الحلقة الثالثة من مناقشة البدل والمبدل منه (على مقهى في ديرب نجم)

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • محمد عبد العظيم حمد
    • 15-08-2007
    • 4

    الحلقة الثالثة من مناقشة البدل والمبدل منه (على مقهى في ديرب نجم)

    وكانت الحلقة الثالثة على إحدى مقاهي ديرب نجم.. بعد أن انتهت المناقشة بسرعة تقديرا لظروف المسافرين إلى أماكن بعيدة..

    كانت الحلقة الثالثة من المناقشة على جزءين .. الجزء الأول قدمت فيه قراءة غير تامة، ولكن بقدر ما أتاح الوقت، والجزء الثاني انشغلنا فيه بمناقشة ندوة الدكتور مصطفى وميزاته وأخطائه في التناول
    [align=center]
    القسم الأول من المناقشة
    [/align]

    كان أوّل الحلقة بقراءة جزء من دراستي التي أعتبرها بمثابة مفتاح آخر للكتاب زيادة على ما قدمه الدكتور مصطفى عطية:

    [align=center]مناقشة عامة في غلاف البدل والمبدل منه.. وعلاقته بالكتاب..[/align]

    [align=left]بقلم أ/ محمد عبد العظيم حمد[/align]



    [align=center]• صورة غلاف الكتاب..[/align]


    هو رسم لم يمكني تحليله بشكل تام في البدء، وبدأت في معالجة فكرته المرسومة باعتبار عمومية الرمز المرسوم.. فهناك رأس رجل خاوٍ من العينين والملامح، ومكان وجهه ساعة تقول إنها الثانية عشرة إلا الربع كما يبدو لي، وثلث مساحة الساعة ممسوح أو مكسور حيث يشقها قضيب قطار يضيق كلما ابتعد.. وعلى الجانب الأيمن في أسفل الصورة ناس يمثلون تجمعا كبيرا واقفين بكثرة إلى جانبهم من الأسفل بيوت غير واضحة تماماً، وفي الجانب الأيسر تكلمة لذلك الجمع أو التجمع الكبير ولكن يبدون كرات من الرءوس المتناثرة تتخللها ما يشبه صورة قدم مكسورة في نتيجة الأشعة عند طبيب عظام والجمع البشري يتخلله كذلك قضيب القطار..

    وأمامهم ينظر طفل بعينيه البريئتين ووجهه قريب أبيض وفيما يبدو كانت أذنه تتداخل مع خطوط الساعة التي تملأ وجه الرجل..
    ويبدو أن العلاقة بين الطفل وبين الناس لم تتم.. ورغبته في الانسحاب كانت أكبر فتراجع إلى الوراء وباتت صورته سمراء وما زال يحتفظ ببراءته، وإن زادت ملامح الخوف في عينيه..

    إن الغوص في تلك المشاعر المكتوبة- المرسومة شيء رهيب.. لكن بقي في أعماقي شيء ما في التفكير في ذلك الرجل، وكون الطفل اثنين والساعة الثانيةَ عشرة َ إلى الربع..
    وصورة العظمة (كالتي في صور الأشعة على الجسم) المكسورة..

    إن الغلاف وتصميم تصوير وتصوّر صادق لتلك الفترات الزمنية التي يحس فيها الإنسان أنه اثنان وليس واحداً، أنه ماض وحاضر.. أنه خائف من الحضور وراغب في الحضور.. أنه البدل والمبدل منه.. أنه الناصح وأنه الراغب في وجود من يحتضنه وينصحه، أنه يحب الناس ولكنه الهارب منهم أنه أحمد حسن، وليس أحمد حسن أو هو أحمد حسن فيما مضى من العمر بما يؤكده لنا ما جاء في صـــ88: " فوق سرير أبيض، أغطيته بيضـ ـــا ء، والوقت والساعات والأيام كلّها بيضاء.. يسأل برشامة تدخله في عالم الأحلام، فيعطونه حقنة "باربيتيوريت" وترسو رأسه على الوسادة كحكاية ثقيلة..
    - لماذا تتوضأ بغير حد، ولا تقنعك صلاة واحدة..؟
    - أنت!!
    - ..........
    - تسري عبر عروقي في اللحظة مرات كرغبة حرارتها تحاول أن تحملني كمنطاد إلى حيث الهواء المنعش ولا تقدر، فتنتشر في جلدي كأفكار مطاردة..
    ................

    وفي صــ89.. في عيادة الطبيب النفسي وشخصية الرجل /الذكرى النائم على سرير الطبيب ، وشخصيته المتذكرة..
    " ابتعدي أيها الأنفاس؛ فليس بيننا الآن صلة.. نسيتك منذ أَنْجَبْتِنِي أوْ
    أنْجَبْتُكِ..
    - أنت إذاً أبي..
    - لست، هو عندك فوق السرير..
    - هو أنت..
    - الماضي!
    - ماضيك..
    - لا.. أيها الطبيب أي فراغ ممحوِّ انسربت في سكونهفلا تسمعني؟! أنقذني.
    - لا تتعب نفسك؛ إنه مثلنا -أنا وماضيك- ماضٍ. كنا في الطريق إليك.. فلماذا ترجع أنت كل تلك التحوّلات إلينا.. اسمح لي أن أتَحَسَّسَكَ.. .... .. يا للزمن.. حقاً تغيَّرت كثيراً..
    - ما أحنَّك الآنَ!
    - وما كان أقساي! هي الذكرى..)

    ولعلها العلاقة (علاقة صورة الطفلين تتضح أكثر ما تتضح في نهاية الجزء الأول نص التشرد الثاني (نص المبدل منه) منذ سمع مصطفى محمود نقرات الطائر الأسطوري التي تفسر لنا التحام أذن الطفل الأبيض الأول بجانب الساعة حيث كان يتحسس تلك النقرات أو ينتظرها ويسرع في شيء من الرعب ليتحول إلى ذلك الطفل الأسمر الذي يذهب بعيدا..

