ماذا وراء الشاعرة ؟


وراءها ( آه ) لم يدرك أحدٌ أبعادها ، حتى الشاعرة نفسها

يالكِ من شاعرة يا دكتورة هند
أراهن أن هذا السؤال ( ماذا وراء الشاعرة ) هو سبب ميلاد هذه القصيدة
أليس كذلك يا دكتورة ؟

هنيئاً للشعر بك

الأخت الشاعرة هند سالم باخشوين
سيدتي الفاضلة : دائما النص الجميل يفرض نفسه ، ويتوقف الناقد معه لا يريم دون أن يفيه حقه من الموقوف معه فالنقد الصحيح مساند للنص لا معاند له .
لقد وضعتني كلمات نصط وسط المحيط في دوامة بحرية عاتية السرعة توحدت فيها الجهات لشدة دوران التيار فلم أجد إلا أن أنظر خلفي البعد الضائع ، والسير الزمني الذي ترك حواف أقدامه على بصمات العمر ، لم أستطع النظر للأمام أبدا لشدة القتام ، ولوحشة الطريق ، ولبرودة الدقائق التي تنتظر قطار العمر قبيل الوصول لمحطة تتوقف فيه قاطرته عند خط النهاية ، ليست التساؤلات تساولات إنشاء بالمعنى اللغوي ، ولكنها استغاثات إخبار من جسد يغرق في دوامة التيار قبيل الغرق بثانية ، فهل سيستمع الريح ؟
ويتوقف التيار الدائر بعنف عن الدوران ؟ وهل سيترفق الموج عن دفع الضحية نحو القاع ، ويجرفها برفق نحو الشاطئ تلك هي القضية ؟!!
فسؤالها الأول من العنوان ماذا تريد الشاعر ، جوابه معروف ، لكن هنالك سور قاس يمنع البوح من الخروج من فم يملؤه ماء الغرق !!
تقول الشاعرة :

مـــــــاذا وراء الشـــــــــــــــــاعرة ؟؟؟

أسألت نفسك مرَّةً
ماذا وراء الشاعرةْ ؟؟
ماذا وراء
جنونها
ومجونها
وعيونها
وقصائدٍ
تبدو كثيرًا
ثــــــائرةْ ؟؟؟
ماذا وراء
سكوتها
وكلامها
وملامها
والقهقهات
العاليات
الساحرةْ ؟؟؟
- سؤال توجهه بكاف الخطاب في نفسك ، والسؤال بالهمزة دليل القرب المادي والمعنوي : أسألت نفسك ؟؟
هناك في الجملة سينان أو سينتان ، لتدل على أن نفس الشاعرة امتلأت بالفعل بالأسى ، وتفشت الحسرة في قلبها نتيجة التظاهر بعدم الفهم من المخاطب ، وحالة عدم الحاجة للسؤال لأن جوابه واضح مفهوم ، ولا ترى جوابا بفعل حالة عدم الرغبة بالرد ممن يخاطب وهو يعرف الجواب ويحاول الادعاء بعدم المعرفة .
- ثم تنزاح الشاعرة للخلف أكثر وتنظر داخل نفسها فتقول :

ماذا وراء
الآآآآآآآآآآآآه
حين تقولها
ويظنُّ ناسٌ
أنَّها آه الغرام
الآسرةْ ؟؟؟
- تضع الشاعرة مأساة عدم الرد في بؤرة الحدث ، فالآه ليست فقط آه غرام تحاول الاستيلاء على من يخاطب ، لكنها آه تدل على تنكر المخاطب لفعله الذي يحاول عدم تحمله نتائجه ، ويتوقف في منتصف الطريق بعد زوال سبب التحرك للأمام .
- ثم تعود بعنف للوراء بشكل حاد وبانعطاف بزاوية شديد الانحراف نحو البداية ، فتقول :
ماذا وراء
حضورها الطاغي
الذي
يحتلُّ كلَّ الأمكنة
ويسود كلُّ
الأزمنة
ويحول بين العقل
بين القلب
بين النفس
بين الفكر
أن يسعى
ليرسم
خاطرةْ ؟؟؟
ماذا وراء
النظرة السكرى
التي
حينًا تسافر
للبعيدْ
حينًا تقول
ألا مزيدْ ؟
حينًا
تذوِّب من يطالعها
وتبقى
بعد ذلك
حائرةْ ؟؟؟
ماذا وراء
الصوت
قال قصيدة
فسرت بنفس السامعين
البعثراتُ جميعُها
والذبذباتُ جميعُها
والزلزلاتُ جميعُها
وتأوُّهاتٌ
ناهياتٌ
آمرةْ ؟؟؟
- تلك صورة مكتملة لما كان قبيل ما سيأتي بعد من نفس مدمرة ، وحالة ضياع اليقين ، بسبب تنكر من يخاطب ومحاولته الزئبقية التملص من تبعات تحمل تبعات الحب ، وحالة ما بعد الحدث ، الذي انجرف فيه التيار نحو العمق ، ولم يعد للرجوع أمكانا ..!؟
- ثم تصف الحالة البعدية بانزاح زماني مفصول بسور الحزن والضياع ، وحاجز الغدر والخديعة ، فتقول :
ماذا وراء
شرودها
ودموعها
وضياعها
والخوف يسكن
حرفها
ويدسُّ سكينًا
بنبض
الخاصرةْ ؟؟؟
ماذا وراء
عذابها
وسحابها
وضبابها
والمفردات
القاتمات
الزافرةْ ؟؟؟
ماذا وراء
يقينها
وحنينها
وأنينها
وسنين عمرٍ
ماضيات
حاضرةْ ؟؟؟
حاولْ
فديتك مرَّةً
لو مرَّةً
لو مرَّةً
أن تستشفَّ لمرَّةٍ
ماذا
وراء
ا
ل
ش
ا
ع
ر
ة
؟
؟
؟
؟

وصل النص لقاع المحيط ، ولم يبق سوى فقاعات هواء تدل على غرق ما ، ولكن يدا لم تمتد لتنقذ وردة أمسكت بها أنياب التيار وعصف الريح ، وأسنان الخيانة وخنجر الغدر الذي استقر في الخاصرة .
الأخت هند : كم هذا النص رائع ، وكم أخذني من نفسي بصورة التي تخيلتها ، ربما اقتربت من حافة الحقيقة وربما جانتي جادة الصواب ، لكنه بالفعل جعلني أكتب ما كتبت بحالة من اللاشعور الذاهب في عتمة ما بعد النص .
تحيتي / تثبت .

يا هند لقد شرفت الدار ،إن من يرتاع بقصيدك قد حار،وماذا وراء الشاعرة غير قلب كبير هو قلب الشاعرة.سلمت اختي قلبا وقلما، تحيتي.