يوميات نائب في بارلمان عربي
بقلم الدكتور محسن الصفار
المشهد الأول
عبد الغني أبو الذهب تاجر ثري اقنعه مستشاروه بان يترشح للمجلس النيابي كي يحصل على الحصانة والوجاهة . كان قلقاً ومتوجساً ان لا يلقى القبول بين الناخبين ويخسر كل ما صرفه على الحملة الإنتخابية ناهيك عن فقدان ماء الوجه وتحمل عار الخسارة، ولكن مستشاره كان له راي اخر :
- لا تخف يا سيد عبد الغني فالناخب لدينا ينتخب كل من يقول كلام أجمل ويعطي وعوداً اكثر إغراء حتى وان كان في قرارة نفسه يدرك بأن هذه الوعود غير قابلة للتنفيذ.
تعجب أبو الذهب وقال:
- ولكن أليس هناك أي جهة تحاسب على الوعود؟الن نقع في مازق اذا اعطينا وعودا ولم ننفذها ؟
ضحك المستشار وقال:
- طمّن بالك يا سيدي فلا من رقابة ولا من يحزنون يمكنك أن تعد الناس ما تشاء حتى إن وعدتهم بأنك ستعطي كل واحد منهم طائرة خاصة به!!!
- إذا كان الأمر بهذه السهولة فهذا جميل.
- بل وأسهل من ذلك كل ما عليك هو إبتكار وعود طنانة ورنانة تشجع الناس على التصويت لك.
المشهد الثاني
وقف عبد الغني أبو الذهب كي يلقي خطاباً في جموع أهالي الدائرة الإنتخابية حول برنامجه الإنتخابي ولكنه كان متردداً في إطلاق الوعود جزافا خوفا ان يضحك عليه الناس فقال:
- ايها الناخبون الشرفاء أعدكم في حال إنتخابي بأن أكون صوتكم في المجلس النيابي.
لم يتحمس أحد من الجمهور لما يقول وساد الوجوم على الوجوه، إلتفت أبو الذهب إلى مستشاره الذي حثه بنظرة عينه أن يزيد الحماسة والوعود فقال:
- كما أني أعدكم بأن تتحول الطريق الفرعية الغير معبدة لقريتكم إلى طريق سريع من أربع مسارات!!!!
علا التصفيق من الحاضرين فتشجع أبو الذهب وأكمل:
- كما أني سأحول المدرسة الإبتدائية ذات المعلم الواحد إلى جامعة ذات إختصاصات طب وهندسة وحقوق.
نهض الناس وبدأو بالتصفيق الحار والتشجيع فأكمل أبو الذهب :
- كما أعدكم بشرفي بأن أحول محطة الباصات القديمة إلى مطار دولي.
نهض الناس وأخذوا يهتفون بالروح بالدم نفديك يا أبو الذهب وحملوه على أكتافهم وهم يهتفون ويهلّلون:
بعد طول الإنتظار صار بقريتنا مطار.
المشهد الثالث
فاز ابو الذهب في الإنتخابات وإنتقل إلى مكتبه الجديد في العاصمة جلس هو ومستشاره
- ما هي الخطوة التالية بعد فوزنا؟
- أول شيء ياسيدي تستلم السيارة الجديدة المعفية من الجمارك والرسوم.
- جميل وبعد ذلك؟
- تغير رقم تلفونك كي لا يتمكن أحد من أهل الدائرة الإنتخابية من الإتصال بك وإزعاجك بطلباتهم السخيفة وغير المنطقية.
- والله معك حق كلها طلبات سخيفة , واحد يريد أن يتزوج وليس معه مال, وآخر يريد أن يتوظف وليس معه واسطة طلبات تافهة ومضيعة للوقت.
- ثم نجد لك لجنة في البرلمان تصبح عضواً فيها ويفضل ان تكون من اللجان ذات السفر الكثير لتتمتع ببدلات السفر وأيضاً تقضي وقتاً ممتعاً في الخارج.