    وذلك واضح في صــ61 وما قبلها..
    "- جئت لأساعدَكَ (طائر ابن سيرين في لهجةِ من عصر الدنيا
    كليمونة! طائر الرماد يحدق فيهما الطائر
    والكتابة..
    - سوف تعاني
    # أخاف (كانت كلمةٌ تمارسُهُ دائماً، وصَمْتٌ، فبسَطَ
    طائر ابن سيرين مربّتاً صغيرَهُ الخُائِفَ...
    - تجربة لن تعيش سالماً إلا باجتيازها وأنا معك..
    # أنا.. أنت
    - ... لا فارق بيننا غير سنوات من التحوّل..
    - لا تتأخر.
    - حاول..
    - إذا لم تصل رجعتُ سجيناً عند ابن سيرين، وأنت تتحوّل رماداً لا ينطفئ حتى قيامتك..
    .. ابق قدر ما يمكنك حتى أكون.."

    ولعلنا في إشارة سريعة من تلك الحوارية نقول إنه من أهم آليات التفاهم مه نص البدل والمبدل منه هو تفسير الأحلام وكيفيته عند ابن سيرين وفرويد على السواء، وإن كان الرمز الأول والأخير في النص من تفاسير ابن سيرين.. ((القنبر)) ذلك الطائر الذي يتحدث في الفقرة السابقة والذي يمثل اثنينة إيجابية في آخر النص ..

    ولا أحسب أني أعيب في الكاتب حين أتحدث عن توقفي مرات معلنا راية الصدود والنفور بيني وبين الكتاب ، وإنما أنا أسجل أنه كان هناك تلك المواقف التي لم تدخل فيّ كاملة ولم أفهمها كاملة..

    ولا أنكر أني حاولت في البدء لعلاقتي الطيبة بأحمد أن أسأله في تلك المعاني التي اعترضت فكري، فقال لي: حاول.. لو قلتها لك فهذا دليل على فشلي في توضيحها بالشكل المناسب.

    ولكنه قال لي: هناك إشارة إلى الغلاف داخل الكتاب..

    لقد دخلت النص مرَّتِي العشرين باحثا عن ذلك الرجل، حتى وقعت على حوار بين مصطفى محمود وبين فرويد بشأن الغلاف.. صــ45
    - لوحة الغلاف تحمل خطوطُها توهَّجاً صار انطفاءً.
    - لم أفهم جيداً

    وفي صــ44..
    "- إذن فالقصة فقدَتْ توهّجَها، لكن لم تكن تلك النهاية.
    - بالضبط.
    - ولكن أية فكرة أيقظت "كاملا" في لسانك؟

    وأحمد يقدم الحل لمن لا يفهم شيئاً ولعل هذا الحلَّ يُمَثِّلُ في بعض الأحيان آلية من آليات قراءة النص إذا عجز القارئ عن الوصول إلى الهدف أو لنقل إلى السر من تركيب ما أو حركة كتابية ما.. حين يكرر المعنى الآتي في أكثر من مكان منهم صــ45:
    "- يا سيد s.f لماذا تصر أن تعامل أشياء الفتى بعقلك؟! ومن دخل بلداً تحدَّثَ بلغة أهلها. ويكفي من قصيدة أن تعاملك كمس لذيذ ويمضي. حاول أن تنسى هنا أنك صاحب مدرسة التحليل."

    ولنعد إلى كلمة (كاملا) ومدى صلتها بالغلاف كما أثبت على لسان الدكتور مصطفى محمود..
    وبهذا الخصوص أذكر حكاية باستمرار كان يحكيها الكاتب كلما تحدثنا في التحليل النفسي ومناطق اللاوعي وبعض مشاكل الأصدقاء ومتاعبهم اليومية.. عن ذلك الرجل الذي كان يريد الإقلاع عن التدخين وبعد فترة من الانقطاع عن التدخين .. أجلسوه في جلسة تحليل نفسي، وسألوه فيم يرغب، وبالطبع فهو يحب أن يطرد فكرة التدخين من كلامه إلا أنها ظهرت في رغبته المجيبة على السؤال: أحب أن أركب جملاً وأسير به على الشاطئ في جو مليء بالغيوم.."" وكانت سجائره المحببة التي يدخنها ماركة تسمى "الجمل"..

    وفي الحوار ترددت كلمة (كامل) وفي صفحة 89 كان ذلك الكلام:
    " مكتوب على وجهه البكاء حين يضحك، والضحك فيبكي، والسفر حين يقيم، والنقص واسمه كامل الكفراوي..
    - آلو.. أستاذ كا..."

    وفي صفحات أخرى كذلك في النص.. كان كامل يمثل شخصية محورية رئيسية في النص..
    ولعلني لا أنسب الفضل كاملا إلى نفسي في إيجاد تلك العلاقة ولكني أذكر كلمة قالها أحمد:
    - اقرأ الرسم في الغلاف وداخل الكتاب.. لا تنظر إليه كرسم فقط.. اقرأه كما تقرأ كلاما عاديا.. وانتبه إلى حدة الملامح ودرجة الامحاء فيها..

    لقد لجأت إلى تلك الطريقة لكي أتفاهم مع رسمة الغلاف.. كنت أتوقع أن أرى الجمل بشكل ما بحثت في أنحاء الغلاف لعلني أجدها كلمة مكتوبة وبعد لأْي ومشقة وتدقيق رأيت رأس الرجل وقرأت:

    كان حرف الكاف يبدأ من بداية الخط الذي يمثل أول شعره وينزل الحرف إلى الفود ثم يطلع في خط آخر ممثلا حد الشعر فوق الأذن كانت هذا "كا" ثم دائرة الأذن وكانت خاوية في داخلها فكأنها مخروقة، تمثل دائرة حرف الميم الذي يمد شرطته في حد الشعر على القفا كاتبا حرف اللام من أعلاه .. ثم ينزل بالتحام مع ياقة القميص ليكمل كتابة حرف اللام.. (مل)
    كانت كلمة (كامل) ..
    هذه الكلمة التي يمثلها كامل الكفراوي كما أثبت الكاتب في نصه عن شخصيته المحورية (زيد/آدم/ إسماعيل)..


