[align=center]
الإعتراف
أليوم هو الأحد . وكالعادة في كل يوم أحد أذهب إلى الكنيسة للصلاة . وبينما كنت أهم بالخروج
من بوابة الكنيسة بعد إنتهاء القداس . خطر ببالي أني لم أقم بالإعتراف منذ حوالي السنة .
فعدت أروم الإعتراف على أخطاء ليست ذات قيمة .
ولكن بقرارة نفسي أعتبرها أخطاءاً . وكما ورد في السنة الشريفة لدى إخواننا المسلمين في تحريم
الخمر " ما أسكر كثيره فقليله حرام " والخطأ إن كان صغيراً أو كبيراً . فهو خطأ .
عدت أدراجي نحو الهيكل باحثا عن غرفة الإعتراف . لم أجدها . سألت الخوري فأجاب :
ــ نية التوبة الحقة علاقة خاصة بين الخاطيء وربه ولا تحتاج الى وسيط .
قفلت عائدنا من حيث أتيت . ولكني تذكرت حادثة حصلت في ذات الكنيسة قبل حوالي السنة
فعدت وانتظرت الخوري حتى أنهى أعماله . ثم غادرنا سوياً بيت الرب .
كرسي الإعتراف
تزدهر الكنيسة في كل يوم أحد بمرتاديها الراغبين بالصلاة . ويتفاوت عددهم بين يوم أحد وآخر
طبقا لظروف الطقس أو لمناسبات دينية معينة . أو لأعياد قومية ووطنية تكون فيها الدولة في عطلة
رسمية . غالبا يتراوح عدد المُصَلِّين ما بين ثلاثمائة الى خمسمائة مُصّلِّي .
وفي العادة . وقبل نهاية مراسم الصلاة , يجول أحد خُدَّام الكنيسة بين الحضور وبيده صينية يضع
فيها المصلين ما تجود به أنفسهم من تبرع نقدي للكنيسة ولطاقمها من القسس . وما يفيض بعد خصم
المصاريف . يتم رصده للمحتاجين من أسر فقيرة في الوطن الأم .
ثم , وبعد إنتهاء مهمته يضع الصينية وما عليها من نقود داخل غرفة الإعتراف وبالمكان الذي يجلس
فيه الخوري .
غرفة الإعتراف ومكانها على يمين الهيكل هي عبارة عن غرفة صغيرة تتسع لشخصين فقط .
ويقسم الغرفة حاجز خشبي بفتحات صغيرة تسمح بسماع الصوت والرؤية من خلاله .
ومَنْ يرغب بالإعتراف يدخل الغرفة ويجلس على كرسي الإعتراف منتظراً الخوري ليجلس قبالته
من الناحية الأخرى للغرفة . فيعترف له بأخطائه . ويطلب له الغفران والرحمة من رب العالمين .
في يوم من الأيام وبعد إنصراف المصلين إلى بيوتهم وأعمالهم بعد إنتهاء القداس . دخل صاحبنا
غرفة الإعتراف منتظراً الخوري .
ودَّع الخوري آخر المصلين ودخل الغرفة ليستقبل إعتراف الخاطيء الذي يجلس قبالته .
ــ صباح الخير أبونا
ــ صباح الخير يا إبني
ــ الفاقة والحاجة يا أبونا دفعتني لعمل غير سوي
ــ تفضل يا إبني . هات ما عندك
ــ نَصَبْتُ على أحدهم وأخذت منه مبلغاً من المال لا أستحقه .
ــ هل أعتبر إعترافك هذا ندما على ما فعلت ؟
ــ نعم يا أبونا واطلب من الله أن يسامحني
ــ إذهب . مغفور لك هذا الخطأ على أن لا تعيد تكراره .
بعد مرور أسبوع . وبعد إنتهاء القداس . دخل صاحبنا الغرفة وجلس على كرسي الإعتراف
منتظرا الخوري .
ــ صباح الخير أبونا
ــ أهلا يا إبني
ــ أبونا ... يبدو أن الحال يسير من سيء إلى أسوأ .
ــ خير يا إبني
ــ الطمع يا أبونا غدا صفة تلازمني .
ــ ألا يجب عليك كبح جماح ميولك التي تضر ؟
ــ حاولت يا أبونا ولم أفلح
ــ وبعدين ....
ــ لقد سرقت
ــ لا حول ولا قوة إلاّ بِكَ يا ألله . هذه ليست هفوة إنها خطأ جسيم .
