دعـــــــوة مرفوضـــة / مها

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • مها راجح
    حرف عميق من فم الصمت
    • 22-10-2008
    • 10970

    دعـــــــوة مرفوضـــة / مها




    دُعيتُ للعودة إلى الأرض..لأعيش حياة جديدة.. رفضت بامتنان ..غير أنه لم يكن مسموحاً بالرفض.. ماذا كان علي أن أفعل؟؟....
    بعد قليل كنت أنساب عبر الفضاء..سقطت بين ذراعي ممرضة تلقفتني من رحم أمي.. كانت طفولتي الأولى رائعة..اتشبث بصدر أمي أتجرع حليباًصحياً ..أجري.. أتشقلب..أتسلق الأشجار..أقفز على الحواجز.أتبادل اللكمات والخبطات..كان زمنا رائعاً..
    أما الآن..أضحيت أرضع لبناً صناعياً.. أبكي بأقل قدر ممكن تفادياً للعقاب.. وخوفاً من الوقوع بدأت المشي متأخراً.. لم أقم في يوم من الأيام بأي من الأشياء المفيدة..لم أعد أجري.. وأتشقلب.. وأتسلق الأشجار..و أقفز على الحواجز..
    بصراحة طفولتي الآن رتيبة.. داخل جدران تحتجز حريتك .. كان شيئا ًصعباً عندما أقارن خبطات ولكمات تلك الأيام برتابة هذه الأيام.

    كبرت وصرت شاباً..دخلت مرحلة الرومانسية.. لا يمكنك أن تتصور مدى دهشتي حينما تذكرت مراهقتي وشبابي الأولى ..كانت المشاعر صادقة ..نقية.. بينما الآن فشبابي أشبه بشباب تكبته مشاعر مدفونة.. مريرة كالحُصرم.. أنتجتها أوهام فضائية وتقنية جافة.. في الماضي كانت عاطفتنا قوية للغاية وعنيفة للغاية ..نظرة مختلسة ..إمساك بالأيدي .. كلمات غير مترابطة.. وكلمات أخرى مترابطة.. جملة هنا وجملتان هناك.. اعتراف بحبنا للآخر ..وعلى بسطة السلم.. أخطط لمستقبل ساحر.. أطلب يدها في نهاية الأسبوع .. وأتزوجها بعد ذلك بشهر.. لك أن تتخيل التفاصيل.
    أما الآن تلاشت تلك الصورة.. ملامح الفتيات أضحت غريبة نتيجة التشبه بالآخر ..أزمات.. افتقار للمال.. عوز..حُب ما أن يبدأ حتى ينتهي..تبحث كل شي وتنتهي إلى أن الأفضل لك سيكون ألا تتزوج.. عواطف مبتورة ومسرات مجهضة.. ومشاريع تداعى.. معلقة بالهواء.. أوهام محطمة.

    شارفتُ الأربعين..أخرج إلى الشارع.. أرتاب في التعابير على وجوه الناس في الشوارع.. لأن الشواغل ،القهر ،الكراهية والحزن وبقية الأشياء كانت تتلبس ثلاثة أرباع هذه التعابير.. صرت أعيش في خوف من ان أصبح أباً لطفل أعمى.. أو أصم ..أو أبكم ..أمراض تتحدث عنها في الصحف.. جيل ألـ -دي إن إيه - ..بينما كانت هذه الفترة من اجمل مما كان بوسع المرء أن يتخيلها في تلك الأيام الماضية.
    ها أنا أخطو شيخوختي..ولكن في دار المسنين..على الرغم أنني والد لثمانية زنابق ..زنابق كريهة الرائحة..تـُثير الإشمئزاز.. حيث لم تسعني قلوبهم في الكبر.. بينما كانت شيخوختي مُحمَّلة على الأثير والريش.. إحساس العظمة والروعة والسعادة والنشوة ..احتفالات كانت تقام على شرفي ..أما الآن صور الشيخوخة تتلاشى..تتحسس طريقها إلى الظلام..
    عفواً أيها القارئ.. لن أستأنف روايتي.. فقد غدت أقل تماسكاً .. وأكثر هياجاً.. وبكل وضوح أكثر هذياناً.

    لذا غداً ستتلقى رسالة يحف بها السواد.. بخبر موتي.