    [align=center]

    عنوان الكتاب:
    (البدل والمبدل منه)
    [/align]

    لعل المشكلة الأولى التي تصادف القارئ هو تفسير هذه الإشكالية أهي دلالات نحوية، أم لها أبعاد أخرى مختلفة؟
    فأنا وجدت كثيراً من القواعد النحوية التي تعمدها الكاتب وهي تدل بالطبع على التعمق الواسع في أمهات كتب النحو.. وبصراحة حين قرأت صفحات كثيرة جدا من النص كدت أتركه لأني وقبل الصفحة صــــ46 بالتحديد لم أجد أي إيضاحات ولا مفاتيح للعنوان ، وبداية من الصفحة 46 بدأ الحديث بين فرويد والدكتور مصطفى محمود في تحليل كيفية حضور الشاعر النابغة الذبياني وعملية التحليل التي قاموا بها في حياة النابغة ومقارنته بالكاتب (أحمد / زيد (ولكلمة زيد بعد نحوي كان الكاتب ممتازا في توظيفه)/ إسماعيل/ آدم) لقد لاحظت أن مفتاح عنوان الكتاب بدأ يتضح شيئا ما..
    وبدأ يتأكد في ذهني توقعي هذا في الصفحة صــــ 55.ــــ: حين بدأ ذكر صاحب الكافية ابن الحاجب وكم حدثني أحمد عن ابن الحاجب وكتابه الكافية وعن مدى إعجابه بتنوع الآراء في تحقيق نور الدين عبد الرحمن الجامي..

    كانت المفاجأة الكبرى أولحظة التنوير إن صح الإطلاق.. حين أمر ابن الحاجب النحوي شخصيتيْ فرويد والدكتور مصطفى محمود بأن يقرءا الكافية وألقى إليهما بالكتاب..
    لقد سجل أحمد حسن آلية جديدة لقراءة وتفهم الكتاب من جديد..
    أن يفسر للقارئ مساحات الرمز وأبعاد الكلمات من خلال مصادر كتابية محددة، ولكن فرويد ومصطفى محمود لم يكونا يبحثان عن كل تفاصيل الأمر أو الكتاب يعني تلك التي توزعت من خلال النحويات التي في تركيبات كثيرة في الكتاب.. ولكنهما كانا يبحثان عن السر الأكبر وراء الاستدعاء.. استدعاء النابغة وفرويد وغيرهما..

    وهنا نقطة أخرى.. فالكاتب كان يستدعي كل واحد لهدف ما يحدده الكاتب تحديداً صارما من خلال المناقشات التي تتم في الجزء الأول.. وسوف نرجع إلى هذه النقطة مرة أخرى..

    لكن السبب في استدعاء النابغة وتفسير البدل والمبدل منه..
    النابغة في المناقشة بين الدكتور وفرويد لم يعد هو الهدف أو لم يعد هدف الكاتب أن يفسر ويحلل النابغة الذبياني ورحلته وخوفه وهربه ورغباته ولكن أن يحلل هدفا ورغبة ووجوداً آخر
    ذلك الوجود الذي يكون من أول الإشارات له: صـــــ57.
    " البدل
    "تابع مقصود بما نسب إلى المتبوع" أي لا تكون النسبة إلى المتبوع مقصودة ابتداء بنسبة ما نسب إليه بل تكون النسبة إليه توطئة وتمهيداً للنسبة إلى التابع............................................ .
    ....... ............... ....... .............. ............. ...... .. .. .. ............................................. فإن قيل هذا الحد لا يتناول البدل الذي بعد "إلا" مثل (ما قام أحد إلا زيد) فإن زيداً بدل من أحد، وليس نسبة ما نسب إليه من عدم القيام مقصودة بالنسبة إلى "زيد" بل النسبة المقصودة بنسبة ما نسب إلى "أحد" نسبة "القيام "إلى "زيد". قلنا ما نسب إلى المتبوع ههنا القيام فإنه نسب إليه نفياً، ونسبة القيام بعينه إلى التابع مقصودة ولكن إثباتاً، فيصدق على "زيد" أنه تابع مقصود نسبته بنسبة ما نسب إلى المتبوع فإن النسبة المأخوذة في الحد أعم من أن يكون بطريق الإثبات أو النفي.
    ويمكن أن يقصد بنسبته إلى شيء نفياً، نسبته إلى شيء آخر إثباتاً، ويكون الأول توطئة للثاني.."

    نعم لقد فهم بعدها مصطفى محمود وفرويد أن الهدف ليس تحليل النابغة وتفسيره؛ لأن النابغة يمثل المبدل منه، وال(القنبر /آدم،/ زيد/ إسماعيل / أحمد) يمثل البدل المقصود بما نسب إلى متبوعه..) وذلك واضح فيما بعد حيث تكون شخصيته محور النص الثاني..

    ذلك النص الذي سمي بــ"نص التشرد الأول/ البدل)
    فحين نقول الخليفة عمر فإننا جئنا بكلمة (الخليفة) توطئة وتمهيدا لذكر عمر.. وعمر هو المقصود الأول والأخير في التركيب..
    ومن ثم فالنابغة وحكايته كانت تمهيدا والمقصود هو شخصية النص البدل) وذلك ما أثبته حوار فرويد ومصطفى محمود..


    ولعلنا نجد سببا في استدعاء الشخصيات على هذا النحو على ما يعن لنا:
    1- كأن الكاتب يقول لنا أنه بنى رموزه وكلماته وتركيباته من شخصيات الجزء الأول.. وكل شخصية ذكر أسباب استدعائها بشكل واضح تماما.. فمثلا سبب وجود النابغة الرئيسي والأول والمقصود اتضح في المناقشة بين فرويد ومصطفى محمود قرب نهاية الجزء الأول من الكتاب، وسبب استدعاء د. مصطفى محمود اتضح في ذكر الآية الكريمة (وقد خلقتك من قبل ولم تك شيئا) ولعله يتصل بالبحث الذي كتبه الدكتور مصطفى محمود في تلك الآية حيث استدل بها على وجودنا قبل خلق الجسد هوية ما والشيء هو الجسد لم يكن خُلِقَ، والذي يرجِّح هذا الاستنتاج إلى حد غير مسلم به تماماً هو ما كان في تقدمة الجزء (البدل) صــ68:
    "<< كلما اشتهى شيئه اعتراني صوت من ناحية البدء، أحاول، ويرحل صامتاً مثل وجع
    أرض ما قد تكون مكان بيتك..
    في سنة ما بعد خمس سنوات قد سنك>>
    << منتظرة البعث بعد ولادة الشيء، فمنها ما انبعث ومنها ما لم يتذكره شيئُهُ برضاه. فَلْيَتَذَكَّرْهُ في الآخرة إذن... مسجد "عبد ربه - وقت رأيت وجه
    إمام المسجد الشيخ مصطفى المنسي>>
    إن كلمة (الشيء) تكررت بما هي عليه في الآية.. وكذلك يرجِّح الفكرة ما كان من كيفية استدعاء أبي حامد الغزالي الذي تلخص في (صــ60:
    قطع جزءاً من صفحة في كتاب له وتركها ورحل، التقط الفتى الجزء

