من عباقرة العلم
12/18
في ليلةٍ من ليالِ الصيفِ الحـارة ، بينمـا كان تومـاس جالساً مع أصدقائهِ فوق هضبةٍ عاليةٍ ، يُطِـلُّ على المدينةِ الغارقة في ظُلمةِ الليلِ المخيف ؛ تذكَّر توماس ذلك اليوم البعيد ، عندما هاجم المرض اللعين جَسَدَ أمّه الحبيبةِ ...
نَظَـرَ مَرَّة أخرى إلى مدينتهم المظلمـةِ ... ثم قال لأصدقائهِ :
- سأجعل الضوء ينير مدينتنا يوماً ما .
أخَذَ توماس يجمع الزُّجاجات الفارغةِ من كُلِّ مكانٍ : من البيوتِ ، المحلات والمهملات ... حتى تصوَّر أهلُ المدينةِ أنَّه قد جُنَّ ، لكنَّهم يعرفون عنه ذلك منذ زمنٍ ؛ إنَّه إذا أردا شيئاً فلن يهدأ له بال حتى يحققه ...
داخل معمله في ( منلو بارك ) كان توماس يجري تجاربه ، الواحدة بعد الأخرى، يُعاونه خمسون رجلاً للوصول إلى السِّر ... سِرّ الضوء الذي يُنير خياله ولا يراه أحدُُ سِواه ...
استمر توماس إديسون في العمل الشّاق ؛ كان يُجَهِّز الزجاجات الفارغة ، يضع داخلها ثلاثة أسلاك من الكربون ، ثم يُدير التيار الكهربائي – الذي اكتشفه قبل ذلك- لكن بمجرد سريان الكهرباء ... كانت الأسلاك تتقطَّع ... ولا يحصد توماس إلاَّ تجربةٍ جديدةٍ فاشلةٍ ...
بمرور الوقتِ ... وبعد مئاتٍ من التجارب الفاشلة ، بدأ أهلُ المدينةِ يشعرون باليأسِ ؛ لأنهم يحلمون بالضوء ، ويجهلون الطريق إليه ، ولا يرون من معملِ توماس – الذي يُشبه خلية نحلٍ – غير الغموضِ ... فلا أحَد يعرف متى ينجح توماس في اختراع المصباح الكهربي ...
بدا التعب والإجهاد على رجال إديسون ... وتسلل إليهم الملل واليأس ... بِخلاف توماس ؛ الذي كان يسجل تجاربه الفاشلة في كلِّ مرَّةٍ ويردد أمامهم :
- هذه تجربة أخرى فاشلة ، وهذا يعني أننا علمنا شيئاً جديداً ، وعرفنا أننا لا نعود إليها مرَّة أخرى ...
وهكذا ... استمر في العمل ليلاً ونهاراً ... فإذا أصاب الإجهاد معاونيه ، أمَسَكَ توماس آلته الموسيقية ، وراح يعزف لهم مقطوعة موسيقية رقيقة ... فيشرون بالراحةِ ... ويعملون من جديدٍ ...
وفي أحـــدِ الأيَّام ... بينما كان توماي سائراً في أحدِ الشوارعِ ... غارقاً في التفكيرِ – كعادتهِ – لمَحَ ضَوءاً قوياً من بعيد ... اقترب منه شيئاً فشيئاً ... وكلَّما اقترب أكثر ، كانت عيناه تتأذى أكثر وأكثر من شِدَّةِ الوهجِ ... الوهج المشع من مصابيح (شالرز براش) المقوسَّة ... تلك المصابيح التي تكاد تعمي الأبصار من شِدَّة ضوئها ... ولا تعمل إلاَّ لأيام قليلة تحترق بعدها ... وتصدر أصوتاً عالية ... تكاد تصيب الأذان الصممِ ... ولم يستطع توماس الوقوف أمامها كثيراً ... لكنَّه عرف الطريق الذي يجب عليه أن يسلكه للوصولِ إلى اختراعهِ ...
وعكَفَ توماس على تحقيق حلمه الأكبر ... ذلك الحلم الذي ولد في صباه .. وأخَذَ يكبر ويكبر ... حتى صَارَ هاجساً في يقظته ومنامه ...
وذات ليلةٍ طويلةٍ ... بينما كان مسترخياً على مقعدهِ داخل المعمل ... خَطَرت له فكرةُُ ... فصَاحَ فجأة :
- أمسكتُ بالفكرةِ !
وقفز كالمجنون ... بينما معاونوه ينظرون إليه في دهشةٍ ...
أسرَع بالتقاطِ زُجاجةً فارغةً ... أضــاف سلكاً كربوبياً رابعاً إلى الأسلاكِ الثلاثةِ الموجودة بالزجاجةِ ... ثمَّ قام بتفريغ الهواء من الزُّجاجةِ ... وأحكم غلقها ...
