاً آخَر … اصطَاده الصيَّادون … وقَيَّدوه إلى سَاقِ شَجَرةٍ … الفَرسُ جَرِيحُ … يَتألَّمُ … يَسمَعُ الصَهيلَ فيُحَاوِلُ فَكَّ قِيده … لَكِنَّه لا يَسْتَطيِعُ… اقتَرَبتُ مِنه… وفَكَكتُ قَيده … فَصَهَل فَرِحَاً … شَاعِراً بِحُريتهِ … وانْطَلقَ بأقْصى سُرعَةٍ … مُبتَعِداً عَنِّي … شَيئاً فَشَيئاً …
صورة 10
… يَذهَبُ النُّور … فأنظُر حَوْلِي … أجِدُ نَفسي في مَخزنِ بَيتِنا… و الكِتَابُ بين يَديَّ … أبتَسِمُ … وأَخرُجُ من المَخزنِ … حَامِلاً الكِتَابَ في صَدرِي …
*******************
وداعا دميتي الصغيرة :
________________
انتحت الطفلة الصغيرة ركنا قصيا تعلن فيه عن غضبها لانشغال كل من والديها عنها .. فوالدها يقضي الساعات الطويلة فى حجرة مكتبه يمارس عمله دون أن يزعجه احد وهاهى والدتها تمارس هوايتها فى صنع الحلويات وتظل حبيسة المطبخ ساعات طويلة ..
فتظل الصغيرة بمفردها بين عرائسها توزع الادوار وتسمي كل واحدة باسمها وكانت لديها دمية صغيرة تحبها جدا اكثر من غيرها من الدمي وتحرك بداخلها مفردات أمومة لم تنضج بعد .. لم تكن لها مواصفات خاصة بل هى مجرد دمية قماشية تقل جمالا عن غيرها من الدمي الفاخرة والغالية الثمن ولكنها كانت تحبها وقد صنعتها لها جدتها ولم تكن الطفلة لتفارق تلك الدمية القماشية طول اليوم وعندما توزع الادوار كانت تعطيها اكبر الادوار .. واذا ماذهبت للنوم صحبتها معها لتنام بجانبها ...
انفردت الصغيرة بدميتها هذا المساء فوضعتها بجانبها فى السرير وأطفأت الاضواء إلا من ضوء باهت يأتى من مصباح بجانب الفراش ... احتضنت دميتها وهى تهدهدها وبدأت فى الحديث معها وهى تبثها حزنها لانشغال الجميع عنها فى المنزل ..وتمنت لو بادلتها الحديث لتسعد بقربها ... وأسدل النوم ظلاله على الصغيرة حين جاءها زائرا وارخت اهدابها فى نعاس رقيق وفتحت عيونها من جديد ... وفزعت حين رأت عيون دميتها تتحرك وتنظر لها وفتحت الصغيرة واغلقت عينها عدة مرات تستطلع الامر وبعد العينين هاهى تحرك شفتيها وتحادثها ..:
نستطيع الآن أن نتحدث معا ونروى الحكايات التى كنت أسمعها منك ..
لم تستطع الطفلة ان تمنع عن نفسها احساس فرحة يغمر ذاتها الصغيرة لان امنيتها قد تحققت وهاهى تنعم بصحبة دميتها الصغيرة وقالت لدميتها : هيا إحكي لي الحكايات التى كنت اقصها عليكِ..!
ونظرت الدمية ذات العيون الزرقاء التى كانت أزرارا صغيرة وامعنت النظر فى عيون الصغيرة وكانها تتذكر الحكايات وتستعيد طرف خيطها لتنطلق .... وهنا سألتها الطفلة : ترى من منا الأكبر ؟
ابتسمت الدمية واجابت سأروى لك ِ حكاية صغيرة وبعدها ستعرفين الاجابة :
ـــ كان هناك أربعة من الاصدقاء . الفيل والقرد والارنب واليمامة كانوا يعيشون فى سعادة وحب ، وفى يوم من الايام إختلف الأربعة أيهم الأكبر وأيهما الأصغر وكانت بجانبهم شجرة كبيرة فى السن ، فقال الفيل :
عندما كنت صغيرا كانت هذه الشجرة أقصر مني .
وقال القرد : عندما كنت صغيرا كانت هذه الشجرة وظلها أقصر مني
وقال الارنب : عندما كنت صغيرا كنت آكل أوراقها وهى فى بدايه تكوينها على سطح الارض .
وقالت اليمامة : كانت هذه الشجرة بذرة فى منقاري وقد ألقيتها على الأرض ونبتت .
فتنبه الاصدقاء ان اليمامة أكبر سنا منهم لذلك عندما يسيرون كان الفيل يحمل القرد والقرد يحمل الارنب ثم تجلس اليمامة على رأس الارنب ومن يومها ادرك الاصدقاء انه لاينبغى السؤال عن الكبير والصغير ..فالكبير فى حاجة إلى الصغير والصغير ينفع الكبير ..
ونظرت الدمية إلى عيون صديقتها تستطلع منها هل فهمت الصغيرة معنى ومغزى الحكاية ..؟
ابتسمت الصغيرة إبتسامة ذات مغزى وألقت عليها تحية المساء واحتضنتها وذهبت فى نوم عميق ..
