1)
نسيم طفل يعيش مع والديه ويحبّ المطالعة و له حاسوب في غرفته إلى جانب مكتبة مليئة بالقصص و الحكايات المسلّية . و يعيش معه في الغرفة قرص مضغوط اسمه قُريص و ورقة من كتاب اسمها كاغذ و هما يتنافسان دائما فتقول كاغذ لقريص:
- أنا أفضل منك و أكبر منك ولدت منذ زمن بعيد و قد تعلّم النّاس العلوم و القصص من خلال الصّفحات الورقيّة.وانظر إلى تلك المكتبة الجميلة التي تزيّن غرفة نسيم إنّها من الورق أمّا أنت فشكلك مدوّر. يجرح من يلمسه و لا أرى عليك كتابة و لا علما كأنّك مرايا تعكس الوجوه و لا تحوي شيئا.
فيقول لها قريص:
- أخطأت يا كاغذ .فأنا خفيف الوزن غالي الثّمن .أحمل آلاف المكتبات .و الموسوعات
وعندما أدخل الحاسوب الكلّ أمامي يذوب.و يصبح منارة للمعرفة تقدّم المعلومات و أجمل الحكايات.أمّا أنت يا كاغذ فتحتلّ الجدران.ثمّ تصبح طعاما للجرذان.
ذات يوم خرج نسيم للنّزهة و أعجب بظلّ ظليل فقرّر الجلوس تحتها.و اشتاقت نفسه لقصّة يقرأها.فقال كاغذ لورقة:
- ما رأيك الآن ؟ هل تستطيع أن تقدّم له قصّة. في هذا المكان .أين التيار الكهربائي و أين الحاسوب حتّى تعمل يا صديقي؟ الكتاب لا يحتاج إلى هذا
-قال قريص:
صدقت أنت الفائز في هذه الجولة و لكن انتظرني في الحلفة القادمة فقد أنتصر
عليك..
(2)
كان قريص مستمتعا بالنوم مستغرقا في أحلام لذيذة. و كان يرى في المنام أنّه أصبح قرصا ذهبيّا لمّاعا. و هاهو يشارك في مسابقة بطل الميغابايت في مهرجان الحاسوب ليحصل على لقب القرص العملاق. و لم يبق له سوى اجتياز الاختبار الأخير و تعلن لجنة التحكيم فوزه. تقدّم قريص إلى المنصّة . ثمّ فتح الحاسوب الدّولي بابه. و قيل له تفضّل يا قريص لنر في الشاشّة العملاقة ما عندك. تقدّم قريص بكلّ ثقة محيّيا الجمهور و رجال الإعلام.ثمّ استلقى على قفاه.و انساب برشاقة في بطن الوحدة المركزيّة.واختفى عن الأنظار.ساد القاعة صمت عميق.و تسارعت دقّات القلوب.في انتظار ما سيحصل.و تعلّقت العيون بالشّاشة.و فجأة دوّت صفّارة الإنذار التي انطلقت من الحاسوب مع صوت مدوّ:
- حذار...يوجد...فيروس...حذار يوجد..فيروس.
تدخّل رجال الإنقاذ بسرعة.و انفتح الباب بسرعة لافظا قريص كأنّه جسم غريب متطفّل على هذه الآلة العجيبة.واستغرب قريص من هذه المعاملة المفاجئة.فبعد الترحيب و الاستقبال الرائع. هاهو يغادر المنصّة و القاعة بسرعة.حتّى رجال الإعلام تجاهلوه و لم يكترثوا له و انشغلوا عنه بمتابعة المتسابق التّالي.و في لحظات وجد نفسه في ركن مظلم يلفّه النّسيان.و قد كان منذ قليل و سط الأضواء السّاطعة.
- ماذا حدث؟؟ لماذا انقلبوا عليّ؟؟
- أنت مصاب بفيروس يضرّ بالأجهزة الإعلاميّة..لذلك فلن يقبلك أيّ جهاز.
- وا مصيبتاه..لقد انتهيت..و لكن من يكلّمني؟
- أنا صديقك كاغذ...ألا تعلم أنّ خبرك يملأ الصّحف و المجلاّت؟.
- ألا يوجد حلّ لمشكلتي؟
- الحلّ أن تتحوّل إلى كتاب. فتنجو من الفيروسات و الاكتئاب.هههههه.
- هل يبدو لك أنّ هذا الموقف يدعو إلى المزاح؟
- حسنا أيّها المدوّر.يا من حمل بدل الّدّروس.عجائب الفيروس. لا بدّ من إخضاعك إلى العلاج. حتّى تعود صافي المزاج.و سآخذك إلى أقرب مصحّة.
- كان الرّجل الذي استقبله يلبس ملابس بيضاء و لكنّه لم يكن طبيبا فقد كان مهندس إعلاميّة.نظر إليه و قال:
ستمكث عندنا بضعة أيّام.و أرجو أن يكون الفيروس نوعا خبرناه. و سبق لنا أن قاومناه...
- بقي قريص في المصحّة أيّاما خضع فيها إلى العلاج .و لكنّه كان حزينا .فصديقه كاغذ اختفى منذ أن ودّعه في باب المصحّة و لم يات لعيادته. كأنّه تخلّص منه. وكان هاتفه المحمول مغلقا.
