بانتظار القطار
الطابور يزحف ...ودخان سيكارة الرجل الواقف أمامه يكاد يخنقه،يسعل بتأثير الدخان ويلعن شره هذا المدخن الذي قضى على أربع لفافات خلال النصف ساعة التي أمضوها في الطابور حتى الآن.
بدأ يحس بانتعاش يأتيه مع هواء التبريد الخارج من شباك قاطع التذاكر وهو يقترب منه.كان يعد المتبقين أمامه عشرات المرات،حسنا لم يبق إلا ثلاثة فقط....رائع اثنان....إرتعاشة الفرحة بدأت تدغدغ أمعاءه مع تبقي شخص واحد فقط،..واحد فقط ويقطع تذكرته إلى الأمل والحياة الجديدة.دخل هذا الأخير في جدال مع قاطع التذاكر فالرجل يصر على أن يحجز له غرفة منام والموظف يؤكد له إنه مسؤول عن الحجز العادي وإن حجز المنام في شباك آخر.مرت الدقائق ثقيلة عليه كان بوده أن يوجه ركلة لعجز الرجل الذي انحنى لانخفاض مستوى الشباك.اللعنة ،الحمار لا يزال مصرا على موقفه.صاح بائع التذاكر بغضب إنه لن يكمل عمله مادام هذا اللزج واقفا بالشباك ومن ثم أغلقه.صدرت أصوات استهجان من الجميع ووجه له البعض انتقادات لكنه حرِن تماما وكان مستعدا للدخول في اشتباك بالأيدي مع من يتجرأ مجددا على مطالبته التزحزح عن مكانه.سكت الجميع بل وأخذوا يتحاشون حتى النظر لعينيه الغاضبتين... استجمع ما لديه من شجاعة عززها خزين الغضب الذي تراكم فيه وأضاف لها القرف من تدخينه وسماجته ،وضع حقيبته جانبا ربت على كتف الرجل الذي كان قد أشعل سيكارة أخرى قرّب فمه من أذنه وهمس بحزم"إسمع يا هذا أنا البارحة أفرج عني من السجن بعد خمس سنين قضيتها هناك إثر قيامي بقلع عين شخص أغضبني والحقيقة إني أحس بشوق شديد لزملائي هناك وأفكر حقيقة في أن أقلع عينا رجل آخر فربما يضاعفون لي العقوبة".دهش من تأثير كذبته إذ بارتباك ألقى اللزج سيكارته وحمل حقيبته وأسرع بمغادرة الشباك ألقى اليه نظرة أخيرة وفر داخل الزحام.بنشوة منتصر التفت الى الواقفين خلفه كانت عيونهم وابتساماتهم تمنحه الأوسمة والأنواط،..طرق الشباك وصاح "ها أيها الموظف لقد ذهب السمج يمكنك العودة للعمل".التفت مرة أخرى ليحظى بمزيد من الأوسمة لكنما خاب رجاؤه عندما رأى أن جميع العيون كانت مركزة على الشباك الذي كان الموظف يعالج رتاجه ليفتحه همس في نفسه"حسنا كل مجد زائل"
أعاد النظر مرارا الى التذكرة(العربة 6 الكرسي 25 الساعة 10 مساءا) لا يدري لماذا لكنه يحب العاشرة مساءا وعصر الخميس ويكره الثانية ظهرا وعصر الجمعة .
جلس على المصطبة الحجرية المواجهة لرصيف القطارات.كان قطار الثامنة مساءا قد تحرك للتو"هه مساكين كيف يسافر الإنسان في الثامنة؟" تلفت يمنة ويسرة مسحت عيناه الجموع اقترب منه بائع الجرائد والمجلات " جريدة؟ مجلة؟" تصفحت عيناه اللوح الخشبي الذي علقه الصبي برقبته وصفّ عليه عددا من الصحف والمجلات .أثارت انتباهه صورة مثيرة لفنانة على أحد الأغلفة ،اشترى المجلة... نظر للصورة طويلا ثم لف المجلة وأدخلها في حقيبته"حسنا الليلة ستكونين عروسي"رددها وهو يهز رأسه مبتسما.
أحس بالخدر يتسرب الى ردفيه قام وهو ينتزع قماش البنطلون مما بينهما ،حمل حقيبته ..دخل الكافتريا و طلب شايا وأخذ يراقب الشارع المجاور للمحطة.العالم خارج المحطة بدا له غريبا وبدت له المحطة الجانب الآخر من حدود المكان حيث السحر السندبادي للسفر.
