كــان الجرح غائـرا، ولا زالــت الهوة فــي اتســاع، وسمــع دوي انفجـارات مهولـة كشفـت النقــاب عــن خيوط الضبــاب التي تلــف أغـوار الفـؤاد، فوضعـت القنـاع جانبــا، وهتكـت أسوار حصونـك، وباسم اللـه سكنت كلماتـي بيـن ضلوعك،وبــدت لــي رقعة المعانــاة متباعــدة الأطـراف .
مــن ثغــور الأنفــة والكبريــاء البعيــدة جئتــك بقلــب منكســر يكـاد ينفجــر فاتحــا لا ككــل الغزاة، حامــلا مفاتيــح أزرار القلــب المحــاط بسيــاج طول الانتظار، فكيــف الحــال إذن ومــا المآل ؟وسحـر الكلام عنــي انزوى ولغـة الورود تذكــرنــي بالخيانــة، وبعفونــة المبادئ وهــول الاستدراج نحــو أوكــار الانحطاط .جئتـك مكبــل اليديــن، وبكــل الوقــار اخترقــت جــدار صوتــك، وفيــك أفنى وذاكرتـي نخرتهـا خطــاك، وداسها عــلاك وبخيوط العفـاف نسجت لك قصـر شعـر وواحـة نثـر، تعوديـن إليهــا كلما رن فـي فؤادك جـرس التقوى ، وكلمـا اجتاحتـك أطيــاف الذكـرى
وراودك القمـر،وطوقتـك لذة البشـرى .فلتستنجــدي بكلماتــي ولترتشفي عبق الإخلاص وأريج التفانـي، نـدى مـن بيـن ثنــايا التعابيـر المتناثـرة علـى قارعـة أرصفـة صلاحك وألويـة فلاحــك.وراء السحــب الكثيفــة وخلـف الجبـال الشاهقـة البعيــدة شيــدت قصــرا فصــار صرحــا وبرجا، لا تنهشـه الأفاعـي، لا تصول وتجــول فيــه الذئــاب وفــي إحـدى زوايـاه تتأهبيـن للصــلاة كــي تزرعيــن بذور الرجــاء فـي حقول الدعــاء عســى أن يرزقــك اللــه سبحانــه وتعالــى الزوج الصالــح، فرافقتــك الطيور وطافــت حول حماك ، وراودنـي السرور تيمنـا بلقـاك. ولأننــي أراقــب عــن كثــب انفجــارات المفاجـآت ولأنك البلســم الوحيــد، جئتــك فاتحــا لا ككــل الغزاة.

مقتطف من كتاب خريف المشاعر لصاحبه عبد الغني علوشي