و في اليوم الذي قرّر المهندس مغادرة قريص للمصحّة.لمح صديفه كاغذ في البهو.وهو يبتسم و بيده باقة من الزهور و هو يقول:
- الحمد لله على سلامتك يا قريص.
- أين كنت يا كاغذ ؟لماذا تخلّفت عن زيارتي؟...و لكن ماذا أرى؟ لقد تغيّرت يا صديقي..كأنّك صرت أصغر من سنّك . لقد اختفت التّجاعيد من وجهك.و صار جلدك ناعما لمّاعا.و عاد إليك شبابك. و اختفت علامات الشيّخوخة و الكبر. فما السرّ في ذلك؟
- هاها..أنت دقيق الملاجظة فقد اغتنمت فرصة دخولك إلى المصحّة و قمت بعمليّة شدّ الجلد و بعض التحسينات الأخرى كالّلصق و التّذهيب و غيرها.
- و ماذا تسمّى هذه العمليّة؟
- نسمّيها التّسفير و التّجليد.وهي خاصّة بنا نحن الكتب و تجعلنا شبابا على الدّوام.
- كم يبلغ ثمن العمليّة؟
- إنّه ثمن بخس و قد طلبت منهم أن يبعثوا الفاتورة إلى عنوانك.
- لا بأس يا كاغذ..فأنت صديقي.و لكن كم المبلغ بالضّبط.
همس كاغذ في أذن قريص مخبرا إيّاه بالمبلغ.فصاح قريص:
كم؟؟ ماذا قلت؟؟ هل هذا مبلغ زهيد؟؟ إنّ ما أحتكم عليه لا يغطّي نصفه.
- و لكنّي نسيت أن أقول لك أنّي اصطحبت معي كلّ المجلّدات من أفراد عائلتي.
- لا..لن أدفع شيئا..أفهمت؟؟ لن أدفع شيئا .
عندها استيقظ قريص من المنام و هو يردّد :
لا..لن أدفع شيئا
كان كاغذ ينظر إلى صديقه مستغربا .ولم يفهم ماذ يحدث .نظر قريص إليه وقال:
- يا صديقي كاغذ ،الجمال لا يقاس بالشّكل و لكن بجمال الرّوح. فلا تفكّر يوما في أن تقوم بعملية تجميل...فهي غير مفيدة لك....
لم يفهم كاغذ ما قصده قريص..و انصرف متعجّبا من أمر صديقه....( يتبع)
نسيم طفل يعيش مع والديه ويحبّ المطالعة و له حاسوب في غرفته إلى جانب مكتبة مليئة بالقصص و الحكايات المسلّية . و يعيش معه في الغرفة قرص مضغوط اسمه قُريص و ورقة من كتاب اسمها كاغذ و هما يتنافسان دائما فتقول كاغذ لقريص:
- أنا أفضل منك و أكبر منك ولدت منذ زمن بعيد و قد تعلّم النّاس العلوم و القصص من خلال الصّفحات الورقيّة.وانظر إلى تلك المكتبة الجميلة التي تزيّن غرفة نسيم إنّها من الورق أمّا أنت فشكلك مدوّر. يجرح من يلمسه و لا أرى عليك كتابة و لا علما كأنّك مرايا تعكس الوجوه و لا تحوي شيئا.
فيقول لها قريص:
- أخطأت يا كاغذ .فأنا خفيف الوزن غالي الثّمن .أحمل آلاف المكتبات .و الموسوعات
وعندما أدخل الحاسوب الكلّ أمامي يذوب.و يصبح منارة للمعرفة تقدّم المعلومات و أجمل الحكايات.أمّا أنت يا كاغذ فتحتلّ الجدران.ثمّ تصبح طعاما للجرذان.
ذات يوم خرج نسيم للنّزهة و أعجب بظلّ ظليل فقرّر الجلوس تحتها.و اشتاقت نفسه لقصّة يقرأها.فقال كاغذ لورقة:
- ما رأيك الآن ؟ هل تستطيع أن تقدّم له قصّة. في هذا المكان .أين التيار الكهربائي و أين الحاسوب حتّى تعمل يا صديقي؟ الكتاب لا يحتاج إلى هذا
-قال قريص:
صدقت أنت الفائز في هذه الجولة و لكن انتظرني في الحلفة القادمة فقد أنتصر
عليك..
(2)
كان قريص مستمتعا بالنوم مستغرقا في أحلام لذيذة. و كان يرى في المنام أنّه أصبح قرصا ذهبيّا لمّاعا. و هاهو يشارك في مسابقة بطل الميغابايت في مهرجان الحاسوب ليحصل على لقب القرص العملاق. و لم يبق له سوى اجتياز الاختبار الأخير و تعلن لجنة التحكيم فوزه. تقدّم قريص إلى المنصّة . ثمّ فتح الحاسوب الدّولي بابه. و قيل له تفضّل يا قريص لنر في الشاشّة العملاقة ما عندك. تقدّم قريص بكلّ ثقة محيّيا الجمهور و رجال الإعلام.ثمّ استلقى على قفاه.و انساب برشاقة في بطن الوحدة المركزيّة.واختفى عن الأنظار.ساد القاعة صمت عميق.و تسارعت دقّات القلوب.في انتظار ما سيحصل.و تعلّقت العيون بالشّاشة.و فجأة دوّت صفّارة الإنذار التي انطلقت من الحاسوب مع صوت مدوّ:
- حذار...يوجد...فيروس...حذار يوجد..فيروس.