ــ ولكني أنوى التوبة والخلاص على يديك .
ــ إذهب في رعاية الله . وربنا بإذنه يسامحك .
بعد مرور أسبوعين . وبعد إنتهاء القداس . دخل صاحبنا الغرفة وجلس على كرسي الإعتراف
منتظرا الخوري .
ــ صباح الخير أبونا
ــ هُوِّ انت ؟ خير ان شاء الله .
ــ يبدو أنه مش خير
ــ ماذا فعلت ؟
ــ قتلت . وسرقت .
ــ الله لا يغفر لقاتل
ــ ولكني أقف أمامه الآن أعلن ندمي طالبا غفرانه
ــ هناك حدود للأخطاء . اذا تجاوزها الخاطيء فلا مكان لمغفرة الخطايا .
ــ ألحدود يا أبتي عندنا نحن البشر . ولا حد هناك لمغفرة الخطايا الذي يعدنا بها أبانا الذي بالسموات .
ــ ماذا أقول لك .... إذهب وسوف أصللي لأجلك .
بعد مرور ثلاثة أسابيع . وبعد إنتهاء القداس . دخل صاحبنا الغرفة وجلس على كرسي الإعتراف
منتظرا الخوري .
ــ صباح الخير أبونا
ــ لا صباح ولا مسا . إنت تاني ؟؟؟؟ !!!!
ــ يا أبونا انسدت الدنيا في وجهي . لا عارف أنصب ولا قادر أقتل أو أسرق . الناس صارت واعية
ومش من السهل إنك تغافلها .
ــ القصد . إيش بدّك من أبونا اليوم ؟
صَوَّبَ صاحبنا مسدسه من خلال فتحات الحاجز الخشبي وقال بحزم هامساً :
ــ أنا قلت يا أبونا . والكنيسة فاضية وما فيش غيري وغيرك فيها . تعطيني غلّة اليوم الموجودة في
الصينية من غير ما أضطر لإستعمال القتل والقوة .
يا خوفي يستدل ارباب السوابق الى كرسي الإعتراف القابع داخل نفوسنا ويسرقون بذرة الخير
الكامنة داخلها .
ألله يستر
[/align]
الإعتراف
أليوم هو الأحد . وكالعادة في كل يوم أحد أذهب إلى الكنيسة للصلاة . وبينما كنت أهم بالخروج
من بوابة الكنيسة بعد إنتهاء القداس . خطر ببالي أني لم أقم بالإعتراف منذ حوالي السنة .
فعدت أروم الإعتراف على أخطاء ليست ذات قيمة .
ولكن بقرارة نفسي أعتبرها أخطاءاً . وكما ورد في السنة الشريفة لدى إخواننا المسلمين في تحريم
الخمر " ما أسكر كثيره فقليله حرام " والخطأ إن كان صغيراً أو كبيراً . فهو خطأ .
عدت أدراجي نحو الهيكل باحثا عن غرفة الإعتراف . لم أجدها . سألت الخوري فأجاب :
ــ نية التوبة الحقة علاقة خاصة بين الخاطيء وربه ولا تحتاج الى وسيط .
قفلت عائدنا من حيث أتيت . ولكني تذكرت حادثة حصلت في ذات الكنيسة قبل حوالي السنة
فعدت وانتظرت الخوري حتى أنهى أعماله . ثم غادرنا سوياً بيت الرب .
كرسي الإعتراف
تزدهر الكنيسة في كل يوم أحد بمرتاديها الراغبين بالصلاة . ويتفاوت عددهم بين يوم أحد وآخر
طبقا لظروف الطقس أو لمناسبات دينية معينة . أو لأعياد قومية ووطنية تكون فيها الدولة في عطلة
رسمية . غالبا يتراوح عدد المُصَلِّين ما بين ثلاثمائة الى خمسمائة مُصّلِّي .
وفي العادة . وقبل نهاية مراسم الصلاة , يجول أحد خُدَّام الكنيسة بين الحضور وبيده صينية يضع
فيها المصلين ما تجود به أنفسهم من تبرع نقدي للكنيسة ولطاقمها من القسس . وما يفيض بعد خصم
المصاريف . يتم رصده للمحتاجين من أسر فقيرة في الوطن الأم .
ثم , وبعد إنتهاء مهمته يضع الصينية وما عليها من نقود داخل غرفة الإعتراف وبالمكان الذي يجلس
فيه الخوري .