تغيرت ملامحه وهو يفتش جيوبه، جفل وإنتفض واقفا من كرسيه يفرغ جيوبه على المائدة أحس بارتياح شديد عندما أخرج مظروفا فتحه وأعاد قراءة الرسالة للمرة العشرين(سفارة ال.......
السيد .......
تم قبول طلبك للأقامة والعمل، يرجى مراجعتكم لمقر سفارتنا في أقرب وقت لأنجاز تأشيرة السفر على أن تصطحب معك الوثائق التالية.................................
التوقيع
الملحق بالسفارة ال..........)
بحرص أعاد الرسالة الى المظروف وأدخله الى جيب قميصه وألقى نظرة أخرى إليه للتأكد .
دفع ثمن الشاي وحمل حقيبته خارجا التقت عيناه بعيني فتاة جميلة سره كثيرا إنها بعد أن أشاحت بوجهها عنه القت إليه بنظرة أخرى.ترصّدها وهي تدخل الكافتريا مع اهلها ثم إختار موقعا إستراتيجيا يمكنه فيه أن يراها عبر الزجاج.وبينما هو مشغول ربت أحدهم على كتفه التفت ليرى عددا من رجال الشرطة وقف بفعل المفاجأة إذ كان السمج الذي هدده معهم.
طلب الضابط هويته تفحصها ثم التفت الى السمج قائلا"هل هذا هو؟"
فأجاب بمسكنة مشيرا إليه"إنه هو .هو يا سيدي الشخص الذي هددني "
التفت اليه الضابط"هل صحيح إنك هددت هذا الرجل؟"
عقدت المباغتة لسانه وبتردد قال" كانت مزحة يا سيدي مجرد مزحة"
هز الضابط رأسه مستهزئا"يبدو إنك رجل ظريف ولهذا ستشرفنا الليلة لتسلينا قليلا"
أحاط به شرطيان.. علق حقيبته بعصبية على كتفه."لكن يا سيدي عندي موعد مهم بالعاصمة ويجب أن أسافر اليوم"
أشار الضابط له بالسكوت ومضى معهم.كانت المجلة قد سقطت منه دون أن يدري.
مرت نسمة حركت صفحات المجلة لتستقر عند الصورة المثيرة للفنانة.
الطابور يزحف ...ودخان سيكارة الرجل الواقف أمامه يكاد يخنقه،يسعل بتأثير الدخان ويلعن شره هذا المدخن الذي قضى على أربع لفافات خلال النصف ساعة التي أمضوها في الطابور حتى الآن.
بدأ يحس بانتعاش يأتيه مع هواء التبريد الخارج من شباك قاطع التذاكر وهو يقترب منه.كان يعد المتبقين أمامه عشرات المرات،حسنا لم يبق إلا ثلاثة فقط....رائع اثنان....إرتعاشة الفرحة بدأت تدغدغ أمعاءه مع تبقي شخص واحد فقط،..واحد فقط ويقطع تذكرته إلى الأمل والحياة الجديدة.دخل هذا الأخير في جدال مع قاطع التذاكر فالرجل يصر على أن يحجز له غرفة منام والموظف يؤكد له إنه مسؤول عن الحجز العادي وإن حجز المنام في شباك آخر.مرت الدقائق ثقيلة عليه كان بوده أن يوجه ركلة لعجز الرجل الذي انحنى لانخفاض مستوى الشباك.اللعنة ،الحمار لا يزال مصرا على موقفه.صاح بائع التذاكر بغضب إنه لن يكمل عمله مادام هذا اللزج واقفا بالشباك ومن ثم أغلقه.صدرت أصوات استهجان من الجميع ووجه له البعض انتقادات لكنه حرِن تماما وكان مستعدا للدخول في اشتباك بالأيدي مع من يتجرأ مجددا على مطالبته التزحزح عن مكانه.سكت الجميع بل وأخذوا يتحاشون حتى النظر لعينيه الغاضبتين... استجمع ما لديه من شجاعة عززها خزين الغضب الذي تراكم فيه وأضاف لها القرف من تدخينه وسماجته ،وضع حقيبته جانبا ربت على كتف الرجل الذي كان قد أشعل سيكارة أخرى قرّب فمه من أذنه وهمس بحزم"إسمع يا هذا أنا البارحة أفرج عني من السجن بعد خمس سنين قضيتها هناك إثر قيامي بقلع عين شخص أغضبني والحقيقة إني أحس بشوق شديد لزملائي هناك وأفكر حقيقة في أن أقلع عينا رجل آخر فربما يضاعفون لي العقوبة".دهش من تأثير كذبته إذ بارتباك ألقى اللزج سيكارته وحمل حقيبته وأسرع بمغادرة الشباك ألقى اليه نظرة أخيرة وفر داخل الزحام.بنشوة منتصر التفت الى الواقفين خلفه كانت عيونهم وابتساماتهم تمنحه الأوسمة والأنواط،..طرق الشباك وصاح "ها أيها الموظف لقد ذهب السمج يمكنك العودة للعمل".التفت مرة أخرى ليحظى بمزيد من الأوسمة لكنما خاب رجاؤه عندما رأى أن جميع العيون كانت مركزة على الشباك الذي كان الموظف يعالج رتاجه ليفتحه همس في نفسه"حسنا كل مجد زائل"
أعاد النظر مرارا الى التذكرة(العربة 6 الكرسي 25 الساعة 10 مساءا) لا يدري لماذا لكنه يحب العاشرة مساءا وعصر الخميس ويكره الثانية ظهرا وعصر الجمعة .