تدخّل رجال الإنقاذ بسرعة.و انفتح الباب بسرعة لافظا قريص كأنّه جسم غريب متطفّل على هذه الآلة العجيبة.واستغرب قريص من هذه المعاملة المفاجئة.فبعد الترحيب و الاستقبال الرائع. هاهو يغادر المنصّة و القاعة بسرعة.حتّى رجال الإعلام تجاهلوه و لم يكترثوا له و انشغلوا عنه بمتابعة المتسابق التّالي.و في لحظات وجد نفسه في ركن مظلم يلفّه النّسيان.و قد كان منذ قليل و سط الأضواء السّاطعة.
- ماذا حدث؟؟ لماذا انقلبوا عليّ؟؟
- أنت مصاب بفيروس يضرّ بالأجهزة الإعلاميّة..لذلك فلن يقبلك أيّ جهاز.
- وا مصيبتاه..لقد انتهيت..و لكن من يكلّمني؟
- أنا صديقك كاغذ...ألا تعلم أنّ خبرك يملأ الصّحف و المجلاّت؟.
- ألا يوجد حلّ لمشكلتي؟
- الحلّ أن تتحوّل إلى كتاب. فتنجو من الفيروسات و الاكتئاب.هههههه.
- هل يبدو لك أنّ هذا الموقف يدعو إلى المزاح؟
- حسنا أيّها المدوّر.يا من حمل بدل الّدّروس.عجائب الفيروس. لا بدّ من إخضاعك إلى العلاج. حتّى تعود صافي المزاج.و سآخذك إلى أقرب مصحّة.
- كان الرّجل الذي استقبله يلبس ملابس بيضاء و لكنّه لم يكن طبيبا فقد كان مهندس إعلاميّة.نظر إليه و قال:
ستمكث عندنا بضعة أيّام.و أرجو أن يكون الفيروس نوعا خبرناه. و سبق لنا أن قاومناه...
- بقي قريص في المصحّة أيّاما خضع فيها إلى العلاج .و لكنّه كان حزينا .فصديقه كاغذ اختفى منذ أن ودّعه في باب المصحّة و لم يات لعيادته. كأنّه تخلّص منه. وكان هاتفه المحمول مغلقا.
و في اليوم الذي قرّر المهندس مغادرة قريص للمصحّة.لمح صديفه كاغذ في البهو.وهو يبتسم و بيده باقة من الزهور و هو يقول:
- الحمد لله على سلامتك يا قريص.
- أين كنت يا كاغذ ؟لماذا تخلّفت عن زيارتي؟...و لكن ماذا أرى؟ لقد تغيّرت يا صديقي..كأنّك صرت أصغر من سنّك . لقد اختفت التّجاعيد من وجهك.و صار جلدك ناعما لمّاعا.و عاد إليك شبابك. و اختفت علامات الشيّخوخة و الكبر. فما السرّ في ذلك؟
- هاها..أنت دقيق الملاجظة فقد اغتنمت فرصة دخولك إلى المصحّة و قمت بعمليّة شدّ الجلد و بعض التحسينات الأخرى كالّلصق و التّذهيب و غيرها.
- و ماذا تسمّى هذه العمليّة؟
- نسمّيها التّسفير و التّجليد.وهي خاصّة بنا نحن الكتب و تجعلنا شبابا على الدّوام.
- كم يبلغ ثمن العمليّة؟
- إنّه ثمن بخس و قد طلبت منهم أن يبعثوا الفاتورة إلى عنوانك.
- لا بأس يا كاغذ..فأنت صديقي.و لكن كم المبلغ بالضّبط.
همس كاغذ في أذن قريص مخبرا إيّاه بالمبلغ.فصاح قريص:
كم؟؟ ماذا قلت؟؟ هل هذا مبلغ زهيد؟؟ إنّ ما أحتكم عليه لا يغطّي نصفه.
- و لكنّي نسيت أن أقول لك أنّي اصطحبت معي كلّ المجلّدات من أفراد عائلتي.
- لا..لن أدفع شيئا..أفهمت؟؟ لن أدفع شيئا .
عندها استيقظ قريص من المنام و هو يردّد :
لا..لن أدفع شيئا
كان كاغذ ينظر إلى صديقه مستغربا .ولم يفهم ماذ يحدث .نظر قريص إليه وقال:
- يا صديقي كاغذ ،الجمال لا يقاس بالشّكل و لكن بجمال الرّوح. فلا تفكّر يوما في أن تقوم بعملية تجميل...فهي غير مفيدة لك....
لم يفهم كاغذ ما قصده قريص..و انصرف متعجّبا من أمر صديقه....( يتبع)

تعليق