وداعا دميتي الصغيرة : ( القصة الفائزة بمسابقة قصص الاطفال)
________________
انتحت الطفلة الصغيرة ركنا قصيا تعلن فيه عن غضبها لانشغال كل من والديها عنها .. فوالدها يقضي الساعات الطويلة فى حجرة مكتبه يمارس عمله دون أن يزعجه احد وهاهى والدتها تمارس هوايتها فى صنع الحلويات وتظل حبيسة المطبخ ساعات طويلة ..
فتظل الصغيرة بمفردها بين عرائسها توزع الادوار وتسمي كل واحدة باسمها وكانت لديها دمية صغيرة تحبها جدا اكثر من غيرها من الدمي وتحرك بداخلها مفردات أمومة لم تنضج بعد .. لم تكن لها مواصفات خاصة بل هى مجرد دمية قماشية تقل جمالا عن غيرها من الدمي الفاخرة والغالية الثمن ولكنها كانت تحبها وقد صنعتها لها جدتها ولم تكن الطفلة لتفارق تلك الدمية القماشية طول اليوم وعندما توزع الادوار كانت تعطيها اكبر الادوار .. واذا ماذهبت للنوم صحبتها معها لتنام بجانبها ...
انفردت الصغيرة بدميتها هذا المساء فوضعتها بجانبها فى السرير وأطفأت الاضواء إلا من ضوء باهت يأتى من مصباح بجانب الفراش ... احتضنت دميتها وهى تهدهدها وبدأت فى الحديث معها وهى تبثها حزنها لانشغال الجميع عنها فى المنزل ..وتمنت لو بادلتها الحديث لتسعد بقربها ... وأسدل النوم ظلاله على الصغيرة حين جاءها زائرا وارخت اهدابها فى نعاس رقيق وفتحت عيونها من جديد ... وفزعت حين رأت عيون دميتها تتحرك وتنظر لها وفتحت الصغيرة واغلقت عينها عدة مرات تستطلع الامر وبعد العينين هاهى تحرك شفتيها وتحادثها ..:
نستطيع الآن أن نتحدث معا ونروى الحكايات التى كنت أسمعها منك ..
لم تستطع الطفلة ان تمنع عن نفسها احساس فرحة يغمر ذاتها الصغيرة لان امنيتها قد تحققت وهاهى تنعم بصحبة دميتها الصغيرة وقالت لدميتها : هيا إحكي لي الحكايات التى كنت اقصها عليكِ..!
ونظرت الدمية ذات العيون الزرقاء التى كانت أزرارا صغيرة وامعنت النظر فى عيون الصغيرة وكانها تتذكر الحكايات وتستعيد طرف خيطها لتنطلق .... وهنا سألتها الطفلة : ترى من منا الأكبر ؟
ابتسمت الدمية واجابت سأروى لك ِ حكاية صغيرة وبعدها ستعرفين الاجابة :
ـــ كان هناك أربعة من الاصدقاء . الفيل والقرد والارنب واليمامة كانوا يعيشون فى سعادة وحب ، وفى يوم من الايام إختلف الأربعة أيهم الأكبر وأيهما الأصغر وكانت بجانبهم شجرة كبيرة فى السن ، فقال الفيل :
عندما كنت صغيرا كانت هذه الشجرة أقصر مني .
وقال القرد : عندما كنت صغيرا كانت هذه الشجرة وظلها أقصر مني
وقال الارنب : عندما كنت صغيرا كنت آكل أوراقها وهى فى بدايه تكوينها على سطح الارض .
وقالت اليمامة : كانت هذه الشجرة بذرة فى منقاري وقد ألقيتها على الأرض ونبتت .
فتنبه الاصدقاء ان اليمامة أكبر سنا منهم لذلك عندما يسيرون كان الفيل يحمل القرد والقرد يحمل الارنب ثم تجلس اليمامة على رأس الارنب ومن يومها ادرك الاصدقاء انه لاينبغى السؤال عن الكبير والصغير ..فالكبير فى حاجة إلى الصغير والصغير ينفع الكبير ..
ونظرت الدمية إلى عيون صديقتها تستطلع منها هل فهمت الصغيرة معنى ومغزى الحكاية ..؟
ابتسمت الصغيرة إبتسامة ذات مغزى وألقت عليها تحية المساء واحتضنتها وذهبت فى نوم عميق ..
........
استيقظت الصغيرة صباحا وحملت دميتها وهى تنظر لها وتهزها لتستطلع ماذا حدث بالامس وهل كان حلما ام حقيقة ؟
وجدت الدمية كحالها وقد سكنت الزراير الزرقاء عن الحركة وعادت الشفاة القماسية الحمراء عادت تسكن فى هدوء ، وظنت الصغيرة انه كان حلما ... ربما !!
