قصة للأطفال :السلحفاة والصيّاد للكاتب عماد الجلاصي

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • عماد الجلاصي
    عضو الملتقى
    • 15-06-2009
    • 67

    قصة للأطفال :السلحفاة والصيّاد للكاتب عماد الجلاصي

    السّلحفاة والصيّاد
    في قديم الزّمان وفي أحد الشّطآن ، تصادقت سلحفاة بحريّة وصيّاد إنسان. وتوطّدت بينهما الصّداقة .ومَتُنَتْ بأن عقدا اتّفاقا . فقد كانت السّلحفاة تخرج إلى البرّ. لتضع بيضها معرّضا للخطر. تاركة إيّاه للمغيرين.وتعود آسفة دامعة العينين.إلى أن صادقت الصيّاد. فأشار عليها بحفر أخدود. لا يعلمه العدوّ الّلدود. ثمّ تردم بيضها في جوف الرّمال.تاركة الصيّاد ساهرا عليه في كلّ الأحوال.على أن تدلّه على أماكن السّمك ليعود بما لذّ وطاب. ويعود غيره فارغ الوطاب.
    وفي إحدى المرّات، أبحر الصيّاد كعادته إلى صديقته السّلحفاة . ولكن ما إن رأته حتّى قالت له:
    -عد يا صيّاد، فالسّمك مازال حديث الميلاد. صغير الحجم.قليل اللّحم.لا يسمن ولا يغني من جوع، و صيده عندكم معشرالبشر ممنوع.
    فغضب الصيّاد وزمجر. وكاد من الغيظ ينفجر. وظـنّ أنّها خدعته. وأخلفت بعدما وعدته . فعاد لتوّه إلى الشّاطئ. يسكنه وهم خاطئ.وانطلق إلى البيضات. متوّعدا بالانتقام من السّلحفاة. . فأخذها وباعها في السّوق دون تردّد. ونسي ما كان بينه وبين السّلحفاة من تودّد. وكان يقول لنفسه : ثمن البيض يعوّض لي الخسارة.ولتكن تجارتي فيه خير تجارة.
    ومرّت الأيّام . وعاود الصيّاد الحنين. إلى نيل صيد ثمين. فركب البحر إلى صديقته السّلحفاة وقد نسي كلّ ما فات.فاستقبلته السّلحفاة بالابتسامة، وسألتهعن الأمانة،فتردّد الصيّاد وتلعثم. ثمّ أطرق ولم يتكّلم. ففهمت السّلحفاة من عدم الجواب. وعلمت ما حلّ بأولادها من مصاب. فبقيت تتلوّى و بجمر الحزن تتكوى. وقالت والدّمع ينهمر من عينيها:
    - أيّها الصيّاد الظّالم . خنت عهدي وميثاقي. وبعت فلذات كبدي في الأسواق. لقد بلغ بك اليأس. إلى بيع أبنائي بثمن بخس.
    فاندفع الصيّاد مدافعا عن نفسه:
    -لو كنت أمّا حنونا لسهرت اللّيالي. تحرسين بيضك في الرّمال. ولكنّك أهملت عيالك فجرى الذّي جرى لك.
    -و الآن، كفّي عن هذه العبرات المزعومة. فما أبعدك عن عاطفة الأمومة.
    فأجابته بكآبة:
    -إنّه قانون الطّبيعة الذّي يسري علينا...شئنا ذلك أم أبينا ... فقدرنا أن نتخلّى عن الأولاد، ولا حقّ لنا في أن نشهد لحظة الميلاد.ولكنّك خنت العهد. وأخلفت الوعد. وقد كان أولادي أمانة بين يديك.واتفاقنا دينا عليك. فماذا فعلت بمكارم الأخلاق؟أبعتها كما بعت أولادي في الأسواق ؟
    فقال لها الصيّاد:
    - إنّك تتحدّثين كأنّك صاحبة الكرم. أسبغت عليّ صنوف النّعم.
    فقالت له السلحفاة:
    -أنا من جعلتك بين الآدميّين صيّادا.ورفعت شأنك و بنيت لك عمادا.وكنت تقتات من ميّت السّمك.وتقنع من العيش بالضّنك.فصرت ميسورا في أيّام العسر.ومبذّرا في أيّام الفقر. و استأثرت بسرّ هذا الأزرق. تغنم منه و غيرك يغرق. ولكن لا بأس، هيّا اتبعني بشباكك، لتعود إلى البرّ بأسماكك...