    *
    رحمك الله يا أمي الغالية
  • مصطفى شرقاوي
    أديب وكاتب
    • 09-05-2009
    • 2499

    #2
    ولاشك أن خبر الموت سوف يذاع في صمت , فالموت الأول غير الموت الثاني . هنا أنام أفترش لحافي وسجادتي وأنظر إلى السماء تبارز عيوني النجوم اللامعه التي أتخيلها تضئ لي الأفق وتنير لي الفكر وتفتح لي الأرجاء برحابتها وبعد قليل وجدت نفسي تحت سقف بيتي لا أرى إلا مروحة بهواءها الإصطناعي .. نعم إصطناعي فهي تستحلب حرارة السقف وتضخه في وجهي .

    بعد خبر فضاء الرحم الواسع وضيق الدنيا الشاسع ينتظرنا قبر بعد موت هو أحد إثنين إما متسع رحب وإما ضيق صعب .

    حينها ربما تتلاقى الأرواح وتتزاور وتتواصل على غير عادات الدارين السابقين ... ولكن اليقين أن التواصل الحقيقي والتزاور اللابد منه هو بعد مرحلة الموت حيث الإجتماع الهائل الرهيب بعدما أدلى الجميع بدلوه .

    وننتظر النتائج حينها سنتقابل / والدعوة مـــؤجله

    رائعة

    تعليق

    • محمد سلطان
      أديب وكاتب
      • 18-01-2009
      • 4442

      #3
      اقترب الدوام ..

      أحجز مقعداً ,,

      و لي عودة ,,

      مساءكم بالخير؛؛
      صفحتي على فيس بوك
      https://www.facebook.com/profile.php?id=100080678197757

      تعليق

      • إيهاب فاروق حسني
        أديب ومفكر
        عضو اتحاد كتاب مصر
        • 23-06-2009
        • 946

        #4
        الزميلة المبدعة مها راجح...
        لحظات اختزلت حياة بأسرها... كان من الممكن أن يسقط منكِ الإيقاع وتفقد قصتكِ وحدتها... لكنكِ نجحت في التعامل معها بمشرط اجراح الماهر... فحافظتِ على الإيقاع واحتفظتِ للنص بتوازنه... كثيراً ما راودتني الصورة نفسها... فرادوتها ولم أسلمها نفسي تعبث بها... منتهى الألم أن تبدأ اللوحة بطرطشات الطفولة... وتنتهي بطرطشات الموتِ... لكنه قدر كلّ حيّ... وتظل طرطشات البداية في مقلتي الطفل... وتجف طرطشات النهاية في حلقِ المودع...
        لمَ كل هذا الألم طالما أن الحياة هي الحياة ... لن تغير وجهتها... فلنغير نحن وجهتنا معها... ونخدعها بالأمل الذي لا يموت !...
        تحية بحجم النور والأمل والجمال...
        إيهاب فاروق حسني

        تعليق

        • محمد الطيب يوسف
          أديب وكاتب
          • 29-08-2008
          • 235

          #5
          الزميلة المثابرة /مها راجح

          تحية واحترام

          بدأ النص سلساً جميلاً وملهماً ولكنه انحدر سريعاً نحو أدب المقال والنص يتحول الي سرد مباشر لا تنقصه سوي الأرقام .

          دعي النص هو الذي يقودك فعندما تمسكين بلجامه يحيد عن جادة الحكي ويتحول إلي أدب آخر محبتي واحترامي
          صفحتي الخاصة

          http://www.facebook.com/group.php?gid=500474340299

          تعليق

          • إيمان عامر
            أديب وكاتب
            • 03-05-2008
            • 1087

            #6
            [align=center]المتألقة المبدعة

            غاليتي مها راجح

            سرد جميل في تألق حرفك

            فهذه هي النهاية المؤكدة لكل البشر

            كلنا نذهب في تأهب لمشهد الأخير

            دام قلمك في تميز ورقي

            لك محباتي وارق تحياتي
            [/align]
            "من السهل أن تعرف كيف تتحرر و لكن من الصعب أن تكون حراً"

            تعليق

            • ربيع عقب الباب
              مستشار أدبي
              طائر النورس
              • 29-07-2008
              • 25792

