تفتقت بسمتها وردة من الأرض تشققها، والحنين يطحن الأعماق منها هي الصغيرة الحسناء.. تربعت على تاريخها أقحوانة ذابلة ..سألتها عن أبيها فوجمت ووجمت درءا للجرح، ..وأخيرا نبست في شجاعة مغتصبة : " ..ونحن صغاره الأربعة ،أبي خرج ولم يعد إلينا أبدا.."
أَبِي لَمْ يَعُدْ
لم يقبلْ جبيني خِلالَ الفراقِ
أبي لم يُدِرْ رأسَه في الرَّحِيلِ
وَلَوْ مَرّة لم يلوِّحْ إلينَا
******
وبعدك يا أبتاه اختلفنا كثيرا
صنعنا قوامَك نحتًا
وأنت تسيرُ حثيثا إلى الشمسِ
تزرعُ خطوَكَ في الرملِ
والقصبُ المتشرد يصفرُّ في سيركَ الأزلِي
خذْ نزوعِي إليكَ وداعا
وخذْنِي دموعًا يحاصرُها الرملُ
خذني شراعًا تشاكسُها الريحُ
خذني إليك حنينا
******
أبي لم يعدْ
لمْ يعلِّمْ صغاره كيفَ تسيرُ
وَكَيْفَ الخلاصُ من الأسرِ
كلُّ النُّسورِ تحدِّقُ فينا
تفرخُ فينا خرابا
وأنتَ تودِّعُنَا خلسةً
أنتَ تزرعُنا في الغيابِ
ويصغُرُ طيفُك زرعا
تحوم فراخُكَ جانبه كي تؤثث حرمانَها
في الصَّباحِ الكَئِيبِ
******
أبي لم يعدْ
لم يحرضْ كبارَ القبيلة ضد الصَّليبِ
ولم يتعين زعيما علينا
وكنا رمادا تدوِّرُهُ الريحُ
تغزله الشمس منا خياما
ونحنُ الذين غَبَرْنَا سنينا
أقمنا على مرتع القبرِ
نبني خياما من القش
كيما يخيم فيها الحمامُ
******
أبي لم يدبِّجْ فَتَاتَه حِلْيًا
أبي لم يلجِّمْ حصانَه خَلفَ السَّرابِ
وَسَافرَ طَيْفًا غريبًا عَلَينَا
وَنَحْنُ الأُلَى لَمْ نخنْهُ سنينا
بقينا عَلَى العَهْدِ ننتظرُ البَرْقَ
يمطرُنا العَطَشُ المتجذِّرُ فينَا
وآل اليزيد تعضُّ بأنجاذِها في السرابِ
تحرضنا مضغة سائغا طعمُها
كي نكون شيوخا
"رحيلٌ" هي الأم تغزل حُلْمًا طريدًا
ويخسف يوسفُ دَهْرًا
فيا أَسَفِي نحن لا نفتري فيهِ شَيْنَا
******
أبي لمْ يَعُدْ
كان يركبُ سَابِحَةً
تسمع الرومُ والفرسُ تَصْهالَهَا
والقبائلُ صفٌّ منيعٌ وراءَه
أنتَ المدى يا أبي عُدْ إلينا
وبعدك يا أبتاه انْفَلَقْنَا منينا
صنعنا حصونا لنا من سَرَابِ الخيالِ
وكنا النِّيَامَ على مربضِ العمرِ
خامُسنا كهفنا ينتشي للسنين العِجَافِ
لها الويلُ هذي النقودُ كسادٌ علينا
وهذي اللحى والرقاعُ..