    ))))

    فلو قلنا إن الكاتب حاول الجمع بين هوية الخلق قبل الجسد وبين فكرة الغزالي في أن الروح أبو القلب لكانت فكرة النص (البدل) شبه واضحة في أذهاننا لأنها على ما أعتقد قائمة على أن الكاتب (زيداً، القنبر/ إسماعيل/ آدم) ينتظر أباه كما ورد في صفحة 70:
    " ثم دخل الصدر، فتأوهت المضغة فيه صارخة: << أيها الآتي من العصيان إن في أصابعي موتك، ولكني أنتظر حياتي..>>"

    إن حياة المضغة كانت هي الأب فإن الصاعقة حين تسألها في نفس الصفحة يدور بينهما الحوار التالي:
    " نادتها صاعقة التحول:
    - أيها الابن البار بأبيه..
    - وأين أبي؟!
    - في سفر.. ذات يوم سينهمر نفخةً فيك، والآن مرَّ على البلاد..................
    .................................................. ................. ونام. "

    وهذه هي عملية الخلق كما أحسبني وقد قرأتها في البداية والنهاية لابن كثير..


    ولعلني أقترب أكثر حين أستشهد بهذه الفقرة أيضا في صفحة 70:

    " كان يتفَتَّقُ من صراخها ﴿موت ما لوقت﴾ و أعلنت ميثاق الإقامة بالرحيل بعد أن تركت وقع خطاها في سر الشجر المتكسر أو يكاشفها الغافل في شهقة الأشجار الجديدة، والمبعوثةُ فيه يزداد إيماناً.
    وقتها تحرّك الجسد وبدأ رحيله، وأصابع المضغة تفتح الينبوع، تنبجس السحالي والثعابين.. الضباب تجيش من حولها.. لم يبق لها غير حديث النخل وجذوره والطلع المُكتَّم في مساربه العميقة حديثاً (كغير آدميين دائماً).. لن يقطعه الدكتور ولا أي من الضيوف الأعزاء، وقد يؤثر فيه حياة المضغة حين تأتي..
    سلام حتى مطلع الفجر
    سلام"

    ذلك التناص مع قصيدة (موت ما لوقت ما) لمحمد عفيفي مطر في ديوان (أنت واحدها وهي أعضاؤك انتثرت)
    فالمسألة هنا مسألة الجسد النائم غير المتحرك الذي ينتظر أمر البعث ثانية بنفخ الروح، وكانت المضغة تنتظر أمر البعث ثانية فهي قد كانت من قبل وعاشت حياتها في الواقع، ولكن إحساسها بالأب وانهمار الروح ما زال في انتظار المسافر حتى يعود..
    أو يكون الكاتب أراد شيئا آخر استغلق عليّ..

    فكان فكر مصطفى محمود يتمثل في الآية وما تمثله من عمود (نص البدل) فهي المرحلة الأولى من فهم خطوات النص أو خطوات فهم النص..
    ولعلني أتذكر أنه في مناقشة تمت ذات مرة على إحدى مقاهي مدينة الزقازيق قال أحد الكتاب إن هنا تعبيراً عن زنا المحارم، فإن سلوى أخت لزيد وقد استلهم زيد قصة آدم وحواء في صــ70:
    حينما استيقظ وجدها قاعدة عند رأسه.. كان يحس بوجع في جسديهما. سألها:
    - من أنت؟
    - امرأة..
    - ولم كنت؟
    - كي أرعى شجرتك كابني، وتحميني كأب.."

    ولكن القائل لم ينتبه إلى عدة أمور من زاويتين:
    الزاوية الأولى:
    - أن الكاتب استدعى تلك القصة التراثية قبل وجود الجنس في حياة آدم وحواء.. وهناك بعض التفاسير للشجرة التي أكلا منها آدم وحواء بأنها شجرة الجنس..
    - أن الإنسان تبع القاعدة النفسية المعروفة يبدأ في الخجل من اعضائه التناسلية حين تدب فيها دماء الشهوة.. وآدم لم يخجل أو لم يثبت لنا أنه كان يستحي من جسمه بغير أوراق قبل أن يأكل من الشجرة..

    ومن زاوية ثانية:
    - أولا لم يفهم الركيزة الأساسية للنص من رؤية مصطفى محمود في عملية الخلق أو كيفية الوجود قبل الجسد فكانت هوية ولم يكن جسد بالمعنى المفهوم أو الكامل.. وحين لا يكون جسد فتبقى الحاجة إلى السكينة البعيدة عن لذات الجنس عند فرويد..
    وفي النهاية في عودة الأب/ الروح سيكون الصلاة وفي ذلك طهر مؤكد عن اقتراف مثل ذلك الزنا
    - ثانيا: سلوى لا تمثل أختاً في ذلك العمل الفني، وإنما هي تحولات عدة بين أم وأخت وبنت، ومرة تكون أم نبي، ومرة امرأة الطوفان التي ترفع ولدها على ذراعيها لكي ينجو ويغرقها الطوفان إلى كفيها وتبقى رافعة الذراعين كذلك حتى تغرق تماماً..
    ثالثا: بوجع في جسديهما: والمفروض أن القصة الأولى تقول أنه وجع في جسد آدم وحده، ولكن الخلق تم منهما الاثنين وللاثنين.. وذلك لا ينفي أن الجسد ما زال في طور غير الشاعر أو الملتذ فهناك فيما بعد إشارة إلى بداية انهمار الروح الخطأ في جسد (آدم/ زيد) صــ79، 80..:" لم يكتمل انهمار الروح فيه، وأحسب لم يكن انهمارٌ أصلاً، وثب إلى
    فاكهة الجنّة.. وغريبانِ عن بعضهما البعض الجسد والماكنا.. لكليهما لغة. وقبل أن يتعرَّفا وثب، فَضَلَّتْ قدماه، وذل كثيراً.. آاه...................................... .... "