وأخيراً قام بتوصيل التيار الكهربي ... فأشرقت شمس الضوء ... وانتشرت بالمعملِ ... لتشع على الوجوه بهجة هذا الانتصار ...
واستمرت الزجاجة مضيئة لمدة 45 ساعة متواصلة ... بينما توماس ومعاونيه جالسون بجوارها ... ثلاثة أيام بلا راحة أو نوم ... يراقبون بقلقٍ شديدٍ قدرة الزجاجة على الإضـاءة ... وهُم يتساءلون : هل تراها ستستمر ؟ ويستمر معها الحلم ؟
واستمرت الزجاجة تُضئ دون ما أن تحترق ...
وبعد تأكده من صحةِ اختراعهِ ... التفت توماس إلى معاونيه قائلاً لهم :
- وأستطيع أن أجعلها تضئ لمدة مائة ساعة متواصلة !
وفي لحظةٍ تاريخيةٍ ... خَرَجَ توماس من معملهِ بصحبةِ معاونيه ... ليقوموا بتعليق المصابيح الكهربية المضيئة حول المعملِ ...
فانتشر الخَبَرَ بين الناسِ ... وانهالت الصحف تنشر خبر العبقري اديسون ؛ الذي تحققت المعجزة على يديهِ ...
وفي ليلةِ رأس السنة الجديدةِ ... أقام توماس احتفالاً بمناسبة هذا الحَدَث العظيم ... حََضَره أكثر من ثلاثةِ ألاف زائرٍ لمعملهِ ... تستقبلهم المصابيح الكهربية ... وتشعُّ بأنوارها الجذَّابة على الجُدرانِ ... وفوق الأشجارِ ... لتضئ الاحتفال حتى فجر اليوم التالي ...
وانهالت البرقيات على إديسون ... تدعوه قائلةً :
- تعالَ لتضئ لنا مدننا ...
12/18
إديسون والمصباح الكهربي
(1)
نَظَـرَ مَرَّة أخرى إلى مدينتهم المظلمـةِ ... ثم قال لأصدقائهِ :
- سأجعل الضوء ينير مدينتنا يوماً ما .
(2)
(3)
(4)
(5)
(6)
- هذه تجربة أخرى فاشلة ، وهذا يعني أننا علمنا شيئاً جديداً ، وعرفنا أننا لا نعود إليها مرَّة أخرى ...
وهكذا ... استمر في العمل ليلاً ونهاراً ... فإذا أصاب الإجهاد معاونيه ، أمَسَكَ توماس آلته الموسيقية ، وراح يعزف لهم مقطوعة موسيقية رقيقة ... فيشرون بالراحةِ ... ويعملون من جديدٍ ...
(7)
(8)
وذات ليلةٍ طويلةٍ ... بينما كان مسترخياً على مقعدهِ داخل المعمل ... خَطَرت له فكرةُُ ... فصَاحَ فجأة :
- أمسكتُ بالفكرةِ !
وقفز كالمجنون ... بينما معاونوه ينظرون إليه في دهشةٍ ...
أسرَع بالتقاطِ زُجاجةً فارغةً ... أضــاف سلكاً كربوبياً رابعاً إلى الأسلاكِ الثلاثةِ الموجودة بالزجاجةِ ... ثمَّ قام بتفريغ الهواء من الزُّجاجةِ ... وأحكم غلقها ...
وأخيراً قام بتوصيل التيار الكهربي ... فأشرقت شمس الضوء ... وانتشرت بالمعملِ ... لتشع على الوجوه بهجة هذا الانتصار ...
(9)
واستمرت الزجاجة تُضئ دون ما أن تحترق ...
وبعد تأكده من صحةِ اختراعهِ ... التفت توماس إلى معاونيه قائلاً لهم :
- وأستطيع أن أجعلها تضئ لمدة مائة ساعة متواصلة !
(10)
فانتشر الخَبَرَ بين الناسِ ... وانهالت الصحف تنشر خبر العبقري اديسون ؛ الذي تحققت المعجزة على يديهِ ...
وفي ليلةِ رأس السنة الجديدةِ ... أقام توماس احتفالاً بمناسبة هذا الحَدَث العظيم ... حََضَره أكثر من ثلاثةِ ألاف زائرٍ لمعملهِ ... تستقبلهم المصابيح الكهربية ... وتشعُّ بأنوارها الجذَّابة على الجُدرانِ ... وفوق الأشجارِ ... لتضئ الاحتفال حتى فجر اليوم التالي ...
وانهالت البرقيات على إديسون ... تدعوه قائلةً :
- تعالَ لتضئ لنا مدننا ...
تعليق