إدريس الخوري : حاولت أن أعطي القصة القصيرة وجها جديدا

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • عبد الجبار خمران
    عضو الملتقى
    • 02-05-2009
    • 132

    إدريس الخوري : حاولت أن أعطي القصة القصيرة وجها جديدا

    [align=right]إدريس الخوري : حاولت أن أعطي القصة القصيرة وجها جديدا

    عبد الجبار خمران
    _______________________________

    في الحلقة هذه، من برنامج "مشاريف" الثقافي استضاف ياسين عدنان الأديب والقاص المغربي إدريس الخوري. ولأهمية الشخصية / الضيف و موقعه في مشهد - و مسار- السرد المغربي، ولأهمية ما سُلط عليه الضوء، في لقاء البوح هذا، من رؤى وتصورات هذا القاص عن الكتابة والحياة و المجتمع نُحَول أهم الخلاصات ووجهات النظر الواردة فيه من قول على الأثير إلى كتابة في متناول القراء. و وجب التنويه طبعا إلى أنه ليس هناك من تصرف في الحوار إلا ما اقتضته ضرورة الإنتقال من القول الشفوي إلى الكتابة النصية.
    استهل ياسين عدنان اللقاء بما قدم به الزجال أحمد المسيح، مرة، القاص إدريس الخوري : "عا تا جا الى الدنيا بلا شوارُ ، حْط رَاسُ في دْرب غلفْ و سْماوهْ ادريسْ ولدْ سي علالْ و بعدْ مَا الغيرا[الحرب العالمية 2] رتاتْ..كان هُو بْدا يتهْجى الحْرُوف و يْفكْ الخط ".

    ليستطرد ياسين عدنان بأن ضيف مسائه قاص مغربي بارز وأديب من طراز فريد كاتب "سْبيسْيال" كاتب مْروكي / مغربي جدا، لا يحتاج البلاغة ليكتب، يحتاج فقط إلى مزاج "خاسر" و روح مكفهرة وتلك السخرية الرهيبة التي يسلطها على الخلق بل وعلى ذاته أحيانا، لكن هذا القاص القلق الذي يرفض سلطة النقد، وفكرة البطل ويكره البلاغة والمنفلوطي. نجح منذ مجموعته القصصية الأولى "حزن في الرأس وفي القلب" في أن يمنح "ماسح الأحذية" مساحة، و "مول الزريعة" عنوانا، ومدينة الدار البيضاء و "كاريان سانطرال" و "درب غلف" صوتا ولسانا.
    إنه صاحب "ظلال" و "الأيام والليالي" "مدينة التراب" و "يوسف في بطن أمه".
    وهو واحد من الفرسان الثلاثة الكبار الذين أسسوا لمنعطف جديد في السرد المغربي : محمد شكري و محمد زفزاف وإدريس الخوري.

    وعن بقاء الأخير معتكفا داخل صومعة القصة القصيرة في حين تحولا الراحلان زفزاف و شكري إلى الرواية، رغم أن نصوص الثلاثة كانت تصدر عن نفس الحساسية، ذهب إدريس الخوري إلى أن سر هذا الإخلاص للقصة، يرجع إلى أنه بقي، مثله مثل محمد بوزفور، مطمئنا إلى ذاته وإلى هذا الجنس الأدبي، وطالما سئل عن عدم دخوله إلى عالم الرواية. و سيبوح هنا بسر،كما يقول، وهو أن العمل الصحافي أخذ منه وقتا كثيرا، أما كتابة الرواية فحاضرة في ذهنه، كما انه سبق وأن نشر فصلا من مشروع رواية بمثابة سيرة ذاتية لكنه وكما صرح : تكاسلت وانخرطت في العمل الصحفي. وأنا الآن بصدد تتمة كتابة هذه السيرة، وهي عبارة عن حياة ضيقة خاصة في فضاء درب غلف و المعاريف، و أيضا عن مرحلة عيشي بمدينة الرباط.
    هكذا ينتابني حنين لكتابة الرواية دون أن أجد الوقت أو دون أن أجد نفسي في هذه الرواية.

    وعن سؤال المحلية و الإنتشار فيما يتعلق بإدريس الخوري، مقارنة مع شكري الذي ترجمت رواياته و زفزاف الذي صدرت نصوصه ببغداد ودمشق وغيرها، أقر الخوري بأنه لا يريد أن يصطنع عوالم أجنبية في تجربته الأدبية، فهو على عكس ذلك مخلص لمحليته. ويضيف : وسأعتبر نفسي مثل نجيب محفوظ مثلا - رغم الفارق الكبير بيننا، فهو له عوالم روائية كبيرة ولدي عالمي القصصي المميز- لا أصطنع أبطالا أو فضاءات أجنبية غرائبية، بالعكس فأنا أكتب من موقعي ومن مكاني ومن زمني ومن رؤيتي الخاصة للمكان وللشخوص وللكثير مما يجري للإنسانية القلقة. وبالتالي لا يجب النظر للمحلية نظرة ضيقة أو فلكلورية. فوليام فولكنر مثلا عالمه الأدبي كله عالم جنوب أمريكي ولغته وشخوصه من جنوب أمريكا.