    فحتى اللذات المرادة من وجود الروح داخل الجسد معروفة ولا علاقة لها بلذات الجنس.. إنها لذة الإحساس بالأب/ الصوفي كما هي عند الغزالي.. ولا شك أنه مثبت أنه كلما ارتقى القلب إلى الروح فإنه يسمو وإن نزل عنها ضل، ولعله تأكيدا لبعد تلك الجريمة التي اتهم بها الكاتب فهناك أشياء آخرى:
    - أولاً أن الطينة التي خلقت منها المضغة كانت من أصل الكعبة.. وهي كما قيل في ابن كثير التي خلق منها النبي صلى الله عليه وسلم..
    - أن المضغة تنام نوم (موت ما لوقت ما) وهذه القصيدة لمحمد عفيفي مطر من أهم إسقاطاتها أنها كانت تعبر عن حالة النبي صلى الله عليه وسلم وهو في قبرن نائما في موت ما لوقت ما..
    - أن مرور الشيطان في دم الفتى/البدل جعل المضغة تتأوه وتوعد الشيطان وتهدده بالقتل حين تصل الروح/ الأب مركز السلطة والقوة والتربية..

    - رابعا: أن هناك فارق بين زنا المحارم ورغبة موجودة في كل واحد منا واعية أو غير واعية وإنما التأكيد أنها موجودة بالفعل...
    - خامساً: ما كان من حوار في نفس الصفحة وتابعتها ::::
    """ سألته الصاعقة:
    - ما اسمها يا ق ن آدم؟
    - سلوى.
    - لم كانت؟
    - رزق، من تحوّلاتي التي أعيشها أو ستعيشني [عيناه إلى سلوى، ويتابع كأنما يلج مدينة من الذكريات الأولى] في أوقات تدخل في لحم شهقتي كدهشة السرور أو كدهشة البكاء، في وحدتي كغربةٍ مسرجةِ الصموت أو لقاء، وعيناها نبضتان من موتي لوقت ما.
    هي الأرض تحمل جزائر الزيتون في عين، وجزائر الرمان في الأخرى [ترفرفان عيناه إلى ملامح سلوى.. سلوى طيبة إلى درجة أتذكرها، فترفرف بقايا فيما أو قبل الصلاة، أبحر كالعادة في عينيها وبكى..]
    يشتد زفيف الأجنحة/"
    وفي هذه وحدها أمران "
    وإذا رجعنا إلى قنبر في تفاسير ابن سيرين فهو الرجل والغلام وهي الصورة التي أثبتها الكاتب في نهاية الجزء الأول (المبدل منه) وهنا آدم مزيج من الرجل والغلام الذي بشرنا بداية نص البدل (بوجوده) وليس من الزوجة ولكنه من الأب نفسه، أو من آدم نفسه، ثم إن سلوى كانت لسبب أنها سلوى وسلوى لها معنيان: السلو والتعزية والتسلية أو الطير المعروف .. المهم أنها تثير في ال(ق ن آدم) موتا ما لوقت ما.. فلنقل كانت هي النافذة التي صاحبت مرحلة هذا الموت الما، ومن ثم كانت السكينة للمضغة المنتظرة قدوم الأب / الروح.. فإننا حصلنا على الحرفين الأولين من (القنبر/ الغلام) وهي مركبة مع (آدم) الأب) ولكنه الأب العام لكل البشر فكأنه رمز الأب أو رمز الأبوة..

    أما ابن سيرين فكان حضوره متمثلا في أكثر من ظاهرة لم يمكني إلا رصد بعضها:
    1- وهو الرئيسي : رمز القنبر في تفسيره ويدلنا على ذلك ما جاء في صفحة 60: " نادى: ابن سيرين ولم يكن ابن سيرين نائماً ولا واقفاً ولا موجوداً أصلاً، ولكن ها كتابه "تفسير الأحلام".. يَنْكَبّ بثقلِهِ الذي أمسى كلا ثقلِ الحلمِ يقلِّبُ صفحات الكتاب ويدعو:
    - فسّْرني حتّى أتَحَقّقَ، خلّصْنِي أَرُجُوكَ!!
    وبينما يقلب إحدى الصفحات اندفع منها طائر مخروطِيُّ المنقار، أسمر في أعلاه، ضارب إلى بياض في أسفله وعلى صدره بقعة سوداء. كانت فجاءةً حقاً، لكن يعرفها دم الفتى. كتيّارٍ كهربيّ تداخلا، وبرغم أنّهما كانا على موعد يحس بقربه كلاهما إلا أن الفتى ارتمى إلى الوراء من فزع.
    هو الآن رغبة من الهروب المُصِرّ غير أن سريان التيار مستمر: رعدة تنفض جسمه، تتحوّل في لحظات إلى رعشات خفيفة، وتخف حتى الخمود.. خموده. أية ضفدعة من المفارقات الليلية تفرد لسانها وتطوي الفتى فيه!!"

    2- والسبب الثاني: في استخدام بعض آليات التفسير عند ابن سيرين وذلك ما أتعبني في الوصول إليه مثلما كان في صـــ89: " مكتوب على وجهه البكاء حين يضحك، والضحك فيبكي، والسفر حين يقيم، والنقص واسمه كامل الكفراوي.."
    وتلك أساليب استخدمها ابن سيرين في تحليل بعض الأحلام أن يكون التفسير بضد المذكور..
    3- تمثل واستخدام بعض الرموز التي تشبه مثلا استخدام القنبر مثل
    سفرجلة ...... توحي بالسفر ..... صــ84.
    (قالت الصاعقة: إنها ا لـ جـ ـو ز..)// الجوز// ومعناها الخصومة بين الأب وابنه....... صـ82..
    وغير ذلك يتم الكشف عنه بالبحث الدقيق..