غرفة الإعتراف ومكانها على يمين الهيكل هي عبارة عن غرفة صغيرة تتسع لشخصين فقط .
ويقسم الغرفة حاجز خشبي بفتحات صغيرة تسمح بسماع الصوت والرؤية من خلاله .
ومَنْ يرغب بالإعتراف يدخل الغرفة ويجلس على كرسي الإعتراف منتظراً الخوري ليجلس قبالته
من الناحية الأخرى للغرفة . فيعترف له بأخطائه . ويطلب له الغفران والرحمة من رب العالمين .
في يوم من الأيام وبعد إنصراف المصلين إلى بيوتهم وأعمالهم بعد إنتهاء القداس . دخل صاحبنا
غرفة الإعتراف منتظراً الخوري .
ودَّع الخوري آخر المصلين ودخل الغرفة ليستقبل إعتراف الخاطيء الذي يجلس قبالته .
ــ صباح الخير أبونا
ــ صباح الخير يا إبني
ــ الفاقة والحاجة يا أبونا دفعتني لعمل غير سوي
ــ تفضل يا إبني . هات ما عندك
ــ نَصَبْتُ على أحدهم وأخذت منه مبلغاً من المال لا أستحقه .
ــ هل أعتبر إعترافك هذا ندما على ما فعلت ؟
ــ نعم يا أبونا واطلب من الله أن يسامحني
ــ إذهب . مغفور لك هذا الخطأ على أن لا تعيد تكراره .
بعد مرور أسبوع . وبعد إنتهاء القداس . دخل صاحبنا الغرفة وجلس على كرسي الإعتراف
منتظرا الخوري .
ــ صباح الخير أبونا
ــ أهلا يا إبني
ــ أبونا ... يبدو أن الحال يسير من سيء إلى أسوأ .
ــ خير يا إبني
ــ الطمع يا أبونا غدا صفة تلازمني .
ــ ألا يجب عليك كبح جماح ميولك التي تضر ؟
ــ حاولت يا أبونا ولم أفلح
ــ وبعدين ....
ــ لقد سرقت
ــ لا حول ولا قوة إلاّ بِكَ يا ألله . هذه ليست هفوة إنها خطأ جسيم .
ــ ولكني أنوى التوبة والخلاص على يديك .
ــ إذهب في رعاية الله . وربنا بإذنه يسامحك .
بعد مرور أسبوعين . وبعد إنتهاء القداس . دخل صاحبنا الغرفة وجلس على كرسي الإعتراف
منتظرا الخوري .
ــ صباح الخير أبونا
ــ هُوِّ انت ؟ خير ان شاء الله .
ــ يبدو أنه مش خير
ــ ماذا فعلت ؟
ــ قتلت . وسرقت .
ــ الله لا يغفر لقاتل
ــ ولكني أقف أمامه الآن أعلن ندمي طالبا غفرانه
ــ هناك حدود للأخطاء . اذا تجاوزها الخاطيء فلا مكان لمغفرة الخطايا .
ــ ألحدود يا أبتي عندنا نحن البشر . ولا حد هناك لمغفرة الخطايا الذي يعدنا بها أبانا الذي بالسموات .
ــ ماذا أقول لك .... إذهب وسوف أصللي لأجلك .
بعد مرور ثلاثة أسابيع . وبعد إنتهاء القداس . دخل صاحبنا الغرفة وجلس على كرسي الإعتراف
منتظرا الخوري .
ــ صباح الخير أبونا
ــ لا صباح ولا مسا . إنت تاني ؟؟؟؟ !!!!
ــ يا أبونا انسدت الدنيا في وجهي . لا عارف أنصب ولا قادر أقتل أو أسرق . الناس صارت واعية
ومش من السهل إنك تغافلها .
ــ القصد . إيش بدّك من أبونا اليوم ؟
صَوَّبَ صاحبنا مسدسه من خلال فتحات الحاجز الخشبي وقال بحزم هامساً :
ــ أنا قلت يا أبونا . والكنيسة فاضية وما فيش غيري وغيرك فيها . تعطيني غلّة اليوم الموجودة في
الصينية من غير ما أضطر لإستعمال القتل والقوة .
يا خوفي يستدل ارباب السوابق الى كرسي الإعتراف القابع داخل نفوسنا ويسرقون بذرة الخير
الكامنة داخلها .
ألله يستر
[/align]
تعليق