- وغير ذلك؟
- تتصل بعدد من المسئولين الكبار في الدولة وتضع صوتك تحت تصرفهم بحيث إذا تم إستجوابهم تسقط الاستجواب , وإذا قدموا لائحة توافق عليها.
- وبالمقابل؟
- يؤمنون لك كل ما تريد، قطعة أرض، وظائف لحبايبك وأقاربك إلخ من المزايا.
- جميل والله جميل.
المشهد الرابع
أبو الذهب في سيارته الفخمة يكلم عبر الموبايل المسئول الكبير :
- أبو الذهب كيف الحال؟
- الحمد لله سيدي بفضل الله وفضلك.
- شفت كيف دخلت بنتك كلية الطب مع أن معدلها لا يؤهلها أن تدخل حتى معهد التمريض؟
- لساني عاجز عن الشكر سيدي.
- وزوجتك التي أرسلناها لتعمل عملية لأنفها على نفقة وزارة الصحة في الخارج مع أن هناك المئات من المرضى ذوي الحالات المستعصية ينتظرون منذ سنين؟
- الله يعمر بيتك يا سيدي أنا أخدمك من عيني.
- طيب جاءت الفرصة لذلك هناك لائحة قدمها بعض النواب لا نريدها أن تمر وواجبك أن تبذل كل جهدك كي لا يمر هذا القانون.
- أمرك سيدي حتى لو بالقوة سأمنع هذه اللائحة من التصويت.
المشهد الخامس
أبو الذهب جالس في مقعده النيابي الوثير بإنتظار اللائحة التي كلّمه عنها المسئول الكبير كي يستميت في رفضها وتفنيدها . غفا في كرسيه دون أن يشعر وفجأة صحا من النوم عندما كان النواب يستعدون للتصويت على اللائحة نهض أبو الذهب مسرعاً وطلب من رئيس المجلس حق المداخلة سمح له بذلك وبدأ يقول:
- إن هذه اللائحة المضرة التي تنتقص من سيادة البلد ومن مقام المجلس النيابي يجب أن ترفض وبشدة لان تمريرها خيانة للشعب والامة .
تعجب رئيس المجلس وقال لأبو الذهب:
- يا سيد أبو الذهب لما كل هذا الإعتراض؟ هذه لائحة حول مخصصات النواب وزيادة رواتبهم
أدرك أبو الذهب أن اللائحة المقصودة قد فاتته فقال:
- آسف ليس لدي أي إعتراض على هذه اللائحة وعلى بركة الله لا بل وأؤيدها بشدة.
أدرك ابو الذهب أنه قد فقد دعم ذلك المسئول إلى الأبد ولكنه لم يحزن إذ أن هناك الكثيرين من المسئولين غيره ممن يستطيع بيع خدماته لهم , فعاد إلى كرسيه وأكمل غفوته.
المشهد الأخير
بعد إنتهاء الدورة النيابية يعود أبو الذهب إلى نفس الدائرة الإنتخابية ويلقي خطاباً في جموع الناخبين ويقول:
- سأحول بئر القرية إلى مسابح عامة !!.
الجميع يهتف بحياته.
- سأحول دكان القرية إلى مركز تسوق تجاري من 10 طوابق !!!.
الجميع يهتف بحياته .
- ساحول دكان ابو جبار للحلاقة و الختان الى مستشفى تخصصي دولي !!!
الجميع يهتف بحياته
- سأجعل النساء تلد في 3 أشهر بدلاً من تسعة!!! كي توفروا في المصاريف والأوجاع.
وقف الجميع وصاروا يهتفون بالروح بالدم نفديك يا أبو الذهب وأنشدوا:
- بفضل أبو الذهب الغيور نسواننا تولد بثلاث شهور.
ستارة
وكل إنتخابات برلمانية عربية وأنتم بخير
* هذه القصة خيالية ولا تمت أي برلمان عربي بصلة.