    أما فرويد فليس هناك في الكتاب أكثر من انتشار آليات التحليل النفسي حتى فيما وكثير من أعراض بعض العصابيات وكذلك حالة الفصام الشخصي التي يعيشها زيد أحيانا بين الماضي والحاضر في صورة الغلاف اثنينية الطفل، بين المريض والصحيح، بين الناصح والمنصوح، ولعل أوضح ما كان في الأمر ما رصدته الكلمات مباشرة في حالة أعتقد أنها قريبة من الوسواس القهري التسلطي في صفحة 88: "- لماذا تتوضأ بغير حد، ولا تقنعك صلاة واحدة..؟
    - أنت!!
    - ..........
    - تسري عبر عروقي في اللحظة مرات كرغبة حرارتها تحاول أن تحملني كمنطاد إلى حيث الهواء المنعش ولا تقدر، فتنتشر في جلدي كأفكار مطاردة......"

    ولعلنا نرى كذلك اسم (إريك برن) في صــ 15: "- اللذة..
    لذة الأرانب إذ تجرى في أنحاء البيت<<اريك يرن>>, ولذة الكتابة القديمة كبدايات قرية ريفية أو كاتب من الصحراء يعبر عن"
    وأنا وجدت كتابا واحدا له في مكتبة أحمد حسن (الطب النفسي المعاصر) وإريك برن من مؤيدي مدرسة فرويد والتحليل النفسي كما فهمت من كتابه.. فذكر فرويد هنا لا يكون ذكرا لفرويد بذاته ولكن بمدرسته وأحيانا بالأساليب التي قد اتبعها من آمن بفرويد بعد ذلك ولو كانت أدوية مثل الباربتيوريت..
    أو أكثر من ذلك في أولئك الذين صاروا يقرءون الحالة النفسية أو أفكار المخ من خلال جهاز رسام المخ الكهربي كما نرى في صفحات 15: "- أية وصلة بين حضارة الطب الحديث وبين فطرية الكتابة القديمة تنقر ملامحي فأبين كأرض عن بذور دهشة!
    وصفحة 17، 18: " لا يكفيني تعاطفك الآن، أدركَتْنِي عظام المَوْجَاتِ.. أضيقُ، قلت لك: احرقها، وأيقظني.. لم أقصد أن أحلم حتى استقامة الموجات :

    حيث يستغل الكاتب تلك الطاقة الرهيبة في اتجاه سهم رسام المخ الكهربي وبين الكتابة العربية القديمة بغير نقط فيكون السهم كلمة ((بن سيرين)).. والكاتب يوضح طبعا هذا أكثر من مرة ولكن لجدة استخدام هذا الأمر فقد لا ينتبه إليه الكثيرون، وأنا لم أنتبه إليه إلا في مرة غير الثالثة في القراءة..
    هذه طبعاً سابقة تميز بها الكاتب للتعبير عن الموقف..
    والجهاز هنا رجحت أن يكون جهاز رسام المخ الكهربي وليس القلب.. فهو الذي يكشف عن مرحلة الدخول في منطقة الوعي من خلال اعتدال الموجات أو منطقة اللاوعي في ضيق الموجات ..




    2- وجود جزء (المبدل منه) كان محاورة فكرية وتمثيلية عبر مرايا وكتابات تحاول تركيب البدل ولكنه بصورة معتادة في أشخاص واضحة وأفكار واضحة وتراكيب واضحة وسهلة لكل ذوي فكر وثقافة ولو محدودة..





    [align=center][align=center]
    حول الإهداء[/align]
    [/align]

    إلى
    والدي أروعِ تَجْرِبِةٍ فِي إِمْكَانِ وَلَدٍ

    وَسَلْوَى بِعَيْنَيْها.

    وَإِكْرَامِي قُورَة زَمَناً إِذَا أَرَدْتَ أَنْ تَبْقَى فِيهِ
    فَهُوَ فِي غِنىً عَنْكَ..
    وَإِنْ كَانَ إِجْبَارٌ خَفِيّ يَزْرَعُ فِيكَ حَرَكَةَ النَّهْرِ
    الأرْضَ
    الهَوَاءَ
    فَتُقَلِّدَ..
    ليْسَ رَجَلاً مِثْلِي أَوْ مِثْلَكَ، لَكِنَّهُ رَجُلٌ زَمَنٌ..
    وَسَوْفَ تُرِيدُ أَنْ تَبْقَى
    .....

    وإلى
    أَحْمَدَ حَسَن..

    إلى والدي أروع تجربة في إمكان ولد..
    لعل هذا التركيب الحاصل في بداية البدل والمبدل منه يسفك دماء الفكر بحدين: فهل المقصود بالتجربة هنا ما كان في البدل والمبدل منه من انفعالات وعلاقات بين الأب والابن تخص الكاتب نفسه.. أم هو يهدي إلى والده الكتاب لأن الوالد كان والدا رائعاً فعلاً حرص أن لا يكون الأب الذي يسبب مثل تلك المعاناة التي انتثرت في أنحاء البدل والمبدل منه بين الأب وابنه..

    وفي سلوى بعينيها.. فإن عينيْ سلوى كانتا شخصيتين محوريتين على طول النص.. كان فيهما مفاتيح كثيرة من فهم سلوى وعلاقتها بآدم أو إسماعيل أو إبراهيم..
    كما في صفحات 71، 73، 75، ، 76، 93..
    ولعلنا لا نغفل أهمية مدلول العين في مساحات النص الكبيرة فإن العين له لغة واضحة ومؤثرة في جنبات النص، وتحمل –في ذكرها- تفسيرات كثيرة لمواقف معينة سيأتي ذكرها في موضعها بإذن الله ..
    المهم أن إيحاءات العين لها تأثيرات وأدوار جمة.. في زيد وفرويد ومصطفى محمود والغزالي وأبي حامد وكثير من شخصيات وكائنات النص.. فهي ذكرت في صفحات النص ما يقرب من 87 مرة: مفردة ومثناة..

    وسلوى لا يمكن بالطبع أن نحكم على أنها أخت الكاتب زاعمين إلى خصوصية تجربة النص بالكاتب أحمد حسن، ولكن فقط علينا أن نقرأ المعطيات التي قدمها لنا الكاتب في شخصية سلوى وأي علاقات خارج النص من تشابه اسم الشخصية مع اسم أحد القريبين من الكاتب فهذا نوع من التعسف وفقر المقال والفكر.. وإن كان من الممكن أن يكون هناك سبب ما لاختيار الاسم من موقف حياتيّ واقعي وهو أيضا محكوم بما يقدمه النص من حدود وملامح تلك الشخصية لا أكثر ولا أقل..