وحان موعد نومها ليلا وقد صحبتها والدتها لتضعها فى الفراش واطفأت الانوار واوصدت الباب خلفها ومازال المصباح الصغير يرسل بنبضات نوره البسيط على ارضية الغرفة وسرير الطفلة ... نظرت فى عيون دميتها وتهلل وجهها فرحا عندما بدأت العيون الزرقاء تتحرك وتنطلق ابتسامة صغيرة من إنفراجة الشفتين الحمراء ..
قالت الصغيرة : ظننته حلما ولكني الآن فى منتهى السعادة يادميتي الحبيبة وأريد أن أسألك ، سمعت اليوم كلمة الطمع وقد وصفت بها والدتي إحدى قريباتنا ولم أفهم معناه فهل تدليني على المعنى ؟
ابتسمت الدمية وقالت : سأروى لك ِ حكاية وبعدها ستفهمين معنى الكلمة ...
ــــــ كان فى احدى مناطق المراعي يقسمون الاراضي الواسعة بطريقة غريبة بينهم ، فكل انسان يركب حصانه وينطلق به مع شروق الشمس وكلما مر بمكان وضع علامة به وكل الاراضي التى يمر بها تصبح ملكا له بشرط أن يصل إلى نقطة البداية قبل غروب الشمس ..
وخرج رجل وهو يعتزم أن يأخذ أكبر مساحة منها له .. وكلما مر بمكان وضع العلامة ويستزيد أكثر منها ويحاول أن يحصل على اكثر واكثر ... تعب الحصان فتركه حتى لايعطله عن هدفه الذى اعتزمه وأكمل السير على قدميه ... وأصبحت الشمس فى كبد السماء واشتد وهجها وانعكست اشعتها على وجه الرجل الذى تصبب عرقا وقد أنهكه التعب ولكن نفسه تأمره أن يواصل المسير حتى قطع مساحة طائلة ولابد أن يعود قبل أن تغرب الشمس وإلا فقد ماكان يحاول إمتلاكه ، وفى طريق العودة وجد الحصان وقد مات من تأثير العطش والتعب ولم ينل هذا المشهد من الرجل وواصل السير عائدا وبعد وقت ليس بالقصير وقد قارب قرص الشمس على الرحيل ولاحت نقطة البداية أمامه وبدأ يترنح من شدة التعب ويسقط على الارض ثم يعاود النهوض بصعوبة ويخطو بخطوات بطيئة فى صعوبة ومعاناة بالغة وبعد خطوات قليلة يسقط من جديد ، ويبذل كل مجهود فى محاولة الوقوف وعينه ترقب قرص الشمس وقال محدثا نفسه :
تابع سيرك يارجل فليس أمامك سوى خطوات ثلاثة بعدها تمتلك هذه الأرض المترامية الاطراف وستصبح غنيا وتحقق كل احلامك .. سر .. سر ..!!
وتابه اول خطوة وقد اصبح قرص الشمس فى عينيه مجرد غيامة لايتبين ملامحها ووضع القدم الاخرى للخطوة الثانية وقد انحنى ظهره ومالت رأسه إلى الأمام وحبات العرق تتساقط وتغلق عينه وتحجب عنه الطريق ووضع قدمه لاخر نقطة وقد ادرك نقطة البداية وفوقها خارت قواه وفارقته أحلامه وسقط ميتا ... ولقد اصبحت الارض الشاسعة ملكا لانسان عائب عن الحياة وقد قتله طمعه .
وانهت الدمية حكايتها ونظرت للصغيرة وقد هزت رأسها بالايجاب على سؤال لم تسأله الدمية ولكنها تعرفه .وابتسمت الصغيرة ابتسامتها الرقيقة العذبة وذهبت فى نوم عميق .
.........
وتكررت الايام والليالى والصغيرة تستمع إلى حكايا دميتها وتفهمها كل ماتريد ... حتى كان يوم انتظرت أن تبدأ دميتها فى سرد حكايتها الجديدة وكلما حاول النوم التسلل إلى عينيها بعدته عنها وهى ترقب الأزرار الزرقاء وقطعة الشفاه الحمراء دون جدوى
ليال كثيرة مرت بعدها وهى تنتظر دون أى امل ، فعادت الصغيرة إلى عالمها من الالعاب والدمي وحكاياتها وتوزع الادوار كعادتها ولكنها لم تنس ابدا دميتها الأثيرة وهى تعطيها دور البطولة .
وذهبت الصغيرة إلى النوم ونظرت إلى دميتها بابتسامتها العذبة واغمضت عينيها وهى تلقى عليها تحية المساء وتهمس فى براءة وحنان : وداعا ... وداعا يادميتي الصغيرة .