    ومعلوم أن القاص إدريس الخوري واحد من الذين حرروا الأدب من القاموس والمنفلوطي، وقد استشهد عدنان ياسين بقول لأحمد بوزفور جاء فيه : "في أواسط الستينيات بدأت أتعرف وأنا تلميذ على الأدب المغربي الحديث كنت قد قرأت للمنفلوطي وجبران و السباعي وإحسان عبد القدوس وحين بدأت أقرأ ما تيسر لي من الادب المغربي لم أحس بفارق كبير، إلى أن قرأت إدريس الخوري ومحمد زفزاف، عندها أحسست بالنكهة المغربية الأصيلة كنكهة "راس الحانوت" لقد أدخلت نصوصهما عشرات الكتاب إلى عالم الكتابة من مختلف الأجيال كنت أنا أحدهم" أي بوزفور.

    وعلى ذلك علق الخوري قائلا : عندما بدأنا نكتب، بدأنا متكئين على موروث ثقافي وعلى نصوص مغربية للجيل السابق مثل عبد الكريم غلاب، عبد المجيد بن جلون، عبد الرحمن الفاسي، عبد الجبار السحيمي، محمد برادة وغيرهم من الأسماء، و ربما تكويننا الإجتماعي أو الطبقي جعلنا ننظر إلى الواقع نظرة مختلفة. كنا، طبعا، ضد تلك الكتابة الرومانسية والتي يغلب عليها ذلك الطابع الأخلاقي والتربوي فانطلقنا من الواقع المعاش، خاصة واقع فترة الستينات والسبعينات وهو واقع قلق، متمرد، حكائي فيه العديد من النماذج، وبالتالي حاولت مع جيلي أن نعطي للقصة القصيرة وجها آخر، وجها جديدا، يمكن أن أصفه بأنه "وقح" و جريئ ، تدور فيه الأحداث حول شخوص متحركة، قلقة و تواجه قدرها بنوع من العذاب الداخلي.
    هكذا جاءت نصوصي ونصوص جيلي - خاصة شكري و زفزاف - مختلفة عن الكتابات السابقة عنا. والجيل القارئ المطلع على نصوصنا وجد فيها ذاته. وحتى على مستوى اللغة كانت لغتنا غير طبيعية، يمكن أن تكون لغة عادية، لكنها تشدك إلى أسلوبها وإلى جرأتها وإلى عوالم الداخلية.
    وقد حاولنا في توظيفنا للهجة الدارجة - يقول الخوري - أن يكون توظيفا فنيا ولم نضمنها نصوصنا هكذا اعتباطا، بحيث كانت بمثابة لغة توحي بفضاءات قد لا تساعدك اللغة القاموسية المحنطة للوصول إليها.

    وعن سؤال بخصوص النقد الذي لم يكن الخوري محظوظا معه. حيث اتهم بالمروق الأدبي، وأكثر من ذلك فالنقد الإديولوجي - كما قال ياسين عدنان - اتهم القاص بأنه كاتب بورجوازي [ الوصف الأخير أضحك المحاور والضيف] أما النقاد الجدد فلم يتحمسوا لنصوص "با ادريس" - كما يطلق عليه أصدقاؤه - وسيجدون أنها تفتقر إلى التخيل و الفانتاستيك.

    رد إدريس الخوري بمرح وتلقائية : أنا أحترم النقاد وأحترم قناعاتهم، وموقف النقد مما أكتب هو موقف شخصي وذاتي. ربما كتاباتي لا تعجب بعض النقاد، وهذا أمر يهمهم. فبقدر ما كنا نكتب كجيل نصوص مغرقة في الذاتية وفي الواقع بقدر ما فيها متخيل، و إلا فلماذا نكتب، النقد الأدبي لم يتعامل مع النصوص تعاملا ذوقيا، بل تعامل معها تعاملا خطابيا، بمعنى أن الناقد يأتي بأحكام مسبقة على النص، يقرأ كتابا لناقد فرنسي مثلا، ثم يجهز أفكاره ويحكم على النص من خلال ذلك الجاهز.