أنحن الذين حكمنا قرونا !؟
لأول يومٍ انكسرنَا
رسمنا النهارَ سرابًا من الطَّيْرِ يَنْأَى
ترى هل نعودُ لأولِ دَهْرٍ
ونشربُ نَخْبَ الشباب الوئيدِ
ونسمعُ تكرار" بَابَا"
وَأَهْرَعُ نحوكَ في واضح القلبِ
يا أَبَتِي صُنْ غِيَابَكَ إنَّا أَبَيْنَا
******
أبي لم يعدْ
لم يعلم بنيه القراءةَ والحربَ والعومَ دينا
ونحن النفوس الشريفةُ
نحن الذين انتصرْنا على الرومِ والفرسِ قسرا
وفينا الكتابُ ينير القبورَ
وفينا الفطام يخر له قومهمْ ساجدينا
لنا عودةُ المجد فوقَ الحصانِ
وسبعٌ من الطيرِ تهوي على زرقةِ الآلِ
والهادياتُ على مسمع الريح
تاهتْ سنينا
******
أبي لم يعدْ
لم يقَبِّلْ جبيني خلالَ الفراقِ
أبي لم يدرْ رأسَهُ في الرحيلِ
ولوْ مرةً لم يلوِّحْ إلينَا
شعر: مصطفى الطوبي
أَبِي لَمْ يَعُدْ
لم يقبلْ جبيني خِلالَ الفراقِ
أبي لم يُدِرْ رأسَه في الرَّحِيلِ
وَلَوْ مَرّة لم يلوِّحْ إلينَا
******
وبعدك يا أبتاه اختلفنا كثيرا
صنعنا قوامَك نحتًا
وأنت تسيرُ حثيثا إلى الشمسِ
تزرعُ خطوَكَ في الرملِ
والقصبُ المتشرد يصفرُّ في سيركَ الأزلِي
خذْ نزوعِي إليكَ وداعا
وخذْنِي دموعًا يحاصرُها الرملُ
خذني شراعًا تشاكسُها الريحُ
خذني إليك حنينا
******
أبي لم يعدْ
لمْ يعلِّمْ صغاره كيفَ تسيرُ
وَكَيْفَ الخلاصُ من الأسرِ
كلُّ النُّسورِ تحدِّقُ فينا
تفرخُ فينا خرابا
وأنتَ تودِّعُنَا خلسةً
أنتَ تزرعُنا في الغيابِ
ويصغُرُ طيفُك زرعا
تحوم فراخُكَ جانبه كي تؤثث حرمانَها
في الصَّباحِ الكَئِيبِ
******
أبي لم يعدْ
لم يحرضْ كبارَ القبيلة ضد الصَّليبِ
ولم يتعين زعيما علينا
وكنا رمادا تدوِّرُهُ الريحُ
تغزله الشمس منا خياما
ونحنُ الذين غَبَرْنَا سنينا
أقمنا على مرتع القبرِ
نبني خياما من القش
كيما يخيم فيها الحمامُ
******
أبي لم يدبِّجْ فَتَاتَه حِلْيًا
أبي لم يلجِّمْ حصانَه خَلفَ السَّرابِ
وَسَافرَ طَيْفًا غريبًا عَلَينَا
وَنَحْنُ الأُلَى لَمْ نخنْهُ سنينا
بقينا عَلَى العَهْدِ ننتظرُ البَرْقَ
يمطرُنا العَطَشُ المتجذِّرُ فينَا
وآل اليزيد تعضُّ بأنجاذِها في السرابِ
تحرضنا مضغة سائغا طعمُها
كي نكون شيوخا
"رحيلٌ" هي الأم تغزل حُلْمًا طريدًا
ويخسف يوسفُ دَهْرًا
فيا أَسَفِي نحن لا نفتري فيهِ شَيْنَا
******
أبي لمْ يَعُدْ
كان يركبُ سَابِحَةً
تسمع الرومُ والفرسُ تَصْهالَهَا
والقبائلُ صفٌّ منيعٌ وراءَه
أنتَ المدى يا أبي عُدْ إلينا
وبعدك يا أبتاه انْفَلَقْنَا منينا
صنعنا حصونا لنا من سَرَابِ الخيالِ
وكنا النِّيَامَ على مربضِ العمرِ
خامُسنا كهفنا ينتشي للسنين العِجَافِ
لها الويلُ هذي النقودُ كسادٌ علينا
وهذي اللحى والرقاعُ..
أنحن الذين حكمنا قرونا !؟
لأول يومٍ انكسرنَا
رسمنا النهارَ سرابًا من الطَّيْرِ يَنْأَى
ترى هل نعودُ لأولِ دَهْرٍ
ونشربُ نَخْبَ الشباب الوئيدِ
ونسمعُ تكرار" بَابَا"
وَأَهْرَعُ نحوكَ في واضح القلبِ
يا أَبَتِي صُنْ غِيَابَكَ إنَّا أَبَيْنَا
******
أبي لم يعدْ
لم يعلم بنيه القراءةَ والحربَ والعومَ دينا
ونحن النفوس الشريفةُ
نحن الذين انتصرْنا على الرومِ والفرسِ قسرا
وفينا الكتابُ ينير القبورَ
وفينا الفطام يخر له قومهمْ ساجدينا
لنا عودةُ المجد فوقَ الحصانِ
وسبعٌ من الطيرِ تهوي على زرقةِ الآلِ
والهادياتُ على مسمع الريح
تاهتْ سنينا
******
أبي لم يعدْ
لم يقَبِّلْ جبيني خلالَ الفراقِ
أبي لم يدرْ رأسَهُ في الرحيلِ
ولوْ مرةً لم يلوِّحْ إلينَا
شعر: مصطفى الطوبي
تعليق