استلهام الشخصيات الاسلامية في الشعر العربي الحديث

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • صالح أحمد الزهراني
    عضو الملتقى
    • 08-06-2009
    • 14

    استلهام الشخصيات الاسلامية في الشعر العربي الحديث



    الكتاب : استلهام الشخصيات الإسلامية في الشعر العربي الحديث
    المؤلف : د. محمد عبد الله منور
    الناشر : النادي الأدبي بالرياض
    الطبعة : الأولى 1428هـ /2007م
    الصفحات : 872

    أصل هذا الكتاب رسالة علمية حصل الباحث بموجبها على درجة الدكتوراه في الأدب العربي الحديث , بتقدير ممتاز مع مرتبة الشرف الأولى من قسم الأدب بكلية اللغة العربية , بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض عام 1420هـ الموافق 2000م.

    يأتي الكاتب مكملا لسلسة من الكتب التي تناولت ظاهرة استلهام وتوظيف الشخصيات التراثية في الأدب العربي الحديث , ككتاب الدكتور علي عشري زايد ( استدعاء الشخصيات التراثية في الأدب العربي الحديث ) , وكتاب الدكتور خالد الكركي (الرموز التراثية في الشعر العربي الحديث ) , وغيرها من الكتب التي اختصت بهذه الظاهرة البارزة في أدبنا العربي الحديث .

    موضوع الكتاب هو استدعاء الشخصيات الإسلامية , أو المحسوبة عليه , التي استلهمها شعراء العصر الحديث , وحدد الباحث الشخصيات الإسلامية في دراسته بتلك التي عاشت في الثلاثة قرون الأولى من عمر الهجرة النبوية .
    واشتمل الكتاب على بابين , وخمسة فصول , مسبوقة بمقدمة وتمهيد , ومختتمة بنتائج البحث والتوصيات , وملحقة بأدلة الفهارس , وثبت المصادر والمراجع .
    جاء الباب الأول من الكتاب في ثلاثة فصول , الأول : مصادر استلهام الشخصيات الإسلامية , والثاني :تصوير الشخصيات الإسلامية من حيث الحقيقة والانحراف, والثالث :الاتجاهات الفكرية لاستلهام الشخصيات الإسلامية .
    وجاء الباب الثاني في فصلين , الأول : المتابعة والتجديد في استلهام الشخصيات الإسلامية , والثاني : الاتجاهات الفنية لاستلهام الشخصيات الإسلامية .
    وقبل الدخول في صلب الدراسة حدد الباحث مقصوده بالاستلهام , و هو استيحاء ما هو مخزون ومختمر في نفس الشاعر , وذاكرته , من معرفة مكتسبة عن الشيء أو الأمر المستلهم , عن طريق الإلهام أو الحدس الشعري , وانبجاس ماتكوّن في الذات الشاعرة من تفاعل بين المخزون المعرفي لدى الشاعر , وبين القضايا الحياتية التي يعيشها في واقعه , على شكل أفكار ورؤى في نتاج أدبي هو القصيدة الاستلهامية .
    وبالتالي فإن أي عملية استلهام لا تخرج عن أمرين , إما تعبير بالشخصية , أو تعبير عنها , وكلما كان التعبير بالشخصية كان ذلك أقدر على التأثير , أما التعبير عن الشخصية فهو أقرب إلى التأريخ والسرد والأخبار المباشرة .
    وتبعا لذلك تمر عملية الاستلهام , بعدة مراحل , الأولى مرحلة الاختيار , والثانية مرحلة الانفعال , والثالثة مرحلة التشكيل .
    والشعراء العرب في استلهاماتهم للشخصيات الإسلامية مروا بثلاثة أطوار , طور البدايات واتسمت هذه المرحلة بالمباشرة والتسجيلية , وطور التحول والانتقال سعى فيها الشعراء لتعميق مفهوم الاستلهام , وطور النضج والتوظيف العميق للشخصية المستلهمة .

    وحول الأسباب التي دعت الشاعر العربي الحديث إلى استلهام الشخصيات الإسلامية يرى الباحث أنها تتمحور في سبعة أسباب هي ما يلي :
    1- إحياء مبادئ الدين الإسلامي وقيمه وتعاليمه من خلال بعث أعلامه
    2- استنهاض الواقع العربي المتهاوي
    3- التشويه أو التحسين بغية إحداث التغيير
    4- إيجاد مرجعيات تراثية لمعتقدات وأفكار ونظم معاصرة
    5- إبراز الشخصية العربية والإسلامية , لتأصيل الهوية ومواجهة تيار التغريب
    6- الدفاع , والتنقية , والتصحيح .
    7- نقد الواقع العربي المعاصر ..السياسي والفكري الاجتماعي .