    وعن رده الساخر واللاذع على النقاد الجدد، والذي اتخذ شكل قصة، وهي قصته الشهيرة "حكاية نص مريض" والتي تحكي عن نص مصاب بالغموض والتناقض ذهب إلى عيادة ناقد مشهور فكتب له الوصفة الطبية التالية : جيرار جنيت قبل الفطور تودوروف بعد الغداء و ميخائيل باختين قبل العشاء.
    علق الخوري أن هذا النوع من النقد المترجم والمتكئ على نصوص نقدية لنقاد فرنسيين بالدرجة الأولى. تجده جاهزا ليقدم قراءة نقدية من خلال رؤية هؤلاء النقاد الذين ذكرتهم بالقصة، وأنا كاتب مغربي "ولد كازا" أكتب ما أراه. وهذه هي الكتابة الحقيقية، فالأدب العالمي كله أدب رؤيوي بصري. وأنا شخصيا لا أفهم هذا النقد الجاهز الذي يحمل "سيفا مسلطا" على النصوص الأدبية كلها. وقصة "حكاية نص مريض" كتبتها سخرية من هذا النوع من النقد.

    سخريتك كاسحة - بادره عدنان ياسين مبتسما - فالشعراء الذين ليسوا على مزاجك أسميتهم "شعراء الجلبانة" المجتمع المدني أسميته "المجتمع البدني" بالإضافة إلى مصطلحات ساخرة مبتكرة "التلاوة المفصلة" "حركة الشاربان" "المسرح الفَرْدي" "الطرب الهَرْناطي" "أساتذة الياجور" من أين لإدريس الخوري بهذه القدرة الرهيبة على السخرية.
    أجاب الخوري بأن السخرية موهبة، والواقع يدفعك لتتخيل أشياء كهذه، وهذا متخيل أيضا، هو متخيل على مستوى السخرية وعلى مستوى اللغة وعلى مستوى الحكاية. وفي بعض الأحيان نقرأ الواقع قراءة مقلوبة أو بعبارة أخرى "مغلوطة" إن أردت. والسخرية مستملحة وجيدة، ولست وحدي من يوظف السخرية. وظفها كذلك المرحوم زفزاف والذي كان ساخرا كبيرا. حتى أن الناس لا يفهمونه، فقد عاشرته سنوات في الدار البيضاء، إنه كاتب ذو قدرة كبيرة على السخرية وذلك يتجلى في نصوصه، وهذا ما نفتقر له في الأدب المغربي بصفة عامة.

    وقد اتفق إدريس الخوري مع مقولة صديقه بوزفور والتي دافع فيها عنه : "سخرية الخوري ليست حاقدة أو خبيثة أو سوداء بل هي سخرية خفيفة مرحة عابرة" والمقولة هذه جعلت الخوري يصرح بأن : البعض لهم تصور سيئ عني، هناك من يتهمني بالعدوانية وهذا افتراء، فأنا لا أسئ لأحد نهائيا. قد نختلف في الآراء، في الثقافة، في الكتابة، في الأفكار.. وهذا أمر طبيعي. أما أن تكون لدي نية مبيتة اتجاه الآخرين فهذا غير صحيح، أنا أحب الناس واحترمهم وأقدرهم حتى و إن اختلفت مع أحدهم. بل عندما لا تعجبني كتابة أحد فأنا أخجل من أن أصرح له برأيي ذاك بشكل مباشر. كما أنني شخص خجول، ربما يكون الإنطباع الأول عني وأنا في جلسة مع أصدقاء غير ذلك، لكنني خجول، وقد أسمح في حقي في بعض الأحيان .

    ولأن ياسين عدنان سيناقش في لقائه هذا مع ضيفه "المميز" النميمة كلغة للكتابة. فقد مارس بدوره نوعا من النميمة في زمن ما قبل الحلقة. فها هو يبدو مدججا بأقوال أصدقاء "با ادريس"
    فالشاعر عزيز أزغاي يقول : الخوري يحب القراءة والكتابة والملفات "الدْواصَا". أما الزجال أحمد المسيح فيطرز من كلماته الآتي : "با دريس" فقيه ديالنا فواحد اللمة تسمى "اللجنة الوطنية للنميمة". وبالفعل فالقاص بنفسه يقول : الكتابة نميمة مزدوجة، نميمة فينا ونميمة في الآخرين.

    ثم يأتينا صوت إدريس الخوري، و معه صورته طبعا : في حقيقة الأمر، سميتُ هذا النوع من الكتابة "نميمة" لأنها تتحدث عن الناس، عن حياتهم عن زمنهم عن مكانهم، أين ذهبوا؟ إلى أين خرجوا؟ ماذا قال هذا لذاك؟ كيف رد الآخر؟.. الخ كل ذلك ليس إلا نوعا من النميمة أو "ملفات" على شخوص. وعندما تقرأ الروايات العالمية لهمينغواي مثلا أو فولكنر أو ألبير كامو أو نجيب محفوظ ..الخ تجدها أيضا "ملفات" على فرد أو امرأة و رجل، على جماعة أو على علاقة عاطفية أو حب فاشل ..الخ إذن الكتابة بهذا المعنى "ملفات" على أشخاص أو على حياة كثير من الناس، وأنا أقول ذلك حتى نُخرج الكتابة من قدسيتها، ونعطيها صفة التحري عن أحوال الناس. وهذه هي طبيعة الكتابة في حقيقة الأمر. و ما ملفات الشرطة إلا نوع من الكتابة أيضا. الرواية البوليسية مثلا ليست إلا ملفات، وتحريات عن الناس، عن لصوص، عن نصابين، وعن محتالين، أي عن شخوص.