________________
انتحت الطفلة الصغيرة ركنا قصيا تعلن فيه عن غضبها لانشغال كل من والديها عنها .. فوالدها يقضي الساعات الطويلة فى حجرة مكتبه يمارس عمله دون أن يزعجه احد وهاهى والدتها تمارس هوايتها فى صنع الحلويات وتظل حبيسة المطبخ ساعات طويلة ..
فتظل الصغيرة بمفردها بين عرائسها توزع الادوار وتسمي كل واحدة باسمها وكانت لديها دمية صغيرة تحبها جدا اكثر من غيرها من الدمي وتحرك بداخلها مفردات أمومة لم تنضج بعد .. لم تكن لها مواصفات خاصة بل هى مجرد دمية قماشية تقل جمالا عن غيرها من الدمي الفاخرة والغالية الثمن ولكنها كانت تحبها وقد صنعتها لها جدتها ولم تكن الطفلة لتفارق تلك الدمية القماشية طول اليوم وعندما توزع الادوار كانت تعطيها اكبر الادوار .. واذا ماذهبت للنوم صحبتها معها لتنام بجانبها ...
انفردت الصغيرة بدميتها هذا المساء فوضعتها بجانبها فى السرير وأطفأت الاضواء إلا من ضوء باهت يأتى من مصباح بجانب الفراش ... احتضنت دميتها وهى تهدهدها وبدأت فى الحديث معها وهى تبثها حزنها لانشغال الجميع عنها فى المنزل ..وتمنت لو بادلتها الحديث لتسعد بقربها ... وأسدل النوم ظلاله على الصغيرة حين جاءها زائرا وارخت اهدابها فى نعاس رقيق وفتحت عيونها من جديد ... وفزعت حين رأت عيون دميتها تتحرك وتنظر لها وفتحت الصغيرة واغلقت عينها عدة مرات تستطلع الامر وبعد العينين هاهى تحرك شفتيها وتحادثها ..:
نستطيع الآن أن نتحدث معا ونروى الحكايات التى كنت أسمعها منك ..
لم تستطع الطفلة ان تمنع عن نفسها احساس فرحة يغمر ذاتها الصغيرة لان امنيتها قد تحققت وهاهى تنعم بصحبة دميتها الصغيرة وقالت لدميتها : هيا إحكي لي الحكايات التى كنت اقصها عليكِ..!
ونظرت الدمية ذات العيون الزرقاء التى كانت أزرارا صغيرة وامعنت النظر فى عيون الصغيرة وكانها تتذكر الحكايات وتستعيد طرف خيطها لتنطلق .... وهنا سألتها الطفلة : ترى من منا الأكبر ؟
ابتسمت الدمية واجابت سأروى لك ِ حكاية صغيرة وبعدها ستعرفين الاجابة :
ـــ كان هناك أربعة من الاصدقاء . الفيل والقرد والارنب واليمامة كانوا يعيشون فى سعادة وحب ، وفى يوم من الايام إختلف الأربعة أيهم الأكبر وأيهما الأصغر وكانت بجانبهم شجرة كبيرة فى السن ، فقال الفيل :
عندما كنت صغيرا كانت هذه الشجرة أقصر مني .
وقال القرد : عندما كنت صغيرا كانت هذه الشجرة وظلها أقصر مني
وقال الارنب : عندما كنت صغيرا كنت آكل أوراقها وهى فى بدايه تكوينها على سطح الارض .
وقالت اليمامة : كانت هذه الشجرة بذرة فى منقاري وقد ألقيتها على الأرض ونبتت .
فتنبه الاصدقاء ان اليمامة أكبر سنا منهم لذلك عندما يسيرون كان الفيل يحمل القرد والقرد يحمل الارنب ثم تجلس اليمامة على رأس الارنب ومن يومها ادرك الاصدقاء انه لاينبغى السؤال عن الكبير والصغير ..فالكبير فى حاجة إلى الصغير والصغير ينفع الكبير ..
ونظرت الدمية إلى عيون صديقتها تستطلع منها هل فهمت الصغيرة معنى ومغزى الحكاية ..؟
ابتسمت الصغيرة إبتسامة ذات مغزى وألقت عليها تحية المساء واحتضنتها وذهبت فى نوم عميق ..
........
استيقظت الصغيرة صباحا وحملت دميتها وهى تنظر لها وتهزها لتستطلع ماذا حدث بالامس وهل كان حلما ام حقيقة ؟
وجدت الدمية كحالها وقد سكنت الزراير الزرقاء عن الحركة وعادت الشفاة القماسية الحمراء عادت تسكن فى هدوء ، وظنت الصغيرة انه كان حلما ... ربما !!