    ويخلُص الباحث في الفصول الثلاثة الأولى إلى عدة أمور منها مايلي :
    1- أن المصادر التي استقى منها الشاعر العربي الحديث صور شخصياته تمحورت حول خمسة مصادر . مصادر دينية تمثلت في القرآن والسنة , ومصادر أدبية تشمل الشعر العربي ,وكتب الأدب العامة , وكتب الأدب الشعبي , ومصادر تاريخية تشمل كتب التاريخ, والسير , والتراجم , ومصادر إعلامية , ومصادر استشراقية . ولقد تعامل الشعراء مع هذه المصادر بطرق مختلفة , متأثرين بمعتقداتهم الفكرية , وبرؤاهم الخاص للواقع الذي يعيشونه , والذي يودون التأثير فيه .
    2- وعن الاتجاهات التي صورت بها تلك الشخصيات يرى الباحث أن الشعراء في استلهاماتهم كانوا على اتجاهين :
    الاتجاه الأول : حافظ في استلهامه للشخصية على صورتها كما هي في الواقع دون تغيير يشوهها أو يزورها , وإن أدخل عليها انحرافا فهو انحراف من قبيل التحوير في الشخصية للاستفادة من دلالاتها وإيحاءاتها , مع المحافظة على جوهر صورتها وإطارها العام .
    الاتجاه الثاني : انحرف في تصويره للشخصية المستلهمة , وشوهها , ولم يحافظ على جوهر صورتها وإطارها العام , نظرا لإتباع أصحابه لمناهج فكرية مضادة للإسلام . ويرى الباحث أن هذا الانحراف مرفوض ويعد مزلقا فنيا , يخرج بالشخصية عن إطارها الحقيقي .
    3- أما الاتجاهات الفكرية لاستلهام الشخصيات الإسلامية فيرى الباحث أنها تُرد إلى اتجاهين رئيسين هما : الاتجاه الإسلامي , والاتجاهات الفكرية الأخرى ( الغلاة , والصوفي , والمسيحي , واليساري الماركسي) والاتجاه القومي, والاتجاه الإقليمي الانعزالي .
    حيث ينطلق الشاعر في استلهامه من إحدى هذه الاتجاهات , وقد يجمع أحيانا بين اتجاهين , أو عدة اتجاهات . تبعا للأهداف التي يسعى لتحقيقها .

    وفي الفصلين الأخيرين من الكتاب يخلص الباحث إلى عدة أمور منها :
    1- أن التجديد في استلهام الشخصيات الإسلامية بشكل عميق لم يكن مرتبطا بظهور القصيدة الحرة . لانشغال رواد هذه المدرسة بأمور التجديد في الوزن والبناء العروضي .
    2- ارتباط حضور الشخصيات المستلهمة بالظروف والأحداث التي تعصف بالأمة , بمعنى أن هناك شخصيات يكثر استلهامها في ظروف معينة .
    3- تأثرُ الشعراء في استلهاماتهم للشخصيات الإسلامية بالمنهج الأسطوري واتساع آفاق تلك الشخصيات لهذا المنهج .
    4- إن استلهام الشخصيات الإسلامية قد أغنى القصيدة الطويلة وقصيدة التوقيعات والمسرحية الشعرية . بما هيأه لها من قيم فنية كالرمز الذي يمنحها الإيحاء وتعدد الدلالات .
    5- أن ظاهرة استلهام الشخصيات الإسلامية بسبب تمثلها لقيم الرمز والقناع بدأت أقرب الظواهر الشعرية للغموض , ويكثر هذا الغموض عند شعراء القصيدة الجديدة ( الحرة ) ويكاد يكون نادرا عند شعراء المتابعة والتقليد .
    6- لقد أصاب التكرار والتنميط استلهام الشخصيات الإسلامية عند بعض الشعراء لأسباب إيدولوجية , وتقليدية , وإذا ما أصاب التكرار والتنميط استلهام الشخصية أضعف جانبه الفني وأدى للجمود .

    وقدم الباحث عدة توصيات أهمها ما يلي :
    أولا : حاجة بعض الشخصيات المستلهمة بدراسات مستقلة , كشخصية أبي ذر الغفاري , و الحسين بن علي , والحجاج بن يوسف , وهارون الرشيد .
    ثانيا : قيام دراسات مستقلة للظواهر الفنية والمضمونية الناتجة عن استلهامات الشخصية الإسلامية , بحيث تستقل كل ظاهرة بدراسة تفصيلية .
    ثالثا : إقامة دراسات مفصلة ومستقلة عن استلهام شعراء القصيدة العامودية للتراث وشخصياته لتأكيد ما لاحظته هذه الدراسة أو تعديله أو تصحيحه من إخفاق كثير منهم في استلهامهم للتراث استلهما توظيفيا عميقا يقوم على أساس التعبير بالشخصية لا التعبير عنها .
    رابعا : إقامة دراسات مفصلة عن الوسائل والطرق الفنية التي تجعل الشاعر قادرا على استلهام الشخصيات الإسلامية دون التردي في انتهاك قدسيتها أو تشويه وتزوير صورتها .
يعمل...
X