[align=center]زواج جهنمي[/align]
[align=justify]بعد انتهاء دراسته الجامعية.. حصل على وظيفة في إحدى الشركات..
لم يفترق مع حبيبته رغم فشلها في الدراسة الذي أقعدها في البيت مهمومة، وفي الحياة عاطلة...
كان أسعد شابا وسيما، معتدل القد، هندامه يوحي أنه محب للأناقة، أما هيئته فتفضح تواضعه الإنساني...
اقترض مبلغا كبيرا من البنك.. واشترى به منزلا.. ثم أثثه.. وبعد ذلك تزوج هند التي لم تخل من جمال، وقد ممشوق.. إلا أن في تكوينها الروحي كانت بقعة مظلمة لم يستطع أسعد أن يكتشفها طيلة السنين قبل الزواج لأنها كانت ذكية وتجيد فن المراوغة بابتسامتها الحلوة وكلماتها الجذابة...
بدآ حياتهما الزوجية في ظروف معيشية لا تبشر بالخير! حيث إن راتبه الشهري لم يبق منه سوى دريهمات معدودة تشبه منحة الطالب الجامعي.. وما زاد الطين بلة! ميلاد ابنتهما آمال، وبعدها بسنتين سعيد...
تبعثرت أحلام أسعد! تجلت أمامه حسابات لم تكن في الحسبان عندما كان فقط يفكر في بناء عشه.. كانت ذاكرته مملوءة بالأمنيات التي كان يرغب في تحقيقها لزوجته.. وعندما أدرك أن القروض سوف تنتهي عندما يكون قد مضى من عمر ابنته آمال خمسة عشرة سنة اسودت الحياة في قلبه وانهارت أمانيه وبدأت ملامح الفشل تظهر عليه...
مرت الأيام.. وبدا أسعد شاحب الوجه، وقده المعتدل نحيفا.. كان الواحد منا لما يراه يظن أنه مصاب بعلة!.. وكلما سأله أحدنا إلا وأجاب أنه بخير وفي تمام الصحة والعافية.. كنا نستغرب لأمره! لأنه كان كتوما لا يسأل الناس إلحافا ولو كانت به خصاصة...
هذه الظروف المزرية جعلت هند تتغيرشيئا فشيئا! حيث أصبحت تلغي وجود أسعد، وتخلق له متاعب فوق ما يحمل! وتثير الخلافات بمجرد دخوله البيت.. مما جعله لا يعود إلى البيت إلا في ساعات متأخرة من الليل...
تأزم كل شيء! اشتد عليهما الخناق! مرة تظهر شداقة، ومرة أنانة، ومرة تثور عليه.. حتى أكرهته في بعض الأحيان في المبيت مما كان دفعه إلى الذهاب عند أمه...
انهارت هند هي الأخرى! امتلأت قلبها بالوساوس، وزادتها كل من اشتكت إليها وسواسا!...
ذهبت هند عند العرافة.. دخلت غرفتها والرعب في عينيها.. أضواء حمراء باهتة، رائحة البخور الشديدة تكاد تخنقها، دخانه منتشر كالضباب في داخل مكعب الحجرة العتيقة.. وبين الضباب خطوات العجوز بوجه يبدو كأفعى وفي يدها اليسرى كانون البخور.. وبصوت مخيف:
- اجلسي يا حلوة!
جلست هند وهي تشعر بنبض قلبها يرتفع شيئا فشيئا.. وقابلتها العرافة قائلة:
- احك ما بك!
بدأت هند تحكي عن زوجها المسكين من تصرفات، وغيابات، وحالات.. والعجوز تنصت بهدوء ووقار إلى أن أكملت حديثها ودموع العين قد بللت صدرها.. وجاءت بآلتها ووضعتها أمامها ثم بدأت تمرر يديها فوقها وهي تقول كلاما غير مفهوم بصوت مبحوح ومخيف.. وفجأة أوقفت حركتها ونظرت في عينيها تخبرها بصوت مضغوط وكلمات مشددة وهي تشير بسبابة يدها اليمنى في وجهها:
- زوجك خداع! وأخدع منه المرأة التي أراها بجانبه! إنها طويلة وغليظة، وعيناها واسعتان.. سحرت زوجك وسيبقى شارد الذهن دائما حيرانا..
- وما العمل أيتها العرافة؟!
- اذهبي عند "دُمياط" إنه بارع في فك السحر! إلا أنه لا يعمل إلا بثمن جد مرتفع..
باعت هند ما كانت تملك من حلي ونفيس وسلمت الثمن المطلوب إلى "دُمياط" فخطط لها جدولا تضعه لأسعد في وسادته، وآخر مع بعض الأعشاب تطهيه وتقدمه له ليأكله...
فعلت هند ما أملى عليها الساحر.. وبعد أسبوع اختل زوجها عقليا.. وطردته الشركة من العمل مما دفع البنك لتقديم دعوى ضده.. وحكمت المحكمة بحجز البيت والأثاث وبيعه في المزاد العلني ليرد البنك ديونه.. وذاك ما حصل بالفعل؛ فتشردت هند بطفليها في الشارع لأنها كانت يتيمة.. ولم يقبلها أحد من العائلتين...
مر شهر على تشردها وعثرت الشرطة على أسعد في مقلب قمامة ميتا.