    ولمّا وصلا إلى المكان المعلوم. أدرك الصيّاد أنّ هلاكه محتوم. فلم يكن إلاّ مملكة القروش الجائعة. ترصد الفرائس الضّائعة . وهاهي تدور حول القارب تريد أن تقتلعه. وتتربّص بصاحبه لتبتلعه.
    فصاح الصيّاد مستغيثا:
    - الرحمة يا سلحفاة ...لاتحرميني لذّة الحياة.
    فقالت له:
    -اعلم أنّ للطّبيعة أيضا قانون... فكما استهنت بغيرك تهون. فانظر إلى حالك. و عاقبة أمرك وأفعالك.و تذكّر أنّك فعلت فعلتك التي فعلت. فما انتهيت و ما ندمت.وما جازيت إحسانا بإحسان. ولكنّك قابلت معروفا بنكران. فهذا جزاء من بادر بالخيانة.وضيّع الأمانة.
    ثمّ انقضّت عليه القروش.فصار القارب كالعهن المنفوش.واختفى الصيّاد و ضاع.بعد أن سحبته الأسماك إلى القاع. ومنذ ذلك الزّمن.لم تعد السّلاحف تطمئنّ إلى إنسان. وصارت تخفي بيضها في الرّمل بعيدا عن العيان.ولكنّها في هذا الزّمان تعقد الأمل في حمايتها على الأيادي البريئة.أطفال الدّنيا حماة البيئة.
    انتهت

    هذه إطلالة أولى و يشرفني الانضمام لهذا الموقع الرائق
    عمادالجلاصي
  • ريمه الخاني
    مستشار أدبي
    • 16-05-2007
    • 4807

    #2
    قصة جميلة فيها بعد انساني واسقاط فكري ايجابي
    وفقك الله وننتظر المزيد المزيد

    تعليق

    • عماد الجلاصي
      عضو الملتقى
      • 15-06-2009
      • 67

      #3
      شكرا على التّشجيع و العناية.

      تعليق

      • عتاب جميل
        عضو الملتقى
        • 26-04-2008
        • 342

        #4
        [align=center]جميلة ورائعة وتحوي العديد من المعاني الراقية.. والأهداف السامية

        الفاضل عماد الجلاصي هلا ومرحبا بقلمك.. تقدم للإبداع وننتظر الجديد...

        تقدير..وإمتنان

        عتاب[/align]
        [COLOR="Navy"]وإن كانت هى طباع الأقدار دائما ما تنسج بحياتنا خيوطا من الألام
        تمضى بنا الأيام ولا تزهد الترحال
        ويظل الأمل يرافق رحلتنا إلى أن ينتهى العمر[/COLOR]

        تعليق

        • عماد الجلاصي
          عضو الملتقى
          • 15-06-2009
          • 67

          #5
          المشاركة الأصلية بواسطة عتاب جميل مشاهدة المشاركة
          [align=center]جميلة ورائعة وتحوي العديد من المعاني الراقية.. والأهداف السامية

          الفاضل عماد الجلاصي هلا ومرحبا بقلمك.. تقدم للإبداع وننتظر الجديد...

          تقدير..وإمتنان

          عتاب[/align]
          مشكور أخي على المرور و سعيد بكلماتك الرقيقة التي تدل على ذوق رفيع و حس فني عال...مع كل الودّ و الحب

          تعليق

          • محمد معمري
            أديب وكاتب
            • 26-05-2009
            • 460

            #6
            [align=justify]بسم الله الرحمن الرحيم
            السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
            أخي الكريم عماد أقف هنا أمام نص عملاق نسجت خيوطه يد فنان ماهر.. إنها قصة تربوية رائعة المبنى والمعنى...
            مودتي وتقديري.[/align]
            [glint]
            كل مواضيعي قابلة للنقد

            [/glint]https://maammed.blogspot.com/

            تعليق

            • عماد الجلاصي
              عضو الملتقى
              • 15-06-2009
              • 67

              #7
              المشاركة الأصلية بواسطة محمد معمري مشاهدة المشاركة
              [align=justify]بسم الله الرحمن الرحيم
              السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
              أخي الكريم عماد أقف هنا أمام نص عملاق نسجت خيوطه يد فنان ماهر.. إنها قصة تربوية رائعة المبنى والمعنى...
              مودتي وتقديري.[/align]
              الصديق الغالي محمد معمري
              السلام عليك ورحمة الله و بركاته
              أسعدتني كلماتك الرقيقة التي كتبتها...قراءتك سيدي هي التي أعطت للنص قيمة...شكرا على المرور و التفاعل
              مع كامل احترامي

              تعليق

              • لطفي حجلاوي
                عضو الملتقى
                • 30-09-2009
                • 101