              #7
              من الطرح الفائت ، ونحن فى مسار جديد ، نمسك بأهداب اللغة ، و نحاول معها ،
              نتجاذب معها حوارا ، ونناجيها ، بين الفينة و الأخرى ، على بسطة قصة
              تحمل عنوان ( حياة ) بداية من الطفولة ، و لكن الطفولة لم تأت بطريق الحكى ، أو السرد الروائى ، لكنها جاءت كفلاش باك ، أى ارتداد للخلف ، ثم الارتماء فى حضانة العمر ، و السير عبر الشباب و المراهقة ، و عمل قياس من نوع غريب
              كان له ما يبرره فى نهاية العمل ، ولم يأت عشوائيا ، و بلا منطق يحكمه ، أبدا
              لقد وصل بنا فى فصه إلى الشيخوخة ، لنعرف أنه الآن يفكر جادا فى تغيير ، حياته بعض الشىء ، و لكن هيهات له العودة ، فقد انتهى ، و هو يخشى إن فعل أن يأتى بالأنجال معوقين ، نتيجة لكبر السن !!
              ربما كانت الرحلة طويلة ، وزمن القصة متسع ، و لكن قد يبدو مقبولا ، إذا غيرنا فى العنوان ، على سبيل المثال !
              كانت الجمل الفعلية فى العمل أكثر تأثيرا و سرعة ، و أمتع فى الأداء ، و الأسلوب بدا قويا ، عن ذى قبل ، و تخطو به الكاتبة خطوات واسعة ، و هذه محمدة تحسب لها !!

              هنيئا لنا بك مها الرائعة ، و لا يضيرك أن تصور البعض أن هناك مباشرة أو خلافه ، فهذه آراء يجب أن نتقبلها ، و بالتالى نرد عليها ، و ندافع عن وجهة نظرنا ، لا أن نترك الأمور تسير دون توضيح !!

              خالص احترامى
              وفى انتظار جديدك دوما !!
              sigpic

              تعليق

              • عائده محمد نادر
                عضو الملتقى
                • 18-10-2008
                • 12843

                #8
                الزميلة القديرة الغالية
                مها راجح
                أتدرين صديقتي ماالذي أفرحني كثيرا؟!!
                قدرتك التي بدأت تتمحور لتصبح خطوات ناضجة للأمام
                مسيرة عرفت كيف تضعين قدمك عليها وتمضين
                نعم عزيزتي هذا ماأسعدني
                وتلك الثقة التي بت تتحلين بها وأنت تسردين
                وماذا أقول بعد
                لقد عرفت أين أنت ولاأتصور بأن شيئا ما أو قوة ما ستوقفك
                تحايا بعطر الورد لك غاليتي
                الشمس شمسي والعراق عراقي ..ماغير الدخلاء من أخلاقي .. الشمس شمسي والعراق عراق

                تعليق

                • مجدي السماك
                  أديب وقاص
                  • 23-10-2007
                  • 600

                  #9
                  تحياتي

                  اختي مها راجح..تحياتي
                  عمل جميل..فكرة حلوة..ولغة جميلة. سعدت بك.
                  مودتي
                  عرفت شيئا وغابت عنك اشياء

                  تعليق

                  • مها راجح
                    حرف عميق من فم الصمت
                    • 22-10-2008
                    • 10970

                    #10
                    المشاركة الأصلية بواسطة مصطفى شرقاوي مشاهدة المشاركة
                    ولاشك أن خبر الموت سوف يذاع في صمت , فالموت الأول غير الموت الثاني . هنا أنام أفترش لحافي وسجادتي وأنظر إلى السماء تبارز عيوني النجوم اللامعه التي أتخيلها تضئ لي الأفق وتنير لي الفكر وتفتح لي الأرجاء برحابتها وبعد قليل وجدت نفسي تحت سقف بيتي لا أرى إلا مروحة بهواءها الإصطناعي .. نعم إصطناعي فهي تستحلب حرارة السقف وتضخه في وجهي .

                    بعد خبر فضاء الرحم الواسع وضيق الدنيا الشاسع ينتظرنا قبر بعد موت هو أحد إثنين إما متسع رحب وإما ضيق صعب .

                    حينها ربما تتلاقى الأرواح وتتزاور وتتواصل على غير عادات الدارين السابقين ... ولكن اليقين أن التواصل الحقيقي والتزاور اللابد منه هو بعد مرحلة الموت حيث الإجتماع الهائل الرهيب بعدما أدلى الجميع بدلوه .

                    وننتظر النتائج حينها سنتقابل / والدعوة مـــؤجله

                    رائعة


                    استاذي الكريم مصطفى الشرقاوي

                    شكرا لتواصلك وتعقيبك الثري
                    تحية ود واجلال لحضورك الجميل
                    شرفتني سيدي
                    لك التقدير
                    رحمك الله يا أمي الغالية

                    تعليق

                    • مها راجح
                      حرف عميق من فم الصمت
                      • 22-10-2008
                      • 10970

                      #11
                      المشاركة الأصلية بواسطة محمد ابراهيم سلطان مشاهدة المشاركة
                      اقترب الدوام ..