بقلم الدكتور محسن الصفار
المشهد الأول
عبد الغني أبو الذهب تاجر ثري اقنعه مستشاروه بان يترشح للمجلس النيابي كي يحصل على الحصانة والوجاهة . كان قلقاً ومتوجساً ان لا يلقى القبول بين الناخبين ويخسر كل ما صرفه على الحملة الإنتخابية ناهيك عن فقدان ماء الوجه وتحمل عار الخسارة، ولكن مستشاره كان له راي اخر :
- لا تخف يا سيد عبد الغني فالناخب لدينا ينتخب كل من يقول كلام أجمل ويعطي وعوداً اكثر إغراء حتى وان كان في قرارة نفسه يدرك بأن هذه الوعود غير قابلة للتنفيذ.
تعجب أبو الذهب وقال:
- ولكن أليس هناك أي جهة تحاسب على الوعود؟الن نقع في مازق اذا اعطينا وعودا ولم ننفذها ؟
ضحك المستشار وقال:
- طمّن بالك يا سيدي فلا من رقابة ولا من يحزنون يمكنك أن تعد الناس ما تشاء حتى إن وعدتهم بأنك ستعطي كل واحد منهم طائرة خاصة به!!!
- إذا كان الأمر بهذه السهولة فهذا جميل.
- بل وأسهل من ذلك كل ما عليك هو إبتكار وعود طنانة ورنانة تشجع الناس على التصويت لك.
المشهد الثاني
وقف عبد الغني أبو الذهب كي يلقي خطاباً في جموع أهالي الدائرة الإنتخابية حول برنامجه الإنتخابي ولكنه كان متردداً في إطلاق الوعود جزافا خوفا ان يضحك عليه الناس فقال:
- ايها الناخبون الشرفاء أعدكم في حال إنتخابي بأن أكون صوتكم في المجلس النيابي.
لم يتحمس أحد من الجمهور لما يقول وساد الوجوم على الوجوه، إلتفت أبو الذهب إلى مستشاره الذي حثه بنظرة عينه أن يزيد الحماسة والوعود فقال:
- كما أني أعدكم بأن تتحول الطريق الفرعية الغير معبدة لقريتكم إلى طريق سريع من أربع مسارات!!!!
علا التصفيق من الحاضرين فتشجع أبو الذهب وأكمل:
- كما أني سأحول المدرسة الإبتدائية ذات المعلم الواحد إلى جامعة ذات إختصاصات طب وهندسة وحقوق.
نهض الناس وبدأو بالتصفيق الحار والتشجيع فأكمل أبو الذهب :
- كما أعدكم بشرفي بأن أحول محطة الباصات القديمة إلى مطار دولي.
نهض الناس وأخذوا يهتفون بالروح بالدم نفديك يا أبو الذهب وحملوه على أكتافهم وهم يهتفون ويهلّلون:
بعد طول الإنتظار صار بقريتنا مطار.
المشهد الثالث
فاز ابو الذهب في الإنتخابات وإنتقل إلى مكتبه الجديد في العاصمة جلس هو ومستشاره
- ما هي الخطوة التالية بعد فوزنا؟
- أول شيء ياسيدي تستلم السيارة الجديدة المعفية من الجمارك والرسوم.
- جميل وبعد ذلك؟
- تغير رقم تلفونك كي لا يتمكن أحد من أهل الدائرة الإنتخابية من الإتصال بك وإزعاجك بطلباتهم السخيفة وغير المنطقية.
- والله معك حق كلها طلبات سخيفة , واحد يريد أن يتزوج وليس معه مال, وآخر يريد أن يتوظف وليس معه واسطة طلبات تافهة ومضيعة للوقت.
- ثم نجد لك لجنة في البرلمان تصبح عضواً فيها ويفضل ان تكون من اللجان ذات السفر الكثير لتتمتع ببدلات السفر وأيضاً تقضي وقتاً ممتعاً في الخارج.