                #8
                رد: قصة للأطفال :السلحفاة والصيّاد للكاتب عماد الجلاصي

                صديقي عماد الجلاصي
                أنت أستاذ اللغة و الأدب العربي و المجاز فيهما من الجامعة التونسية بإمتياز كما نعلم... كانت محاولتك أيضا بإمتياز
                و ليس أقل ما أعجبني سجعها... ثم خلتني من جمال تقنيات الوصف فيها أراها... شكرا من القلب... واصل
                [FONT=Andalus][COLOR=indigo][FONT=Andalus][COLOR=indigo][FONT=Andalus][COLOR=indigo]
                [FONT=Andalus][COLOR=indigo][FONT=Andalus][COLOR=indigo][FONT=Andalus][COLOR=indigo][type=168247]
                [FONT=Andalus][COLOR=indigo][FONT=Andalus][COLOR=indigo][FONT=Andalus][COLOR=indigo]أنا الذي نظر الأعمى الى أدبي [/COLOR][/FONT]
                [FONT=Andalus][COLOR=indigo]و أسمعت كلماتي من به صمـم[/COLOR][/FONT]
                [/COLOR][/FONT][/COLOR][/FONT][/type][/COLOR][/FONT]
                [/COLOR][/FONT][/COLOR][/FONT][/COLOR][/FONT]
                [FONT=Arial][COLOR=#000000][/COLOR][/FONT][/COLOR][/FONT][/COLOR][/FONT]

                تعليق

                • عماد الجلاصي
                  عضو الملتقى
                  • 15-06-2009
                  • 67

                  #9
                  رد: قصة للأطفال :السلحفاة والصيّاد للكاتب عماد الجلاصي

                  المشاركة الأصلية بواسطة لطفي حجلاوي مشاهدة المشاركة
                  صديقي عماد الجلاصي
                  أنت أستاذ اللغة و الأدب العربي و المجاز فيهما من الجامعة التونسية بإمتياز كما نعلم... كانت محاولتك أيضا بإمتياز
                  و ليس أقل ما أعجبني سجعها... ثم خلتني من جمال تقنيات الوصف فيها أراها... شكرا من القلب... واصل
                  الأخ و الصّديق لطفي الحجلاوي
                  سررت بمرورك .و أخجلتني بلطفك و أنيق عبارتك...
                  النصّ حاول إثارة مخزون الذّاكرة....و دعاها إلى التّخييل...
                  و الخيال قدرة بشريّة ضخمة...تؤسّس لنا عالما بديلا.و بين الواقع و الخيال ينقلنا الأدب كأجمل ما تكون المطيّة.
                  مرحبا بك في عالمك...عالم الإبداع .
                  و دمت في نسيج الفكر مفردة قلقة حائرة.
                  التعديل الأخير تم بواسطة عماد الجلاصي; الساعة 06-10-2009, 12:50.

                  تعليق

                  • لطفي حجلاوي
                    عضو الملتقى
                    • 30-09-2009
                    • 101

                    #10
                    [marq]نبارك للأخ و الصديق عماد الجلاصي الأديب و الأستاذ... صدور أعماله القصصية في العربي الصغير بالكويت... خطوة مهمّة جدا في مسيرة الأديب عربيا... تمنياتنا لحبيبنا عماد مزيد التألق و التوهّج [/marq]...[align=right][/align]
                    [FONT=Andalus][COLOR=indigo][FONT=Andalus][COLOR=indigo][FONT=Andalus][COLOR=indigo]
                    [FONT=Andalus][COLOR=indigo][FONT=Andalus][COLOR=indigo][FONT=Andalus][COLOR=indigo][type=168247]
                    [FONT=Andalus][COLOR=indigo][FONT=Andalus][COLOR=indigo][FONT=Andalus][COLOR=indigo]أنا الذي نظر الأعمى الى أدبي [/COLOR][/FONT]
                    [FONT=Andalus][COLOR=indigo]و أسمعت كلماتي من به صمـم[/COLOR][/FONT]
                    [/COLOR][/FONT][/COLOR][/FONT][/type][/COLOR][/FONT]
                    [/COLOR][/FONT][/COLOR][/FONT][/COLOR][/FONT]
                    [FONT=Arial][COLOR=#000000][/COLOR][/FONT][/COLOR][/FONT][/COLOR][/FONT]

                    تعليق

                    • عماد الجلاصي
                      عضو الملتقى
                      • 15-06-2009
                      • 67

                      #11
                      تحية للصديق الغالي لطفي الحجلاوي

                      يسعدني مرورك الطيّب أخي الغالي لطفي.
                      شكرا على شعورك النّبيل و هذا لا يستغرب.
                      أسعدتني أيضا تعاليق أعضاء المنتدى على أعمالك. فهي تستحقّ الثّناء فعلا.
                      تقلّص حضوري في المنتدى لا نشغالي بالكتابة.و لكن كنت من الأسباب التي دعتني اليوم.
                      فشكرا

                      تعليق

                      يعمل...
                      X