    أما عن لغة الشارع فهي لغة مهمة جدا - يقول الخوري - إنها لغة حقيقية ومعبرة وقوية وجريئة لكن ليست أي كلمة شارع تصلح للكتابة أو تصلح لندرجها هكذا كما اتفق، بل يجب توظيفها توظيفا فنيا جيدا.

    أما عن سر تبرئ القاص إدريس الخوري من النجاح وتوجسه من إعجاب القراء فقد صرح أنه ضد "الصدق" والإنسانية المجانية التي تريد أن تدرف الدموع .. وليس ضروريا أن أعجب القراء. لأن الكتابة الحقيقية أكبر من هذا الإعجاب ولا وجود لقصة ناجحة ولا لقصة صادقة.
    هناك بعض الكتاب يؤمنون بالنجاح ويحاولون أن يكونون صادقين وأنا لست مع هذا الإتجاه. ما هو الصدق؟ - يسأل الخوري - ولماذا لا نعتبر الكتابة بمثابة كذب، كما ذهب إلى ذلك أندري جيد.‘إنها كذب جميل، وهنا نجد معنى للمتخيل الأدبي أو الروائي أو القصصي، وما أقوله هنا هو امتحان لذاتي ولكتاباتي، ولعدم رضاي عن هذا "الصدق" وعن "الشهرة" وعن "الأخلاق". بهذا التصور فالكتابة يجب أن تكون مخلصة لذاتها ولكاتبها أولا، والكاتب بدوره يجب أن يبادلها الإخلاص بأسلوبه الحي الخالص. أما الكتابة المجانية والتي يبحث أصحابها عن الشهرة أو شيء من هذا القبيل فأنا لست منهم.

    وعن سؤال اكتمال مشروع الخوري القصصي حيث أنه لم يصدر له أي جديد منذ 2001 ، وفي أعقاب اعتراف وزارة الثقافة بقيمة منجزه الأدبي والقصصي ونشرها لأعماله مجتمعة.
    أجاب القاص المغربي : لا أعتقد أن مشروعي القصصي قد اكتمل فأنا دفعت مجموعة قصصية جديدة للنشر لمجموعة البحث في القصة القصيرة بعدما طلبوها مني في معرض الكتاب الأخير بالدار البيضاء.

    أما لقب "ضابط الأدب المغربي" الذي أطلقه عليه أصدقاؤه مباشرة بعد تسلمه وساما ملكيا من درجة ضابط على هامش افتتاح المكتبة الوطنية الجديدة. فقد اعتبره الخوري : لقبا مرحا وفيه نوع من السخرية، مع أنني لا أحمل صفات وصرامة الضابط. وبهذه المناسبة أشكر جلالة الملك محمد السادس على منحي هذا الوسام الغالي والرفيع. وأشكر أيضا وزارة الثقافة التي أتاحت لي هذه الفرصة وفي مناسبة افتتاح المكتبة الوطنية. وقد كنت جد سعيد بهذا الوسام.[/align]
    [COLOR="DarkRed"]قال" أخرجْ من حلمك"خرجتُ..فوجدتُ نفسي فی حلمٍ آخرْ[/COLOR] [COLOR="Blue"]- محمود درويش -[/COLOR]
  • عائده محمد نادر
    عضو الملتقى
    • 18-10-2008
    • 12843

    #2
    الزميل القدير
    عبد الجبار خمران
    نقلت موضوعك إلى صفحة أحوال الكتاب لأن المشاركة لاتنتمي للقصة القصيرة والرواية
    فمعذرة منك زميلي
    تحياتي لك ومودتي
    الشمس شمسي والعراق عراقي ..ماغير الدخلاء من أخلاقي .. الشمس شمسي والعراق عراق

    تعليق

    • عبد الجبار خمران
      عضو الملتقى
      • 02-05-2009
      • 132

      #3
      الزميل القديرة عائده محمد نادر
      تحية لمثابرتك وجهدك
      تحياتي
      [COLOR="DarkRed"]قال" أخرجْ من حلمك"خرجتُ..فوجدتُ نفسي فی حلمٍ آخرْ[/COLOR] [COLOR="Blue"]- محمود درويش -[/COLOR]

      تعليق

      يعمل...
      X