........
استيقظت الصغيرة صباحا وحملت دميتها وهى تنظر لها وتهزها لتستطلع ماذا حدث بالامس وهل كان حلما ام حقيقة ؟
وجدت الدمية كحالها وقد سكنت الزراير الزرقاء عن الحركة وعادت الشفاة القماسية الحمراء عادت تسكن فى هدوء ، وظنت الصغيرة انه كان حلما ... ربما !!
وحان موعد نومها ليلا وقد صحبتها والدتها لتضعها فى الفراش واطفأت الانوار واوصدت الباب خلفها ومازال المصباح الصغير يرسل بنبضات نوره البسيط على ارضية الغرفة وسرير الطفلة ... نظرت فى عيون دميتها وتهلل وجهها فرحا عندما بدأت العيون الزرقاء تتحرك وتنطلق ابتسامة صغيرة من إنفراجة الشفتين الحمراء ..
قالت الصغيرة : ظننته حلما ولكني الآن فى منتهى السعادة يادميتي الحبيبة وأريد أن أسألك ، سمعت اليوم كلمة الطمع وقد وصفت بها والدتي إحدى قريباتنا ولم أفهم معناه فهل تدليني على المعنى ؟
ابتسمت الدمية وقالت : سأروى لك ِ حكاية وبعدها ستفهمين معنى الكلمة ...
ــــــ كان فى احدى مناطق المراعي يقسمون الاراضي الواسعة بطريقة غريبة بينهم ، فكل انسان يركب حصانه وينطلق به مع شروق الشمس وكلما مر بمكان وضع علامة به وكل الاراضي التى يمر بها تصبح ملكا له بشرط أن يصل إلى نقطة البداية قبل غروب الشمس ..
وخرج رجل وهو يعتزم أن يأخذ أكبر مساحة منها له .. وكلما مر بمكان وضع العلامة ويستزيد أكثر منها ويحاول أن يحصل على اكثر واكثر ... تعب الحصان فتركه حتى لايعطله عن هدفه الذى اعتزمه وأكمل السير على قدميه ... وأصبحت الشمس فى كبد السماء واشتد وهجها وانعكست اشعتها على وجه الرجل الذى تصبب عرقا وقد أنهكه التعب ولكن نفسه تأمره أن يواصل المسير حتى قطع مساحة طائلة ولابد أن يعود قبل أن تغرب الشمس وإلا فقد ماكان يحاول إمتلاكه ، وفى طريق العودة وجد الحصان وقد مات من تأثير العطش والتعب ولم ينل هذا المشهد من الرجل وواصل السير عائدا وبعد وقت ليس بالقصير وقد قارب قرص الشمس على الرحيل ولاحت نقطة البداية أمامه وبدأ يترنح من شدة التعب ويسقط على الارض ثم يعاود النهوض بصعوبة ويخطو بخطوات بطيئة فى صعوبة ومعاناة بالغة وبعد خطوات قليلة يسقط من جديد ، ويبذل كل مجهود فى محاولة الوقوف وعينه ترقب قرص الشمس وقال محدثا نفسه :
تابع سيرك يارجل فليس أمامك سوى خطوات ثلاثة بعدها تمتلك هذه الأرض المترامية الاطراف وستصبح غنيا وتحقق كل احلامك .. سر .. سر ..!!
وتابه اول خطوة وقد اصبح قرص الشمس فى عينيه مجرد غيامة لايتبين ملامحها ووضع القدم الاخرى للخطوة الثانية وقد انحنى ظهره ومالت رأسه إلى الأمام وحبات العرق تتساقط وتغلق عينه وتحجب عنه الطريق ووضع قدمه لاخر نقطة وقد ادرك نقطة البداية وفوقها خارت قواه وفارقته أحلامه وسقط ميتا ... ولقد اصبحت الارض الشاسعة ملكا لانسان عائب عن الحياة وقد قتله طمعه .
وانهت الدمية حكايتها ونظرت للصغيرة وقد هزت رأسها بالايجاب على سؤال لم تسأله الدمية ولكنها تعرفه .وابتسمت الصغيرة ابتسامتها الرقيقة العذبة وذهبت فى نوم عميق .
.........
وتكررت الايام والليالى والصغيرة تستمع إلى حكايا دميتها وتفهمها كل ماتريد ... حتى كان يوم انتظرت أن تبدأ دميتها فى سرد حكايتها الجديدة وكلما حاول النوم التسلل إلى عينيها بعدته عنها وهى ترقب الأزرار الزرقاء وقطعة الشفاه الحمراء دون جدوى
ليال كثيرة مرت بعدها وهى تنتظر دون أى امل ، فعادت الصغيرة إلى عالمها من الالعاب والدمي وحكاياتها وتوزع الادوار كعادتها ولكنها لم تنس ابدا دميتها الأثيرة وهى تعطيها دور البطولة .
وذهبت الصغيرة إلى النوم ونظرت إلى دميتها بابتسامتها العذبة واغمضت عينيها وهى تلقى عليها تحية المساء وتهمس فى براءة وحنان : وداعا ... وداعا يادميتي الصغيرة .
.......
تعليق