جلس على المصطبة الحجرية المواجهة لرصيف القطارات.كان قطار الثامنة مساءا قد تحرك للتو"هه مساكين كيف يسافر الإنسان في الثامنة؟" تلفت يمنة ويسرة مسحت عيناه الجموع اقترب منه بائع الجرائد والمجلات " جريدة؟ مجلة؟" تصفحت عيناه اللوح الخشبي الذي علقه الصبي برقبته وصفّ عليه عددا من الصحف والمجلات .أثارت انتباهه صورة مثيرة لفنانة على أحد الأغلفة ،اشترى المجلة... نظر للصورة طويلا ثم لف المجلة وأدخلها في حقيبته"حسنا الليلة ستكونين عروسي"رددها وهو يهز رأسه مبتسما.
أحس بالخدر يتسرب الى ردفيه قام وهو ينتزع قماش البنطلون مما بينهما ،حمل حقيبته ..دخل الكافتريا و طلب شايا وأخذ يراقب الشارع المجاور للمحطة.العالم خارج المحطة بدا له غريبا وبدت له المحطة الجانب الآخر من حدود المكان حيث السحر السندبادي للسفر.
تغيرت ملامحه وهو يفتش جيوبه، جفل وإنتفض واقفا من كرسيه يفرغ جيوبه على المائدة أحس بارتياح شديد عندما أخرج مظروفا فتحه وأعاد قراءة الرسالة للمرة العشرين(سفارة ال.......
السيد .......
تم قبول طلبك للأقامة والعمل، يرجى مراجعتكم لمقر سفارتنا في أقرب وقت لأنجاز تأشيرة السفر على أن تصطحب معك الوثائق التالية.................................
التوقيع
الملحق بالسفارة ال..........)
بحرص أعاد الرسالة الى المظروف وأدخله الى جيب قميصه وألقى نظرة أخرى إليه للتأكد .
دفع ثمن الشاي وحمل حقيبته خارجا التقت عيناه بعيني فتاة جميلة سره كثيرا إنها بعد أن أشاحت بوجهها عنه القت إليه بنظرة أخرى.ترصّدها وهي تدخل الكافتريا مع اهلها ثم إختار موقعا إستراتيجيا يمكنه فيه أن يراها عبر الزجاج.وبينما هو مشغول ربت أحدهم على كتفه التفت ليرى عددا من رجال الشرطة وقف بفعل المفاجأة إذ كان السمج الذي هدده معهم.
طلب الضابط هويته تفحصها ثم التفت الى السمج قائلا"هل هذا هو؟"
فأجاب بمسكنة مشيرا إليه"إنه هو .هو يا سيدي الشخص الذي هددني "
التفت اليه الضابط"هل صحيح إنك هددت هذا الرجل؟"
عقدت المباغتة لسانه وبتردد قال" كانت مزحة يا سيدي مجرد مزحة"
هز الضابط رأسه مستهزئا"يبدو إنك رجل ظريف ولهذا ستشرفنا الليلة لتسلينا قليلا"
أحاط به شرطيان.. علق حقيبته بعصبية على كتفه."لكن يا سيدي عندي موعد مهم بالعاصمة ويجب أن أسافر اليوم"
أشار الضابط له بالسكوت ومضى معهم.كانت المجلة قد سقطت منه دون أن يدري.
مرت نسمة حركت صفحات المجلة لتستقر عند الصورة المثيرة للفنانة.
تعليق