- وغير ذلك؟
- تتصل بعدد من المسئولين الكبار في الدولة وتضع صوتك تحت تصرفهم بحيث إذا تم إستجوابهم تسقط الاستجواب , وإذا قدموا لائحة توافق عليها.
- وبالمقابل؟
- يؤمنون لك كل ما تريد، قطعة أرض، وظائف لحبايبك وأقاربك إلخ من المزايا.
- جميل والله جميل.
المشهد الرابع
أبو الذهب في سيارته الفخمة يكلم عبر الموبايل المسئول الكبير :
- أبو الذهب كيف الحال؟
- الحمد لله سيدي بفضل الله وفضلك.
- شفت كيف دخلت بنتك كلية الطب مع أن معدلها لا يؤهلها أن تدخل حتى معهد التمريض؟
- لساني عاجز عن الشكر سيدي.
- وزوجتك التي أرسلناها لتعمل عملية لأنفها على نفقة وزارة الصحة في الخارج مع أن هناك المئات من المرضى ذوي الحالات المستعصية ينتظرون منذ سنين؟
- الله يعمر بيتك يا سيدي أنا أخدمك من عيني.
- طيب جاءت الفرصة لذلك هناك لائحة قدمها بعض النواب لا نريدها أن تمر وواجبك أن تبذل كل جهدك كي لا يمر هذا القانون.
- أمرك سيدي حتى لو بالقوة سأمنع هذه اللائحة من التصويت.
المشهد الخامس
أبو الذهب جالس في مقعده النيابي الوثير بإنتظار اللائحة التي كلّمه عنها المسئول الكبير كي يستميت في رفضها وتفنيدها . غفا في كرسيه دون أن يشعر وفجأة صحا من النوم عندما كان النواب يستعدون للتصويت على اللائحة نهض أبو الذهب مسرعاً وطلب من رئيس المجلس حق المداخلة سمح له بذلك وبدأ يقول:
- إن هذه اللائحة المضرة التي تنتقص من سيادة البلد ومن مقام المجلس النيابي يجب أن ترفض وبشدة لان تمريرها خيانة للشعب والامة .
تعجب رئيس المجلس وقال لأبو الذهب:
- يا سيد أبو الذهب لما كل هذا الإعتراض؟ هذه لائحة حول مخصصات النواب وزيادة رواتبهم
أدرك أبو الذهب أن اللائحة المقصودة قد فاتته فقال:
- آسف ليس لدي أي إعتراض على هذه اللائحة وعلى بركة الله لا بل وأؤيدها بشدة.
أدرك ابو الذهب أنه قد فقد دعم ذلك المسئول إلى الأبد ولكنه لم يحزن إذ أن هناك الكثيرين من المسئولين غيره ممن يستطيع بيع خدماته لهم , فعاد إلى كرسيه وأكمل غفوته.
المشهد الأخير
بعد إنتهاء الدورة النيابية يعود أبو الذهب إلى نفس الدائرة الإنتخابية ويلقي خطاباً في جموع الناخبين ويقول:
- سأحول بئر القرية إلى مسابح عامة !!.
الجميع يهتف بحياته.
- سأحول دكان القرية إلى مركز تسوق تجاري من 10 طوابق !!!.
الجميع يهتف بحياته .
- ساحول دكان ابو جبار للحلاقة و الختان الى مستشفى تخصصي دولي !!!
الجميع يهتف بحياته
- سأجعل النساء تلد في 3 أشهر بدلاً من تسعة!!! كي توفروا في المصاريف والأوجاع.
وقف الجميع وصاروا يهتفون بالروح بالدم نفديك يا أبو الذهب وأنشدوا:
- بفضل أبو الذهب الغيور نسواننا تولد بثلاث شهور.
ستارة
وكل إنتخابات برلمانية عربية وأنتم بخير
* هذه القصة خيالية ولا تمت أي برلمان عربي بصلة.
تعليق