[/align]
[align=justify]بعد انتهاء دراسته الجامعية.. حصل على وظيفة في إحدى الشركات..
لم يفترق مع حبيبته رغم فشلها في الدراسة الذي أقعدها في البيت مهمومة، وفي الحياة عاطلة...
كان أسعد شابا وسيما، معتدل القد، هندامه يوحي أنه محب للأناقة، أما هيئته فتفضح تواضعه الإنساني...
اقترض مبلغا كبيرا من البنك.. واشترى به منزلا.. ثم أثثه.. وبعد ذلك تزوج هند التي لم تخل من جمال، وقد ممشوق.. إلا أن في تكوينها الروحي كانت بقعة مظلمة لم يستطع أسعد أن يكتشفها طيلة السنين قبل الزواج لأنها كانت ذكية وتجيد فن المراوغة بابتسامتها الحلوة وكلماتها الجذابة...
بدآ حياتهما الزوجية في ظروف معيشية لا تبشر بالخير! حيث إن راتبه الشهري لم يبق منه سوى دريهمات معدودة تشبه منحة الطالب الجامعي.. وما زاد الطين بلة! ميلاد ابنتهما آمال، وبعدها بسنتين سعيد...
تبعثرت أحلام أسعد! تجلت أمامه حسابات لم تكن في الحسبان عندما كان فقط يفكر في بناء عشه.. كانت ذاكرته مملوءة بالأمنيات التي كان يرغب في تحقيقها لزوجته.. وعندما أدرك أن القروض سوف تنتهي عندما يكون قد مضى من عمر ابنته آمال خمسة عشرة سنة اسودت الحياة في قلبه وانهارت أمانيه وبدأت ملامح الفشل تظهر عليه...
مرت الأيام.. وبدا أسعد شاحب الوجه، وقده المعتدل نحيفا.. كان الواحد منا لما يراه يظن أنه مصاب بعلة!.. وكلما سأله أحدنا إلا وأجاب أنه بخير وفي تمام الصحة والعافية.. كنا نستغرب لأمره! لأنه كان كتوما لا يسأل الناس إلحافا ولو كانت به خصاصة...
هذه الظروف المزرية جعلت هند تتغيرشيئا فشيئا! حيث أصبحت تلغي وجود أسعد، وتخلق له متاعب فوق ما يحمل! وتثير الخلافات بمجرد دخوله البيت.. مما جعله لا يعود إلى البيت إلا في ساعات متأخرة من الليل...
تأزم كل شيء! اشتد عليهما الخناق! مرة تظهر شداقة، ومرة أنانة، ومرة تثور عليه.. حتى أكرهته في بعض الأحيان في المبيت مما كان دفعه إلى الذهاب عند أمه...
انهارت هند هي الأخرى! امتلأت قلبها بالوساوس، وزادتها كل من اشتكت إليها وسواسا!...
ذهبت هند عند العرافة.. دخلت غرفتها والرعب في عينيها.. أضواء حمراء باهتة، رائحة البخور الشديدة تكاد تخنقها، دخانه منتشر كالضباب في داخل مكعب الحجرة العتيقة.. وبين الضباب خطوات العجوز بوجه يبدو كأفعى وفي يدها اليسرى كانون البخور.. وبصوت مخيف:
- اجلسي يا حلوة!
جلست هند وهي تشعر بنبض قلبها يرتفع شيئا فشيئا.. وقابلتها العرافة قائلة:
- احك ما بك!
بدأت هند تحكي عن زوجها المسكين من تصرفات، وغيابات، وحالات.. والعجوز تنصت بهدوء ووقار إلى أن أكملت حديثها ودموع العين قد بللت صدرها.. وجاءت بآلتها ووضعتها أمامها ثم بدأت تمرر يديها فوقها وهي تقول كلاما غير مفهوم بصوت مبحوح ومخيف.. وفجأة أوقفت حركتها ونظرت في عينيها تخبرها بصوت مضغوط وكلمات مشددة وهي تشير بسبابة يدها اليمنى في وجهها:
- زوجك خداع! وأخدع منه المرأة التي أراها بجانبه! إنها طويلة وغليظة، وعيناها واسعتان.. سحرت زوجك وسيبقى شارد الذهن دائما حيرانا..
- وما العمل أيتها العرافة؟!
- اذهبي عند "دُمياط" إنه بارع في فك السحر! إلا أنه لا يعمل إلا بثمن جد مرتفع..
باعت هند ما كانت تملك من حلي ونفيس وسلمت الثمن المطلوب إلى "دُمياط" فخطط لها جدولا تضعه لأسعد في وسادته، وآخر مع بعض الأعشاب تطهيه وتقدمه له ليأكله...
فعلت هند ما أملى عليها الساحر.. وبعد أسبوع اختل زوجها عقليا.. وطردته الشركة من العمل مما دفع البنك لتقديم دعوى ضده.. وحكمت المحكمة بحجز البيت والأثاث وبيعه في المزاد العلني ليرد البنك ديونه.. وذاك ما حصل بالفعل؛ فتشردت هند بطفليها في الشارع لأنها كانت يتيمة.. ولم يقبلها أحد من العائلتين...
مر شهر على تشردها وعثرت الشرطة على أسعد في مقلب قمامة ميتا.
[/align]
بقلم: محمد معمري
تعليق