                      أحجز مقعداً ,,

                      و لي عودة ,,

                      مساءكم بالخير؛؛

                      زميلي المبدع
                      انتظر اشراقتك
                      كن بخير
                      رحمك الله يا أمي الغالية

                      تعليق

                      • محمد مطيع صادق
                        السيد سين
                        • 29-04-2009
                        • 179

                        #12
                        [align=right]الأخت الكاتبة الأديبة مها راجح

                        قرأت هذا العمل ووجدته من أبدع وأروع ما كتبت..لغة جميلة سلسلة وطرح
                        فريد
                        دُعيتُ للعودة إلى الأرض..لأعيش حياة جديدة.. رفضت بامتنان ..غير أنه لم يكن مسموحاً بالرفض.. ماذا كان علي أن أفعل؟؟....
                        بعد قليل كنت أنساب عبر الفضاء..سقطت بين ذراعي ممرضة تلقفتني من رحم أمي.. كانت طفولتي الأولى رائعة
                        وهنا برز جليا خيالك الخصب الذي طاوعته لعرض مميز رغم تكرر الفكرة..
                        مقارنة بين حقبتين..عادة ما كنا نقرأ عن شيخ كبير يخاطب شبابا ويعرض مقارنة بين ما كان في عهده وعهدهم، أو شاب نقله الزمن إلى الوراء فجعل يصف لنا الفرق، هذا طرح مميز جدا يا كاتبنا الفاضلة

                        شارفتُ الأربعين..أخرج إلى الشارع.. أرتاب في التعابير على وجوه الناس في الشوارع.. لأن الشواغل ،القهر ،الكراهية والحزن وبقية الأشياء كانت تتلبس ثلاثة أرباع هذه التعابير.. صرت أعيش في خوف من ان أصبح أباً لطفل أعمى.. أو أصم ..أو أبكم ..أمراض تتحدث عنها في الصحف.. جيل ألـ -دي إن إيه - ..بينما كانت هذه الفترة من اجمل مما كان بوسع المرء أن يتخيلها في تلك الأيام الماضية.
                        وأرى في هذه القطعة ميزة أخرى أولها أنك كنت تبدأين قبلها بالإيجاب قبل النقد
                        وهنا ربما آثرت أن تتجاوزي الرتم الذي يتوقعه القارئ مسبقا وبعد ذلك تجاهلت الحديث عن الزمن الفائت لذات السبب

                        أشكرك أختي الكاتبة على هذا النص البديع الذي أمتعتنا به

                        دمت بكل خير وتقبلي مروري[/align]

                        تعليق

                        • محمد سلطان
                          أديب وكاتب
                          • 18-01-2009
                          • 4442

                          #13
                          مساحة لإنبساط فترات العمر بداية من الطفولة و أيام الشقلبة التى أخذت مقارنتين , المرحلة الطبيعية بحليبها الصحي و المرحلة الصناعية بغذاءٍ كانت بدايته مهرمنة ,,
                          تتغير الفترات و تتنافس فيما بينها .. المراهقة الريّضة و الشباب الضائع حتي الشيخوخة الهرم الضعيف .. كل الصور صارت مقلوبة مشوهة لا خير في صلاحها طالما منبتها ساء ..
                          جمال اللغة و اللقطات الصور السريعة .. هدوء الأعصاب حيناً و ثورتها حيناً آخر .. التراكيب البسيطة و الملخوطة في آن ..وووو إلخ , كلها كانت مكثفة جداً و رائعة و لو كانت غارة أكثر في شق الجرح لكانت أروع ,
                          الزميلة القديرة مها راجح سلاماً سلاماً على قلمك المحبوب و أفكارك المعالجة لقضايا مازالت تتوجس بنا ..
                          ألف مبروك على اللون البنفسجي و السطور المترابطة ..
                          محبتي و تقديري لجمالٍ كان هنا ..
                          صفحتي على فيس بوك
                          https://www.facebook.com/profile.php?id=100080678197757

                          تعليق

                          • لانا راتب المجالي
                            عضو الملتقى
                            • 18-07-2009
                            • 54

                            #14
                            عمق مضمون ، وشجن مشاعر في لغةٍ بديعة ، مع أنني أرى ايضاً أنها

                            جنحت نحو المقال ، ولا يلغي هذا ابداً جمالياتها .

                            استمتعت هنا بين حروفك غاليتي

                            تحيتي

                            تعليق

                            • هادي زاهر
                              أديب وكاتب
                              • 30-08-2008
                              • 824

                              #15
                              اختي الكاتبة مها راجح
                              قصتك جميلة ولكنها سريعة؟!!
                              محبتي
                              هادي زاهر
                              " أعتبر نفسي مسؤولاً عما في الدنيا من مساوئ ما لم أحاربها "

                              تعليق

                              يعمل...
                              X