وحان موعد نومها ليلا وقد صحبتها والدتها لتضعها فى الفراش واطفأت الانوار واوصدت الباب خلفها ومازال المصباح الصغير يرسل بنبضات نوره البسيط على ارضية الغرفة وسرير الطفلة ... نظرت فى عيون دميتها وتهلل وجهها فرحا عندما بدأت العيون الزرقاء تتحرك وتنطلق ابتسامة صغيرة من إنفراجة الشفتين الحمراء ..
قالت الصغيرة : ظننته حلما ولكني الآن فى منتهى السعادة يادميتي الحبيبة وأريد أن أسألك ، سمعت اليوم كلمة الطمع وقد وصفت بها والدتي إحدى قريباتنا ولم أفهم معناه فهل تدليني على المعنى ؟
ابتسمت الدمية وقالت : سأروى لك ِ حكاية وبعدها ستفهمين معنى الكلمة ...
ــــــ كان فى احدى مناطق المراعي يقسمون الاراضي الواسعة بطريقة غريبة بينهم ، فكل انسان يركب حصانه وينطلق به مع شروق الشمس وكلما مر بمكان وضع علامة به وكل الاراضي التى يمر بها تصبح ملكا له بشرط أن يصل إلى نقطة البداية قبل غروب الشمس ..
وخرج رجل وهو يعتزم أن يأخذ أكبر مساحة منها له .. وكلما مر بمكان وضع العلامة ويستزيد أكثر منها ويحاول أن يحصل على اكثر واكثر ... تعب الحصان فتركه حتى لايعطله عن هدفه الذى اعتزمه وأكمل السير على قدميه ... وأصبحت الشمس فى كبد السماء واشتد وهجها وانعكست اشعتها على وجه الرجل الذى تصبب عرقا وقد أنهكه التعب ولكن نفسه تأمره أن يواصل المسير حتى قطع مساحة طائلة ولابد أن يعود قبل أن تغرب الشمس وإلا فقد ماكان يحاول إمتلاكه ، وفى طريق العودة وجد الحصان وقد مات من تأثير العطش والتعب ولم ينل هذا المشهد من الرجل وواصل السير عائدا وبعد وقت ليس بالقصير وقد قارب قرص الشمس على الرحيل ولاحت نقطة البداية أمامه وبدأ يترنح من شدة التعب ويسقط على الارض ثم يعاود النهوض بصعوبة ويخطو بخطوات بطيئة فى صعوبة ومعاناة بالغة وبعد خطوات قليلة يسقط من جديد ، ويبذل كل مجهود فى محاولة الوقوف وعينه ترقب قرص الشمس وقال محدثا نفسه :
تابع سيرك يارجل فليس أمامك سوى خطوات ثلاثة بعدها تمتلك هذه الأرض المترامية الاطراف وستصبح غنيا وتحقق كل احلامك .. سر .. سر ..!!
وتابه اول خطوة وقد اصبح قرص الشمس فى عينيه مجرد غيامة لايتبين ملامحها ووضع القدم الاخرى للخطوة الثانية وقد انحنى ظهره ومالت رأسه إلى الأمام وحبات العرق تتساقط وتغلق عينه وتحجب عنه الطريق ووضع قدمه لاخر نقطة وقد ادرك نقطة البداية وفوقها خارت قواه وفارقته أحلامه وسقط ميتا ... ولقد اصبحت الارض الشاسعة ملكا لانسان عائب عن الحياة وقد قتله طمعه .
وانهت الدمية حكايتها ونظرت للصغيرة وقد هزت رأسها بالايجاب على سؤال لم تسأله الدمية ولكنها تعرفه .وابتسمت الصغيرة ابتسامتها الرقيقة العذبة وذهبت فى نوم عميق .
.........
وتكررت الايام والليالى والصغيرة تستمع إلى حكايا دميتها وتفهمها كل ماتريد ... حتى كان يوم انتظرت أن تبدأ دميتها فى سرد حكايتها الجديدة وكلما حاول النوم التسلل إلى عينيها بعدته عنها وهى ترقب الأزرار الزرقاء وقطعة الشفاه الحمراء دون جدوى
ليال كثيرة مرت بعدها وهى تنتظر دون أى امل ، فعادت الصغيرة إلى عالمها من الالعاب والدمي وحكاياتها وتوزع الادوار كعادتها ولكنها لم تنس ابدا دميتها الأثيرة وهى تعطيها دور البطولة .
وذهبت الصغيرة إلى النوم ونظرت إلى دميتها بابتسامتها العذبة واغمضت عينيها وهى تلقى عليها تحية المساء وتهمس فى براءة وحنان : وداعا ... وداعا يادميتي الصغيرة .
تعليق