    سلوى هنا كائن متحول هي المدرسة التي تحس بالقوة إذا كانت مع أخيها وتحس بالراحة، وهي حواء التي خلقت لسكينة آدم، وهي هاجر التي أرضعت إسماعيل ورعته في الصحراء.. وهي المرأة التي ضحت بحياتها لأجل أن يبقى ابنها بعيدا عن مرمى الماء حتى اختفت تحت الماء وما زال كفها يحمل الطفل، وليس هذا وحسب وإنما يتحول كفاها إلى زورق وهي قد رحلت..
    وكل تلك الأدوار بتحويرات جذرية في القصة المستدعاة ففي قصة حواء.. لم تكن إلا مشوارا للتسلية والتعزية عن واقع (آدم/ زيد) المرير، وهي دوما تتفهم ما تريد الصاعقة (باعتبار الصاعقة رمز القدر والخلق كما سيأتي ذكره) بل وتشبه -في كثير من مواقفها مع زيد- العرافةَ/ فهداً التي ترى ما لا يراه الحضور..
    وفي استدعاء هاجر وإسماعيل فهي التي تبني البيت، ولا تنتظر الأب لأنها تعرف أسراراً أخرى، وفي هذا بعد خفيّ في التفريق بين نوعين من الأبوة..
    هي كانت تبحث لإسماعيلها عن أب من النوع الذي يأتي في آخر النص..
    بينما إسماعيل يبحث عن التجربة أياً كانت بدون تفكير أو تريث.. والمهم لديه أن يصل أبوه ومن ثم فهو يشبه آدم الذي اشتهى فاكهة الجنة قبل أن يكتمل انهمار الروح إلى قدميه فتحرك نحوها فضل بدافع اللذة غير المقننة والرغبة غير المفكرة غير ذات النضج الكافي..




    [align=center]الجزء الثاني من المناقشة[/align]


    وقد اكتفى الجميع بعد ذلك بمناقشة ما جاء في الحلقة..
    وكان من ضمن الأراء:

    - الدكتور إبراهيم عطية (صيدليّ):

    "أنا أستغرب لما جاء بالمناقشة من أن الشخصيات الرئيسية في المناقشة كانت خمسة فقط، لأن هناك شخصيات رئيسية أكثر من ثلاثة شخصيات أخرى تحدّد كثيرا من ملامح النص..
    أهمها هو الدكتور مصطفى محمود، وكما قال أخي الأستاذ محمد عبد العظيم:
    "46 بدأ الحديث بين فرويد والدكتور مصطفى محمود في تحليل كيفية حضور الشاعر النابغة الذبياني وعملية التحليل التي قاموا بها في حياة النابغة ومقارنته بالكاتب (أحمد / زيد (ولكلمة زيد بعد نحوي كان الكاتب ممتازا في توظيفه)/ إسماعيل/ آدم) لقد لاحظت أن مفتاح عنوان الكتاب بدأ يتضح شيئا ما.."

    يعني معنى كلام الأستاذ محمد وما فهمته أنه من المستحيل أن يّفهم الكتاب بشكل صحيح إذا غابت شخصية كهذه في يدها تفسير الغلاف والعنوان وأيضا لها دوافع لوجودها الآن..
    تحليل شخصية النابغة للوصول إلى شخصية البدل كما قرأت حين وصول الطائر الأسطوري ليس شيئا هيّنا في الكتاب.. فهل لم يقرأالدكتور مصطفى عطية قرابة 20 صفحة من نص أدبي، حتى لا يتكلم في شخصية مصطفى محمود..؟؟
    الشخصية الثانية، وهي توضح أكثر مدلولات العنوان التي لم تخرج عن مفهومها النحوي كثيرا كما أشار الدكتور مصطفى ولكنها كانت ذات دلالة نحوية حاضرة جدا.. وهي شخصية ابن الحاجب وهو يتحدث عن البدل والمبدل منه في كتابه (الكافية) كما أشار الكاتب..

    الشخصية المتخفّية : شخصية الرجل الفرعوني.. الذي كان له إشارة خفيفة.. ولكن أتذكر جملة قالها الدكتور مصطفى في حقه تعنى أنه له دور مهم وأساسيّ..

    أنا أرى تحليل الأستاذ محمد تحليلا أعمق وقراءته أشمل..

    [align=center]مداخلة: محمدعبدالعظيم/[/align]
    هناك شيء ما استغربت منه شيئا ما في حديث الدكتور عن موضوع الحوار بين الغزالي وبين النابغة الذبياني وهو حين قال: "قُد" بدل "قَد" وقال قد من قاد يقود، رغم أن تشكيلها كان واضحا تماماً وهي مفتوحة القاف، فهي اسم فعل مضارع، وليس فعل أمر كما قال الدكتور، ولكن اللبس الذي دخل فيه كان بسبب القراءة السريعة على ما أعتقد، فقد وضح كلام النابغة مكان كلام الغزالي والغزالي مكان النابغة في الحوار.. حيث قال (والنابغة لم يتكلم) ومن ثمّ اعتقد أن (قد يا صاحبي) كلمة من النابغة للغزالي بأن يمشي في الطريق.. ولم يكن كذلك..

    الأمر الثاني: أنه لم يتعرض لموضوع عنوان ورسمة الغلاف رغم الإشارة الواضحة في داخل الكتاب إليها في الحوار بين مصطفى وفرويد كما أشرت أنا في قراءتي سابقا..

    الأمر الثالث: وهو الذي حز في نفسي جدا، أني أحسب أن الدكتور مصطفى لم ينتبه إلى أن الكتاب جزآن..
    لأنه فسّر العنوان من الجزء الأول للكتاب من الصفحة 7، ويبدو أنه لم ينتبه إلى الجزء الثاني من الكتاب الذي هو جزء (البدل) وما اتضح -كما أشرت في دراستي- من دلالات البدل والمبدل منه بين الجزءين.
    وللأسف لم تكن هناك أية إشارات إلى الجزء الثاني من الكتاب، رغم أنه صلب الموضوع ومكان الإشارات والتراثيات والتطبيقات الفعلية للأسماء والشخصيات الموجودة في الجزء الأول من الكتاب (المبدل منه)..
    كان هناك إشارة واحدة فقط في (تراسل الحواس)..

    من ناحية نظرية التلقي وأن المبدع لابد أن يكتب في مستوى القارئ والمتلقي، فقد استشهد الناقد بعفيفي مطر، وحسن طلب، وهذه مشكلة رابعة، فما قام بتقديم أسمائهم لا يكتبون في مستوى الملتقى العام إطلاقا، ولنلجأ إلى كل من نقابلهم من مثقفين نعرفهم ونعطي لهم قصيدة الجيم تنجح أو ديوان (أنت واحدها وهي أعضاؤك انتثرت للشاعر محمد عفيفي مطر) ونرى هل يفهمونهما؟؟

    اعترض الدكتور على أسماء الإشارة بشدة، ولكنه لو كان راجع الألفية التي يدرسها كل دارسي النحو، لكان عرف مصدر هذه الأسماء الإشارية، والمشكلة في ثلاث نقاط:
    1- لقد سمى أسماء الإشارة بــ(المستهجنة) وما أدري أن هناك لغويا أو نحويا فعل ذلك.
    2- يبدو أن مستوى تواصل الناقد مع النحو واللغويات والتراث كان طفيفاً، ولكن لو كان الأمر تدقيقاً طيبا لكان اكتشف أن هناك رموزاً ومفاهيم أخرى يقصدها الكاتب زيادة عن مجرد إيراد القاعدة والكتابة عليها..
    3- شخصية ابن الحاجب كانت موجودة، وأساس فكرة النص نحوية، فمن المبرّر تماماً كل ما جاء في النحو هنا، من أسماء يعرفها كل من درس النحو العربيّ.. وليس في هذا تأثر أعمى بالتراث كما ألمح الدكتور..
    زيادة على ذلك لقد وجدت اسم إشارة (ذ) حرفا بدون ألف.. فهل كان هذا تأثراً بالتراث بالشكل الذي قيل عنه، بل كان إحساسا جديدا بالقاعدة وترميزا بالموقف، وددت لو تعرف إليه الناقد الأستاذ مصطفى..

    من ناحية اللغة..
    اعترض الناقد على كلمة (ذرني)، ووالله أنا متعجب من هذا، فهو لفظ قرآني، ولصوت الذال وتضخم الراء وتجمعها ما يبررها بشكل رائع.. تلك الكلمة التي يقولها أحمد ويعترض عليها الدكتور مصطفى سيقولها الله غدا، ولكن العجيب أنه يستشهد بعفيفي مطر، وحسن طلب اللذين يغرقان في استخدام ألفاظ بالفعل لا تمت للعصر الحديث ولا للغة الجرائد بصلة..

    ..........

    لقد اعترض الدكتور على نحويات كثيرة، ولا غرْو أن نقول إن كل ملاحظاته في النحو كانت خاطئة تماماً.. ولا أدري أهذا ضعف قراءة في النحو فالدكتور خريج كلية التربية..

    من ناحية الصور.. لقد استغربت من لهجة الدكتور وهو يقطع برأيه وهو يطبّق قراره أن الجزء التصويري في الكتاب كان يعبر عن تضخم الذات ونرجسية الكاتب وتحولق نفسي واجتماعي بعيدا عن الاتصال الاجتماعي..
    إنه لم يتوقع أن الكاتب يريد شيئا جديدا: مقارنة بين العلاقات الاجتماعية، وبين حياة الكتابة..
    هذا للأسف فعلاً..
    وكان من أسوأ ما رأيت تلك الترجمة القاطعة أن الكتاب نسخة من حياة الكاتب بدون أي دليل منطقي في الكتاب..
    وحين قال الكاتب في إهدائه:
    (وإلى أحمد حسن)
    نظر إليها الناقد نظرة مسبقة قاطعة غريبة، وكان أولى به أن يرجع إلى الغلاف ليعرف الحقيقة كما أوضحتها..

    وبخصوص نظرية الجرجاني فالدكتور قالها بشكل غريب، وكأن نظرية النظم قالت أن للكلمة مدلولات نفسية معينة تخرج من عمق الكاتب، بما يدخل النظرية في أبحاث علوم النفس، فإن هذا خاطئ، وكل ما في الأمر أنه قال أن اللفظ عين المعنى، ولا قيمة له بغير معناه وأن يوضع في تركيب.. أما النسبة إلينا ككتاب، فلم يقل بها الجرجاني..

    ولكن السمة العامة للنقد الموجّه في المناقشة كانت الجزئية التي تبهت العمل حقه، فالناقد لم يصل إلى أية دلالة كلية جامعة لمكنونات الكتاب، وإنما راح يشرح بعض التطبيقات لنظريات ورؤى منفصلة..



    [align=center]محمد عبد العظيم حمد
    مدرس لغة عربية في مدرسة صافور الثانوية..
    تخرج في كلية دار العلوم[/align]
  • د. جمال مرسي
    شاعر و مؤسس قناديل الفكر و الأدب
    • 16-05-2007
    • 4938

    #2
    قراءة أكثر من رائعة أخي المبدع الأستاذ محمد عبد العظيم حمد
    لكتاب قيم للأديب أحمد حسن محمد
    و كانت القراءة عميقة و واعية بقدر ما في الكتاب من عمق و إلغاز
    شكرا لك نشرها هنا بالملتقى
    و أرحب هنا بك من جديد
    محبتي و تقديري
    د. جمال
    sigpic

    تعليق

    • محمد عبد العظيم حمد
      • 15-08-2007
      • 4

      #3
      شكرا أخي الكريم الفاضل د. جمال مرسي.

      تمتعني كلما قرأت لك..

      حين ذهبت إلى البيت بعد المناقشة ومعي ديوانك الذي تشرفت بتسلّمهِ في المناقشة..

      قرأت قصائده لزوجي ..


      لقد أدهشتني بالفعل

      تعليق

      • أحمد حسن محمد
        أديب وكاتب
        • 16-05-2007
        • 716

        #4
        شكرا لك أخي الغالي الأستاذ محمد...

        وماااااا زلت مصرا على رأيي وقد أنزلت الدراسة من نفس المقهى أن لم يكن لها لزوم الآن حتى يقول الدكتور مصطفى رأيه مكتوبا..

        على العموم بارك الله فيك..

        وشكرا لك ولحبيبي الغالي الدكتور جمال مرسي

        تعليق

        يعمل...
        X